أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عزالدين معزة - مسلمو هذا العصر والتاريخ















المزيد.....

مسلمو هذا العصر والتاريخ


عزالدين معزة
كاتب

(Maza Azzeddine)


الحوار المتمدن-العدد: 7222 - 2022 / 4 / 18 - 09:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من المؤسف جدا بل ومن الغباوة أن تمجد أمة تاريخها أكثر من حاضرها ومستقبلها، ومن العار كذلك أن نقرأ تاريخنا ولا نفهمه، الفهم الحقيقي للتاريخ هو فهم الحاضر واستشراف المستقبل، الماضي وما وقع فيه من أحداث، هو كنز عظيم ينبئ عن مقبل الأيام، ودراسته بوعي وشغف مفيدة جداً، وستؤثر في واقعنا ومستقبلنا، عندما نعيد انتاج سلبياتنا ونتناسى إيجابياتنا يعني ذلك أننا لم نقرأ التاريخ ولم نفهمه ولم نتعظ منه ولا من دروسه ومعنى ذلك خسارة كبيرة لحاضرنا ومستقبلنا، عندما نفهم أثر وقوة التاريخ، نفهم واقعنا وندرك أبعاد المستقبل الذي ينتظرنا، ونكون مؤثرين وفاعلين في حاضرنا ومستقبلنا .
التاريخ بمفهوم ابن خلدون له وجهان ظاهر وباطن، وظاهر التاريخ يخبر عن الأيّام والدول والسوابق من القرون الأولى، وتنمو فيها الأقوال والأمثال المضروبة، أمّا باطنه فالنظر، والتدقيق، وتعليل الكائنات، والعلم بكيفيّة الوقائع، وأسباب حدوثها، وبذلك يكون التاريخ عريقاً، وعميقاً، وجديراً بأن يكون علماً يوقفنا على أخبار الأمم الماضية وأخلاقها، وسير الأنبياء، والملوك في سياساتهم ودولهم، وذكر أخبار تعود لعصر وزمن معيّنين، كما يخبر التاريخ عن الاجتماع الإنساني، فموضوع التاريخ في نظر ابن خلدون يدور حول الإنسان وأعماله، وما تحمله من أسباب ومبرّرات ونتائج.
ومن تعريف التاريخ عند ابن خلدون، يظهر بأنه أداة للكشف عن صراعات المجتمعات البشريَّة، وما يترتَّب عليها من قيام الدول المختلفة ونشوئها وسقوطها. ومن خلال تعريف التاريخ عند ابن خلدون يتّضح أنه أدْرَك أهميّة البيئة في صياغة التاريخ باعتبارها مسرحًا له، وبالتالي يُعدّ التاريخ استكشافًا كُليًّا لتطوُّر أحوال البشريَّة منذ بداية الخليقة، ومحاولةً لحلِّ اللغز المتعلِّق بالوجود البشري في الكون، فضلًا عن مصير الإنسان في الحاضر والمستقبل. ومن خلال تعريف التاريخ هذا، يتّضح أنه علمٌ يتعلَّق بالمكان والزمان بما فيه من وقائعَ وأحداث، وما يكون لها من أثرٍ في حياة الناس.
يعرف منطق التاريخ ضمن تعرف التاريخ بأنه منهج البحث الذي يتابع سيرورة التاريخ ووجهته. والتاريخية الفلسفية فيه نزعة تجعل من التاريخ حصيلة للمنجز الإنساني، وميدانا للمفكر، وساحة بحث يستشرف منه الماضي والتراث وتعرجاته؛ بحثا عن المبررات المنطقية الخفية للأحداث الظاهرية، مما يجعل وجوده مشروعًا على ساحة الفكر قياسًا إلى المواقف العبثية التي تسلب العقل الانساني القدرة على الاعتبار، ولا ترسم أمامه آفاقا مستقبلية، وتجعله رهين الصدفة والمصالح، وبأحكام ازدواجية لا تستقيم على قواعد أو مرتكزات منطقية. من أجل الهروب من الحاضر والمستقبل إلى الماضي والتعلق به، لأسباب سيكولوجيه تتعلق بحداثة تجربة أصحابها وقطيعتهم الأبستمولوجية عن سيرورة التاريخ الإنساني في الحضارات القديمة، فإن دخلت السياسة على التاريخ والدين، أفسدتهما، وان دخل التاريخ والدين على السياسة، أفسداها كذلك، هكذا يخلط مسلم بين التاريخ والدين والسياسة خلطا لا يستقيم له أمر ولا يصلح اعوجاجا ولا يبني حضارة.
لا ينبغي أن يُفهم رأيي المتواضع بوصفه معاداة أو إهانة للماضي، أو رغبة في محوه بالمطلق. بل إن الهدف هو تخفيف ضغط الماضي على ما تلاه بمعاملته بلطف وذكاء لا بإهدار قيمته.
إن التخلف والاستبداد والظلم الاجتماعي والإرهاب والفساد المستشري في جسم الأمة الذي نقاسي فظائعه لم يكن إلا نتيجة لهذا الحنين الماضوي القتّال الذي أسأنا قراءته وتوظيفه، نقرأ تاريخنا قراءة نوستالجية، حسب المصطلح اليوناني الأصل وكلمة “النوستالجيا”، هي كلمة من شقين معناهما الشوق والألم. فهي تشير، إلى “الألم” الذي يعانيه المريض في و “حنينه” للعودة إلى بيته وخوفه من مواجهة واقعه، حيث يتقوقع على نفسه وماضيه.
المسألة نفسية تماما وفق هذا الإيضاح، لكن الأمم الحية نجحت في تخطي الحواجز النفسية مهما تكن متغاضية عن الآثار الضارة الفردية المحدودة. فلم تسمح لهذا الشعور بأن يتطور تطورا سلبيا عاما، كما تطور لدينا وشمل معظمنا تقريبا، بل حجَّمته وأحكمت ضبطه. فبمقدار ما كان للجميع حريتهم في مديح الماضي وتفضيله على سواه لو شاءوا، كان شرطها الوحيد، بالتربية القويمة وتنمية السلوك، وألا يقتلوا الحاضر بالماضي، على عكس ما يجري في بلادنا، التي فشا فيها الإيمان بالجذور، وصار كقبضة فولاذية تتحكم في جميع الأمور.
كل الأمم والشعوب الحية التي استطاعت أن تتخلص من موروثها التاريخي ـ الثقافي، في جوانبه المظلمة المعطلة للعقل والفكر وكرامة الانسان وحقه في حياة افضل .ومستقبل اضمن للأجيال ، تمكنت من فرض نفسها على التاريخ المعاصر وعلى الأمم التي ما زالت تستمد خارطة طريقها من المقابر، كأمتنا العربية الإسلامية، للأسف ما زال ابن تيمية إلى الان يملي علينا فتاواه التي تجاوزها الزمن وأكل الدهر عليها وشرب كما يقال في تراثنا العربي ..
"إن الأمة ضعفت عن شريعة القرآن، فحاولت أن تبدل القرآن ليلائمها [تأويله]، ولم تحاول أن تغير نفسها لتلائم القرآن" محمد إقبال.
إن أدق تشخيص لحالة أمتنا الإسلامية اليوم، هو أننا مصابون بما يشبه الشلل الكلي المعنوي والفكري، في جميع أجهزتنا الأخلاقية، وملكاتنا النفسية، ومواهبنا الشخصية، وطاقاتنا العقلية، والعملية والعلمية، وكذا السياسية و الاقتصادية والعددية، والروحية ، كل ذلك يجعلنا في عجز عن الحراك الصحيح نحو تحقيق أهدافنا، وتأكيد وجودنا، وإثبات ذاتنا ،إن المسلم اليوم يعيش في مرحلة حرجة من مراحل التاريخ، ويعيش في ذات الوقت واقعًا مريرًا، كما أنه يحيا حياة الذل والهوان والاستكانة، ويرضخ لما يملي عليها من الأخر ، ولأوامره طائعا مستسلما .
لا أظن أننا صادقون في قراءة القرآن وفهم الدين ، لا أحب من القارئ هنا أن يتوقع كلاما مألوفا عن الخشوع المفتعل والمظاهر المتمثلة في اللحي واللباس والحج والعمرة ، وعن الأجر والثواب أو المقابل، ولا عن التدبر المشروط بما لا يحصى من القيود والأغلال التي وضعها السابقون، بل على الضد من ذلك أريد إرغام القارئ العزيز -وبقسوة أيضا- على إعادة النظر في عادات غيره في القراءة، تلك القراءة الغيرية المريحة التي تراكمت بعضها فوق بعض بفعل التاريخ إلى أن باتت تمثل صلتك التقليدية بالقرآن دون أن تستثيرك حتى، ودون أن تستشير أفقك النفسي أو المعرفي أو الثقافي أو تراعي وضعك التاريخي، بينما تسبح همومك الحقيقية واسئلتك العميقة -إن كانت لا تزال فيها بقية من حياة- تسبح هناك في فلك آخر، وتمر بك كأنها غريبة عنك وكأنك غريب عنها.
القارئ المعاصر يحمل غربته بعيدا عن النص القرآني، لا أدري كيف يتم التنكر لهذه الغربة وكيف يتجاهل ضغوطها، لكن وقع هذا التنكر شديد، وأثره ظاهر في كل ما حوله، أقصد القارئ التقليدي المعبأ بقراءات الآخرين والغابرين الذين لم يعودوا من عصرنا.
نحن بحاجة ماسة إلى حاضرو مستقبل علمي مضيء لا تغيب عنه الأخلاق الرفيعة. أما الغرق في بحور الذكريات والنوستالجيا وتسيس التاريخ والدين، مع اجترار أفكار السابقين، فلن يفضي إلى مثله أبدا. فمستقبلنا المرجو مرهون بخلاصنا مما فات، والمعنى ليس تمزيق الغابر ولا التنكيل به، لكن وضعه في خانته الطبيعية والاستفادة منه بمقدار الطلب لا الإقامة الدائمة فيه والتغني المستمر به.



#عزالدين_معزة (هاشتاغ)       Maza_Azzeddine#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلاقة بين الأنظمة الاستبدادية والدين في الوطن العربي
- ما دلالات فتح فرنسا أرشيف الثورة التحريرية؟
- الحركى* والرهان على الحصان الاعرج وتزوير التاريخ
- الشهيد المثقف -علي بومنجل- ينتصر على جريمة الدولة الفرنسية
- احياء الذكرى الستين لعيد النصر
- احياء الذكرى الستين لعيد النصر
- وتساوى المثقفون وأساتذة الجامعات والجهلاء
- تجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر لا يحتاج إلى قانون
- ايجابيات وعيوب اتفاقية ايفيان - باختصار -
- ما وراء فتح أرشيف الجزائربفرنسا ؟
- الديمقراطية وحقوق الإنسان في الوطن العربي إلى أين؟
- الكتابة التاريخية في الجزائر بين ضغوط التقديس ونزعات التسيس ...
- الفساد السياسي يُعمّق الظلم الاجتماعي ويقلل فرص التنمية
- سلطة التراث والسياسة وانعكاساتهما على العقل العربي المعاصر
- هل أزمتنا في جسم الأمة العربية العملاقة أم في رأسها السياسي ...
- اركان بناء الدولة المدنية العصرية
- من ثورات الربيع العربي إلى عودة شتاء العرب؟
- الجزائر وفيتنام جمعتهما ثورتان كبيرتان وفرقتهما التنمية وسوء ...
- إشكالية العقل النقدي وفقه العصور الوسطى في الفكر العربي المع ...
- مفهوم الدولة في العالم العربي


المزيد.....




- إبراهيم عيسى يُعلق على سؤال -معقول هيخش الجنة؟- وهذا ما قاله ...
- -حرب غزة- تلقي بظلالها داخل كندا.. الضحايا يهود ومسلمين
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...
- ما هي أبرز الأحداث التي أدت للتوتر في باحات المسجد الأقصى؟
- توماس فريدمان: نتنياهو أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي
- مسلسل الست وهيبة.. ضجة في العراق ومطالب بوقفه بسبب-الإساءة ل ...


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عزالدين معزة - مسلمو هذا العصر والتاريخ