أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبدالله الخولي - زمن التيه














المزيد.....

زمن التيه


محمد عبدالله الخولي
كاتب/ ناقد/ باحث

(Mohammed Elkhooly)


الحوار المتمدن-العدد: 7215 - 2022 / 4 / 11 - 23:22
المحور: الادب والفن
    


في طريقي إلى تلك المدينة التي تنفست فيها أربع سنوات متتاليات، وفي السنة الرابعة كان التقدير غير مناسب للمجهود الذي بذلته فيها، بيد أني كنت موفقا في الاختبار الشفوي.. عندما سألني الأستاذ الدكتور محمد رجب البيومي : عن قضية النظم عند عبد القاهر الجرجاني وأخذ يهز رأسه، ومن قبلها أجبت على آخر سؤال وُجِّه إلي في مادة القرآن الكريم، قل : يا بني، من أول قوله تعالى " وإذ قال إبراهيم ربي أرني كيف تحيي الموتى.." ؛ فأكملت. ما زلت أنظر عبر زجاج السيارة الأمامي وأنا متجه إليك.. ،وكأني مازلت اندس خفية من زملائي- خلف محطة القطار- مصطحبًا تلك الفتاة التي تحدثني نفسي أحيانا أنها السبب الرئيسي في ذاك التقدير الجائر . ربما كانت مشاهدة الأفلام الأجنبية في السينما التي تجلس على أخر الكف الأيسر لمحطة القطار في تلك المدينة، وربما كانت جزيرة الورد التي كنت أتسلف من زوج أختي الجنيهات وأطلب للحسناء عصير الكوكتيل المحبب لديها، وربما تخلفي عن المحاضرة الأخيرة يوميا لأذهب إلى مكان تخزين القطار وأحجز كرسيين مميزين لي ولها. كان حلما أن أعين معيدا بكلية اللغة العربية، مذ ابتليت بداء الشعر في صغري حين مسني مردة وادي عبقر الملعون. ولكن التقدير لم يكن سيئا فقد ساعدني أن أعمل مدرسا للغة العربية بإحدى دول الخليج، كنت أبيع شبابي هناك بثمن بخس دراهم معدودة، أجلس الآن على السيراميك الأبيض في ممر مركز للعلاج النفسي، أخذوا حبيبة قلبي من يدي منذ عبرت بابهم الحاجز ما بين عالمين يقولون: أن العقل هو البرزخ بين هذين العالمين. أستشرف يوم الأربعاء القادم ، وابن الوزير المغربي ينتظرني في غرفة الجودة بقسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة شبين ، سيدور بيني وبينه حوار مهم للغاية سنحتكم فيه إلى أستاذ متخصص في الأدب والنقد، ابن الوزير المغربي أسمعه يردد أجمل رسائله التي حفظتها لتعجب الأستاذ. فقد قال فيها الوزير المغربي: " أقف على كتابك ولم أزل ألثُمه، كأني قد ظفرتُ باليد التي بعثته، وأضمه كأني أضم الجوانح التي نفثته، وكأني كلما أدنيته إلى كبدي المعذب ببعدك، وأمررته على عيني المطروفة بفقدك، سحبت على النار ذيل السحاب، وسقيت عطش الحب كأس الرضاب، وأعرت أخا سبعين ظل الشباب، فأرَّختُ يوم قدومه لأجعله موسما للسرور، وعيدًا باقيًا على الدهور، أرتقب السعد عنده كل عام، وأنتظر الفرج من كل غرام، واتفق وروده في أشرف فصول الدهر حسبا، وأكرم مفاخر الأيام نسبا، حين ابتدأ الربيع يزخرف بروده، والدهر ينظم عقوده." حبيبتي تشكو الآن للطبيب ما ألمّ بها، وربما تحدد اليوم جلسات الكهرباء بحجة أنها مصابة بالوسواس القهري، أظن هذا الوسواس هو الذي دفع ابن الوزير المغربي للتمرد، فقد احتوشته أفكار الشيعة، وعقيدة النصارى، والفكر العقائدي لدى المسلمين، الرجل لم يكن مستقرا أبدا؛ ولذا كان يمازج في رسائله بين الشعر والنثر. يخترق الوزير المغربي حاجز الزمن، عبر برزخ العالمين -العقل- ودخل علي بهو المصحة النفسية بتلك المدينة التي قتلتني مرتين، تقدير ظالم في أخر سنة بالكلية، وفرقة أبدية بيني وبين من أحببتها، وطعنة ثالثة بدخول قطعة من قلبي مصحة العلاج النفسي بها. ابن الوزير المغربي اشتبك مع الممرضين في أخر الممر ، يحدثهم عن الدولة الفاطمية ، وعن خداعه للشريف المكي، وعن مؤلفاته الأربعة الشهيرة : إصلاح المنطق لابن السكيت، أدب الخواص، المأثور في ملح الخدور، الإيناس في علم الأنساب، قال أحد المعالجين النفسيين أدخلوه في الغرفة المخصصة بجلسات الكهرباء ؛ فإنه مصاب بوسواس قهري، أنا أتجرع المرارة لصراخ أختي، وأتشفى في ابن الوزير المغربي الذي حرمني لذة اللعب مع أولادي، وجعلني أحمل كتابه عنوة مصطحباه إياه للمصحة النفسية، وأجلسني على السيراميك الأبيض في ممر المستشفى، تتصفحني الوجوه أمامي كأني أحد المرضى ، فمن يحمل كتابا ليقرأ فيه في زمن تحدثت فيه سما المصري عن فضائل الصيام.



#محمد_عبدالله_الخولي (هاشتاغ)       Mohammed_Elkhooly#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزلية تلك الحكاية
- رمانة الأسرار
- القهوة ومتاهات التأويل. جدارية عشق للقهوة
- وقالت لستَ إِنْسِيّاً
- شهقة الليل الأخيرة
- أنا والشيخ بالسدرة
- تَجَلٍّ
- الفضاء المتخيل وتجليات الهوية - قراءة نقدية في رواية خلية ال ...
- - تجليات السرد في البناء الشعري- قصيدة - كل بعقلي قطعة سكر- ...
- -الإبداعُ والتَّجْرِبَةُ الروحية- قِرَاءَةٌ نَقْدِيَّةٌ في د ...
- -الأسطورة مؤولا شعريا- قراءة تأويلية في نص - الكأس السادسة ع ...
- عبقرية الصورة وشعرية التركيب قراءة نقدية في نص - بلقيس الهوى ...
- -التمثيل التاريخي في المسرح الشعري- سعد يوسف - أنموذجا- قراء ...
- اللغة مَوْضُوعَاً شِعرِيَّاً- الشاعرُ مُحَمَّد عبدالسَّتَّار ...
- الإبداعُ والتَّجْرِبَةُ الصُّوفِيَّةُ- قِرَاءَةٌ نَقْدِيَّةٌ ...
- -استنطاقُ الصورةِ عبرَ أداىيَّةِ التمثيلِ الشغريِّ- قراءة نق ...
- - تجلي الصورة وغياب الذات- قراءة في نص - قصة رحيل- للشاعرة - ...
- -الأنا العليا وصراع الوجود- قراءة نقدية في نص - في صحة الجدو ...
- قراءة نقدية في نص -زهرة الليمون- ل -السيد وادي-
- -تَغَرُّبُ الذَّاتِ ومرْكَزِيَّةُ الانتِمَاءِ- قراءة نقدية ف ...


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبدالله الخولي - زمن التيه