|
الآلهة لا تخلق البشر...بل البشر هم الذين يخلقون الآلهة...
فارس الكيخوه
(Fares Al Kehwa)
الحوار المتمدن-العدد: 7220 - 2022 / 4 / 16 - 21:09
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
قبل أسابيع قليلة كنت أتحدث مع زميلتي الفيتنامية البوذية في العمل،فقلت لها متعمداً ، هل تصلين ،وكيف تشعرين بعد الصلاة؟ فردت.اصلي ولكن ليس كثيرا،لاننا ليس عندنا مواعيد خاصة للصلاة، ولكن عندما أصلي أشعر بأنني على اتصال مع قوة ما ،وأشعر بالراحة والطمأنينة بعد الصلاة …. قبل أيام فقط،كنت أقرأ في وقت الراحة في العمل فمرت زميلة أخرى هندية سيغية ،فسالتني بمزاحة " هل تقرأ الكتاب المقدس؟ ثم أكملت "أنا أقرأ كتابي المقدس وأصلي كل صباح قبل أن آتي إلى العمل لأن ذلك يشعرني بالراحة"...هنا تذكرت كلام زميلي جاي وهو سريلانكي هندوسي كنت قد تعرفت عليه قبل أكثر من عشرين عاما،فكان يقول لي بأنه عندما كان يفر من الحرب الأهلية هناك متجهاً الى الهند،كان يشعر بأن الهه سيفا كان يحمله ويهمس إليه قائلا"أنت تستطيع إكمال المهمة،فقط اثبت واصمد".. صراحة هذا هو بالضبط ما كنت ابحث عنه مفهوم العبادة والايمان عند الإنسان وخاصة وانا اخالط ومنذ زمن بعيد الكثيرين ومن مختلف الديانات واجد استفادة كبيرة بالنسبة لي عندما أعرف كيف يفكرون ..أن الإنسان يصلي ويؤمن بوجود قوة ما أو آلهة ما حوله،مهما اختلفت تسميات وأوصاف تلك الآلهة ،لأن الإنسان ورث العبادة من آبائه وأجداده ليس إلا,وأن مفهوم الإيمان هو نفسه رغم اختلاف المعتقدات واختلاف البقعة الجغرافية..عندما تغلب العاطفة والنقل على العقل،وعندما تنسج الأساطير والخرافات والقصص بطريقة تصبح حقيقة ومقدسة يتقبلها المتلقي برحابة صدر دون الرجوع حتى إلى مصداقيتها على الرغم أنها تخالف العقل والمنطق ،وعلى الرغم إن النص المقدس هو انتقاص واستخفاف من الذات الإلهية لانه لا يعدو سوى نص بشري عادي جدا له ما له وعليه ما عليه… هؤلاء الأشخاص لا يعرفون الإله الإبراهيمي أو الله أو سموه ما شئتم..أنها فقط تسمية بالنسبة لي لا غير..لا يعرفونه لا من قريب ولا من بعيد.ورغم ذلك فهم يؤدون واجبهم العقائدي، يصلون ويتضرعون إلى ذلك الإله الذي اخترعه أجدادهم، ذلك الإيمان الذي يشعر به كل مؤمن، بل يشعرون بنفس الراحة والطمأنينة التي يشعر بها أي مؤمن بالأديان الإبراهيمية وهذا يعزز ويدفع قناعاتي أكثر وأكثر إلى فرضية واحدة قوية ومنطقية وهي إن الآلهة لا تخلق الإنسان،بل الإنسان هو الذي يخلق الآلهة.لأنه أي الإنسان وببساطة هو الذي يعتقد بحاجته لهم وليس العكس،والدليل مئات من الأديان ومثلها من الآلهة تعبد في أيامنا هذه،فمن هو الإله الحق ولماذا ؟؟؟؟؟؟ إن كنت تعبد إلها ما ،فتأكد انه واحد من عشرات كثيرة من الآلهة التي تعبد اليوم ،وان كنت على يقين أن إلهك هو الصحيح والحق،وتكفر بقية الآلهة ،تأكد أنك لست الوحيد في الساحة ،هم أيضاً يفكرون نفس التفكير..انه صراع الآلهة الذي اخترعه البشر،ولكن الحقيقة هو صراع البشرعلى الالهة …. إن الدين باعتقاد الإنسان هو الذي يعطيه معنى لوجوده على هذه الحياة ،يعطيه ملاذا وأمانا وأملاً لمستقبل مجهول،والاهم،يعطيه عزما وصبرا وعزاءاً فى بأسه واحباطاته ومصائبه في حياته وبدون شك تلك الحلول التي يبحث عنها ،وهنا يأتي دور رجال الدين، ليعززوا ويدفعوا المجتمع أن يبقى تحت هذا التفكر وترسيخ هذا الاعتقاد في فكر الإنسان ، إن الدين كونه مؤسسة اجتماعية وروحية لا يستهان بها، يرتبط بها المؤمن منذ صغره ويصبح جزء منه بل هويته الاولى.. إن تضارب القيم الإنسانية والرسائل التي جاءت بها الأديان عن طريق الرسل والأنبياء ما هي إلا دليل واضح على أن الأديان صناعة بشرية جاءت لغرض لم قطيع ما حول راعي ما…وسؤالي ،منذ نشوء البشرية والى يومنا هذا ،هل اتفق البشر يوما ما على آله واحد ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وحتى لو فرضنا جدلاً, إن هناك اله واحد( الله) المعروف عندنا،لماذا مثلاً الجنة التي وعد بها المؤمنين تختلف اختلافا جذرياً باختلاف الأنبياء والرسائل؟؟؟ أليس هذا دليلا أيضاً، على أن ( الأنبياء) يخاطبون البشر كل حسب بيئته وحاجاته ورغباته ليس إلا ؟؟؟؟؟؟ ثم أليس البشر اليوم يعبدون انبياءهم ورسلهم وغيرهم أكثر من الله الذي ارسلهم ؟؟؟؟؟؟؟؟ أكفر بالله ثم أكفر بمحمد أو بالحسين مثلاً ،وستعرف بالحال رد فعل المؤمن !!!!!! إن مسيرة البشرية ما هي إلى ولادة وانتشار واستمرار يقابلها اندثار وذوبان وتلاشي الآلهة…أن البشر هم من يخلقوا اشباح لأنفسهم ويعطوها التسميات ثم التقديس الأعمى،وهكذا تتناقل الخدعة ابا عن جد .. ثم ،لماذا توقفت معجزات الخالق في زمن معقد ومتطور بحاجة إلى أجوبة كثيرة من (الخالق) وعلى الأقل معجزة واحدة فقط من معجزاته الكثيرة ؟ ماذا ينتظر؟ ماذا كان ينتظر رغم صلوات وتضرعات المؤمنين به وهو يرى مثلاً جرائم داعش ضد الإنسانية بينما هب لتدمير سدوم وعمورة فقط الإدعاء بأن أهلها يقترفون المفاسد؟أليست مفاسد وهمجية داعش أكثر فساداً في الأرض من الأولين ؟؟؟ أليس من المفروض والمعقول أن يقوم الله بأعجوبة واحدة لإقناع الإنسان المتحضر ومع التطور التكنولوجي والعلمي والفكري الذي وصل إليه،بدل أن يعمل تلك المعجزات في الزمن السحيق والذي كان فيه الإنسان يصدق اي شئ يقال له ؟؟؟؟ ماذا يريد منا الإله ؟ أن نعبده ليلا ونهارا ؟ أهذه غايته من الخلق فعلا ؟ ألم يتعلم من فشله مع الملاك النوراني الذي تحول الى شيطان ،فكيف بالإنسان ؟ ألم يتعلم من فشله الواحد تلو الآخر من آدم وطرده إلى يومنا هذا؟ ثم أي اله حقيقي هو والكل يدعي الأحقية رغم اختلاف المعتقدات ؟؟ إذن ننتظر منه أن يقودنا إلى ذلك بأن يوضح لنا من هو وما هو الطريق الصحيح إليه( وهنا قطعا سيهب كل صاحب معتقد ويقول عندنا نحن الطريق الصحيح) ولماذا بعث الينا برسائل مشوشة متناقضة لا نفهم منها إلا الاضطراب والفوضى قادتنا إلى حروب همجية وقداتنا إلى كراهية المخالف ، هذه الأديان التي زرعت ما زرعت في نفوس البشر والتي كل منها يدعي الطريق الصحيح ،بل أزيد إن داخل كل معتقد هناك طوائف ومذاهب عديدة لكل واحدة منها مفهومها الخاص بها وتدعي الحقيقة والطريق الصحيح هي الأخرى أيضاً….وهذا لا يقودني إلا أن فرضيتي هي الأصح والأقرب الى العقلانية وهي أن الإنسان هو الذي خلق الآلهة حتى يشعر بذلك الأمان الروحي والطمأنينة التي يبحث عنها في داخله ، إن الآلهة ما هي إلا أشباح تطوف في خيالنا ،هذا كل ما في الأمر ،فنحن جميعا توارثنا المعتقد ،ابا عن جد، ليس عن قناعة حقيقية بل عن وراثة وتلقين …إن طريق البحث عن جذور الأديان وكمية الاقتباسات من بعضها البعض وتكرارا الإلهة وبأساطير وقصص مختلفة ،طريق طويل يحتاج إلى دراية ومعرفة ومصداقية في التعامل مع المقدس،ليس كل شخص مستعد أن يدخل هذا الطريق الطويل المعقد ،لأن الإنسان يفضل ووبساطة وسذاجة بأن يقوم هو بالدفاع وبشراسة عن دينه نيابة عن الهه القوي الجبار العليم الحكيم ،لأن الإنسان لا يستطيع فعلاً أن يواجه أوهام وخرافات معتقده التي تربى عليها منذ صغره،بل يحاول دوما أن يجد مبررات لإيمانه …. إلا الجريء وصاحب فكر حر ،فهو إنسان يتكلم بما يؤمن به ،لا ما يفرض عليه…فأي نوع انت ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ تحياتي. نعم للتنوير…لا للتخدير.
#فارس_الكيخوه (هاشتاغ)
Fares_Al_Kehwa#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأديان ألقت بيننا احقادا،واورثتنا افانين العداوات،...المعري
-
نحن أحسن ناس نكذب،وكتابنا كذب في كذب...سيد القمني
-
- الإسلام نقيض الأخلاق-.....سيد القمني.
-
الملسمون قبل غيرهم من يسخرون من الرسول.
-
الصحابي الكاذب.
-
وصية المفكر سيد القمني..
-
رسالتك قد وصلت سيد القمني
-
الإسلام....بين هذا وذاك..
-
اللعن والسب عند رسول الرحمة والمغفرة .
-
هل حقاً إن انكر الأصوات لصوت الحمير ؟
-
كل عام والإنسانية بخير.
-
درس الأخلاق افضل من درس الدين....
-
الله لا يحفظ أحد... والملائكة لا تحرس أحد..
-
لا يا رسول الله.....الشمس لا تغيب
-
السيرة النبوية.............تحت المجهر 2
-
أنا والنبي موسى وسحرة فرعون......
-
السيرة النبوية........تحت المجهر.
-
ودرسا في الإنسانية 4
-
أنا وطوفان نوح....
-
نحن العراقيين والاولمبياد.....
المزيد.....
-
إلعب إلعب ياسـلام.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على الأ
...
-
الأزهر يوجه رسالة للدول العربية والإسلامية لوقف تمدد إسرائيل
...
-
صار عنا بيبي صغير ??.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي
...
-
-الصوت اليهودي من أجل سلام عادل في الشرق الأوسط-.. منظمة ألم
...
-
تفاصيل الجلسة المغلقة لمجلس الشورى الاسلامي بحضور اللواء سلا
...
-
حميدو الولد الشقي.. ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على القمر
...
-
من بينهم باسم يوسف وإليسا وفضل شاكر.. هكذا علّق نجوم عرب على
...
-
أردوغان بعد سقوط نظام بشار الأسد: نقف إلى جانب السوريين بكل
...
-
اسلامي: إيران تحظى بقدرات متكاملة في صناعة الطاقة النووية
-
ما هو موقف حركتي الجهاد الاسلامي وحماس من تطورات سوريا؟
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|