أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجيب طلال - الحي اللاتيني (( تلك باريس))














المزيد.....

الحي اللاتيني (( تلك باريس))


نجيب طلال

الحوار المتمدن-العدد: 7149 - 2022 / 1 / 30 - 02:21
المحور: الادب والفن
    


مبدئيا المسألة هاهنا ليست دعاية أو وصلة إشهارية ؛ بقدرما هي تعبير وبوح عما لامسناه عبر عدة زيارات ؛ علما أنني ألاحظ أن العديد من مثقفينا يسافرون لأماكن مختلفة؛ ولا يدونون ما عايشوه أو لامسوه من مظاهر سواء إيجابيية أو سلبية ؛ ليس مباهاة بل إسوة بأجدادنا الذين دونوا ما رأوه وتعايشوا معه في أوروبا أو الشرق العربي ؛ إذ تلك الكتابة في جد ذاتها تاريخ موثق بالمعايشة والمشاهدة ؛ وبالتالي فلا تحلو الإقامة في باريس بدون زيارة [الحي اللاتيني/ quartier latin] الذي يعتبرمن أهم وأعرق الأحياء الباريسية ، وكذلك القلب النابض للمعرفة الثقافية والفكرية والجمالية ؛ علما أنه الفضاء الرئيس للقاء كبار عباقرة وجهابذة المعرفة بفرنسا وغيرها؛ هذا إن كان المرء يعْـتبر نفسـه مبدعا و مُفكرا وأديبا استثنائيا؛ بحيث سيعيش عالما آخر وحياة باريسية بنكهة شبه عربية مزيج بأجواء أخرى غريبة إلى بعد الحدود . لايشعرفيها الوافد عبر أزقتها وممراتها وشوارعها... بأنه جوانية حضارة غاشمة تبتلع الإنسان العربي المهاجر؛ بل تشعره بدفء البساطة عبر المقاهي المترامية والمطاعم الصغيرة والدكاكين التي هي أصغرمنها ، ناهينا عن الصخب والترحاب ... فضاء منظم في طابع بوهيمي، وذو ماضي عريق والحامل لحنين أفكار ومواقف راجت في ذهن كل وافد في هذا الفضاء ، من أسماء ثقافية وفنية مرت من هنا ؛ وأنتجت ما أنتجته من قصص وروايات وأشعار هي من وحي هذا المكان ؛ مكان كان مركز الـنضال و الانتفاضة الطلابية في (مايو 1968) ولا زال حيا جامعيا رئيسيا ، رغم بناء جامعات وكليات في ضواحي باريس. وإن كان فمازال المكان يعرفه البعض بجامعة [السوربون] لكن في واقع الأمر معروف بمئات المكتبات العامرة ، عامرة بأمهات الكتب والذخائر النفيسة ؛ وعلى رأسهم مكتبة من ( ست (6) طوابق) ل [جوزيف جبير/ joseph Jabir] فرغم المنافسة الشرسة لعوالم الإنترنت والكتاب الإلكتروني ؛ فلازال الحي اللاتيني؛ تعبق نسائمه بروائح الورق الممزوج بهبات ورداد نهر السين ؛ فكلما زرت هذا الحي؛ إلا ونفس الروائح الورقية تنبعث إلى إحساسك كله ؛ رغم الهيام بالنهر الذي يعـيدك لعوالم رومانسية ؛ مرغما وكأنه ليس نهرا بل بحرا يضم سحره الرومانسي مرغما على أنفك ؛ لتطوف بك الذاكرة للعهد اللاتيني وجبروته؛ ولعوالم بلزاك وأميلا زولا وجوستاف فلوبير وسارتر وهوجو ودي بوفوار....وعيانك ترمق سفن التجوال ؛ ومراكب التنزه ...على طوله من اليمين وبعض من اليسار؛ كله مكتبات صغيرة كأنها صناديق عجيبة التركيب؛ وذات لون أخضر موحد، ولكنها مملوءة بأغنى الكتب النادرة ؛ كتب مستعملة ؛ تغري بالبحث وبالاقتناء، إذ في يوم ( ما ) الأيام ؛ من تاريخ (ما ) بعدما قضينا وقتا حميميا في المعهد العربي مع بعض المغاربة العاملين هناك ؛ وبعض المثقفين المهاجرين. صادفت موقفا غريبا من سيدة ؛ بعدما التقيت بأحد الأدباء البوهميين ( طونيك سوندري/tonic Sound ri) للمرة الرابعة ؛ يبيع الكتب المستعملة ؛ والعادة نقاش حبي عن عوالم الثقافة ومظاهر الحياة في الحي اللاتيني؛ وإذا بتلك السيدة الطاعنة في السن وذات ملابس يبدو عليها الإهمال ، والتي سأعرف اسمها فيما بعد ؛ نهرتني بشدة : اشتري كتابا أحسن من الكلام . فلم أجد لسانا للرد عليها سوى – حاضر- فبدأ ( طونيك) يضحك ؛ ويهدئ من انفعالي؛ مبرزا أن السيدة [ماري موبَّسان/ MARIA MAUPASSANT ) جذورها من هذا الحي؛ وأصولها - نورماندية - كانت أستاذة الفلسفة ؛ وعاشقة للكتب أكثر من نفسها ؛ ومن حفظة الفكر الأرسطي. فعلا اندهشت لهاته المعطيات ؛ التي ربما لا يصدقها أحد؛ ولكن ما هو معروف في طباع الباحثين والمفكرين الأوربيين ؛ أنهم يعيشون البساطة في كل شيء ، إنه التأثير الذي خلفه ويخلفه فضاء الحي اللاتيني؛ لأنه في الأصل [ هـو] باريس القديمة ؛الذي تبدو الحياة سهلة فيه حين نتكلم عنه..لكنها صعبة ومؤلمة حين نكابدها .وحينما نتعامل مع عوالمه. ولكن يبقى الحي اللاتيني وجه باريسي رائع ؛ حينما نقتنع به ، وله نكهته الخاصة ، وخاصة حينما تقف تتأمل زخرف وإبداعية ( نافورة سان ميشيل /saint Michel la fontaine de) وكثيرا ما يتخذ البهلوانيون والرياضيون والراقصون ساحتها العجيبة ، من أجل تقديم عروضهم الفنية . ولكن سنشعر بدفء وساحرية المكان ، حينما نعرف كيف نعيش فيه مع المطاعم والمطابخ اليونانية والتركية واللبنانية والسورية ومسارح الجيب التي لاتفتر بالجماهير العاشقة للفن الرابع ؛ نحو إبداع ليس مبتذلا بل يحمل قضايا فكرية وسياسية . أما مسرح )أوروبا أديون ( Europe Odéonالذي يتبرع في أعلى فضاء الحي ، بشموخ أعمدته اليونانية الرهيبة والذي تهب عليه روائح أشجار وورود وياسمين حديقة )لوكسمبورغ / Luxembourg ( التي تحاذي المنطقة - 6 - ولكن الحقيقة الأساس والتي تتجلى في فضاء الحي اللاتيني؛ ذلك المعمار المثير الذي يحمل (مقبرة العظماء/ Panthéon) والذي تحيطه ساحات كبيرة جدا ومعالم تثيرالإنتباه بعظمتها وجمالية بنائها وزخرفتها والتي تعود للقرن الخامس عشر(15) ككنيسة سان تيتيان دو مونت /saint Etienne de mont – وثانوية هنري الرابع ملك فرنسا ومكتبة )سانت باربت / ( sainte barbe ومكتبة )سانت جينفييف/ sainte genevieve ) و(جامعة السوربون للحقوق ) و (بلدية المقاطعة الخامسة / mairie de 5e arrondissent la) التي يوجد فيها الحي اللاتيني . فهاته المعالم وغيرها تبقي شاهدة على أزمنة ورجال كانوا ؛ ولكن حينما تحاول أن ترتاح قليلا في إحدى الكراسي الصخرية المنتصبة بشكل هندسي مروع جدا، تهيم جوارحك في أفق الميتافيزيقيا ، حينما ترى أمامك ذاك الضريح الصرح الأعظم والذي يشير لنهاية كل كائن وإن كان إمبراطورا أو.... لأن البقاء للواحد الديَّـان



#نجيب_طلال (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أي أفق للمسرح الرقمي في العالم العَربي ؟ - 02-
- ماذا وقع لنا ؟
- أي أفق للمسرح الرقمي في العالم العَربي ؟
- تلك كورونا ؟
- هل المسرحيون المغاربة أُقْبِروا ؟
- نعيٌ مزدوج لسقوط مسرحي .
- ذاك الذي عرض نفسه للبيع !!
- أي نقاش مناسب لليوم الوطني للمسرح ؟
- في أفق تنظير للمسرح الـكورونـي ؟ 2
- في أفق تنظير للمسرح الكُوروني ؟ (1)
- اليوم العالمي لمسرح كورونا -2- !!
- نحن المسرح !!
- انــدهــاش إبَّـان الفاجعَـة ياطنجيس!!
- مراهقو الفايس بوك
- باب ما جاء في احتفالية التضامن !!
- مهرجان مَسرح الهواة : تأجيل أم إلغاء ؟؟
- المتسول العربيد
- رسـَـالة للـمُــهــرول الــمـسْـرحــي
- باب ما جاء في احتفالية النضال (02) !!
- باب ما جاء في احتفالية النضال !!(01)


المزيد.....




- رغم انشغاله بالغناء.. ويل سميث يدرس تجسيد شخصية أوباما سينما ...
- قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي ال ...
- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...
- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجيب طلال - الحي اللاتيني (( تلك باريس))