أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح بمناسبة الذكرى الخامسة لاحداث 11 سبتمبر 2001 - إدريس لكريني - أحداث 11 شتنبر: قراءات في إشكالية الضلوع















المزيد.....


أحداث 11 شتنبر: قراءات في إشكالية الضلوع


إدريس لكريني
كاتب وباحث جامعي

(Driss Lagrini)


الحوار المتمدن-العدد: 1671 - 2006 / 9 / 12 - 10:17
المحور: ملف مفتوح بمناسبة الذكرى الخامسة لاحداث 11 سبتمبر 2001
    


إن ما عرفته الولايات المتحدة الأمريكية من أحداث مرعبة، طرح مجموعة من التساؤلات، سواء في علاقتها بالجناة أو البواعث.
فالمسؤولون الأمريكيون وفي غمرة حملة إعلامية عشواء, وجهوا أصابع الاتهام منذ البداية وكالعادة عند كل بلاء يحل بأمريكا داخليا أو خارجيـا إلى عناصر كلها عربية وإسلامية، بالرغم من أن أعداء أمريكا وباعتراف منها كثر سواء في الداخل أو الخارج.
أعداء كثر ومتهم وحيد
بعد مرور حوالي عشر سنوات لم يحدث فيها اختطاف أية طائرة أمريكية, جاءت أحداث 11 شتنبر ليتم خلالها اختطاف خمس طائرات دفعة واحدة.
منذ البداية سربت السلطات الأمريكية لائحة لمجموعة من الأسماء العربية والإسلامية, متهمة إياها بالضلوع في الحادث، وكأن ركوب الطائرات محظور مسبقا على العرب والمسلمين فقط، فالطائرات المتفجرة-ولا شك- أنها كانت تضم عناصر متباينة في جنسياتها ومذاهبها الدينية، ولعل ذلك ما يبرز لنا الخلفيات التي ينطوي عليها الاتهام، خاصة وأن العديد ممن وردت أسماؤهم ضمن اللائحة السوداء ثبت فيما بعد أنهم على قيد الحياة ويمارسون أعمالهم ببلدهم الأصلي أو توفوا من زمان وهو ما يكشف نسبية هذه الاتهامات التي وجهت في عز الغضب والانفعال الأمريكيين وقبل أجراء تحقيقات في هذا الشأن, والغريب في الأمر أنه ولا اسما واحدا ورد ولو عن خطإ لعنصر غير عربي أو مسلم ضمن هذه اللائحة.
إن الولايات المتحدة الأمريكية تعلم جيدا وأكثر من أي طرف آخر مدى الحقد الذي يكنه لها معظم شعوب العالم والذي تغطيه المجاملات الرسمية، فالرئيس الأمريكي أنى حل وارتحل عبر بقاع العالم في أوربا، آسيا، أمريكا اللاتينية وإفريقيا إلا وتتبعه التظاهرات والاحتجاجات الشعبية المنددة بالسياسة الخارجية الأمريكية التعسفية التي لا تعكس ديموقراطية هذا البلد داخليا, من قبيل دعم الأنظمة الديكتاتورية والتدخل في شؤون الدول وفرض عقوبات زجرية ضدها. ونذكر من ضمن الدول غير العربية والإسلامية التي لاقت الويلات من سياسة أمريكا: اليابان إبان الحرب العالمية الثانية، كوريا الشمالية، كوبا، الفيتنام، الشيلي، نيكاراغوا, غرينادا, هايتي، كولومبيا، يوغوسلافيا...
لقد ذكر بعض الباحثين الاستراتيجيين أن هناك سيناريوهات لحوالي 4000 جهة يمكن أن تكون مسؤولة عن هذه العمليات في غياب الحقيقة الدامغة والمقنعة, وفي هذا الصدد يمكن أن نذكر مجموعة من الأطراف على سبيل المثال لا الحصر التي يحتمل أن تكون ضالعة في هذه العمليات: فهناك بعض القوى اليوغوسلافية المؤيدة للرئيس اليوغوسلافي السابق "سلوبودان ميلوسوفيتش"، والتي سبق أن هددت الولايات المتحدة الأمريكية علانية برد فعل عنيف في حالة اعتقال هذا الأخير ومحاكمته.
وبالنظر إلى الأهمية الحيوية لمنطقة "بوسطن" ونيويورك وواشنطن(أماكن وقوع العمليات) التي تخضع لرقابة أمنية مشددة، وباستحضار بعض الأخبار التي أفادت بوقوع خلل شل أجهزة الكومبيوتر التابعة للبانتغون، بالموازاة مع وقوع الأحداث، لم يستبعد البعض من أن يكون ذلك بمثابة رسالة تحذيرية روسية أو صينية يتم من خلالها إبراز التفوق التكنولوجي الذي يتيح تعطيل عمل الأجهزة الإلكترونية الأمريكية في المجال العسكري.
كما أن الولايات المتحدة ذاتها تضم بداخلها أكثر من 1000 مجموعة تحرض على العنف من ضمنها أكثر من 400 ميليشيا مسلحة منتشرة في مختلف التراب الأمريكي، ونذكر من ضمن هذه الجماعات المتطرفة التي تضم أزيد من خمسة ملايين فرد وتحمل كراهية علنية شديدة للحكومة الفيدرالية الأمريكية: الوطن الآري, مالكو السلام في أمريكا والجيش الشعبي وكوكلوس كلان والفهود السود والوطنيون المسيحيون... وقد سبق لبعض هذه الجماعات أن نفذت أعمالا إرهابية خطيرة في السنوات الأخيرة داخل التراب الأمريكي، كحادث "روي لايدج" سنة 1992 وحريق "الديفيديين" في واكو سنة 1993 وحادث المبنى الفيدرالي في "أوكلاهوما" الذي خلف 168 قتيلا و500 جريحا سنة 1995.
ولا ننسى في هذا الإطار أيضا ضحايا حرب الخليج الثانية من الجنود الأمريكيـين – المصابين بمرض حرب الخليج الغامض– والذين أهملت السلطات الأمريكية قضيتهم الإنسانية لأسباب سياسية صرفة, خاصة وأن العمليات المنفذة لا تخلو من لمسات عسكرية احترافية, فالصحفي والباحث الفرنسي "تيري ميسان" في كتابه "الخدعة الرهيبة" شكك في الرواية الرسمية الأمريكية بصدد هذه العمليات, معتبرا أنه لم تسقط أية طائرة فوق مبنى البانتغون, وإنما تم التفجير من الداخل, كما ذكر أن برجي التجارة لم ينهارا بفعل ارتطام الطائرتين بهما وإنما تم ذلك إثر تفجير مدبر من الأسفل, مؤكدا أن هذه العمليات هي من تدبير أمريكيين في مواجهة أمريكيين آخرين, بينما يرى الدكتور محمد خلف أن تنظيم القاعدة – المتهم الرئيسي في الأحداث- هو تنظيم خرافي, لأنه لم يظهر في حرب أفغانستان بالشكل القوي الذي صورته به الولايات المتحدة, ويضيف بأن ما حدث هو بمثابة انقلاب للاستيلاء على السلطة في البيت الأبيض... شاركت فيه أطراف متعددة اقتصادية وحكومية وعسكرية من الداخل الأمريكي ومعها أطراف إسرائيلية وبريطانية من الخارج, وكان الهدف من وراء ذلك هو محاولة السيطرة على العالم من خلال البيت الأبيض ( مجلة الوفاق الدولي-لندن- , السنة الثالثة , العدد 36 بتاريخ يونيو 2002. ص 30 و 31), وفي نفس الاتجاه يذهب "لندون لاروش"المرشح الأمريكي للرئاسة على مدى عدة أعوام, فهو يعتقد أن انقلابا وقع في أمريكا لفرض سلطة المجتمع الصناعي العسكري ولشن "حروب دينية" لا تتوقف عادة إلا بفوز طرف على آخر, بينما أشارت الدكتورة "تاتيانا كارياجينا" الباحثة الروسية المتخصصة في الاقتصاد الأسود (عالم الجريمة والسوق السوداء) أن الذين يقفون وراء الهجمات ليسوا أفرادا متعصبين دينيا, بل مجموعات سرية من الطغمة المالية التي تريد إركاع أمريكا وإخضاعها لنفوذها, مشيرة أيضا إلى وجود عمليات واسعة ومكثفة لشراء وبيع الأسهم قبيل حدوث العمليات, وكان مخططوها أرادوا الاستفادة من وقوعها( مثلا جرت تعاملات تجارية مكتفة في أهم شركات "أمريكان إيرلاينز" و "يونايتد" للطيران بمعدلات أكثر من 25 إلى100 مرة من النشاط العادي), وأوضح "توماس تودرا" المختص في شؤون روسيا والصين في مكتب المخابرات البحرية الأمريكية, أنه من غير المعقول أن يكون شخص واحد مثل "بن لادن" أو مجموعة واحدة (القاعدة) وراء هذه الهجمات، وهو يشير مثلا إلى وجود كتيب أصدره الجيش الشعبي الصيني حول توظيف الطائرات المدنية كقنابل طائرة ( جريدة الشرق الأوسط- ملحق خاص ع 8688 بتاريخ 11 -9-2002 ص 18). وفي حوار أجرته جريدة القدس العربي مع الدكتور المهدي المنجرة نشر بتاريخ 6-5 أكتوبر 2002, اعتبر هذا الأخير أن الولايات المتحدة شهدت قبيل الأحداث مؤشرات على أزمة تمر بها (التماطل في إفراز نتائج الانتخابات الرئاسية, استفحال قضايا الفساد المؤسساتي, الأزمة الكبيرة في كاليفورنيا بخصوص الطاقة...) مضيفا أن تبعات أحداث 11 شتنبر جاءت لتغطي على هذه المؤشرات.
كما أثيرت تساؤلات بشأن عدم إقدام أية طائرة عسكرية أمريكية على التصدي لأي من الطائرات المختطفة التي ارتطمت بالبانتغون أو ببرجي مركز التجارة العالمي.
هذا طبعا إلى جانب الدور الإسرائيلي المحتمل باعتبار أن إسرائيل كانت أكبر الرابحين بعد هذه العمليات, وهو ما سنتطرق إليه بنوع من التوسع في حينه. أما بخصوص تورط عناصر عربية وإسلامية في العمليات فلن نخوض البحث فيها طالما أن الدعاية الغربية والصهيونية "السوداء" أبدعت وأطالت في تعداد الدلائل التي تثبت الاتهامات الرسمية الأمريكية إلى الحد الذي جعل الرئيس الأمريكي يسقط في فلتة لسان "مقصودة" لإعلانها حربا صليبية ضد الإرهاب منعشا بذلك نظرية صدام الحضارت التي ابتدعها هانتينغتون( من المفارقات الغريبة في هذا الشأن أن السلطات الأمنية الأمريكية أعلنت أنها تمكنت من العثور على جواز سفر أحد الخاطفين بين أنقاض مبنى مركز التجارة العالمي المنهار الذي بلغت فيه الحرارة إلى درجة انصهر معها الحديد).
إن توجيه التهم الأمريكية المصاحبة بأعمال قسرية -غالبا- ضد العرب والمسلمين في مثل هذه المناسبات ليس جديدا في الإعلام والسياسة الخارجية الأمريكيتين, فقد سبق وأن اتهم المسلمون والعرب بالوقوف وراء انفجار المبنى الفيدرالي "أوكلاهوما" غير أن ذلك لم يصمد كثيرا أمام مرور الزمن بعد ثبوت تورط متطرف أمريكي وهو في كامل قواه العقلية في العمليات, وقد تم تقديمه للعدالة دون الإشارة لديانته، ثم هناك ضرب مصنع الأدوية في السودان للاشتباه في إنتاجه لمواد كيماوية سامة وعلاقته بأسامة بن لادن وذلك كرد فعل على تفجير سفارتين أمريكيتين بكل من كينيا وتانزانيا, وقد ظهر فيما بعد عدم صدقية هذه المزاعم الأمريكية، وكذلك ضرب ليبيا سنة 1986 بتهمة ضلوعها في تفجير ملهى ليلي بألمانيا يرتاده جنود أمريكيون في غياب أدلة كافية وواضحة، ويبدو أن المنطق الأمريكي في هذا الشأن هو أن المتهم العربي والإسلامي مدان حتى تثبت براءته.
وعموما فحجم هذه العمليات لا يمكن أن يأتي من منظمة بمفردها ولكن بمعية دولة بمخابراتها وإمكانياتها من جهة ولا يمكن أن يأتي إلا من جهات لم تكن في الحسبان أو بمساعدة منها.
الضلوع الإسرائيلي المحتمل
إن إسرائيل التي كانت من ضمن أشد المتحمسين لإلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام والمسلمين والعرب بعد وقبل أحداث أمريكا، استفادت كثيرا عقب هذه العمليات وتحققت لها مجموعة من الأهداف التي طالما طمحت لتحقيقها، في حيـن – ويا للغرابة – جاءت النتائج سلبية في مجملها لحساب الجهات المتهمة رسميا، بدءا باستمرار التعسف الأمريكي في مواجهة القضايا العربية والإسلامية وعلى رأسها القضية الفلسطينية واستمرار مساندة أمريكا لإسرائيل, مرورا بالتقتيل والدمار الذي لحق بالمسلمين في أفغانستان وبديارهم، والتهديدات الأمريكية المتزايدة التي تستهدف تقسيم بعض الدول العربية والإسلامية كالسودان ثم المضايقات التي تعرضت لها الجالية المسلمة والعربية بأمريكا وأوربا، وصولا إلى احتلال العراق.
وتركيزنا على الضلوع الإسرائيلي في هذه العمليات ينبني على مجموعة من المعطيات والمرتكزات، فجسامة هذه العمليات وأهمية المراكز المستهدفة والوسائل المستخدمة والتسهيلات التي توافرت للقائمين بها هي إمكانيات تتجاوز قدرات الفصائل والتنظيمات "الإرهابية" ولا يمكن أن تتم إلا بمساعدة دولة أو من طرفها بإمكانياتها المخابراتية والتكنولوجية والمالية والبشرية، فالتاريخ – وبحسب اعتقادنا- لم يشهد سابقة خطيرة من هذا النوع تورطت فيها جماعة أو تنظيم. ويبدو أن هذه الدولة المفترضة تحظى أيضا بثقة كبيرة في الأوساط الأمريكية, ناهيك عن توغلها في مختلف قطاعاتها الحيوية، ولا نعتقد أن هناك دولة في العالم تنطبق عليها هذه الشروط والمواصفات أكثر من إسرائيل، ذلك أن هذه الأخيرة تتمتع بثقة أمريكية منقطعة النظير ودعم معنوي ومادي كبيرين منها, هذا بالإضافة إلى ما تناقلته وسائل الإعلام وبعض المراقبين من اختراق المخابرات الإسرائيلية "الموساد" لنظيراتها الأمريكية, ناهيك عن النفوذ اليهودي المتنامي داخل هذا البلد من خلال توغله في مؤسساته الحيوية: المالية، السياسية والإستراتيجية بالشكل الذي يسمح له بتأمين مثل هذه العمليات.
فمن يستطيع أن يجعل الرئيس الأمريكي – وفي سابقة خطيرة وفريدة من نوعها- يختبئ لمدة في مكان مجهول، مع إصراره على عدم الالتقاء بنائبه مخافة تعرضهما لعملية اغتيال محتملة قد تعصف بالاستقرار الأمريكي, خاصة بعد تمكن الجهات المسؤولة عن هذه العمليات من اكتشاف واختراق الشيفرات المرتبطة بتنقل الرئيس ؟
هل تستطيع منظمة أو جهة خارجية كيفما كان نوعها أن تخلق هذا الجو المريع في أمريكا؟ طبعا هذا لن يتأتى إلا لجهات معرفتها بأمريكا تتجاوز التلقين والدراسة والسفر لمهمة...إلى التغلغل في الجسم الأمريكي, وتبدو حالة "الطفل المدلل" لأمريكا "إسرائيل" واردة في هذا الشأن. ولعل السياسة الإسرائيلية الواقعية التي تنبذ الأخلاق وتقدس المصالح وتحرص على تطبيق المذهب الميكيافيلي تحقيقا لمصالحها، إلى حد الإساءة إلى بني جلدتها وحلفائها تجعلنا لا نفاجأ بمثل هذا السلوك المفترض، ففي سنوات الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي عملت المخابرات الإسرائيلية "الموساد" مثلا على تفجير أماكن يرتادها اليهود في مصر, لتشجيعهم على الهجرة نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة من جهة وإذكاء نار الحقد "اليهودي" تجاه العرب والمسلمين من جهة أخرى.
إن الظرفية التي وقعت خلالها الأحداث تثير مجموعة من الشكوك المرتبطة بهذا الضلوع المفترض، فقبيل هذه العمليات حققت الانتفاضة الفلسطينية الباسلة إشعاعا وتعاطفا دوليين منقطعي النظير, كما حققت إجماعا وطنيا انتظره الفلسطينيون ونقم عليه الحاقدون، حيث بدأت الأصوات تتعالى في أوربا وأمريكا وحتى داخل إسرائيل بضرورة قيام دولة فلسطينية مستقلة. والأكيد أن هذه العمليات سرقت الضوء الإعلامي والرسمي والشعبي- ولو لمدة - من هذه القضية المحورية في الصراع العربي- الإسرائيلي وحولت الأنظار نحو تطور الأحداث المرتبطة بهذه الأحداث.
ومن ناحية أخرى جاءت الأحداث في فترة بدأت فيها الجالية العربية والمسلمة والتي يصل عددها في أمريكا حوالي سبعة ملايين نسمة تنتبه إلى ضرورة تعزيز وتنظيم تواجدها الاقتصادي والمالي والسياسي وتكريس ثقلها بهذا البلد, خاصة بعد أن أقدمت على تأسيس عدة مراكز عربية وإسلامية, وأضحت تحظى بلقاءات واهتمامات من أقطاب الهرم السياسي الأمريكي, كخطوة إيجابية نحو تكسير الهيمنة والاحتكار الصهيونيين للتأثير على مراكز صنع القرار الأمريكي.
وقائع أخرى لا تخلو من أهمية تصب في هذا الطرح لم يروج لها المسؤولون الأمريكيون ولا الإعلام الغربي بشكل خاص: فقد رفض جهاز الأمن الإسرائيلي "الشاباك" طلب الرئيس الإسرائيلي شارون بالسفر إلى نيويورك للمشاركة في "مهرجان تضامني مع إسرائيل" أعدت له المنظمات اليهودية والوكالة اليهودية بمبرر أن مكان عقده يشكل خطرا كبيرا على سلامته، وقد أعلن عن إلغاء مشاركته فيه والذي كان مقررا يوم 23/09/2001 , قبل الحادث بيوم واحد.
كما كشفت بعض المصادر الإعلامية عن أنباء تحدثت عن غياب مريب لحوالي 4000 عامل وموظف "يهودي" بمركز التجارة العالمي عن عملهم يوم وقوع الحادث. هذا زيادة على ما تناولته بعض الصحف الدولية بخصوص القبض على خمسة سياح إسرائيليين ضبطوا قرب البرجين يصورونهما لحظة تحطمهما وهم يضحكون ويرقصون ساخرين من الأمريكيين المفزوعين, والغريب في الأمر أن رئيس بلدية نيويورك أمر شخصيا بالإفراج عنهم بعد تدخل ديبلوماسيين إسرائيليين، بل تحدثت مصادر أخرى عن ضبط إسرائيليين آخرين وبحوزتهم خرائط لمواقع منشآت نووية أمريكية بعد العمليات بأيام قلائل, وقد أطلق سراحهم دون التحقيق معهم.
كما أن وزارة العدل الأمريكية كشفت في بداية شهر مارس 2002 عن وجود شبكة تجسس إسرائيلية واسعة تنشط في مواقع حساسة بالمدن الأمريكية الرئيسية, ويشتبه في تخطيطها لاعتداءات 11 شتنبر.
إن احتمال التورط الإسرائيلي في العمليات يجد سنده في النتائج الإيجابية التي حصدتها إسرائيل عقب الأحداث وهي نتائج لم تنلها أية دولة أخرى بما فيها الجهات المتهمة رسميا والتي لم تجن سوى الدمار والدماء والكراهية الغربية.
فهذه الأحداث شكلت مناسبة لمتابعة العديد من الدول العربية والإسلامية المندرجة ضمن لائحة الستين بلدا المتهمة بدعم "الإرهاب" من المنظور الأمريكي، بدءا بتدمير أفغانستان والتنكيل بسكانها، واحتلال العراق بذريعة تطوير ترسانته العسكرية في غياب المفتشين، واتهام سوريا بتطوير صواريخ محملة برؤوس كيماوية وفرض عقوبات أمريكية عليها، واتهام مصر باستيراد صواريخ أرض- أرض من كوريا الشمالية واتهام السعودية بالتسامح مع القوى المؤيدة والمساعدة "للإرهاب" واتهام لبنان وإيران بتشجيع حزب الله المتهم "بالإرهاب" وتجديد الرئيس بوش للعقوبات الإنفرادية المفروضة على السودان رغم انشغاله بتداعيات العمليات، واتهام الصومال باحتضان عناصر ومعسكرات لهما علاقة بتنظيم القاعدة, ومحاولة فرض إصلاحات "ديموقراطية" على الدول العربية. وطبعا كل هذا يشكل مبررا وتحضيرا لتوجيه ضربات قد تكون عسكرية واقتصادية أو سياسية إلى هذه الدول, وهو ما يخدم إسرائيل التي نجحت "لوبياتها" المتواجدة بأمريكا في إسكات كل من حاول التشكيك في الاتهامات الأمريكية الرسمية.
تصريف الاحتمالات
وفي ظل هذه الاحتمالات، قد ينطوي توجيه التهم إلى عناصر إسلامية وعربية ومتابعتها، وذلك دون الإشارة لاحتمال ضلوع قوى أخرى من قبيل ما ذكرنا على خلفية امتصاص غضب ونقمة الشعب الأمريكي على حكومته من ناحية وتلافي إمكانية التشكيك في مصداقية حليف رسمي تاريخي هو "إسرائيل" من ناحية أخرى، ثم الحؤول دون كشف الأوضاع الداخلية الأمريكية المنخورة والمتناقضة, واستياء مواطنيها من سياساتها -هذا في حالة ضلوع قوى داخلية أمريكية – الشيء الذي يتناقض وريادتها الدولية وديموقراطيتها الداخلية المزعومة.
وبالتالي تصريف الرأي العام الداخلي والدولي بعيدا عن أمريكا باتجاه أفغانستان وهو ما يعرف باستراتيجية الإدارة بالأزمات أي إدارة أزمة عن طريق افتعال أزمة أخرى.
إن احتمالات ضلوع إسرائيل أو أطراف داخلية أمريكية أو أطراف خارجية أخرى في العمليات لا يمكن نفيها حتى في حالة ثبوت التهم الموجهة للعناصر المسلمة والعربية الواردة، ذلك أن حجم وهول هذه العمليات التي تتجاوز بحجمها ودقتها وخطورتها كل المنظمات المعروفة، يبرز بما لاشك فيه أن هناك جهات لها دراية جيدة بالفضاء والمجتمع الأمريكيين واكبت تأمين هذه العمليات, وهو الرأي الذي عبر عنه العديد من المفكرين العرب والغربيين على حد سواء كمحمد حسنين هيكل، وهذا ليس بغريب خاصة وأن مصادر إعلامية مهمة أشارت إلى بروز أدلة أولية مهمة تبرز ضلوع عناصر أمريكية في الهجمات بالجمرة الخبيثة على أمريكا, وهو ما أكده نزوع هذه الأخيرة إلى الصمت بهذا الخصوص, بل هناك من لاحظ أن التوقيت الذي أثيرت فيه ضجة الجمرة الخبيثة بعد الأحداث مباشرة, جاء لنشر الذعر والتحكم بعقول الأمريكيين الذين لم يتخلصوا بعد من هول فاجعة الحادي عشر من شهر شتنبر, ومنع الكونغرس من الاجتماع لتقصي الحقائق وابتزاز المؤسسات الإعلامية(استهداف صحفيين بالجمرة الخبيثة) للتمكن من فرض إجراءات استثنائية على الشعب الأمريكي وشن الحرب على أفغانستان دون حجج قانونية دامغة. كما تم اعتقال حوالي عشرين موظفا أمريكيا في مطار "لوجان" في بوسطن الذي أقلعت منه الطائرتان اللتان استهدفتا مركز التجارة العالمي وهم يحملون وثائق إدارية مزورة, ناهيك عن الضجة الإعلامية والسياسية التي أثيرت حول تقصير الرئيس الأمريكي "جورج بوش الإبن" في مواجهة ورد الأخطار المحدقة بأمريكا وعجزه عن تأمين سلامة المواطن الأمريكي الذي ارتضاه رئيسا له, خاصة بعد بروز أدلة تثبت أنه كان على علم مسبق من قبل المخابرات الأمريكية بإمكانية تعرض الولايات المتحدة لعمليات "إرهابية" خطيرة .
إن طرح هذه الاحتمالات يظل أمرا مشروعا ومنطقيا وبخاصة وأن الضلوع لا يعني فقط قيام مجموعة باختطاف الطائرات وتوجيهها نحو مناطق حساسة، بل يعني أيضا توفير الشروط الموضوعية لهذه العمليات وغض النظر عنها رغم وجود مؤشرات بحدوثها والعلم المسق بإمكانية حدوثها، وهذا ما لا يمكن أن يتوافر لأية مجموعة أو منظمة.



#إدريس_لكريني (هاشتاغ)       Driss_Lagrini#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحداث 11 شتنبر ومعادلات الربح والخسارة في المجتمع الدولي
- تقرير حول ندوة دولية في موضوع: الحركات الإسلامية المشاركة في ...
- التدخل في الممارسات الدولية: بين الحظر القانوني واتلواقع الد ...
- إدارة الأزمات الدولية في عالم متحول: مقاربة للنموذج الأمريكي ...
- الصراع الهندي- الباكستاني في ضوء الحملة الأمريكية لمكافحة ال ...
- إدارة مجلس الأمن للأزمات العربية في التسعينيات: أزمة لوكربي ...
- بعد هزيمة الأقطاب الدولية الكبرى في معركة العراق, هل سيكون م ...
- تطور السياسة الخارجية المغربية إزاء قضية الصحراء
- الإسلام والغرب: بين نظريات الصدام وواقع الفهم الملتبس
- القضية الفلسطينية والمحيط الدولي المتغير
- الهاجس البيئي: من العلم إلى السياسة
- حقوق الإنسان في أعقاب الحملة الأمريكية لمكافحة -الإرهاب-
- الزعامة الأمريكية في عالم يتغير: مقومات الريادة وإكراهات الت ...
- مكافحة -الإرهاب- الدولي: بين تحديات المخاطر الجماعية وواقع ا ...
- في ذكرى أحداث 16 مايو: الحاجة إلى مجتمع مدني فاعل
- الإصلاحات المغيبة ضمن المشاريع الأمريكية لمكافحة الإرهاب
- الجامعة العربية في زمن التحديات
- الأمم المتحدة في مفترق الطرق
- العالم بين واقع الفوضى ووهم النظام
- المهاجرون المغاربيون في أوربا وسؤال الاندماج


المزيد.....




- بالأسماء والتهم.. السعودية نفذت 3 إعدامات السبت بحق يمني ومو ...
- -أمام إسرائيل خياران: إما رفح أو الرياض- - نيويورك تايمز
- صدمتها مئات الاتصالات -الصعبة- في 7 أكتوبر.. انتحار موظفة إس ...
- مفاوضات -الفرصة الأخيرة-.. اتفاق بشأن الرهائن أم اجتياح رفح! ...
- مذكرة أمريكية تؤكد انتهاك إسرائيل القانون الدولي في غزة
- زيلينسكي يخفي الحقيقية لكي لا يخيف الشعب
- الكشف عن مقترح إسرائيلي جديد لصفقة مع -حماس-
- ميزات جديدة تظهر في -تليغرام-
- كيف يمكن للسلالم درء خطر الموت المبكر؟
- كازاخستان تنفي بيعها مقاتلات خارجة عن الخدمة لأوكرانيا


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح بمناسبة الذكرى الخامسة لاحداث 11 سبتمبر 2001 - إدريس لكريني - أحداث 11 شتنبر: قراءات في إشكالية الضلوع