أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسني إبراهيم عبد العظيم - مدخل إلى علم اجتماع الأدب: 1 – تعريف الأدب















المزيد.....

مدخل إلى علم اجتماع الأدب: 1 – تعريف الأدب


حسني إبراهيم عبد العظيم

الحوار المتمدن-العدد: 7245 - 2022 / 5 / 11 - 06:10
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مدخل إلى علم اجتماع الأدب:

1 – تعريف الأدب

علم الاجتماع في أبسط تعريفاته هو الدراسة العلمية للإنسان في المجتمع وعلاقة الفرد بالآخرين في هذا المجتمع، كما يدرس النظم والظواهر الاجتماعية من حيث نشأتها وتطورها ووظائفها، ويهتم من ضمن ما يهتم به ظواهر الإبداع الإنساني في مجال الفنون والآداب والموسيقى وغيرها.

واستنادا لذلك، تشكل في إطار الفضاء السوسيولوجي نظام معرفي يتناول بالفحص والتحليل ظاهرة الإبداع الأدبي وهو علم اجتماع الأدب، الذي يحاول أن يكشف عن مدى الالتحام والاتصال بين المجتمع والأدب، ويحاول أن يجيب عن سؤال مهم وهو ما طبيعة العلاقة بين الإبداع الأدبي والمجتمع؟ وبعبارة أخرى ما مدى تأثير البناء الاجتماعي والثقافي والسياق التاريخي للمجتمع على عملية الإنتاج أو الإبداع الأدبي؟

والحقيقة أن العلاقة بين الأدب وعلم الاجتماع كانت محل جدل ونقاش كبيرين، إذ أن لكل منهما طبيعة خاصة، فعلم الاجتماع يدعي أنه يدرس مختلف الظواهر دراسة موضوعية مستندة على منهج علمي صارم، في حين أن الأدب بطبيعته قائم على الذاتية وعمق المشاعر الإنسانية في فهم الموضوعات والقضايا المختلفة، وبالتالي فكأنهما على طرفي نقيض.

غير أنه مع تطور كل من علم الاجتماع والنقد الأدبي، حدث تقارب كبير، وبرزت رؤية جديدة تؤكد ضرورة الاهتمام بالأبعاد الاجتماعية للأدب وعدم الانكفاء على الأبعاد الفنية والأدبية فيه، وهو ما فتح الباب لظهور علم اجتماع الأدب وتطوره بسرعة لافتة.

ونحاول في هذا المقال والمقالات التالية التعرف على ملامح ذلك العلم الوليد من خلال عدة نقاط وهي:

1. تعريف الأدب
2. تعريف علم اجتماع الأدب.
3. التطور التاريخي لعلم اجتماع الأدب.

أولا: ما الأدب؟

إن البحث عن مدلول كلمة الأدب عبر المعاجم العربية وغيرها سيفضي بنا إلى تعاريف لا يمكن حصرها، ذلك أن كلمة أدب قد تعرضت لتحولات دلالية عديدة عبر العصور التاريخية المختلفة.
فإذا عدنا إلى العصر الجاهلي، نلحظ غيابا لكلمة (أدب) حيث لم يتطرق الأدب الجاهلي رغم عمقه واتساعه للفظة أدب، غير أننا نجد اسم الفاعل منه (آدب) وهو صانع المأدبة أو الداعي إلى الطعام، ودليل ذلك ما جاء على لسان طرفة بن العبد:

نحن في المشتاة ندعو الجفلى لا ترى الآدب فينا ينتقر

وفي هذا البيت يفتخر طرفة بكرم أهله وسخائهم البالغ ، فيقول : في فصل الشتاء شديد البرودة، نقدم الطعام للكافة – أي لكل عابر سبيل، ولا ترى الآدب وهو صانع المأدبة والداعي لها ينتقر أي يختار أناسا بعينهم لإطعامهم، بل هي دعوة عامة لكل الناس، وهذا دليل على شدة الكرم والجود
.
وفي صدر الإسلام أخذت الكلمة معنى ذهنيا بدلا من معناها الحسي، وهو المعنى التهذيبي والخلقي، جاء في الحديث الذي أورده السيوطي وغيره (أدبني ربي فأحسن تأدييي) ( ) أي علمني محاسن الأخلاق الظاهرة والباطنة. وهناك الكثير من الآثار التي تبين أن الأدب كان يعني في ذلك الوقت حسن الخلق وفعل المكارم.

فالآدب عند الإمام البخاري ” هو ترويض النفس على محاسن الأخلاق وفضائل الأقوال والأفعال التي استحسنها الشرع وأيدها العقل، وهو استعمال ما يحمد قولا وفعلا. وأطلق الإمام البخاري هذا اللفظ على قسم من كتابه (الجامع الصحيح) سماه (كتاب الأدب). وجمع فيه الأحاديث التي تدل على حسن الخلق مثل طاعة الوالدين والعطف على الأيتام ومراعاة حق الجار والصبر إلى غير ذلك من الفضائل. كما أفرد البخاري مصنفا كاملا وسماه (الأدب المفرد). وكذلك فعل الإمام مسلم في صحيحة، حيث خصص جزءا من الكتاب سماه (كتاب الآداب) وابن ماجه (كتاب الأدب).

وفي العصر الأموي (41 – 132ه) (661 – 750م) نجد أن الكلمة ضمّت إلى معنى التهذيب الخلقي واللساني معنىً آخر وهو التعليم أو التثقيف، حيث اتخذ الخلفاء وكبار القوم لأبنائهم معلمين يعلمونهم مكارم الأخلاق بالإضافة إلى تلقينهم الخطب والشعر وأخبار العرب وأيامهم، وسمي هؤلاء بالمؤدبين.

ولما جاء العصر العباسي واتسعت العلوم والمعارف، اتسع مدلول كلمة (أدب). بدءا من أواخر القرن الثاني وبداية القرن الثالث الهجريين ليعني الشعر والنثر، فأطلقت على الأشعار والأخبار وعلى الأحاديث والوصايا والخطب لما لها من أثر في تهذيب الأخلاق وتقويم اللسان. فالمطالع لها يتأدب بها أي يأخذ نفسه بما فيها من آداب. وهكذا شهد القرن الثالث الهجري تحديداً لمعنى الأدب، وأنه المأثور من الشعر والنثر ومايتصل بهما، أويفسرهما، أو يدل على مواضع الجمال فيهما . فهذا محمد بن المبرد يقول في صدر كتابه (الكامل في اللغة والأدب): (هذا كتاب ألفناه يجمع ضروباً من الآداب مابين كلام منثور، وشعر موصوف، ومثل سائر، وموعظة بالغة) ونجد ذلك في الباب الثالث من ديوان الحماسة لأبي تمام الذي جمع فيه مختارات من طرائف الشعر، وسماه (باب الأدب). وكذلك كتاب العقد الفريد لابن عبدربه، والبيان والتبيين للجاحظ وغيرها.

- تعريف ابن خلدون للأدب:

أورد ابن خلدون تعريفه للأدب في المقدمة، وذلك في الفصل الخامس والأربعين من الباب السادس من المقدمة المتعلق بالعلوم والتعليم وطرقه وسائر وجوهه، وكان هذا الفصل تحت عنوان (في علوم اللسان العربي). وضع ابن خلدون الأدب ضمن علوم اللسان العربي، وهي أربعة علوم حسب رأيه: علم اللغة، وعلم النحو، وعلم البيان، وعلم الأدب.

يعرف ابن خلدون الأدب بأنه الإجادة في فني المنظوم والمنثور على أساليب العرب ومناحيهم . . . فالأدب هو اسم جامع للشعر والنثر والنحو، وأيام العرب وأنسابهم، يقول ابن خلدون: "الأدب هو حفظ أشعار العرب وأخبارها، والأخذ من كلِّ علم بطرف» وأصول الأدب عنده أربعة: أدب الكاتب لابن قتيبة، والكامل للمبرد، والبيان والتبيين للجاحظ، والنوادر لأبي علي القالي).

- المفهوم المعاصر للأدب:

أخذت كلمةُ الأدب تدل في العصر الحديث على معنيين:
الأول: عام يشمل كلَّ مايُكتَب في اللغة من العلوم والآداب.
والثاني: خاص وهو الكلام المعبّر عن معنى، والمتصف بالجمال والتأثير، ويشمل الشعرَ وفنونَ النثر الأدبية، مثل الخطابة والأمثال والقصص والروايات والمسرحيات والمقامات. وبالطبع المعنى الثاني هو موضوع علم اجتماع الأدب، وله العديد من التعريفات.

يعرِّفه الدكتور شوقي ضيف بأنه (الكلام الإنشائي البليغ الذي يقصد به التأثير في عواطف القرَّاء والسامعين سواء أكان شعراً أم نثراً ) . ويعرِّفه الدكتور محمد حسن عبد الله بأنه (التعبير عن تجربة إنسانية بلغة تصويرية هدفها التأثير، وفي شكل فني جمالي قادر على توصيل تلك التجربة)

ومن المهم الإشارة إلى أن الأدب لا يتوقف على المكتوب فقط ، فهناك الأدب الشفاهي و الشعبي المتواتر عبر الأجيال ، بما يعني أن الكتابة ليست شرطا نهائيا و وحيدا لتوصيف الأدب . و بالمقابل فالشرط الوجودي للأدب هو الجانب الجمالي والفني ، فما لم يكن المكتوب أو المنطوق حائزا على درجات معينة من الجمالية و الفنية الإبداعية ما أمكن تصنيفه أدبيا .

الخلاصة مما سبق أن الأدب نشاط إنساني مبدع يعبر عن الفعالية الاجتماعية و الثقافية للمجتمع ، و يعبر في ذات الوقت عن مختلف الديناميات التي تعتمل في رحاب هذا المجتمع. ووفقا لمنظور علم اجتماع الأدب – كما سنرى لاحقا - لا ينصب الاهتمام بالقضايا المتعلقة بعلوم اللغة و النحو والصرف و البلاغة .. بقدر ما يتوجه نحو فنون الأدب و أجناسه كالشعر و القصة و المقامة والمقالة و الرواية ... بغرض الوصول إلى الشروط السوسيو – ثقافية والسياسية لإنتاج الأدب.



#حسني_إبراهيم_عبد_العظيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مائتا عام على ميلاد كارل ماركس: نظرة عامة على مشروعه الفكري
- تطور الوعي الإنساني بالألم من الميثولوجيا إلى السوسيولوجيا 4 ...
- تطور الوعي الإنساني بالألم من الميثولوجيا إلى السوسيولوجيا 4 ...
- تطور الوعي الإنساني بالألم من الميثولوجيا إلى السوسيولوجيا 4 ...
- تطور الوعي الإنساني بالألم من الميثولوجيا إلى السوسيولوجيا 4 ...
- الفكر الاجتماعي في الإسلام 2/2
- بعض جوانب الفكر الاجتماعي في الإسلام 2/1
- ملامح الفكر الاجتماعي في الديانة المسيحية
- الفكر الاجتماعي في الحضارة الرومانية 2/2
- الفكر الاجتماعي في الحضارة الرومانية 2/1
- الشيخوخة النشطة: رؤية أنثروبولوجية 2/2
- الشيخوخة النشطة: رؤية أنثروبولوجية 2/1
- ختان الإناث: رؤية سوسيولوجية موجزة
- الفكر الاجتماعي في الحضارة اليونانية 4/4
- الفكر الاجتماعي في الحضارة اليونانية 4/3
- الفكر الاجتماعي في الحضارة اليونانية 4/2
- الفكر الاجتماعي في الحضارة اليونانية 4/1
- رحيل فاطمة المرنيسي: الآن سكتت شهرزاد السوسيولوجيا العربية
- ماكس فيبر: الأخلاق البروتستناتية وروح الرأسمالية
- الفكر الاجتماعي في الحضارات الشرقية القديمة 2/2


المزيد.....




- كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما ...
- على الخريطة.. حجم قواعد أمريكا بالمنطقة وقربها من الميليشيات ...
- بيسكوف: السلطات الفرنسية تقوض أسس نظامها القانوني
- وزير الداخلية اللبناني يكشف عن تفصيل تشير إلى -بصمات- الموسا ...
- مطرب مصري يرد على منتقدي استعراضه سيارته الفارهة
- خصائص الصاروخ -إر – 500 – إسكندر- الروسي الذي دمّر مركز القي ...
- قادة الاتحاد الأوروبي يتفقون على عقوبات جديدة ضد إيران
- سلطنة عمان.. ارتفاع عدد وفيات المنخفض الجوي إلى 21 بينهم 12 ...
- جنرال أوكراني متقاعد يكشف سبب عجز قوات كييف بمنطقة تشاسوف يا ...
- انطلاق المنتدى العالمي لمدرسي الروسية


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسني إبراهيم عبد العظيم - مدخل إلى علم اجتماع الأدب: 1 – تعريف الأدب