أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لفته محل - هوامش اجتماعية على احتلال العراق














المزيد.....

هوامش اجتماعية على احتلال العراق


محمد لفته محل

الحوار المتمدن-العدد: 7214 - 2022 / 4 / 9 - 15:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تمر الذكرى العشرين على احتلال العراق وفي الحلق غصة وفي الصدر حسرة وفي البال ذكريات مؤلمة ليس على الاحتلال فقط انما على ماجرى بعده من خراب شامل وفرص ضائعة كان يمكن استثمارها، خراب مابعد الاحتلال كان استكمالا او ربما اكثر وقعا وخرابا من الاحتلال نفسه. ويزيد الهم والغم ان الاحتلال كان نتيجة لخراب سابق وزاد عليه خراب لاحق.
سقوط النظام الصدامي كان كاشفاً لعودة المجتمع الى جماعاته الاولية (العشائرية او الطائفية او الدينية او القومية) لمواجهة اوضاعا غير طبيعية من غياب الشرعية السياسية واختلال العقد السياسي والأمن الغذائي والحكم العائلي للسلطة. ثم جاء الاحتلال وقام برعاية عقد سياسي جديد للدولة يمأسس هذه الانقسامات الجماعاتية (التي ظهرت نتيجة للاختلال!) لينقل المشكلة من المجتمع الى السلطة السياسية. وبذلك اصبحت السلطة هي الممثل لعلل المجتمع المنقسم على ذاته. اي جمع العصبيات ماقبل الدولة لتكوين دولة! ورغم ان هذه الانقسامات عززت التنابذ والصور النمطية السلبية واشعلت حرب اهلية طائفية، بالرغم من كل ذلك اُبرم الدستور على قوننة هذه الجماعات بدل جمعها في امة واحدة.
ان المشاهد الجماعية للسلب والنهب والحرق للمؤسسات العامة التي رافقت الايام الاولى للاحتلال وشاهدها العالم اجمع عبر البث الفضائي، اختزلت هذه المشاهد الخراب الاجتماعي العام بصورة مكثفة. بدءاً من اغتراب الفرد عن السلطة الى غياب الشرعية السياسية للنظام المومياء والذي لم تكن له سوى شرعية السلاح (الجيش، الحرس الجمهوري، فدائيو صدام، الاستخبارات والبعث الخ) الذي ابتلع الدولة وقاد هذا الابتلاع الى تساوي الدولة والسلطة لدى العراقيين مثل وجهان العملة، فعمل المواطن على تدميرهما معاً، وهذا عدم الفصل (بين السلطة والدولة) استمر حتى بعد تشكيل السلطة المنتخبة ليس بين افراد الشعب انما بين النخب السياسية ايضاً (من خلال سلوكهم وتفكيرهم).
وبغياب اي شرعية سياسية كانت شرعية الجماعة هي البديل الاساسي لها، يحمل الفرد السلاح دفاعاً عنها، وملزم اخلاقياً باتباع اوامرها، ويقدم انتمائها هوية اولية له.
ولان هذه الجماعات المتقوقعة تتفاوت بينها بالكم، اصبحت الجماعة الاكبر عدداً وسلاحاً هي الاقوى سياسياً واجتماعياً، تفرض واقع سياسي جديد بالاكراه (بعد الاحتلال) بفعل العنف فقط. اي ان ما ادعى الاحتلال تغييره يدور ويعود الى نقطة الصفر بنظام شرعيته الوحيدة هي قوة السلاح.
ان هذه الجماعات قديما وحديثا لم تقبل التنوع او التساوي في الاختلاف، انما سورت نفسها بنرجسية التفوق والصور النمطية السلبية عن الآخرين، ولها محاولات في احتواء او نبذ الآخرين كلما توفرت وسائل القوة لها. ولم ترضخ إلا بالتعايش بحكم الجوار الجغرافي فقط.
مشهد آخر يختزل الخراب وهو النخبة السياسية وهي تجيء مع المحتل على دبابته لتعلن يوم الاحتلال كيوم تحرير للعراق! ثم تتدافع على غرار الشعب لنهب املاك الدولة ومؤسساتها بالاستحواذ عليها وتقسيمها بين الاحزاب وتقاسم الوزارات كغنائم، والقيام بحل الجيش وتقوية الميليشيات الحزبية، وتقديم مصالح الدول المجاورة على مصالح وطنها وارتهان القرار السياسي العراقي لدول الجوار (ايران، تركيا، الخليج) نخب دينية قومية عشائرية لاتعتقد بالدولة القومية ولا بالديمقراطية ولا بالقانون المدني. نخب مثلت الانقسامات وبررتها ولم تمثل الأمة.
نخب سياسية تمتطي الدولة وتمتص دمها على غرار القمل، وتبقيها منقوصة الاركان وتتحكم بها خلف الكواليس لمجرد الحفاظ على الاعتراف الدولي الذي يديم بقائها. فالسلطة مجرد ديكور والنخبة المسلحة هم المخرج يملك سلطة الكواليس. دولة لاتحتكر العنف ولا القانون ولا الثروة الاقتصادية وحدودها مخترقة وقضائها مسيس، باختصار دولة بلا أمة.
لان للجماعة شرعية الدم والتاريخ وغياب اي شرعية سياسية لم يساهم الفرد في بناء الدولة بعد الاحتلال حتى بعد انتخابها، وبقي يتعامل معها باستغلال وفق المثل العامي "حجي كليب" يطالب بحقوق منها (تعيين، رواتب، خدمات اساسية) دون ان يكون ملزما اخلاقيا وعرفيا بأداء واجباته بحقها (البطالة المقنعة بالوظيفة، التهرب من فواتير الخدمات والضرائب، عدم احترام القانون) وهكذا كان يطالب من الاحتلال ان يبني بلده نيابة عن العراقي وعندما لم تتحقق هذه الامنيات راح يحمل المحتل مسؤولية الخراب مبرئا نفسه من اي مسؤولية!.
ورغم مسؤولية كل فرد بتدمير الدولة بنصيب ما، فإن كل مواطن تقريباً يشكو من الدولة سواء بالاعلام او المكان العام ويتهمها بالفساد والتقصير واللصوصية واحيانا ينكر وجودها "ماكو دولة" وهو يمارس الفساد والتقصير وانكار الدولة.



#محمد_لفته_محل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اجتماعيات الطقس الشيعي بالعراق (-زيارة الإمام الكاظم- انموذج ...
- خواطر سياسية في الشأن العراقي
- الحسد في المجتمع العراقي المعاصر
- الألٌوهَةً في علم الاجتماع
- افكار حول تظاهرات الشباب
- المِلكية في المجتمع العراقي الحديث
- تصورات اجتماعية حول تظاهرات الشباب
- مدخل اجتماعي لأسباب قيام تظاهرات الشباب في تشرين
- افكار حول تظاهرات الشباب (تشرين)
- مدخل اجتماعي لدراسة الإلحاد في المجتمع العراقي المعاصر*
- أزمة العراق الاجتماعية المعاصرة
- -رائد جورج- مسلة العراق الموسيقية
- دراجة ال-تكتك- بين الاستهجان والامتهان في المجتمع العراقي
- اجتماعيات العشيرة العراقية
- الثقافة الغذائية الصحية
- آداب قضاء الحاجة في المجتمع العراقي المعاصر
- العيد في المجتمع العراقي المعاصر
- المعتقدات الاجتماعية حول الدم في المجتمع العراقي
- الصلة التاريخية بين الدين واللعب
- الدكتور سليم الوردي الباحث العلمي الرصين


المزيد.....




- محكمة استئناف فرنسية تقضي بالإفراج عن جورج إبراهيم عبد الله ...
- من هي الجماعات المسلحة المتصارعة في سوريا؟
- الجيش السوري ينسحب من السويداء.. الشرع يؤكد أن الدروز جزء أس ...
- سوريا ـ انسحاب قوات الحكومة من السويداء وتكليف الدروز بحفظ ا ...
- أوبر تفتح أبوابها للتاكسي الصيني ذاتي القيادة.. والشرق الأوس ...
- الولايات المتحدة ترحّل مهاجرين لدولة أفريقية وسط مخاوف حقوقي ...
- لماذا تغيب روسيا عن التطورات الأخيرة في سوريا؟
- كيف تربح أميركا من حرب روسيا على أوكرانيا؟
- إصابة 5 جنود إسرائيليين والقسام تعلن عن عمليات في غزة
- لا يسكنها أحد.. كيف أصبحت عشرات القرى البلغارية خالية؟


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لفته محل - هوامش اجتماعية على احتلال العراق