في رحاب المبدأ التعاوني السابع ... الإهتمام بتنمية وتطوير المجتمع المستشار والخبير التعاوني محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي

محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي

الحوار المتمدن-العدد: 6902 - 2021 / 5 / 18 - 13:10
المحور: المجتمع المدني
    

في رحاب المبدأ التعاوني السابع ... الإهتمام بتنمية وتطوير المجتمع
المستشار والخبير التعاوني محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
منذ قيام وتأسيس جمعية روتشيديل التعاونية عام 1844 أثبتت التعاونيات قدرتها الفائقة والفاعلة في تعزيز مشاركة كافة الناس بمختلف البيئات والثقافات (النساء والشباب والمسنون والأيتام والمرأة المعيلة والاشخاص ذوو الاعاقة) على أتم وجه ممكن فى التنمية المستدامة، مما يجعل التعاونيات عاملا رئيسيا من عوامل التنمية المستدامة، والتخفيف من حدة الفقر. وادركت الامم المتحدة المساهمة المهمة التى تقدمها التعاونيات، بمؤتمر القمة العالمى للتنمية الاجتماعية والمؤتمر العالمى المعنى بالمرأة، ومؤتمر الامم المتحدة الثانى للمستوطنات البشرية (الموئل الثانى)، ومؤتمر القمة العالمى للاغذية، والجمعية العالمية الثانية للشيخوخة والمؤتمر الدولى لتمويل التنمية ومؤتمر القمة العالمى للتنمية المستدامة ومؤتمر القمة العالمى لعام 2005 حتي الأحتفالية العالمية في 2012 بالسنة الدولية للتعاونيات، تحت شعار "التعاونيات من أجل بناء عالم أفضل".
ووفي إطار المبدأ التعاوني السابع: الإتمام بالمجتمع Concern for Community تمكنت التعاونياتٍ بعدد من الدول توفير فرص عملٍ جيدة والمساهمة في دفع عجلة اقتصاد الدول، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، بخفض معدلات الفقر والقضاء على الجوع وتحقيق المساواة بين الجنسين.المبدأ السابع الاهتمام بالمجتمع يقول: تعمل التعاونيات على التنمية المستدامة لمجتمعاتها اعتمادا على سياسات يوافق عليها أعضاؤها، وتعمل التعاونيات من أجل التنمية الإجتماعية المتواصلة فتقدم خدماتها في مجال نظافة وسلامة البيئة، الصحة والتعليم وتوفير مياه الشرب...الخ لمجتمعاتها من خلال سياسات يوافق عليها الأعضاء.
Concern for Community: Co-operatives work for the sustainable development of their communities through policies approved by their members.
ويعتبر انتشار التعاونيات كإحدى آليات الاقتصاد الاجتماعي من أهم معالم التنمية الاجتماعية، لأن نمو حركتها واتساع قاعدتها وإشراك عدد كبير من الأفراد فيها يمكن المجتمع من بناء طاقة ذاتية قادرة على النهوض به، ومنه تتضح أهمية هذه الآلية وأثرها المباشر على إرساء التنمية الاجتماعية ومساهمتها في الإدماج الاجتماعي ومحاربة الإقصاء والتهميش والقضاء علي القبلية والعنصرية.
وتبرز أهمية التعاونيات ودورها في تحقيق التنمية بإنجازها الكثير من المهام على الصعيد الاجتماعي والثقافي والسياسي إلى جانب مهامها الاقتصادية، بنتشر الأفكار المستنيرة المؤمنة بالديمقراطية وبحقوق الانسان وبقضايا البيئة والمناخ. وتتميز التعاونيات، حسب الأمم المتحدة، بالاستدامة وقدرتها على التكيف مع الأوضاع الاقتصادية من خلال قيمها ومبادئها الراسخة والثابتة، فضلا عن اهتمامها بالمجتمعات المحلية، كما أنها تضطلع بدور حيوي في توفير فرص العمل ومصادر الدخل.
ويفخر العمل التعاوني بالرأسمال البشري وبسعيه الحثيث لتحقيق أهداف اجتماعية وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة الاجتماعية، واكد المعهد الأوربي للبحوث المتعلقة بالتعاونيات والمشاريع الاجتماعية بأن التعاونيات تؤدي دورا رئيسيا في تحقيق استقرار الاقتصاد، لا سيما في القطاعات المتسمة بدرجة كبيرة من عدم اليقين وتقلب الأسعار، مثل قطاعي المالية والزراعة.
وقال غاي رايدر المدير العام لمنظمة العمل الدولية إن التعاونيات سر النجاح في تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة الى غاية عام 2030 وأفادت الأمم المتحدة أن الحركة التعاونية تتميز باستقلاليتها على المستوى المحلي لكنها مندمجة على الصعيد الدولي. وتأتي أهمية التعاونيات انطلاقا من الاعتراف بها كجمعيات يتمكن عبرها المواطنون من تحسين مستوى عيشهم مع المساهمة في الترويج الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي لمجتمعهم وبلدهم.
فالتعاونيات تركز علي البعد االجتماعي للتنمية المستدامة ويشكل الإنسان جوهر التنمية، وهدفها النهائي من خلال الإهتمام بالعدالة الإجتماعية والتقليل من الفقر، توفير فرص العمل والخدمات، أي تحسين مستوى معيشة األفراد وإيجاد فرص عمل والقضاء على التفاوت بين الطبقات االجتماعية.
والتنمية الإجتماعية تعني تنمية المجتمع البشرى، وتنمية الفرد البشرى، وذلك بتجديد مواهبه وإمكاناته وقدراته الفكرية والعقلية، بالزيادة كما وكيفا، وزيادة الفرد البشرى، وتحسين نوعه "تنمية الإنسان" بتنمية موهبتيه الأساسيتين، العقل والقلب، فهي إنما تعني تنمية حياة فكره وشعوره. ولذلك كل عمل في إتجاه تحرير الإنسان من الخوف والجوع والفقر والجهل، بصورة تنمي حياة فكره وشعوره يمثل لب التنمية ، وللتعاون مقومات راسخة تجعله يقوم بتوفير الأسباب المواتية للتنمية المستدامة وتحقيق السلام الايجابي عبرها.
لم ولن يتحقق ذلك إلا بخلق ووجود كيان تعاوني يساهم بفاعلية في التنمية المستدامة، وبنشر الفكر التعاوني وممارسته ممارسة حقيقية، والذي ينشد التنمية الريفية في المقام الأول، ومن ثم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي مساهمة القطاع التعاوني في الناتج القومي، من خلال القطاع الريفي الذي يستوعب نسبة عالية من الأيدي العاملة، ويوفر الغذاء، ويمد قطاع الصناعة بالمواد بالمواد الأولية، ويستجلب النقد الأجنبي للبلاد نتيجة صادراته .
فالأمم المتحدة تثمّن علي أهمية دور التعاونيات في التنمية المستدامة، وإسهامها في الحد من الفقر، وتوليد العمالة، وتحقيق الاندماج الاجتماعي، "باعتبارها شريكا قويا، تعمل الحركة التعاونية مع الأمم المتحدة كل يوم على تمكين الناس، وتعزيز كرامة الإنسان، والمساعدة في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية" الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أكتوبر 2012. ومن أهم شعارات الحلف التعاوني الدولي "التعاونيات من أجل بناء عالم أفضل" كوسيلة وأداة مهمة لتحقيق التنمية المستدامة والارتفاع بمستوي المعيشة للاعضاء وغير الاعضاء خاصة الحرفيين والمزارعين والشباب والنساء والأشخاص ذوي الإعاقة.
وذلك لإن أسـلوب ممارسـة الأعمـال التجاريـة الـذي تتبعـه التعاونيات أسلوب لا تحركه الأرباح في المقام الأول، بل يقوم في علـى خدمـة أعــضائها، الــذين يمتلكــون الأعمــال ويتحكمــون فيهــا ديمقراطيــا ويتمتــع الأعــضاء معا بالفوائد والإيرادات الفائضة عن الأعمال التجارية التعاونية لتحسين أوضاعهم الإجتماعية.
فظهرت أشكال جديدة مـن التعاونيـات، مثـل التعاونيـات الاجتماعيـة استجابة لتزايد عجز القطاع العام عن تلبية احتياجات السكان وخياراهتم مـن خـدمات الرعاية الأساسية، وتـهدف إلى تعزيـــز المنـــافع الجماعيـــة وتعـــضيد الانـــدماج الاجتمـــاعي. وهـــي تقـــوم بنـــوعين رئيـــسيين مــن الأنــشطة، أنــشطة الرعايــة، كرعايــة الأطفــال ورعايــة المــسنين ومــساعدة الأشــخاص ذوي الإعاقة وخدمات الرعاية الصحية والخـدمات التعليميـة؛ والأنـشطة التدريبيـة الـتي تـسهل الإدماج المهني للفقراء والمحرومين.
والتعاونيـات الاجتماعيـة جهـات فاعلـة رئيـسية في نظام الرعاية الاجتماعية وتنتشر علـى نطـاق واسـع في الدول الأوروبية وكندا، وفي منـاطق أخـرى مـن العـالم، فالإدماج الاجتماعي عبر التعاونيات عملية تضمن تكافؤ الفـرص، فيتـسنى لكـل فرد، بغض النظر عـن خلفيتـه، تحسين حياته الإجتماعية، خاصة الـشباب والنـساء والـشعوب الأصـلية وذوي الإعاقـة، حيث تمثـل التعاونيـات سـبيلا مضمونا لحياة حرة كريمة.
ففي إيطاليا بلغت فيها التعاونيات الاجتماعية شأوا بعيدا منــذ أواخــر ســبعينات القــرن العــشرين وفي عــام 2008 بلغت 3938 تعاونيـــة اجتماعيـــة نـــشطة يعمـــل فيهـــا نحـــو 320000 عامــل، وتــوفر خــدماهتا لنحــو 5,4 مليــون مــستخدم، وتعتبر إيطاليا أول دولة في أوروبا أرسيت تشريعات لإنشاء التعاونيات الاجتماعية وتعريفهـا منـذ عـام 1991. وفي جمهوريــة كوريــا تتكوّن تعاونيات اجتماعية يصل عددها إلى 10000تعاونية لــديها أصــول قيمتــها أكثر من 2,7 بلايــين يــورو مما يسفر عن أكثر من 50000 فرصة عمل جديدة. وفي اليابان قدمت اتحاد تعاونيات العمال خدمات قيمة في بـرامج التـدريب المؤهلـة للعمـل وإيجـاد فـرص العمـل لـسكان المنـاطق الـتي أصـابتها أمـواج تـسونامي عقـب الزلـزال في مـارس 2011
وللإدماج الاجتماعي عبر التعاونيات قوة فاعلة تمكن الأعـضاء مـن إنـشاء المـشاريع وتملكهـا، وضـمان اسـتدامة سـبل العيش، ومعالجة التمييز الاجتماعي، فعلـى سـبيل المثـال، وضـعت حكومـة بنما، اعترافـا منـها بفوائـد التعاونيـات في تمكـين الـشباب، إطـارا لتعاونيـات الـشباب منـذ عـام 1981. وفي عام 1990 قررت جعل تعليم التعاون إلزاميـا في جميـع المـدارس، ويعمـل المعهـد البنمي للتعاونيات مع تعاونيات الشباب، بتوعيتها بأهمية البيئة، ومع المزارع المدرسية لمكافحـة الجوع وتعزيز التنوع والثقافة، واستفاد ذوو الإعاقة أيـضا مـن إشـراكهم في التعاونيـات. وفي الفلـبين، أُسِّـس الاتحـاد الوطني لتعاونيـات ذوي الإعاقـة في عـام 1998 للنـهوض بالتعاونيـات باعتبارهـا وسـيلة بديلـة لـتمكين ذوي الإعاقـة وتحقيـق تقـدمهم الاجتمـاعي الاقتـصادي. وابتـداء مـن خمـسة أعـضاء، تزايــد حجــم الاتحــاد ليــشمل 16 تعاونيــة أساســية وتتــألف ملكيتــه وملاكــه كليــا مـن ذوي الإعاقـة البدنيـة، وأنـشأ الاتحـاد، بمـساعدة مـن رابطـة التعاونيـات الكنديـة، مائـة وظيفة لذوي الإعاقة.
وأدت التعاونيـات أيـضا إلى تمكـين المـرأة بمنحهـا فرصـة للحـصول علـى خـبرة مباشـرة في عمليات اتخاذ القرار والانتخاب داخل التعاونيات وتزويدها بمزيد من قـوة المـساومة للحـصول على المـدخلات والائتمانـات والخـدمات وتبـادل المعلومـات والمعـارف. فعلـى سـبيل المثـال، مـنح المجلـس العـالمي للاتحـادات الائتمانيـة ومؤسـسة التحـرر مـن الجـوع والتثقيـف في مجـال القـروض والادخار والائتمان للفقيرات المشاركات في المشاريع البالغة الصغر في الفلبين وإكوادور ممـا أدى إلى تحسين وضعهن المالي والاجتماعي وإلى عمل جماعي يعود بالفائدة على مجتمعاهتن المحلية.
والنساء المودعات في الاتحادات الائتمانية عضوات فاعلات ومؤثرات، ففي كينيا وجمهورية تترانيـا المتحـدة وأوغندا، يمثل ادخار النساء أكثر من 40 % مـن مجمـوع الادخـار وتمثـل القـروض النـسائية أكثر من 35 % مـن مجمـوع القـروض. ويتميز سـلوك المودعـات بالجدية والحرص فيمـا يتعلـق بالتـسديد وأوفـق من سلوك نظرائهن من الرجال، حيث بلغ معدل تأخير الـسداد 1,8 % لـدى النـساء مقابـل 19 % لــدى الرجــال، أمــا معــدل عــدم التــسديد، فيبلــغ 4,3 % لــدى النــساء9,9 % لدى الرجال.
والتعاونيــات تمكــن المــرأة بمــا تقــدم مــن دعــم للقطــاع غــير النظــامي ففــي الهنــد، تمثـل النـساء 94 % مـن العـاملين في القطـاع غـير النظـامي، ويـسهم هـذا القطـاع بنـسبة 60 % في النـاتج المحلـي الإجمـالي للهنـد و 47 % في الـصادرات و 55 % في الادخـار الوطني. وتعتبر رابطة النـساء اللائـي يعملـن لحـساهبن هـي أكـبر اتحـاد للنـساء في الهنـد، حيـث تـضم 35,1 مليــون مــن العــاملات في القطــاع غــير النظــامي وتــوفر خــدمات بنــاء القدرات والتسويق وتطوير الأعمال والخدمات والإستشارات والبحث والنشر، مما يدل علـى مرونـة نمـوذج التعاونيـات والإمكانـات والخدمات الإجتماعية الـتي تقـدمها.
لذلك إنصب التركيز في معظم المؤتمرات التعاونية على الاسـتراتيجيات الفعالـة لتقويـة التعاونيـات، وضـرورة استمرار التركيز الجماعي على التعاونيات والتنمية التعاونية على الـصعيد الـدولي، وقـد عـبرت الحركة التعاونية الدولية، ممثلة بالتحالف التعاوني الدولي، عن هذا في "مخطـط عقد التعاونيات" الذي ركز على استراتيجيات زيادة المشاركة والاستدامة، ومـسائل الهوية ورأس المال، والإطار القانوني لتنفيذ أعمال التعاونيات على نحو فعال.
ويركز الحلف التعاوني الدولي، عبر المشروعات التعاونية الإنتاجية المستدامة، علي تحقيق أهداف التنمية المستدامة، للنساء والشباب، المزراعين والحرفيين، المرأة المعيلة والأشخاص ذوي الإعاقة ودعمهم وتمكينهم أقتصاديا وإجتماعيا، بتنظيمهم في كيانات إدارية أنتاجية وقانونية، والاستفادة القصوي من الامكانات الفردية المبعثرة عبر التعاونية وتحقيق أهداف لايمكن تحقيقها فرديا.
فالتقارير المتواترة للامم المتحدة توضح إن جوهر التعاون وطبيعته وظروف نشأته تقضي بحرية واستقلال ومساواة أعضاء التعاونية وتسييرها ورقابتها وفقا لمبدأ الديمقراطية التعاونية الذي يعني الاعتراف بالسلطة العليا وعلي قدم المساواة لكافة الأعضاء الجمعية التعاونية. فيكون لهم بذلك حق وسلطة قيادتها وتقرير مصيرها بحيث لا تكون حركة جمعيتهم مفروضة بواسطة سلطة خارجية وإنما خاضعة للإرادة الجماعية للأعضاء ومعبرة عن مصالحهم المشتركة (التنمية من أسفل).
ففي 4 يوليو 2015 إعلن الحلف التعاوني الدولي في الذكرى 93 لليوم العالمي للتعاونيات شعاره "باختيارك التعاونيات تختار المساواة" حيث وضعت الحركة التعاونية المساواة منذ انطلاقها في صلب اهتماماتها بإنشاء نموذجا اقتصاديا يرتكز على مقومات الديمقراطية ويشجع المساواة ففي عام 1843 أصبحت إليزا برييرلي(Eliza Brierley) أول امرأة عضوة في تعاونية رواد روتشيديل في مرحلة لم يكن للنساء أي حق في الملكية وفي الشأن العام عموما، ربالتركيز علي عدم التمييز بين أعضاء التعاونية ذكورا أو إناثا، وأصبح ذللك المعيار مبدءا رئيسيا صادقت عليه والتزمت به التعاونيات في كل العالم، فمهدت المساواة عبر التعاونيات في تقوية فرص تحقيق الحرية والعدالة والسلام الإيجابي (التنمية المستدامة والسلام الايجابي).
فالعضوية االتعاونية الطوعية المفتوحة، تعني لكل عضو صوت واحد مهما كان عدد الأسهم، مما يضمن المساواة في هيكلة ومراقبة التعاونية، وعدم إرتباط المساواة في التعاونية بالقدرة المالية فيتمتع كل عضو تعاوني بالمساواة داخلها، بغض النظر عن الوضع العلمي، الثقافي، الإجتماعي، الإقتصادي، أو العرق أو اللون، أو الجنس أو العقيدة والدين، والتأكيد علي مبدأ الحياد السياسي والديني وقيمته في تماسك العضوية ونجاح الجمعية التعاونية وإستدامتها. فتلبي التعاونيات عبر الجهود الذاتية والإعتماد علي النفس والإدارة الذاتية والحوكمة، حاجيات وطموحات الإعضاء الاقتصادية والإجتماعية وتمكن من الاندماج بشكل إيجابي في المجتمع والحصول علي المنتجات والخدمات التي لا يمكن الحصول عليها كأفراد.
وقمة الإهتمام بالمجتمع يتم بتعزيز المساواة بين الجنسين عبر التعاونيات، والتركيز علي النساء خاصة ذوات الإعاقة، ومنح الشباب إمكانية إثبات الذات، وإدماج الأقليات في سوق العمل، وهيكلة الاقتصاد، ومن أمثلة ذلك، تعاونيات القروض التي توزع مباشرة لأعضائها عائداتها نتيجة تحقيقها لمردودية مرتفعة في مجال الادخار، ونسبة منخفضة للفائدة، وتكاليف أقل. فتعاونيات الصحة التي توفر تغطية صحية يمكن أن تلجها وتستفيد منها الفئات المعوزة. تعاونيات الكهرباء التي تغطي المناطق القروية وتضمن بالتالي الاستفادة من الكهرباء في مناطق لا تتأسس فيها مقاولات من أجل توفير هذه الخدمات، وتعاونيات الاستهلاك بالتقسيط التي تتيح للمستهلكين إمكانية الحصول على غذاء بأثمان مناسبة وبجودة مستدامة. التعاونيات النسوية المختلفة وتعاونيات النساء ذوات الإعاقة المتخصصة، والمتعددة الإغراض، تتيح للمرأة الاستفادة من قدراتها وإمكاناتها المادية والفكرية، عبر برامج التمكين الإقتصادي، الي تغيير واقعها للأفضل، في إطار التنمية المستدامة، مع إستمرار التثقيف والتدريب وبناء القدرات.
ويتبع المنهج التعاونى آليات التنمية المستدامة وتنمية المجتمع (تنمية الانسان بالانسان وللانسان) بهدف توسيع الخيارات (أصحاب الحق - والقائمين علي الواجب) فالتعاونية الزراعية مثلا، تقوم على تجميع الجهود الصغيرة والاموال القليلة المبعثرة فى كيان تعاونى كبير ثم استخدامها دون الغاء الصفة الخاصة للملكية ، لتحقق مزايا الانتاج الكبير ووفورات الحجم الاكبر ، ومن ثم لا يقف ضعف الادخار عائقا أمام التعاونية. ومع قيام التعاونية على منهج اشباع الاحتياجات فإنها تتجه الى مراكمة الاصول الانسانية ، ولهذا كان التعليم والتدريب مبدأ تعاونى أساسى موفرا أهم هذه الاصول الانسانية وهو المعرفه ، ومع إشباع احتياجات العضو مع رشادة استخدام الموارد يرتفع الدخل الحقيقى للفرد (المقوم الثانى للتنمية البشرية) وبالتالي امكانية أكبر فى الانفاق الصحى (المقوم الثالث لهذه التننمية).
ولذلك تهتم التعاونيات بالحفاظ على السلامة البيئية ومراعاة حقوق الاجيال القادمة فى الموارد الطبيعية قيمة مترتبة على انطلاق الجمعيات من مبدأ اشباع الاحتياجات، مع حشد الموارد البشرية تحقيقا للتنمية المستدامة فكل فرد فى المجتمع يشارك بجهده وماله ومن ثم يتم احداث التنمية من القواعد وبالمشروعات التى ترى هذه التعاونيات أنها فى حاجة اليها. وتبدأ بالمشروعات المولدة للدخل (تعاونيات زراعية وتعاونيات الحرفيين وصائدى الاسماك، والتعاونيات النسوية) أو توفر الانفاق (تعاونيات السلع والخدمات الاستهلاكية وتعاونيات الاسكان) أو توفر المعرفة والمهارات (جمعيات الخدمات التعليمية) كما يمكن هذا ايضا من التنمية السياسية عن طريق اعمال الديمقراطية فى مختلف وحدات البينان التعاونى، فتكاملت التعاونيات مع منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص والمشروع الحكومى فاستحقت أن تكون شريكا تنمويا أساسيا وفاعلا.
وأساس توزيع الفائض وصافي الفائض في التعاونيات (المحور الانسان وليس الربح) يستند على فكرة تحرر عنصر العمل من سلطة رأس المال بإنشاء منظمة جماعية تدار ذاتيا وديمقراطيا ووفقا للقيم والمبادئ التعاونية العالمية، لتحقيق المصلحة المشتركة للأعضاء وإشباع حاجاتهم بسعر التكلفة بلإستغناء عن الوسطاء، أي أن المحور الانسان وليس الربح المادي. أي أن الهم الأساسى ليس تحقيق (الربح) "الفائض" ، فالفائدة محدودة لرأس المال ويتم توزيع الفائض بنسب معينة، للتعليم والتدريب والإعلام، والبيئة وتنمية منطقة عمل الجمعية، بالاضافة الي الاحتياطي القانوني، ثم يوزع صافي الفائض علي الأسهم.
و"التعاونيات تقوّي الناس عبر تمكين أكثر الفئات السكانية فقراً من المشاركة في التقدّم الاجتماعي، كما أنّها تخلق فرص العمل لأصحاب المهارات الذين يفتقرون إلى الرأسمال أو يملكون القليل منه، وتؤمّن الحماية من خلال تنظيم المساعدة المتبادلة في المجتمعات المحلية" كما قال خوان سومافيا مدير عام منظمة العمل الدولية ليوضح وليشدّد على الطبيعة التشاركية للعمل التعاوني.
لا شك في أن التعاونيات تضطلع بدورٍ أساسيّ في الحدّ من الفقر، وتساهم في جدول أعمال "العمل اللائق" الصادر عن منظمة العمل الدولية الذي يركز و يدعوا لتنمية أنسان الريف وخاصة المنتجين في المجال الزراعي، وبصورة أخص التعاونيات الإنتاجية الزراعية ، وتقوية المنتجين الحقيقيين بتجاوز الصعوبات الكثيرة التي تواجههم.
إلى ذلك تُقدّم التعاونيات مدخل فريد من نوعه للمواطنين الأكثر فقراً بتوفير الخدمات الاجتماعية الأساسية كالخدمات الصحية، وتأمين العناية بالأطفال وحضانات الأطفال، والاهتمام بالمسنّين وخدمات المجتمع المحلي كتوفير المياه الصالحة للشرب وتنمية الثروة الحيوانية ... الخ.

#محمد_الفاتح_عبد_الوهاب_العتيبي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات