أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس لكريني - في ذكرى أحداث 16 مايو: الحاجة إلى مجتمع مدني فاعل















المزيد.....

في ذكرى أحداث 16 مايو: الحاجة إلى مجتمع مدني فاعل


إدريس لكريني
كاتب وباحث جامعي

(Driss Lagrini)


الحوار المتمدن-العدد: 1553 - 2006 / 5 / 17 - 03:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يكاد يجمع الكل على أن أحداث 16 مايو العنيفة التي شهدتها الدار البيضاء سنة 2003 وعلى خطورتها, جاءت لتنبه كل المغاربة لمظاهر منحرفة أضحت تهدد مسيرة المجتمع المغربي, الذي يشهد طفرة نوعية على مستوى اتساع هامش الحريات والحقوق والبناء الديموقراطي.
وإذا كانت آراء الدارسين والمهتمين ومقارباتهم التي تناولت البحث في أسباب هذه الظاهرة قد تعددت وتباينت, مرجعة ذلك إما لسوء لأوضاع الاقتصادية والاجتماعية, أو لغياب ضوابط قانونية زجرية استثنائية تتواءم وخطورة هذه الظاهرة, أو التساهل الكبير مع القوى المتطرفة التي استغلت هامش الحريات والديموقراطية لتمرر أفكارها, أو لغياب التأطير السليم للمجتمع من قبل القنوات المعنية, فإن الكل قد أجمع على خطورة هذه الظاهرة على أمن البلاد والمجتمع, وأكد بالتالي على ضرورة مواجهتها بكل الوسائل والسبل المتاحة والكفيلة باستئصال هذه الحالة المرضية والشاذة من جسم المجتمع المغربي.
والحقيقة أن جل الأسباب السابق ذكرها تفاعلت وتكاملت لتفرز وتنجب أفرادا غير محصنين ضد الأفكار التي تقوم على التكفير وقتل النفس والمجتمع بشكل أعمى.
إن الظاهرة الانتحارية التي يقدم عليها البعض نتيجة الشحن الإيديولوجي, هي في حد ذاتها رفض وتنكر لكل الضوابط والقوانين والإلهية والوضعية, كما أن المستوى الثقافي أو الاجتماعي المتدني أو المرتفع ليس عاملا حاسما في تحصين الأفراد لتقبل واستيعاب هذه الأفكار أو رفضها, خاصة وأن هذه الأخيرة تقدم في حلة دينية منحرفة لا تقبل الجدال تخاطب العواطف وتجتاح الوجدان لتتحول إلى قناعات ومبادئ قابلة للتضحية بالذات من أجلها, ولذلك لا ينبغي ترجيح كفة المقاربة الأمنية والقانونية أو الاجتماعية والاقتصادية رغم أهميتها على الكفة التأطيرية والتربوية الرامية إلى تنمية الإنسان ذاته.
فقد أثبتت تجارب العديد من الدول التي اكتوت بنار الإرهاب أن الجانب الأمني غير كفيل لوحده بمنع هذه الظاهرة, فالقدرات التكنولوجية والإمكانيات العسكرية والمخابراتية الهائلة للولايات المتحدة لم تحل دون وقوع أحداث 11 شتنبر, ومن تم فإن أي إجراء أمني مهما توافرت له الإمكانيات البشرية والتكنولوجية والمادية لا يمكن له بمفرده أن يحد من هذه الظاهرة, بعدما أضحى القائمون بها يطورون آليات ووسائل اشتغالهم, مستفيدين من التكنولوجيا الحديثة كالأنترنت ويستغلون بتحايل كبير الفرص المتاحة لتنفيذ أعمالهم.
فعلا, إن تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية مطلوب إلى جانب المقاربة الأمنية والقانونية, لمواجهة وتلافي مثل هذه الظواهر, غير أنها ينبغي أن تعزز بمستوى عال من التأطير والتربية, فقد أضحت هذه الأخيرة جزءا أساسيا من عناصر التنمية الإنسانية, وإذا ما تمت عقلنتها ستقود حتما إلى تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع زيادة على تكريس سلوك عقلاني متحضر.
إن أسباب ظاهرة الإرهاب وغيرها من مظاهر العنف السياسي متعددة ومتشابكة, تتنوع بين ما هو سياسي, اقتصادي, اجتماعي, تربوي وأمني أيضا.
وفي هذا السياق, فإن المجتمع المدني باعتباره مجموعة من المؤسسات والفعاليات التي ينضم إليها أفراد المجتمع بصفة اختيارية, إيمانا بمقدرتهم على حماية مصالحهم والتعبير عنها, وبدورها كوسيط بينهم من جهة والدولة بمؤسساتها وأجهزتها الرسمية من جهة ثانية, بإمكانه أن يلعب دورا طلائعيا في تأطير المواطنين وتنشئتهم اجتماعيا وسياسيا, بهدف تيسير إدماجهم في بيئة اجتماعية معينة وإكسابهم سلوكات ومعايير واتجاهات مناسبة, وتأهيلهم للقيام بأدوار اجتماعية معينة, وتحفيزهم على المشاركة بشكل إيجابي وفعال في تدبير أوضاع مجتمعهم وإبداء مختلف الآراء حولها, والدفع بهم نحو تطويرها وتغييرها في إطار من الضوابط القانونية والثقافية والدينية للمجتمع.
إن المجتمع المدني هو فضاء لتواصل وتفاعل كل فئات المجتمع على اختلاف انتماءاتها ومرجعياتها, فعبره تتبلور الممارسة الديموقراطية الحقيقية الكفيلة بتكريس جو من الحوار والتسامح والتعددية والثقة في النفس والعمل الجماعي, وفي غيابه أو وجوده الشكلي فقط, فإن ذلك يمكن أن يسهم في خلق جو من اللامبالاة والاغتراب السياسيين, وعدم الاكتراث بالشأن العام والمشاركة السياسية, وترجيح المصلحة الشخصية على المصلحة العامة, مما سيؤدي حتما إلى تنامي مظاهر الشعور باليأس والإحباط والحرمان, وهو ما يشكل مرتعا خصبا لتنامي ظاهرة العنف التي تشكل مصدر تهديد للدولة والمجتمع برمته.
وتظل فعالية المجتمع المدني في تحقيق هذه الأهداف, رهينة بتوافر مجموعة من الشروط الذاتية والموضوعية, فهذه الهيئات ذاتها( مؤسسات إنتاجية, مؤسسات تعليمية, نقابات, جمعيات.. ), مطالبة بالتكيف مع التطورات الجارية في المجتمع وبتطوير وسائل عملها ومواءمة خطاباتها ووظائفها وأهدافها مع هذه المتغيرات المجتمعية وتحديات محيطها المحلي والجهوي والدولي. كما أنها مطالبة أيضا بتبني الاستقلال عن الدولة من النواحي التمويلية والتدبيرية, وبخاصة وأن من بين أهدافها: الضغط على الدولة باتجاه دفعها لتبني أو تعديل أو التخلي عن سلوك أو سياسة معينة. وأخيرا فهي مطالبة أيضا بعدم الخضوع لجهة ما، حتى تحقق أهدافها بمعزل عن أي سيطرة أو خضوع, لتثبت بذلك قدرات أفراد المجتمع على تنظيم وتدبير أمورهم, هذا بالإضافة إلى الانطلاق نحو تحقيق أهدافها من أرضية موحدة متكاملة وصلبة تتمحور حول فكرة المواطنة.
فيما ينبغي على الدولة من جهتها أن توفر الإطار القانوني والسياسي الملائم لتفعيل حركية هذا المجتمع المدني الذي يشكل إطارا لحماية وحدة المجتمع وتماسكه, وخلق الجو المناسب لاشتغاله, وذلك من خلال فتح هامش حقيقي لتحرك وإبداع فعالياته التي وإن كانت تعد مظهرا من مظاهر الديموقراطية, فهي تسهم بدورها أيضا وبشكل كبير في تطويرها وبلورتها وتفعيلها, هذا بالإضافة إلى فرض احترام القانون وتطوير القضاء وتحقيق درجة معقولة من التطور والنمو الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الملائم لاشتغاله, وتكريس أسلوب التنافس السلمي..
إن توافر هذه العوامل كفيل بتوفير فضاء ملائم لمجتمع مدني مسؤول وفاعل وقادر على تعميق الوعي الاجتماعي والسياسي, وقادر على إعادة الثقة للمواطن من خلال تقديم الإجابات الشافية لهواجسه وتمرير مطالبه للجهات المسؤولة, وهو ما سوف يحصنه ويحميه ضد كل فكر أحادي ومتطرف.



#إدريس_لكريني (هاشتاغ)       Driss_Lagrini#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإصلاحات المغيبة ضمن المشاريع الأمريكية لمكافحة الإرهاب
- الجامعة العربية في زمن التحديات
- الأمم المتحدة في مفترق الطرق
- العالم بين واقع الفوضى ووهم النظام
- المهاجرون المغاربيون في أوربا وسؤال الاندماج
- بعد احتلال العراق, الولايات المتحدة في مواجهة آخر جيوب
- حماس وتحديات الداخل والمحيط
- المغرب وتجربة الإنصاف والمصالحة


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس لكريني - في ذكرى أحداث 16 مايو: الحاجة إلى مجتمع مدني فاعل