أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - تاج السر عثمان - الصراع حول الأرض في السودان(2)















المزيد.....

الصراع حول الأرض في السودان(2)


تاج السر عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 7134 - 2022 / 1 / 12 - 09:14
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


ثانيا :
الأرض في ممالك النوبة المسيحية ( 500 - 1500م)
1
بعد زوال مملكة مروي ظهرت فترة غامضة ( 350 م – 550م) اطلق عليها علماء الآثار فترة المجموعة الثقافية (*) ، وهي فترة غير واضحة المعالم فيما يتعلق بملكية الأرض ، لكن اتضح من الآثار أن سكان تلك الفترة :
- مارسوا الزراعة والرعي بوصفهما حرفة رئيسية ، كما أنهم استطاعوا أن يدخلوا تعديلات في تقنية الساقية لتناسب ظروف وأوضاع السودان، وكان للساقية أثر في زيادة محصولات الموسم الصيفي ( ذروة ، دخن، )، كما دخلت زراعة القطن وتصديره مصنوعا الي مصر ، هذا اضافة لصناعة قواديس السواقي.
- واصل سكان تلك المجموعة صناعة الحديد ، وصنعوا منه كما في الآثار أدوات الإنتاج الزراعي (طورية، منجل، نجامة. الخ)
كما بدأت الابحاث والمؤلفات في سبر غور تلك الفترة مثل: مؤلف د. محمد مهدي ادريس بعنوان " شذرات من تاريخ المجتمع والثقافة في بلاد النوبة في الفترة مابعد المروية ( 350 م- 550م)، شركة مطابع السودان للعملة المحدودة 2018، والذي أهداني نسخة منه مشكور، وهو جهد مقدر في فك طلاسم تلك الفترة .
تابع المؤلف في فصول الكتاب: بنية بلاد النوبة ومصادر تاريخها ، نهاية مملكة مروي وسيطرة النوبة، اضواء علي المجتمعات الحضرية والريفية البدوية ، الدين واللغة أسا الثقافة، عادات الدفن صدى للمجتمع وثقافته، ضروب من الثقافة المادية.
لكن مايهمنا ماجاء في الكتاب : أن النوبة في تلك الفترة واصلوا في انشطتهم الاقتصادية باعتمادهم بصفة رئيسية علي الزراعة وتربية الحيوان ، ولعبت التجارة الخارجية – خاصة مع مصر- دورا مهما في تشكيل بنية مجتمع النوبة السفلي (ص 136)
أما عن ملكية الأرض وعلاقات الإنتاج، فقد أشار المؤلف الي: وثيقة الجبلين المودعة في المتحف المصري تحت الرقم (10.760) التي تفيد بأن الملك البليمي خاراخن منح أبنائه الثلاثة خاراخن وخاراباتخر وخاراهيت جزيرة تاناري لينتفعوا من ريعها ، وأن ماورد في تلك الوثيقة بشأن ملكية الجزيرة والاستفادة منها ربما يشير إلي اتصاف مجتمع النوبة السفلي ببعض خصائص المجتمع الاقطاعي، فالأرض في هذا النموذج مملوكة للملك الذي كان يمنحها للأمراء والأعيان ، ويُفهم ضمنا أن من يسكنها يقوم بزراعتها وحصادها لصالح ملاكها الجدد ، نظير الانتفاع ببعض ريعها" (ص 140) .
وفي نهاية تلك الفترة نسمع عن ظهور ممالك ثلاث قامت هي : مملكة نوباديا ( نوباطيا)، المقرة وعلوة ، تلك الممالك التي اصبحت مسيحية فيما بعد ، والتي يبدأ منها تاريخ السودا ن الوسيط.
واصلت تلك المالك في نشاطها الاقتصادي الاعتماد علي الزراعة وواصلوا في استخدام الساقية، وعرفوا ثلاث دورات زراعية بعد استخدام السماد ، اضافة لتربية الحيوانات والتجارة الخارجية مع مصر وغيرها ، والصناعات الحرفية ، وعرفوا المدن التجارية والصناعية والثقافية مثل: (فرس، دنقلا، سوبا، ابريم ، وداي العلاقي. الخ) كنتاج لتطور الزراعة وتربية الحيوانات والتجارة والصناعة الحرفية.
2
ملكية الأرض:
لم توضح لنا المصادر التاريخية شيئاً كثيراً عن ملكية الأرض أو علائق الملكية في ممالك النوبة المسيحية ، ولكن المسعودي في كتابه: مروج الذهب أورد ما يلي حول هذا الموضوع. ( ولمن بأسوان من المسلمين ضياع كثيره داخله بأرض النوبة يؤدون خراجها إلي ملك النوبة وابتيعت هذه الضياع من النوبة في صدر الزمان في دولة بني أمية وبني العباس.
وقد كان ملك النوبة استعدي المأمون حسين داخل مصر علي هؤلاء القوم بوفد أوفدهم إلي الفسطاط، ذكروا أن ناساً من أهل مملكته وعبيده باعوا ضياعاً من ضياعهم ممن جاورهم من أهل أسوان، وأنها ضياعه والقوم عبيده ولا أملاك لهم وإنما تملكهم علي هذه الضياع تملك العبيد العاملين فيها.
فرد المأمون أمرهم إلي الحاكم بمدينة أسوان ومن بها من أهل العلم والشيوخ وعلم من ابتاع هذه الضياع من أهل أسوان أنها ستنزع من أيديهم فاحتالوا علي ملك النوبة بأن تقدموا إلي من ابتاع منهم من أهل النوبة أنهم إذا حضروا حضرة الحاكم ألا يقروا لملكهم بالعبودية وأن يقولوا سبيلنا معاشر المسلمين سبيلكم من ملككم تجب علينا طاعته وترك مخالفته فإن كنتم أنتم عبيداً لملككم وأموالكم له فنحن كذلك.. فلما جمع الحاكم بينهم وبين صاحب الملك أتوا بهذا الكلام للحاكم أو نحوه معا؟ً وقعوا عليه من هذا المعني.. فمضى البيع بعدم إقرارهم بالرق لملكهم إلي هذا الوقت وتوارث الناس تلك الضياع بأرض النوبة من بلاد المريس وصار النوبة أهل مملكة هذا الملك نوعين، نوع ممن وصفنا أحرار غير عبيد، والنوع الآخر من أهل مملكته عبيد وهم من سكن النوبة في غير هذه البلاد المجاورة لأسوان.
(المسعودي : مروج الذهب ومعادن الجوهر ، تحقيق محمد محي الدين عد الحميد ، كتاب التحرير 1966 – 1386ه ، ص 297- 298).
من هذه الرواية التي قدمها المسعودي يمكن استنتاج بعض الملاحظات حول ملكية الأرض وعلاقة ملك النوبة برعاياه..
1- من الناحية النظرية كان ملك النوبة يعتبر الأرض ملكه، ولا حق لرعاياه في ملكية خاصة لها أو التصرف فيها بالبيع أو الشراء أو غير ذلك..
2- كل رعايا ملك النوبة الذين يعملون في ضياع معينة يعتبرون عبيداً لملك النوبة. وأن تملكهم لهذه الضياع تملك العاملين فيها.. وهذا وضع يختلف عن علاقة حاكم المسلمين في مصر مع رعاياه، بمعني أن رعاياه لم يكونوا عبيداً له وأموالهم ليست له.
ومن خلال وصف المسعودي نرى أنه صار النوبة من أهل مملكة هذا الملك نوعين.
النوع الأول : ممن وصفنا أحراراً غير عبيد.
- والنوع الثاني من أهل مملكته عبيد وهم من سكن النوبة في غير هذه البلاد المجاروة لأسوان وهي بلاد مريس (نوباطيا)، ونستخلص من ذلك أن مواطني مملكة النوبة كانوا عبيداً لملك النوبة وأن الأرض والزرع والضرع كانت تعتبر من أملاك ملوك النوبة وأن شكل النظام الاجتماعي الذي كان سائداً في بلاد النوبة لم يكن يكفل للرعايا حقوقهم.
جانب آخر نلاحظه، هو أن الإسلام كان مدخلاً لرعايا النوبة للتخلص من عبودية ملك النوبة كما حدث لمواطني النوبة المسلمين في أسوان.
3- هناك خراج كان يدفعه الفلاحون أو الرعاة من إنتاجهم الفائض بعد خصم ما يكفي معيشتهم، أي بعد خصم الناتج الضروري، ولم تحدد لنا المصادر التاريخية نسبة هذا الخراج، ولكن من قرائن الأحوال طالما كانت الأرض هي من أملاك ملوك النوبة مع العاملين فيها فإن الفائض كان يذهب لملوك النوبة، والفلاحون كانوا يعملون وفقاً لعلاقات الإنتاج العبودية أو نظام السخرة، مقابل معيشتهم وأولادهم .. وربما كانت هنالك نسبة يأخذها ملك النوبة كما كان يأخذ الفرعون في مصر القديمة )
4- يمكن أن نستنتج أيضاً أن الفلاحين كانوا يملكون حق الانتفاع بالأرض وفي هذا الإطار يتم تقييد الملكية الخاصة، ويمكن أن يورثوها لأبنائهم (كانت الوراثة عند النوبة تتم من جهة الأم).. ولكن نفهم مما ورد في كتاب المسعودي أن الفلاحين ليس لهم حق بيع هذه الأراضي، وكان هذا هو نزاع ملك النوبة مع رعاياه في أسوان، إذ أنه أعتبر المواطنين النوبيين عبيداً له، وإن الأراضي هي أملاكه ولا يجوز لهم بيعها أو التصرف فيها، وأن عملهم فيها هو عمل العبيد..
وهذا يلقي بعض الضوء علي ملكية الأراضي في سودان وادي النيل في العصور الوسطى في ممالك النوبة، وإن كان هذا الموضوع يحتاج إلي استجلاء من مختلف الجوانب وهذا ما لا نملكه الآن لشح المصادر.



#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصراع حول الأرض في السودان
- اسقاط الانقلاب مفتاح الحل للأزمة
- تهاوى الانقلاب والدعاوى الكاذبة للحوار
- الثورة مستمرة بعد استقالة حمدوك
- فلتكن ياعام عام الانتصار
- الذكرى 67 لاستقلال السودان
- مليونية 30 ديسمبر: التحدي وتجاوز القمع
- رغم القمع الثوار يصلون القصر مجددا
- التطور التاريخي للدولة
- مليونية 25 ديسمبر وضرورة التصدي للانتهاكات
- ارادة الشعب لا غالب لها من اقتحام القصر للنصر
- مليونية 19 ديسمبر الثروة ثروة شعب
- في ذكراها الثالثة الثورة تزداد وهجا
- عرض الكتب: الهوّية والصراع الاجتماعي في السودان
- مليونية 6 ديسمبر ترفض التدخل الدولي
- مليونية 30 نوفمبر نقطة تحول مهمة للنصر
- الذكرى الثانية والستون لاتفاقية مياه النيل 1959م
- ملحمة 25 نوفمبر ثورة حتى النصر
- مليونية 21 نوفمبر ترفض اتفاق البرهان حمدوك
- وانكشف القناع عن الحركات المسلحة


المزيد.....




- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - تاج السر عثمان - الصراع حول الأرض في السودان(2)