أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - الأم المثالية هى منْ تتحمل الأب غير المثالى














المزيد.....

الأم المثالية هى منْ تتحمل الأب غير المثالى


منى نوال حلمى

الحوار المتمدن-العدد: 7188 - 2022 / 3 / 12 - 02:05
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الأم المثالية مَنْ تتحمل الأب غير المثالى
-------------------------------------------------

يقولون أن شهر مارس ، هو شهر المرأة ، محليا ، وعالميا . عالميا هناك يوم 8 مارس ، يوم المرأة العالمى . محليا ، يوم المرأة المصرية فى 16 مارس ، وعيد الأم فى 21 مارس .

كل سنة فى شهر مارس ، تتردد كلمات مستهلكة عن نفع النساء فى البيت والمجتمع ، وضرورة تحسين الظروف التى تمكن المرأة ، وتقويها ، فى أداء جميع أدوارها، بسلاسة وكرامة ومثالية .
المشكلة الواضحة المزمنة التى نعانى منها ، هى أن هذا كلام من مؤسسات الدولة، لا غبار عليه . لكنه لا يترجم الى واقع فعلى فى الحياة اليومية المعاشة ، وهذا أمر مفهوم نتيجة أن قطاعات كبيرة من الشعب المصرى، ما زالت تحت تأثير التأسلم المزيف والتطرف الدينى والتعصب المذهبى والطائفى، وأيضا العنصرية الذكورية.

يهمنى هنا، ونحن على مقربة من اختيار الأم المثالية ، مثل كل عام فى 21 مارس ، أن أطالب بتغيير النظرة إلى الأمهات المثاليات.
معايير الأمهات المثاليات أصابها الصدأ من عدم التحرك مع الزمن. وأصبحت نوعًا من الشعارات المحفوظة، لا تضيف شيئًا، يرتقى بحال المرأة، ويرفع من معاناة الأم. لا أدرى منْ يضع هذه المعايير؟. أهى وزارة التضامن الاجتماعى، أم المؤسسات الثقافية؟. أم الاجماع الشعبى السلفى الذى اخترق كل مؤسسات الدولة ؟؟.

أنا لست ضد تكريم الأمهات، ولست ضد لقب «الأم المثالية»، ولكننى أطالب بتغيير النظرة إلى الأمومة المثالية. إذا تغيرت مقاييس الأمهات المثاليات، فسوف نجد أن القائمة بالفعل سوف تطول، وأننا سنحقق ما نرجوه من إعطاء الكرامة، والإنسانية الكاملة، لنصف المجتمع، ونصف الحياة.

«تربية الأبناء.. عطاء بلا حدود.. تضحية لا نهائية.. إنكار الذات.. حفاظ على تماسك الأسرة» هذه معايير ترسخ كيان الأم التى تضحى وتتحمل كل شىء، وتعانى من أجل الأطفال، وتنسى نفسها كإنسانة لها حريتها وكرامتها وحقوقها، التى لا بد أن يحترمها الزوج، الأب، والأطفال أنفسهم، وقوانين الدولة، والعرف، وحقوق البشر. إن «العطاء بلا حدود»، معناه مباشرة أن هناك طرفًا أو أطرافًا «تأخذ بلا حدود».
و«العطاء دون حدود»، معناه أن تتقبله الأم وتتحمله صابرة، راضية، بقضاء الزوج الأنانى، والأب المتهرب من مسئولياته، مستخدما سُلطته المطلقة التى يعطيها له الشرع، والقانون، والعرف.
تنتظر الأمهات «المقهورات» على أبواب المحاكم، و«تتبهدل»، وتدفع دم قلبها، وصحتها، وسنوات عمرها، من أجل أن تحظى بكلمة عدل واحدة، ضد الأب الخائن، أو المزواج، أو المتهرب من نسب أطفاله، أو الخاطف أطفاله من حكم الرؤية، أو المزور بياناته الشخصية حتى لا يدفع النفقة.

تضطر الأمهات إلى العمل بأدنى أجر، أو حتى العمل خادمات فى البيوت، لكى تحفظ كرامتها، وحقوقها المهدورة من آباء لا يهتمون إلا بنزواتهم الجنسية العابرة أو غير العابرة، ولكى تعول أطفالها وتحميهم من التشرد، والجوع، والبهدلة، وحتى «تحافظ على الأسرة»، التى يبيعها الأب فى لحظة. «الحفاظ على الأسرة»، مهمة الأم وحدها، ومسئولية الأم وحدها، تقوم بها، لأن الأب ليس من اهتماماته «الحفاظ على الأسرة» على الإطلاق. هى «تحمى الأسرة»، وهو «يدمرها فى لحظة»، ينطق بها بالطلاق الشفوى، أو غير الشفوى، حتى لو كان فى أنصاص الليالى، وليس هناك ملجأ للأم هى وأطفاله. هى «تفعل المستحيل»، للحفاظ على الأسرة. وهو «لا يفعل الممكن» للحفاظ على مصير الأسرة. أى منطق هذا؟. وأى عدل هذا؟ . وأى أخلاق هذه؟.

إنها الأخلاق الذكورية، التى ترى المرأة «ممسحة» لخطايا وأخطاء وغطرسة وتسلط وعنجهية وأمراض وعُقد وإحباط الذكور داخل الأسرة. وتعتبر المرأة «جارية» جاهزة عند الطلب، لأوامر السيد، الذى لا يقبل إلا كلمة «حاضر يا سيدى أمرك». وهى فى قانون الأحوال الشخصية، «ملكية خاصة»، يفعل الزوج بها ما يريد، متى يريد، كيفما يريد. وإن نطقت، وتمردت، وسألت عن حق إنسانى واحد، توصف « بالنشوز »، و«الجنون». وأحيانا بـ«الكفر». نعم بالكفر. أليس الرجل خليفة الله فى الأرض، وبالتالى عدم الطاعة كفر واضح، لا بد من عقابه بأشد الطرق ؟؟.

كل معايير الأم المثالية، مع الأسف، ترسخ هذه الصورة المقهورة للأمومة. كلهن يدفعن ثمن الأبوة المتسلطة بالقانون، والشرع، والعرف، وغياب العدالة بين الأم والأب، والاستهانة بكرامة المرأة. ليس هناك معيار واحد يعدل الميزان ويرحم الأمهات ويحترم الأطفال. المهم أن تربى، وتعلم، وتضحى، وتتحمل الذل، والمهانة، من مخلوق «ابن تسعة» زيها، لا يزيد عنها فى شىء. بل هى الأفضل إنسانيًا وخلقيًا وإحساسًا بالمسئولية.

لا أحد يمس جذور معاناة الأمهات «المقهورات» سابقا، «المثاليات» حاليا، ألا وهى السلطات المطلقة للأزواج، والآباء، شرعيًا وقانونيًا. وتكفى نظرة واحدة على أبواب المحاكم، لنرى طوابير الأمهات الواقفات منذ سنوات ينتظرن الحكم بالعدل والمنطق والرحمة، دون جدوى. إلى أن تُكسر هذه السُلطات المطلقة، سيكون الاحتفال بالأمهات المثاليات مجرد روتين سنوى، اعتدنا عليه، مثل أكل الفسيخ فى شم النسيم، أو أكل الكحك فى العيد.
ان " الأم المثالية " ، بكل بساطة هى منْ تهين نفسها ، وتتحمل فوق طاقتها الانسانية والعصبية والنفسية ، لتتحمل " الأب غير المثالى " ، لتربى وتحمى أولادها وبناتها ، فقد بدأت البداية الخاطئة ، وارتضت أن تكون " معولة " من الزوج .
تتحمل " المرأة المثالية " كل العيوب الذكورية ، الموروثة ، من أجل ألا تفقد فلذات أكبادها ، تفديهم بروحها ، وكيانها .
وبعد كل هذا ، نقول أن أسم " الأم " عار ، لا يحمله الابن ، أو الابنة . والشرف هو أن يحمل كل منهما اسم الأب ، الذى بهدل الأم ، ومسح بكرامتها الأرض ، ولم يهتم بحاضر ومستقبل أولاده وبناته . ما هذا العوج والاختلال والتناقض والظلم والقهر والعنصرية الذكورية الفجة ؟؟؟.
-------------------------------------------------------------



#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة تحتاج الى ثورتين ... سبع قصائد ليوم المرأة العالمى 8 ...
- عادل خيرى .. لماذا ينسونه ولا يكرموه سنويا ؟؟؟
- لندرس - حب وانصاف وتطهير الحرية -
- - أدهم - الطفل الأعزل الذى انتصر على عالم دموى مسلح
- ابراهيم عيسى والثالوث الُمجرم لخلق سعودية وهابية سلفية بديلة ...
- لا تمر ... لا تتكلمى ..... ست قصائد
- حوار مع فيروس كوفيد 19 ... قصيدة
- بين رجلين ... قصة قصيرة
- مضادات ..... ثلاث قصائد
- الله يقدم بلاغا للنائب العام ... قصيدتان
- يكفينى فخرا .... ست قصائد
- منْ تقبل الطاعة تستحق الضرب
- اغزل لى كفنى .. قصيدتان
- كن ابنى ... قصيدتان
- هزة الأرض موعدنا ... قصة قصيرة
- لا تكن حبيبى .... ست قصائد
- كأس من يديك .... ثلاث قصائد
- سيأتى يوم ... أربع قصائد
- 30 يناير 1948 يوم اغتيال - أبى - فى نسخته الهندية
- منْ أنت ؟ ..... ثلاث قصائد


المزيد.....




- مصر.. الدولار يعاود الصعود أمام الجنيه وخبراء: بسبب التوترات ...
- من الخليج الى باكستان وأفغانستان.. مشاهد مروعة للدمار الذي أ ...
- هل أغلقت الجزائر -مطعم كنتاكي-؟
- دون معرفة متى وأين وكيف.. رد إسرائيلي مرتقب على الاستهداف ال ...
- إغلاق مطعم الشيف يوسف ابن الرقة بعد -فاحت ريحة البارود-
- -آلاف الأرواح فقدت في قذيفة واحدة-
- هل يمكن أن يؤدي الصراع بين إسرائيل وإيران إلى حرب عالمية ثال ...
- العام العالمي للإبل - مسيرة للجمال قرب برج إيفل تثير جدلا في ...
- واشنطن ولندن تفرضان عقوبات على إيران تطال مصنعي مسيرات
- الفصل السابع والخمسون - د?يد


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - الأم المثالية هى منْ تتحمل الأب غير المثالى