أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - ارا خاجادور - حديث مع عمال معمل اسمنت طاسلوجة















المزيد.....


حديث مع عمال معمل اسمنت طاسلوجة


ارا خاجادور

الحوار المتمدن-العدد: 1661 - 2006 / 9 / 2 - 09:44
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


كتبت في عام 1990 رسالة مفتوحة الى هيئات واعضاء واصدقاء حزبنا الشيوعي العراقي، هذا طبعا قبل ان تفقد الرسائل المفتوحة معانيها، وقبل ان يفقد الحزب صفته وهويته بالكامل. في تلك الرسالة تعرضت بايجاز،اوعلى الخفيف، كما يقال في صفوفنا نحن العراقيين لوضع الحركة القومية الكردية في العراق.

وبحكم حرصي وقناعتي بعدالة مطاليب الشعب الكردي في العراق، أخذت تلك الملاحظات طابع الصداقة والحرص،ورغم ذلك، جاءني في ذلك الحين تعقيب من رفيق شيوعي كردي سابق، حذرني من مغبة نقد القوى القومية الكردية، ولمح ذلك "الرفيق" الذي يخدم حاليا في واشنطن بالاعلام الامريكي الموجه الى العرب والاكراد وكل شعوب الشرق الى امكانية تعرضي للقتل من جراء تلك الملاحظات.

لم أرد على تلك الرسالة اصلا، وقلت لشركائي في النضال الوطني والطبقي: لنرى الى اين يذهب التعصب القومي بصاحبه في مجرى النضال؟. هذا اذا افترضنا ان ذلك النوع من النضال الذي مارسه ذلك الرفيق كان حقيقيا، فما عسانا ان نقول اذا كان ذلك النضال مجرد استعراض في سوق النخاسة السياسية الرعناء، اذ كان من المفترض أن ينتقل صاحبنا الى دهوك او اربيل او السليمانية، وليس الى واشنطن، علما أنه تخرج من براغ كمهندس زراعي على حساب الطبقة العاملة، وكان يفترض أن يذهب الى الاقليم لخدمة شعبه، وليس الى واشنطن لخدمة الامريكيين.

هذا التهديد وقع او حصل قبل ان تبدأ سلطات الاقليم بممارسة القمع والاضطهاد وكل ما اعترضت عليه سابقا ولاحقا، وحقا وباطلا. اعتبرت رسالة صاحبنا مجرد كلمات لا معنى لها، واساءة للاحزاب القومية الكردية. ولكن يبدو ان صاحبنا أقرب الى الصورة الحقيقية او الواعدة في قيادة الاقليم، هذا طبعا بعد بانت ممارساتها الاخيرة ضد العمال والمتظاهرين الاكراد...

جوهر تحذيراتي للقيادات القومية الكردية حينها هو الا يرتكبوا ذات الأخطاء التي ارتكبتها الحركة القومية الأرمنية، ومن أبرز تلك الأخطاء، التفريط بالحلفاء الاستراتيجيين في الوطن نفسه، وبالنسبة للاكراد؛ فان العرب في العراق هم حلفاؤهم الطبيعيون، الاتراك في تركيا، والفرس وبقية القوميات في ايران. وقلنا في الوقت نفسه: اننا ضد الارتهان للخارج، وضد تصدير الثورات، كما نحن ضد حروب التدخل الاستعمارية.


وفي ذات الوقت طالبت بالاعتماد على القوى الذاتية أولا، وبالدرجة الأولى، وعلى الدوام، الى جانب الاهتمام بالحلفاء الطبيعيين، وعدم الاعتماد على القوى الأجنبية، الاقليمية منها والعالمية، مع تحريم الاستقواء بالاجنبي على أبناء الوطن. ولم يجنح ،حتى خيالي، في ذلك الوقت الى أن الانحدار سوف يصل الى درجات أسوء من الاحتمالات المذكورة، الى مثل ما نراه اليوم.

كنت أتوقع الا ترتكب الحركات القومية الكردية مرة أخرى التجربة المريرة لتحالف المرحوم مصطفى البرزاني مع ايران قبل عام 1975، الا أن تحالف السيدين جلال الطلباني ومسعود البرزاني مع المعتدين الامريكيين خلال احتلال العراق عام 2003، واستمرار التحالف حتى اليوم، دفعني الى موقع القلق على مصير الشعب الكردي من قيادته، رغم اني لا أتجاهل الفرق النسبي بين تحالف مسعود وجلال في بعض جوانبه عن الخدمة الذليلة التي قدمها الاخرون في مجلس الحكم سيء الصيت والسلوك والعمل والتاريخ.

ان الحركة القومية الكردية كانت أكثر براعة في المناورات السياسية من بقية الاطراف العراقية، واليسارسة منها بصفة خاصة، حيث كانت تعتمد سياسة- يد على المفاوضات وأخرى على السلاح- اما حزبنا فقد كان يضع يديه معا، وفي وقت واحد، وفي مكان واحد، وفي بعض الحالات في المكان والزمان غير المناسبين. ومنذ عام 2003 التحق القوميون الاكراد ببعض الاخرين؛ أي وضعوا كل بيضهم في سلة الاحتلال، ووضعوا اليدين في الجيوب، دون مناورات اوسلاح.

وبالغ السكرى باحلام التعصب ومحابة المعتدين على كرامة الوطن ووحدته الى درجة اللعب على اوهام نسب مكونات الشعب العراقي، وأكاذيب مفوضية الانتخابات ولصوصها الاذلاء، والغام الحرب الاهلية، ودستور العار، واذكاء نار الطائفية والتعصب ووو.

مرت سنوات على الاحتلال الأمريكي للعراق وشعبه، وأنا أراقب تطور الحركة القومية الكردية، وهي تغوص في الوهم الأمريكي، حيث فقدت حلفاءها العرب، وقد لا تشعر القيادة الكردية بهذه الحالة الخطيرة، واذا توهمت بوجود حلفاء لهما من "العرب"، فانهم من عرب حي المنطقة الخضراء فقط ، اي من العملاء والمشبوهين، ومن الحالمين بالوصول الى السلطة عبر الخدمة المؤقتة للغزاة، التي هي بالضرورة سوف تتحول الى خدمة تافهة ودائمة في معظم الحالات، او تتحول الى نكبة سياسية وفق منطقهم المعوج.

واذا كان فقدان التحالف مع عرب العراق او العرب عامة مؤلما، ويشكل خسارة موضوعية كبيرة للشعب الكردي ككل، فان هذه الحالة قد تكون موضع نقاش في هذا الزمان الرديء، ولكن ماذا يمكن القول عن احتمال البدء بعدم التعويل على الشعب الكردي نفسه، لقد بدأت مقدماته هذا النهج الخاطيء تظهر جلية في الاعتداء على الحريات العامة، وعلى خبز الكادحين، وحقوق المرأة، وأخيرا استخدام السلاح في قلب كردستان نفسها ضد ابناء الشعب الكردي.

ولقد بدأت مقدمات هذا الفهم الخاطئ، بالصمت على جرائم الاحتلال، وتبربرها احيانا، بعد التورط في تصور امكانية نيل الحقوق عبر المحتل الاجنبي، ومن خلال التعاون معه، ولاحقا تعززت بتكميم الأفواه في كردستان نفسها، وفي ضرب المتظاهرين من أجل الخبز والوقود، وقتل العمال المطالبين بزيادة الأجور، وهنا اكتملت حلقات الوهم القومي المتعصب، بدلا عن الوعي القومي التحريري المعتمد على الشعب صاحب القضية الحقيقي، أولا وثانيا وأخيرا. انهم اليوم يتجاهلون كل معاني الاعتماد على القوة الذاتية.

ان الخطوة الاخيرة، أي التنكر للشعب الكردي نفسه، ما هي الا صدى حتمي للتنكر للحلفاء الموضوعيين والدائمين أبد الدهر، وللايغال في الاعتداء عليهم.

ليس في وسعي أن اضيف شيئا في مجال الطموحات القومية المشروعة تتجاوز حدود الاقرار بحق تقرير المصير، ولكن المطروح حاليا كسلوك قد تجاوز كل حدود الطموحات الى درجة أو مرتبة الوهم، التي أضرت اليوم، وسوف تضر غدا، بمصالح الشعب الكردي قبل غيره. أقول ومن خلال التجارب المسجلة والموثقة، أن القوميات الأكبر لم ولن تنس أبدا وقوف القوميات الأصغر الى جانبها في فترات الضعف، أو في فترات النضال ضد محتل أجنبي، ومثل هذه المواقف تعد من أهم المساهمات النضالية لتحقيق الشروط والمطاليب العادلة للقومية الأصغر لاحقا. والعكس بالعكس قائم ايضا.

ان الاعتقاد بأن خارطة حدود الدم التي رسمها عتاة البيت الابيض والبنتاغون، أو طروحاتهم حول ما يعرف بالشرق الأوسط الجديد، ما هي الا محاولة بائسة، تهدف الى زرع الأوهام عند بعض الجماعات، ولتخويف الأخرى، وهي ايضا استجابة لأحلام الطغاة الذين لا يدرجون في حساباتهم نضالات الشعوب وامكانياتها.

خذوا مثلا واحدا بسيطا، عندما طلبت واشنطن من انقرة موخرا قيادة القوات الدولية في لبنان (اليونيفيل)، ماذا كان الثمن الذي طلبته انقرة؟ لقد كانت واشنطن على استعداد لمناقشة التدخل التركي في شمال العراق مقابل الدعم التركي في لبنان، وهذا الامر كان مجرد مسألة للتداول ليس الا. ان المساومات متحركة، ولكن الخطوط العامة للسياسة الاستعمارية الدولية مثل: فرق تسد، التفريط بمصالح الحليف الأصفر، ابتزاز الصنائع الصغار... الخ سياسة ثابتة في معظم الحالات.

وينبغي ان نعلم أن السياسة القائمة على القوة العسكرية هي سياسة فاشلة ورعناء، ان الحياة قدمت وسوف تقدم مئات الادلة على ان القوة العسكرية الأمريكية قد تتعطل في بعض الحالات، وينبغي دراسة الحالة اللبنانية، الأفغانية والعراقية أيضا، ومن يريد في الحالة العراقية استثمار الاحتقان الطائفي، سوف يفشل ايضا، لأن تلك الحالة حالة طارئة، وقد تختفي الحالة الطارئة في لحظة ما. عليكم تذكر محاولات الانظمة التي كانت تطمح الى التأليب ضد الشعب الكردي. نسألكم: هل نجحت محاولات التأليب؟

ان خلق الثقة بين القوميات في اي بلد لا يتم من خلال الاستقواء بالأجنبي، وحتى في الحالات التي تتحقق فيها بعض المكاسب لأي قومية من خلال الأجنبي، سرعان ما تفقد تلك المكاسب، ويفقد معها ما هو أهم، وهو تضامن أبناء الوطن الواحد مع الطرف المضطهد، ان الحليف الأجنبي قد يخون في منتصف الطريق،وعلى نحو أدق، نقول: انه سوف يخون حتما وبكل تأكيد. وينبغي التذكير بأن من أهم مصادر قوة القضية الكردية، أن الشعب العراقي بكل مكوناته قد وقف معها.

ان من يعتقد بامكانية وجود كردستان هادئة في عراق مضطرب، فهو واهم. وان من يعتقد بامكانية بقاء كردستان دون عدوان خارجي من دول الجوار (رغم وجود اعتداءات محدودة وفعلية الآن) دون عراق قوي وموحد، فهو واهم أيضا.

كما لا يمكن ان يتحقق كيان قوي لكردستان في ظل كيان هش للدولة العراقية. واقول أبعد من ذلك، ان كردستان اليوم لن تكون بمعزل عن النضال ضد المحتل، وان الحالة القائمة في العالم الاسلامي ككل ليست طارئة، او بفعل فاعل مجهول، رغم كل المظاهر السلبية احيانا، التي لحقت او ألحقت بها، أي بالحالات القائمة في كل بؤر التوتر.

وينبغي أن تعلم القيادة الكردية المهيمنة قبل غيرها، ان المحتل عجز حتى الآن عن جر العراق الى حرب طائفية واحدة، فكيف الوهم بجر العراق الى حربين في وقت واحد، حرب طائفية وأخرى عرقية - مع الاعتراف الكامل بأن المحتل وبعض القوى الاقليمية قد جرت أعدادا غفيرة من العراقيين الى الاعمال التي يخجلون منها او سوف يخجل البعض منهم منها - . ان تلك الحرب التي يأمل المتعصبون منها، أن تحقق حلم القومية الاصغر، او حلم فئة واحدة من فئات الشعب العراقي، نقول لهم: انها لو تحققت فلن تحقق الا أحلام اعداء الوطن، بل وتدمرالوطن كله.

سوف يفهم المتعصبون - ان لم نصفهم بغير ذلك - ان عاجلا او آجلا أن الصراع الاجتماعي لن يتوقف وان بدا او ظهر على هذه الشاكلة، وهم يلاحظون اليوم أن العامل الكردي لا يختلف عن شقيقه العربي او التركماني او الكلدواشوري في الدفاع عن مصالحه، وان عدوه هو من يسرق خبز عياله، فالعامل الذي أطلقت عليه النيران في مصنع اسمنت طاسلوجة في السليمانية كردي، والذي اطلق النار عليه كردي أيضا، وكذلك الحال للمتظاهرين من اجل الخبز والكهرباء والوقود والحرية في كلار، حلبجة، رانية، قلعة دزة، السليمانية، عقرة، جمجمال، دربنديخان، اربيل، دهوك ... وغيرها.

كما ان السراق والمجرمين هم انفسهم في البصرة والسليمانية واربيل وبغداد وكركوك وغيرها. وكما قال الكاتب الكردي كمال سيد قادر: (ولكن الدرس الاكثر مرارة تلقيناه نحن الكرد عندما تعلمنا بان الظلم و الطغيان يمكن ان يتكلما الكردية)

ان التجارب تقول: عندما يتعرض العامل الى اضطهاد يتضامن معه بقية العمال، ولم يحصل ان يسأل العمال لا في التجارب القديمة ولا الراهنة العامل الذي يقع عليه الظلم عن قوميته او دينه او طائفته لكي يتضامنوا معه، انهم يتضامنون معه وحسب، لان المصير مشترك. ولاحظ الجميع ان عمال معمل اسمنت طاسلوجة في السليمانية؛ حاضنة الثقافة الكردية تظاهروا لذات الاسباب التي أضرب من اجلها عمال شركة نفط الجنوب في البصرة؛ ديوان الثقافة العربية.

وفي هذه اللوحة السوداء لابد أن نشير الى ما يجري في رحم الواقع العراقي حيث بدات بعض الظواهر الايجابية تفعل فعلها في بعض جوانب الحياة العراقية، وان كانت لم تزل في حالتها الجنينية، وأظن ان نظام الدفاع عن النفس، الذي بدأ يأخذ طريقه في بعض الأحياء والمصانع بعيدا عن العرقية او الطائفية او العشائرية يمثل بداية للالتحام الوطني، اي نقيض التعصب الطائفي والعرقي الذي يرزح الوطن تحت وطأته الثقيلة جدا.

ان الطائفية الحالية هي طائفية سياسية طارئة لا مستقبل لها، وهي كأي ظاهرة طارئة سوف يحين وقت التبرء منها، والقضاء عليها، وكذلك الحال بالنسبة لبقية انواع التعصب الاخرى العرقية والدينية والمناطقية وغيرها. ان المعركة الاجتماعية في العراق اليوم تختلط بالمعركة ضد الاحتلال، وما نزول العمال الى الشارع للمطالبة بابسط حقوقهم: الكهرباء، الخدمات الصحية، وضد الغلاء الفاحش، والفساد والنهب الا تعبيرا عن ذلك الترابط العضوي بين المقاومة والدفاع عن الحقوق المهدورة، رغم الجهود المضنية لتصريف النضال العام في قنوات الاوهام الطائفية والعرقية وغيرهما.

ان العمال كما بقية طبقات وفئات الشعب الاخرى غاضبون على ومن الحياة غير الانسانية السائدة في كل العراق، الذي تحول الى مرتع للفساد والغلاء والموت المجاني، حيث لا ماء ولا كهرباء ولا وقود ولا أمن ولا كرامة، انها حياة القرون الوسطى التي وعدت امريكا بها شعبنا، وربما أسوء. وشمل قتل الناس وتغيبهم كل العراق، انها حالة اكثر من مفجعة، وهذه الوضعية البائسة في جزء منها خلقت عن قصد وسابق اصرار.

واضح ان عمال طاسلوجة وأبناء المدن والقصبات الكردية غاضبون من حقيقة ان كردستان قد تحولت الى امتين متناقضتين، أمة الفقراء وأمة أغوات السياسة والاصناف الاخرى من الاستغلال، والنهب السافر، والمتواصل والمنظم للملايين والمليارات من الدولارات، مستفيدين من تجربة اشقائهم الوافدين مع الاحتلال، وفي هذه الحالة كانت الوحدة الوطنية في أقوى صورها، ودون اية شائبة. ان الفساد وخراب الضمير عم الفئة السياسية المتعاونة مع المحتل من زاخو الى الفاو، لقد حشد خدم امريكا كل طاقاتهم لا لسرقة الشعب فحسب بل لقتله ايضا.

ان الحالة واحدة في كل اجزاء الوطن، وبصدد الديمقراطية الموعدة لعل السيد الطالباني يتذكر أول تجرية ديمقراطية له وغير بعيدة مع حلفائه الديمقراطيين الجدد، عندما كتبت صحيفة الاتحاد التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني مقالا تناول حزب الفضيلة، قيل عنه انه مقال أهان رجل دين، فطالبوا الطلباني باعتذار عن انتقاد الشيخ اليعقوبي.

وقبل أن يأتي رد الطلباني، شاهد الجميع ما حل بمكاتب الاتحاد الوطني الكردستاني في 11/8/2006 في بعض المدن العراقية، التي يفترض ان رئيس الاتحاد الوطني رئيسا لتلك المدن، حيث حطمت نوافذ مكاتب مقرات حزب الطلباني وكتبه ووثائقه ونثرت الاوراق على الارض، والنيران تفعل فعلها في مقرات الحليف ولسان حالها يقول: ونطعم النار أحلى ما كتبناه. ونترك الحديث عن الاعتذار للمعني نفسه، ليقول ما حصل. ولكن قد يكون شفيع البعض في هذا الصدد، ان بشاعة هولاء لم تصل الى بشاعة مجزرة بشت آشان.

ان رجال الدين، ولا أقول علماء الدين، يسرقون اليوم وعلى رؤوس الاشهاد النفط والارض والمباني الحكومية وحتى الاعراض، ويقودون عصابات القتل والجريمة وغيرها الكثير الكثير. هل هولاء هم الحلفاء المخلصون للحقوق القومية للشعب الكردي؟.

انكم معهم في الترويج لافكار بقاء الاحتلال كحارس للعراقيين من العراقيين، ومعهم في معاقبة وقتل الناس لاسباب سياسية، وقتل النساء أيضا، ولكن في هذه الحالة الاخيرة، يجري اضطهاد وقتل المرأة، وفقاً لصفقات وتقاليد عشائرية بالية وغير انسانية. وأنتم أيضا شركاؤهم في الصمت على تزوير الانتخابات العامة أكثر من مرة، والتواطيء على الدستور الخياني، واضطهاد الصحفيين والمثقفين بتهمة التحريض، ومعهم في ممارسة التعذيب والاعتقال غير المشروع، والتغاضي عن القتل على الهوية، وقتل العلماء والاطباء والطيارين وغيرهم، وفي شراء الذمم وتوزيع الهبات والمكارم. ووو.

نعود الى نقطة البدء القوية والمهمة والراهنة، فالقضية القومية في اي بلد مرتبطة عضويا بقضية الديموقراطية، وكلما تتوسع الديمقراطية تتوسع معها حقوق القوميات، وهنالك ظروف ملائمة للاكراد في العراق، خاصة وان حركة النهضة العربية قد تميزت بانها غير عنصرية، ولم تتخذ مواقف عدائية من القوميات والاديان الاخرى على العكس من الانظمة والدكتاتوريات العربية.

ان الطموحات المشروعة للشعب الكردي لا تتحقق من خلال الدعوات للسيطرة على مدينة كركوك الغنية بالنفط، والتي يقطنها الى جانب الكرد التركمان والعرب وغيرهم. ولا تتحقق من خلال الدعوات الى استفتاءات في خانقين ومندلي وحتى زرباطية، او من خلال الدعوة الى اي مطلب في غير وقته ومحله، او يمكن ان يساء فهمه.

وينبغي العلم بأن كل القرارات في زمن الاحتلال باطلة، وقد تكون مجرد الغام ضد كل مكونات الشعب العراقي، لان كل فئة عراقية سوف تجد في نهاية المطاف، ان مصالحها الحقيقية متشابكة مع مصالح الفئة العراقية الاخرى. ان كل قرارات زمن الاحتلال قد تشكل خطرا على الطرف المعني، الذي قد تبدو تلك القرارات للوهلة الأولى أنها في صالحه في النظرة السطحية وغير المتفحصة، انها قرارات لن تكون حاسمة وراسخة حتى لو مزقوا الوطن عنوة. نقول لكل من تعنيه مصلحة العراق، وفيه ذرة اخلاص: ألم يحن وقت المراجعة بعد؟.

ان ما تعانيه جماهير كردستان من ظروف شاقة وعسيرة، ابتداء من شحة مياه الشرب وإنقطاع التيار الكهربائي وأزمة الوقود والغلاء وتدني الأجور والرواتب والبطالة والحرمان وتدني الخدمات الإجتماعية الى القمع والفساد المنتشر في مؤسسات حكومة الاقليم كافة لن يعالج من خلال زراعة الاوهام، تلك الأوهام التي خلقت ظروفا شاقة للجماهير الشعبية، واذ لم تعالج هذه المآسي فان النتائج سوف تكون وخيمة على سلطات الاقليم.

لقد بالغ اعداء الشعب العراقي واعداء الفقراء منه بصفة خاصة في محاولاتهم لتزوير حدود وتاريخ وضميرالعراق ومصالح العراقيين، خاصة بالقول ان العراق صنعته بريطانيا، ان مثل هذه المحاولات لن يكتب لها النجاح ابدا، والعراق ليس صناعة بريطانية، كما يدعون، او كما حاولت دعاية الاحتلال ان تصور العراق، ان هذه اكذوبة الخطيرة والمريضة التي تستهدف شل ارادة العراقيين، سوف يتنازل عنها الاحتلال، كما بدأ يتنازل عن طروحات صماء رعناء وأكاذيب أخرى، او يجبر على الاعتراف بارادة الشعب العراقي، كما اعترف بأن الشعب العراقي لم يستقبله بالورود، وان جاء هذا الاعتراف بعد حين، ولن يستطيع اعلان النصر ثانية.

هذه هي الحالة ياعمال طاسلوجة بكل مظاهرها المشرقة منها والمحزنة، وانكم باضرابكم من أجل انتزاع حقوقكم قد خطوتم الخطوة الصحيحة، وقرعتم الجرس لكل النائمين في مستنقع احلامهم المريضة، واعلموا انكم لستم وحدكم في معركة الحقوق الملموسة والعادلة.



#ارا_خاجادور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لبنان: المقاومة المسلحة تشير الى الطريق
- حركة التضامن مع الشعب العراقي
- أسئلة حول الوحدة العمالية النقابية في ظل الاحتلال
- بعض من عبر الأول من ايار
- لا للحرب الأهلية... انها حرب التحرير
- النقابات العمالية رافعة قوية في معركة التحرير
- قراءة في صفحة من سفر كفاحنا المسلح
- نراجع الماضي بثقة من اجل المستقبل
- مزامير الانتخابات الامريكية في العراق
- هل النقابات العراقية الاساسية تدعم الاحتلال ؟
- من عوامل الجزر في التنظيم الثوري
- لماذا الان يجري الاحتكام للشعب؟
- نقطة واحدة للمفاوضات: انسحبوا ايها الغزاة من بلادنا
- نعي المناضل هادي أحمد علي


المزيد.....




- استقالة المتحدثة الناطقة بالعربية في الخارجية الأمريكية احتج ...
- النسخة الألكترونية من العدد 1794 من جريدة الشعب ليوم الخميس ...
- الطلاب المؤيدون للفلسطينيين يواصلون اعتصامهم في جامعة كولومب ...
- لو الفلوس مش بتكمل معاك اعرف موعد زيادة المرتبات الجديدة 202 ...
- المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية للصحة ببني ملال يندد بالتجاو ...
- استقالة المتحدثة الناطقة بالعربية في الخارجية الأمريكية احتج ...
- استقالة متحدثة من الخارجية الأميركية احتجاجا على حرب غزة
- سلم رواتب المتقاعدين في الجزائر بعد التعديل 2024 | كم هي زيا ...
- الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين
- “زيادة 2 مليون و400 ألف دينار”.. “وزارة المالية” تُعلن بُشرى ...


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - ارا خاجادور - حديث مع عمال معمل اسمنت طاسلوجة