أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سعيد الكحل - حكمة رجال الدولة .















المزيد.....

حكمة رجال الدولة .


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 7219 - 2022 / 4 / 15 - 21:05
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


قبل سنة ، لم يكن حتى الأكثر تفاؤلا من المهتمين بالعلاقات الدولية ، يتصورون عودة العلاقات المغربية الإسبانية بالمتانة والقوة التي باتت عليها اليوم بعد زيارة رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز إلى المغرب واستقباله ،على مائدة الإفطار، من طرف العاهل المغربي . ذلك أن الأزمة التي هزّت الثقة بين البلدين بسبب استقبال إسبانيا لزعيم البوليساريو بهوية مزورة حتى لا ينكشف أمره ، وكذا الصدمة التي تلقتها ــ إسبانيا ــ إثر الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الأقاليم الصحراوية ، جعلتا عودة العلاقات بين البلدية إلى سابق عهدها أمرا بالغ الصعوبة . وما عقّد الأمر ،تصريحات وزيرة الخارجية الإسبانية ، أرانشا غونزاليس لايا، المسيئة إلى المغرب ، بل والمحرضة ضده باتهامه أمام المفوضة الأوربية للشؤون الداخلية "بابتزاز إسبانيا والضغط عليها"بالمهاجرين. الأمر الذي جعل ، إيلفا جوهانسون، تدخل على الخط بدعمها لإسبانيا على حساب المغرب ، خصوصا لما اعتبرت أن "الحدود الإسبانية هي حدود أوربا" . بل إن لايا أغلقت الباب أمام أي تغيير في الموقف الإسباني من قضية الصحراء المغربية : "موقف إسبانيا فيما يتعلق بالصحراء لم يتغير مع وصول الحكومة الائتلافية وأنها لن تفعل ذلك في المستقبل". كما حاولت إسبانيا استصدار قرار من المفوضية الأوروبية "يدين" المغرب إثر دخول بضعة آلاف من المهاجرين غير الشرعيين إلى سبتة المحتلة؛ إلا أن البرلمان الأوربي تجنب "الإدانة" التي كانت تطالب بها إسبانيا واكتفى بموقف "يرفض استخدام المغرب لمراقبة الحدود والهجرة كورقة ضغط سياسي ضد إسبانيا، مع استنكار أعضاء البرلمان الأوروبي ذلك". أساليب الابتزاز التي اعتادت إسبانيا على استعمالها لم تزد المغرب إلا إصرارا على حماية مصالحه العليا باستثمار المكاسب الدبلوماسية التي حققها ، وعلى رأسها الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء ، وكذا بالتصدي للمخططات العدائية لوحدته الترابية . وكان الخطاب الملكي في 20 غشت 2021 واضحا وحاسما في قطع دابر الابتزاز (فأعداء الوحدة الترابية للمملكة، ينطلقون من مواقف جاهزة ومتجاوزة، ولا يريدون أن يبقى المغرب حرا، قويا ومؤثرا .. كما أن بعض قياداتها (=الدول الأوربية) لم يستوعبوا بأن المشكل ليس في أنظمة بلدان المغرب الكبير، وإنما في أنظمتهم، التي تعيش على الماضي ، ولا تستطيع أن تساير التطورات). فـ"مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس" ، لهذا وجب تغيير قواعد التعامل معه (إنهم لا يريدون أن يفهموا، بأن قواعد التعامل تغيرت ، وبأن دولنا قادرة على تدبير أمورها، واستثمار مواردها وطاقاتها، لصالح شعوبنا). فالمغرب ،كما قال جلالته ( تغير فعلا، ولكن ليس كما يريدون؛ لأنه لا يقبل أن يتم المس بمصالحه العليا. وفي نفس الوقت، يحرص على إقامة علاقات قوية، بناءة ومتوازنة، خاصة مع دول الجوار). رسائل ملكية واضحة التقطها الملك الإسباني فيليبي السادس فحرص على ترجمتها إلى قرارات حكومية ، وفق ما كشفت عنه الكلمة التي ألقاها خلال استقبال خص به السلك الدبلوماسي المعتمد في إسبانيا ، يوم 17 يناير 2022 "مع المغرب، اتفقت حكومتا بلدينا على القيام سويا بإعادة تحديد علاقة للقرن الحادي والعشرين، بناء على أسس أكثر قوة ومتانة"مضيفا "الآن ينبغي على الأمتين السير معا من أجل الشروع في تجسيد هذه العلاقة بدءا من الآن". هكذا انتصرت الحكمة على الميولات العدائية تجاه المغرب ، فعملت الحكومة الإسبانية ، بتوجيه من العاهل الإسباني ، على تغيير موقفها "الداعم لتقرير المصير" إلى الموقف الداعم للحكم الذاتي الذي حملته رسالة رئيس الحكومة بيدرو سانشيز إلى العاهل المغربي يؤكد فيها أن "إسبانيا تعتبر المبادرة المغربية للحكم الذاتي بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف" . يتضح إذن، أن هذا التغيير في الموقف الإسباني ، هو ثمرة تدخل الملك الإسباني لإنهاء الأزمة مع المغرب ؛ مما يعني أن الموقف الجديد هو موقف الدولة الإسبانية الذي لا يمكن أن يتغير بتغير الحكومات ورؤسائها . فالضامن لثبات الموقف الإسباني هو الإشراف المباشر للعاهلين المغربي والإسباني ،وهما الجهتان اللتان تستحضران متانة العلاقات بين البلدين وتجدرها ، على الحوار بين الحكومتين . إن المغرب وإسبانيا ، حسب وزير الشؤون الخارجية والإتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني، خوسي مانويل ألباريس، مرتبطان بأزيد من 16 مليار أورو قيمة المبادلات التجارية، وأن المغرب هو ثالث أكبر شريك اقتصادي لإسبانيا من خارج الإتحاد الأوروبي ؛ فضلا عن وجود 17 ألف شركة إسبانية لديها علاقات تجارية مع المغرب، و700 أخرى مستقرة فيه. لهذا تبقى الحسابات الإيديولوجية التي تحرك بعض الأحزاب الإسبانية (نموذج بوديموس) مضرة بمصالح الدولة الإسبانية أولا وأساسا ، سواء مع المغرب أو مع إفريقيا الذي يمثل المغرب البوابة الرئيسية إليها وأحد المستثمرين الأساسيين فيها ؛ إذ بلغ حجم الاستثمارات المغربية في إفريقيا نحو 6 مليارات درهم سنة 2019 . فالموقع المهم الذي بات يحتله المغرب على المستوى القاري جعل الرئيس الألماني ،فرانك فالتر شتاينماير ، يشيد به في الرسالة التي بعث بها إلى العاهل المغربي في يناير 2022 (أشيد بالمساهمة الكبيرة لبلدكم من أجل الاستقرار والتنمية المستدامة في المنطقة) ، وأنه (بفضل التطور الديناميكي لبلدكم، أصبح المغرب موقعا مهما للاستثمار بالنسبة للمقاولات الألمانية بإفريقيا) .وما على إسبانيا إلا أن تحذو حذو ألمانيا .
نحن ،إذن، أمام انتصار حكمة رجال الدولة في كل من ألمانيا وإسبانيا على المواقف الظرفية التي أملتها الحسابات السياسية الضيقة التي لم تدرك أن "قواعد التعامل تغيرت" كما قال العاهل المغربي ؛ فكان ضروريا تدخل الرئيس الألماني والعاهل الإسباني ، باسم الدولتين وليس فقط الحكومتين، لتصحيح الوضع وإعطاء دفعة قوية للعلاقة مع المغرب . وجاء البيان المشترك الذي صدر عقب زيارة سانشيز للمغرب منوها بأهمية حكمة عاهلي البلدين ورغبتهما في الارتقاء بالعلاقة بين البلدين (فإن المرحلة الجديدة تستجيب لنداء صاحب الجلالة الملك محمد السادس « بتدشين مرحلة غير مسبوقة في علاقة البلدين »، وصاحب الجلالة الملك فيليبي السادس « للسير سويا لتجسيد هذه العلاقة الجديدة ».أما ما سبق وأقدم عليه سانشيز من تصرفات فيدل عن غياب تلك الحكمة التي من شأنها أن تجنبه ردود أفعال مستفزة للمغرب ( لقاؤه بزعيم البوليساريو في قمة بروكسيل ، وهو حادث غير مسبوق إذ لم يسبق لرئيس حكومة إسباني ، بهذه الصفة الرسمية، أن التقى بزعيم الانفصاليين ،إدخال هذا الأخير بهوية مزورة إلى إسبانيا بدعوى العلاج، اتهام المغرب لدى المفوضية الأوربية بالابتزاز ، إقحام الاتحاد الأوربي في الأزمة/الصراع مع المغرب ، الاحتجاج على واشنطن ومطالبتها بالتراجع عن الاعتراف بالسيادة المغربية على الأقاليم الصحراوية ..). جدير بالملاحظة أن العلاقات المغربية الإسبانية دخلت فترة ركود منذ تعيين بيدرو سانشيز رئيسا للحكومة سنة 2018، والذي قرر عدم جعل المغرب وجهته الأولى بعد انتخابه ، بينما زار عدة دول إفريقية.وما كان لإسبانيا ، وقبلها ألمانيا ، لتغيرا موقفها إيجابيا لصالح المغرب لولا "سياسة الحزم" التي نهجها جلالة الملك تجاه أوربا دفاعا عن مصالحه العليا ؛ وهي السياسة التي نوه بها التقرير الذي نشره موقع المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية (ECFR)، من أن المغرب اختار في السنوات الأخيرة، وخاصة منذ اعتراف ترامب بسيادته على الصحراء، سياسة الحزم، حيث أصبح يتصرف بحزم متزايد ليس فقط تجاه الجزائر ولكن تجاه أوروبا أيضًا.
الآن ، وقد انتصر صوت الحكمة لدى سانشيز ، فإن المطلوب من الحكومة المغربية أن تحافظ على الندية في كل مراحل الحوار والتعاون مع إسبانيا بما يخدم مصلحة البلدين ، خصوصا وأن إسبانيا لم تُخْف أطماعها في المياه الإقليمية للمغرب ، سواء في الشمال أو في الجنوب .



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جماعة العدل والإحسان ومخطط زعزعة استقرار المغرب.
- أمانة البيجيدي تتنصل من جرائم الحزب في حق الشعب.
- مغالطات الريسوني في قضية الإجهاض 2/2.
- مغالطات الريسوني في قضية الإجهاض 1/2.
- الريسوني يناهض المساواة ويعتبرها تخريبا للأسرة.
- لا حصانة للمنتَخَبين يا وزير العدل.
- دبلوماسية الحكمة تُشتّت شمْل الانفصاليين وداعميهم .
- بكائيات بنكيران على أطلال حزب فقد صلاحيته .
- أسس الدبلوماسية المغربية :الرزانة وتنويع الشراكات الدولية.
- أيها المناهضون للتطبيع ! سفارة تركيا أمامكم .
- 8 مارس : هل تصلح الحكومة ما أفسده البيجيدي ؟
- الدبلوماسية الروحية أساس القوة الناعمة للمغرب.
- التلاعب بالفتاوى الفقهية لخدمة الأهداف السياسوية.
- ماذا وراء تشكيك بنكيران في مشروعية الحكومة ؟
- ذكرى 20 فبراير بدون تركتها .
- حتى لا تفقد الحكومة مصداقيتها .
- جذبة الإسلاميين ضد الرابطة المحمدية للعلماء.
- سيد القمني فاضح خُبث الإخوان حيا وميتا.
- حين أزال المغرب جبلا من أجل إنقاذ أحد أبنائه.
- الذكرى الخامسة لعودة المغرب إلى الأسرة الإفريقية.


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - سعيد الكحل - حكمة رجال الدولة .