أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - إدريس لكريني - الإصلاحات المغيبة ضمن المشاريع الأمريكية لمكافحة الإرهاب















المزيد.....

الإصلاحات المغيبة ضمن المشاريع الأمريكية لمكافحة الإرهاب


إدريس لكريني
كاتب وباحث جامعي

(Driss Lagrini)


الحوار المتمدن-العدد: 1552 - 2006 / 5 / 16 - 17:47
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


تنامت ظاهرة "الإرهاب" بشكل مطرد في السنوات الأخيرة, ولحقت العديد من الدول التي كانت حتى وقت قريب تعتبر نفسها بمنأى من هذه الظاهرة. وقد شكلت أحداث 11 شتنبر محطة هامة للوقوف على التطورات التي لحقت هذه الظاهرة, وإذا كانت معظم الدول قد أقرت بالخطورة التي أضحت تشكلها هذه الظاهرة على السلم والأمن الدوليين, فإن مواقفها تباينت بصدد التركيز على أسبابها والمقاربات اللازمة للحد منها.
فقد تطورت هذه الظاهرة من حيث أطرافها وفضائها ومخاطرها ووسائلها, فبعدما كانت تعتمد على وسائل تقليدية من قبيل خطف الرهائن واحتجازهم وتفجير المراكز وإلقاء القنابل, أضحت تبتدع سبلا وطرقا جديدة بالغة الدقة, مستثمرة بذلك الإمكانيات التي تتيحها التكنولوجيا الحديثة كالإنترنت سواء في الاتصال والتنقل وتنفيذ العمليات وتفعيل خطورتها..
وعقب هذه الأحداث, حاولت الولايات المتحدة الأمريكية أن تجد الإجابة عن سبب كره العديد من شعوب دول العالم لها, والتي كانت وراء وقوع هذه الأحداث, وجاء جوابها مختزلا في كونها ترجع بالأساس إلى غياب الديموقراطية بالدول التي ينتمي إليها الضالعون في هذه العمليات, وهو الأمر الذي دفع بها إلى القيام بمجموعة من المبادرات وتقديم مجموعة من مشاريع الإصلاح لهذه الدول, تباينت المواقف في مجملها منها بين الاستحسان من جهة والرفض والاستبعاد من جهة ثانية.
ومما لا شك فيه أن الأوضاع المأزومة بمعظم الدول العربية والإسلامية على شتى الواجهات والتي تنذر بمستقبل قاتم للمنطقة, تقف في جزء كبير منها أمام انتشار التطرف والعنف..
ولقد جاءت أشغال منتدى المستقبل المنعقد في المغرب منذ أشهر لتقر بمسؤولية الأوضاع العربية المأزومة في انتشار التطرف والعنف ولتؤكد على ضرورة نهج إصلاحات شاملة تنبع من الداخل.
وإذا كانت أسباب "الإرهاب" الداخلي الذي يقع في حدود الدولة الواحدة تبدو واضحة في بعض جوانبها, بحيث تعود في غالبيتها إلى الانفراد بالسلطة ووجود قوى معارضة خارج السيطرة أو وجود حركات انفصالية, وغياب قنوات مؤسساتية لتصريف المطالب, وكذا تدني الأحوال الاقتصادية والاجتماعية وضعف التنشئة الاجتماعية والسياسية وغياب أو ضعف القنوات المعنية بهذا الأمر.. فإن "الإرهاب" الدولي الذي يتجاوز في تداعياته وأطرافه حدود الدولة الواحدة, أضحى يثير العديد من الإشكاليات في جانبها المرتبط بالأسباب والنتائج والتداعيات.
ولذلك فالإصلاح يفرض نفسه الآن بشكل أكثر إلحاحا على مختلف الواجهات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية, وهو إصلاح لا ينبغي أن يكون تلبية لمطلب أمريكي أو وسيلة للقضاء على الإرهاب, أو يتخذ بدوره طابعا أمنيا بقدر ما ينبغي أن يكون إصلاحا تفرضه الحاجات المجتمعية الموضوعية والمصلحة الوطنية والتحديات الدولية التي تفرض تهميش الدول الشمولية والضعيفة, وبعيدا عن الإملاءات الخارجية التي تنطوي في غالبيتها على خلفيات ومصالح ضيقة آنية.
إن الولايات المتحدة في مقاربتها الأمنية المحضة لهذه الظاهرة من خلال تحميل وزر ومسؤولية سياساتها الخارجية للآخرين, تغيب الإصلاحات الموازية الضرورية الأخرى, وتستبعد أي دور لها في تنامي هذه الظاهرة التي يتقاسم نتائجها وتداعياتها معها جل دول العالم.
إن الإرهاب الذي لحق بالولايات المتحدة في عقر دارها ومصالحها الحيوية, هو أيضا نتيجة حتمية وموضوعية للسياسة الأمريكية ذاتها تجاه مختلف القضايا والأزمات الدولية, فقد كان من المنطقي وإمام إقدام هذه الدولة على التدخل بشكل زجري في مختلف بقاع العالم تحت ذرائع مختلفة سواء في أفغانستان واحتلالها للعراق وممارسة أقسى مظاهر خرق حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني بمختلف أنحاء العالم والامتناع عن توقيع عدة اتفاقيات دولية حيوية كبروتوكول "كيوتو" الخاص بالحد من انبعاث الغازات الحابسة للحرارة وكذا الانسحاب من اتفاقيات أخرى مثلما هو الشأن بالنسبة لاتفاقية الصواريخ البالستية ABM ومن مؤتمر "دوربن" حول التمييز العنصري ومعارضة إقامة المحكمة الجنائية الدولية الدائمة و التواطؤ المستمر مع إسرائيل في جرائمها اليومية في الأراضي الفلسطينية المحتلة, وتصنيف الدول بشكل تعسفي إلى محور للخير وآخر للشر, أن يتزايد الشعور بالكراهية لسياسة هذه الدولة ويتناسل بذلك "الإرهاب" كوسيلة للتعبير عن عدم القبول بهذه السياسات أمام الصمت والمجاملة التي تفرضه هذه الدولة على مختلف الأنظمة التي ينتمي إليها الضالعون في هذه العمليات.
كما أن عدم فعالية المؤسسات الدولية في انتزاع حقوق الضعفاء على الأقوياء, هو بمثابة إغلاق لباب تصريف المشاكل والمطالب وحل المنازعات بشكل ودي وقانوني وعادل, مما يسهم إلى حد بعيد في اتباع بدائل أخرى قد تكون مسالك وسبل لا شرعية أكثر عنفا ودموية لتحقيق المطالب, إن هذا التحليل لا يصب في الإقرار بشرعية هذه العمليات بقدر ما يكشف عن مكامن الخلل والانحراف في السياسة الأمريكية وأزمة المؤسسات الدولية والتأكيد على ضرورة إصلاحها ودمقرطتها درءا لمثل هذه المخاطر, وبخاصة وأن القضاء على ظاهرة "الإرهاب" الدولي تتطلب الوقوف بشكل صريح وشجاع على الأسباب الحقيقية التي تقف خلفها..
فالمؤسسات الدولية على اختلاف تخصصاتها وأهدافها والتي وجدت بقصد التعاون الدولي وتحقيق الأمن والسلم والرخاء الدولي, أضحت في واقع الأمر مجرد أدوات تخدم مصالح الأقوياء وعلى رأسها الولايات المتحدة بفعل تغييب البعد الديموقراطي فيها, فالمؤسسات الاقتصادية التي تأسست باسم التنسيق الاقتصادي بين الدول ومساعدتها في تجاوز مشاكلها وأزماتها الاقتصادية والمالية الطارئة, أصبحت آلية للاستغلال الفاحش وتعميق الجروح الاقتصادية للدول الفقيرة من خلال إثقالها بالديون والشروط السياسية المجحفة مما نتج عنه تباين صارخ بين شمال غني وجنوب يصارع من أجل البقاء, كما أن غالبية المؤسسات الدولية الحكومية وغير الحكومية المرتبطة بحماية حقوق الإنسان أضحت وسيلة لتصفية الحسابات مع الدول من خلال التركيز على الخروقات التي تعرفها هذه الحقوق في دول, وغض البصر عن مثيلاتها وربما التي تتجاوزها خطورة في مناطق أخرى, كما تبين أنها قادرة فقط على انتقاد الضعفاء فقط في العديد من الحالات, فالخروقات التي ارتكبتها الولايات المتحدة في ضربها للمدنيين في أفغانستان سنة 2001 والممارسات اللاإنسانية التي طالت المعتقلين في معتقلات "غوانتانامو" أو عند احتلال العراق وما واكب ذلك من تشريد وقتال للأطفال والنساء والشيوخ وقصف للمناطق المدنية وما تلاه من ممارسات مشينة في حق السجناء العراقيين في سجن "أبي غريب" أو غيره, وكذا الممارسات الإجرامية اليومية التي ترتكبها القوات الإسرائيلية في حق الشعب الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة.. لا تقابل بنفس الصرامة والحزم والتشهير الذي يقابل به مثلا اعتقال دولة عربية لمعارض أو استهداف منشأة أو مجموعة "إسرئيلية" داخل الأراضي المحتلة من قبل منتفضين فلسطينيين أو اختطاف رهائن من قبل المقاومة العراقية أو قضية "دارفور" ..
أما المؤسسات السياسية الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة التي جاءت أساسا لحفظ السلم والأمن الدوليين ولتلافي الحروب التي جرت على الإنسانية خرابا كبيرا, وبفعل الضغوط التي غالبا ما تمارسها الولايات المتحدة, أضحت مؤسسات شكلية لافتقادها للاستقلالية, بل إن قراراتها تأتي في كثير من الأحوال امتدادا للسياسة الخارجية لهذه الدولة, وأكثر من ذلك فإنها تظل مشلولة أمام العديد من القضايا والأزمات الدولية التي تتطلب تدخلات عاجلة وذلك بفعل استعمال الفيتو الأمريكي أو التهديد باستخدامه كما هو الشأن بالنسبة للقضية الفلسطينية والأزمة "الشيشانية" ومجمل النزاعات في إفريقيا.. وحتى تلك القرارات التي تمكنت هذه المنظمة من استصدارها بعد جهد جهيد تظل في الكثير من الأحوال حبيسة الرفوف ولا تتاح لها إمكانية التنفيذ بفعل غياب الإمكانيات المادية لذلك من جهة وغياب الإرادة السياسية لمعظم القوى الدولية الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي هذا الصدد أضحى مجلس الأمن الذي يشكل الجهاز التنفيذي لقرارات الأمم المتحدة والمسؤول الرئيس عن حفظ السلم والأمن الدوليين مجرد آلية لتهديد الدول والاعتداء على شعوبها من خلال فرض العقوبات المختلفة و منح الضوء الأخضر للتدخلات العسكرية باسم المشروعية الدولية, وأكثر من ذلك فهذا الجهاز أضحى بفعل الضغوط الأمريكية واستثمار هذه الدولة لإمكانياتها العسكرية والسياسية والاقتصادية والديبلوماسية الهائلة داخله يتجاوز اختصاصاته السياسية المنصوص عليها في الميثاق الأممي إلى اختصاصات بعض أجهزة الأمم المتحدة الأخرى مثلما هو الشأن بالنسبة للجمعية العامة ومحكمة العدل الدولية.
فإذا كانت مواجهة العنف السياسي الداخلي تتطلب من جهة اتباع إصلاحات اقتصادية واجتماعية باتجاه تحسين أحوال المواطنين في هذا المجال للحد من استغلال هذه الإكراهات لجر الشباب العاطل والمتذمر لارتكاب أعمال عنيفة, واتباع إصلاحات سياسية باتجاه توسيع هامش الحريات والمشاركة في تدبير الشؤون العامة وجعل القانون فوق الجميع حكاما ومحكومين, وفتح المجال أمام مختلف القنوات من إعلام وجامعات وأحزاب ونقابات ومنظمات المجتمع المدني لاستيعاب مطالب المواطنين والمساهمة الفعالة في تنشئة سياسية واجتماعية صالحة تتركز حول المواطنة, وصد كل القوى المتطرفة, ذلك أن نهج الديموقراطية ليس أمرا حاسما في الحد من هذه الآفة من المجتمع ما لم ترتبط بتنمية اقتصادية واجتماعية, فإن مكافحة "الإرهاب" الدولي تتطلب تنسيقا تعاونيا ووديا تشارك فيه كل الدول مع إعادة الاعتبار للمؤسسات الدولية, من خلال تفعيلها والحد من التأثير في مصداقيتها, هذا بالإضافة إلى احترام القانون الدولي واتباع حل ودي عادل لكل القضايا والأزمات الدولية, سواء ارتبطت بمصالح الأقوياء أو الضعفاء.
ولعل من شأن ذلك أن يفوت الفرص على من يتاجر بالقضايا الدولية, وبالتالي سيوفر سبلا عادلة ومقبولة لحل الخلافات والأزمات ويقطع الطرق على استقطاب الشباب لارتكاب العنف باسم الدفاع عن القضايا العادلة.



#إدريس_لكريني (هاشتاغ)       Driss_Lagrini#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجامعة العربية في زمن التحديات
- الأمم المتحدة في مفترق الطرق
- العالم بين واقع الفوضى ووهم النظام
- المهاجرون المغاربيون في أوربا وسؤال الاندماج
- بعد احتلال العراق, الولايات المتحدة في مواجهة آخر جيوب
- حماس وتحديات الداخل والمحيط
- المغرب وتجربة الإنصاف والمصالحة


المزيد.....




- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - إدريس لكريني - الإصلاحات المغيبة ضمن المشاريع الأمريكية لمكافحة الإرهاب