أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - مارينا موسى رزق - التحرش الجنسي في السينما، فيلم -سبوتلايت-















المزيد.....

التحرش الجنسي في السينما، فيلم -سبوتلايت-


مارينا موسى رزق

الحوار المتمدن-العدد: 7132 - 2022 / 1 / 10 - 22:20
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


تناولت السينما قضية التحرش الجنسي من جوانب عديدة، في أفلامٍ تتفاوت درجة جدّيتها في بحث هذا الموضوع.
ومن أهم هذه الأفلام فيلم "سبوتلايت" وهو من إنتاج عام 2015، يرتكزُ على قِصّة واقعية (واستُخْدِمَت فيه الأسماء الحقيقية)، ويدورُ حول فريق مشهور للتحقيقات الصُحفية في الولايات المتحدة، وهو فريقُ"سبوتلايت" في جريدة "بوسطن غلوب" الفريق الذي نال جائزة بوليتزر للصحافة لعام 2003 في مجال الخدمة العامة. تأخذ تحقيقات الفريق الصيغة نفسها كلّ مرة وهي العمل الجادّ لأشهر عديدة في البحث وإجراء المقابلات والكتابة دون البَدء بالنشر قبل استكمال الموضوع.
موضوعُ تحقيقاتِ الفريق هذه المرة هو موضوع التحرُّش الجنسي بالأطفال في منطقة بوسطن من قبل عدد كبير من الكهنة الكاثوليك.
نلاحظُ في سياق الفيلم أنّ موضوع التحرُّش الجنسي قد سبق ذِكره في الجريدة نفسها بشكل خبرٍ عابر ...كما نفهم كذلك أن وثائقاً تبحث في نفس الموضوع قد وصلت إلى الجريدة قبلاً ولم يتمّ التعامل معها بالجدّية المطلوبة.
وأولُ سؤالٍ يُسأل كلّ مرةٍ يُطرح فيها الموضوع: أتريدُ أن تقاضيَ الكنيسة؟ وجزءٌ من خطورة هذا السؤال تنبع من كون 53 بالمائة من المشتركين في الجريدة كاثوليك، فهل سيقبلون التهجم على كنيسَتهم من قِبَل الصحيفة؟

كلّما تعمّقَ الفريق في بحثه نكتشف أن قضيةَالتحرُّش الجنسي بالأطفال داخل الكنيسة ليست بالقضية المجهولة بالنسبة لكثيرين في بوسطن وقتها ... فكُثُرٌ يعلمون بها ...و لا أحد يرغب في إثارة موضوعها!!!
هذا هو أكثر ما يُرعب في هذه القصة، أنّ الناس كانت تعرف!كانوا يعرفون واهتموا بإخفاءِ الأمر للحفاظ على سمعة الكنيسة، ولم يهتموا بالضحايا!!! كانوا يعلمون وتركوا ذلك يحدث!
هناك جملةٌ مرعبة تُقال في سياق الحديث عن معرفة الناس لِمَا كان يحدث، وهي مقتبسة من مَثَل أفريقي مشهور مفاده: لكي تربّي طفلاً لا تحتاج فقط إلى عائلة بل إلى قرية.
وفي الفيلم تُستخدم الجملة بالطريقة الآتية: إن كنّا نحتاجُ قرية لنربِيَ طفلاً، فإننا نحتاج أيضاً قريةً كي نسيءَ إليه ونؤذيَه.

يدورُ أولُ مشهدٍ للفيلم في مركز شرطة،عام 1978،حيث نرى شرطييِّن يتباحثان حول اعتقالِ الكاهن "جون غيغان" بتهمة التحرُّش الجنسي. ونرى مسؤولاً كنسياً برتبة عالية يحادث والدة الطفل، بينما يدخل مساعد المدعّي العام ويأمر الشرطيين بإبعاد الصحافة عن القصة. يتمّ إطلاق سراح الكاهن ويُكتَم الخبر!
ننتقل إلى عام 2001، عندما يبدأ طرحُ موضوع التحرُّش الجنسي داخل جريدة "بوسطن غلوب" وفي فريق "سبوتلايت" بوصول محرر جديد هو "مارتي بارون" ... يثير الموضوع من خلال قراءته مقالة عن محامي اسمه "ميتشل غاربنديان"يقول إنّ رئيسَ أساقفة بوسطن الكاردينال "بيرنارد لو"كان يعلم أن الكاهن "جون غيغان" تحرش جنسياً بأطفالٍ كُثُر لكنه لم يفعل شيئاً لإيقافه.
يطلب المحرر من فريق سبوتلايت العمل على تحرّي الموضوع وسط رفض الفريق ، بدايةً، العمل على موضوعٍ قذرٍ كهذا.... أما المحامي "غاربنديان" فلا يريد الكلام، لكنّه عندما يتكلم يعطي تفاصيل مرعبة مثل قيمة التعويض الذي يُعطى من قِبَل الكنيسة عند انكشاف أمر التحرُّش، وكان بقيمة 20 ألف دولار للطفل الواحد! يقول "غاربنديان" للصحفي الذي يتصل به: الزمن ليس في صالح الصحافة، زمن الكنيسة يُقاس بالقرون فماذا عنكم؟
كان الفريق يظن في البداية أنه يحقّق في جرائم كاهن واحد، لكن اتصال الفريق بمنظمة صغيرة تضم 10 أشخاص فقط واسمها "شبكة الناجين من اعتداء الكهنة"ويرأسها "فيل سافيانو" (وهو أحد هؤلاء الضحايا الناجين) هذا الاتصال وسّع دائرة بحث الفريق لتشمل ضحايا 13 كاهناً!
تتسع الدائرة بسرعة وسط ذهول الفريق الصحفي المُحَقِّق. فبالاتصال بكاهن سابق هو في الوقت نفسه معالجٌ نفسي كان يعمل في "مركز الرعاية"، نعلم أن هذا المركز جُعِلَ لاستقبال الكهنة المتحرشين بالأطفال لفترة تلي انكشاف أمرهم، تحت اسم "إجازة مرضيّة". هذا الكاهن والمعالج النفسي يطرح نسبةً للكهنة المتحرشين حسب خبرته ورأيه العلمي وهذه النسبة تعادل 6% من تعداد الكهنة في منطقة بوسطن!
يعود الفريق إلى سجلاّت الكنيسة ويحصي الكهنة الذين اختفوا لفترات مختلفة تحت اسم "إجازة مرضيّة"، فَيَصِلُ عددهم إلى 87 كاهناً! ويتضح أن الكاهن المتحرِّش كان يُنقَلُ إلى رعيّة أخرى بعد انكشاف أمره. مثلاً الكاهن "جون غيغان" الذي بدأت القصة بِهِ نُقِل 6 مرات وكانت حصيلة ضحاياه النهائية 130 ضحية بين عملية اغتصاب أو تحرش جنسي، طوال 30 سنة في كلّ الرعايا التي عمل فيها.

الضحايا في هذا الفيلم هم كالضحايا في الواقع، مرضى، ملوثون بالإدمان وشتى الاضطرابات النفسيّة الأخرى... وليسوا بجذَّابين أبداً. هم من عائلات عانتْ من مشاكل خطيرة عندما كانوا صغاراً فكانوا هشّين تماماً في مواجهة اعتداء المتحرش (كان الكهنة المتحرشين يختارون ضحاياهم في ضوء معرفتهم ككهنة بمشاكل العائلات في رعيتهم)، وحيدين في ظلّ غياب أهلهم لسببٍ أو لآخر...صامتين كما هي القبور التي صارت مساكناً لكثيرٍ منهم.
مثل "باتريك"، الذي يقابله الصحفي عند المحامي"غاربنديان": "كان عمري 12 سنة، أبي انتحر وأمي مريضة فصاميّة. علم "غيغان" بقصة انتحار والدي من أختي، وكانت أمي سعيدة عندما زارنا وكأن الله نفسه قد أتى إلى بيتنا. أخذني لنأكل بوظة، وبدأ يلامس ساقيّ وصَعَدَتْ يدُه حتى القضيب فأمسك به. تجمدتُ تماماً ... كنتُ صغيراً، ذابت البوظة أمام عينيّ ولم آكلها. "
عندما نهض "باتريك" لينصرف لاحظ الصحفي علامات إبر المخدرات على ذراعه... لكنّ "غاربنديان" قال للصحفي: "باتريك محظوظ لأنّه ما زال حيّاً".
ومثل "جون"، عضو منظمة الضحايا الذي يقول للصحفية: "دعاني الأب ستانلي وهو كاهن يخدم في الشارع إلى بيته، انتبه أنّ لديّ ميول جنسية مثلية، وقال لي يمكنك أن تكون هكذا ولا مشكلة في ذلك، ثم أراني كلمات جنسية بذيئة على هاتفه وارتعبت. خلع ملابسه وقال لي أنّه مكتئب وأنني أستطيع أن أفرحه إن قمت بتحريض عضوه بفمي.... هكذا تعرّفتُ على الجنس في طفولتي."
وكما قال "فيل سافيانو" رئيس منظمة الضحايا: "عندما تكون طفلاً من بيئة فقيرة ثم يبدأ الكاهن الاهتمام بك فهذا أمرٌ كبيرٌ جداً في حياتك.. كيف ستقول لا لله؟؟؟ وستحسّ بسرعة أنك محاصرٌ..".

سِجلاتُ الشكاوى التي رفعها الأهل إلى القانون قد اختفت، كما اختفت محاضر جلسات التحقيق...وكلّ ضحيّة قَبلَتْ التعويض نتيجةَ وساطة الكاردينال وقّعت تنازلاً عن حقوقها. وكما قال باتريك للصحفي: "الكاردينال أتى إلى بيتنا وطلب ألا نرفع دعوى" سأله الصحفي: "وأمك، ماذا فعلت؟" "أمي قدمت له الكعك".

لم يكن هدف الفريق الصحفي المحقِّق فضح الكهنة المتحرشين وحسب، بل فضح تستُّر المؤسسة الكَنَسية عليهم،وتواطئها معهم، ورفضها لمسؤولياتها تجاه الأطفال الضحايا، فكأن هؤلاء ليس لهم أيّة أهمية على الاطلاق. وكأن الرعاة بدل أن يرعوا قطيعهم الصغير ويبذلوا حياتهم من أجله... صار يحقّ لهم استخدامه لإرضاء لذّاتهم المريضة، أما تعذيب هؤلاء الصغار وتخريب أجسادهم ومستقبلهم أو حتى قتلهم فأمرٌ لا أهميةَ له عندهم!!!
لذلك قدّم الفريق التماساً للقضاء برفع الحظر عن الوثائق الخاصة بتحرش الكهنة بالأطفال. ونجح الفريق في إقناع العدالة بتحرير الوثائق وطرحها بشكل علني وذلك على يد قاضية كاثوليكية دون غيرها.
هذه القاضية أعادت لقلوبنا جزءاً من الإيمان أن هناك من يهتم للصغير والضعيف والمسكين، وسط كثيرين لا يهمهم من أمره شيئاً ما دام أولادهم هم بخير. وماذا يهمّهم من أولاد الناس المساكين؟؟؟
استقال الكاردينال "بيرنارد لو" عام 2002 على خلفية الاتهامات التي وجهت له.أما عدد الكهنة المتحرشين فقد وصل إلى 240 كاهناً في منطقة بوسطن وحدها.
فور نشر الملف في الصحيفة نرى صحفيّي قسم التحقيق "سبوتلايت" يردون على مئات والاف الهواتف من ضحايا آخرين للكهنة المتحرشين. كُشف الغطاء عن 600 قصة تحرش كُتِب عنها خلال السنة الأولى بعد نشر ملف التحرُّش. مثل قضية رجل بعمر 86 سنة، تعرض للتحرش من قِبَل كاهن كنيسته بعمر 12 سنة ولم يبُحْ بكلمة لأحد قبل اتصاله بالصحيفة!

المشهد الأخير مرعبٌ، فالصحيفة كلّها تغرق في الصمت، إلا في قسم "سبوتلايت"حيث لا يتوقف رنين الهواتف.. هواتف الضحايا...
الضحايا الذين وجدوا من يسمعهم ... أو يسمع من بقي على قيد الحياة منهم.....
الضحايا وجدوا صوتهم.



#مارينا_موسى_رزق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة لرواية -التليدة-
- التنمّر عند الأطفال
- التفاوض والتربية
- طفلٌ يحضن و طفلٌ يشفي ..لكن متى سيلعب؟؟


المزيد.....




- السعودية.. شجاعة العنزي بفيديو اصطدامه بسيارة بطريقها لدهس ط ...
- السعودية.. فيديو لشخص يتضمن إيحاءات جنسية يثير تفاعلا والداخ ...
- روسيا تدعم منظومة Gonets بأقمار صناعية جديدة
- تعرّض صحفي إيراني معارض للطعن في لندن
- بيونغ يانغ تحذر من انبعاث جديد لأشباح الجيش الإمبراطوري اليا ...
- البابا فرنسيس يلغي مشاركته بمراسم -درب الصليب- في اللحظة الأ ...
- حملة بايدن تطلق إعلانا تلفزيونيا يستهدف جذب الجمهوريين المعت ...
- واشنطن تعلن قيودا جديدة على التأشيرات لمسؤولين سوريين
- روسيا تحبط هجوما بقنبلة جنوب البلاد وتعتقل 3 أشخاص
- الدّراما المصريّة.. الماضي المَليح والحاضر القبيح


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - مارينا موسى رزق - التحرش الجنسي في السينما، فيلم -سبوتلايت-