أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مارينا موسى رزق - قراءة لرواية -التليدة-














المزيد.....

قراءة لرواية -التليدة-


مارينا موسى رزق

الحوار المتمدن-العدد: 6803 - 2021 / 2 / 1 - 00:39
المحور: الادب والفن
    


لكاتبتها د.سناء الركابي، صيدلانية وأستاذة جامعية

تقع الرواية في 247 صفحة من القطْع الصغير وهي منشورة حالياً في نسخةِ إلكترونية.
والرواية، على ما يبدو، هي الجزء الأول من سلسلة روايات بعنوان "صندوق الحكايا"

الروايةُ آسرةٌ كدمشق ....خاصةً لعشاق تلك المدينة الأزلية، ومن اغترب عنها... فهكذا شاءت أقدارُ الغربة أن تبقى دمشق حيةً في قلوب المغتربين عنها، فلا يجد واحدهم مفراً من الحديث عنها لمستمعيه، أو كتابة قصصها لقرّائه، أو طبخ أطباقها لمتذوقّي طعامه.

كلمة "التليدة" تعني: المرأة سليلة العائلة العريقة الأصيلة.
تحكي الرواية قصة أسرة دمشقيّة عريقة ذات أصولٍ تركية وكردية، أفرادها مثقفون، ذكوراً وإناثاً، متصلون بأسرٍ دمشقيةٍ معروفةٍ. ذكور العائلة مقرّبون من الدولة العليّة ويعملون في مهن تتصل بالجيش أو بالسياسة، كما هو المعهود في تلك الفترة في العائلات الكبيرة.
الخلفية التاريخية للرواية مدروسة ومسجّلة بدقة المؤرخ، تحمل معلوماتٍ مفيدةٍ في متابعة الأحداث، أو فهم تاريخ الفترة المسجّلة. تنقل تلك المعلومات حزن ابن بلاد الشام نتيجة الكوارث المتتالية التي عاشتها بلاده وقتها، وتعيشها اليوم أو تعيش عواقبها. "يكفي شكري العسلي فخراً أنه أجبرَ جاويد بك وزير مالية الحكومة المركزية على الاستقالة بعد أن فضح تورطَه في بيع الأراضي الفلسطينية للصهاينة" "أنا في الواقع قلقً على مصير الموقوفين يا أمي، خاصةً شكري العسلي وعمر الجزائري".
ترحل الكاتبة في الرواية من زمنٍ إلى زمن، بسلاسةٍ وأناقةٍ، فتبدؤها في ستينات القرن العشرين وتعود إلى الفترة بين 1910-1920... فتجد نفسَك تتبع الحفيدة وهي تتفرَج على صورٍ قديمةٍ كلّما زارت بيت جدتها "فاضلة" "ستنا الشريفة"... فترحل معها، عبر الصور، إلى شباب تلك الجدة.
تدخل معهّن بيتهنّ الدمشقي الساحر...أحد بيوت ساروجا، فتكاد ترى بعينيك تفاصيله البديعة... من أشجار "أرض الديار" إلى ستائر "الآعة" أي القاعة، إلى نمنمة الحفر الخشبي على خصّ النوافذ.
العين التي ترى هي عينٌ أنثوية تراقب عادات أهل ذاك البيت في تسلسلها اليوميّ، وتسمح لنا بفهم تصرفاتهم. تشرح العلاقات المعقّدة بين السادة والخدم، وتفصّل موقع العبيد. تسهب في وصف الأثاث وطرق التنظيف، وفي رسم الثياب بألوانها وتطريز حوافها وأساليب وكلفة خياطتها، وحتى في وصف محتويات حقيبة يدٍ نسائيةٍ. كلّ ذلك يمنح الرواية غنىً تتميز به كتابات الكاتبات الإناث، وتنقل روحهنّ الدمشقيّة الأنثويّة العذبة. "جدّلوا شعرها في ذلك اليوم بخيوط ذهبية ورفعوه بأمشاط ثلاثة من الذهب الخالص تحمل طيوراً هزّازة معشقة بالمينا والحجارة الكريمة"... "أسياخ من اللحمة المشوية متبّلة بالكزبرة المدقوقة مع البصل والمدعوكة بدبس الرمان والبهار"... وزغاريد المربية العجوز ترتجلها وهي تمشط شعر الفتاة "أوها يا حورية يا شمسة.. يا غاطسة بالدهب غطسة"...
العائلة تتمتع بروحٍ منفتحة إلى حدّ كبير، انفتاحاً يسمح للبنات بالدراسة في المنزل والحصول على شهادة "السرتفيكا" وقراءة مجلة كمجلة "العروس"، ويجعل "وجيه" يفتح صالوناً ثقافياً لمعارفه... "يأتي أصحابنا المقربون بصحبة زوجاتهم أو أخواتهم وأحياناً ضيوفهم. نُمضي وإيّاهم أمسيات هادئة نتبادل فيها أخبارالأدب والفن والفلسفة ونستمع فيها لنوادر تاريخية أو طُرَف عائلية".
الدين في هذه العائلة لا يمارس تسلطاً على أفرادها بل نراه في عذوبته في خلال "قراءة الوِرد" تقوم بها "حورية" على مسامع مربييتها، وفي نَفَس "محمود" الصوفي، وفي زيارة ضريح الشيخ محي الدين... وفي هتاف القلب "يا لروعة الخالق وبهاء صنعه" ...
قصص الحبّ التي تزخر بها الرواية...صف بأبطالها فتزعزع أعمارهم وتمنحهم هالة أبطال قصص الحبّ الأسطورية. نرقب فيها كيف تنتقل رسائل الحبّ بين المحبّين، وكيف تُعاش معاناته في ذلك الزمن وتلك البيئة. "أحبّ فطائر الجبن، وفطائر الزعتر الجبلي خارجة لتوها من الفرن ملدوعة الأطراف كما قلبي الذي لدعه فراق الحبيب".
ونرى القدَر يفرّق أبطالَ الرواية أو يجمعهم، ويرسم مصائرهم المحتومة دون رحمة. ولاعجب فمصائرً أولئك الأبطال هي في أغلبها نتيجةٌ حتميّةٌ لمصائر بلادهم في الفرح والحرب والوباء والموت والفقد والتشرد والخيانة... . تهزّ كيانك "حوريةّ" الجميلة وهي تُعلن احتجاجَها بالانقطاع عن الطعام، و"نظيرة" ترفض موت ابنتها وتزورها لتحدّثها في غرفتها الفارغة! و"فاضلة" تبكي مولودها، و"خليل" تُحرَق يداه.... و"آمنة" تعيش عبوديتها باستسلام... ":دادا كيف احتمَلَ قلبك كلَّ هذا العذاب؟ ... : يبلي ويعين يا ابنتي"...
أليس هذا لسان حال دمشق؟ في هذه الرواية وفي الواقع أيضاً "يبلي ويعين"
وآخرُ الكلامِ ما قالتْهُ الحفيدة عن جدَّتها ...
"آه لو تعلمْ ما آلتْ إليه دمشق"



#مارينا_موسى_رزق (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التنمّر عند الأطفال
- التفاوض والتربية
- طفلٌ يحضن و طفلٌ يشفي ..لكن متى سيلعب؟؟


المزيد.....




- أخيرًا.. وزارة التعليم تُعلن موعد امتحانات الدبلومات الفنية ...
- فيلم -Eddington- المثير للجدل سياسيًا بأمريكا يُشعل مهرجان ك ...
- وزيرة الثقافة الروسية لم تتمكن من حضور حفل تنصيب البابا
- مخرج فلسطيني: الفن كشف جرائم إسرائيل فبات الفنانون أهدافا لج ...
- لوحة سعرها 13.2 مليون دولار تحطم الرقم القياسي لأغلى عمل لفن ...
- كفى!
- وداعًا أيها السلاح: لو عاد همنغواي حياً ماذا كان سيكتب؟
- -بوذا يقفز فوق الجدار-.. لهذا السبب ترجمة أسماء الأطعمة الصي ...
- مصر.. قرار قضائي بحق فنانة شهيرة في أزمة سب وقذف طليقها
- من هارلم إلى غزة.. مالكوم إكس حي في كلمات إبرام كيندي


المزيد.....

- اقنعة / خيرالله قاسم المالكي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مارينا موسى رزق - قراءة لرواية -التليدة-