أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الله حتوس - الحكومة في مواجهة اللَّايَقِينْ وتداعيات تَأْثِيرْ الفَرَاشَة














المزيد.....

الحكومة في مواجهة اللَّايَقِينْ وتداعيات تَأْثِيرْ الفَرَاشَة


عبد الله حتوس

الحوار المتمدن-العدد: 7176 - 2022 / 2 / 28 - 17:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


« En politique, il n’y a pas de convictions, il n’y a que des circonstances » Charles Maurice de Talleyrand.

بعد دعوات إلى الاحتجاج بسبب الغلاء وارتفاع الأسعار وصلت حد نشر بعض الجهات لهشتاغات تدعو إلى رحيل رئيس الحكومة، خرج السيد عزيز أخنوش عن صمته يوم الثلاثاء 22 فبراير الماضي، بعد أن ظهر في لقاء مع الصحافة، وإلى جانبه حليفيه في الحكومة، من أجل طمئنة المغاربة وبسط التدابير الحكومية للحد من غلاء الأسعار.

كل من تابع لقاء زعماء الأغلبية مع الصحافة يدرك أن الأمور على قدر كبير من الصعوبة، رغم حرصهم على طمئنة المغاربة من خلال التأكيد على أن الحكومة ملتزمة بتنفيذ كل ما تعاقدت بشأنه في برنامجها الحكومي، وكأن حال لسان الأغلبية يقول : لا يا شارل موريس تاليرون، السياسة قناعات ونحن متشبثون بقناعاتنا ولو كانت الظروف في غير صالحنا. نعم، اختارت الحكومة زرع الأمل رغم كل الصعوبات ولها الحق في ذلك؛ أن تحكم يعني أنك تملك الاختيار كما قال أحد الساسة الفرنسيين :
"Gouverner, c est choisir, si difficiles que soient les choix. "

اختارت الحكومة، إذن، بلورة خطاب مطمئن يزرع الأمل في النفوس، رغم أن ذاكرة الشعوب والتجارب الدولية المقارنة تحيل إلى أنه من بين الأخطاء الشائعة في تواصل الحاكمين مع الرأي العام في وقت الأزمة، طمئنة الناس من خلال الإدعاء أن كل شيء تحت السيطرة، لأن ذلك يعني أن الحل في المتناول رغم التقلبات والاضطرابات وفوضاها في عالم اللايقين الذي نعيشه فيه، كما وصفه الفيلسوف الفرنسي إدغار موران، الذي أكد في غير ما مرة على أن وجودنا على قيد الحياة مغامرة داخل اللايقين.

قلة من الدول تستطيع بناء جزر لها تسيجها بما يلزم من اليقين في عالم اللايقين، والمغرب مع الأسف الشديد ليس في قائمة هذه الدول، لأن منسوب الهشاشة الذي تراكم منذ ما يزيد عن أربعة عقود له تاثير سلبي كبير على قدرة بلادنا على امتصاص الصدمات الاقتصادية، كما يؤكد ذلك ترتيب المغرب في مؤشر المرونة العالمي المحين -L’indice de résilience- الذي يقيس قدرة الاقتصاد الوطني على مواكبة التغيرات الطارئة وقدرته على امتصاص الصدمات الناجمة عن تقلبات الأسواق العالمية.

لقد اختارت الحكومة زراعة الطمأنينة والأمل في نفوس الجماهيرالتي استبد بها القلق، رغم أنه حدثت تغيرات كبيرة في المعطيات الأولية التي اعْتمِدَ عليها في بلورة البرنامج الحكومي، فالموسم الفلاحي تحت تاثير شح الأمطار وندرة الموارد المائية، علما أن بلادنا ما زال يحق فيها ما قاله الماريشال ليوطي "Gouverner c’est pleuvoir "، أما أسعار المحروقات فقد وصلت إلى مستويات لم يتنبا بها أحد. نعم، اختارت الحكومة أن لا تقول للجماهير ما سيزرع الهلع في النفوس، وقد تكون على حق، لكن اختيارها ذاك لا يلغي كون بلادنا تواجه اللامتوقع وتأثير الفراشة.

يحيل تأثير الفراشة " The butterfly effect " إلى مصطلح أدبي استعمله عالم الأرصاد الجوية "إدوارد لورينز" عام 1963 لوصف الترابط والتأثير المتبادل أو المتواتر والناتج عن فعل تافه، بمعنى أن فعل بسيط جدا يمكن أن تنتج عنه سلسلة أحداث متتابعة ومترابطة، ففي لعبة الدومينو، مثلا، ينتج عن دفع قطعة واحدة سقوط كل القطع تباعا، أما كرة ثلج صغيرة من فوق جبل جليد فيمكن أن يسبب تدحرجها انهيارا ثلجيا ودمارا هائلا؛ فالكثير من أسوإ الكوارث في العالم لم يكن وراءها إلا تصرف بسيط من شخص لا يدرك أن تصرفه يمكن أن يدمر حياة الآلاف من البشر.

في كتابه "نظرية الفوضى – علم اللامتوقع" أشار الكاتب الأمريكي "جيمس غليك" إلى أن الأشياء التي تغير العالم وفقا لنظرية الفوضى هي الأشياء الصغيرة، فرفة جناح فراشة في الهند يمكنها أن تحدث فيضانات في غابة الأمازون؛ هناك، إذن، خيط غير مرئي في الكون يربط كل قراراتنا معا ويحولها إلى تداعيات، ومع العولمة أصبح الخيط خيوطا، إلى الحد الذي حبس فيه العالم الأنفاس لمجرد نشوب نزاع مسلح بين الإخوة الأعداء في روسيا وأوكرانيا.

ما يجري بأوكرانيا له تداعيات كبيرة على ما يجري هنا بالمغرب وفي الكثير من دول العالم، الجميع ينتظر ما سيقرره الرئيس الروسي وما سيرد به زعماء حلف شمال الأطلسي، فبوتين لا يحكم فقط روسيا بل قراراته تؤثر على قرارات كل حكومات العالم. كلفة رغيف الخبز بالمغرب مرتبطة بما يجري هناك، كل شيء في يوميات المغاربة يسير على إيقاع الصراع بين روسيا ودول حلف شمال الأطلسي؛ فالمغرب يستورد تقريبا كل ما يستهلكه من المحروقات، كما أنه من بين أكبر عشر مستوردين للقمح الاوكراني.

ما يجري بأوكرانيا كارثة جيوسياسية لم يشهد العالم مثيلا لها مند أزمة خليج الخنازير سنة 1962، ولا أحد يمكنه التكهن بتداعياتها؛ يمكن لبوتين أن يعلن الحرب متى شاء، لكن لن يكون بمقدوره إعلان نهايتها إلا متى استطاع إلى ذلك سبيلا، وفي انتظار ذلك سيعيش الجميع تحت رحمة تداعياتها، وقد تستنزف تلك التداعيات، لا قدر الله، قدرة الحكومة المغربية على تدبير تموجات المزاج المتحرك للجماهير المستاءة من تدهور قدرتها الشرائية.

رفة جناح فراشة في الكرملين قد تثير زوابع ضخمة بالمغرب.



#عبد_الله_حتوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحولات الجسم الاجتماعي المغربي !
- مخاض الدولة الثقافية بالمغرب
- هل تهدد المواطنة العالمية مواطنتنا المغربية؟
- حتى لا يخفي سقف الثلاثين الوضع المخيف للمنظومة التعليمية الم ...
- أسئلة بشأن صندوق تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية
- زواج الفقر والسياسة
- النخب الإسبانية ووصية إيزابيلا بتشتيت المغرب
- ذئاب رمادية في حزب العدالة والتنمية المغربي
- فوبيا قيادة رجال الأعمال للأحزاب وأراجيف زواج المال والسياسة
- أسئلة الثقة الهشة بين المواطن والحكومة بالمغرب
- تَمْغْرَبيتْ وعنف الهوية الخالصة المتفوقة
- تَمْغْرَبيتْ في مواجهة حملات الرفض والتشكيك
- لمصلحة من ينشر الإسلاميون الأضاليل والفتنة؟
- الأمازيغية واستحقاقات الفرصة الأخيرة
- المغاربة وأسئلة ثقافة الإلتزام
- الأمازيغية والمسألة الحزبية بالمغرب
- الهوية المغربية والخطايا الأصلية


المزيد.....




- ما العقبات التي تواجه نقل المساعدات إلى غزة عبر الرصيف الأمر ...
- دار نشر بريطانية تقدم دفوعها في دعوى الأمير هاري
- أصغر أبناء ترمب سينصب والده في المؤتمر الجمهوري
- بلينكن يؤكد مجددا معارضة واشنطن أي تهجير قسري للفلسطينيين من ...
- نتانياهو: آمل أن أتمكن أنا وبايدن من تجاوز خلافاتنا
- بسبب منطاد -التجسس-.. واشنطن تضيف كيانات صينية إلى اللائحة ا ...
- سناتور جمهوري: أسلحة أمريكية بمليارات الدولارات في طريقها إل ...
- Ulefone تعلن عن هاتف مصفّح بقدرات تصوير ممتازة
- الدفاع الجوي الروسي يعترض طائرة مسيرة في ضواحي موسكو
- حركة -النجباء- العراقية ردا على استهداف صرح ثقافي وإعلامي له ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الله حتوس - الحكومة في مواجهة اللَّايَقِينْ وتداعيات تَأْثِيرْ الفَرَاشَة