أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجيب طلال - المتسول العربيد














المزيد.....

المتسول العربيد


نجيب طلال

الحوار المتمدن-العدد: 6669 - 2020 / 9 / 6 - 21:31
المحور: الادب والفن
    


أقصوصة:

بلحْـية مُبهدلة ؛ مُـتـهًـدلة ؛ مُـشوهة ؛ مُتسخة ؛ كطاقيته السوداء وجلبابه الصوفي؛ المرتق الممزق،؛ الذي يرتديه ومدينتي في عـز الحرارة المفرطة ؛ فيوميا يرثكن في مكان استراتيجي بين سوق القرب العامر و متاجر ومحلات بيع قطع غيار السيارات وغيرها , والقريب من أحد الأبناك بإحدى الشوارع القريبة من سكننا . يتسول صامتا بدون ضجيج ولا استعطاف ؛ كأنه أخرس أو أصم؛ تكفي أن هيئته توحي بالاستعطاء والشفقة ,ولاسيما أنه يوميا يتسول في ذاك المكان,, لكن لم أكن أعْـرف أنه سكير ! عربيد ! من الدرجة الأولى . إلا في إحدى الليالي؛ التي صادفته يتمايل وروائح الخمرة الرخيصة تفوح من فمه ؛ فـَمٌ تتلعثم مخارج حروفه وهو يَسُـبُّ ويلعن غدر أيامه وحظه العاثر. ونحن نتسابق مع اللحظات الأخيرة لاقتناء بعض الحاجيات قبل إغلاق الدكاكين والحوانيت في زمن الحجر الصحي؛ الذي بَـلـْبَـل عـُقول الناس ! وحـيّر أذهان العباد ! بعْـد استمراره وفرض شروط جزائية، جزرية؛ جنائية؛ خارج حرية الأفراد !
صبيحة الغـَد والناس كالمعتاد تمر من مكان تسوله ؛ كلها مُكمَّمة ومُقـنـَّعة الوجه ؛ ومتباعدة الخطوات ؛ والخوف يلاحق أطرافها . من شبح الوباء... من أثر الفيروس حَـسب قولهم  ! ربما ذاك الفيروس سيكون ملتصقا في أحد المـارَّة ؟ أو أصاب شيخا أو متقاعدا فـقـَد المناعة في إحدى الليالي؟ أو ربما يلاحقنا - كوفيد19- منتظرا فرصة الانقضاض علينا ؛ هكذا يفكرون ! وهكذا يغـْرسون هَـول الوباء فينا ؟
ورغم ذلك ، صادفنا جوقة ناس ! انعـدم فيها الخوف  ! ولعْـبة التباعد ! فاقتربنا منها كنوع من الفضول ،أو هو الفضول بعينـه ، لأننا بدأنا نحملق كما يحملق الجميع لفهم ما يجري هذا الصباح ؛ وفي شارع يكاد هادئا كما تعَـودنا عليه يومـيا، لكن بعض المارة يهرولون بعيدا ربما خوفا من شبح " كورونا" وبعض منهم يستنكر هذه الفوضى والصراخ ؛ ثـم ينسحب, لكن الصراخ يزداد ارتفاعا من سيدة ذات الثلاثين ربيعا؛ وبأسمال بالية تكاد متسخة ، وحذاء جلدي بالي جدا يعلوه غبار السنين وأتربة الزمن الغابر، وفي يدها رضيع . رضيع تتسَوّل به ؟ أي نعم !! هي متسولة ظهرت مختلفة
ضمن مشهد السًّعْـيان الذين ازدادوا ، أشكالا وأعمارا مختلفة  ! وفي هذا الشارع تفاقموا أشخاصا وبنيات جسمية متـنوعـة ! حتى في الشارع المجاور له والقريب للمسجد. بعد تفاقم وتشعُّـب وتغلغل هاته الجائحة الوبائية التي غـَيَّـرت ملامح الشوارع والحياة العامة. وغيرت حتى الخصام بين الأفراد والأسر وبين الناس لبعضهم وبين المتسِّولين والمحتاجين ؛ لأن حالهم دائما المقاتلة والخصومات على أشدها ؟ فذاك المتسول العربيد طردها بعنف من مكانه المعتاد؛ متهما إياها باحتلال مِـلكه الخاص ؛ فبيَديْـها تصدَّت لأوامره وتهجمه عَـليها ، بعدما طرحت الرضيع أرضا رافضة الابتعاد عن دكانه أو مقر عمله . كأن أماكن التسول أصبحت ملكية خاصة ؛ للأقوى أو من له نفوذ. فازدادت حدة الصراع والقذف والتجاذب والسَّب والشتائم بينهما ؛ وبين جمهرة الناس انقضت عل المتسول / العربيد امرأة خمسينية معكوفة الظهر؛ نراها يوميا في طابور المتسولين ؛ أجمل ما فيها ذاك الاستعطاف ! بصوت مكلوم ومقهور ! الذي ترسله للمارة؛ لكنه انتهى أمام الاصطدام ؛ وغابت الكلمات ونبرة الحزن المصطنع ! بعدما أسقطته أرضا ، وبدأت ترفسه وتركله برجليها المتسختين . فحاول أحد المارة أن يفض النزاع ؛ فإذا بقنينة خمر بلاستيكية ؛ تتدحرج من قفة المتسول / العربيد ؛ فحاول الإمساك بها لكن الركل والرفس منعه من اللحاق بها . انبهر البعض من القنينة ولسان أحدهم ربما يـردد:: متسول وسكير ياللعَـجَبُ ... في الـعَجــبِ !! مما تدخل أحـدهم يأمرالمُتدخل بالابتعاد والتزام بالتباعد ؛ ف" كورونا" تتجول في الزحام ! فلم يطق كلامه الآمر؛ فاتجه إليه :
- هل أنت وزارة الصحة ؛ وماذا تفعل أنـتَ في هذا الازدحام ؟
- لا تنزعج ... لقد نصحتـك فقط ؛ هكذا نطق ذاك الفضولي ؛ الذي دفعه بقوة صديق العـربيد/ المتسول الذي يتقاسم معه المكان ؛ متجها نحو تلك السيدة ليبعدها عن عنق زميله ؛ لكنه دفعها بـقوة غير متوقعة ؛ على إثرها فقدت توازنها فخرت أرضا ؛ فبدأت أم الرضيع تصرخ بشكل مختلف وهي تنتف شعرها وتتلفظ ألفاظا خـشنة:
- إنك ابن العاهرة .... أيها السكير الفاسق ...لقد قتل خالتي ... قتل خالتي... حاول أن يغتصبني.. ابن المارق.......السكير العـربيد ... ابن البراريك وسكان الكـهوف...
فكلما رددت هاته الألفاظ والبشر يزداد تجمهرا؛ حتى بعض موظفي البنك وعاملات مصلحة القروض العامة وجملة من باعة الخضر والفـواكه تركوا البيع ذلك خير لهم ليستمتعوا بمشاحنة وقتال المتسولين ؛ الذي ازداد تعقيدا ؛ حينما تسلل أحد المسنين بهراوة ! تبين أنه متسول في الشارع المجاور ؛وزوج خالة السيدة أم الرضيع التي حرضت المسن للهجوم بهراوته الغليظة ؛ فوجه ضربتها للمتسول العربيد ؛ ثم لصديقة الذي سقط بسرعة برق يتضرع في دمائه الفوارة من رأسه الأبيض...فبدأت الجموع تتفرق وتهرب من ساحة الوغى التي حمى وطيسها بين المتسولين ؛ التي كشفت أنهم شبكة متفرقة هنا وهناك. وبين الضرب والمشاحنة والسباب والعراك والكر والفر بينهم؛ حضرت سيارة الأمن وسيارة القوات المساعدة ؛ فتحول الشارع إلى مشهَــد أخــر....



#نجيب_طلال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسـَـالة للـمُــهــرول الــمـسْـرحــي
- باب ما جاء في احتفالية النضال (02) !!
- باب ما جاء في احتفالية النضال !!(01)
- باب ما جاء في احتفالية - كورونا- (02)
- باب ما جـــاء في احتفاليـــة - كــورونـــا - (01)
- سفـاهة الخطاب السينمائي !!
- الدراما العربية بين النقد والاشهار(2)
- الإشهار والنقد البديل للدراما العَربية !!
- حاور نَفسَك أيها المسرحي في يومك الوطني
- قراءة وبائية في رمزية الوباء
- المعسكر الفيروسي
- اليوم العالمي للمسرح - الكوروني -
- -كـُورونا- حقيقـة أم إشـاعــة ؟
- كورونا اللعين... تحياتي !!
- المسرح وذهنية التحريم (3)
- تلك المرأة !!
- المسرح و ذهْـنية التحْـــريم (02)
- المسرح وذهنية التحريم (1)
- شيوع السرقات الفنية والأدبية
- باب ما جاء في عناوين الاحتفالية !!


المزيد.....




- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجيب طلال - المتسول العربيد