أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي - الحركة التعاونية أهداف إقتصادية .. وسائل إنسانية















المزيد.....



الحركة التعاونية أهداف إقتصادية .. وسائل إنسانية


محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي

الحوار المتمدن-العدد: 7229 - 2022 / 4 / 25 - 06:07
المحور: المجتمع المدني
    


بالتركيز علي التجربة التعاونية السودانية
محمد الفاتح عبد الوهاب محمد علي (العتيبي)
مستشار التعاون والتنمية المستدامة والتدريب وبناء القدرات
خبير النظم التعاونية مدرب معتمد وعضو كلية التعاون البريطانية

المقدمة
"أعدوا التعاونيين قبل إنشاء التعاونيات" تجسد قيم المبدأ التعاوني الخامس الذي أقره الحلف التعاوني الدولي (ICA) والذي ينص على ضرورة وإلزامية التعاونيات بتوفير التعليم والتدريب ، للأعضاء التعاونيين والمديرين والموظفين ، وايضًا لعامة الناس الذين لا يشاركون في الحركة التعاونية. نص المبدأ التعاوني الخامس "التعليم والتدريب والإعلام" : ((تقدم التعاونيات التدريب والتعليم لأعضائها بالتعاونيات ولقياداتها المنتخبة ومديرها وموظفيها ليستطيعوا أن يساهموا بفعالية لتنمية تعاونياتهم ، مع تنوير الرأي العام عن طريق الإعلان والإعلام وخاصة الشباب وقادة الرأي عن طبيعة ومزايا التعاون عن طريق التثقيف والتوعية التعاونية)).
وبذلك ينص المبدأ الخامس على أن التعاونيات يجب أن توفر التعليم والتدريب ، ليس فقط للأعضاء والمديرين والموظفين ، ولكن أيضًا لعامة الناس الذين لا يشاركون في الحركة التعاونية. بعد كل شيء ، يجب أن تكون التعاونيات مفتوحة للجميع ، وليس فقط تلك الموجودة في الداخل.ولمساعدة التعاونيات في تحقيق هذا الهدف ، وضعت الكلية التعاونية البريطانية في عام 2014م سلسلة تضم مجموعات الأدوات التي تهدف إلى مساعدة أكبر عدد ممكن من الأشخاص على فهم ما هي التعاونيات ، وكيف تعمل، والاساليب العلمية لتنميتها وإستدامتها.
ومن هنا وفي إطار الحوكة التعاونية في التأسيس والتكوين والادارة، تأتي أهمية الإنشاء والتأسيس الصحيح والسليم والجيد، للجمعيات التعاونية، في ظل الإدارة الراشدة والإستدامة للمشروعات التعاونية الإنتاجية الرائدة، فقبل التفكير في انشاء وتأسيس الجمعية التعاونية، يجب التركيز علي الاهتمام بالتوعية والتثقيف قبل تسجيل الجمعية التعاونية والتدريب وبناء القدرات بعد التسجيل مع أهمية استمرار التوعية والتثقيف والتدريب وبناء القدرات بعد مرحلة التسجيل. والأساس في ذلك تدريب أخصائيين تعاونيين لتأسيس وأنشاء وأدارة المشروعات التعاونية الرائدة من خلال البرنامج التدريبي " إعداد الأخصائي التعاوني المحترف لإنشاء وتأسيس وإدارة وإستدامة المشروعات التعاونية الإنتاجية الرائدة " كما أوصت به الجهات التعاونية العالمية، كلية التعاون البريطانية، الحلف التعاوني الدولي ومنظمة العمل الدولية.
أذا شعار حرية سلام وعدالة والتعاونيات خيار وقرار الشعب، يتلاقح ويتماهي مع الشعار العالمي (أعدوا التعاونيين قبل انشاء واعداد التعاونيات) ، وفي هذا الاطار العلمي والثوري تأتي هذه المساهمة لتأسيس منصة تعاونية واسعة تهتهم بالتوعية والتثقيف والتدريب وبناء القدرات، يقودها شبابنا الواعد من أجل تأسيس تعاونيات سودانية نموذجية أصيلة بمواصفات ومقاييس تعاونية عالمية.
ظهور ونشأة الفكر التعاوني
التعاون كظاهرة اجتماعية، قديم قدم البشرية، وشمل العديد من أنماط النشاط الجماعي بين الأفراد المتمثل في العون والتضامن، الاعتماد علي النفس والجهود الذاتية والمساعدة المتبادلة وذلك لتحقيق أهداف اقتصادية لا يمكن أن تتحقق بالمجهود الفردي. ومورس التعاون بالفطره في كافة المجتمعات منذ الازل وبدى ذلك جلياً من خلال تعاون افراد المجتمع الواحد في اقامة المساكن او جني المحاصيل الزراعية كالذرة والقمح والزيتون وفي مناسبات الافراح والاتراح ومعالجة اثار الكوارث الطبيعية والحروب. كان الناس يندفعون فطرياً لتقديم العون والمساعدة لصاحب الحاجة ويتوقعون المعاملة بالمثل عند حاجتهم لهذا العون ايضاً وعليه نستطيع القول ان كلمة التعاون تعني المشاركة والمساعدة المتبادلة والعمل معاً وانه طريقة مثلى لتأدية وانجاز الاعمال بشكل افضل واسرع والتعاون ليس هدفاً بحد ذاته ولكنه وسيله فضلى لبلوغ الهدف.
تعريف الجمعية التعاونية
التعاونيات Co-operatives تنظيم ترتبط فيه جماعه من الناس ارتباطاً اختيارياً بصفتهم الإنسانية على قدم المساواة لإعلاء شأن مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية، وعبارة بصفتهم الإنسانية هذه تعني ان ينضم العضو للجمعية دون أي تأثير أو حسبان لمركزه المالي او الاجتماعي او السياسي او الديني كما ان هذه المراكز لا تعطيه أية امتيازات في الجمعية على الآخرين. تعريف الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي {إن التعاونيات عبارة عن مجموعات أولية تضم مجموعة من الأشخاص لإدارة مصالحهم الاقتصادية بصورة جماعية وعلي الأسس التعاونية الديمقراطية لكل عضو صوت واحد بغض النظر عن ما يملكه من رأسمال في التعاونية أي "رجل واحد صوت واحد" }. ويعرف الحلف التعاوني الدولي التعاونية كالاتي: (الجمعية التعاونية منظمة عادلة ينشئها الأفراد لتبادل المساعدة بقصد رفع مستواهم الاقتصادي والاجتماعي، فالتعاون اتحاد لعدد من الأشخاص وتوحيد جهودهم لتحقيق هدف مشترك بالكفاءة المطلوبة وبأقل تكلفة وعلي أحسن وجه، بتحسين المستوي الاجتماعي للأعضاء عن طريق زيادة الدخل والاقتصاد في التكاليف (السبيل إلي تحقيق هدف الأعضاء المتعاونين هو إنشاء منظمة اجتماعية تعمل بوسائل اقتصادية في إطار الحوكمة التعاونية الفعالة.)
فالجمعية التعاونية بناء اقتصادي، اجتماعي تتألف من مجموعة أفراد/ أشخاص في اطار قيم ومبادئ التعاون، بهدف خدمة مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية، عن طريق مشروع يديرونه بالتعاون فيما بينهم، برأس المال الفعلي، ويتحملون نتائج هذا العمل، سواء كان ربحاً أو خسارة. فالتعاون يعبر عن التضامن الاجتماعي بين الأفراد وبمحض إرادتهم وبالاعتماد النفس والجهود الذاتية المشتركة، لتحقيق هدف مشترك، أي جمعية أفراد لا جمعية أموال وفقا للشعار التعاوني الاصيل (الفرد للمجموعة والمجموعة للفرد) وأيضا "لكل عضو صوت واحد مهما كان عدد الأسهم". وتتسم التعاونيات بالديمقراطية، وبأنها مستقلة محليا متكاملة عالميا بتنظيم جماعي مستقل يعتمد فيه المواطنون علي أنفسهم، في اطار مسؤوليتهم الذاتية لتحقيق غايات واهداف اقتصادية واجتماعية وبيئية، بالأستناد الي نظام تعاوني عالمي فعال. لذلك حثت الامم المتحدة الحكومات في ديسمبر2001 على تشجيع وتسهيل إنشاء وتطوير التعاونيات واتخاذ التدابير الرامية (الحوكمة) لتمكين الأفراد من المساهمة على أساس طوعي لإنشاء وتطوير التعاونيات. كما تشجع توصية منظمة العمل الدولية لعام 2002 التعاونيات لتحقيق أهدافها والمساهمة في معالجة الأزمات لأنها تجمع بشكل فعّال بين الكفاءة الاقتصادية والمسؤولية الاجتماعية والبيئية، ولإستقلالها محليًا وتكاملها عالميا.
والجمعية التعاونية منظمة عادلة ينشئها الأفراد لتباد المساعدة بقصد رفع مستواهم الاقتصادي والاجتماعي، فالتعاون تجميع واتحاد، لبعض الأشخاص وجهودهم لتحقيق هدف مشترك بالكفاءة والجودة العالية وبأقل تكلفة وعلي أحسن وجه وهذا الهدف ينتهي إلي رفع المستوي الاجتماعي للأعضاء عن طريق زيادة الدخل أو الاقتصاد في التكاليف والسبيل إلي تحقيق هدف الأعضاء المتعاونين هو إنشاء منظمة اجتماعية تعمل بوسائل اقتصادية. الجمعية التعاونية تستخدم أحدث الاساليب الادارية وتهدف الي تحقيق أعلي الارباح
، لكن الربح ليس الهدف النهائي، وانما هو وسيلة الي تحرير أعضائها من السيطرة الاجتماعية والاستغلال الاقتصادي اللذين يتمتع بهما المسيطرون علي المواقع الإستراتيجية في المجتمع. وبالتالي التخفيف من حدة الاثار الاقتصادية وتحسين مستوي معيشة أعضائها المتعاونين بزيادة دخولهم الحقيقية بمختلف الوسائل الإنتاجية والتسويقية الاقتصادية. وتحقيقا لهذه الأهداف يجب أن تقوم التعاونية علي أساس عنصرين أساسيين اجتماعي، واقتصادي، أي أن التعاونية تتكون من، ترابط بين أشخاص أدركوا وما زالوا يدركون أن هناك تشابها بين بعض احتياجاتهم وان إشباع هذه الاجتياجات يتم بالأسلوب التعاوني بصورة أفضل من الطرق الفردية.وإن الجمعية التعاونية منشأة اقتصادية لها هدف مطابق تماما للحاجيات التي يراد إتباعها وهكذا تري أن الروابط هو أصل الفكرة التعاونية وهو السبب المباشر في وجود المنظمة التعاونية، باعتبار ان الجمعية التعاونية تجمع أشخاص وليست تجمع أموال.
ولسنا هنا بصدد الحديث عن التعاون في صورته (الفطرية)، إنما ينصب حديثاً عن التعاون المنظم كوسيلة وأداة أصلاحية وتصحيحية في المجتمع والذي برز بصورة واضحة في أعقاب الثورة الصناعية بأوربا في منتصف القرن الثامن عشر كرد فعل للمساوئ الناجمة عن فشل الرأسمالية، خاصة بالنسبة للمزارعين والطبقة العاملة، وتمثلت هذه الآثار السيئة للنظام الرأسمالي المتدهور في الاستغناء عن أعداد كبيرة من العمال، وانتشار العطالة انخفاض وتدني في مستوى المعيشة، استغلال النساء والأطفال في الإنتاج الرأسمالي لانخفاض أجورهم وظهور كثير من الأمراض والعلل الاجتماعية الخطيرة. ورداً على فعل المظالم والتفاوت الطبقي الذي ولده نشوء الرأسمالية في أوروبا طرح عدد من المفكرين الأوربيين مبادئ تهدف إلى نبذ الرأسمالية وإقامة اشتراكية بديلة تستند على الملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج. وقد انتقد هؤلاء تناقضات المجتمع الرأسمالي وانعكاساته السلبية على الطبقات الفقيرةو المقهورة. ويأتي في مقدمة هؤلاء المفكرين الذين وصفوا «بالاشتراكيين الطوباويين» سان سيمون، وشارل فورييه الفرنسيان، وروبرت أوين الإنكليزي. وكان هؤلاء يعتقدون أن بالإمكان إقامة مجتمع اشتراكي جديد بإقناع الطبقات الحاكمة بضرورة الاشتراكية من خلال تطوير "الطبيعة البشرية" وإقامة الجمعيات التعاونية. ومع أن الاشتراكيين الطوباويين استطاعوا التنبؤ ببعض ملامح النظام الاشتراكي المستقبلي إلا إنهم قد واجهوا صعوبات جمعة لربط نظرياتهم بنضال الطبقة العاملة من أجل إقامة المجتمع الاشتراكي والقضاء على أسلوب الإنتاج الرأسمالي.
وأول ظهورللفكر التعاوني كان على يد الاشتراكية الطوباوية ويعتبر ( روبرت اوين ) الأب الحقيقي للتعاون والتي مهدت تجاربه الي ظهور اول نموذج تعاوني ناجح عام 1844 في روتشديل، بإنجلترا وبمبادرة عمالية صرفة وبالتالي ظهور التعاون الاستهلاكي ثم اعقبها التعاون الانتاجي الحرفي في فرنسا والتعاون الإئتماني في المانيا. لقد كان للنظريات الاشتراكية التعاونية الاصلاحية أثر كبير في نجاح التجرية التعاونية وإنتشارها في بقاع العالم المختلفة، ابتداء بالطوباوية الاوينية(1771- 1858) ومجهودات شارل فورييه(1772- 1835) والشركات التعاونية للكنجية ( وليم كنج 1786- 1865) ومساهمات ( لويس بلان 1811- 1882 ، فردنياند لاسال 1825 - 1864) والمدرسة الالمانية الجيدية، شارل جيد ( 1847 – 1932 ) والبارانوفسكية ( توكان بارانوفسكي (1865- 1919 ) ونظريات الربح التعاوني في القرن العشرين ، هذا إضافة نظريات "ميلر" التعاونية والتجربة التعاونية الكيبوتسية في إسرائيل. حاول روبرت أوين 1771-1858 "الأب الروحي للتعاون" تطبيق أفكاره الإصلاحية عن طريق جمع جهود العمال تعاونياً، وعلى الرغم من الإخفاقات التي لازمت التجربة إلا أنها كانت كافية لانطلاق التجربة التعاونية العالمية الرائدة لرواد روتشيديل في أغسطس-ديسمبر 1843
2 – 1 روبرت أوين 1771-1858 "الأب الروحي للتعاون"
بدأت الحركة التي قادها روبرت اوين تتصاعد، وتتكامل، ولقد لعب روبرت اوين دوراً بارزاً في الحركة النقابية البريطانية، واشتدت حينها المعارك الطبقية الضارية لأجل سن قانون تحديد العمل بعشر ساعات بدلاً من خمس عشرة ساعة وتتوج نضال العمال بالإنتصار فصدر قانون1847م يحدد حد أعلى لساعات العمل بعشر ساعات. ونجح العمال في فرض تجميد جملة من قوانين العمل وبالرغم من تقليص الأجور الا أن قانون تقصير يوم العمل اعتبر انجازاً رائعاً ونصرا حققته الطبقة العاملة بكفاحها المرير والطويل. لقد استوعب روبرت اوين ثقافة عصره ومشاكله وإحتياجات المهمشين والفقراء والكادحين، بالإضافة الي امتلاكه لكثير من الصفات النبيلة، وقدرة قيادة الناس، واستفاد من اطلاعه المباشر على الظروف القاسية التي يعيشها العمال وظروف شروط العمل المستبدة. وحاول بكل الصدق والجد تقديم الحلول لإصلاح وضع العمال وقام بإجراء بعض الاصلاحات في معمل لغزل القطن كان شريكاً في ملكيته، فرفع الأجور، وقلص أوقات العمل، وحدد تشغيل الاطفال مراعياً ما تسببه ظروف العمل من نتائج وخيمة عليهم، وقام ببناء بيوت للعمال، ومدارس للأطفال الصغار، وبالرغم توقف معمله الخاص بالغزل عن الانتاج لمده أربعة أشهر فقد ظل يدفع لعماله أجورهم كاملة.
يتبني روبرت اوين المفاهيم الطوباوية الانسانية التي تسعي لتكريس قيم العدالة والمساواة، والحرية والسلام ولذلك قام في عام 1817 بانشاء " قرى الاكتفاء الذاتي" تزود بالالات، والمكائن، والأراضي الزراعية، وحدد عدد العاملين فيها حسب مساحات القرى، وبهذا يقوم العملون بالعمل على سد حاجاتهم ويكتفون ذاتياً وينتهي الصدام بين الرأسماليين والعمال" ويتم القضاء على الاستغلال والفقر.
وبالرغم من كل الإنتقادات التي قدمت لتجربة روبرت أوين الثرة، فقد لعب دورا كبيرا في انصاف العمال هو وغيره من الاصلاحيين الاخرين امثال سان سيمون ــ وشارل فوريه ــ الي جانب روبرت اوين حيث سعي هؤلاء المفكرين الثلاثة الي تحرير الانسانية دفعة واحدة من اثار النظام الراسمالي الظالم. ولكن لم يتحقق برنامج اوين الطوباوي، وقاومه رجال الاعمال الحكومة الرجعية التي كانت تحاول الخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي كانت تعيشها البلاد، والتي كانت احد أسبابها الرئيسية " الحروب النابليونية.
ولم يكتف روبرت اوين بالدعوة لأفكاره فقط لكنه عمل على تطبيقها على الرغم من عدم نجاحه في بريطانيا، اذ سافر إلى أمريكا عام 1825م واشترى أرض زراعية واسس مستعمرته التعاونية " وراح يبشر بأفكاره التي لاقت التأييد والاحترام، وتأسست على غرار مستعمرته مستعمرات أخرى في انحاء متفرقة من أمريكا. لكن التجربة صاحبها عدم النجاح بمستعمرته وباقي المستعمرات الأخري التي تأسست على غرارها وصفيت تماماً عام 1828م، نتيجة لسيطرة العلاقات الرأسمالية الاستغلالية. وعاد روبرت اوين إلى بريطانيا وطرح برنامجه التعاوني الذي لاقى قبولا واسعاً من قبل جماهير العمال المتطلعة لتحسين أوضاعها الاقتصادية وبدأ مجددا في الدعوة للتعاونيات مما مهد الي قيام أول تجربة تعاونية ناجحة في بلدة روتشيديل.
توفي روبرت أوين عام 1858 عن عمر يناهز السابعة والثمانين عاماً وفي أواخر أيامه اتجه الي التبحر في الدراسات الروحية، وهو ما نجده في كثير من كتاباته ويمكننا أن نلمسه في "سيرته الذاتية" الرائعة التي تجسد قيم هذا الانسان المفكر الذي سخر حياته وفكره لخدمة المظلومين ووضع اللبنات الأولي التي مهدت لقيام وانتشار التعاونيات في العالم.
3 – 1 رواد روتشيديل المنصفين (Rochdale Equitable Pioneers)
لم تنجح تجربة تعاونيات المنتجين التي أقامها روبرت أوين ونجم وبالرغم من ذلك أظهرت هذه المحاولة إمكانية نجاح العمل الجماعي والإعتماد علي الجهود الذاتية بدلا عن الإعتماد علي الجهود الفردية المبعثرة. و لابد أن نعترف هنا أن أحد خصائص النزعة التعاونية (الحركة التعاونية) قد بدأت تضرب بجذورها في المجتمع، فقد قام حوالي 28 من الأشخاص المخلصين أطلقوا على أنفسهم أسم "رواد روشديل" بتأسيس حركة تعاونيات المستهلكين، وكانت الحركة ذات أهمية عابرة بالنسبة لأوين، ولكن بمرور الوقت بدأت هذه الحركة تزدهر وتقوي حتى أصبحت أحد أهم مصادر القوي في حزب العمال في بريطانيا العظمي، ومن المثير للعجب أن هذه الحركة التي لم تمثل لأوين أهمية كبيرة، نجحت في البقاء بعد اختفاء كل المشاريع التي أفنى فيها قلبه وقوته.
ففي 15 أغسطس 1843، إجتمع 28 عاملاً من بينهم امرأة بمدينة روتشيديل الإنجليزية معلنين أول جمعية تعاونية في العالم ناجحة ومن ثم انتقلت التجربة الناجحة إلى بقية المدن البريطانية وإلى بقية دول أوروبا والعالم. وفي بداية سنة 1843م لخص أوين أفكاره في أهمية قيام العمال بجمع مساهمات يقيمون بها وحدات تقدم لهم السلع التي يحتاجونها بأسعار معقولة وجودة عالية ، ووحدات تقدم لهم مزايا الإنتاج الكبير والتسويق الأوفر والشراء والبيع بما يعود عليهم بنتائج أفضل وحدد أسس أصبحت نواة لمبادئ التعاون وجدت قبولاً من الطبقة العاملة، فشهد عام 1844 بزوغ الحركة التعاونية العالميةً بتأسيس أول جمعية تعاونية ناجحة في العالم هي جمعية رواد روتشديل التعاونية.
قام "رواد روتشديل المنصفين" (Rochdale Equitable Pioneers) بإنشاء أول متجر لهم في تود لين، ببلدة روتشديل "وهي بلدة صغيرة في مقاطعة لانكشاير بانجلترا" وكانت عبارة عن متجراً استهلاكياً ، وبذلك شهد حي (تودلين) في بريطانيا أول عمل اقتصادي تعاوني رشيد (علي أسس حددها روبرت أوين) مع رواد روتشيديل. وبقيام جمعية روتشديل التي جمع رأسمالها (سنتاً ... سنتاً) من العمال حتى بلغ (26) ستة وعشرون جنيها إسترلينيا. بدأت روتشديل من 1843م / 1845م في التطور ، وبدأ الفكر التعاوني (وأسسه) التي تحولت إلي مبادئ في الانتشار بما حققه التطبيق من نتائج طيبة تخطت مجالات الاستهلاك إلي مجالات أخرى منها المساهمة في إنشاء المساكن العمالية : بعد أن زادت عضويتها وتضاعفت رؤوس أموالها ونمت قدراتها تمكنت من أن تمتلك أكبر أسطول بحري تجاري في العالم في ذلك الوقت.
وتعتبر سنة 1844 نقطة تحول في تاريخ الحركة التعاونية العالمية حيث أسست اول جمعية تعاونية ناجحة في العالم هي جمعية رواد روتشديل التعاونية ، وروتشديل بلدة صغيرة في مقاطعة لانكشاير بانجلترا ، حيث كانت البلاد تعاني من اثار الحروب النابليونية والتي استمرت (15) سنة باثارها المدمرة. كما كان للثورة الصناعية ضلع كبير والتي احدثت التغير من الاقتصاد الزراعي الى الاقتصاد الصناعي اثر اختراع الآلة البخارية التي تدار بالفحم الحجري مما أدى الى إعادة التوزيع الديمغرافي للسكان والانتقال من ضفاف الانهار ومساقط المياه الى المناطق القريبة من مناجم الفحم الحجري للزيادة السريعة والكبيرة في المصانع المقامة قرب المناجم وتوافر كبير لفرص العمل فيها.
وبذلك نشأت الحاجة للحصول على المواد الغذائية والمستلزمات المنزلية والمساكن في المناطق الجديدة واصبح يتطلب ذلك توريد المواد الخام من مناطق نائية وفي ظل هذه الصعاب نشأ صراع الحركات العمالية مع اصحاب المصانع لتوفير هذه المتطلبات.
ومن هنا انبعثت لدى عدد من العاملين القاطنين في بلدة روتشديل فكرة انشاء جمعية تعاونية وكانت الحاجة والظروف الاقتصادية والاجتماعية هي المحرك والباعث ، حيث أسست الجمعية من (27 رجلا وإمرأة) وفتحوا حانوتاً متواضعاً يحوي السلع الضرورية بحيث يمكنهم من توفيرها لعائلاتهم وبسعر معقول وبجودة عالية ودون غش بالنوعية او الوزن ، ووضعوا لائحة داخلية مكتوبة تضمن الغايات والاهداف وطريقة جمع المال وتوزيع الارباح واسلوب الادارة وخطة الجمعية وشروط العضوية وفقدانها. وتوسعت الجمعية مع النجاح وبمرور الوقت اصبحت قادرة علي توفير كافة السلع والخدمات الاخري واضيفت مطحنة حبوب بعد (5) سنوات واصبح عدد الاعضاء بعد (7) سنوات من 27 عضوا الي (600) عضو ومبيعاتهم (13) الف جنية. توالى تأسيس التعاونيات في انجلترا من مختلف الأنواع والغايات وصدر اول تشريع حكومي عام 1852 ، وفي عام 1863 أسس أول اتحاد جمعيات تعاوني ضم (48) جمعية لتوريد وتسويق المواد الغذائية والمنزلية بالجملة لاعضاء الاتحاد من الجمعيات. وانتخب أحد رواد روتشديل رئيساً للاتحاد وتوالت الحركة التعاونية بانجلترا بالتطور والرقي فأسست اول صحيفة تعاونية عام 1871 ثم رابطة السيدات التعاونية 1883 لتقديم خدمات رعاية الأمومة والطفولة وتحسين أحوال استخدام النساء العاملات في المصانع.
وفي نفس فترة ازدهار التعاونيات في انجلترا كانت تزدهر حركة تعاونية للتسليف والتوفير التعاوني الزراعي في المانيا حيث الحيازات الزراعية الصغيرة والمعاناة من السعر المتدني للمنتوجات وارتفاع سعر الفائدة على المبالغ المقترضة للمزارعين من الممولين والتجار مما دفع السيد فريدريك رايفايزن رئيس بلدية لمجموعة من القرى للتفكير بتأسيس اول جمعية تعاونية للتسليف والتوفير بنظام داخلي مكتوب ومتفق عليه وباسهم واشتراكات متواضعة لتوفير قروض إنتاجية زراعية مشروطة ومراقبة وكانت النتائج إيجابية جداً على المزارعين. فانتشرت هذه التعاونيات في اوروبا ثم بقية انحاء العالم وتنوعت بتنوع حاجات المجتمعات الاستهلاكية والزراعية والإسكانية والصحية وصيد الأسماك والنقل والتسويق والاعمال النسائية والمدرسية والعمالية واعمال أخرى كثيرة. هذه النجاحات قادت الي تأسيس الحلف التعاوني الدولي بلندن عام 1895 وقد تم الاحتفال في السادس من يوليو 1995 بمرور مائة عام على تأسيسه وتم ترسيخ تعريف التعاونية بأنها "منظمة ذاتية الإدارة تتكون من أشخاص يتحدون اختياريا لمواجهة احتياجاتهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وأمالهم من خلال مشروع ملكية مشتركة ويدار ديمقراطيا".
4 – 1 الإنتشار - التوسع والتخصص
من خلال دراسة الواقع والتاريخ النظري للتعاون والتجربة التعاونية العالمية، يتضح أن هناك أنواعا للعمل التعاوني وأشكاله، من أهمها التعاون الزراعي، والتعاون الاستهلاكي، والتعاون الانتاجي، والتعاون الحرفي، والتعاون الإئتماني، وغيرها من المجالات الأخري. التعاونيات تسعى دائما لتحويل الأستثمار الضعيف المشتت المتناثر إلى الأستثمار الكبير القادر على المنافسة وزيادة الأنتاجية، وذلك من خلال تجميع الإمكانات والجهود المشتركة وتوحيدها في وعاء إقصادي وإجتماعي يسمي "الجمعية التعاونية" والتي تسعي لتحقيق أعلي الارباح لكن هدفها النهائي استغلال الارباح لتقديم الخدمة الجيدة نوعا وكما للأعضاء وغير الاعضاء.
فالتعاونيات تسعي لتحقيق أهدافها الأجتماعية والأقتصادية في ثوب إنساني من خلال وسائل إقتصادية يستغل فيها الربح المتحقق لمصلحة الأعضاء وغير الأعضاء فمثلا يشجع التعاون الزراعي المزاعين على الصمود أما الاستغلال وفوضى السوق وتوفر لهم ضمان سلامة الممتلكات التعاونية التي تخصهم بالاشراف والتطبيق الدقيق للقيم والمبادئ والقواعد الأساسية للتعاون وبأعتماد مبدأ الأستقلالية الأقتصادية والتنسيق الجيد مع المؤسسات التسويقية والتوافق مع حاجة الأسواق وتأمين التمويل اللازم بأفضل واكفأ معايير العدالة.
ويعتبر التأسيس المدني والديمقراطي الحر وبالخطوات الصحيحة الشرط الاساسي للعمل التعاوني السليم لأنه يجنبنا فرض القيادات الحزبية والطائفية والقبلية والعشائرية على الجمعيات التعاونية وبالتالي ضمان الكفاءة الإدارية ونجاحها والأبتعاد عن البروقراطية وتدني مستويات الأستثمار والعائد الأقتصادي. لقد كانت ومازالت بيروقراطية الأجهزة الحكومية من اسباب التلاعب والغش لضعف المراقبة والأشراف وبالتالي السيطرة علي مقاليد الامور في التعاويات وبالصورة التي تنسجم مع مصالح فئات قليلة، ويعتبر ذلك من أكبر العوامل التي أضرت بالتعاونيات وأضعفتها. ولذات الأسباب وغيرها مع ضعف الوعي التعاوني لم يكن هناك أثر فاعل وواضع للتعاونيات في بلادنا (رغم تجربتنا الطويلة المتددة منذ الثلاثينات من القرن الماصي) كما حدث لكثير من التعاونيات في بلاد العالم المختلفة ، حتى كاد ان يفقد المرونة والشفافية والتخصصية ويبتعد عن التعاون الإنتاجي وينحصر في العاونيات الإستهلاكية فقط.
وفي نفس فترة ازدهار التعاونيات في انجلترا ازدهرت حركة تعاونية للتسليف والتوفير التعاوني الزراعي في المانيا حيث الحيازات الزراعية الصغيرة والمعاناة من السعر المتدني للمنتوجات وارتفاع سعر الفائدة على المبالغ المقترضة للمزارعين من الممولين والتجار مما دفع السيد فريدريك رايفايزن رئيس بلدية لمجموعة من القرى للتفكير بتأسيس اول جمعية تعاونية للتسليف والتوفير بنظام داخلي مكتوب ومتفق عليه وباسهم واشتراكات متواضعة وبوشر باقراض الأعضاء قروض إنتاجية زراعية مشروطة ومراقبة وكانت النتائج إيجابية جداً على المزارعين . وعليه انتشرت هذه الجمعيات في كافة اقطار اوروبا ثم إلى كافة انحاء العالم وتنوعت بتنوع حاجات المجتمعات الاستهلاكية والزراعية والإسكانية والصحية وصيد الأسماك والنقل والتسويق والاعمال النسائية والمدرسية والعمالية واعمال أخرى كثيرة.
نجاحات تعاونية متنامية
لقد حققت التعاونيات الكثير من النجاحات الكبيرة في مجالات التنمية الإقتصادية والإجتماعية علي المستوي العالمي منذ قيام تعاوينة روتشيديل الناجحة، والتي تتوجت بقيام وقيادة الحلف التعاوني الدولي الذي يضم كافة المنظمات والإتحادات التعاونية علي مستوي العالم. وحاليا، حول العالم يعمل حوالي 100 مليون عامل وعاملة في تعاونيات (أي أكثر من مجموع عمّال كل الشركات العالمية الكبرى)، كما أن حوالي نصف مجموع المحاصيل الزراعية في العالم يتم تسويقها عبر تعاونيات زراعية. من حيث الوجود الاقتصادي، فأكبر 300 تعاونية في العالم تقدّر محصلة ثروتها المجموعة بحوالي أكثر من ترليون دولار. أما التعاونيات المصرفية فهي تخدم حوالي 13% من مجموع سكان العالم. ببساطة، التعاونيات اليوم لها تجربة في أي قطاع اقتصادي أو مستوى تقاني معروف.
تشغّل التعاونيات حوالي 280 مليون عامل وعاملة حول العالم (أي أكثر من مجموع عمّال كل الشركات العالمية الكبرى، وحوالي 10% من مجموع سكان العالم المشتغلين)، وتبلغ عضوية كافة التعاونيات حول العالم حوالي بليون عضو، أو 12% من مجموع سكان العالم، و حوالي 50% من مجموع المحاصيل الزراعية في العالم يتم تسويقها عبر تعاونيات
قيمة التعاونيات في الاقتصاد العالمي عالية جدا فأكبر 300 تعاونية في العالم تقدّر ثروتها المولَّدة بحوالي أكثر من إثنين ترليوني دولار، حيث تتواجد التعاونيات حول العالم وتتنوع في أحجامها وانشطتها المختلفة في جميع مناطق العالم (في المجتمعات صغيرة ومتوسطة وعالية الدخل) كما تتواجد في كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية (زراعة، صناعة، خدمات، مصارف وتمويل، إلخ) ، كما تشغّل التعاونيات المصرفية حوالي مليار شخصا عالميا وتخدم حوالي مليار مليون شخص.
جدير بالذكر هنا أن منظمة الأمم المتحدة كانت قد أعلنت سنة 2012 بكاملها "السنة الدولية للتعاونيات"، ترويجا لها ودعما لنموذجها، حيث قال السكرتير العام للأمم المتحدة، السيد بان كي مون، عنها: "أثبتت التعاونيات، من خلال تركيزها المتميز على القِيَم، أنها نموذج تجاري مرن له مقومات البقاء ويمكنه أن يزدهر حتى في الأوقات الصعبة. وقد ساعد هذا النجاح على حماية العديد من الأسر والمجتمعات المحلية من الانزلاق في هوة الفقر... التعاونيات تذكير للمجتمع الدولي أنه من الممكن السعي لتحقيق الكفاءة الاقتصادية والمسؤولية الاجتماعية معا."
من النماذج الناجحة والفعالة للتعاونيات الصناعية مجموعة الشركات التعاونية "موندراقون" (Mondragon) الإسبانية، وهي تشكل الآتي:
1- تعاونيات في القطاعات الاقتصادية (صناعية، مصرفية، تجارية، معلوماتية)، مترابطة بنظام ديمقراطي وبملكية تامة في يد العمال، ومنتجات هذه المجموعة التعاونية ذات تواجد عالمي، في أحدث التقنيات والاستعمالات.
2- تشتمل المجموعة بالإضافة إلى التعاونيات الصناعية، مراكز رعاية صحية ومؤسسة مصرفية كبيرة، وبرامج ضمان اجتماعي متعددة، ومدارس وجامعة تقانية كبيرة (تطورت من كلية مهنية صغيرة)، ومراكز أبحاث وتنمية، وإسكان تعاوني وأسواق تعاونية.
هذه المجموعة الضخمة من التعاونيات – موندراقون - تاريخا بدأ صغيرا، من ورشة عمل كان يعمل بها عدد لا يتجاوز أصابع اليد، اتفقوا على إنشاء تعاونية بينهم، يكونون هم مُلّاكها وعمّالها في نفس الوقت. من تلك البدايات الصغيرة كبرت تلك التعاونية لتصبح مصنعا بحجم كبير، يدرّ دخلا ممتازا، ثم نما وتكاثر انشطاريا ليصبح أكثر من مصنع بتخصصات متباينة ومتناسقة، ثم تضخم أيضا ذلك النموذج لينتج مجتمعا كاملا يعيد تدوير الدخل داخليا ليساهم في تحسين الأوضاع المعيشية العامة لكافة العمّال وأسرهم والمنطقة التي يعيشون فيها، إلخ. يقول موقع موندراقون في الإنترنت إنها الآن تضم 257 تعاونية وشركة، وأكثر من 74,000 شخص/عضو، و15 مركز تكنولوجي، بفروع إنتاجية ومكاتب في 41 بلد ومبيعات في أكثر من 150 دولة، بإجمالي دخل يبلغ 12.5 مليون يورو. تاريخ موندراقون ممدود من المدرسة الاشتراكية الفابية التي تجلّت في كتابات البريطاني روبرت أوين، وممدود من تجارب أوين نفسه ومن التجارب المستلهمة منها.
هناك نماذج ناجحة لأسهامات المنظمات التعاونية العالمية في كندا وأمريكا وأوروبا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا، وكلها مساهمات تتعلق بصورة مباشرة أو غير مباشرة بالتنمية المستدامة، ومن الأسباب الأساسية لهذا النجاح المشهود الإهتمام بتطبيق المفاهيم الاساسية التي إهتم بها التعاونيون في جميع أنحاء العالم، ومنها "أعدوا التعاونيين قبل إنشاء التعاونيات".
هذه الأسس والمفاهيم تمثل الضمانات التي تمكن من قيام التعاونيات علي مبادئ التعاون وقيمه وأسسه السليمة، فيتحقق لهذه التعاونيات الإستقرار المنشود وتؤدي دورها المطلوب وبالتالي تحقيق الأهداف التي أنشأت من أجلها. أن الفكرة التعاونية إذا ما أعيدت صياغاتها في الواقع العملي وفقا لهذا الشعار العلمي الذي يعني التثقيف والتوعية بالنظام التعاوني وأهدافه ووسائله ومبادئه المميزة ، ووفقاً للظروف البيئية والموارد واستعدادات المواطنين سيكون لهذه الفكرة ضمانات من مبادئها العامة في الاستقرا والاستمرار والنجاح الأكيد. كما أن هذا الوضع سوف يجعل الفكرة التعاونية أداة علمية وعملية فاعلة في المجتمع السوداني وفي حياة المواطنين ، وتغييرها للأفضل دوما.
إن التعاونيات المؤسسة بصورة علمية صحيحة والتي تقوم وفقا لأحتياج فعلي يشعر به مؤسسيها، في ظل الرغبة الاكيدة للعمل الجماعي المشترك، ستساهم بفاعلية في تحقيق السلام الشامل العادل وازدهار العمران والتنمية الاجتماعية والاقتصادية المتوازنة مع المحافظة علي قيم الديمقراطية والقيم والأخلاقية كما أنها تمتلك مقومات العدالة الاجتماعية والاقتصادية بين الناس وبذلك يتحقق شعار تعاوني آخر هو (الفرد في خدمة الجماعة والجماعة في خدمة الفرد) إلا أن التعاونيات في هذه الحالة تحتاج إلي متابعة في التطبيق وأن تفرد لها الحكومات حيزاً سياسيا واهتماما حقيقيا ينعكس في أداء وفعالية الأجهزة التنفيذية في كل المستويات.
الشعب السوداني عرف ثمار تطبيقات التعاون وله استعداد لتطبيقات جديدة تقدم له احتياجاته وطموحاته في التنمية، كما أن الحكومات يمكنها الاعتماد علي تطبيقات التعاون كوسيلة للتنمية من خلال القدرات الذاتية للأفراد بجمعهم في تجمعات تعاونية ، وبما يفيد في إمكانية الوصول إليهم لتقديم الخدمات مثل التعليم والصحة والإحصاء والانتخابات. "التعاونيات تقوّي الناس عبر تمكين أكثر الفئات السكانية فقراً من المشاركة في التقدّم الاجتماعي، كما أنّها تخلق فرص العمل لأصحاب المهارات الذين يفتقرون إلى الرأسمال أو يملكون القليل منه، وتؤمّن الحماية من خلال تنظيم المساعدة المتبادلة في المجتمعات المحلية" خوان سومافيا - مدير عام منظمة العمل الدولية ILO. هذا الحديث لمدير عام منظمة العمل الدولية ILO يوضح ويشدّد على الطبيعة التشاركية للعمل التعاوني. و ذلك لأن التعاونيات تضطلع بدورٍ أساسيّ في الحدّ من الفقر، وتساهم في جدول أعمال "العمل اللائق" الصادر عن منظمة العمل الدولية الذي يركز و يدعوا لتنمية أنسأن الريف وخاصة المنتجين في المجال الزراعي، وبصورة أخص التعاونيات الإنتاجية الزراعية (كما هو الحال بالنسبة لمنتجي الصمغ العربي). فالتعاونيات تستطيع أولاً أن تساعد على خلق الوظائف، وخصوصاً في القطاعات الاقتصادية أو المناطق الجغرافية و الزراعية حيث تناضل المجموعات التقليدية والفقيرة لخلق قيمة كافية لحياتهم بالتمكّن من تحقيق الأرباح المناسبة. كما أنّ التعاونيات تستطيع أيضاً أن تنقذ الوظائف الحالية للمجتمع الريفي عبر السماح للمنتجين الحقيقيين بتجاوز الصعوبات الكثيرة التي تعاني منها بتوحيد جهودها لإنقاذ أعمالها التعاونية والتنموية الهامة و المفيدة.

الهوية التعاونية: القيم والمبادئ التعاونية والشعار التعاوني
القيم التعاونية: المساعدة الذاتية والاعتماد علي النفس، والاعتماد علي الجهود الذاتية ، المسؤولية الذاتية ، الذاتية والاستقلالية، الديمقراطية ، العدالة والمساواة والتضامن، والقيم الاخلاقية
المبادئ التعاونية (مبادئ الحلف التعاوني الدولي 1995): أكدت الحركة التعاونية شعبيتها على مر العصور وانتمائها لمصلحة الأفراد والجماعة لتحقيق أهدافها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها, واستطاع التعاون نتيجة النجاحات التي حققها نقل الاهتمام به من الإطار الوطني إلى الإطار الدولي حيث تم تأسيس الحلف التعاوني الدولي بلندن عام 1895واحتفل في يوليو عام 1995بمرور مائة عام على تأسيسه وتم ترسيخ تعريف التعاونية بأنها منظمة شعبية طوعية ذاتية الإدارة تتكون من أشخاص يتحدون بمحض اختيارهم لمواجهة احتياجاتهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وأمالهم من خلال مشروع ملكية مشتركة ويدار ديمقراطيا.
وقد اعتمد الحلف التعاوني الدولي المبادئ التعاونية التالية :
1- العضوية الاختيارية المفتوحة : التعاونيات منظمات مفتوحة لكل الأشخاص دون تميز جنسي أو اجتماعي أو عرقي أو سياسي أو ديني وتتمتع التعاونيات بالحياد تجاه الجميع . مبدأ الباب المفتوح للعضوية يحقق الإحساس والشعور بالملكية الخاصة للفرد في إطار الجماعة إضافةً إلي ما يقدمه لقدراته في العمل بالمشاركة فكرياً وعملياً ومالياً ثم بما في ذلك الترشيح والانتخاب في مجالس الإدارات .
2- الإدارة الديمقراطية للتعاونيات: التعاونيات منظمات ديمقراطية يحكمها أعضاؤها ويشاركون في سياساتها واتخاذ القرارعن طريق ممثليهم المنتخبين ديمقراطيا والممثلين مسئولين أمام ناخبيهم وللأعضاء حقوق تصويت متساوية عضو واحد صوت واحد وعلى المستويات الأعلى تدار التعاونيات وتنظم بأسلوب ديمقراطي. ويعطي مبدأ ديمقراطية الإدارة الحق لجميع الأعضاء في المشاركة في إدارة الجمعية وفقاً لضوابط ديمقراطية عادلة فيتعلم الناس الديمقراطية الحقيقية الخالية من المؤامرات والصراعات.
3- مساهمة العضو الاقتصادية : يساهم الأعضاء بعدالة في رأس مال تعاونيتهم الذي يكون ملكية تعاونية ، ويتلقى الأعضاء تعويضا عن رأس المال المسهم ويمكن تخصيص الفائض لتطوير التعاونية و دعم الأنشطة الاخرى التي يوافق عليها الأعضاء ويوزع الباقي على الأعضاء بنسبة تعاملهم مع التعاونية . ويقدم مبدأ العائد علي المعاملات الشعور بالمسئولية تجاه الممتلكات عند الأعضاء بما يؤكد توزيع الفائض علي جميع الأعضاء وفق الأسس العادلة ومبدأ العائد علي رأس المال يحرر المال من الربا ويوظفه في سبيل تحقيق أفضل أداء مالي للفرد والمجتمع وهو مردود ربحي ملائم للأسهم يفوق معدلات الاستثمار في كل قطاعات النشاط الاقتصادي إذا ما قورن مردود السهم بقيمته في أي نشاط اقتصادي غير النشاط الاقتصادي التعاوني.
4- الإدارة الذاتية المستقلة :التعاونيات منظمات ذاتية الإدارة يديرها أعضاؤها ويؤمنون تمويلها المالي ويمكن لهم التعاون مع منظمات اخرى أو مع الحكومات سواء بالإدارة أو التمويل شرط تأكيد الإدارة الديمقراطية لأعضائهم والمحافظة على التحكم الذاتي التعاوني . كما أن مبدأ الحياد السياسي والديني والعرقي مبدأ يقاوم التفرقة ويدعو لتوحيد البشرية يعتبر مبدأ الحياد السياسي والديني والعرقي من المبادئ الجديدة وقد أخذت به كثير من الدول كما لم يؤخذ به في بعضها .ويعتبر الحياد السياسي والديني والعرقي من أهم الوسائل التي مكنت الجمعيات التعاونية من العمل بحرية في كنف النظم السياسية ووسط الأثنيات العرقية والأيدلوجيات الفكرية والدينية ولذلك وجد العمل التعاوني في الدول التي تطبق النظام الاقتصادي الرأسمالي (الغرب خاصة) والدول التي تطبق النظام الاقتصادي الاشتراكي (دول شرق أوربا خاصة). ويوجد العمل التعاوني في الدول التي تعتقد في الأديان السماوية بمختلف عقائدها، وقد نودي بمبدأ الحياد السياسي والديني والعرقي عبر الحلف التعاوني الدولي ولذلك نجده في دستور الحركة التعاونية العالمية وفي القوانين المحلية للتعاون في أغلب الدول.
5- التعليم والتدريب والمعلومات : تقدم التعاونيات التدريب والتعليم لأعضائها بالتعاونيات ولقياداتها المنتخبة ومديرها وموظفيها ليستطيعوا أن يساهموا بفعالية لتنمية تعاونياتهم ، مع تنوير الرأي العام عن طريق الإعلان والإعلام وخاصة الشباب وقادة الرأي عن طبيعة ومزايا التعاون عن طريق التثقيف والتوعية التعاونية. ثم إن مبدأ التعليم والتدريب التعاوني مبدأ يقاوم الجهل. يعتبر أحد أهم المبادئ التعاونية – لإيجاد الوعي عن العمل الإداري والمالي والاجتماعي والاقتصادي لأعضاء الجمعيات مما يساعد علي نمو الحركة التعاونية من ناحية – ومن أخرى رفع المستوي الفكري للعضو باعتباره (إنسان : لأن التعليم مطلوب للإنسان – ويحفظ إنسانيته من خلال مردود التعليم اجتماعياً واقتصادياً) .وتتضمن تشريعات التعاون في بعض الدول تخصيص نسبة من صافي الأرباح القابلة للتوزيع لأغراض التعليم والتدريب التعاوني . باعتبار أن التثقيف التعاوني أحد مسئوليات الجماعات المتعاونة في نشر الفكر مما يقود إلي رفع القدرات لأعضاء الحركة التعاونية وهو بمثابة استثمار مستقبلي .وتوجد في كثير من الدول مدارس ومعاهد وجامعات متخصصة للتعليم والتدريب التعاوني لإيجاد متخصصين في اقتصاديات التعاون ومتخصصين في الإدارة التعاونية وكذلك في التمويل التعاوني . والمحاسبة التعاونية ... الخ .إضافةً إلي مستويات أدني لتعريف الأعضاء والمساهمين بحقوقهم وواجباتهم . وكذلك مجالس الإدارات فيما يتعلق بالسياسات واستراتيجيات العمل التعاوني .. ومن ذلك معايير المقارنات للميزانيات وطرق التحليل المالي وأساليب اختيار العاملين وأسس العلاقات العامة والمفاوضات وعقد صفقات الشراء والبيع . ونظم المخازن إضافةَ إلي برتوكول تمثيل جمعياتهم في اجتماعات المؤسسات التعاونية المحلية والإقليمية والدولية .. إضافةً إلي أساليب التسويق كمصادر الخامات والسلع الأجود وعناصر الجودة وعلم المنتجات ومواقع إنتاجها ... الخ .ونشير إلي أن منظمة العمل الدولية قد أمنت علي ضرورات التعليم والتدريب التعاوني ورصدت لذلك أموال تهدف إلي المساعدات في مجالات إنشاء عدد من معاهد التدريب في الدول الفقيرة للتعليم والتدريب التعاوني . (ومثال لذلك تم إنشاء أربعة معاهد في السودان لهذا الغرض) .
6- التعاون بين التعاونيات : تخدم التعاونيات أعضاءها بكفاءة أكثر وتقوى الحركة التعاونية بالعمل سويا من خلال المؤسسات والمنظمات والإتحادات التعاونية المحلية والإقليمية والدولية. كما أن مبدأ التعاون بين التعاونيات يمكن من تكوين المزيد من المنظمات التعاونية والمؤسسات الفاعلة في المجالات التعاونية وينمي قدرات الحركة التعاونية استثماراً واستشارةً وتبادلاً للخبرات .
إن اشتراك الجمعيات التعاونية في أهداف عامة واحدة يجعل تعاونها مطلب مهماً لما يوفره من ميزات منها علي سبيل المثال :- مجالات تبادل المعلومات عن الأسواق ومصادر الشراء، مجالات الشراء والبيع عبر منظومة اتحادية (التسويق)، مجالات التمويل والقروض، مجالات النقل والتخزين، مجالات نشر الفكر التعاوني، مجالات تبادل الخبرات الإدارية والفنية، مجالات مواجهة المشكلات المشتركة مثل مكافحة الآفات الزراعية، مجالات الحصول علي استخدام التقانات ... الخ من مجالات كثيرة .
ولعل البنيان التعاوني الاتحادي هو أحد أهم الوسائل لتستفيد جمعياته القاعدية من مبدأ التعاون بين التعاونيات وكذلك البنوك التعاونية ومؤسسات التمويل والتسليف والتأمين التي تقام علي أسس التعاون بين التعاونيات مما يفتح الآفاق للعمل التعاوني المشترك خاصةً تحت إشراف إدارة وإرادة سياسة واعية لأجهزة التعاون الحكومية إذا اعتمد التعاون كأحد أهم أساليب التنمية مما يقتضي التخطيط والمتابعة من قبل تلك الأجهزة .
7- الاهتمام بالمجتمع : تعمل التعاونيات من أجل التنمية الإجتماعية المتواصلة فتقدم خدماتها في مجال الصحة والتعليم وتوفير مياه الشرب..... الخ لمجتمعاتها من خلال سياسات يوافق عليها الأعضاء. وتعبر المبادئ التعاونية عن دستور الحركة التعاونية (الدولي العالمي) جيث يشمل مضمون الدستور مجموعة من المبادئ التي تهتدي بها كل الجمعيات التعاونية في تحقيق أهدافها في العالم. إن عدم مراعاة "الهوية التعاونية"و التقيد والتنفيذ الصارم لهذه المبادئ يؤدى إلي عواقب وخيمة وضارة تذهب بالصفة التعاونية والشعبية والديمقراطية التي تتميز بها التعاونيات ، كما أنها تؤدي إلي الفشل و الإخفاق الذريع. إن عدم إتباع المبادئ والأسس التعاونية التي أنشأت علي أساسها الكثير من المشاريع التعاونية وبصفة خاصة الجانب الإداري ، انعكس سلبا علي الأداء وبصفة خاصة في المجال التسويقي ، إذ اعتمدت هذه المشاريع في إدارتها علي أساس التعيين من قبل الوزير المختص مما يتنافى مع المبادئ والقوانين التعاونية. وذلك لأن التعاونيات ووفقا للمبدأ الثاني من المبادئ التعاونية ، منظمات ديمقراطية، يتحكّم بها أعضاؤها الذين يشاركون بفعالية في وضع السياسات واتخاذ القرارات. ولقد أثبتت التجارب العالمية أن مراعاة التقيد والتنفيذ الصارم لهذه المبادئ يؤدى إلى الاحتفاظ بالصفة التعاونية والشعبية للتعاونيات والحفاظ أيضا علي الديمقراطية التي تتميز بها التعاونيات، كما أنها تجنب التعاونيات الفشل و الإخفاق في تحقيق أهدافها. لقد كان للالتزام بالمبادئ التعاونية وبخاصة الديمقراطية، الأثر الكبير في استمرار الحركة التعاونية الأوروبية وتقدمها عالميا.

الشعار التعاوني
الشعار التعاوني المتفق عليه دولياً المتمثل في الثلاث حلقات المتصلة والتي تعني ( اتحاد ، قوة ، عمل ) وأينما شوهد هذا الشعار على اللافتات والمباني في مدن وأرياف العالم يتذكر المرء ان هذا موقع او مقر لتعاونية ما أو للإدارات التعاونية . وتعتبر التعاونيات Co-operatives نوع من أنواع التنظيم ترتبط فيه جماعه من الناس ارتباطاً اختيارياً بصفتهم الإنسانية على قدم المساواة لإعلاء شأن مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية. عبارة بصفتهم الإنسانية هذه تعني ان ينضم العضو للجمعية دون أي تأثير أو حسبان لمركزه المالي او الاجتماعي او السياسي او الديني كما ان هذه المراكز لا تعطيه أية امتيازات في الجمعية على الآخرين. الشعار الدولي للتعاون يتشكل من ، ثلاثة حلقات دائرية متساوية تبدأ بالحلقة الأولي إلي أعلي والثانية والثالثة إلي أسفل متوازيتان والحلقات الثلاثة متداخلة. إذا تأملنا شعار التعاون نجد أنه رمز الفلسفة التعاونية، باعتبار أن لها شعار ومبادئ، ويرمز شعار التعاون إلي: مصدر القرارات، وتكوينات رؤوس الأموال، وتماسك الجماعات، والعدل والمساواة في الحقوق والواجبات. ويلخص في ثلاثة دوائر ترمز إلي الشمول والاتساع والإرتباط بأقدار متساوية في الحقوق والواجبات وتم كما قدمت اختيار هذا الشعار في مسابقة من بين العديد من الشعارات تقدم بها فناني أوربا. وللشعار جوانب عديدة :فالحلقة الأولي ترمز إلي رأس المال واليسرى إلي العائد علي رأس المال واليمني إلي العائد علي المعاملات (توجه مالي) ، أما الدائرة العليا فتمثل الجمعية العمومية واليمني مجلس الإدارة واليسرى والإدارة التنفيذية (توجه إداري). وللشعار أيضا قيم معنوية، حيث تمثل الدائرة العليا تمثل الحرية واليمني تمثل العدالة واليسري تمثل المساواة . (إنسانية الإنسان) .ونعلق علي القيم المعنوية في موضوع الحرية والعدالة والمساواة في الحقوق والواجبات. ونشير إلي أن الآلاف قد سقطوا في الحروب منذ أن عرفت البشرية الحياة علي الأرض من أجل واحدة أو أكثر أو الثلاثة قيم المذكورة كما شهدت بلاد كثيرة ثورات من أجلها أو أي منها كهدف ونذكر منها (فرنسا) التي صمم فيها شعار التعاون. ومن أهم معاني الشعار:
(1) تمييز المؤسسات التعاونية بعلامة واضحة كعلامة تجارية تسجل عند السلطات الحكومية ويتم التعامل بها في المكاتبات والعقود.
(2) إن المنشأ التعاونية التي تحمل الشعار أنشئت وفقاً لضوابط ولها أهداف ومبادئ
(3) أن المنشأة أو المؤسسة التعاونية التي تحمل الشعار تتميز بأنها مشهرة وأهدافها معلنة ولها رأسمال ومؤسسين . ارتضوا النظام التعاوني ولها نظام إداري ومالي ومحكومة بلوائح وقوانين، وتعمل في ظل شعار لتحقيق أهداف مشروعة، وملتزمة بالمبادئ التي يشير إليها الشعار
(4) وبعد ذلك كله فإن الشعار يتمشى أو يتميز بميزات كل أفكار المجتمعات علي اختلافها فكل مجتمع بشري يجد فيه التفسير الذي يرضي تطلعاته المعنوية والاجتماعية والاقتصادية .
الشعار التعاوني ووحدة وتكامل الحركة التعاونية "إتِّحاد وخِدْمَة وتَمْثيل التعاونياتِ حول العالم"، هو شعار الحلف التعاوني الدولي (ICA www.ica.coop ) الذي تأسس في 1895، وهو شعار يصور حمائم السلام يخرج من قوس قزح - رمز الحركة التعاونيه ويمثل وحدة عضوية الحلف المتنوعة وقد صممت أصلا للاحتفال بالمؤتمر المئوي للحلف عام 1995. وهو منظمة مستقلة ، وغير حكوميه تمثل التعاونيات في العالم. وهي اكبر منظمة غير حكوميه في العالم. اعضاء الحلف من المنظمات العاملة في كل القطاعات بما فيها الزراعة النشاط المصرفي ومصائد الاسماك والصحة والاسكان والصناعة والتأمين والسياحة والتعاونيات الاستهلاكيه. حاليا ، يمثل الحلف 220 عضو منظمة من 95 بلدا تمثل اكثر من المليار شخص فى جميع انحاء العالم. للحلف اولويات وانشطه تركز على النهوض والدفاع المشترك للهوية التعاونية والتعبير عنها بصورة صحيحة، وضمان خلق تعاونيات قوية وفاعلة معترف بها من خلال تفعيل قدرتها على المنافسة في السوق.
الحلف يثير الوعي بالتعاونيات وفاعليتها ويساعد الافراد والسلطات الحكوميه والمؤسسات الاقليمية والدولية المشاركين علي فهم النموزج التعاوني الصحيح ويمهد لتوطيد السياسة الصحيحه توجد بيئة مناسبة لتمكين التعاونيات من اجل ان تنمو وتزدهر. وهو صوت الحركة التعاونيه الذي يساعد اعضائها في الضغط من اجل تشريعات جديدة وأكثر ملاءمة للاجراءات الاداريه التي تحترم الحركة التعاونية ومبادئها وقيمها، من خلال تقديم الدعم اللازم فضلا عن الخبرة التقنيه لتمكين التعاونيات من التنافس على اساس متكافئ. ويزود الحلف اعضائه الرئيسيين المعلومات ، وأفضل الممارسات والاتصالات، من خلال منشوراته المختلفة كما ينظم الاجتماعات وحلقات العمل لمعالجة القضايا الرئيسية التي تؤثر على التعاونيات ويتيح مناقشة التعاون بين المشغلين من جميع انحاء العالم. إضافة الي ذلك يسهل الحلف الاتصالات بين التعاونيات لاغراض تجارية ، وتبادل معلومات الاستخبارات فى طائفة واسعة من المجالات ، وبتقديم المساعدة التقنيه الى التعاونيات من خلال برنامجها الانمائي، وتعزز بناء القدرات والدعم المالي ، وتسهل ودعم خلق فرص العمل والحد من الفقر وبرامج تمويل المشاريع الصغيرة في جميع انحاء العالم.
ألوان الطيف تعبر وتدل علي الآتي : اللون الأصفر يمثل التحدي والاحمر يرمز للشجاعه. البرتقالي عرض لرؤية الاحتمالات والتوقعات المستقبلية، الاخضر يمثل النمو- لنمو في حجم العضويه وفهم اهداف وقيم التعاون. السماء الزرقاء تقترح آفاق بعيدة ، والحاجة الى توفير التعليم ومساعدة التعساء والسعي نحو الوحدة العالمية. كما الكحلي يوحي بالتشاؤم ، يذكرنا بأقل الناس حظا في العالم الذين هم في حاجة الى الاستفادة من التعاون، أما البنفسج فهو لون الدفء والجمال والصداقه.
إن التعاون نظام لتحرير الاقتصاد وإطلاق للقوى المنتجة من عقالها وهو يمكن أن يكون الدواء الناجع لعلاج الكثير من المشكلات اليومية للسوق التي أصبحت اليوم مشكلات مزمنة بل أدت إلى اختناقات تموينية متوالية وفي آخر الأمر إلى ضائقة الغلاء. أن الحركة التعاونية بما يمكن أن نضيفه من ثقافة جديدة في الوعي الزراعي والتجاري والإنتاجي، وبما تثري به المواطن من تجارب في المجالات الاقتصادية, وبما تبتدع من وسائل علمية لتطوير الإنتاج والعلاقات الإنتاجية، وبأثرها السلوكي على البناء القومي للمجتمع فإنها وسيلة حية لتعليم الشعب وتربيته. فالشعوب تتعلم بالممارسة وهي تتعلم أسرع عن طريق العمل الجماعي وبصفة خاصة عندما تكون وسيلة العمل الأساسية هي الديمقراطية التعاونية التي تتيح للأعضاء حرية التعبير عن الرأي وتساعد على التوصيل للقرارات الرشيدة عن طريق الحوار الهادف ثم هي تشعر الأعضاء بأنهم يصنعون مستقبلهم بأفكارهم وتخطيطهم ومجهودهم في العمل مما يجعل الوحدة في الفكر وفي العمل شاملة للتخطيط والتنفيذ.
يتوقف نجاح الجمعيات التعاونية إلى حد كبير علي مدى دقة وشمول عمليات البحث أو الدراسة التي قد تسبق عملية تكوينها أو إنشائها، فكلما تعددت النواحي التي تمسها عمليات البحث أو الدراسة من ناحية، وكلما كانت الدقة والأمانة هما رائداً القائمين بالإشراف علي هذه العمليات أو تنفيذها من ناحية أخرى، كلما أمكن تجنب الكثير من الأخطاء , والقضاء علي الكثير من العوامل الهدامة، التي تسببت فيما مضي في فشل عشرات، بل مئات الوحدات من الجمعيات التعاونية . ولا تقتصر النتائج السيئة لفشل العمل التعاوني علي مجرد الخسارة المادية أو الأدبية التي قد تلحق بالأعضاء المعنيين به بصورة مباشرة فحسب، بل أنها كثيرا ما قد تتعدي ذلك أيضاً إلى إشاعة جو من عدم الثقة في مدي قدره التعاونيات علي تحقيق أهدافها، ومن شأن مثل هذا الأمر أو ذاك أن يؤدي في النهاية إلى عزوف الأفراد أو الهيئات، عن مساندة الحركة التعاونية أو تعضيدها من ناحية، تماماً كما وقد يؤدي كذلك أو بالمثل إلى نجاح التجار أو الوسطاء الرأسماليين، في التشهير أو التنديد بقدرتها من ناحية أخرى.
إلى ذلك تُقدّم التعاونيات مدخل فريد من نوعه للمواطنين الأكثر فقراً الذي يبحثون عن الخدمات الاجتماعية الأساسية كالخدمات الصحية، وتأمين العناية بالأطفال وحضانات الأطفال، والاهتمام بالمسنّين وخدمات المجتمع المحلي كتوفير المياه الصالحة للشرب وتنمية الثروة الحيوانية إلي غيره من الخدمات الأخرى، تحديداً في البلدان النامية (مثال لذلك منطقة حزام الصمغ العربي كما في السودان الآن). وتستطيع التعاونيات أن تؤمّن أيضاً جسراً يصل الأشخاص العاملين حالياً في المجال الزراعي، من خلال زيادة قدرتهم على المشاركة في عملية صنع القرار، والتفاوض حول الشروط والأسعار التي تحقق أكبر عائد ممكن.
ويؤكد الحلف التعاوني الدولي ICA علي توصية منظمة العمل الدولية كأداةً قيّمةً وفي هذا السياق يقول آيان ماكدونالد الخبير العالمي للحلف التعاوني الدولي ICA "إنّها المرة الأولى منذ زمنٍ بعيدٍ التي عملت فيها منظمة دولية بمكانة منظمة العمل الدولية على صياغة سياسة رسمية نظامية". وهو يعتبر أنّ مهمّته الآن تتمثّل بالمساعدة على نشر الرسالة التالية: "البراعة تتمثّل بلفت انتباه الحكومات إليها". وتعتبر هاتان المنظمتان العالميتان من أهم المنظمات التي تقدم الدعم و المساعدة إلي التعاونيات في مختلف أرجاء العالم وفقا للمبدأ التعاوني الأصيل "التعاون بين التعاونيات". هذا إلي جانب بعض المنظمات الأخرى، مثل منظمة الأغذية والزراعة FAO، وصندوق التنمية الزراعية IFAD، المنظمة العربية للتنمية الزراعية التابعة لجامعة الدول العربية.
فلقد حدد برنامج مكافحة الجوع في منظمة الأغذية والزراعة FAO الأعمال الرئيسية التي ينبغي تنفيذها على المستوى الدولي وبواسطة البلدان ذاتها لتحقيق هدف مؤتمر القمة العالمي بخفض أعداد من يعانون من نقص التغذية المزمن بمقدار النصف بحلول عام 2015 .ويعتبر تعزيز البحوث والإرشاد في القطاع الزراعي من بين المواضيع الخمسة الرئيسية التي وضعها البرنامج لتحقيق هذا الهدف.أما المواضيع الأربعة الأخرى التي تحظى بالأولوية فهي (1)تحسين الإنتاجية الزراعية وتعزيز سبل المعيشة والأمن الغذائي للمجتمعات الريفية الفقيرة و(2) تنمية وحماية الموارد الطبيعية(3) توسيع البنية الأساسية الريفية وزيادة قرص الوصول إلي الأسواق (4)ضمان حصول اشد الفئات احتياجا على الأغذية من خلال شبكات الأمان والمساعدات المباشرة الأخرى وينبغي النظر إلى هذه المواضيع الخمسة ذات الأولوية على أنها مترابطة ويدعم بعضها الأخر.ومن هنا ينبغي النظر إلى البحوث والإرشاد في القطاع الزراعي لا على أساس ما يقوم به من أعمال لتكوين الثروة فحسب بل وعلى ما يساهم به في الأمن الغذائي والحد من الفقر واستدامة البيئة.
إن للتعاونيات والإتحادات التعاونية خاصة الزراعية الانتاجية دور أساسي و محوري لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ، مما يمكن التعاونيات والإتحادات التعاونية الزراعية المختلفة من المساهمة في تحقيق أهداف الألفية مما يتطلب منذ الآن العمل علي عرض ما يمكن تقديمه في خطة واضحة المعالم لجهات الاختصاص السودانية و العالمية وللاستفادة من دعم هذه الجهات المرصودة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
الحركة التعاونية السودانية ... النشأة والتطور
بالرغم من الاهداف الرسمية المعلنة لإشراف الدولة ورعايتها للحركة التعاونية ، لم تتطور كمكون أصيل لإستراتيجية تنمية طويلة المدى ان ما نجحت فى حقيقة الدولة عن طريق هياكلها البيروقراطية والسياسية هو تكاثر "بروس" للجمعيات الاستهلاكية من المراكز الحضرية الاهلة بالسكان وخاصة العاصمة للتغلب على مشاكل الندرة فى السلع المحلية والمستوردة ونتج عن هذا الوضع امران ولهما ما يمكن ان نطلق علية مصطلح أبتذال الفكرة التعاونية وتحجيم الدورالاقتصادى الاجتماعى للجهد التعاونى فى أذهان الشعب ، وثانيهما شغل الجهاز الديوانى عن متابعة وتقديم الارشاد والتوجيه الفنى للجمعيات الزراعية والاكتفاء بشكل إجراءات التسجيل ومراجعة الحسابات.
بعض التعاونيون، من دون أدني ريب، يصارعون في ظروف قاهرة من أجل إثبات الهوية التعاونية وترسيخها، والدفع بالمنظمات التعاونية للقيام بدورها المنشود والمطلوب. و يتضح أثر الصراع علي الهوية بصورة عامة والهوية التعاونية بصورة خاصة ، علي مجمل أداء العمل التعاوني ، ويظهر ذلك جليا في المكتسبات التي فقدتها الحركة التعاونية السودانية ، مثل بنك التنمية التعاوني ، مباني ومقار مركز التدريب التعاوني ، تشريد الكفاءات التعاونية ، نهب الممتلكات التعاونية وبيعها بأثمان بخسة. و نحب أن نقرر هنا أن معالجة مشاكل التعاون في الإطار الحالي للهياكل الأساسية للاقتصاد السوداني لن يحرره من أسر المعوقات التقليدية المزمنة التي ظلت تلازمه وقتاً طويلاً، ما لم تحدث قفزة تتوافق مع الاسس والقيم والمبادئ التعاونية العالمية، وفي التصور والتخطيط تضع التعاون موضعاً جديداً وفريداً. يجب علي المجتمع السوداني والدولة السودانية أن تحدث تغيير فعلي وجذري يعيد ترتيب وتنظيم البنية الفوقية للاقتصاد السوداني ليعطي التعاون دوراً طليعياً وأساسياً في الحركة التنموية فإن الحديث عن إزالة سلبيات الحركة التعاونية وهدم السياسات الخاطئة التي سجنت التعاون في إطار ضيق سيكون عبثاً وطحنا بلا طحين، إذا لم يؤطر وضع التعاونيات ودورها في الدستور بصورة واضحة.
إن فشل الحركة التعاونية يعود لفرض الفكرة التعاونية فوقيا فرضاً على الناس ، ونتيجة لذلك غياب الوعي الحقيقي بالمفهوم التعاوني وماهية الجمعية التعاونية، حيث نجد أن الأعضاء قد حصلوا على المسئوليات الاقتصادية ولم يحصلوا على المشاركة الضرورية في صنع واتخاذ القرارات، وضعف الشعور بالمسئولية التضامنية.
لقد عرف الشعب السوداني ثمار تطبيقات التعاون وله استعداد لتطبيقات جديدة تقدم له احتياجاته وطموحاته في التنمية، كما أن الحكومات يمكنها الاعتماد علي تطبيقات التعاون كوسيلة للتنمية من خلال القدرات الذاتية للأفراد بجمعهم في تجمعات سكنية ، وبما يفيد في إمكانية الوصول إليهم لتقديم الخدمات مثل التعليم والصحة والإحصاء والانتخابات .. الخ. كما أن تطبيقات التعاون من مبادئها وشعارها تعلم الناس أسس الديمقراطية السليمة والحقوق والواجبات وتنمي القيم الفاضلة. إن الثروات القومية السودانية سريعة العائد إذا ما استخدمت فيها الطرق الاقتصادية المعتمدة علي التقنية الحديثة، عبر النظام الاقتصادي التعاوني لامكن إحداث التنمية بأسلوب تطبيقات التعاون الذي لا يكلف الحكومات غير الإشراف والتوجيه. فمثلا مبدأ (الباب المفتوح للعضوية) وكل مبادئها تكفل وتؤمن (الحرية والعدالة والمساواة) لهذا تتمتع الحركة التعاونية بالأمن والأمان و السلام لها وللملتزمين بمبادئها لانها تأخذ بهذا المبدأ ضمن مبادئها في المجتمع. إن العمل التعاوني يقدم خدماته للبشر دون تفرقة بينهم لأي سبب، كما إنه وسيلة واسلة وفاعلة لذوي الدخل المنخفض من استغلال امكاناتهم الضعيفة المبعثرة عبر التعاونية من أجل العيش العفيف الكريم، وتحقيق الغايات والاهداف المشتركة للشباب والحرفيين والاشخاص ذوي الاعاقة، خاصة للمرأة وبصورة أخص المرأة المعيلة. إن التعاون يهدف للبناء والإعمار والتنمية ولا يهدف أبداً إلي الحرب أو الدمار ويحقق "السلام الايجابي"، ولا ينتهز ظروف الحرب ليحقق الأرباح كما يحدث في النظم الاقتصادية الأخرى ومنها النظام الرأسمالي. تؤكد "الهوية التعاونية" علي ضرورة الحياد السياسي والديني والعرقي وعلي قيم الديمقراطية والمساواة والعدالة، وتتبلور الهوية التعاونية وتظهر في مقومات ومكونات الحركة التعاونية ومبادئها المشكلة التي تشكل الصفة التعاونية المميزة للعمل التعاوني المنظم و المتمثلة في الشعار التعاوني القِيَم التعاونية المبادئ التعاونية (مبادئ الحلف التعاوني الدولي).
الحركة التعاونية السودانية حركة شعبية عريضة حرة ديمقراطية مستقلة عالمية التوجه ، تدعو إلى التضامن وتستهدف تلبية احتياجات الأعضاء ،من خلال توفير الخدمات المختلفة بجودة عالية بسعر متوازن. الاسرة التعاونية السودانية تضم نحو 4 مليون عضو فى اطار 10 الف منظمة تعاونية، "احصائيات 2005 " وتمثل التعاونيات وسيلة لحماية محدودى الدخل من خلال تطوير الزراعة وتحقيق الامن الغذائى وتوفير السلع والخدمات الجيدة بالاسعار الملائمة ومحاولة توفير المساكن الصحية اللائقة بالشروط الميسرة وتنمية الصناعات الحرفية والثروة المائية.وعلى إمتداد 70 عاما هناك جمعيات نشيطة نجحت واخرى توقفت وتم حل مجلس ادارتها
.ورغم نجاح التعاونيات في بلدان العالم المتقدم حيث تقود الإنتاج الزراعي والانتاجي والاستهلاكي والطلابى والاسكانى والثروة السمكية ،فان الحركة التعاونية السودانية تتطلب -وفق اراء الكثير من الخبراء والمسئولين- إعادة النظر لتصحيح مسارها وتعديله نحو الأفضل.
هذه محاولة لالقاء الضوء على ما حققته من انجازات وماصادفها من عقبات عبر حوالي 7 عقود من الزمان، حيث ولدت الحركة التعاونية من رحم القطاع الزراعي وترعرعت بين المزارعين، وحظيت فى العشرينيات من القرن الماضى بعناية الدولة وكان لها دور محورى فى التنمية وتوزيع السلع المدعومة، كمستلزمات انتاج أو منتجات نهائية، بالاضافة لرعاية الانتاج الحرفى وحشد جهود ومدخرات صغار المنتجين فى مجالات الانتاج المختلفة.
وشهدت الفترة التى اعقبت الإستقلال في 1956م تغيرا جوهريا فى علاقة الدولة بالتعاونيات، والإهتمام النسبي بها، وكان التحول الأكبر بحلول نظام مايو في 1969، حيث اعتبرتها الدولة المؤسسة التى تعتمد عليها فى الاصلاح الزراعى وان الانتفاع بها يستلزم عضوية الجمعية التعاونية وجعلت الدولة وقتها من الاشتراكية الديمقراطية التعاونية، حسب ما تتدعي، خطابها وقامت بتحويل عدد من المصانع المأممة للحركة التعاونية. ونشطت التعاونيات في المجال الإستهلاكي وأغفلت الجوانب الإنتاجية والزراعية تحت سمع وبصر النظام الحاكم، والذي إرتد علي الحركة التعاونية والغي وزارة التعاون التي أنشأها وأستخدم التعاونيات كأداة من أدوات الحكومية مما أثر علي حريتها وشعبيتها وديمقراطيتها المميزة. ومنذ تلك الفترة حدث التباس فى ادراك المنظمات التعاونية كمنظمات شعبية حرة مستقلة وصارت تصنف شعبيا ورسميا على انها منظمات حكومية أو شبه حكومية واستمر الالتباس قائما حتى اليوم كما ان عمق سياسة الدعم السلعى والخدمى التى سادت حتى الان وكون التعاونيات هى الالية الوحيدة التى يتم من خلالها تنفيذ السياسة أفقد كثير من التعاونيات القدرة على المبادرة الذاتية بالتطوير وجعلت التعاونيات رهن السلطة الحكومية تسيطر عليها وتوجهها كيف ما تريد .
ومع بداية انقلاب الإنقاذ في 1989 وإتباع سياسات الخصخصة وتحرير الإقتصاد المتعجلة والغير مدروسة، تقلصت السلع المدعمة وانتهاء نظام توزيع السلع بالحصص توقف نشاط المنافذ التعاونية التى كانت قائمة لهذا الغرض وايضا ادى انتهاء التمويل الذى كانت الدولة توفره بشروط ميسرة للتعاونيات الى ضعف الوحدات التعاونية التى كانت تعتمد على التمويل الحكومي ومع تطوير بنك التنمية التعاوني الإسلامي على حساب أصول الجمعيات التعاونية ودورها فى الريف والحضر خاصة الجمعيات الانتاجية والحرفية والزراعية. حدث كل ذلك مع انفراد القطاع الخاص باهتمام الدولة فى تطبيق سياسات الاصلاح ، وانحسرت الرعاية الحكومية وظهرت تدخلات الجهات الحكومية المعنية بالتعاون في شئون التعاونيات والتى كثيراً ما امتدت الى تفاصيل النشاط التعاونى مما افقدها استقلاليتها وذاتيتها.
ساد على المستويين العالمى والمحلى الفكر القائم على مبادئ "التنمية المستدامة " والتنمية بالمشاركة ويعنى أن التنمية الاحادية سواء كانت اعتماداً على القطاع الخاص وحده أو القطاع العام وحده هى تنمية قاصرة وان التنمية المستدامة هى القائمة على الأضلاع التالية: الحكومة والقطاع الخاص والقطاع التعاوني والقطاع المختلط. فالإهتمام بالتنمية المستدامة وفق هذا التصور هو الذي يلبي إحتياجات الواقع الحالي في السودان وهو ما يجب أن نركز عليه في هذه المرحلة الحساسة بعد ثورة 19 ديسمبر. حيث تشير الوقائع الفعلية الي إن حوالي 80% من سكان السودان يعملون بالزراعة والرعي.. وتشكل الزراعة قبيل مجيء حكومة "الإنقاذ" حوالي 80% من صادرات السودان المباشرة وغير المباشرة وإليها يرجع الفضل في تحقيق حوالي50 % من دخل الحكومة وحتى بعد "الإنقاذ" لا زال دور الزراعة وأهميتها واضحا بالرغم من الإهمال الذي تجده تعتبر الزراعة المصدر الرئيسي للعملات الأجنبية من الصادرات غير النفطية حيث تساهم بنحو 95% منها. وعلي الرغم من ذلك فهناك غياب للرؤية الإستراتيجية للتنمية الإقتصادية والإجتماعية التي تعتمد علي القطاع الزراعي محركا لها ،حيث يحصل القطاع الزراعي على نسبة منخفضة من الإنفاق العام (5%عام2004) إذا ما قورنت بما تنفقه دول العالم الثالث (كالهند التي أنفقت 23-39% في العام من الميزانية العامة على الزراعة) التي حققت معدلات تنمية عالية ومستدامة. كما تشير بيانات بنك السودان أن نصيب القطاع الزراعي من التمويل التجاري تدنى حتى بلغ 11% من جملة القروض. بالإضافة إلي ضعف وتذبذب الإنفاق على البحث العلمي حيث كان نصيب البحث العلمي الزراعي 10% من حملة الميزانية العامة المخصصة للقطاع الزراعي والقطاعات الأخرى.
البدايات الأولي للتعاونيات السودانية وإنتشارها
أواخر العشرينات من القرن الماضي شهدت المحاولات الأولى لإقامة شكل تعاوني منظم، وذلك بتشجيع من حكومة المستعمر، ولا جدال في أن البدايات الأولى للحركة التعاونية السودانية كانت زراعية بظهور جمعيات التسليف الزراعي بدلتا طوكر، وبتشجيع من الحكومة لحماية المزارعين من استغلال التجار والمرابين الذين يقدمون سلفيات مجحفة لزراعة القطن الذي توسعت فيه الحكومة، والغرض الأساسي ليس حماية المزارعين ومصالحهم بل ضمان تحقيق إنتاجية عالية مع إمكانية تسويق هذا الإنتاج بما يعود بالمصلحة والدفع للحكومة، ولقد أدى ذلك إلى فشل التجربة واتجاه الحكومة إلى زراعة وإنتاج القطن طويل التيلة بمشروع الجزيرة بالتعامل مع المزارعين مباشرة دون تنظيمهم في شكل جمعيات تعاونية. في عام 1937 تكونت أول جمعية تعاونية بمبادرة شعبية سميت بالشركة التعاونية توالت بعدها التعاونيات في المديرية الشمالية ثم ظهرت أول جمعية تعاونية بمشروع الجزيرة بقرية ودسلفاب لطحن الغلال واستجلاب الجرارات والمحاريث وكان ذلك في عام 1944، وفي العام 1948 اتخذت الحركة التعاونية شكلها القانوني اثر المذكرة التي قدمها المستر كامل للإدارة البريطانية معلنة صدور أول قانون للتعاون بالبلاد، والذي اكتمل في العام 1952. لقد ركز هذا القانون على الجانب الاقتصادي أكثر من الجانب الاجتماعي(28) ، لذلك ولعدة أسباب أخرى لم ينل هذا القانون ثقة الحركة التعاونية الوطنية، فعلى الرغم من أنه في العام 1948 نفسه قد شهد تسجيل أول جمعية تعاونية وهي جمعية ودرملي التعاونية الزراعية، إلا أن ما تم تكوينه من جمعيات تحت هذا القانون قليل ، بالإضافة لقلة وضعف العضوية ومن ثم ضعف أثر التعاونيات اقتصادياً واجتماعياً.
في نهاية السبعينيات ظل القطاع المطري والقطاع التقليدي الهام خارج قطاع التعاون ودائرة التمويل المؤسس وتركزت التسهيلات الائتمانية للبنك الزراعي على المستثمرين من قطاع الزراعة المطرية الآلية، وبدرجة أقل من مشاريع الدولة بالقطاع المروى وفى الزراعة النيلية الصغيرة . وعند ولوج التمويل المؤسس لهذا القطاع ارتبط ذلك باستقطاب العون الأجنبي .
ومنذ ثمانينات القرن الماضي واجه القطاع التعاوني تنافساً شديداً من القطاع الخاص ليس فقط بالنظر إلى الموارد الذاتية للقطاع الأخير بل بقدرته على الحصول على الأموال العامة المخصصة للقطاع التعاوني والتغول على الأموال التعاونية ، ثم كانت الطامة الكبرى في اغتيال الحركة التعاونية بقيام "الإنقاذ" في 1989 م. ولاتزال الغالبية العظمى من الجمعيات القاعدية وهى أساس الحركة التعاونية والوحدة الأساسية التي تبدأ منها تعبئة – الموارد وينبغي إن تكون مصب الخدمات والمدافع ، تشكو من توفر التمويل المؤسس على مستواها المحلى ، وسواء عبر تنظيماتها الثانوية أو مباشرة. بالرغم من الأهداف الرسمية المعلنة لإشراف الدولة ورعايتها للتعاون لم تتطور الحركة التعاونية كمكون أصيل لإستراتيجية تنمية طويلة المدى ، وكانت النتيجة تكاثر "بروس" للجمعيات الاستهلاكية في المراكز الحضرية الآهلة بالسكان وخاصة العاصمة للتغلب على مشاكل الندرة في السلع المحلية والمستوردة ونتج عن هذا الوضع أمران ولهما ما يمكن أن نطلق علية مصطلح ابتذال الفكرة التعاونية وتحجيم الدورالاقتصادى الاجتماعي للجهد التعاوني في أذهان الشعب وبالتالي طمس "الهوية التعاونية" وإضعافها، وثانيهما شغل الجهاز الديواني عن متابعة وتقديم الإرشاد والتوجيه الفني للجمعيات الزراعية والاكتفاء بشكل إجراءات التسجيل ومراجعة الحسابات. لقد منح قانون سنة 1973م الجمعيات التعاونية إعفاءات من بعض الضرائب والرسوم كما منحها العديد من المزايا دعما وتشجيعاً لها ولكن الإعفاءات والمزايا جاءت بصورة مطلقة ودون الأخذ في الاعتبار وجود قوانين ونظم أخرى تتعارض معها. ولهذا ظل بعضها حبراً على ورق ولم يجد طريقة للتنفيذ لهذا نقترح استصدار قرار سياسي بإعفاء الجمعيات التعاونية من جميع أو بعض الضرائب والرسوم والعوائد وتأكيد المزايا المتعلقة بمنح أي جمعية تخفيضاً في أجور النقل بواسطة وسائل النقل التابعة للدولة وتخفيضاً بنسبة 5% من إثمان البذور والتقاوي والأسمدة والمبيدات ومستلزمات الإنتاج , وكذلك الأفضلية في المعاملات وفى الحصول على قطع الاراضى اللازمة لإغراضها وفى إسناد الأعمال والخدمات الخاصة بالوحدات الحكومية ومؤسساتها للتعاونيات، و إعطاء أفضلية لتوزيع السلع التموينية لكسر حدة السوق السوداء وتركيز أسعار السلع خاصة الضرورية . لقد كانت البدايات الأولى للحركة التعاونية السودانية، زراعية في شكل تعاونيات تخدم صغار المزارعين بالريف (جمعية ود رملي التعاونية الزراعية سنة 1942م وجمعية ودسلفاب التعاونية الزراعية سنة 1944م وقد حققتا نتائج طيبة لمسها المواطنون في تلك المناطق). وتكون اتحاد الحصاد الآلى لجنوب الجزيرة فى 15/6/1960م وتم تسجيله تحت الرقم 1200 بعضوية تسعة جمعيات تعمل فى هذا المجال برأس مال قدره( 29,006,184 ) جنيه وذاك لمواجهة الصعوبات والمشاكل التى تجابه المزارعين فى حصاد محصولاتهم وقد بدأ بملكية تسعة حاصدات ماركة " كيس " موزعة على جمعيات التفاتيش، حمد النيل ، حاج عبدالله الرميتاب 2 حاصدة لكل و حصدة واحدة لكل من تفاتيش فحل الغبشان وود نعمان. وقد بدأ بستة حاصدات وتدرج حتى وصل الى ثلاثة وعشرين حاصدة ، تم شرائها من البنك الزراعى بلغت السلفية ( 128,622,200 ) جنيه وقد بلغت فوائد السلفية ( 54,026,400 ) وبذلك وصلت فى 30/6/1977م مبلغ ( 182,688,600 ) جنيه سدد منها فقط مبلغ ( 49,909,397 ) جنيه وهو مبلغ كما تلاحظون اقل من الفوائد على اصل السلفية كما انه يعادل نسبة 38,8% من اصل السلفية وفى موسم 74/1975م آبان تولى السيد صادق أحمد بدرى مهام محافظ مشروع الجزيرة ولإرتباطه التاريخى بهذه الحاصدات فقد وجه بأن تقوم ادارة مشروع الجزيرة بمهام صيانة وتشغيل الحاصدات فى ذلك الموسم وبلغت تكلفة الصيانة والتشغيل لموسم واحد ( 87 الف جنيه ) الامر الذى أثقل كاهله واقعده نهائياً عن أداء أعماله. فى 15/3/1968م بدأ إتحاد الحصاد الآلى لشمال الجزيرة عمله بعضوية (26) جمعية تعاونية للحصاد الآلى فى تفاتيش مختلفة شملت أقسام الشمالى والشمالى الغربى ووادى شعير والمسلمية والقسم الأوسط بعضوية بلغت 18 الف مزارع ، وقد بدأ هذا الإتحاد أعماله بنفسه منذ ذلك التاريخ بعد ان كانت حاصدات الجمعيات تدار بواسطة شركة الحاصدات الزراعية ، وقد إنتقلت مديونية هذه الجمعيات للإتحاد الوليد وقد بلغت حوالى (36) الف جنيهاً ، وقد بدأ الإتحاد أعماله مركزاً على إدارة مشروع الجزيرة كضامن لعمليات الحصاد والبنك الزراعى كممول لها ثم بنك الشعب التعاونى . وفى عام 1970م بلغت جملة الحاصدات التى يديرها هذا الإتحاد (48) حاصدة ثم تقلصت الى (43) فى عام 1974م والسبب التقادم وعدم وجود قطع الغيار، طلب الإتحاد فى عام 1976م تغيير (26) حاصدة منها (14) ماركة ( كلاس ) ممولة من البنك الزراعى ، و (12) حاصدة روسية ممولة من بنك الشعب التعاونى الا انهما لم يوافقا على ذلك ، كما لم يوافقا على بيعها ولنفس الأسباب تقلص عدد الحاصدات العاملة فى عام 1976م ال (17) حاصدة فقط ، ثم تكرم البنك الزراعى بعده بعدد (5) حاصدات جديدة فى ذات العام مما رفع عدد العامل منها الى (22) حاصدة .
فى موسم 61/1962م بدأت فكرة إنشاء جمعيات لتسليف وتسويق الفول السودانى بجمعية واحدة بتفتيش درويش بغرض محاربة عمليات الشيل وايجاد سعر مجزى للفول السودانى . وبنجاح هذه الجمعية تناقل المزارعون الفكرة وتزايد عدد الجمعيات حتى أصبح فى موسم 64/1965م عدد (53) جمعية تعاونية على إمتداد مشروع الجزيرة والمناقل وذلك وفقاً لتوجيهات إدارة مشروع الجزيرة بتعميم هذا النوع من الجمعيات . ومن هنا بدأت فكرة تكوين إتحاد يضم هذه الجمعيات المنتشرة على نطاق التفاتيش بالجزيرة والمناقل حتى يسهل تعامله مع البنك الزراعى الذى رفض التعامل مع الجمعيات منفردة . وقد تم تكوين الإتحاد وتم تسجيله تحت الرقم (798) بتاريخ 25/3/1965م ، بدأ الإتحاد يمارس نشاطه فى تمويل عمليات زراعة الفول السودانى وتسويقه . كان لقيام الإتحاد أثره الفعال فى رفع وتنشيط عمليات زراعة الفول السودانى بالمنطقة المروية حيث بدأ الإقبال على زراعة هذا النوع من المحاصيل نتيجة للتحسن الذى طرأ على أسعاره بعد قيام الإتحاد إذ إرتفع سعر الجوال الى واحد جنيه بدلاً من خمسين قرشاً عندما كان يباع للتجار مما أدى الى زيادة دخول المزارعين وتحسين أوضاعهم المعيشية وكنتيجة لهذا التحسن فى دخول المزارعين فقد طرق الإتحاد مجالات اخرى لتطوير الزراعة وتوفير الجهد للمزارع ، ووفق فى ذلك بشراء حاصدات بقرض من البنك الزراعى تم توزيعها على بعض الجمعيات بأسمائها ولم يتم تمليكها لهذه الجمعيات اذ ان البنك الزراعى قد اشترط فى عقد التمليك ان تدفع الجمعية (20%) من قيمة الحاصدات . ظل الإتحاد يمارس نشاطه فى عمليات تسويق وتسليف محصول الفول السودانى وقد صاحب هذه الممارسات بعض السلبيات التى أدت الى إنهيار الإتحاد وتوقفه عن العمل ومن أبرز العوامل التى أدت الى فشل الإتحاد والقعود به عن أداء واجبه سوء الاعداد والتاسيس والتكوين الصحيح للاتحاد وضعف الوعي التعاوني لدي التعاونيين والمزارعين
وفي العام 1993تم تكوين الاتحاد التعاوني الحرفي بولاية الخرطوم بعدد (7)جمعيات بالمحافظات الثلاثة الخرطوم وام درمان والخرطوم بحري وتواصلت مسيرة الجمعيات حتى وصلت إلى عدد (27)جمعية تعاونية حرفية بولاية الخرطوم وتم تكوين اتحاد تعاوني بولاية النيل الأبيض بعدد(4) جمعيات وكان من الممكن للاتحاد تكوين نواه لقيام اتحاد تعاوني مركزي للحرفيين بالسودان وكنه لم يفعل.
الجدير بالذكر أنه في المجال الزراعي بلغت نسبة التعاونيات الزراعية 59% في العام 52-1953 من إجمالي العدد الكلي والتعاونيات الاستهلاكية 3% فقط، ولكن منذ العام 55-1956 انقلبت وأصبحت النسبة 34% للتعاونيات الاستهلاكية وتقلصت نسبة التعاونيات الزراعية إلى 48%. على أن القفزة الكبرى فيما يتعلق بالكم دون الكيف، كانت في منتصف السبعينات إبان الحكم المايوي.. حيث تضاعفت في العام 1975 عدد التعاونيات إلى 9 مرات عما كانت عليه في العام 54-1955 وتضاعفت العضوية 14 مرة ثم توالى التضاعف في العام 79-1980 ليصل عدد التعاونيات إلى 4868 جمعية تعاونية بعد ما كان 2135 عام 1975، ثم قفز العدد إلى 8332 عام 1993 ثم إلى أكثر من 9000 جمعية عام 1995 وبلغ عدد التعاونيات الاستهلاكية حوالي 80% من إجمالي العدد الكلي للتعاونيات السودانية (عدد الجمعيات حتي 2007 حوالي 10000 جمعية تعاونية).
و لقد تم منذ الإستقلال وضع الكثير من الخطط والبرامج والسياسات الهادفة لتنمية القطاع التعاوني ولكن لم يكتب لهذه الخطط إلا نجاحاً محدوداً وذلك لعدة أسباب أهمها ، عدم الإسقرار السياسي، وإتباع منهج التنمية من أعلي إلي أسفل دون الإهتمام بالمشاركة الفاعلة لاصحاب الحق من المواطنين والمعنيين بالتنمية في تحديد الأولويات وإعداد برامج التنمية وتنفيذها، بالاضافة الي المشاكل والمعوقات التي تواجه الحركة التعاونية من داخلها مثل الفساد وضعف الوعي والتدريب وسوء الادارة.
لعل من أبرز الأسباب التي أدت إلي تدهور التعاونيات وبخاصة التعاونيات الإنتاجية والزراعية، وبصورة أخص في القطاع المطري والتقليدي، إغفال الدولة "للهوية التعاونية" وللدور الحيوي والبارز للتعاون بعدم ذكر التعاونيات في خطط وبرامج التنمية , بالإضافة إلي المشاكل المتعلقة بعدم استخدام التكنولوجيا الزراعية والاعتماد في الغالب علي التكنولوجيا المستوردة والتي كثيرا ما لاتكون ملائمة للواقع السوداني. والحقيقة إن الحركة التعاونية نشأت في الزراعة ثم أصبحت بشكل متزايد استهلاكية التوجيه وتجنح للتمركز في المراكز الحضرية، "فالهوية التعاونية" ريفية زراعية تضامنية وإنتاجية التوجه وبالرغم من ذلك فالتعاونيات الزراعية محدودة الأثر في الإنتاج والمنتجات والمدخلات الزراعية وفى التصنيع الزراعي ، و تواجه مشاكل ومعوقات كثيرة ، وخير مثال لذلك التعاونيات الإنتاجية الزراعية المنضوية تحت الإتحاد العام النوعي التعاوني لمنتجي الأصماغ الطبيعية.

تقنين الحركة التعاونية السودانية
أن الحركة التعاونية وضعت في قطاع الخدمات تركيزا علي نشاطها الاستهلاكي مما قاد الي إهمال نشاطها الإنتاجي ولقد أدي هذا الوضع الشاذ الي التركيز علي الجانب الاستهلاكي للتعاونيات وأفقدها علاقاتها مع القطاعات الأخري، فالواقع التعاوني يؤكد عدم وجود صلات حقيقية واضحة للحركة التعاونية بقطاع الصناعة بالرغم من وجود التعاونيات الحرفية، وصلتها بقطاع الزراعة ضعيفة بالرغم من أنها تضم تعاونيات زراعية منتجة، هذا قبل ظهور "الإنقاذ" أما بعدها فقد التعاون وخاصة التعاون الزراعي حتي تلك الأهمية النسبية التي كان يتمتع بها سابقا.
بدأ التشريع التعاوني بصدور قانون التعاون لسنة 1948م اهتم بالعمل التعاوني مركزاً علي الجوانب الإدارية والمالية للجمعيات التعاونية عبر فصوله التي تناولت تكوين الجمعيات من دراسات الجدوى والتصديق علي قيامها والتسجيل وطرق جمع الأموال من المساهمين وإيداعها في المصارف وبداية العمل وتكوين مجالس الإدارات وانعقاد الجمعيات العمومية وطرق إدارة الجمعيات العمومية والنصاب القانوني – ومهام وواجبات أعضاء الجمعية ومجلس الإدارة – والدفاتر والارانيك التي تضبط العمل الإداري والمالي – وصلاحيات مسجل الجمعيات التعاونية وأنواع الجمعيات التعاونية – وإعداد الحسابات الختامية لها وعرضها علي مجالس إداراتها .
واعتباراً من عام 1972م تمت عدة تعديلات لقانون التعاون 1948م ولم يتحقق له أي نوع من الاستقرار والاستمرارية للتشريع التعاوني في السودان وفي عام 1973م صدر قانون الجمعيات التعاونية والذي منح التعاونيات اعفاءات من بعض الضرائب والرسوم كما منحها العديد من المزايا دعما وتشجيعاً لها ولكن الاعفاءات والمزايا جاءت بصورة مطلقة ودون الاخذ فى الاعتبار وجود قوانين ونظم اخرى تتعارض معها ولهذا ظل بعضها حبراً على ورق ولم يجد طريقة للتنفيذ.
لقد أجريت العديد من التعديلات علي التشريع التعاوني، وكانت التعديلات دائماً تتم بحجة المواكبة أو الأخذ بالمستجدات في تطور الحركة التعاونية السودانية في نواحي عديدة منها تغيير حجم التكوينات التعاونية سواء من حيث رؤوس الأموال أو الأهداف ومنها دخول العمل التعاوني مجالات جديدة وكان اخطر هذه التعديلات ما تم في عهد الانقاذ بفصل ادارات التعاون الولائية بتبعيتها الي الوالي عن الادارة الاتحادية العامة للتعاون . وتناولت التعديلات فيما تناولت شكل البنيان التعاوني وتغييره أكثر من مرة – وكيفية تنظيمه ومهامه – ومنح الجمعيات التعاونية امتيازات أو إلغاء هذه الامتيازات ومدي اعتبار أموال الجمعيات أموال عامة، وتحديد الحد الأدنى لعضوية وأسهم الجمعية التعاونية وسحب سلطات مسجل الجمعيات التعاونية إلي الولايات من رئاسة الديوان الحكومي بالخرطوم وتفويضه لوزراء المالية في الولايات. أن أهم التعديلات التي تمت علي قانون التعاون لسنة 1948م ليس فيها تعديل يتمتع بالحجة المقبولة إلا تعديل سنة 1972م . أما ما عداه من تعديلات فهي تعديلات سريعة ومتلاحقة وهي قد تمت في السنوات (1975م) و (1976م) بعد نحو عام و (1990م) و (1999م).
ومن المطلوب قانون موحد حاكم وشامل قابل للاستمرارية لكي لا يحدث إرباك للعمل التعاوني وينطلق من مبادئ التعاون والأهداف القومية للتنمية، فلقد كانت الجمعيات التعاونية الاستهلاكية تدار ببعض أعضاء مجالس الإدارة أو بعض العاملين باعتبار أن المهام شراء وبيع وحسب، ولكن أصبح الشراء والبيع علماً نفذ من صدور الخبراء إلي بطون الكتب وفي الأكاديميات وأصبحت الإدارة وفروعها علم يدرس في الأكاديميات والجامعات وبرزت الإدارة العلمية والإدارة الأجيرة واستخدمت بشكل واسع خاصة في الاقتصاد الرأسمالي الذي يعتمد الحرية والبقاء للأقوى وأحد أهم أسباب القوة الاعتماد علي الإدارة العلمية .
وهذا يفسر سبب تعثر كثير من المنظمات التعاونية .
قانون التعاون 2020السمات العامة ومبررات مشروع تعديل قانون التعاون 1999
"حرية سلام وعدالة والثورة خيار الشعب، هذا الشعار العملي الملهم يتوافق مع شعار " تعاونيات من أجل العمل اللائق" ويؤكد بأن المجتمع السودانى الآن فى حاجة ماسة الى حركة تعاونية قوية فعالة، وأن وحدات الحركة التعاونية بكافة أنشطتها، أصبحت أمام حاجة ملحة لاعادة هيكلتها وتطوير تشريعاتها وأساليب نشاطها وتبنى بدائل تمويلية جديدة لهذه الأنشطة بحيث يصبح الشباب في قمة أجهزتها التنفيذية، وبذلك يصبح الشعار أيضا: حرية سلام وعدالة والتعاونيات خيار وقرار الشعب. إننا نؤكد بأن الحركة التعاونية السودانية تحتاج لثورة في المفاهيم وتطبيق العديد من السياسات والبرامج والأطر التنظيمية والتشريعية الملائمة، وتنمية قدراتها البشرية الشعبية والرسمية التنفيذية بما يمكنها من التحرك بتنافسية مع القطاعات الاخرى لخدمة المجتمع السوداني وتحقيق طموحاته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفقا للشعار الملهم: "حرية سلام وعدالة والتعاونيات خيار وقرار الشعب" عبر إستراتيجية فاعلة للحركة التعاونية السودانية في إطار المنظومة التعاونية العالمية لنصل الي نموذج اقتصادي تنموي لتحقيق العدالة الاجتماعية.
وعبر التشريعات التعاونية وقانون للتعاونيات مواكب ومتطور ، يمكن للتعاونيات أن تساهم بفاعلية في نجاج خطط وسيايات الدولة وتثبيت وتطبيق مبدأ المجتمع يقود الدولة أي التنمية من أسفل الي أعلي، خاصة في ظل التحديات الهائلة التي تواجه السودان الآن وبصورة أخص فيما يتعلق بتحقيق العدالة الاقتصادية والأجتماعية. ولما كانت التعاونيات بمختلف أنواعها في العصر الحديث تؤدي أدواراً كبيرة في تنمية وتطوير المجتمعات الانسانية وتحقيق السلام الإيجابي، فلا بد من تشريع تعاوني مواكب يمكن القطاع التعاوني من أن يأخذ مكانته الاصيلة في الاقتصاد الوطني، عبر التعاونيات المؤسسة بالصورة الصحيحة، والتي يتم إنشاؤها وفقا لأسس المشروع التعاوني السليم، ووفقا لقيم ومبادئ التعاون العالمية.
ويحدد القسم الثاني من توصيه منظمه العمل الدوليه رقم 193 بعنوان " إطار السياسات ودور الحكومات" بوضوج دور الجكومات ففي الماده 6 جاء ما يلي:- (ضمان الاطار المؤسسي للتسجيل، السماح للتعاونيات بإنشاء احتياطات مناسبه، النص علي اعتماد تدابير للاشرا علي التعاونيات التي تحترم استقلاليتها، تسهيل عضوية التعاونيات في الهياكل التعاونية، وتشجيع وتطوير التعاونيات كمؤسسات مستقلة وذاتية الادارة.)
كما تؤكد وثائق الحلف التعاوني الدولي ICA ومنظمة العمل الدولية ILO علي ضرورة تاسيس نظام تشريعي تعاوني بقانون للجمعيات التعاونية، يمكن من إنشاء وتأسيس التعاونيات لمسايرة المتغيرات العالمية السريعة المتلاحقة والتأكيد علي دورها العالمي في مواجهة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية. وتري منظمة العمل الدولية ILO في ظل البيئة التشريعية التي توفرها الدولة، أن التعاونيات تستطيع استيعاب المتطلبات الخاصة بالأفراد في كل المجالات وتوفيرها بصورة أفضل عبر المشروعات التعاونية الجماعية. كما أثبتت التجارب العالمية إن التشريعات التعاونية وقوانين التعاون تزيد من فعالية التعاونيات في التغيير الي الأفضل مما يعزز دورها على حد سواء لكل فئات المجتمع وفي كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية خاصة الشباب والمرأة والحرفيين والاشخاص ذوي الاعاقة. وذلك لأن التعاونيات "المشروع التعاوني" يوفر أمكانية ترسيخ النموذج التعاوني القائم على الحوكمة، وأيضا علي الملكية والإدارة المشتركتين من خلال حماية الاعضاء المشتركين في تأسيس وأدارة المشروع وتحقيق الأهداف بصورة أفضل من العمل الفردي.
فى عام 2002 أقر مؤتمر العمل الدولي التوصية رقم 193 التي تذكر بأنه ينبغي تعزيز التعاونيات باعتبارها أحد أعمدة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والوطنية والدولية، والأعتراف بأدوار التعاونيات في الاستجابة لتلبية احتياجات أعضائها واحتياجات المجتمع بما في ذلك ذوى الاحتياجات الخاصة بغية تحقيق مشاركتها الاقتصادية واندماجها الاجتماعي، كما أثبتت الخبرة العملية العالمية قدرة التعاونيات على تحقيق أهداف المساهمين في المشروع التعاوني وتطوير تلك الاهداف وتوفير فرص العمل اللائق لكافة فئات المجتمع، خاصة الشباب والمرأة وبالاخص المرأة المعيلة، وبذلك تصبح التنمية بالانسان ومن أجل الأنسان.
الخلاصة، أن التأسيس الجيد والسليم للتعاونيات الذي يعتمد علي تشريع تعاوني أصيل ومواكب سوف ينقل المجتمع من الظاهرة السلبية المتمثلة في تلقي الإعانات وإنتظارها، بالتحول الي أكتشاف الذات وقدراتها وأمكاناتها وتوظيفها توظيفا جماعيا واستغلالها الاستغلال الأمثل لفايدة المجموعات والافراد والمجتمع ككل.
لقد جاءت هذه التعديلات لقانون التعاون 1999م بناءا الرؤية والرسالة والقيم والمبادئ الآتية:-
الرؤية : تكوين نموذج تعاوني سوداني أصيل بمعايير ومقاييس تعاونية عالمية
الرسالة : تفعيل و مشاركة المجتمع السوداني في تكوين حركة تعاونية ذاتية ديمقراطية مستقلة لتحقيق اهدافها الاقتصادية و الاجتماعية في اطار الرؤية التعاونية العالمية، وترسيخ ثقافة العمل التعاوني القائم على الاعتماد على الذات والعمل الجماعي وتكاتف الجهود والموارد وصولاً إلى المساهمة الفاعلة في التنمية المستدامة.
القيـــم: الإستقلالية والاعتماد على الذات، الديموقراطية، المساواة، التضامن، الشفافية، مع الإيمان بالقيم الأخلاقية النبيلة.
المبادئ: المبادئ التعاونية العالمية السبعة لعام 1995م
الاهداف
1.نشر الفكر و الثقافة التعاونية بين الجمهور و اعداد و تاهيل التعاونين و غير التعاونين بالتوعية و التثقيف و التعليم و التدريب و بناء القدرات.
2.خلق مجتمع تعاوني مترابط عبر تعاونيات نموذجية في كافة المجالات.
3.المساهمة في تحقيق العدالة الاجتماعية و الاقتصادية في اطار مبادئ التنمية المستدامة و المحافظة علي البيئة
4.الحرص و الالتزام علي تطبيق القيم و المبادئ التعاونية العالمية
5.ادخال الفكر التعاوني ضمن المناهج المدرسية في جميع مرحال التعليم
6.دعم المرأة و الشباب و الحرفيين عبر التنظيمات التعاونية لتفعيل دورهم في المجتمع
7.وحدة التعاونيات السودانية بمختلف انواعها و مستوياتها من القاعدة للقمة، والتشبيك بينها علميا، تطبيقا للمبدأ التعاون العالمي ( التعاون بين التعاونيات)
مبررات التعديل
1- تهدف التعديلات المقترحة علي قانون 1999م الي تأطير رعاية الدولة للتعاونيات في التأسيس الجيد والسليم للتعاونيات لتقوم على فكرة الاعتماد على النفس والجهود الذاتية والتضامن والعون المتبادل ، وقادرة على أن تصبح بعد فترة معينة تنظيمات تباشر أعمالها بنفسها بحيث تتجه الاجراءات الحكومية نحو خلق المقدمات الاقتصادية والاجتماعية الضرورية لترجمة هذه الفكرة الى واقع عملي .
2- تركز التعديلات علي ضبط الاجراءات الحكومية لدفع التنمية التعاونية، وتؤكد بشدة على الأثر التثقيفي والتعليمي التربوي وتشجيع المبادرات الشخصية والاتجاه الايجابي للعمل الجماعي المشترك عبر التعاونيات.
3- مواكبة المستجدات والتطورات التعاونية العالمية والتمهيد لدخول الحركة التعاونية السودانية المنظومة التعاونية العالمية عبر عضويتها في الحلف التعاوني الدولي في الستقبل القريب، والذي غابت عنه التعاونيات السودانية منذ 1989م. وذلك لأن قانون التعاون 1999م لا يتوافق والمعايير الدولية والعالمية ، والقوانين المحلية الأخري، ويكرس لتدخل الدولة في شئون التعاونيات ويحد من فاعليتها، ، وبالتالي عدم إستقلاليتها، بالاضافة الي العزلة العالمية وخروج التعاونيات السودانية من المنظومة التعاونية العالمية.
4- إعادة وحدة وتكامل وهيبة الحركة التعاونية بتوحيد الإدارة والتسجيل ، بمنح مدير إدارة التعاون والمسجل الإتحادي السلطات الكاملة في الأدارة وتعيين المسجلين في القطاعات التعاونية علي مستوي السودان.
5- إزالة إزدواجيه تعدد القوانين علي المستوى الاتحادي والولائي والمحلي بين المركز والولايات (وضعية المسجل) بجعل التسجيل عملية مركزية من سلطات المسجل العام.
6- تؤدي التعديلات الي تفعيل التعاونيات لتتكتل في شكل فدرالية للإقراض والتسليف التعاوني يخدم التعاونيات المحتلفة بالمشاركة مع الدولة، لتغطية العجز الفاضح في تمويل التعاونيات، وفتح آفاق شراكة التعاونيات السودانية مع نظيراتها في أفريقيا وبقية دول العالم.
7- تهدف هذه التعديلات الجديدة الى تقوية قدرات الحركة التعاونية الاقتصادية والمالية من اجل تفعيل اعتماد الحركة التعاونية على ذاتها مستقبلا دون الاعتماد على الدولة وتكون ايضا قادرة على المواجهة والتصدي بفاعلية للتحديات الراهنة والمستقبلية.
8- ان تسمية القنون بقانون التعاون تسمية غير موفقة حيث ان كلمة تعاون تعني اي عمل مشترك وهي كلمة عامة وكان من الافضل تسمية القانون بقانون الجمعيات التعاوينة. ان تسمية القانون بـ(قانون الجمعيات التعاونية) افضل من تسميته بقانون التعاون لان كلمة تعاون كلمة عامة تعني اي عمل مشترك وقد اخذ بالتسمية المقترحة كثير من التشريعات التعاونية في كثير من الدول مثل كينيا ويوغندا ومالطا وغيرهم.
9- نطاق تطبيق مشروع قانون الجمعيات التعاونية يتمثل فيما استحدثته من بنيان تعاوني جديد للجمعيات التعاونية القاعدية ذات الأنشطة النوعية المختلفة على المستوى الاتحادي مستندا على نوع نشاط الجمعيات التعاونية القاعدية. وذلك لإتاحة الحرية الكاملة للجمعيات التعاونية القاعدية في تكوين الإتحادات التعاونية الوسيطة و /أو القطاعية المؤهلة لتكوين الإتحاد التعاوني الوطني في القمة، دون التقيد بشكل الحكم الإتحادي.
السمات العامة لمشروع قانون التعاون لسنة 2020
1- يشتمل قانون التعاون لسنة 1999 على 35 مادة وتشتمل هذه المسودة لقانون الجمعيات التعاونية لسنة 2020على 36 مادة.
2-تشتمل هذه المسودة على تعديلات في قانون 1999 بالالغاء والزيادة او النقصان لتواكب مواد الوثيقة الدستورية، كما تم ابدال الاتحاد التعاوني القومي بالاتحاد التعاوني الوطني.
3-جاءت صياغة المادة الخاصة برعاية الدولة للحركة التعاونية وتحديد نوع وطبيعه الرعاية تمشيا مع سياسة الدوله بعد ثورة ديسمبر 2019 وفي نفس الوقت تحريض ودفع الحركة التعاونية لاعتمادها على ذاتها وتحقيق أستقلاليتها.
4-مادة خاصة بتكوين الاتحاد التعاوني الوطني ( بدلا عن الاتحاد التعاوني القومي في قانون 1999)، من الاتحادات التعاونية الفئوية والنوعية والجمعيات التعاونية القومية ذات الانشطة الخاصة والمتخصصة.
5-مادة خاصة اوجدت لمسجل عام الجمعيات التعاونية مجالات واسعه في التسجيل والرقابة والمراقبة والاشراف مقارنة بقانون 1999 6-النص بوضوح وصراحة على المبادئ والقيم التعاونية العالمية في قانون الجمعيات التعاونية لتأكيد الالتزام بها
7- وضع تعريف جامع وواضح للجمعية التعاونية والاتحاد التعاوني.
8-النص على دمج وتقسيم الجمعيات التعاونية على ان يكون ذلك اجباريا ينص القانون اذا تتطلب الامر ذلك حيث انه يتم الان بقرار من الجمعية العمومية كما تنص القواعد الملحقة بالقانون وقد اثبتت التجربة ان ذلك نادرا ان يتم لذا من الافضل اعطاء سلطة الدمج او التقسيم للمسجل او الوزير ليمارسها عند الاقتضاء بجانب الجمعيات العمومية للجمعيات التي تتطلب المصلحة دمجها او تقسيمها.
9- إمكانية وضع تصور لبناء شراكات تعاونية محلية وعالمية مع القطاع الحكومي والقطاع الخاص، والاتحادات التعاونية علي مستوي الحلف التعاوني الدولي وفروعه الاقليمية، ومع الاتحادات التعاونية الوطنية خاصة في أفريقيا وبصورة أخص: ألمانيا ، إيطاليا ، كندا ،رواندا، أثيوبيا، كينيا، تنزانيا، تونس، المغرب، مصر ويوغندا.
10- الاعتماد بصورة أساسية علي الشباب في تولي المهام الادارية في الادارة الوطنية العامة للتعاونيات وكل أشكال العمل التعاوني التنفيذي الأداري والتثقيفي والتدريبي.

أنواع الجمعيات التعاونية
هناك العديد من التقسميات للجمعيات التعاونية ويمكِن للتوضيح تقسيمها إلى الأنواع الاتية :
1‌- الجمعيات التعاونية مُتعدِّدة الأغراض، وهي: التي تُباشِر جميع فروع النشاط الاقتِصادي والاجتِماعي.
2‌- الجمعيات التعاونية الاستهلاكية، وهي: التي تعمل على البيع بالتجزئة، للسِّلع الاستهلاكية التي تشتريها أو التي قد تقوم بإنتاجِها بنفسِها أو بالتعاون مع الجمعيات التعاونية الأُخرى.
3‌- الجمعيات التعاونية الزِراعية الانتاجية، وهي: التي تنشأ للقيام بإنتاج السِّلع الزِراعية وتخزينِها وتحويلِها وتسويقِها، وكذلك مد الأعضاء عن طريق البيع أو الإيجار بما يحتاجونه من أدوات زراعية للمُساعدة على زيادة الإنتاج الزراعي، سواء كانت هذه الأدوات من صُنع الجمعية أو مِن صُنع الغير.
5‌- الجمعيات التعاونية المِهنية، ويُقصد بِها: تِلك الجمعيات التي يُكوِّنُها صغار أو مُتوسطو الحال، مِن المُنتخبين المُشتغِلين بمِهنة مُعينة، بقصد خفض نفقات إنتاجِهم، وتحسين ظروف بيع مُنتجاتِهم.
6‌- الجمعيات التعاونية للخدمات، وهي: التي تُقدِّم لأعضائها خدمات بطريقة تعاونية، كجمعيات الإسكان التعاونية والجمعيات التعاونية المدرسية والجمعيات التعاونية للنقل والمُواصلات وجمعيات الكهرباء التعاونية، وغيرِها من الجمعيات.
7- البنوك التعاونية والفدراليات التعاونية الخاصة بالتمويل والادخار والتسليف والاقراض وهي: التي يكنها الاعضاء من اجل تقديم كافة الخدمات المتعلقة بالتمويل والادخار والتسليف والاقراض.
أنواع الجمعيات التعاونية في السودان (مختصر)
الجمعيات التعاونية الزراعية (جمعيات ري)
لقد كانت الولاية الشمالية تستحوذ على أكبر عدد من هذا النوع بحوالي 117 جمعية وتزرع هذه الجمعيات عدة محاصيل منها على سبيل المثال لا الحصر (القمح كمحصول رئيسي والنخيل والذرة، والبقوليات بأنواعها المختلفة مثل الفول المصري والعدس والحمص والترمس بالإضافة إلى زراعة جميع أنواع التوابل). الخدمات الزراعية التي تقوم بتقديمها بعض هذه التعاونيات لأعضائها تتمثل في خدمات (الري، الحراثة، تقديم مدخلات الإنتاج مثل التقاوي والبذور والخيش والسماد) مقابل ثمن يدفعه عضو الجمعية بعد بيع محصولاته، أما فيما يختص بالعمليات التسويقية فقد تقوم بعض الجمعيات أحياناً بعمليات التسويق بعد خصم مصروفاتها الخاصة بالتخزين والترحيل والتعبئة والنقل... الخ، مما يؤكد أن التعاونيات لا تمتلك أجهزة تسويقية تعاونية ذات كفاءة عالية بالفهم العلمي المتعارف عليه.
2/ جمعيات الزراعة الآلية التعاونية
يوجد هذا النوع من الجمعيات في ولايات (النيل الأزرق والنيل الأبيض والجزيرة وشمال كردفان) وحسب الإحصائيات الرسمية التي أصدرتها الجهات ذات الاختصاص فقد بلغ عدد هذه الجمعيات حوالي 154 جمعية بعضوية قدرها 9793. أغلب أعضاء هذه التعاونيات أفراد لا يقيمون في مناطق عملها فضلاً عن أنهم فئات لا تمتهن الزراعة كحرفة وتدار هذه الجمعيات بواسطة وكلاء لها يتواجدون أثناء فصل الخريف فقط بأرض تلك الجمعيات. رغم النجاحات التي حققتها هذه التعاونيات في توفير محصولي الذرة والسمسم خاصة إلا أنها قد واجهتها صعوبات كثيرة في مجال صيانة الآليات والتمويل، ومشاكل مالية أخرى بينها والبنك الزراعي السوداني عند تسديد القروض وفوائدها.
3/ جمعيات الحصاد الآلي التعاونية
تنفرد ولاية الجزيرة بوجود هذا النوع من التعاونيات التي أسست وقامت في منتصف الستينيات على مستوى 31 تفتيش بمشروع الجزيرة والمناقل حيث سجلت عدد 23 جمعية تعاونية بالجزء الشمالي للمشروع وعدد 8 أخرى بالجزء الجنوبي منه وقد بلغت عضوية هذه الجمعيات 21760 مزارعاً وقام البنك الزراعي السوداني بتمليك تلك الجمعيات حاصدات (روسية وألمانية) الصنع. مهمة هذه الجمعيات تنحصر في توفير خدمات الحصاد الآلي لأعضائها على وجه الخصوص ولغير أعضائها على الوجه الأعم وذلك عن طريق ما تمتلكه من حاصدات لمحصول (القمح والذرة). مشاكل كثيرة اعترضت مسيرتها تمثلت في مشاكل متعلقة بإدارتها وأخرى تتعلق بالجانب الفني من عدم توفر الورش اللازمة لصيانة الآلات فضلاً عن عدم توفر قطع الغيار اللازمة، بالإضافة إلى النقص الواضح في الفنيين والمهنيين اللازمين لإدارة تلك الحاصدات وصيانتها الدورية، أدى ذلك إلى توقف كل الحاصدات تقريباً وذلك قبل أن تتمكن من سداد قروض شرائها للبنك الزراعي السوداني وبالتالي توقفت تلك الجمعيات، كما أن البنك الزراعي برغم تمويله لشراء هذه الحاصدات (بنظام البيع الإيجاري) إلا أنه لم يتابع (وكلاء) هذه الحاصدات للتأكد من توفيرها لقطع الغيار، أضف إلى ذلك التباطؤ في تقديم سلفيات التشغيل الموسمية، الأمر الذي أدى إلى تعطيل الجمعيات عن العمل منذ بداية الموسم الزراعي. الجدير بالذكر أن تلك الجمعيات أسست اتحاداً نوعياً يرعى شئونها إلا أنه فشل في استمرارية هذه الجمعيات.
4/ جمعيات التسليف والتسويق التعاونية الزراعية
أولاً: تجربة ولاية الجزيرة: بلغ عدد جمعيات التسليف والتسويق التعاونية 51 جمعية موزعة على مستوى تفاتيش مشروع الجزيرة والمناقل، قامت تلك الجمعيات في أوائل الستينيات من القرن العشرين بعضوية بلغت في مجملها حوالي 11893 عضواً وضمهما اتحاد تعاوني يرعى شئونها، هذه الجمعيات ساهمت في الوقوف أمام مشكلة "الشيل" بمشروع الجزيرة والمناقل، وقد استطاعت إلى حد بعيد حل هذه المشكلة في أول موسم زراعي لعملها (60/1961م) الأمر الذي شجع كثيراً على زراعة محصول (الفول السوداني) وتحسين أسعاره في ذلك الوقت. لقد أدى نجاح هذا النوع من التعاونيات لدخول (اتحاد المزارعين) بثقله لنشرها في ذلك العهد مما أدى إلى أن تفقد أهم مقوماتها وهو الاشتراك الاختياري في عضويتها.
ثانياً: تجربة ولاية شمال كردفان: جمعيات التسليف التعاونية في شمال كردفان بدأ قيامها في الموسم الزراعي 77/1978م أي بعد جمعيات ولاية الجزيرة، ولقد بلغ عددها 39 جمعية بعضوية بلغت 5399 عضواً، وذلك بعد دراسات مطولة ومتأنية ما بين إدارة التعاون بالولاية وإدارة البنك الزراعي السوداني (فرع مدينة أم روابة) والإدارة الزراعية بالولاية، شملت تلك الدراسات جميع جوانب هذه التجربة والعوامل التي تساعد على نجاحها، واستطاع البنك الزراعي فعلاً أن يمول في موسم 77/1978م جمعيتين فقط على اعتبار أنها "تجربة" فأعطى هاتين الجمعيتين قروضاً للنظافة الأولى والثانية والحصاد، وعندما أثبتت التجربة نجاحها قام البنك في التوسع في عمليات الإقراض لباقي الجمعيات، وبالتالي ارتفع حجم تعامل البنك مع الجمعيات من 15.000 جنيه في موسم 77/1978م إلى 600.000 جنيه في موسم 81/1982م مما جعل تجربة تلك التعاونيات.
5/ الجمعيات التعاونية للإنتاج الزراعي الحيواني (تربية دواجن وأبقار)
تقع الجمعية جنوب جبل أولياء على بعد 45 كليومتر من العاصمة القومية الخرطوم وقد تم تسجيلها وفق قانون التعاون بتاريخ 8/7/1976م تحت رقم تسجيل 3013 برأسمال قدرة 802.000 جنيه، بعضوية بلغت 126 عضواً، ومساحة قدرها 240 فدان. قامت الجمعية بمبادرة شعبية من أهالي المنطقة لتحقيق عدة أهداف أهمها: النهوض بالمنطقة اقتصادياً واجتماعياً وخلق نوع من الاستقرار للأهالي والحد من الهجرة الداخلية والخارجية. كما قامت الجمعية في بداية نشاطها بحفر آبار جوفية بلغت في جملتها 7 آبار لتوفير المياه للمشروع وقامت بإدخال شبكات الكهرباء. وأسست الجمعية حوالي 34 حظيرة دواجن، وقامت بتصنيع علف الدواجن من داخل المشروع بطحن الذرة والمواد البروتينية المضافة محلياً. بلغت سعة الحظائر 15.500 دجاجة بإنتاجية قدرت بحوالي 75.000 بيضة في الأسبوع. فضلاً عن أن الجمعية استجلبت من السوق عدد من الأبقار وزعتها على بعض أعضاء الجمعية بأقساط مريحة. بجانب ذلك قام مجلس إدارة الجمعية بتخصيص مساحة من الأرض لزراعة الخضروات.
6/ الجمعيات التعاونية لمنتجات اللبن
الجمعيات التعاونية على ولاية الخرطوم على أساس أن بها عدد (7) جمعيات تعمل في هذا المجال وولاية الجزيرة التي تتميز بوجود جمعية تعاونية للبن بمنطقة بركات رئاسة مشروع الجزيرة والمناقل تلك الجمعية والتي قامت بمنحة إيرلندية قدرها (2.5) مليون دولار في شكل معدات وآليات معمل لبن البسترة وعمليات تصنيع اللبن. تقع أغلب تعاونيات لبن ولاية الخرطوم بمنطقة شرق النيل وأكبر جمعياتها هي جمعية حلة كوكو التعاونية للبن التي أسست في العام 1966م وهي أكثرها شهرة وتبلغ عضويتها (684) عضواً في مساحة أرض تبلغ (1535) فدان ويبلغ عدد أبقار تعاونيات الخرطوم مجتمعة حوالي (19367) بقرة ما بين الأبقار المهجنة والمحلية تنتج حوالي (28775) طن لبن في اليوم ويشكل إنتاج جمعية حلة كوكو للبسترة التابع للمؤسسة الفرعية للبن التابعة لوزارة الثروة الحيوانية، ذلك المعمل والذي كان يجب أن تمتلكه جمعية لبن كوكو التعاونية حسب اتفاق سابق وبعد فترة من التشغيل انتهت تلك الفترة ولم يتم التسليم وتمليك الجمعية له حتى الآن. أما فيما يختص بجمعية لبن بركات التعاونية فقد قامت على مستوى (44) قرية تبعد عن موقع المعمل على بعد (20) كليومتر وتوجد في عدد (4) تفاتيش زراعية على مستوى مشروع الجزيرة والمناقل هي تفاتيش (درويش – حمد النيل – بركات – سيدفار) وقد ساعدت هذه الجمعية في سد الفجوة من اللبن بولاية الجزيرة وقامت بتصنيع اللبن مما ساعد على تحقيق الأمن الغذائي من هذه السلعة بالولاية فضلاً عن أن الجمعية ساعدت كثيراً في تحسين إنتاج الأبقار في تلك القرى بالرعاية البيطرية وتحسين وتنوع نوع الأعلاف المقدمة لقطيع الأبقار التي تمد المعمل بإنتاجها.
7/ جمعيات صائدي الأسماك التعاونية
ينتشر هذا النوع من الجمعيات في ولاية (الخرطوم، البحر الأحمر، النيل الأبيض، حلفا القديمة) تساهم تلك الجمعيات في توفير سلعة الأسماك في السوق بأسعار مناسبة ومقبولة إلا أنها تعاني من ضعف رأس المال وقلة التمويل والاعتماد على وسائل صيد تقليدية ولا تمتلك الوسائل الحديثة لصيد الأسماك.
8/ جمعيات التصنيع الزراعي التعاوني (صناعات تحويلية) سوف نركز في هذا الجزء لتجربتان هما:
(1) تجربة مؤسسة مزارعي الجزيرة والمناقل بواسطة اتحاد المزارعين بعضوية تبلغ حوالي (110.000) مزارع على امتداد مشروع الجزيرة والمناقل وقد قامت تلك المؤسسة بتأسيس مطاحن قور كبرو الذي بدء إنتاجه في العام 1968م لتصنيع محصول القمح بطاقة إنتاجية بدأت بطحن (60) طن في اليوم ثم ارتفعت إلى (120) طن دقيق يومياً وإلى (240) طن دقيق يومياً، ساهم في سد الفجوة الغذائية من هذه السلعة، كما قامت المؤسسة بتشييد مصنع للغزل والنسيج بمنطقة الملكية (لم يعمل) ومصنع للأعلاف بطاقة إنتاجية تبلغ (36) طن في اليوم.
(2) أما فيما يختص بمطاحن حلفا الجديدة التعاونية فقد قام اتحاد الجمعيات التعاونية الزراعية بتشييدها في العام (1971م) بطاقة إنتاجية تعادل (80) طن في اليوم ثم ارتفعت إلى (120) طن في اليوم نتيجة التحديث الذي طال المطاحن، كما بذل الاتحاد جهوداً في قيام ورش لصيانة الآلات الزراعية التي ملكها أعضاؤه ومعاصر للزيوت، وتصنيع المنتجات الزراعية والحيوانية والقيام بعمليات التسويق وسعى لإنتاج الشعيرية والمكرونة فضلاً عن صناعة الأعلاف، كما قام الاتحاد بتقديم خدماته في المجال الاجتماعي حيث ساهم في تشييد البنى التحتية للمدينة كالطرق والمدارس والصحة وخلافه.
9/ الجمعيات التعاونية الزراعية لخريجي كليات الزراعة
نبعت الفكرة من داخل مؤتمر خريجي كليات الزراعة غير المستوعبين منذ العام 1982م والذي انعقد بدار اتحاد طلاب جامعة الخرطوم في 27/4/1985م، لتأسيس تلك الجمعيات، وشكلت لجنة من (15) عضواً لتنفيذ الفكرة وعقدت عدة اجتماعات وأجريت دراسات في ذلك الجانب إلى أن صدر قرار من مجلس الوزراء بالرقم (158) بتاريخ 15/12/1985م في هذا الخصوص بموجب هذا القرار تم تخصيص أراضي لتلك الجمعيات على أن يتم تسجيل الأراضي الممنوحة لها باسم وزارة الزراعة على أن تكون الحيازة الزراعية بالقطاع المروي ما بين (20-40) فدان وبالقطاع المطري ما بين (300-500) فدان، بجانب التزام الحكومة بتوفير التمويل اللازم من قبل وزارة المالية والاقتصاد الوطني لهذه الجمعيات.
الجمعيات التعاونية النوعية
وهي جمعيات ذات خصوصية وأهمها جمعيات الإنتاج الحيواني والجمعيات الحرفية وجمعيات الجزارة والخضر والفاكهة وجمعيات الإسكان وجمعيات النقل والترحيل . ونكتفي بأعدادها العاملة مع استبعاد المتوقفة توضيحاً للصورة الإجمالية للحركة التعاونية السودانية حالياً .أن جمعيات النقل والترحيل علي أهميتها وقد بدأت بالجمعيات الخاصة باللواري السفرية لنقل البضائع من بورتسودان – لكن لو تم تجميع قدرات الحركة التعاونية لتحويلها لجمعيات لنقل احتياجات الجمعيات التعاونية لحققت جدوى لتنميتها إلي جانب النقل لغير الحركة التعاونية وتم تكوين أغلب هذه الجمعيات في فترة أزمات الوقود التي ضربت البلاد في النصف الأول من السبعينيات من القرن الماضي.
الجمعيات الحرفية
ويتركز أغلبها علي قلتها في جنوب وغرب دارفور وغرب وشمال كردفان – وأغلبها تعمل في حرف الجلود : مثل صناعة المراكيب ولها مردود اقتصادي لا بأس به ومردود اجتماعي – حيث توفر بدائل للأحذية المستوردة ، كما أن معظم السودانيين يستخدمونها إضافةً إلي صناعة السكاكين والسيوف . بالخرطوم تتركز الجمعيات الحرفية في مجالات النجارة والحدادة والسباكة وتوصيلات الكهرباء وبعض الصناعات اليدوية الحرفية في السودان تحتاج إلي انتباه وإعادة تنظيم حيث أن الدخل القومي – والفردي يمكن أن يكون كبيراً خاصةً من الصناعات الحرفية لمنتجات مثل الأخشاب في صنع الأثاثات والجلود لصناعة المنتجات الجلدية وغيرها في شكل ورش جمعيات تعاونية وسيكون لها مردود اجتماعي في خلق عمالة طيبة ، وكذلك مردود اقتصادي بتوفير سلع هامة مع زيادة الدخل الناتج عن تنمية الحرف.
جمعيات الإسكان
ما زالت قليلة الأثر الاقتصادي والاجتماعي وقليلة العدد رغم أن الإسكان بالطريقة العلمية والصحية يمثل مشكلة قومية ولذلك يمكن أن يتم تطوير جمعيات الإسكان وزيادتها لتقدم حلول مرضية لمشكلة السكن وتحقيق مردود في التنمية الاقتصادية والاجتماعية . بتجميع البنائين وتنظيمهم مما يعود عليهم وعلي المجتمع بما يرجوه من تنمية .
الجمعيات الأخرى
هي جمعيات غير متكررة مثل جمعيات الخياطين وصانعي الأختام والتحف وصناعات الزعف وتلوين المنسوجات والزجاج وإنتاج اللوحات والبراويز وهي يمكن في حالة زيادتها وتنميطها أن تدخل ضمن الحرف ومردودها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي له أثره المفيد في التنمية بما في ذلك تشغيل عمالة يتم تدريبها.
الجمعيات التعاونية النسوية
الجمعيات التعاونية للمتعاملات بالأطعمة والمشروبات
نتيجة لمجهودات صادقة ومضنية للجمعية السودانية للتنمية SDA تم تأسيس وتكوين الجمعية التعاونية للمتعاملات بالأطعمة والمشروبات بالسوق الشعبي بالخرطوم، وتم التنفيذ بالتعاون مع منظمة أوكسفام الأمريكية. وبدأ العمل في العام 1992-1993 ، ثم تلي ذلك تكوين جمعيتين تعاونيتين الأولي بالحاج يوسف بسوق (6) بالخرطوم بحري، والثانية بمنطقة سوق الشيخ أبوزيد بأمدرمان. لقد تمكنت الجمعية السودانية للتنمية بخبراتها الطويلة وبالتعاون مع الأمانة العامة للتعاون من التأسيس الجيد لهذه التعاونيات، والتي تلقت حظا مناسبا من التوعية والتدريب في المجال التعاوني والمجالات الأخري، ووجدت بعض العضوات فرصا للتدريب الخارجي في الهند وأثيوبيا كان له عظيم الأثر والفائدة للعضوات وللجمعيات أيضا. لقد حققت هذه التعاونيات الفوائد والأهداف التالية:
• تحقيق الإستقرار للعضوات المستفيدات وحمايتهن من حملات النظام العام.
• المشاركة في تحسين بيئة العمل للبائعات في الأسواق، وزيادة دخل بائعات الأطعمة والشاي.
• مساعدة البائعات علي رفع قدراتهن في مجال العمل والمعرفة لحقوقهن القانونية والعمل علي زيادة الوعي في مجال التثقيف الصحي، وتدعيم النواحي المؤسسية لمجموعات النساء.
• تنظيم وتدريب عدد مقدر من المستفيدات في مجال العمل التعاوني.
• إنشاء الصندوق الخيري الذي يقوم بتسليف المستفيدات المشاركات فيه في الحالات الطارئة (المرض – الوفاة – العجز... الخ) وهذا الصندوق تجربة جديدة بدأته الجمعية التعاونية للمتعاملات بالأطعمة بمنطفة أبوزيد بأمدرمان، وتوفير الإستقرار والحماية القانونية اللازمة لمعظم المستفيدات.
المشاكل والصعوبات والمعوقات التي واجهت هذه الجمعيات
مشاكل تمويلية تتمثل في:
1. ضعف رؤوس أموال هذه الجمعيات.
2. عدم إهتمام الحكومة والجهات المسئولة بتقديم الدعم المادي والمعنوي.
3. ج. مماطلة العضوات في دفع الإشتراكات لضعف الرباط العضوي بينهن وبين الجمعية.
4. د. عدم وجود حوافز مادية تشجيعية (العمل طوعي) ونتيجة لضعف الموقف المالي للجمعية.
5. ه. التفريط في أموال بعض الجمعيات والتي أخذت عن طريق الإحتيال مما أدي الي دخول بعضهن للسجن وإسترداد الأموال لأصحابها من المال الخاص.
مشاكل إدارية تتمثل في:
1. وجود بعض النزاعات مما أدي الي إنقسام العضوات ووجود تجمعات وتكتلات صغيرة داخل بعض الجمعيات.
2. عدم وجود نظام إداري واضح يدير دفة العمل في كل الجمعيات، عطلها عن أداء دورها بالصورة المطلوبة وبالطريقة التي بدأت بها هذه التعاونيات عند تأسيها.
3. عدم وجود وتوفر الخدمات الإستشارية في كافة المجالات أضاع علي هذه التعاونيات الكثير من الحقوق المكتسبة والمتوقعة.
مشاكل تدريبية تتمثل في:
1. عدم وجود التدريب الكافي خاصة أعضاء مجلس الإدارة وبصورة أخص الضباط الثلاثة، حيث لم يتلقي الغالبية منهن أي نوه من التدريب.
2. عدم متابعة وإستمرار التدريب للعضوات المتدربات.
3. عدم وجود مقار ثابتة لهذه التعاونيات لمباشرة أعمالها، وعدم إهتمام الدولة ومؤسساتها المختلفة بهذه التعاونيات. علي أن أكبر المشاكل والمعوقات تتمثل في الدور الضعيف للإتحاد التعاوني الحرفي بولاية الخرطوم والذي تتبع له هذه التعاونيات، والذي ركز جل جهوده لمشروعات كبيرة وضخمة وأهمل المشروعات الصغيرة التي تتناسب وطبيعة عمل الأعضاء خاصة النساء، مما يتطلب العمل علي تكوين إتحاد تعاوني نسوي بعيدا عن الإتحاد التعاوني الحرفي.
4. إضافة لذلك لم تجد هذه التعاونيات أي دعم يذكر من الإتحاد التعاوني القومي، بصفته قمة البنيان التعاوني في الحركة التعاونية وراعي مصالح التعاونيات، بالرغم من حداثة هذه التجربة الفريدة ليس علي مستوي السودان فحسب، بل علي المستوي العلمي، وهذا وحده يدلل علي الضعف والخلل الكبير الذي تعاني منه الحركة التعاونية في قمتها وقياداتها العليا.
ولكل ذلك فإننا نوصي بأن يعاد النظر في أمر هذه التعاونيات وأن يعاد تشكيلها في إطار جمعيات تعاونية نسوية متعددة الأغراض، يكون من أنشطتها الأساسية بالإضافة الي الأنشطة الحالية، الإدخار والتوفير والتسليف، وهذه مسئولية ومهمة الإتحاد التعاوني الحرفي والإتحاد التعاوني القومي بالدرجة الأولي.
المرأة والتعاونيات
أن للمرأة دوراً محورياً وأساسياً ولذلك فإن تنميته وتعزيزه يكسبان أهمية استثنائية إذ يؤسسان لجعل المرأة بصورة عامة والمرأة الريفية بصورة خاصة تضطلع ليس فقط بدور الأم وإنما بدورها إلى جانب الرجل ,و ذلك يتطلب تهيئة البيئة الملائمة لها حتى تكون أكثر فاعلية في المجتمع وأكثر قدرة على أداء دورها في التغيير والتنمية.‏ هناك ضرورة قصوي لاستمرار تقديم نشاطات تنموية وبرامج لتحسين وتعزيز الوضع الاقتصادي للمرأة من خلال تسهيل وصولها إلى الموارد الاقتصادية والعمل على صقل مهارتها وقدرتها الفنية ومشاركتها في صنع القرار وصولاً إلى تحقيق الهدف المنشود في جعلها تأخذ مكانها الذي تستحقه في عملية البناء الوطني.‏ أن أهمية تنمية المجتمعات الريفية المحلية يتطلب من الدولة تعمل على خلق فرص عمل جديدة وتحسين مستوى الدخل السكاني في المناطق المستهدفة من خلال القروض الميسرة ,إضافة إلى تشجيع إحداث الصناديق التنموية المحلية التي ترفد النشاطات الحكومية في هذا المجال.‏ التركيز على المرأة بشكل خاص و على جميع شرائح المجتمع في شكل مشاريع تشمل التمكين الاقتصادي من خلال إعطاء قروض صغيرة للمجتمع المحلي والأشخاص الراغبين بالقيام بمشاريع مولدة للدخل لأي مشروع سواء كان زراعياً أو غير زراعي بحيث يستطيع هذا الشخص من رفع مستواه الاقتصادي ويساهم في رفع مستوى القرية بشكل عام، ومن أنسب الوسائل والأدوات في هذا المجال جمعيات التوفير والتسليف التعاونية النسوية. .
وفي هذا المجال يحب الاهتمام والتركيز علي المرأة الريفية ودورها في عملية التغيير والتنمية, والعمل على دمج النساء الريفيات في المشاريع التنموية وتمكين سكان الريف من تحقيق تنمية عادلة على أساس المساواة في فرص التنمية بين الرجال والنساء، وما من شك إن للتعاونيات النسوية المقدرة علي تحقيق ذلك، والذي تأكد من واقع التجربة التعاونية والسودانية. أن للمرأة دوراً محورياً وأساسياً ولذلك فإن تنميته وتعزيزه يكسبان أهمية استثنائية إذ يؤسسان لجعل المرأة الريفية تضطلع ليس فقط بدور الأم وإنما بدورها إلى جانب الرجل ,و ذلك يتطلب تهيئة البيئة الملائمة لها حتى تكون أكثر فاعلية في المجتمع وأكثر قدرة على أداء دورها في التغيير والتنمية.‏ هماك ضرورة قصوي لاستمرار تقديم نشاطات تنموية وبرامج لتحسين وتعزيز الوضع الاقتصادي للمرأة من خلال تسهيل وصولها إلى الموارد الاقتصادية والعمل على صقل مهارتها وقدرتها الفنية ومشاركتها في صنع القرار وصولاً إلى تحقيق الهدف المنشود في جعلها تأخذ مكانها الذي تستحقه في عملية البناء الوطني.‏ أن أهمية تنمية المجتمعات الريفية المحلية يتطلب من الدولة العمل على خلق فرص عمل جديدة وتحسين مستوى الدخل السكاني في المناطق المستهدفة من خلال القروض الميسرة ,إضافة إلى تشجيع إحداث الصناديق التنموية المحلية التي ترفد النشاطات الحكومية في هذا المجال، ومن هنا يأتي الدور المحوري للتعاونيات.‏
التركيز على المرأة بشكل خاص و على جميع شرائح المجتمع في شكل مشاريع تشمل التمكين الاقتصادي من خلال إعطاء قروض صغيرة للمجتمع المحلي والأشخاص الراغبين بالقيام بمشاريع مولدة للدخل لأي مشروع سواء كان زراعياً أو غير زراعي بحيث يستطيع هذا الشخص من رفع مستواه الاقتصادي ويساهم في رفع مستوى القرية بشكل عام. ضرورة وأهمية العمل علي تعليم وتدريب وإعطاء منح دراسية للطلاب الطموحين في الريف الذين يرغبون بإكمال دراستهم الجامعية ولايملكون القدرة المالية على فعل ذلك.‏ تنفيذ بعض المشاريع التي تؤدي إلى التنمية الثقافية والاجتماعية من خلال مسرح جوال ومكتبات متنقلة للاطفال وغيرها من خلال بعض المشاريع الجديدة كمشروع حاضنة أعمال القرية للنساء والذي يمكن أن يخدم العديد من القرى في الريف السوداني وهو عبارة عن مركز تدريب وتأهيل يساعد النساء على التفكير بمشروع جديد والتخطيط له وادارته وتسويقه بعد حصولهن على قرض.‏ و مشاريع أخرى لادخال التكنولوجيا في المناهج التعليمية لتتيح التواصل بين طلاب سوريين وآخرين من خارج سورية في الأبحاث والدراسات.‏
جمعيات التوفير والتسليف التعاونية النسوية
تعرف جمعيات التوفير والتسليف التعاونية النسوية بأنها " تجمعات تعاونية نسوية ، ذات شخصية اعتبارية ومالية وإدارية مستقلة، تقتصر عضويتها على النساء، وتمول وتدار من قبل عضواتها، تمارس نشاطي التوفير والتسليف إلى جانب النشاطات التنموية الأخرى، تهدف إلى تنمية المرأة الريفية وتعزيز دورها في الحياة الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية والسياسية معتمدة على قوانين ومبادىء وأخلاقيات التعاون المعمول بها، ويقصر تقديم خدماتها لصالح عضواتها." يجب العمل علي رصد وتقييم التجربة التعاونية المتواضعة في مجال التوفير والتسليف بهدف تطويرها وتنظيمها سعياً لإفادة مجتمع النساء الريفيات، والمساهمة في تحقيق رسالتها المتمثلة في تحقيق التنمية الريفية المستدامة، وذلك عبر استحداث برنامج التوفير والتسليف، ليقدم الدعم الإداري، الفني، اللوجستي، التنظيمي والمالي لجمعيات التوفير والتسليف النسوية التعاونية، ضماناً لتحقيق هذه الجمعيات لرسالتها الاقتصادية والاجتماعية التنموية، لخدمة مجتمع النساء الريفيات بكفاءة وفاعلية.
يتمثل دور برنامج التوفير والتسليف تجاه الجمعيات التعاونية في العمل على ترويج ونشر فكرة التوفير والتسليف وربطها بمبادىء التعاون وأخلاقياته، وتدريب عضوات وكوادر الجمعيات من النساء الريفيات، في المواضيع ذات العلاقة المباشرة بأنشطة الجمعيات وطبيعة عملها، مروراً بتنظيم العلاقة ما بين الجمعيات ومرجعيتها القانونية الممثلة بوزارة ، والحصول على التراخيص اللازمة لممارسة هذه الجمعيات لعملها وانتهاءاً بعمليات تطوير هذه الجمعيات، لترقى إلى مستوى المؤسسات المالية الاقراضية، وتنظيمها في إطار قانوني رسمي يدافع عن مصالح عضواتها ويعمل على تنميتها واستدامتها. أيضا العمل علي تكوين الإتحاد التعاوني التخصصي لجمعيات التوفير والتسليف التعاونية، والذي تلعب فيه جمعيات التوفير والتسليف النسوية التعاونية أدواراً رئيسية هامة، من خلال نشاط العضوات ممثلي هذه الجمعيات، عن طريق الانتخاب الحر والنزيه، لمناصب مجلس الادارة والمستويات الادارية الاخري. مباديء العمل في جمعيات التوفير والتسليف النسوية التعاونية، تقوم على مبادىء وأخلاقيات التعاون فتقول "تعتمد أساسيات العمل على مبادىء وأخلاقيات التعاون النابعة من أصالة شعبنا ، وهي الأخلاق والمبادىء المتمثلة في مواجهة تحديات وصعوبات الحياة بشكل جماعي، وتحمل المسؤولية الجماعية، والإيثار، وتغليب المصلحة الجماعية على المصلحة الفردية، والعمل الجاد من أجل ازدهار الفرد والمجتمع، وفقا لقانون التعاون المنظم لعمل جمعيات التوفير والتسليف النسوية التعاونية، ويرتكز عمل جمعيات التوفير والتسليف النسوية التعاونية بشكل رئيسي على مبدأي عمل أساسيين هما: 1- مبدأ التوفير 2- مبدأ التسليف. فالمبدءان مجتمعان يوضحان طبيعة وآلية عمل جمعيات التوفير والتسليف النسوية التعاونية، والتي تقوم باعتبارها جمعيات اقراضية بالدرجة الأولى، على آليات جمع الادخارات النقدية من أعضائها، بشكل مقنن ومنظم وبصورة تتناسب وتطور وسائل وأساليب العمل والحياة، وهو الأمر القائم على مبدأ التوفير، ومن ثم استثمار واستغلال مبالغ هذه الادخارات، على شكل قروض وتمويلات صغيرة لصالح عضواتها، بما يتناسب والإمكانات المالية لها، والضمانات البسيطة المقدمة من العضوات المقترضات ضمن إمكانياتهن أيضا، وبما يعود بالفائدة المرجوة على النساء الريفيات والمجتمع المحيط.
رسالة جمعيات التوفير والتسليف النسوية التعاونية، بإعتبارها تجمعات نسوية مرخصة ذات استقلال مالي وإداري واعتباري، تعتمد في عملها مبادىء وأخلاقيات التعاون، تهدف إلى تمكين المرأة الريفية وتنميتها بصورة شاملة، من أجل تعزيز دورها في إحداث التنمية المستدامة على الصعد كافة. كما أن رؤية جمعيات التوفير والتسليف النسوية التعاونية تتمثل في بناء مستقبل أفضل للنساء ، خصوصاً في المناطق الريفية، قائماً على مبادىء التعاون، وتطوير مهارات وقدرات هؤلاء النساء بالتعاون مع الآخرين، من أجل بناء مبادرات مالية ريادية تخدم مصالحهن. جمعيات التوفير والتسليف النسوية التعاونية تمتلك للعديد من المزايا مقارنة بمؤسسات الإقراض الصغيرة الأخرى أهمها: بساطة آليات عملها ، استقلاليتها المالية والإدارية في اتخاذ القرار كونها ممولة بالدرجة الأولى من قبل عضواتها، انخفاض حجم المصاريف التشغيلية والإدارية التي تتحملها العضوة واللازمة لتغطية أنشطة الجمعية خصوصاً في ظل الازدياد المتنامي في عدد عضوات هذه الجمعيات، ، سهولة وبساطة إجراءات وآليات الاستفادة من خدمة الإقراض التي تقديم لعضواتها ، التركيز على توعية وتأهيل عضواتها وتعزيز دورهن في تنمية مجتمعاتهن اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وغيرها من مناحي الحياة المختلفة. يمكن لجمعيات التوفير والتسليف النسوية التعاونية، ومن خلال برنامج التوفير والتسليف الخاصة بها، الحصول علي فرص تمويل كبيرة ومستقرة من الصندوق العالمي للتنمية الزراعية (IFAD) وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ومن جهات تمويلية أخرى، وذلك بالحصول على قروض ميسرة معفية من الفائدة يمكن أن تستخدم في زيادة رأس المال العامل المخصص لمنح القروض الفردية المشار إليها أعلاه ، بالاضافة الي المدخرات الشخصية لعضوات الجمعيات والتي تمثل النسبة الأكبر من المبالغ المخصصة للإقراض الفردي داخل الجمعيات، وهو الأمر الذي يبعث على الاعتزاز في هذه الجمعيات، ويعكس كذلك مدى إيمان النساء العضوات بفكرة الجمعيات ودورها الريادي في تحسين مستوى معيشتهن وتعزيز دورهن على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي. إن مجموعات التوفير والتسليف يمكن أن تسهم وبشكل هام وفعال في عملية تقوية وتمكين النساء العضوات فيها، والدليل على ذلك من خلال التجارب العالمية يتمثل في زيادة عدد النساء اللواتي يسهمن في الدخل العائلي من خلال المشاريع الإنتاجية المدرة للدخل، والتي يدرنها بأنفسهن، أو بواسطة أحد أفراد الأسرة، وتتجلى مساعدة الجمعيات للنساء في ثلاثة أوجه، أولاً من خلال المساعدة على توفير مصدر دخل مستقل خارج إطار البيت، ثانياً من خلال تعرض النساء لأفكار جديدة، وقيم إنتاج وعمل ودعم اجتماعي والذي من شأنه أن يعزز ويجذر التأكيد على حقوقهن، إن توفر الفرص للنساء لإدارة مشاريع واتخاذ قرارات فيما يتعلق بالمصادر المادية يعزز الشعور بالمكانة والقيمة في عيون أزواجهن والذي من شأنه أن يعزز العلاقة الاستشارية التبادلية بينهما، كما أنه يتبين أن التوفير بالنسبة للنساء هو قيمة التزام تحظى بالتقدير الهام لمجموع النساء.
الجهاز الإداري الحكومي المختص بالتعاون "الأدارة العامة للتعاون"
لقد تنقلت تبعية الجهاز الحكومي الديواني للحركة التعاونية بين الوزارات المختلفة، في 1948بدأ التعاون كقسم بمصلحة التجارة، 1955 أصبح التعاون مصلحة بوزارة الشؤون الاجتماعية. 1958 اصبح مصلحة بوزارة الصناعة والتجارة، 1966 اصبح مصلحة بوزارة التعاون والعمل، 1969 ضمت مصلحة التعاون للتنمية الريفية وسميت وزارة التعاون والتنمية الريفية1972 ضمت مصلحة التعاون للحكومات المحلية وسميت وزارة التعاون والتنمية الاقتصادية، في 1975 خصصت للتعاون وزارة قائمة سميت وزارة التعاون وذلك بموجب القرار الجمهوري رقم 218 لسنة 1975.
في 1978 تحول التعاون الي قطاع بوزارة التعاون والتجارة والتموين يديرها وكيل التعاون، وفي 1983 اصبح التعاون وكالة بوزارة التجارة والتعاون والتموين يديرها وكيل التعاون، وفي 1997 اصبح التعاون امانة عامة بوزارة التجارة الخارجية كوحدة تابعة للوزير يديرها امين عام، وفي عام 2014 تم الغاء الامانة العامة للتعاون علي ان تصبح ادارة عامة بالهيكل التنظيمي والوظيفي لوزارة التجارة برقم 191 لسنة 2014 وهذا الي الان.
مهام الجهاز الإداري الحكومي المختص بالتعاون "الأدارة العامة للتعاون"
1. الإدارة القانونية والتسجيل: ومهمتها تسجيل الجمعيات التعاونية وإصدار شهادات التسجيل والنظر في الموضوعات القانونية ذات الصلة بالعمل التعاوني الشعبي والحكومي – وللمسجل سلطات قضائية .
2. إدارة المتابعة والعمل الميداني : وهي أم إدارات العمل التعاوني : من حيث المهام أو عدد العاملين في الجهاز الإداري الحكومي التعاوني . وتتلخص مهمتها في متابعة الجمعيات التعاونية ونموها بداءً بإجراءات التكوين وإنتهاءً بالجمعيات العمومية – وانتخاب مجالس الإدارات .
3. إدارة الخدمات التعاونية : وتتلخص مهمتها في تقديم كافة الخدمات التي تحتاجها كل إدارات الجهاز الحكومي التعاوني : مثل العربات والوقود والإنارة والمياه ومشتريات الأوراق وطباعة الأرانيك التعاونية وتوزيعها والتجهيز للمأموريات والمشاركة فيها ..الخ .
4. إدارة التوعية التعاونية والتدريب: ومن مهامها الإعداد للسمنارات والمؤتمرات والندوات التعاونية والإشراف علي البرامج الإذاعية والتلفزيونية ذات الصلة بالعمل التعاوني ومساعدة المدارس والمعاهد التي تهتم بالتدريب التعاوني ونشر الكتيبات التعريفية بالعمل التعاوني وإعداد التقرير السنوي للأداء التعاوني الحكومي والشعبي علي مستوي الدولة والمشاركة في تمثيل العمل الحكومي التعاوني داخل وخارج البلاد .
5. إدارة شئون العاملين: وتهتم بالعنصر البشري داخل ديوان الجهاز الإداري التعاوني الحكومي ابتداءً من التعيين والتدريب والعلاوات والمرتبات والإجازات وفوائد ما بعد الخدمة والتنقلات وتوقيع الجزاءات... الخ
6. إدارة الحسابات والمراجعة : وتهتم بحسابات المرتبات والتسيير الخاصة بالعمل التعاوني حسب فصول الميزانيةوتنقسم الإدارة لقسمي الحسابات والمراجعة ومن قسم المراجعة تحصل الجمعيات علي الأرانيك والدفاتر التعاونية التي ينص عليها قانون التعاون وبموجبها يتم ضبط الأداء المالي للجمعيات – وأهم هذه الدفاتر ما يلي :-
‌أ- أورنيك (4) تعاون وهو عبارة عن دفتر كبير يسمونه (البرش) وهو دفتر اليومية الذي ترصد فيه كل إيرادات ومصروفات الجمعية التعاونية .
‌ب- أرانيك (5) و (6) تعاون – وهما دفتري إيصالات تخص رصد أي إيرادات و مصرفات فيها ثم يرحل إلي أورنيك (4) تعاون و (5) و (6) تتضمن الصفحة فيها إلي ثلاثة نسخ كربونية : (باعتبارهما إيصالي : دفع وتوريد) ويرفق بالأصل مستندات الصرف أو التوريد وصورة للمراجعة وصورة تظل بالدفتر .
‌ج- أورنيك (11) تعاون وهو دفتر كبير يتضمن أسماء المساهمين وعدد أسهمهم ومبالغها وعناوينهم .
‌د- أورنيك (12) تعاون – وهو عبارة عن دفتر للجرد في نهاية كل سنة مالية – وكذلك هو دفتر لتسعير البضائع المشتراه وتتضمن اسم السلع وسعر الوحدة والسعر الإجمالي – والجملة الكلية.
إن هذه الأرنيك لها قيمة رمزية يدفعها أمين المال بالجمعية التعاونية لإدارة المراجعة في أي مكاتب التعاون المختلفة ويحصل عليها ويقوم بإثبات حركة المعاملات المالية للجمعية فيها ويقوم ضابط أو مفتش التعاون في المنطقة التي تتبعها الجمعية بزيارات ميدانية مفاجئة للمراجعة والمتابعة المالية – وفي نهاية العام يقوم بإعداد الحسابات الختامية والميزانية ويقوم قسم المراجعة بعرض حسابات الجمعية التعاونية علي جمعياتها العمومية. كما يشرف قسم المراجعة علي الإجراءات المالية لتصفية الجمعية التعاونية بالإشتراك مع المسجل والعمل الميداني حالة رغبة مؤسسيها في تصفيتها أو في حالة فشلها ويقوم كل مكتب بإرسال فريق لمتابعة الجمعيات مكون من إدارات مكتب التعاون وعادةً ما يكون الفريق برئاسة مفتش أو مفتش أول ومساعدي مفتشين وضابط وكاتب ويكون مساعدي المفتشين من الإدارات المختلفة منهم من يقوم بالتوعية ومن يقوم بإعداد وعرض الحسابات ... وهكذا.
أن الهيكل التنظيمي لرئاسة الديوان تتضمن عدد من الإدارات علي رأسها باشمفتش في كل منها ويعاونه مفتشين ومساعدي مفتشين وضباط وكتبة تعاون وفق تخصص كل إدارة وما تتطلبه مهامها ومن المفترض في رئاسة الأقاليم (المحافظات - الولايات) – يوجد مكتب التعاون الحكومي برئاسة باشمفتش ويوجد تشكيل من نفس إدارات الرئاسة وعلي مستوي أقل في الدرجات الوظيفية كأن يكون المسئول عن إدارةالحسابات و المراجعة في الأقاليم بدرجة مفتش أو مساعد مفتش أو ضابط تعاون – ويساعدهم كتبة .
هذا الجهاز الحيوي والحساس يقوم بالعمل لتنمية ونشر الوعي التعاوني بين المواطنين وتشجيع إنشاء الجمعيات التعاونية، والإشراف على تنفيذ الخطط والسياسات والقواعد المعتمدة في هذا الشأن ومراجعة حساباتها الختامية والإشراف على أنشطتها وخدماتها وتقديم الدعم المادي والمعنوي. ويعمل علي تفعيل النشاط التعاوني بإعتباره جانباً هاما من جوانب النشاط الاقتصادي الوطني، وعنصراً أساسياً في برامج تنمية المجتمعات المحلية . وتسعي إدارة هذا الجهازلتمكين الجمعيات التعاونية من القيام بدور فعال في تطوير المجتمعات المحلية وتنميتها وتحقيق خدمات اقتصادية من خلال مرافق حيوية في مختلف شؤون الحياة، خاصة في مجالات الزراعة الحديثة ومتطلباتها، والمهن الحرفية، والتموين الاستهلاكي، وخدمات المواصلات علما بأن تلك الجمعيات تنشأ بمبادرات ذاتية ومشاركات جماعية للمواطنين وبالاعتماد ـ إلى حد كبير ـ على الموارد المادية والبشرية التي يمكن توفيرها محلياً، وتقدم الجمعيات التعاونية نسبة لا تزيد على 10% - 15% من فائض ارباحها الصافية للتعليم والتدريب والحفاظ علي سلامة ونظافة البيئة.
لازل واقع الإدارة الحالي للجهاز الأداري المختص بالعمل التعاوني لا يزال حتي بعد قيام ثورة ديسمبر 2019 يغلب عليه الاضطراب وعدم التنسيق وغياب ثقافة العمل ضمن منظومة واحدة وكذا الافتقار الى توظيف القدرات على التعامل مع تقنيات العصر فيما يخدم توجهات التطوير والتحديث للإدارة مع ضعف الكوادر التعاونية ونقص المعرفة والوعي بالعمل التعاوني السليم لذلك لابد من القضاء علي التأثيرات السلبية للإدارة الحكومية الأقل كفاءة على مشروعات وبرامج التنمية الوطنية، وتوسيع وفرص المشاركة في الاقتصاد العالمي الجديد. إعتبار الشفافية ضرورة لاعتماد معايير الاختيار المناسب للكفاءات الإدارية وفقا لاعتبارات موضوعية دقيقة وشفافة وقابلة للقياس وليس للولاء والمحسوبية التي أضرت بالعمل التعاوني وجاءت ببعض الذين ليس لهم ولاء ولا دراية أو معرفة بالعمل التعاوني فكانت الحصيلة هذا الخراب والدمار للحركة التعاونية وممتلكاتها ومنجزاتها.
إن الإهتمام بتقوية الجهاز الإداري المختص بالتعاون هو نقطة الإنطلاق للحركة التعاونية السودانية، علي أن يتم ذلك في إطار الإختيار السليم والاهتمام بتحفيز ذوي الأداء المتميز في ضوء نتائج تقويمهم المهني والسلوكي دون إتاحة الفرصة لاستشراء أي مظهر من المظاهر المرضية أو الممارسات الفاسدة. وتعتبر دراسة الجهاز الإداري الحكومي المختص بالتعاون وإعادة تنظيميه ظاهرة مستمرة ومتكررة في الإدارة العامة علما إنه ليس هناك أسلوب علمي محدد حول كيفية عمل التنظيم وإعادة التنظيم الإداري لأي جهاز إداري، لكن هناك مبادئ وأسس عامة في أدبيات الإدارة، ونظريات التنظيم الإداري، يسترشد بها خبراء التنظيم عند إعداد تنظيم أي جهاز إداري جديد، أو إعادة التنظيم والهيكلية الإدارية لأجهزة الدولة بشكل شامل أو لجهاز قائم بحد ذاته. تعيين 500 شابة وشاب
الوضع الراهن للتعاونيات
حين وصلت الإنقاذ الى سدة الحكم جاءت ببرنامج التطهير السياسي ، الذي أقصي من موقعه كل من لا يوالي "الإنقاذ"، وتلى ذلك إعادة صياغة القوانين والأجهزة التعاونية وتعيين لجان التيسييربما يواكب المرحلة الجديدة التي أُفرغت النقابات والاتحادات والتعاونيات من محتواها وجئ بأهل الثقة وذوي الولاء السياسي،وفقدت الحركة التعاونية جل كوادرها الديوانية والشعبية ومن هنا بدأ الإنهيار الحقيقي والذي تمثل في إحتكار قيادة الحركة التعاونية في أيد قلة عجزت عن القيادة في زمن العولمة والعلم والتكنولوجيا، وعهد الإنفتاح الخارجي. ولأن حكمة مشروعية التعاونيات قد طالتها إعادة الصياغة فلم يكن مهماً أن تمثل الإتحادات التعاونية وفي قمتها الإتحاد التعاوني القومي مصالح العضوية التعاونية ، فلم تكن من مهام هذه التعاونيات الدفاع عن مصالح العضوية التعاونية بل أصبحت الأهداف تصاغ وفقا للقرار السياسي ، ففقدت التعاونيات الفرص التي تتيحها الديمقراطية التعاونية مثل مبدأ النقد والنقد الذاتي كأحد الأساليب الفعالة لتصحيح مسار العمل التعاوني. هذا الوضع يذكرنا كيف تعامل الدكتاتور هتلر مع التعاونيات الألمانية العريقة وقام بتشريد قياداتها وأستولي علي التعاونيات وسخرها لمصلحة الحزب النازي ، ولم تجد هذه التعاونيات عافيتها إلا بعد زوال دكتاتورية هتلر بعد الحرب العالمية الثانية.
إننا اليوم نجني ونحصد ثمار هذه السنوات ومن ذلك الإنتخابات التعاونية المشوهة البيعدة عن الديمقراطية التعاونية، وأكبر دليل علي ذلك ماجري في يوم الأثنين 14-5-2007 والذي تجسد في الخلل االواضح لسير العملية الانتخابية لأختيار القيادة التعاونية الجديدة، حيث كانت كل الدلائل المنطقية تشير الي ذهاب القيادة القديمة أو علي الأقل تجديدها بدماء جديدة وقيادات شابة. إن بقاء ذات القيادات وترأسها للدورة الحالية دون اتاحة الفرصة لقيادات جديدة يعني بقاء السلطة في ايدي فئات معينة أخفقت كثيرا في تلبية متطلبات الحركة التعاونية وفرطت في مكتسباتها ، حيث تم في عهدها بيع بنك التنمية التعاوني ، وفقدت الحركة التعاونية الجهة التدربية والتعاليمية الوحيدة بالبلاد : المركز القومي لتدريب التعاونيين ، كما فقدت الحركة التعاونية جزء من ممتلكاتها والتي بيعت بأثمان بخسة.

لقد كشفت الاحداث التي صاحبت الإنتخابات التعاونية، للإتحاد التعاوني الحرفي بولاية الخرطوم 2007 ، والإتحاد التعاوني بولاية القضارف 2007 ، وتلك التي جرت لاختيار القيادة التعاونية الجديدة للاتحاد التعاوني القومي في 14 مايو 2007 ، عن الأزمة التعاونية المتمثلة في ضعف الوعي التعاوني وهشاشة المحتوى الديمقراطي للعملية الانتخابية في بلادنا ، سواء على مستوى الثقافة والفهم أم على مستوى الممارسة والفعل أم على مستوى المؤسسات والشخوص، أم على مستوى النخبة اتعاونية والقيادات الشعبية، الى درجة يمكن فيها توصيف الحالة الانتخابية التعاونية بانها محاولة لبناء ديمقراطية بلا ديمقراطيين.
فثمة ضحالة هائلة في التجربة الانتخابية، حيث لا توجد طبقة تعاونية متمرسة في العمل التعاوني بإستثناء قلة قليلة من التعاونيين الشعبيين، ويعود هذا الى سببين الأول منهما هيمنة الدكتاتورية لمدة طويلة علي مقاليد الحكم بالبلاد، تعذر معها نشوء طبقة تعاونية ديمقراطية متمرسة، من جهة، وبقاء كثير من التعاونيين خارج إطار العمل التعاوني من جهة ثانية. وثمة هشاشة كبيرة في الإلتزام بقواعد العملية الديمقراطية، فضلا عن السطحية في فهمها وقبولها والإستعداد للإلتزام بها والعمل بموجبها. وإذا كانت التسويات القائمة على أساس التنازلات المتبادلة تمثل واحدة من هذه القواعد فإننا نرى إصراراً غريباً على المواقف والمواقع التي تحتلها هذه القيادات، مما يمنع حصول أي حراك وتزحزح، وظهور قيادة جديدة منتخبة.
وثمة فقر مدقع في الثقافة الديمقراطية والفهم الواعي للتعاون لدى النخب والجمهور في آن واحد، والطرفان معذوران كون الأنظمة السابقة وخاصة نظام الحكم الحالي قد حرم أصلاً تداول هذا النوع من الثقافة، وعلى مدى حوالي عقدين من الزمان، مما أنتج نخباً وجمهوراً تعاونيا ليس لهما من الثقافة الديمقراطية إلا الشيء القليل الذي لا يغني ولا يسمن عن جوع. وتكشف عن هذا الفقر في الثقافة الديمقراطية وممارستها حيث لا يوجد فيها ما يؤمن إشاعة الثقافة الديمقراطية والمبادئ التعاونية بين صفوف المواطنين والتعاونيين. وثمة ضعف ينتاب المؤسسات التعاونية التي تمثل العمود الفقري للديمقراطية وفي مقدمتها مجالس إدارات التعاونيات وخاصة الإتحادات التعاونية وبصورة أخص الإتحاد التعاوني القومي والتي أصبحت مجالس صورية ليس لها من الدور القيادي الا الشيء اليسير والقدر النزير حيث تمت ادارة العمل التعاوني وراء جدران سميكة لغرف ذات ابواب محكمة الغلق، لا تصادر فقط حق التعاونيين في ان يعرفوا ما يدور، وهذا مبدأ اخر من مبادئ الديمقراطية، وإنما تهمش دور مجالس الإدارات المنتخبة بشكل يجعلها هياكل بلا فعالية وأجساما بلا حياة.
بدون الشفافية والنزاهة والإلتزام الصارم بالمبادئ التعاونية التي تحكم الأنتخابات التعاونية وإختيار الأصلح ، فإننا نصبح كبائعي الكلام والوعود في سوق الكلام وهنا تقدم بضاعة تقوم علي الغش والخداع والتلاعب بمصائرومستقبل الناس ، تلهب المشاعر وتدغدغ العواطف وتقدم سرابا من الوعود والتي تتبخر وتذوب حال الفوز بالغنيمة والجلوس علي الكراسي لتبدأ دورة تالية من المعاناة والأهدار والدمار. لقد آن الآوان لمحاسبة هؤلاء الذين يتاجرون بالقضية التعاونية ويزايدون عليها لا لشئ سوي تلك المصالح الضيقة والبقاء بكراسي السلطة ، وذلك بإنتخاب الأصلح ، حتي لاتتكر التجارب الفاشلة والعمل علي أن يصل الممثلين الحقيقين للتعاونين لمواقع القيادة، ولا يتم ذلك إلا برفع الوعي التعاوني وبالتطبيق السليم للقيم والمبادئ التعاونية وإلتزام القيم التعاونية في إختيار الأصلح لقيادة العمل التعاوني.
مثلث الحركة التعاونية السودانية
يمثل الإتحاد التعاوني القومي، والإدارة العامة للتعاون، والمركز القومي للتنمية والتدريب التعاوني مثلث الحركة التعاونية السودانية، وهو الذي يتحمل المسئولية كاملة فيما يتعلق بالوضع المتردي الذي وصل اليه حال التعاونيات ويعتبر الإتحاد التعاوني القومي المسئول الأول عن الخراب الذي لحق بالحركة التعاونية السودانية، خاصة وإن القيادات التي علي رأسه قد تربعت علي سدة الإدارة لمدد تتراوح بين 15 الي 25 عاما، تقهقرت فيها الحركة التعاونية الي القاع. ولقد كان للسلطة الساسية دور كبير في سيطرة هذه القيادات علي دفة العمل التعاوني السوداني لأنها أتت بقرارات سياسية منذ 1989 عندما تم حل إدارات الجمعيات والإتحادات التعاونية وإستبدال قياداتها الشعبية المنتخبة ديمقراطيا، بأخري موالية لنظام الإنقاذ وليس لها ولاء يذكر للحركة التعاونية ومصالح ملايين التعاونيين السودانيين. أما الأدارة العامة للتعاون فقد تم إضعافها وتفتيتها خاصة بعد قيام الحكم الولائي، وتهميش دورها بتبعيتها لوزارة التجارة الخارجية، والتي لا يلقي وزرائها المتعاقبين أي نوع من الإهتمام بالتعاون، ويمارسون مهاهم تجاهها كأداء واجب فقط. وعلي الرغم من أهمية الضلع الثالث وهو المركز القومي لتدريب التعاونيين في التنوير والتثقيف والتدريب، إلا أن دوره إختفي في الساحة التعاونية وأصبح جل هم القائمين عليه، إقامة الدورات (المسماة مجازا تدريبية) في مصر، وأغلبها لغير التعاونيين الذين قام المركز أصلا من أجلهم. وكان حصيلة ذلك أن فقد التعاونيين جل جهودهم ومقدراتهم وأموالهم التي تكونت عبر سنين طويلة وجهد مضني، وضاعت ممتلكات الحركة التعاونية، وتسرب بنك التنمية التعاوني بسبب تلك القيادات التعاونية الشعبية والتي إكتفت بالتمثيل في مجلس إدارة البنك وقبض الحوافز. وكانت الطامة الكبري إنتزاع والي ولاية الخرطوم السابق لمباني وعقار مركز التدريب التعاوني تحت سمع وبصر الجميع!!!؟ لكل ذلك علاج هذا الواقع يحتاج لقرار سياسي شجاع يتم بموجبه إعادة الأمور الي نصابها، وذلك: بإرجاع ممتلكات المركز فورا من ولاية الخرطوم، والأشراف علي إنتخابات حرة ونزيهة، وإيجاد وضع إداري للحركة التعاونية يتناسب مع دورها وأهميتها.

الخلاصة وتشمل المشاكل والحلول
أولا: مشاكل الحركة التعاونية السودانية
تتمثل معظم مشاكل الحركة التعونية السودانية الي مشاكل تنظيمية و فنية ومشاكل الكوادر التعاونية الديوانية بالأضافة الي المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وسوف نتعرض لها بالتفصيل على النحو التالي:
أولاً: مشاكل تنظيمية:
1. ما زالت الحركة التعاونية الشعبية ببنيانها غير متكامل من القاعدة إلى القمة المتمثلة في الاتحاد التعاوني القومي بعيدة عن العمل التخطيطي بمعناه العلمي فكراً وتنظيماً وتعتمد في ذلك على الجهاز الديواني وقد تساهم معه بالأفكار والمناقشات فقط. حيث اتضح من حصيلة التجربة أن أهم سلبيات العمل التعاوني راجع إلى عشوائية العمل وأن الحل الأمثل لانطلاقة الحركة التعاونية وتحقيق أهدافها لن يكون إلا بالتخطيط. الإستراتيجي والإدارة الإستراتيجية.
2. الجهاز الديواني "الأمانة العامة للتعاون" يفتقر لوجود جهاز تخطيطي متكامل داخل القطاع التعاوني، ولا يوجد أي أثر للتخطيط في الولايات، كما لا يوجد فوقها أي تنظيمات توجهها وتمدها بالسياسات العامة التي يجب أن ترسم خطتها على ضوئها. وإذا كانت هناك أى إدارة للتخطيط والبرامج فهي موجودة في فراغ ليس لها جذور في الولايات وليس لها قمة وجهاز توجيهي فعال في قمة القطاع ووزارة التجارة الخارجية.
3. عدم وجود هيئة عليا في القطاع لها من السلطات السياسية والتنفيذية ما يمكنها من وضع استراتيجية عامة للعمل التعاوني على مستوى الدولة، وهذه الاستراتيجية التي توضع في ضوء الاستراتيجية العامة للدولة، هي التي يعمل الجهاز التخطيطي في القطاع في حال وجوده على ضوئها وهي التي تحدد له أسلوب العمل وطريقه وحتى في حالة وجود جهاز تخطيطي بدون وجود هذه الهيئة فيصبح في هذه الحالة كالجسد بلا رأس. كما لا توجد حلقات ربط رسمية واضحة ومحددة بين الجهاز الديواني والجهاز الشعبي للتنسيق والتخطيط لمستقبل العمل التعاوني.
4. إذا كان هناك إيمان واقتناع بأن تتولى الحركة التعاونية الشعبية مسؤوليتها في التخطيط لمستقبل ونمو الحركة التعاونية السودانية فلابد وأن تتهيأ هي نفسها لهذه المهمة، وعلى ذلك فالبنيان التعاوني بوضعه الحالي والذي لا يشجع على إنشاء الاتحادات النوعية والفرعية على مستوى لولايات والمناطق يعيق بطريق غير مباشر عملية التخطيط السليم للحركة التعاونية. فالوضع الحالي لوحدات البنيان لا يمكنها من أداء دورها الهام والمتشعب الجوانب والاتجاهات في التخطيط العلمي السليم للتعاون الزراعي والتعاون الاستهلاكي والتعاون الإنتاجي والحرفي والتعاون الإسكاني.. الخ وما يحتاجه ذلك من تخصص وخبرة، كما أنه يتعارض مع مبدأ التخصص وتقسيم العمل.
5. القطاع التعاوني شأنه شأن أي قطاع اقتصادي يحتاج إلى الاستقرار حتى يجد الفرصة للعمل والإنتاج، لكن التغيرات الكثيرة التي تحدث سواء في القوانين التي تحكم الحركة التعاونية أو في السياسة الاقتصادية للدولة أو في تبعية القطاع التعاوني ووضعه ضمن أجهزة الدولة وغيرها من التغيرات – هذه التغيرات بلا شك ذات تأثير ضار على وضع استراتيجية للقطاع ومن ثم على التخطيط المستقبلي لنشاطاته ومساهماته.
6. تفشي "الأمية التعاونية" ويتضح ذلك من نظرة معظم الوزراء المنوط بهم ترقية العمل التعاوني والمسئولين بأجهزة الدولة المرتبطة بالعمل التعاوني، إلى قطاع التعاون على أنه قطاع خدمات فقط وكان لذلك تأثير ضار على تخطيط النشاطات المختلفة للحركة التعاونية ذات الجوانب الإنتاجية (التعاون الزراعي والحرفي والإسكاني.....الخ) لأنها تعزل هذه النشاطات عن نشاطات القطاعات الاقتصادية المشابه لها، وبذلك تفقدها إمكانية الاستفادة والإفادة فضلاً عن الربط والتنسيق معها.وكان من نتائج ذلك ضعف العلاقة العضوية (إن وجدت) بين الإتحاد التعاوني القومي والإتحادات الولائية المحلية، وهذا ما يثبته الواقع، مثال لذلك الخلاف البين والحاد بين الإتحاد التعاوني القومي وإتحاد ولاية الخرطوم حول كيفية إدارة دفة العمل التعاوني والذي تجسد بصورة كبيرة في الإنتخابات التعاونية (الصورية) في2007 لإختيار مجلس إدارة الإتحاد التعاوني القومي والتي إنسحب منها مندوبوا إتحاد ولاية الخرطوم التعاوني إثر مشادة كلامية بينهم وبين رئيس الأحاد القومي ورئيس الجلسة.
7. معظم مكاتب التعاون بالولايات والمحليات ما زالت تعمل كوحدة واحدة في جميع الأعمال الملقاة على عاتقها، ولا يعمل المسئولين عنها وفق مبدأ التخصص وتقسيم العمل عن طريق إنشاء وحدات للتخطيط ووحدات للتدريب ووحدات للمراجعة وتسكين العاملين في هذه الوحدات وقصر عملهم على مسئوليات هذه الوحدات كسباً للخبرة وتحديداً للمسئولية واستقراراً للعاملين.
ثانياً: مشاكل الكوادر التعاونية الديوانية:
1. النقص الكبير في عدد العاملين بالنسبة لحجم العمل المطلوب والأمر نفسه بالنسبة لمكاتب الولايات والمناطق.، مما يؤدي إلى عدم إمكانية تطبيق التخصص وتقسيم العمل نظراً لعدم وجود العاملين.
2. القوى العاملة في الإدارات التعاون بقطاع التعاون وكذلك الأفراد الذين يقومون ببعض جوانب العمل التخطيطي بالولايات ليسوا مدربين تدريباً كافياً للقيام بأعباء ومسئوليات العمل الإداري والتنظيمي والتخطيطي وبعضهم غير مدربين أصلاً ولا مهيئين لهذا العمل.
3. عدم تثبيت الموظف منذ بدء تعينه في مجال محدد من مجالات العمل كالتخطيط مثلاً أو التوعية والتوجيه أو المراجعة أو التدريب أو العمل الميداني.... الخ. ويستمر في هذا المجال ويرقى داخله ويطور نفسه ويبني مستقبله على أنه مستمر في هذا المجال وبالتالي تكون دراسته وتدريبه أثناء العمل في هذا المجال وبالتالي يصبح بعد فترة متخصص وملم بجميع جوانب هذا العمل.ولكن الأمر المؤسف هو أن أي موظف يمكن أن ينتقل من مجال إلى مجال جديد بعد أن يكون قد قضى فترة طويلة في المجال القديم مما يفقده كادراً
4. هناك شعور سائد عند أغلب العاملين في الحقل التعاوني بأنهم مهملين وغير متساويين مع نظرائهم في الوزارات والمصالح الأخرى وذلك راجع إلى أن عدد كبير منهم لم يرقى منذ فترة طويلة كما لا توجد لهم حوافز مادية ومعنوية لتشجيعهم وتدفعهم لمزيداً من العمل. كما أن كثرة التنقل من الإدارات والأقسام والأقاليم والمناطق المختلفة مما يؤدي إلى عدم الاستقرار وعدم اكتساب الخبرة في مجال العمل.
5. تشتت الكوادر التعاونية الديوانية المؤهلة وتبعثرها بعد ظهور الحكم الولائي وضعف سلطات إدارات التعاون بالولايات وإرتفاع نفوذ وسطوة مدراء وزارات المالية بالولايات والتي تتبع لها إدارات التعاون ، حيث تم نقل العديد من تلك الكوادر من إدارات التعاون الي وزارات المالية بالولايات المختلفة ، وبذلك فقدت الحركة التعاونية كوادرها المؤهلة والمدربة.
ثالثاً: مشاكل فنية:
1. ارتباطاً مع مشكلة عدم تسكين العاملين في مجالات محددة للعمل وإمكانية نقل الموظف للعمل في أي مجال من مجالات العمل التعاوني فإن سياسة الدراسات العليا وسياسة التدريب أثناء الخدمة لا تراعي تخصص العامل عند ترشيحه لمنحة دراسية أو دورة تدريبية بل يكون هذا الأمر بالدور، وعلى ذلك فممكن أن يرشح أحد العاملين في مجال المحاسبة في دورة عن التخطيط والعكس صحيح مما يقلل من مدى الاستفادة من التدريب بل ويعود المتدرب للعمل في مجال بعيداً عن المجال الذي درس أو تدرب فيه.
2. عدم وجود إحصائيات سليمة مكتملة عن وضع الحركة التعاونية حتى يمكن الاعتماد عليها عند وضع الخطة التعاونية، مع قصور البحوث والدراسات اللازمة لمعرفة الجوانب المختلفة للنشاط التعاوني وارتباطه مع غيره من النشاطات وإظهار العوامل المؤثرة عليه وذلك لغياب الكادر المؤهل الذي يستطيع القيام بهذه البحوث.
3. نقص الإمكانيات المادية الميسرة للعمل بكافة صورها وعلى مختلف المستويات (وسائل النقل، أجهزة الكمبيوتر، الآلات الكاتبة، آلات التصوير الأدوات الكتابية، نظم الحفظ والتوثيق، السكرتارية... الخ).
4. ضعف البرمجة والارتباط بين المستوى المركزي والمستوى الولائي في صورة اجتماعات دورية أو زيارات ميدانية لتبادل الرأي والخبرة والمساعدة في حل المشاكل، ونفس الشيء ينطبق على العلاقة بين المستوى المحلي والمستوى الولائي.
رابعا ً: مشاكل عامة:
1. معانات صغار المنتجين والمستهلكين من استغلال القطاع الخاص فى حالة اللجوء اليه لتدبير سلع الاستهلاك أو مستلزمات الانتاج.
2. معانات التعاونيات من التمييز لصالح وحدات القطاع الخاص ولغير صالحها ( إزدواجية المعايير ) فقد أتيحت كل الفرص وانواع المساندة للقطاع الخاص ابتداء من سهولة التغييرات التشريعية وتطويرها ومرورا بفتح خزائن البنوك لتوفير التمويل المناسب أمامها وانتهاء بتسهيل انشاء واقامة كل أشكال التنظيم التى تناسب هذه الأنشطة وذلك فى الوقت الذى حرمت فيه التعاونيات من كل ذلك.
3. تأثرت الادارة التعاونية بما هو سائد فى المجتمع من افتقاد للديمقراطية الداخلية فى التعاونيات وما ترتب عليه من انصراف التعاونيين عن ممارسة حقوقهم.
4. التدخلات الادارية المفرطة من جانب الاجهزة البيروقراطية التى أطلقتها الدولة على التعاونيات فى شئونها وتعطيل قراراتها وفى أحيان كثيرة ابتزاز القيادات والمنظمات التعاونية لاجبارها على قبول القرارات الادارية.
5. تأثرت التعاونيات بالتطبيق الخاطيئ والمتسرع لبرامج الخصخصة وتحرير الاقتصاد.
حدث كل ذلك فى الوقت الذى أفرزت فيه التطورات المجتمعية والاقتصادية اشتداد الحاجة الى خدمات التعاونيات والى تواجدها فى بنيان قوى ومتماسك وذلك للمساعدة فى مواجهة هذا الواقع خاصة فى المجالات التالية، زيادة الانتاجية، مشكلة البطالة، تطوير القطاع غير الرسمى، مواجهة الفقر وسوء التوزيع.
وعلى الجانب الآخر هناك قصور تعاوني ذاتي يتمثل في:
(1) عدم تركيز التعاونيات والتنبه الى الافضليات التى تتميز بها والإستفادة منها والتى من أهمها :
- صغر رؤوس الاموال المطلوبة للمشروعات التعاونية.
- تواضع مستوى الادارة المطلوب.
- الادارة الذاتية وانخفاص التكاليف فى المشروع التعاونى.
- القرب من الاسواق.
- القدرة على تحويل القطاع العشوائى الى قطاع منظم.
(2) غفلت التعاونيات عن كل هذه الامكانيات الذاتية وتلك المجتمعية واكتفت بالشكوى وانتظار رضا الدولة وما يؤمل عليه من انقاذ التعاونيات.
(3) غفلت التعاونيات عن أن النظام الجديد بتكوينته الرأسمالية المتوحشة هو أهم التحديات التى تواجهها وتتمنى أن تعوق مسيرتها.
(4) لم تمتلك التعاونيات رؤية تحليلية للواقع تضع خططها المستقبلية على أساسها للاستفادة من هذا الواقع والتأقلم معه بشكل إيجابى وبآليات تسخر هذا الواقع لتحقيق طفرة فى النشاط التعاونى.
ولذلك في رأينا بداية الإصلاح تتمثل في ان تهتم الحكومة بتنظيم وإعادة تنظيم وتطوير الجهاز الإداري الحكومي المختص بالتعاون "الادارة العامة للتعاون" وإدخال التعديلات اللازمة بشكل مستمر لتواكب مستوى أجهزتها الإدارية مع حجم مسؤولياتها ومهامها، وما تتطلبه الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يمربها المجتمعن علي ان ترفع الي وزارة او وكالة. وحتي تستطيع الحركة التعاونية القيام بدورها المطلوب يجب أن يكون واضحا أن هذا الإهتمام والتنظيم من قبل الدولة للحركة التعاونية ، لا يعني بأي حال من الأحوال التخلي عن الخصائص التي يتميز ويتفرد بها العمل التعاوني ، وبالتالي عدم التدخل في الإستقلالية والذاتية للتعاونيات ودعمها وتطوير إعتمادها علي نفسها والجهود والموارد الذاتية للأعضاء، ويجب أن يصب دعم الدولة المنشود من منطلق واجبها نحو هذا القطاع ، في إتجاه تنمية وتطوير هذه الخصائص المتفردة للقيام بدوره في تحقيق التنمية المستدامة وتحقيق السلام الايجابي.

المراجع
- العتيبي، محمد الفاتح ورقة عمل مقدمة الي تجمع المهنيين (التعاونيات أداة للحرية والسلام والعدالة وبناء سودان أفضل - حرية سلام وعدالة والتعاونيات خيار وقرار الشعب) بريطانيا – أكسفورد - مايو 2019
- العتيبي، محمد الفاتح، دور وأثر المنظمات التعاونية في دعم حقوق الانسان وتحقيق التنمية المستدامة، مؤتمرUN لحقوق الإنسان القاهرة 2017
- العتيبي، محمد الفاتح ، دور وأثر منظمات المجتمع المدني في دعم حقوق الأنسان وتحقيق التنمية المستدامة، ورقة عمل مقدمة الي المؤتمر الدولي الثاني للبيئة والتنمية المستدامة جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء 4 / 5 مايو 2017
- العتيبي، محمد الفاتح عبد الوهاب، الجمعيات التعاونية وأسس قيام المشروع التعاوني، ورقة عمل مقدمة الي الاجتماع التمهيدي لتأسيس المنظمة التعاونية الانتاجية المتعددة الاغراض بالمملكة المتحدة، لندن نوفمبر 2013
- العتيبي، محمد الفاتح، الدروس المستفادة من تجربة السودان حول دور التعاونيات والتحديات التي تواجه الصراع في سوريا، ورقة عمل مقدمة الي الإجتماع التشاوري حول إعادة التفكير في المشاريع التعاونية في الزراعة بعد انتهاء الصراع في سوريا بيروت مقر الإسكوا 18-20 يونيو 2019
- العتيبي ، محمد الفاتح عبد الوهاب وقصي همرور، التعاونيات استعراض واستبانة آفاق، أغسطس 2019
العتيبي محمد الفاتح عبد الوهاب ، خبير تعاوني وإختصاصي التعاون والتنمية الريفية ، تطوير وتنمية الجهاز الإداري والحكومي المختص بالتعاون "الطريق نحو إصلاح تعاوني عاجل" ، ورقة عمل مقدمة الي مؤتمر مديري إدارات التعاون بالولايات ، قاعة الإجتماعات بالأمانة العامة للتعاون ، الخرطوم ، 7- 8 أبريل 2007م.
العتيبي، محمد الفاتح عبد الوهاب ، ،الحركة التعاونية السودانية وفرص التنمية المهدرة "التعاون الزراعي نموزجا" ‘ورقة مقدمه لمؤتمر مركز الأرض حول مستقبل التعاون الزراعى فى ضوء التغيرات السياسية الراهنة إهدار حق التنظيم للفلاحين فى مصر.... مسئولية من ؟ المنعقـدة بفندق رويال جاردنز يوم 8/9 يونيو 2007 العنوان : 122 ش الجلاء برج رمسيس القاهرة ت/ف :[email protected] - [email protected] www.lchr-eg.org
العتيبي ، محمد الفاتح عبد الوهاب ، آثار القرار السياسي على دور ومستقبل التعاون الزراعي ، ورقة عمل مقدمة الي ورشة عمل"دور ومستقبل التعاون الزراعي والزراعة التعاونية" ، وزارة الزراعة و الغابات الخرطوم، 30/8/2006
العتيبي محمد الفاتح عبد الوهاب (محاضر) ، المبادئ التعاونية ، المركز الاقليمي للتنمية والتدريب التعاوني ، الابيض اقليم كردفان ، 1981م
العتيبي محمد الفاتح عبد الوهاب (محاضر) ، الحركة التعاونية : النشأة والتطور ، المركز الإقليمي للتنمية والتدريب التعاوني ، الأبيض ، السودان ، 1984.
محمد عبد الرازق سيد أحمد - تطبيقات اقتصاديات التنمية في تكوينات الجمعيات التعاونية بالسودان1945م – 2005م، رسالة ماجستير (أكاديمية السودان للعلوم – الخرطوم - سبتمبر 2005م
- بريمة ادم نورين، المركز القومي للتنمية والتدريب التعاوني، التعاونيات وسيايات التموين للسلع الاستراتيجية، الخرطوم فبراير 2020
- راتب، حسن كامل ، التعاونيات العصرية، القاهرة 2018
- منشورات منظمة العمل الدولية ، "التعاونيات" مقتطف من البيان حول الهوية التعاونية، الذي اعتمدته الجمعية العامة للاتحاد الدولي للتعاونيات، 1995 منظمة العمل لدولية ، مكتب العمل الدولي ، الطبعة الأولى www.ilo.com ممكتب العمل الدولي ، الطبعة الأولى ، جنيف – سويسرا – 2000

- ورشة التواصل الفعال بين التعاونيات، منظمة Rhizome التعاونية، لندن 17 يوليو 2016
- ورشة الخبراء والقيادات التعاونية البريطانية، التعليم التعاوني في التعليم العالي، كلية التعاون البريطانية، مانشستر 27/02/2017
- وقائع المؤتمر التعاوني الدولي للحلف التعاوني الدولي "التعاونيات والتنمية المستدامة" كيجالي، رواندا 14-17 أكتوبر 2019
- قرار الجمعية العامة للحلف التعاوني الدولي حول التعاون من أجل التنمية، تأييد استنتاجات المؤتمر العالمي للحلف التعاوني الدولي "الجمعيات التعاونية من أجل التنمية" ، كيجالي، 14-17 أكتوبر 2019
-أنظر بتفاصيل أكثر لموقع محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي http://www.ahewar.org/m.asp?nm=1&i=1700
التوصية رقم 193توصية بشأن تعزيز التعاونيات Recommendation No. 193 مؤتمر العمل الدولي
http://www.ilo.org/images/empent/static/coop/pdf/Arabic.pdf
-اتحاد الحصاد الآلى لجنوب الجزيرة - الاقليم الاوسط - وزارة المالية والاقتصاد - ادارة التعاون - سمنار الجمعيات التعاونية للخدمات الزراعية بالمنطقة المروية (من اجل خدمات زراعية افضل- المنعقد بقاعة ادارة مشروع الجزيرة والمناقل ببركات فى الفترة من 4 ابريل – 8 ابريل 1982م
- د. حسن الوديع السنوسي ، تطور الحركة التعاونية السودانية ، مؤتمر التنمية التعاونية الشاملة ، المركز القومي لتدريب التعاونيين ، الخرطوم ، السودان ، 22-26 فبراير 1987 م.
- شمس الدين الأمين ضوالبيت (تحرير وتقديم) المرأة السودانية عشر سنوات بعد بكين، مركز الجندر للبحوث والتدريب، الخرطوم 2006
- د.عبد الرحيم أحمد بلال ، القضية الاجتماعية والمجتمع المدني في السودان ، دار عزة للنشر والتوزيع ، الخرطوم ص.ب 12909 ، 2005م
-على محمد المبارك م. المدير الزراعى للميزانية آفاق تعاونيات الخدمات الزراعية بمشروع الجزيرة سمنار حول جمعيات الخدمات الزراعية التعاونية بالمنطقة المروية مارس 1982م
-د. فرح حسن آدم ود. كامل إبراهيم حسن ، الحركة التعاونية بين النظرية و إمكانية التطبيق ، المجلس القومي للبحوث ، مجلس لأبحاث الاقتصادية والاجتماعية ، الخرطوم – يناير 1980م
-فخري شوشة (دكتور) ، محاضرات في مبادئ علم التعاون – المعهد العالي للتعاون الزراعي – شبرا الخيمة – القاهرة 1978م
د. كمال حمدي أبوالخير ، النظم التعاونية في الدول المختلفة ، المطبعة العالمية 16 , 17 ش ضريح سعد زغلول ، القاهرة ، 1980 م.
-تعاونية للألبان في بنغلاديش تنتشل المزارعين من براثن الفقر، www.fao.org/.focus/2002/milkvita_main.htm
-تقرير عن الحركة التعاونية في جمهورية السودان، منظمة العمل الدولية (فرع التعاونيات بجنيف-مكتب شمال أفريقيا القاهرة)، سبتمبر 2003
المراجع الانجليزية

- Co-operatives the British Achlevenent by : Paul Greer. Harper and Brothers Publishers : New York 1955 PP. 89-90
- Hlstory of Co-operation by : Emory S. Bogardus. The Co-operative leagye og U.S.A Chlcago-Washington , 1955,P.16
- Co-operatives the British Achievement by: Paul Greer. Harper and Brothers Publishers: New York 1955 PP. 89-90
- History of Co-operation by: Emory S. Bogardus. The Co-operative leagye of U.S.A Chicago-Washington, 1955
- Robert Owen Collection, National Co-operative Archive - Co-operative College, Holyoake House, Hanover Street, M60 0AS, Manchester, Website http://archive.co-op.ac.uk
- Wat is the Co-operative? Definition/Values and Principles, www.ica.coop
- https://www.ilo.org/global/lang--en/index.htm
- http://www.ica-ap.coop/
- https://www.co-op.ac.uk/
- https://www.co-operativebank.co.uk/
- https://www.co-opbank.co.ke/
- https://www.ica.coop/en/cooperatives/what-is-a-cooperative



#محمد_الفاتح_عبد_الوهاب_العتيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في رحاب المبدأ التعاوني السابع ... الإهتمام بتنمية وتطوير ال ...
- دور وأثر التعاونيات في مكافحة تغير المناخ والحفاظ على البيئة ...
- التعاونيات من أجل التنمية السلام والتنمية المستدامة مؤتمر ال ...
- التعاونيات أداة للحرية والسلام والعدالة وبناء سودان أفضل حري ...
- التعاونيات والفرق بينها وبين أشكال العمل الجماعي المنظم الأخ ...
- المجموعات المستدامة من خلال التعاون
- المباديء التعاونية أساس نجاح الجمعيات التعاونية وأستدامتها و ...
- التعاونيات .. البيئة ، التنمية المستدامة وحقوق الانسان والدو ...
- أهمية وضرورة إعداد الأخصائي التعاوني لإ نشاء وتأسيس وإدارة ا ...
- المنظمات التعاونية معبر المرأة في أفريقيا والعالم العربي وال ...
- فاعلية ودور التعاونيات في التمكين الإقتصادي والأجتماعي للأيت ...
- البنوك التعاونية من أقوى البنوك في العالم
- الاحتفال باليوم الدولي للتعاونيات 2014 تحت شعار -المشروعات ا ...
- أثر الإسلام في دور التعاونيات لتحقيق العدالة الاجتماعية وتكر ...
- الأحتفال باليوم العالمي للتعاونيات 06-07-2013 تحت شعار -المش ...
- تعاونيات الشباب
- مسئوليات ومهارات الأشراف الأداري الفعال
- الأحتفال بالسنة الدولية للتعاونيات ... التعاونيات والشباب
- شراكة حقيقية وفاعلة من أجل حماية المغترب السوداني
- الربيع العربي والتمكين الإقتصادي للمرأة عبر المنظمات التعاون ...


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي - الحركة التعاونية أهداف إقتصادية .. وسائل إنسانية