|
الشريعة الأسلامية .. أضاءة في الصميم
يوسف يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 7150 - 2022 / 1 / 31 - 22:18
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
سنتناول في هذا المقال قراءة حداثوية لموضوعة " أمكانية تطبيق الشريعة الأسلامية " في القرن الواحد والعشرين . الموضوع : ولكي ندخل في هذا الصدد ، لا بد لنا أولا أن نعرف الشريعة الأسلامية ، فقد جاء في موقع / الألوكة ، التالي ( ما قاله بعض أهل العلم أن : الشريعة هي وضع إلهي سائغ لذوي العقول ، وقال بعضهم : هي ما شرع الله لعباده من الدين ، أي من الأحكام المختلفة ، أو هي الأحكام التي شرعها الله لعباده ، سواء أكان تشريع هذه الأحكام بالقرآن أم بسنة النبي محمد ، من قول أو فعل أو تقرير ، وقيل هي ما شرعه الله لعباده من العقائد والعبادات والأخلاق والمعاملات ونظم الحياة ، وهي بالاعتبار الأخير تكون شاملة للعقائد والأحكام ، على خلاف ما جرى به عرف المتأخرين من قصر الشريعة على الأحكام العملية ، وأياً كان الأمر فإن التعاريف السابقة توحي بأن الشريعة هي وضع إلهي ليس للإنسان دخل في وضعه وتأصيله . ) . ومن مميزات الشريعة الأسلامية ( ربانية المصدر ، العصمة عن الخطأ ، الثبات ، الشمول ، الواقعية ، المرونة ، العالمية ، الوسطية و مخاطبة العقل والقلب معا و .. / نقل بأختصار من موقع سطور ) . * وسوف لن أخوض في حيثيات الشريعة الأسلامية كموضوع ، وعلى القارئ أن يرجع للمصادر المعتمدة ، في حال رغبته أن يطلع على تفاصيل أكثر بصددها ، وسينصب تركيزي في عملية أمكانية تطبيق الشريعة الأسلامية .
القراءة : أولا - لابد لنا أن نقول بداية أن عصر المسلمات قد أنتهى ، وأن التجهيل والتغييب للعقل الجمعي قد ولى ، وقد جاء عصر الفيلسوف ديكارت " الشك يوصلك لليقين " . فأن يكون المورث الأسلامي مقدسا - وهذا ما ينطبق أيضا على الشريعة الأسلامية ، وأنه لا يمكن الأقتراب منه ، ومصدقا لكل شطحاته ، أعتقد أن هذا الأمر قد أصبح لا ينجلي على المجتمع الواعي ، وأن مبدأ عدم المساس بالحقائق والمبادئ / والشريعة الأسلامية من ضمنها ، قد أصبح ثقافة ماضوية مستهلكة ، فالعقلية الحداثوية لها مبدأ شكوكي ( والشكوكية : هي عدم ضمان صحة أي شيء إلا بتقديم دليل يثبت صحته ، ويقدم إجابات شافية ، وذلك لتجنب الإيمان بقشور الأمور وسطحيتها ، من أجل مزيد من البحث حول بواطن الأمور وجوهرها . / نقل من موقع نون بوست ) ، وهذا ما نحن بصدده .
ثانيا - هل من المنطق أن تكون شريعة قد كتبت قبل أكثر من أربعة عشر قرنا أن تتحكم بمصائر وعلائق ووقائع وأحداث عالم اليوم ! ، عذرا ليس قبل أربعة عشر قرنا ، بل أنها كتبت خارج نطاق الزمان والمكان / مجهولة التاريخ ، وذلك لأن القرآن الذي هو المصدر الأساسي للشريعة ، كان موجودا منذ قديم الأزل ( فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ / سورة البروج ) ، أي أن الشريعة قد سطرت قبل الخلق ، فكيف أذن لشريعة أن تحكم الخلق قبل وجودهم الفعلي على الأرض ! ، وذات الشئ ينطبق على سنن وأحاديث وأفعال الرسول ، وذلك لأن كلام الرسول ، يوحى به من قبل الله ، والله كل شئ لديه موجود منذ البدأ ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى / سورة النجم 3 ، 4 ﴾ ، فهل يعقل أن تطبق أحكام هكذا شريعة على المجتمع ! .
ثالثا - سأناقش بعضا من مميزات الشريعة الأسلامية ، حيث يقال أنها " معصومة عن الخطأ " ، وهذا أمر مؤكد - وفق ما ذكر في الفقرة السابقة ، وذلك على أساس أن الشريعة مؤسسة على القرآن ، والقرآن تام ومطلق ( لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيد / 42 سورة فصلت ) ، ولكن هل من المنطق أن يحكم العلاقات المجتمعية المتحضرة ، شريعة كانت تحكم مجتمع قبلي جاهلي ، معتمد على الغزو والرعي ومهووس بالجنس ، هل هناك من منطق في هذا ! ، وكم من فجوة بكل الجوانب المختلفة بين هذين المجتمعين .. وهل الشريعة الأسلامية التي تحكم المجتمع السعودي أن تطبق مثلا على المجتمع الفرنسي . ما دام من مميزات الشريعة الأسلامية " العالمية " و " الشمولية " . رابعا - ولو أخذنا واقعة جنائية كمثال ، وأردنا أن نطبق الشريعة الأسلامية عليها ، فمثلا واقعة " الزنى " ، فوفق الشريعة الأسلامية ، يستوجب أن يكون هناك أربعة شهود ، وان يكونوا متأكدين من الفعل الجنسي تماما ك " العود في المكحلة ! ، فقد جاء في موقع / أرشيف الأسلام ، بهذا الصدد التالي ( أن أربعة شهدوا أمام الفاروق عمر ، فسأل الأول : هل رأيت كالعود في المكحلة والقلم في المحبرة ؟ فقال نعم ، وسأل الثاني : فقال نعم ، وسأل الثالث : فقال نعم ، وسأل الرابع : فقال رأيت رجليها على كتفيه تهتزان كأذني حمار يجري ، فسأله : هل رأيت كالقلم في المحبرة والعود في المكحلة ؟ فقال لا ، فقال الفاروق عمر أقيمو عليهم الحد ) . فهل بالأمكان أن تطبق هكذا شريعة على هكذا جرائم في عالم اليوم ، وهل من منطق في وجود هكذا شهود ، في واقعة تستوجب الخصوصية والسرية ! .
خامسا - علميا وعمليا ، ووفق التطور التكنولوجي ، ليس من وضع أو قاعدة أو نظرية أو مبدأ ، أن يبقى على ثباته ، ليس من أطلاق وعمومية في الأشياء ، فمثلا النظرية النسبية ل " ألبرت أينشتاين " ، والتي تعتبر أنجازا علميا منقطع النظير ، لم يدم ثباتها طويلا ، فهي على أقل تقدير تعرضت للنقد ، وتم أنجاز نماذج مضادة لها ( نظرية كاملة لسحب الأثير ، على النحو الذي أقترحه جورج غابرييل ستوكس (1844) ، استخدمه بعض النقاد كـ لودفيج سيلبرشتاين (1920) أو فيليب لينارد(1920) كنموذج مضاد للنسبية . / نقل من موقع الموسوعة ) . ومادام الشريعة بها قواعد وأحكام وتطبيقات ، أذن يجب أن تكون خاضعة للنقد من أجل التطوير والملائمة للمتغيرات الزمانية والمكانية .
خاتمة : هل من المفروض أن تحكم العلائق البشرية ، " أحكام ربانية " ! ، أم أن تحكمها أحكام وضعية / مدنية ، تتلائم مع الوضع الزمني والمكاني للمجتمع ، وهل الله / من المنظور الأيماني ، قد خصص للعبادة والنصح على الفضائل والأخلاق وعلى أتباع أفعال الخير ، أم أن الله سخر لسن الشرائع والقوانين التي تحكم البشر ! ، وأذا أمنا بحكم الشريعة الأسلامية جدلا ، فيجب من الناحية العملية أن تتغير الشرائع والأحكام وفق تقادم الأزمان وتطور المجتمعات ! ، وأذا كان الأمر كذلك ، فسنواجه أشكالية كبيرة ! ، فعلى من ستنزل الشرائع الجديدة ! ، وخاتم المرسلين محمد قد قضى قبل أربعة عشر قرنا !! .
#يوسف_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المملكة العربية السعودية ومحمد بن سلمان .. قراءة نقدية
-
أضاءة في بدأ التشيع
-
السنة والشيعة - من يكفر من -
-
عائشة .. سيرة حبلى بالصراعات
-
القتل من أجل السلطة / واقعة الطف - كأنموذج
-
زهد الرسول والصحابة .. بين الحقيقة و الوهم
-
قراءة نقدية لحديث .. السلام على غير المسلمين
-
الأخطبوط الأيراني .. بين القومية والمذهبية
-
قراءة لآية ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْ
...
-
قراءة .. في حكم تارك الصلاة
-
أنعكاس مفاهيم النص القرآني على الفكر والمجتمع
-
أضاءة حول - صلاة المسلمين -
-
اللغز .. في أسماء وترتيب سور القرآن
-
خطب الرسول المفقودة .. سؤال بلا أجابة
-
سرد ونقد ل - سورة الفاتحة -
-
بغداد ... هل الشعب مخصي !!!!
-
قراءة في أسماء رسول الأسلام
-
11 سيبتمبر .. بعد عقدين
-
السلفيون وعودة نظام الخلافة الأسلامية .. قراءة أولية
-
حول النهج الأسلامي للمنظمات الأرهابية
المزيد.....
-
“طلع البدر علينا” استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20
...
-
إعلام: المرشد الأعلى الإيراني يصدر التعليمات بالاستعداد لمها
...
-
غارة إسرائيلية على مقر جمعية كشافة الرسالة الإسلامية في خربة
...
-
مصر.. رد رسمي على التهديد بإخلاء دير سانت كاترين التاريخي في
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا لقوات الاحتلال الاس
...
-
القائد العام لحرس الثورة الاسلامية اللواء حسين سلامي: الكيان
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان: مجاهدونا استهدفوا تجمعا لقوات ا
...
-
قائد حرس الثورة الإسلامية اللواء سلامي مخاطبا الصهاينة: أنتم
...
-
قائد حرس الثورة الإسلامية اللواء سلامي مخاطبا الصهاينة: لا م
...
-
قائد حرس الثورة الإسلامية اللواء سلامي: -الاسرائيليون- يتصور
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|