أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجيب طلال - محطة الشمال ( تلك باريس)














المزيد.....

محطة الشمال ( تلك باريس)


نجيب طلال

الحوار المتمدن-العدد: 7158 - 2022 / 2 / 10 - 21:12
المحور: الادب والفن
    


نـــجيب طــلال

أغلب المدن الأوروبية ، تتوفر على محطات قطار تبهر إلى حد بعيد بجماليتها واتساعها وخدماتها وحركتيها الدؤوبة ؛ لكن ل(محطة الشمال / Gare du Nord ) التي تم بناؤها سنة 1864 نكهة خاصة ؛ نكهة تاريخية تهدف لإبهار كل من يرتادها من أول نظرة، أما في حقيقة الأمر ، تبهر كلما مررت منها ؛ تفرض عليك التأمل في واجهتها التي تبدو كلوحة تشكيلية ، هذا إن كنت ذواقا أو فنانا مبدعا أو عاشقا للمعمار وزخرفه ، بالإضافة إلى تاريخها العريق الذي تنطق به جدرانه وتماثيله التسعة ( 09) المنتصبة بشموخ في أعلى واجهة محطة، تبدو للمرء أنها زينة وتزيين ؛ لكن تلك التماثيل لم توضع ولم تطرح عبثا، بل ترمز إلى( 08) مدن أوروبية رئيسية ، والتي يربطها القطار، من هذه المحطة. وأما التمثال ( التاسع) المتمركز وسطا؛ يرمز إلى مدينة باريس ، لكن بكثرة الازدحام والحركية الدؤوبة ؛ لا تكتشف الوجه الخفي للمحطة ؛ لكن تلمس في ساحة بوابتها الكبيرة ؛ سماسرة يتربصون بك من أجل تقديم خدمات متنوعة ؛ كاقتناء سيارة الأجرة ؛ أو عملية الصرف وتبادل العملة ؛ أواقتناء شقة في فندق؛ إذ لا تفرق بين هذا فرنسي أم إفريقي أم روماني أوإيطاليا ؛ بألبسة مختلفة بين الأناقة والأسمال؛ لكن أغلبهم يتسكعون ويتسولون بين مدرجات المحطة وخارجها، رغم المراقبة الشديدة للشرطة الإقليمية والبلدية ،ومظاهر الحياة المتفردة التي تضم العباد بعضهم ينتظر قطاره ؛ وبعضهم يترقب وصول أبنائه أو أحد أقاربة والبعض الآخر يرتكن للراحة واستغلال الويفي المسترسل مجانا، لكن حقيقة المحطة التي تكشف عن الوجه الآخر لباريس ؛ وعن واقعها البئيس ؛ جولات متكررة ليلا ؛ لترى وتعيش ما لم تعيشه نهارا ! آلاف السكارى المدمنين والمهووسين بالكحول والخمرة ومشتقاتها الفتاكة للأمعاء والشرايين؛ يتحركون بين جنبات المحطة شرقا وغربا، سكارى ومتشردين ينامون بين زوايا أبواب المحطة وغيرها ويفترشون الإسمنت أوعلى البلاستيك أوالورق المقوى ! ومخبولين نساء ورجالا منتشرين بشكل مريب ومخيف في محيط المحطة ؛ في كل الفصول ! وبعضهم يحمل أمتعته كأنه مسافر، وليس بذلك .
تلك باريس، فمحطة الشمال/ Gare du Nord: تعج بالمئات من نماذج بشرية غـريبة الأطوار والسلوكات ، ترميهم منطقة )باربيس/ Barbés) أومنطقة )لاشابيل/ Lachapelle ) أو منطقة (كوت دور/ Goutte d Or) تعيش مكرهة بين جنبات المقاهي والحانات والمطاعم المجاورة أو المواجهة للمحطة ؛ وما بداخلها لأسباب مختلفة ، تحاكي واقعها اليومي المرير ، في عزلة عما يحدث من حولها . ولكن يقتاتون من "حسنات" و" إكراميات المارة والمسافرين؛ والعجيب في الأمر، أن هنالك قاعتين للمسرح (مسرح لابوصول / Théâtre la Boussole ) قريبة جدا من المحطة ؛ والأخرى من خلفها بأمتار( Théâtre des Bouffes du Nord ) محترمين ولا وجود لمتسولين أو متشردين يحيطان بأبوابهما، هل هنالك صرامة في إبعادهم ؛ أم طبيعة الحياة الباريسية تفرض احترام قاعة الفن والإبداع ؟ فالسؤال المطروح ؛ يأتي في سياق ؛ ليس هنالك احترام لبوابة الكنائس المنوجدة بين الأزقة والشوارع ؟ ورغم هذا الواقع المقلق، في فضاء باريس، هنالك جمعيات مدنية واجتماعية؛ تحضر قبل طلوع الفجر بسيارة تحمل كل أنواع الفطور؛ لتقدمه كمساعدة للمعوزين والفقراء والمشردين ، الذين يتجولون
وينامون و يتخذون من المحطة وكرا(أو ) أوكارا ؛ لحياتهم .
فعالم المتشردين ومختلي العقل والمتسولين والمدمنين على الخمور بباريس ، ظاهرة خطيرة وفي ازدياد مضطرد، نتيجة التطور الحضاري والاتساع العمراني والتحولات الاقتصادية وضغوطها. وبالتالي فالسلطة الباريسية لا تخفي هاته الحقائق ولا تخيفها هاته الظاهرة ، أو تحاول نفيها ، بل كثيرا ما تستغلها علنا. عبر صور فوتوغرافية أو تشكيلية، طبعا من خلال الجمعيات والتي تقوم بعرضها في قاعة البلدية أو في الساحات العمومية وغيرها . والأروع : فالعَـوائد المالية لتلك المعارض تعود للمتشردين والمتسولين ، بطرق من الصعب أن أفهمها؛ لأنها شأن خاص لمدينتهم أو محيطهم .......



#نجيب_طلال (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحي اللاتيني (( تلك باريس))
- أي أفق للمسرح الرقمي في العالم العَربي ؟ - 02-
- ماذا وقع لنا ؟
- أي أفق للمسرح الرقمي في العالم العَربي ؟
- تلك كورونا ؟
- هل المسرحيون المغاربة أُقْبِروا ؟
- نعيٌ مزدوج لسقوط مسرحي .
- ذاك الذي عرض نفسه للبيع !!
- أي نقاش مناسب لليوم الوطني للمسرح ؟
- في أفق تنظير للمسرح الـكورونـي ؟ 2
- في أفق تنظير للمسرح الكُوروني ؟ (1)
- اليوم العالمي لمسرح كورونا -2- !!
- نحن المسرح !!
- انــدهــاش إبَّـان الفاجعَـة ياطنجيس!!
- مراهقو الفايس بوك
- باب ما جاء في احتفالية التضامن !!
- مهرجان مَسرح الهواة : تأجيل أم إلغاء ؟؟
- المتسول العربيد
- رسـَـالة للـمُــهــرول الــمـسْـرحــي
- باب ما جاء في احتفالية النضال (02) !!


المزيد.....




- رحلتي الخريفية إصدار جديد لوصال زبيدات
- يوسف اللباد.. تضارب الروايات بشأن وفاة شاب سوري بعد توقيفه ف ...
- بصدر عار.. مغنية فرنسية تحتج على التحرش بها على المسرح
- مع حسن في غزة.. فيلم فلسطيني جديد يُعرض عالميا
- شراكة مع مؤسسة إسرائيلية.. الممثل العالمي ليوناردو دي كابريو ...
- -الألكسو- تُدرج صهاريج عدن التاريخية ضمن قائمة التراث العربي ...
- الطيور تمتلك -ثقافة- و-تراثا- تتناقله الأجيال
- الترجمة الأدبية.. جسر غزة الإنساني إلى العالم
- الممثل الإقليمي للفاو يوضح أن إيصال المساعدات إلى غزة يتطلب ...
- الممثل الإقليمي للفاو: لا يمكن إيصال المساعدات لغزة دون ممرا ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجيب طلال - محطة الشمال ( تلك باريس)