أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - ريبوار احمد - الحروب التي تكمن خلف هذه المعركة على العلم















المزيد.....

الحروب التي تكمن خلف هذه المعركة على العلم


ريبوار احمد

الحوار المتمدن-العدد: 1672 - 2006 / 9 / 13 - 09:26
المحور: القضية الكردية
    


في الأول من أيلول أعلن مسعود البارزاني في قرار بوجوب إنزال "العلم العراقي الحالي" من جميع الأماكن الرسمية في كردستان ولن يرفع هذا العلم بعد الآن في كردستان. وخلق قرار مسعود البارزاني هذا أزمة سياسية، فأعلن قادة التيارات والأطراف السياسية القومية العربية ومن ثم رئيس الحكومة صنيعة أمريكا في بغداد عن ردود أفعالهم بلغة التهديد والوعيد وبشكل هستيري تجاه هذا القرار.
دليل مسعود البارزاني لهذا القرار هو أن هذا العلم هو رمز النظام البعثي وقد تم إبادة جماهير كردستان وأنفلتها وقصفها بالأسلحة الكيماوية تحت هذا العلم. كل هذا صحيح وهذا العلم هو رمز الفاشية والقمع الدموي والبربرية البعثية ليس فقط في كردستان بل وكذلك في كل العراق، وبناءاً عليه لا يليق بهذا العلم فقط إنزاله بل وكذلك وضعه تحت الأقدام ليس فقط في كردستان بل في العراق كله.
ولكن بالنسبة لكل شخص يسمع منذ اللحظة الأولى قرار البارزاني هذا، سيبرز لديه السؤال التالي ألا وهو ما هي القضية وما الذي حدث بحيث هبط الوحي فجأة على مسعود البارزاني في بداية أيلول عام 2006 وتذكر أن في ظل هذا العلم جرت تلك الجرائم بحق جماهير كردستان، وبهذا قرر تنكيسها في كردستان؟! إذا كانت مآسي الأنفال والقصف الكيماوي أحرقت قلوب قادة الحركة القومية الكردية بهذه الدرجة، إذن لماذا قام الطالباني والبارزاني أيضاً على حد سواء بمعانقة صدام وقادة البعث وتقبيلهم بعد سنوات قليلة من حملات الأنفال؟ لماذا لم يقرر لا البارزاني ولا الطالباني مثل هذا القرار "الشجاع" قبل إثني عشر عاماً قبل سقوط النظام البعثي حين كانت كردستان منفصلة عملياً من سلطة النظام البعثي، بل إنهما في بدايات إجتماعات برلمانهما المبكر كانا يتناقشان دائماً ويستحضرون الأسباب على رفع هذا العلم، ولم يتجرأ أياً منهما على ان ينبس بما يقوله البارزاني الآن وانقطعت السبل بالطالباني ليلحق به بإحراج ومراوغات كثيرة؟
والسؤال الأكبر من كل هذه الأسئلة، هو أن الحادي والثلاثين من آب عام 1996 لم تمر عليه سوى عشرة أعوام فقط، والمواطنين الذين تتجاوز أعمارهم السادسة عشر يتذكرون جميعاً كيف أن مسعود البارزاني وحزبه قاما بعد ثمانية أعوام من حملات الأنفال والقصف بالأسلحة الكيماوية برفع علم الفاشية البعثية على بناية برلمانهم في مدينة أربيل. فما هو تبريرهما لذلك؟
الأحزاب القومية الكردية وبعد ثلاثة عشر عاماً من انفصال كردستان عن العراق، وفي سبيل مصالحها الرجعية وضمن إطار المساومات مع تلك القوى الإسلامية والقومية التي تتصارع معها الآن على موضوع العلم، ألحقت كردستان بالعراق بالإكراه من دون الإصغاء لمطالب الجماهير وبالقفز على رغبة وإرادة الجماهير وقوائم التواقيع المليونية لانفصال كردستان، بموجب مشروع الفدرالية الرجعي. والسؤال هو أنتم كنتم تقومون بكل تلك الدعاية عن خيرات وواقعية الفدرالية، فإذا كنتم تريدون الفدرالية، إذن كيف توفقون بينها وبين قرار البارزاني الجديد؟ في خاتمة المطاف على البارزاني أن يرد إذا كان هذا العلم بحق رمز لنظام القصف بالأسلحة الكيماوية وحملات الأنفال، لماذا لم يصدر خلال فترة السنوات الثلاث من سقوط النظام وحتى اللحظة التي هبط فيها الوحي الجديد على البارزاني قرار من هذا النوع بخصوص إنزال هذا العلم في كردستان؟ هذه أسئلة وعشرات الأسئلة الأخرى التي يمكن طرحها.
إن هذه الأسئلة لا تحتمل التبرير، فالإجابة على هذه الأسئلة يجب الحصول عليها ليس في تبريرات الحركة القومية الكردية، بل في تحليل الأوضاع السياسية الراهنة وأوضاع الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي الكردستاني كحزبين وكحاكمين لكردستان وكشريكين للسلطة المهزوزة والمتداعية في بغداد، كذلك في السياسة تعقب مصالح اللحظة لهذين الحزبين. إن كل شخص ينجر خلف هذه الضجة والحرب على العلم بدون الحصول على الإجابة الصحيحة على تلك الأسئلة، إما أنه يريد خداع نفسه أو أنه يشارك في خداع الجماهير.فالطالباني والبارزاني يعتبران الجماهير بالضبط وسيلة لألعابهما. يقفزان يوماً على الجراح العميقة التي خلفتها حملات الأنفال والقصف بالأسلحة الكيماوية والمقابر الجماعية ويسوقان للجماهير تقبيل صدام ورفع علم الفاشية البعثية وتنظيم مراسم استقبال عبد العزيز الحكيم وإلحاق كردستان بالعراق والدعوة لدستور فاشي إسلامي-قومي، كقرارات سياسية صحيحة وحكيمة وواقعية، ويوهمونها بذلك، ويظهران في يوم آخر أن أوجاع وآلام مأسي الأنفال والقصف بالأسلحة الكيماوية قطع حبال الصبر لديهما وما عادا يتحملان رؤية علم البعث في كردستان.
وفي فترات معينة كانا يعتبران بحسب مصالحهما الحديث عن انفصال كردستان خطأً وجريمة ولاوقعية وإشاعة للفوضى ويقسمان بوحدة أراضي العراق، فيمنعان ويقمعان يوماً الحزب الشيوعي العمالي بسبب رفعه لهذا المطلب والنضال في سبيله، ويتحدثان يوماً آخر عن أن من حقهما القرار على الانفصال في أي وقت يريدان.
هذه الحرب التي نظمت الآن بخصوص العلم، هي حرب باطلة، حرب خادعة ومظللة، وهي ليست سوى حلقة أخرى لنفس السيناريو الذي تحدثنا عن بعض نماذجه فيما تقدم. ولكن كما كان الأمر عليه دائماً فإن ثمة أسباب حقيقية ومصالح خاصة بالحركة القومية الكردية تكمن خلف هذه الحرب. من دون رؤية تلك الأسباب والمصالح الخاصة لا يمكن اتخاذ موقف صحيح من هذه القضية. بمعنى آخر ثمة ثلاثة حروب واقعية تجري خلف هذه الحرب الباطلة على العلم. وفي كل تلك الحروب فإن خندق الجماهير ومصالحها لها تناقض عميق ولا يمكن أن تتطابق مع خندق ومصالح الحركة القومية الكردية والاستراتيجية التي يطرحها مسعود البارزاني.
الحرب بعد انهيار ائتلافهما في بغداد
لقد شارك الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، دون أي تردد وواضعين كل المبادئ السياسية والأخلاقية جانباً، كممثلين للحركة القومية الكردية مشاركة فاعلة في حرب أمريكا لتدمير المجتمع العراقي وغرقه في السيناريو الأسود، بأمل الوصول الى أهدافهما التي تتجسد بالمشاركة في السلطة السياسية في العراق. واعتبرا هذا الأمر فرصة كبيرة لجماهير كردستان في سبيل الوصول الى الحرية والخلاص والديمقراطية وكسب حقوقها. واستمراراً في هذه السياسات الرجعية اتخذا لثلاثة سنوات دور الخادمين للسياسات والسيناريوهات الأمريكية في العراق بهدف الوصول الى ما يبغيان.
وبعد إنهيار البعث قالا أن عملية الحرية وتحقيق الديمقراطية في العراق قد بدأت، وعرّفا الجماعات الإسلامية المختلفة وفروع الحركة القومية الشوفينية العربية كأصدقاء وحلفاء لجماهير كردستان وذرا الرماد في عيون الجماهير في سبيل حصتهما من السلطة المركزية وعرّفا الحلقات المتتالية لهذا السيناريو المأساوي في العراق كخطوات نحو علو شأن وترسيخ الديمقراطية. وكان يسميان كل خطوة لتعمق السيناريو الأسود مكسباً جديداً، ومن منظار الحركة القومية الكردية فإن الحرب، الاحتلال، توفير الرضية لتنامي الإسلام السياسي والإرهاب، تصنيف سكان العراق على أسس قومية وطائفية، مجلس الحكم، الحكومة المؤقتة، فرض دستور فاشي، الفدرالية وإلحاق كردستان مجدداً بالعراق، وفي خاتمة المطاف مهزلة الانتخابات وتشكيل الحكومة برئاسة الطالباني والمالكي…جميعها كانت خطوات كبيرة متتابعة نحو تحقيق الديمقراطية والأماني القديمة لجماهير كردستان والعراق. وللطالباني والبارزاني بهذا الخصوص العديد من الخطب الحماسية التي ألقوها على مسامع الجماهير.
ولكن تبين الآن أن كل تلك الخطب والهتافات والتصفيق والضجيج باطلة وليس لها أي أساس. وكل تلك كانت تيار غرق المجتمع في مآسي الحرب والإرهاب وتدمير المجتمع في سبيل جلوس مجموعة من رؤساء الأقوام والعشائر والطوائف على كرسي الحكم. مجموعة من الجماعات لا تجد أن جماهير العراق جديرة بتلك الحقوق التي كان النظام البعثي عاجزاً عن سلبها ومصادرتها منها. وتبين أن ما كانوا يسمونه التحالف والوطنية والتآخي في سبيل عراق جديد ديمقراطي، ليس سوى هدنة مؤقتة في الصراع القومي والطائفي. والآن يمكن لكل مواطن بسيط أن يرى أن هذه القوى وأمريكا تواجه عجزاً وفاشلاً فاضحاً في تشكيل وبناء حكومة واقعية. وتحولت حكومة الطالباني-المالكي الى مصدر سخرية العالم كله.
هذا الفشل يمكن رؤيته مثل الشمس في ملامح بوش وبلير والطالباني والمالكي وكل الزعماء في هذه الحكومة المتداعية. ونتيجة لهذا الفشل والاحباط تبخرت الآمال، انتهت الهدنة، برزت المشاكل المطمورة، انهارت الائتلافات والتحالفات، وتتجه الحرب الداخلية الى مزيد من التعمق، وكل يريد إخراج جسده من تحت الجدار الذي هو على وشك الانهيار والسقوط. وقد جعل مسعود البارزاني بالنيابة عن الحركة القومية الكردية من الحرب على العلم سبيلاً لحرب انتشال جسد حركته من تحت الجدار الذي هو في حالة انهيار وسقوط. أنه يريد فصل حسابه عن الآخرين.
غير أن هذه ليست حرب جماهير كردستان، هذه ليست حرص البارزاني والحركة القومية الكردية على مصير جماهير كردستان، وهذه ليست مساعي لتحقيق أهداف جماهير كردستان، بل إنها نتيجة المساومات وتلاعب هذه الأحزب بمصير جماهير كردستان، هذه هي نتيجة إعادة إلحاق كردستان على يد هذه الأحزاب بالعراق. هذه هي نتيجة فشل سياسة كان هذا ما منتظراً منها. وبهذا فإن هذا هو خطيئة كبيرة آخرى من خطايا الحركة القومية الكردية بحق جماهير كردستان. إنهم مسؤولون عن جر جماهير كردستان الى هذه المأساة بالتبجح والخداع. وهم يريدون الآن جعل جماهير كردستان مادة للعبة أخرى بحرب العلم وتحريك التعصب القومي الذي تلجأ إليه الحركة القومية مجدداً ضمن إطار هذه التغيرات. وهذه المرة بتحريك مشاعر جماهير كردستان بالحديث عن الانفصال الذي يبدو أنهم سيقررون عليه متى ما ارادوا ومتى ما هبط عليهم الوحي. وهذه المرة يريدون ربط أنفسهم بمطلب انفصال كردستان، للأمساك برغبة الجماهير كرهينة بأيديهم. وإذن ليس على الجماهير الانجرار خلف مقامرة الحركة القومية الكردية هذه. سبيل الحل الواقعي والمطلب العريض للجماهير، هو انفصال كردستان وتشكيل دولة مستقلة، وهذا هو سبيل حل لم يكن خلال السنوات الخمسة عشر الماضية سبيل حل وضعته الحركة القومية الكردية أمام المجتمع، بل كانت الحركة القومية الكردية أحد العقبات الكبيرة أمام تحقيقه.
حرب السلطة القومية الكردية مع جماهير كردستان
منذ اليوم الذي أمسكت فيه الحركة القومية الكردية بالسلطة في كردستان، تقدم باستمرار امتحاناتها وتبين عملياً أن هذه السلطة ليس لها تطابق وانسجام ووئام مع إرادة وأهداف وآمال جماهير كردستان. وبينت عملياً أنها سلطة مليشيا قومية-عشائرية-إسلامية-ذكورية. معادية للحرية ومصالح الجماهير وخاضعة للدول الرجعية والقمعية في المنطقة والعالم.
ولكن المسألة لا تنتهي هنا، ففي ظل هذه السلطة تدنت أوضاع المعيشة وأبسط الخدمات الاجتماعية الى أسوأ مستوياتها. ووصل السلب والنهب اللامحدود والفساد الإداري الشامل الى أقصى مستوياتها. واضطر قادة كلا الحزبين مقابل غضب الجماهير الى الاعتراف بهذا الفساد والسلب والنهب وتهدئة الجماهير بوعود اجتثاته واستئصاله. في خاتمة المطاف انتفض خلال الشهر والشهرين الماضيين جزء كبير من مدن كردستان ضد هذه السلطة الفاسدة ومقابل انعدام المستلزمات الأكثر الأساسية لحياتها اليومية. فمظاهرات الجماهير وحضورها الميدان في العديد من المدن في نفس الوقت بينت للعالم رواية متناقضة تماماً مع الرواية التي يطرحها الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي الكردستاني. وبهذا الشكل بينت الجماهير أنها ما عادت تتحمل أكثر هذه السلطة الفاسدة والمفروضة بالقوة.
إن الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي الكردستاني يواجهان إحراجاً كبيراً ومأزقاً سياسياً يعجزان إزاءه. فبموجب تقاريرهم فإن جماهير كردستان بصفوفها المليونية صوتت لهم، وحسب إدعاءاتهم يبدو أن "تجربتهم الديمقراطية الناجحة" في كردستان من المقرر أن تصبح أساس تجربة ديمقراطية جديدة للعراق. غير الجماهير الموجودة في المناطق الخاضعة لهم انتفضت ضد تجربتهم. فالقمع الدموي والاعتقال والمداهمات وسيادة أجواء العسكرتارية في المدن، بالتزامن مع تكرار وعود الإصلاح وتحقيق مطالب الجماهير، كانت مساعي هذه الأحزاب العاجلة لإطفاء هذه الهبات الجماهيرية. ولكن هذا لو كانت الحركة القومية الكردية محظوظة سيكون مجرد مكسب وقتي. فالحركة القومية الكردية لا هي بمستوى وقادرة على بث الرعب في افئدة الجماهير من خلال القتل الجماعي ولا هي قادرة على تحقيق مطالب وإرادة الجماهير بهذه السلطة الفاسدة والبائسة.
إشعال حرب العلم هو لكي تجر الجماهير مرة أخرى خلف الحركة القومية الكردية من خلال تحريك مشاعر التعصب القومي، لكي يتم جعل جماهير كردستان تنسى حربها مع السلطة الفاسدة والمفروضة بالقوة لهذه الأحزاب على الحياة والرفاه والحرية، ولكي يتم حرف إذهان وانتباه الجماهير وتوجيهها باتجاه آخر. إن هذا هو بالضبط استمرار لخطاب مسعود البارزاني الذي القاه يوم الحادي عشر من آب في اجتماعه مع مجموعة من أهالي مدينة جمجمال حيث قال "من حقكم أن تتظاهروا، ولكن يجب أن تنتبهوا أن ليس هناك بيننا وبينكم من شيء، نحن كيان واحد ولا تسمحوا في أن توضع احتجاجاتكم في خانة معاداتنا" وهذا بالضبط هو خلق حرب بهدف السعي كي يتم جعل الجماهير الساخطة عليهم تقف الى جانبهم. لا ينبغي ولا يمكن أن تنخدع الجماهير بهذا. عليها الاستمرار حتى النهاية في نضالها الحازم في سبيل مطالبها.
حرب الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني
الجبهة الأخرى لهذه الحرب حول العلم هذه التي أشعلها مسعود البارزاني هي حرب الفوز والسيطرة السياسية مقابل الاتحاد الوطني الكردستاني. فصراع هذين الجناحين للحركة القومية الكردية على السلطة وعلى قيادة هذه الحركة لم يقف للحظة في أية أوضاع كانت وبأي أتفاق كان. والآن يجري الصراع والمنافسة الساخنان بين هذين الحزبين في إطار سياسي. فالاتحاد الوطني والطالباني كان خلال هذه السنوات العدة يتراجع باستمرار مقابل الحزب الديمقراطي والبارزاني. والآن يعرف كل مراقب سياسي وحتى كل مواطن بسيط حقيقة أن الحزب الديمقراطي الكردستاني له اليد الطولى.
فالحزب الديمقراطي والبارزاني في هذا التوازن الجديد حقق بتقديمه المنصب الرمزي المتمثل برئاسة جمهورية العراق الى الطالباني ضمان كل شيء يخص كردستان لنفسه. والآن إذا راح القصر الرئاسي في بغداد يفقد قيمته الرمزية، ليس من المعلوم لو عاد الطالباني الى كردستان ما الذي سيكون من نصيبه وحصته؟
غير أن البارزاني والحزب الديمقراطي الكردستاني سوف لن يقفوا عند هذا الحد. فهم في مسعى دائب وبشكل مخطط كي يرسخوا مكانتهم الأعلى ودورهم كسلطة تحكم كردستان مقابل الاتحاد الوطني الكردستاني. وبهذه الحرب حول العلم التي أختلقها البارزاني أصاب هدفين في حربه مع الاتحاد الوطني الكردستاني. فهو أظهر من جانب نفسه كممثل وقائد للحركة القومية الكردية وطرح استراتيجية أخرى أمام هذه الحركة وأضطر الاتحاد الوطني الكردستاني لأن يتبعه ويقر له بخطوة أخرى في دور القيادة. وجعل من جانب آخر الطالباني في موقف محرج الى حد بعيد. حيث لا يمكن للطالباني كقائد من قادة الحركة القومية الكردية الدفاع عن علم البعث مقابل قرار مسعود البارزاني، ولا يمكنه أيضاً كـ"رئيس الجمهورية العراقية" عدم الدفاع عن العلم. وأي موقف يتخذه من هذين الموقفين فإنه سيخسر لعبة أخرى أمام البارزاني. واضطر لحل هذه المشكلة العصية على الحل كما يبدو أن يهز رأسه لخط البارزاني ولفلف وغلف ذلك في بيان طويل.
غير أن هذه الحرب ليس لها أية علاقة بمصالح الجماهير. فجماهير كردستان جربت الحرب والصراعات بين هاتين القوتين أكثر من أي شيء آخر وتبين لها تماماً أن الجماهير ليست سوى ضحايا وقرابين في هذه الصراعات. فالحركة القومية الكردية تقف بكلا جناحيها في مواجهة الجماهير ومصالح الجماهير وأهداف الجماهير التحررية، فالصراع بين هذين الجناحين لم يكن أبداً صراعاً من أجل حرية ومكتسبات الجماهير، بل كان صراعاً على أي منهما سيحظى بحصة في سلب ونهب حصة ومكتسبات الجماهير.
خندق نضال الجماهير المباشر
وإذن ليس على جماهير كردستان ان تنخدع بالحرب هذه حول العلم، وليس عليها الانجرار مجدداً خلف حرب وألعاب وسياسات الحركة القومية الكردية هذه، حيث كانت تجر المجتمع دائماً نحو الهزيمة والفشل وسياساتها الانتهازية. في كل هذه الحروب الثلاثة التي يريد البارزاني دفعها الى الأمام من خلال الحرب حول العلم، فإن خندق الجماهير وخندق الحركة القومية الكردية ومسعود البارزاني هما خندقان مختلفان ويواجهان بعضهما البعض. وعلىالحركة الجماهيرية أن تصر على مسارها وعلى مطالبها وأن تتنامى حول لائحتها وبرنامجها العملي كي تحقق مطالبها وأهدافها. وهذا أحد الخنادق والميادين الواقعية لنضال جماهير كردستان.
وثمة خندق وميدان آخر، فبالتزامن مع الحركة الاحتجاجية الجماهيرية في سبيل مطالبها، هناك النضال لحسم مصير كردستان السياسي وانتشالها من الدوامة الحالية ومن ظل السلطة المليشياتية والفاسدة للحركة القومية الكردية. إذ أن المجتمع الكردستاني وللخلاص من هذه الدوامة ومن منزلق المآسي التي تتجه أمواجها نحو الاتساع في ظل الانفجار المجدد لصراعات القوى القومية والدينية، هو بحاجة لأن تدخل الجماهير التحررية الميدان مباشرة حول مطلب إقامة الاستفتاء لإنفصال كردستان من دون الاهتمام بخدع وألاعيب الحركة القومية بشعاراتها الخادعة. فهذا هو السبيل الذي طرحة الحزب الشيوعي العمالي منذ سنوات أمام المجتمع ويناضل من أجله. إن أرضية تحقيق هذا السبيل وضرورته هي اليوم متوفرة أكثر من أي وقت آخر.



#ريبوار_احمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إطلاق النار على إضراب طاسلوجة، إنذار للطبقة العاملة
- يدمرون مجتمعاً بحجة تحرير أسيرين! حول الهجمات الإسرائيلية عل ...
- لنقل في الخامس عشر من كانون الأول (لا) أكبر من (لا) الخامس ع ...
- من هم شركاء عصابة -الشيخ زانا- في الجريمة وكيف يتم اجتثاث هذ ...
- الطبقة العاملة قادرة على إنقاذ المجتمع من هذا المأزق!، نحو ا ...
- كلمة افتتاح المؤتمر الثالث للحزب قدمها ريبوار احمد
- كلمة ريبوار احمد سكرتير اللجنة المركزية للحزب في المؤتر الثا ...
- مقعدا الطالباني و الجعفري يرتكزان على حقد ومأساة القومية وال ...
- إلى الاحرار في العالم... ساندوا حملتنا لإحباط سيناريو الانتخ ...
- ريبوار أحمد في مقابلة مع الصحيفة الأسبوعية (جةماوةر-الجماهير ...
- على كافة جماهير العراق التحررية الوقوف ضد تهديدات غازي الياو ...
- تصريح من ريبوار أحمد ليدر الحزب الشيوعي العمالي العراقي حول ...
- يجب تنحية اللصوص وتسليم الإدارة ليد ممثلي الجماهير
- لا أمريكا، ولا الإسلام السياسي بل الحرية والعلمانية،
- الطبقة العاملة قادرة على إنهاء هذا السيناريو المأساوي!
- لا أمريكا، ولا الإسلام السياسي، بل الحرية والعلمانية
- الشيوعية العمالية والقضايا الأساسية الراهنة في العراق
- ان مصير قرار -مجلس الحكم- حول تشديد عبودية المراة هو الفشل و ...
- زُمرٌ وحثالة… وقتلة النساء
- مجلسُ حكمٍ ام مجلسُ نهبٍ حول نهب ثلاث مليارات دولار من المسا ...


المزيد.....




- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - ريبوار احمد - الحروب التي تكمن خلف هذه المعركة على العلم