أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عليان الهندي - أي مستقبل لقطاع غزة ؟















المزيد.....



أي مستقبل لقطاع غزة ؟


عليان الهندي

الحوار المتمدن-العدد: 7114 - 2021 / 12 / 22 - 12:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



قطاع غزة - أي مستقبل ؟

مقدمة
عبر التاريخ، لم تشكل غزة والمدن المجاورة لها في الساحل الجنوبي لفلسطين مثل عسقلان واسدود ورفح وخان يونس أي أزمة لسكانها وحكامها ومحيطها، كما هو الحال منذ نكبة فلسطين التي وقعت عام 1948، وإقامة دولة إسرائيل، التي تسبب قيامها بتشريد شعبها، وببروز أزمات وطنية واقتصادية وديمغرافية واجتماعية طاحنة، للفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم، بما في ذلك قطاع غزة الذي أنشأ بفعل النكبة، الذي ذكرت بخصوصه تقارير الأمم المتحدة أنه لن يكون صالحا للحياة البشرية بعد عام 2020.
بعد نكسة حزيران واحتلال ما تبقى من فلسطين (الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية) انشغل الشعب الفلسطيني، وفي مقدمته منظمة التحرير الفلسطينية، ودولة الاحتلال الإسرائيلي في البحث عن مستقبل هاتين المنطقتين بمعزل عن مستقبل بقية المناطق الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل عام 1948.
لكن مستقبل قطاع غزة، وبعد الفشل في ضمه لدولة الاحتلال الإسرائيلي، احتل مكانة خاصة في الحوار الإسرائيلي الداخلي، ومع الدول الاقليمية والمجتمع الدولي، في محاولة منها إيجاد حلول سياسية منفردة للقطاع وسكانه بمعزل عن القضية الفلسطينية وعن الضفة الغربية، الذي تمثل في نهاية المطاف بالفصل أحادي الجانب والحصار الخانق.
ومع انتهاء الفصل أحادي الجانب، وسيطرة حماس بعد انقلابها على السلطة الوطنية الفلسطينية، بدأ فصل جديد من الحديث عن مستقبل قطاع غزة، تخلله أربعة عمليات عسكرية كبيرة، ومئات الاعتداءات العسكرية مخلفة وراءها الاف الشهداء وعشرات آلاف الجرحى وتدمير شبه شامل للبنى التحتية.
لذلك تستعرض الدراسة الحالية، مواقف ورؤية الأطراف الفلسطينية (منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس) المصرية والإسرائيلية من مسألة مستقبل قطاع غزة. وهي أكثر الأطراف قدرة على تحديد مستقبل القطاع، باستثناء الجانب الفلسطيني، الذي يرسم جزءا مهما من سياسته وفق رد الفعل.
في السياق المذكور، لن تتطرق الدراسة لموقف الولايات المتحدة الأميركية من مستقبل قطاع غزة، رغم أهميته، كونها توافق على ما يتفق عليه الطرفان (الفلسطيني والإسرائيلي) في كل ما يتعلق بحل القضية الفلسطينية. إضافة إلى أن المواقف الأميركية من قطاع غزة ،بما في ذلك مواقف إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، ظلت ترى مسألة مستقبل القطاع في إطار حل يشمل الضفة الغربية.
كذلك الأمر ينطبق على موقف الاتحاد الأوروبي، الذي رفض رؤسائه مستقبلا مستقلا لقطاع غزة عن الضفة الغربية، مترجما ذلك برفضه ،بناءا على طلب إسرائيلي، تمويل إقامة جزيرة قرب شواطئ غزة خشية تسرب المتسللين من قطاع غزة إلى أوروبا في أية أزمات مستقبلية مع إسرائيل، أو مواجهة أزمات داخلية.
كذلك لا بد من الإشارة، إلا أن الكثير من الدراسات والابحاث والمقالات والمشاريع نشرت خلال العقدين الماضيين حول قطاع غزة، والورقة الحالية مساهمة إضافية في الحديث الذي ما زال يشغل الفلسطينيين أينما كانت أماكن تواجدهم.



قطاع غزة

النشأة
شارك مندوبون عن الحركة الصهيونية في المفاوضات التي أجرتها بريطانيا مع مصر والأردن (الواقعتين تحت الاحتلال البريطاني) ولبنان وسوريا (المحتلتين من قبل فرنسا)، في ترسيم حدود فلسطين التاريخية التي احتلتها عام 1917، وفرضت عليها انتدابا ،بقرار من عصبة الأمم، عام 1922 .
ونتيجة لهذا الترسيم، ظلت المنطقة الممتدة من مدينة غزة حتى مدينة رفح جزءا من فلسطين حتى عام 1948، عندما احتلت القوات الصهيونية، ومن بعدها دولة إسرائيل أكثر من ثلاثة أرباع فلسطين، مستثنية ما أصبح يعرف منذ ذلك الوقت بالضفة الغربية وقطاع غزة، الذي نشأ نتيجة وقف إطلاق النار مع القوات المصرية التي تواجدت حينها في تلك المنطقة .
نتيجة ذلك، أصبحت خطوط وقف إطلاق النار بين مصر وإسرائيل هي حدود قطاع غزة، التي رسمت في الخرائط الإسرائيلية فقط. لكن، خلال المفاوضات بين الجانبين (المصري والإسرائيلي) ،برعاية الأمم المتحدة، اتفقا على ايجاد منطقة فاصلة بين قواتهما، انسحبت بموجبها القوات المصرية إلى خطوط وقف نار جديدة. مقابل تقديم إسرائيل أراضي سبق أن احتلتها خلال الحرب من منطقة رفح الفلسطينية.
بعد ذلك، نشأ ما أصبح يعرف اليوم بقطاع غزة ،نسبة إلى أكبر مدنه غزة، وهو شريط ضيق يبدأ من بيت لاهيا في الشمال حتى رفح في الجنوب الغربي لجمهورية مصر العربية. وتحيط فيه إسرائيل من الشمال والشرق، في حين يطل عليه البحر الأبيض المتوسط من الغرب.
تبلغ مساحته 365 كيلو متر، بطول يصل إلى 36 كيلوميتر وعرض يصل من 5.5 كيلو ميتر في أضيق الأماكن، وإلى 12.5 كيلو متر في منطقة رفح، ويشكل 1.3 من مساحة فلسطين الانتدابية.
رغم ذلك، ورغم عزله وإبعاده عن دوره ومكانته التاريخية، ظل موقع قطاع غزة يحتل أهمية أمنية كبيرة بعد عام 1948، نظرا لامتداده لـ 36 كيلو ميتر داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي، معززا بذلك فقدانها العمق الاستراتيجي الذي تحتاجه كل دول العالم تقريبا.

السكان والاقتصاد
تشير المعطيات الصادرة عن المركز الفلسطيني للاحصاء أن عدد عدد سكان قطاع غزة وصل إلى 2.1 مليون نسمة عام 2021، مع نسبة نمو سنوية تصل إلى 3.8%، موزعين على مساحة صغيرة جدا من الأرض تصل مساحتها إلى 365 كم، يحصل فيها كل 5754 نسمة على كيلو ميتر مربع واحد، ما يعني أن قطاع غزة أكثر منطقة مكتظة في العالم، يحصل فيها الفرد من الأرض على أقل من 200 ميتر مربع شامل الخدمات .
في المجال الاقتصادي، ادى احتلال فلسطين إلى تدمير اقتصاد قطاع غزة محولا إياه إلى معسكر إغاثة كبير نتيجة انتشار مخيمات اللاجئين الفلسطينيين فيه، ما تسبب في بروز اقتصاد خاص بالقطاع تكون من: أموال ومساعدات قدمتها وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" وعلى الزراعة وصيد الاسماك وتنقل البشر والبضائع وبعض التحويلات الخارجية. وبعد عام 1967 واحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة، قطع الشريان الاقتصادي الضعيف أصلا مع الدول العربية، وحل مكانه السوق الإسرائيلي، الذي أعاد تشكيل اقتصاد القطاع وفق احتياجاته، وليس وفق احتياجات السكان، بحيث أصبح اقتصاد القطاع يعتمد على الضرائب والعمل داخل إسرائيل وعلى تحويلات المغتربين وعلى بعض الصناعات الخفيفة. وبعد إنشاء السلطة الوطنية أضيفت الخدمات العامة والوظيفة العمومية والتجارة الخارجية والاتصالات.
بعد الحصار الخانق والدمار الذي لحق بقطاع غزة واقتصاده خلال العقدين الماضيين، عاد الاقتصاد الغزاوي إلى الاعتماد على الإغاثة الدائمة، وتشير معطيات الدخل العام خلال الاعوام الماضية، أن الدخل السنوي لقطاع غزة وصل إلى ما يقارب من 3.4 مليارد دولار، يأتي معظمها من الوظيفة العمومية ومن المساعدات التي تقدمها إمارة قطر (ما يقارب من 500 مليون دولار سنويا) ومن تشغيل وكالة الغوث في قطاع غزة والخدمات الاغاثية التي تقدمها، وبمستوى ضعيف جدا من العمالة داخل إسرائيل. ما يعني أن اقتصاد قطاع غزة، يعتمد بالأساس على المساعدات الخارجية، التي لولاها لانهار القطاع واقتصاده بشكل كامل.
إضافة لذلك، يعاني قطاع غزة من شح المياه، الضرورية للشرب وللتنمية الاقتصادية، حيث تشير التقارير الدولية، أن المياه في القطاع لن تكون صالحة للشرب مع بداية القرن الحالي، وأقرت بحاجته إلى 260 مليون ميتر مكعب من المياه سنويا، وهي في زيادة مستمرة سنويا نتيجة النمو الديمغرافي.
كما عانى اقتصاد القطاع، من انعدام البنى التحتية الأساسية مثل الأراضي الكهرباء والاستثمارات. ولا يوجد فيه منطقة صناعية مستقلة إسوة بباقي دول العالم. والمنطقة الصناعية الوحيدة موجودة في الشق الإسرائيلي من حاجز إيرز الذي يعمل فيه العمال الفلسطينيين بشكل متقطع منذ بداية الانتفاضة الثانية.
نتيجة للأوضاع المذكورة أعلاه، تحطمت البنى التحتية المتهالكة أصلا، ومعها بقايا التعاملات التجارية والاقتصادية والصناعية والزراعية، التي أدت إلى بطالة تصل نسبتها إلى 52% خلال الاعوام الماضية، وإلى حصول أكثر من 70% من الأسر الغزاوية على مساعدات طارئة ودائمة لاستمرار الحياة فقط .
نتيجة للمعطيات المذكورة، وللسياسات الإسرائيلية الهادفة لعزلة عن القضية الفلسطينية، وحالة الانقسام التي تدفع بقوة نحو الانفصال، لا يتوقع مختلف الخبراء أي مستقبل لقطاع غزة من الناحية الاقتصادية، حتى لو توفر الهدوء، لسببين بسيطين جدا هما :صغر مساحته والنمو السكاني الهائل، الذي يضاعف نفسه مرة كل 15 عاما مرة وفق المعطيات الفلسطينية، وهي معطيات لا تبشر بأي نمو اقتصادي مستقبلا. وحسب رأي معظم الخبراء ستظل الصورة المذكورة، مرافقة للأوضاع الاقتصادية المتهالكة لقطاع غزة اليوم ومستقبلا. ومن شأن وقف المساعدات تحت أي ظرف من الظروف أو لأسباب معينة، أن تحول المنطقة الأكثر اكتظاظا، لأكبر منطقة إغاثة غذائية دائمة في العالم، وإلى حالة من الفوضى.

الهدف الفلسطيني
تغير الهدف الفلسطيني الذي رأى بقطاع غزة جزءا من كل فلسطين الانتدابية، وأن الحل والمستقبل بخصوصه يكون في إطار الدولة الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني. رغم ذلك ظلت الرؤية الفلسطينية موحدة، ترى بالقطاع جزءا من المناطق المحتلة عام 1967، وبالتالي ما يسري على الضفة الغربية والقدس يسري عليه، أي أن الدولة الفلسطينية المستقبلية، ستكون على المناطق الثلاث المذكورة.
مع ذلك، أوجد الانفصال الإسرائيلي أحادي الجانب من قطاع غزة تحديا إضافيا، تطلب من الجانب الفلسطيني التعامل مع القطاع من ناحية عملية، خاصة من قبل حركة حماس التي انقلبت على السلطة الوطنية الفلسطينية، وبدات بالتفاوض والحديث عن واقع ومستقبل قطاع غزة بمعزل عن الضفة الغربية والقدس تحت شعار "رفع الحصار عن قطاع غزة"، ما شجع دولة الاحتلال الإسرائيلي على مواصلة استراتيجيتها المنفردة لهذه المنطقة.

الهدف الإسرائيلي
تغيرت النظرة الإسرائيلية المستقبلية لقطاع غزة، فبعد أن كانت تطالب بضمه للدولة العبرية، انفصلت عنه، ورفضت بأي شكل من الاشكال استعادته حتى لو كان لأسباب أمنية، خشية تحمل تبعاته العسكرية والاقتصادية، أو إعادة دمجه مع الضفة التي كان الانفصال أحد أعمدة سياساتها الأساسية. وفي السياق المذكور، ترفض دولة الاحتلال إعادة مليونا فلسطيني لدولة إسرائيل لأن الصراع معهم ،في المنطقة الواقعة بين البحر والنهر، هو صراع ديموغرافي في أحد أوجهه الأساسية . ولعدم حدوث أزمات إنسانية وحدوث فراغ سلطوي، تحرص إسرائيل على بقاء سلطة حماس في غزة، خوفا من تسلم السيطرة على القطاع من الجهات الأكثر تطرفا في الساحة الفلسطينية وحركة الجهاد المقربة من إيران.

المواقف المختلفة من مستقبل قطاع غزة

الموقف الإسرائيلي
ضم واضحك
وفق الرواية الدينية التوراتية المزورة اعتبر قطاع غزة جزء من أرض إسرائيل التي تمتد من البحر حتى النهر. وبدأت علاقة اليهود بقطاع غزة، عندما لاحق يهوشع ملوك وجنود الأموريين، وخوفا من عدم اللحاق بهم والانتصار عليهم، نتيجة حلول الظلام الذي يمكنهم من الاختباء والهرب لمعرفتهم بالمكان، أمر يهوشع الشمس بعدم الغياب والقمر بإضاءة ظهور الجبال، من أجل تحقيق النصر على الاموريين . لذلك حرص أعضاء من الحركة الصهيونية في مشاركة اللجنة البريطانية التي ساهمت في وضع الحدود بين فلسطين الانتدابية والدول العربية.
وخلال المفاوضات للتوقيع على اتفاقية الهدنة طالبت إسرائيل بضم قطاع غزة مع سكانه لدولة إسرائيل، مقابل منح مصر طريق بري بين الاردن ومصر . وتأكيدا على موقفها المطالب بضم القطاع لدولة إسرائيل وافقت في مؤتمر لوزان الذي عقد عام 1949 على المقترح الأميركي-الدولي بضم غزة ومنح سكانه الجنسية الإسرائيلية وإعادة توطين اللاجئين في أراضيهم التي طردوا منها، وتعويض مصر عن القطاع بمناطق مماثلة من حيث المساحة في النقب الجنوبي .
وخلال العدوان الثلاثي ،الذي اشتركت فيه بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، على جمهورية مصر العربية عام 1956، احتلت الدولة العبرية قطاع غزة ورفضت الخروج منه لمدة خمسة أشهر بدعوى أن القطاع جزء من دولة إسرائيل الانتدابية، وأجرت محادثات مع الولايات المتحدة بهذا الخصوص، لكنه أجبرت في نهاية المطاف على الانسحاب الكامل منه . وخلال وجودها في القطاع، وضع ديان أسس الاستيطان اليهودي، حين أنشأ بؤرتين استيطانيتين واحدة في العريش والثانية في رفح، متأملا البقاء هناك من خلال خلق الحقائق .
بعد احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة ومدينة القدس عام 1967، وخلال المشاورات داخل الحكومة الإسرائيلية، التي امتدت أشهر، لبحث الحلول حول مستقبل المناطق المحتلة، اعلنت إسرائيل أنها لن تعيد قطاع غزة لمصر، وستعمل على إخلاء السكان منه ،خاصة اللاجئين، وتوطينهم في عدة مناطق مثل غور الأردن والعراق والبرازيل التي تحدثت فيها المصادر الإسرائيلية عن اجتماع عقد مع السفير البرازيلي طلبت منه إسرائيل نقل مطلب استيعاب اللاجئين من القطاع والضفة الغربية هناك، حيث وعد السفير بنقل الطلب إلى حكومته، التي لم ترد عليه، وفي شبه جزيرة سيناء وهي المكان المفضل إسرائيليا لتوطين اللاجئين الفلسطينيين من قطاع غزة فيه. ووصل الأمرحدا دفع برئيس الحكومة الإسرائيلية حينها ليفي أشكول إلى طرح إمكانية تقليل ضخ المياه إلى غزة لقتل الزراعة فيه وتقليل مياه الشرب لدفع السكان إلى الهجرة .
وفي النصف الثاني من سبعينيات القرن العشرين، وخلال المفاوضات المصرية-الإسرائيلية على إقامة حكم ذاتي للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، ظلت مصر على موقفها الرافض لضم القطاع لجمهورية مصر العربية، في حين لم تقدم إسرائيل أي مقترح لإعادته لمصر، حيث ظلت متمسكة بالسيطرة على قطاع غزة، لدرجة أنها رفضت مقترحا مصريا بوجود ضباط ارتباط مصريين فيه بعد تشكيل الحكم الذاتي. لكن الاهم في المقترح الإسرائيلي للحكم الذاتي، أنه أعطى القطاع مكانة مختلفة عن المكانة التي منحها للضفة الغربية، حين ذكر مقترح بيغن انه سيجري الانسحاب من قطاع غزة وإعادة انتشار في الضفة الغربية .
وردا على قانون القدس الذي تم سنه عام 1981، ورغبة من الرئيس المصري الجديد حينها حسني مبارك بالعودة إلى الساحة العربية التي طردت مصر منها، بعد التوقيع على اتفاقيات كامب ديفيد، لم تعد مصر تلعب أي دور في تحديد مستقبل لقطاع غزة، تاركة ذلك لسلطات الاحتلال، التي لم تعارض، واعتبرته منتصرا لها في مسألة قطاع غزة.
إجمالا يمكن القول أن موشيه أرنس ،وزير الدفاع الإسرائيلي عن حزب الليكود الذي تولى المنصب حتى أوائل تسعينيات القرن الماضي، كان أكثر من عبر عن رغبة إسرائيل بضم قطاع غزة، حين طلب من العميد يتسحاق سغيف أن يعمل على ضم قطاع غزة وهو يضحك، بعد أن زوده المقدم سغيف ،الذي شغل منصب الحاكم العسكري العالم لقطاع غزة، دراسة أعدها مجموعة من الضباط التي تشير إلى الوضع المأساوي الذي سيمر فيه قطاع غزة عام 2000 الذي اعتبره البحث قنبلة نووية ستنفجر في وجه إسرائيل إذا لم تنسحب منه بأسرع فترة ممكنة.

ليتها تغرق في البحر
علاوة على المنطقة الصغيرة التي يتكون منها قطاع غزة، الأكثر اكتظاظا بالسكان في العالم، شكل العامل الديمغرافي عنصرا مهما جدا في الصراع بين الحركة الوطنية الفلسطينية والحركة الصهيونية العنصرية، ومن بعدها دولة الاحتلال الإسرائيلي، حيث كانت التوقعات الإسرائيلية حينها تقول أن عدد السكان اليهود والعرب سيتساوون في فلسطين الانتدابية في أواسط تسعينيات القرن الماضي.
إضافة لذلك، شكل قطاع غزة معضلة أمنية لم تستطيع إسرائيل ايجاد حل لها حتى هذا اليوم، ما دفعها عام 1980 إلى تشكيل لجنة خاصة من المدراء العامين في الوزرات الإسرائيلية المختلفة لبحث مسألة مستقبل القطاع وهل بقائه تحت السيطرة الإسرائيلية يعتبر مشكلة استراتيجية أم لا.
مقابل هذا التفكير منحت دولة الاحتلال، الموظفين العرب في قطاع غزة، صلاحيات أوسع من تلك الممنوحة للموظفين العرب في الضفة الغربية، خاصة في الشئون المدنية، ما يعني أنها بدأت تفكر مبكرا بمستقبل مستقل للقطاع بمعزل عن الضفة.
حجم الأزمات والمشاكل المستعصية في قطاع غزة، وعدم قدرة إسرائيل على ايجاد حلول فعالة لها، دفعت إسحاق رابين ،في بدايات العقد التاسع من القرن العشرين، إلى القول "ليتني استيقظ صباحا وأرى غزة غارقة في البحر .
غير أن الواقع في قطاع غزة، فرض نفسه على دولة الاحتلال، ما دفعها للبحث بشكل مستقل عن مستقبل القطاع بمعزل عن الضفة الغربية. وخلال جولات المفاوضات التي عقدت في واشنطن وبالمفاوضات السرية في أوسلو طرح على الفلسطينيين حل "غزة أولا" . لكن القيادة الفلسطينية أضافت أريحا لاعتقادها أن ذلك يكون مقدمة وربطا للحل مع الضفة الغربية.

بداية الفصل
كان اتفاق غزة وأريحا بداية حل ومعالجة مشاكل ومستقبل قطاع غزة، بشكل مستقل عن حل بقية مشاكل الضفة الغربية والقدس، حين تحدث البند الخامس من اتفاق غزة وأريحا للحكم الذاتي الموقع في الربع الأخير من عام 1993 على بداية الانسحاب من غزة وأريحا كمرحلة انتقالية لمدة خمسة أعوام، في حين تحتاج الضفة الغربية إلى اتفاق أخر على نقل الصلاحيات.
كما تحدث الاتفاق، عن انسحاب إسرائيلي من غزة وأريحا، ونقل صلاحيات الحكم العسكري والإدارة المدنية في هاتين المنطقتين للسلطة [الوطنية] الفلسطينية التي ستنشأ. وأشار البند الفرعي رقم 5 من الملحق الثاني المعنون بـ "برتوكول حول انسحاب قوات إسرائيلية من قطاع غزة ومنطقة أريحا"، أن المكاتب المسؤولة عن تنفيذ تعليمات السلطة الفلسطينية ،بموجب الملحق رقم 2 وبند رقم 6 من إعلان المبادئ، سيكون موقعها في قطاع غزة ومنطقة أريحا.
وبخصوص الضفة الغربية، أشار البند الثالث عشر من اتفاق إعلان المبادئ الموقع في 13-9-1993 والبند السادس من اتفاقية غزة وأريحا أولا، عن إعادة انتشار للقوات الإسرائيلية خارج المناطق السكنية في الضفة الغربية وليس انسحاب منها، كما هو الحال مع قطاع غزة .
وفي المجال العسكري، ومن ضمن السياسات المختلفة والمقسمة للمناطق الفلسطينية، أعاد الجيش الإسرائيلي احتلال المدن الفلسطينية في الضفة الغربية، في حين لم ينفذ نفس الخطة في قطاع غزة، رغم الاعتداءات الغاشمة على القطاع خلال العقدين الماضيين.
كل ذلك جرى ونفذ، رغم إصرار منظمة التحرير الفلسطينية، وفق نصوص اتفاقيات أوسلو المختلفة، على التعامل مع الضفة الغربية وقطاع غزة كمنطقة جغرافية واحدة.

إلى المجهول
بعد الاجراءات المذكورة، توصلت لجنة المدراء العامين ،التي شكلت لبحث مستقبل قطاع غزة ،عام 2002، إلى استنتاج أساسي أن المكاسب الأساسية من بقاء إسرائيل في قطاع غزة استنفدت، ولا يمكن مقارنتها مع ايجابيات الخروج والتخلص منه، خاصة أن المفاوضات التي جرت مع الفلسطينيين بعد توقيع اتفاقيات أوسلو لم تؤدي إلى النتيجة المرجوة.
إضافة إلى العنصر الديموغرافي الذي أصبح يميل صراحة لصالح الفلسطينيين على حساب اليهود، في فلسطين الانتدابية، شكل تقسيم القضية الفلسطينية إلى أقسام، وفق توزيعاتهم الجغرافية هدفا استراتيجيا جديدا لدولة الاحتلال، التي تخلت بعد عام 2000 عن أي سعي لحل القضية الفلسطينية وفق قرار 242 الذي اعترفت فيه كأساس للحل مع الأطراف العربية والفلسطينية المشاركة في الصراع ضد الدولة العبرية.
نتيجة لذلك نفذت دولة الاحتلال الإسرائيلي في نهاية عام 2005، فصل أحادي الجانب من دون التنسيق مع الطرف الفلسطيني، بشكل رسمي، فارضة واقعا جديدا في العلاقات الفلسطينية-الإسرائيلية تمثل في الاعلان عن قطاع غزة كيان معادي عام 2007، بعد أن سيطرت حركة حماس على السلطة فيه، وأعلنت أنها ستتعامل بشكل شخصي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس .
إثر القرار، أعدت الجهات العسكرية والأمنية الإسرائيلية الخطط التي اعتبرتها لازمة، من أجل فرض الحصار الخانق على قطاع غزة وشن الاعتداءات المختلفة، في إطار عمليات عسكرية أسمتها "جولات قتالية وتهدئة"، أي قتال من إسرائيل وتهدئة من حماس. وفي الإطار المذكور، شنت إسرائيل أربعة عمليات عسكرية كبيرة هي :الرصاص المنصهر (2008) وعامود الغيم (2012) وتسوك إيتان (2014) وحارس الأسوار (2021)، وعشرات العمليات العسكرية الصغيرة التي تضمنت قصفا بالطائرات والصواريخ والمدفعية المختلفة .
كما شمل القرار القطع النهائي بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وتدمير الحياة العادية والبنى التحتية، وخلق الأزمات المعيشية المختلفة، متأملة من وراء ذلك، فرض البحث عن مستقبل مستقل للقطاع عن بقية المناطق الفلسطينية المحتلة .

الموقف المصري
رغم سيطرة جمهورية مصر العربية على قطاع غزة، إلا أنها رفضت فرض السيادة عليه، واكتفت بإدارته وفق اتفاقيات رودس الموقعة في شهر شباط عام 1949. واستمرت بإدارة القطاع رغم تشكيل الجامعة العربية حكومة عموم فلسطين عام 1948، ما أعطى مؤشرات حينها إلى عدم وضوح الموقف المصري من مستقبل قطاع غزة منذ نشأته حتى احتلاله النهائي عام 1967.
ويمكن التقسيم الموقف المصري من قطاع غزة حتى عام 1967 إلى فترتين هما: فترة الحكم الملكي الذي استمر حتى نشوء الثورة عام 1952، الذي أبدت فيه الحكومة المصرية رغبة في ضم قطاع غزة لمصر، لكنها لم تترجم هذه الرغبة إلى أفعال، وسرعان ما تخلت عن هذا المشروع لصالح توقيع اتفاقيات الهدنة الموقعة في رودس، رافضة في نفس الوقت تسليم قطاع غزة مع سكانه لدولة إسرائيل الناشئة حينها، مقابل طريق بري يربط مصر مع امارة شرقي الأردن .
مقابل ذلك، وباستثناء تجميد نشاط حكومة عموم فلسطين، لم تعط الحكومة المنبثقة عن الثورة المصرية أي اهتمام لقطاع غزة في المجال السياسي، ومنحت هامشا معينا للعمليات العسكرية ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي في محاولة إشغالها، لحين استكمال استعدادتها في استعادة المبادرة في الصراع .
لكن الموقف المصري الأبرز من مستقبل قطاع غزة تعلق بالمفاوضات التي جرت بعد العدوان الثلاثي على جمهورية مصر العربية واحتلال قناة السويس ،الذي اشتركت فيه فرنسا وبريطانيا وإسرائيل، حين أصر الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر على انسحاب مطلق لكافة القوات الإسرائيلية من المناطق التي احتلتها خلال العدوان ، بما في ذلك القطاع معربا عن استعداده لمواصلة القتال إلى أن يكتمل الانسحاب، الذي رفضت تنفيذه إسرائيل بحجة أن القطاع جزء من دولة إسرائيل .
لكن الموقف المصري شهد تغيرا بعد نكسة حزيران عام 1967، حين وافق على قرار مجلس الامن 242 الداعي إلى العودة للحدود الدولية، التي لم ترى بقطاع غزة جزءا من جمهورية مصر العربية.

بعد مفاوضات كامب ديفيد الاولى
تأكد الموقف المصري من قطاع غزة، عندما تخلت مصر عنه بموجب البند الثاني من معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية التي تحدثت على أن الحدود الدولية بين جمهورية مصر العربية ودولة الاحتلال الإسرائيلي هي الحدود الدولية المعترف بها بين مصر وفلسطين تحت الانتداب .
وخلال تبادل الرسائل بين الأطراف الثلاثة (مصر وإسرائيل والولايات المتحدة)، الملحقة بالاتفاقية، حول الضفة الغربية وقطاع غزة رفضت مصر المنطق الإسرائيلي الذي وعد بأخذ موافقة الحكومة الإسرائيلية على نقل الحكم العسكري من قطاع غزة وعلى عدم إجراء مناورات عسكرية في المناطق الآهلة بالسكان في قطاع غزة فقط .
لكن مصر، وبموجب الاتفاق، الرافضة للمنطق الإسرائيلي للحل، فوضت نفسها وبالتعاون مع الولايات المتحدة على إجراء مفاوضات من أجل تحديد مستقبل الضفة الغربية والقطاع سويا، على أن يبدأ بحكم ذاتي (مجلس إداري) . لكن منذ بدأ المفاوضات حول الحكم الذاتي، نشأت خلافات مصرية-إسرائيلية حول تفسير الحكم الذاتي، وحول استمرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الاستيطان بالضفة الغربية وقطاع غزة .
وحرصا من إسرائيل على استمرار المفاوضات حول الحكم الذاتي، تقدم مناحيم بيغن عام 1982 بمقترح تفصيلي حول مستقبل الضفة الغربية وقطاع غزة، رفض بموجبه أية سيادة فلسطينية أو عربية على الضفة الغربية، وفتح الاقتراح المجال أمام أي فلسطيني من سكان هاتين المنطقتين للحصول على مكانة ساكن دائم في دولة إسرائيل مع إمكانية السكن في أية منطقة داخل دولة إسرائيل، مع إعطاء نفس المكانة لليهودي في المناطق المحتلة .
لكن الرؤية المصرية، المدعومة من الولايات المتحدة كانت ترى بمفاوضات الحكم الذاتي على أنها فرصة لفك ارتباط إسرائيل بالمناطق الفلسطينية المحتلة تدريجيا، على أن يقرر الشعب الفلسطيني مصيره بعد خمسة أعوام في إطار فيدرالي أو كونفيدرالي مع الأردن، من دون دولة مستقلة .
نتيجة لذلك رُفِضت خطة بيغن للحل، ومستغلة موافقة الكنيست الإسرائيلي سن القانون الأساس القدس عاصمة إسرائيل، انسحبت الحكومة المصرية من المفاوضات التي استمرت ما يقارب الثلاثة أعوام من دون أن تحقق أية نتائج تذكر .
بعد انسحابها من مفاوضات الحكم الذاتي للضفة الغربية وقطاع غزة، رفضت جمهورية مصر العربية أي تدخل في مستقبل قطاع غزة، ورفضت أية ضغوط أو إغراءات مالية أميركية، أو مطالب إسرائيلية للعودة إلى التدخل في مستقبل قطاع غزة، باستثناء ما هو متعارف عليه بين الدول.
إجمالا يمكن القول، أن التعبير عن الرفض الإسرائيلي، لأي حديث عن أي مستقبل للضفة الغربية وقطاع غزة مع مصر، جاء من رئيس الوفد الإسرائيلي الدكتور يوسف بورغ الذي رفض حتى المكوث في الفندق الذي حل فيه الوفد ، بأول جولة مفاوضات في الاسكندرية، عندما علم أن اسم الفندق فلسطين.

الموقف الفلسطيني
منظمة التحرير - لا دولة في غزة ولا دولة من دونها
رفض الفلسطينيين قرار التقسيم والنتائج المترتبة على الحرب التي شنتها إسرائيل عليهم وعلى الدول العربية عام 1948، معلنين من خلال الهيئة العربية العليا بقيادة الحاج أمين الحسيني، عن إنشاء حكومة عموم فلسطين ومقرها قطاع غزة، عاكسين بذلك موقفا رافضا للوضع الجديد المتمثل بوجود الضفة والغربية والقطاع كمنطقتين منفصلتين عن بقية فلسطين .
واستمر هذا الوضع حتى إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964، التي مأسست رفضها لوجود قطاع غزة كمنطقة مستقلة عن فلسطين بالبند الثاني من ميثاقها الوطني الذي ذكر أن " فلسطين بحدودها التي كانت قائمة في عهد الانتداب البريطاني هي وحدة إقليمية لا تتجزأ .
لكن انعطافة مهمة في الموقف الفلسطيني (منظمة التحرير الفلسطينية)، من الضفة الغربية وقطاع غزة حدثت عندما أقر المجلس الوطني في دورته الثانية عشرة المنعقدة في القاهرة عام 1974، قرارا (بند 4) تدعو فيه إلى تحقيق استراتيجية المنظمة في إقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية المنصوص عليها بقرارات المجالس الوطنية السابقة، بشكل متدرج، أو ما أصبح متعارف عليه بـ "البرنامج المرحلي" . وجاء هذا القرار رغبة من المنظمة في المشاركة بالمحلق الثاني من مؤتمر جنيف للسلام، الذي عقد في مرحلته الأولى بعد حرب اكتوبر عام 1973 مباشرة، الذي رفضت فيه الولايات المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي، مشاركة وفد فلسطيني من المنظمة نظرا لعدم اعترافها بدولة إسرائيل.
غير أن الانعطاف الحاد في الموقف الفلسطيني من مستقبل الضفة الغربية وقطاع غزة، جاء بعد عقد المجلس الوطني في الجزائر بدورته التاسعة عشرة الذي عقد في تشرين الثاني عام 1988، الذي طالب بعقد مؤتمر دولي للسلام على أساس قراري مجلس الأمن 424 و 338.
ولحق البيان السياسي خطابا ألقاه المرحوم ياسر عرفات في جنيف أواخر عام 1988 أعلن فيه عن موافقته على أن يكون قراري مجلس الامن 424 و 338 مرجعية عملية السلام لحل القضية الفلسطينية.
وخلال المفاوضات لإنشاء الحكم الذاتي الفلسطيني في كل الضفة الغربية وقطاع غزة في العاصمة الأميركية واشنطن، اتضح أن هناك مسار ثان للمفاوضات في أوسلوا، وافقت بموجبه منظمة التحرير الفلسطينية على ما يشبه المنطق الإسرائيلي المطالب بحل سلمي يبدأ بـ "غزة أولا". كما وافقت وفق نص الاتفاق الموقع بين الطرفين على أن يكون هناك انسحابا من قطاع غزة وأريحا ، مقابل إعادة انتشار في الضفة الغربية، كمقدمة لحل القضية الفلسطينية وفق قرار مجلس الامن 242 .
بهذه الموافقة ،بعلم أو بجهل، وافقت منظمة التحرير الفلسطينية على التعاطي مع قطاع غزة بصورة مختلفة عن الضفة الغربية، الذي انعكس ايضا على نوع السيطرة فيه، حيث كانت السيطرة الفلسطينية على القطاع أقوى من السيطرة على الضفة الغربية، وأنشأت فيه ما يشبه مؤسسات الدولة الفلسطينية المستقبلية.
أمر أخر لا بد من الإشارة له، والمتعلق بقطاع غزة هو الموافقة الفلسطينية في اتفاق أوسلوعلى الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، عندما سمحت بدور أردني ومصري في الضفة الغربية وقطاع غزة، حين برز نص مبهم يتحدث عن دور الدولتين في معالجة مسائل أخرى، إضافة للتعاون المشترك بين الأطراف الأربعة (منظمة التحرير ومصر والأردن وإسرائيل) .
ورغم الانفصال الإسرائيلي عن قطاع غزة عام 2005، والانقلاب الذي نفذته حركة حماس في القطاع عام 2007، لم تغير منظمة التحرير موقفها الرافض لإقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة . وفي السياق المذكور صرح الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" أن "لا دولة في غزة ولا دولة من دونها".

حركة حماس – كسر الحصار
رغم الصياغة المختلفة، لم يختلف ميثاق حركة حماس الصادر عام 1988، عن موقف منظمة التحرير من مستقبل قطاع غزة، الذي رأى بكل فلسطين من نهرها إلى بحرها وقفا إسلاميا لا يجوز التنازل عنه . لذلك رفضت حركة حماس اتفاقيات أوسلوا وما ترتب عنها من نتائج، وشنت سلسلة عمليات استشهادية بهدف تقويض هذه الاتفاقيات، بما في ذلك محاولة التسبب بانهيار السلطة الوطنية الفلسطينية، التي جاءت نتيجة هذه الاتفاقيات.
كان ذلك في الاطار الفكري، لكن في الإطار العملي تبنت حركة حماس لهجة أكثر اعتدالا في الاجتماعات الخاصة مع قيادات الاحتلال مثل الاجتماع الذي عقد في وزارة الدفاع الإسرائيلية أواخر ثمانينيات القرن العشرين، بين من شغل وزيرا للدفاع في الانتفاضة الأولى (إسحاق رابين) وبين عضو المكتب السياسي لحركة حماس، الدكتور محمود الزهار ،الذي أصبح وزيرا للخارجية في أول حكومة تشكلها حركة حماس عام 2006، الذي أبلغه أن حركته مستعدة للتوصل إلى سلام وتسويات لا تتضمن صلح كامل، بل سلام يشبه السلام المصري-الإسرائيلي .
في ظل المواقف المختلفة والعملية لحركة حماس، جاء الانفصال الإسرائيلي عن قطاع غزة عام 2005، ليفرض واقعا ورؤية إسرائيلية جديدة لمستقبله، اعتبرته الحركة تحريرا، ما تطلب منها بداية التعامل مع الأمر الواقع المفروض، المتمثل بالبحث ،من دون اعتراف بذلك، عن مستقبل مستقل لقطاع غزة، بمعزل ليس فقط عن فلسطين التاريخية، بل وحتى عن الضفة الغربية والقدس المحتلتين.
وامتد التعامل مع الامر الواقع ،من قبل حركة حماس، إلى التعامل مع اتفاقيات أوسلو نفسها، عندما شاركت حماس في انتخابات عام 2006، وفق الأسس التي جاءت بها الاتفاقيات، التي عملت كثيرا من أجل تقويضها ونزع الشرعية عنها وعن موقعيها في الجانب الفلسطيني.
لكن التعامل مع الأمر الواقع، احتل مكانة خطيرة عام 2007، عندما نفذت حركة حماس انقلابا على السلطة الوطنية الفلسطينية، معززة بذلك الانفصال الجغرافي والديموغرافي بإنفصال سياسي، ما حولها لطرف وحيد عند الحديث عن مستقبل قطاع غزة. وجاءت الانقلاب ليعزز الاستراتيجية الإسرائيلية، الداعية لبحث مستقبل قطاع غزة بصورة مستقلة عن الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلتين.
لكما شهد موقف حركة حماس تغييرا إضافيا عام 2017، عندما طرحت حركة حماس وثيقة "المبادئ والسياسات العامة"، التي تحدث البند 20 منها عن عدم التنازل عن أي جزء من أرض فلسطين، مهما كانت الأسباب والظروف والضغوط، ومهما طال الاحتلال. لكنها وافقت، في نفس الوثيقة على إقامة دولة فلسطينية مستقلة على خطوط الرابع من حزيران-يونيو 1967 ، ما يعني موافقتها على البحث بشكل مستقل لمستقبل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس.
ونظرا لوجودها العلني والرسمي في قطاع غزة، وحاجتها لبحث مشاكل قطاع غزة، المحاصر منذ عام 2007، بشكل مستقل عن مشاكل الضفة الغربية والقدس، طُرحت شعارها المشهور "كسر الحصار" الذي تضمن عدة حلول من قبلها لحل مشاكل قطاع غزة، خاصة بعد الاعتداءات والحروب التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على القطاع، مثل فك الحصار الاقتصادي وفتح المعابر المؤدية لقطاع غزة من ضمنها معبر رفح الحدودي مع جمهورية مصر العربية، من دون أية رقابة دولية ،وبحضور صوري للسلطة الوطنية، ورفع الحصار البحري بهدف إنشاء ميناء للسفر والتجارة، وهي بالمناسبة مشاريع سبق أن قدمت من قبل إسرائيل للمرحوم ياسر عرفات ولم توفي بوعودها له، باستثناء المطار الذي قامت بتدميره، وهي مشاريع تقدم منذ عام 2008 حتى هذا اليوم بما في ذلك إنشاء جزيرة صناعية في وسط البحر تشرف عليها إسرائيل.
إجمالا يمكن القول، أن رفض حماس المتكرر وعودا مالية تقدر بـ 15 مليارد دولار لإقامة مشاريع في قطاع غزة، مقابل نزع سلاحها وسلاح الفصائل الفلسطينية الأخرى، يتناقض مع موقها المصر على إدارة القطاع بشكل مستقل عن الضفة الغربية ، وعن موقفها الداعي لمشاركة الفصائل الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة فقط في تحديد مصير الهدنة بعيدة المدى . ما يؤشر إلى عدم جود تصور أو استراتيجية واضحة لحركة حماس حول مستقبل قطاع غزة.


سيناريوهات

يُعتقد على نطاق واسع جدا أن عودة قطاع غزة إلى فلسطين التاريخية وفق رؤية الفلسطينيين النهائية، هو الحل الوحيد والمضمون لمستقبله. لكن ولاستحالة تحقيق هذا السيناريو في الوقت الحاضر على الأقل، فسوف نبحث في سيناريوهات أخرى طرحت على مدار العقدين الماضيين من أهمها:

السيناريو الفلسطيني
دولة المستقلة
لا يملك الفلسطينيين الكثير من المواقف والسيناريوهات المتعلقة بمستقبل قطاع غزة، خاصة أن الجهة المسيطرة على القطاع (دولة الاحتلال الإسرائيلي) بشكل فعلي تملك الكثير منها، التي يتطلب تنفيذها موافقة فلسطينية بالأساس ومن ثم موافقة إقليمة ودولية. وبالتالي فإن المواقف الفلسطينية، المتعلقة بمستقبل قطاع غزة مبنية بالأساس على ردود الأفعال، على السياسات الإجراءات الإسرائيلية، وليس على المبادرة.
مع ذلك، ترى الرؤية التي تبنتها منظمة التحرير وبقية الفصائل الفلسطينية ،وبدرجة أقل حركة حماس، بأنه لا يمكن ايجاد حل لمسألة مستقبل وأزمات قطاع غزة بمعزل عن الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلتين، من أجل التوصل إلى حل أدنى يتضمن حق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967، تتضمن ايجاد حلقة وصل (شارع أو قطار أو نفق) بين المنطقتين لممارسة السيادة الفلسطينية عليهما.
في السياق المذكور، كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" أكثر وضوحا في مسألة قطاع غزة عندما صرح في أكثر من مناسبة أن "لا دولة في غزة ولا دولة من دونها".
لذلك يساعد، طرح حل مستقبل ومشاكل قطاع غزة، في إطار دولة فلسطينية مستقلة (إذا أُنشأت)، في تعزيز الموقف الفلسطيني في أية مفاوضات مستقبلية مع إسرائيل، ويحولها مع الضفة الغربية لتهديد حقيقي لدولة الاحتلال من الناحية الديمغرافية، ويفشل الاستراتيجية الإسرائيلية التي رسمت منذ أكثر من عقدين، التي تنص على ايجاد حلول مستقبلية مستقلة لقطاع غزة بمعزل عن الضفة الغربية.
علاوة على ذلك، تتمكن الدولة الفلسطينية في حال قيامها من ايجاد حلول لمشاكل قطاع غزة المختلفة والمستعصية على المديين القريب والمتوسط نسبيا، بما ذلك أزمة السكن الخانقة وعدم توفر أراضي كافية إما للزراعة أو للبناء أو التطوير الاقتصادي في العقدين القادمين على الأقل.
من أجل كل ذلك، رفضت القيادات الفلسطينية المختلفة، مدعومة بموقف إقليمي (جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية) والمجتمع الدولي بما في ذلك الولايات المتحدة، التي أصرت على هذا الرابط حتى في صفقة القرن التي عرضتها أكثر الإدارات الأميركية (إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب) تأييدا لإسرائيل. واتفقت على رفض أية خطوات إسرائيلية أحادية الجانب هدفها عزل قطاع غزة عن الضفة الغربية، كحل نهائي لجزء من القضية الفلسطينية. كما رفضت الجهات المذكورة أية خطوات عملية في هذا الاتجاه مثل رفض الاتحاد الاوروبي تمويل إنشاء جزيرة في عرض البحر لخدمة قطاع غزة، خوفا من أن تتحول الجزيرة كمحطة للاجئين من أجل السفر إلى أوروبا.
في المقابل، لم تتخذ القيادات الفلسطينية ،خاصة حركة حماس، الخطوات الضرورية لتوحيد الموقف الفلسطيني سياسيا في كل ما يتعلق بمستقبل قطاع غزة، حين أصرت على وجود حكومة ظل خاصة بالقطاع (اللجنة الإدارية الخاصة بقطاع غزة) وذهبت باتجاه معالجة مشاكله ومستقبله بمعزل عن مشاركة السلطة الوطنية في رام الله، ما أوحى لسلطات الاحتلال الإسرائيلي، التي بنت استراتيجيتها على تفرد حكم حماس لقطاع غزة وعلى الانقسام، ولكثير من الجهات المحلية والاقليمية والدولية ، استعدادها لإنشاء كيان مستقل عن الضفة الغربية من دون الاعلان عن ذلك.
ونظرا لعدم إمكانية إنشاء دولة فلسطينية مستقلة في المستقبل المنظور، فإن أفضل الحلول لواقع ومشاكل قطاع غزة هو بالوحدة الوطنية، وليس باتفاقيات على شاكلة "الهدوء مقابل هدوء" و "الهدوء مقابل المال" أو "الهدوء مقابل الإعمار" أو "الأمن مقابل الاعمار" الذي سيدمر القطاع في أقرب مواجهة مستقبلية، لأن استمرار الوضع الحالي ،من مواصلة الحصار الإسرائيلي، والتفرد في حكم القطاع من قبل حركة حماس، سيدفع مستقبلا باتجاه أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية خانقة، تكون نتيجتها الفوضى العارمة.
في كل الأحوال، لا يعتقد أن الحلول التي ستقدمها الدولة الفلسطينية ،إذا أُنشات، التي تضم قطاع غزة، ستكون دائمة، لكنها توفر نوعا من الهدوء والاستقرار، إلى حين خلق معادلات اقليمية جديدة تأخذ بعين الاعتبار، أن حل مشاكل القطاع النهائية يكون في فلسطين الانتدابية، وليس بواسطة حلول معزولة عنها.

سيناريوهات إسرائيلية
عدم توفر رغبة دولية للضغط على إسرائيل من أجل التوصل لحل مرضي للقضية الفلسطينية، يمنح موجبه الفلسطينيين دولة مستقلة على حدود الرابع من حزيران، يوفر لإسرائيل الفرصة للبحث عن خيارات متنوعة ومتعددة لحل مشاكل ومستقبل قطاع بمعزل عن الضفة الغربية، أي مواصلة سياسات تفتيت وتقسيم الشعب الفلسطيني إلى أقسام متنوعة واتباع سياسات واجراءات مختلفة بحقهم، والتقسيمات الإسرائيلية للفلسطينيين هي: اللاجئين أو ما تطلق عليهم دولة الاحتلال "حملة المفاتيح" الذين لن يسمح لهم بالعودة حتى للدولة الفلسطينية، والمواطنين الفلسطينيين في مدينة القدس الباحثين دوما عن مكان للسكن في المدينة خشية سحب هوياتهم وبالتالي طردهم من المدينة المقدسة، نظرا لتعامل دولة الاحتلال معهم على أنهم سكان دائمين، والفلسطينيين في الداخل الباحثين عن مساواة لن يصلوا إليها، وسكان الضفة الغربية المتبعة بحقهم سياسات الفصل والعزل والتمييز العنصري، وسكان قطاع غزة الممارس بحقهم حصارا خانقا، وسياسات عسكرية بحتة مبنية على استراتيجية إسرائيلية سميت بـ "عمليات عسكرية وتهدئة".
علاوة على ذلك، تتحكم إسرائيل في معظم القضايا المتعلقة بقطاع غزة، وبالتالي هي أكثر الأطراف قدرة على طرح سيناريوهات مختلفة. وخلال العقدين الماضيين طرحت عشرات السيناريوهات الإسرائيلية، الباحثة إلى إعادة هندسة الاحتلال للقطاع، لكن عدم تعاون الأطراف المحلية والاقليمية والدولية قَيَد خيارتها وحصرها في ثلاثة خيارات، لم يكن من ضمن إعادة احتلال القطاع، هي:

إعادة قطاع غزة لمصر
يعتبر حل إعادة قطاع غزة لمصر، الموقعة على اتفاقيات السلام، هو أفضل الحلول بالنسبة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، لاعتبارات عديدة من أهمها :الأزمة الانسانية الخانقة التي يمر بها قطاع غزة، والقرب الجغرافي وعلاقة القطاع بجمهورية مصر العربية تاريخيا ودينيا، والأراضي الواسعة في مصر (خاصة في شمال سيناء) القادرة على توفير الأراضي الكافية لتطوير قطاع غزة جغرافيا وديموغرافيا واقتصاديا.
كما أن الحل المصري لمستقبل قطاع غزة، يعتبر بالنسبة لإسرائيل، فرصة لمدة صلاحيات اتفاقيات كامب ديفيد الأمنية والعسكرية إليه، حيث يسود الاعتقاد في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، أن الأجهزة الأمنية المصرية تمتلك القدرة على لجم قدرات الفصائل الفلسطينية العسكرية ذات الطابع الإسلامي، أكثر من الدولة العبرية .
علاوة على ذلك، يوفر إعادة قطاع غزة لمصر الأرضية المناسبة لإيجاد حل اقليمي في الضفة الغربية، يتم بموجبه تسليم المسئولية عن السكان إلى المملكة الأردنية الهاشمية، ما يعفي إسرائيل من المسئولية عن السكان في المنطقتين ويحول مشاكلهما للطرف العربي حتى من دون مقابل، وبالتالي يتحول الصراع مع الفلسطينيين، إلى خلاف حدودي مع الدول العربية.
والأهم بالنسبة لإسرائيل، أن الحل الأقليمي ينهي إلى الأبد ضرورة حل القضية الفلسطينية والمشاكل المرتبطة بها، التي ستتوكل الدول العربية المختلفة بايجاد حلول لها، وفق رؤية رئيس وزراء إسرائيل السابق إسحاق شامير الذي قال في مناسبات عديدة أن، اليهود لهم دولة واحدة وصغيرة، في حين يوجد للعرب 22 دولة عربية، يستطيع العرب سكان "المناطق المدارة" ايجاد حلول لمشاكلهم المختلفة فيها.
لكن هذا السيناريو يتطلب موافقة مصر، الرافضة بشكل مطلق لمثل هذا الحل، حتى لو كان ذلك، مقابل زيادة المساعدات الأميركية والدولية وأعفائها بجزء من ديونها الضخمة . وفي المقابل، لا تستطيع دولة إسرائيل فرض هذا الحل عليها، خاصة أنها كانت تطالب بضمه لها منذ إقامة دولة إسرائيل عام 1948، ورفضت أية مشاركة مصرية ،التي لم تطلب، في إدارته بعد عام 1967.
إضافة لذلك، فرض مثل هذا الحل، يعرض اتفاقيات السلام المصرية-الإسرائيلية للخطر، وهي الاتفاقيات التي أنهت المواجهات العسكرية الكبرى في الصراع العربي-الإسرائيلي، ما خفض من الانفاق العسكري الإسرائيلي السنوي من 27-12% من ميزانيتها، ووفر لها الفرصة المناسبة لشن الحروب المباشرة في لبنان وقطاع غزة وسوريا، وشن عمليات عسكرية واغتيالات في الكثير من الدول العربية، بما فيها تلك الواقعة خارج نطاق دول الطوق مثل العراق وتونس والسودان الامارات، وزيادة حجم الاستيطان في الضفة الغربية ومدينة القدس.
لكن الفشل في فرض هذا الحل، دفع دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى محاولة العمل على زيادة التدخل المصري في قطاع غزة كبداية لمشاركة مصر في تحديد مستقبل قطاع غزة، فكل الحروب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، كان أحد أهدافها الأساسية زيادة التدخل المصري في قطاع غزة. لأنها الطرف الوحيد بحكم الواقع الجغرافي والتاريخي والقوة الاقليمية، القادر على التأثير على الجهة الحاكمة (حركة حماس) لقطاع غزة. لذلك غضت إسرائيل الطرف عن تدخل مصر في إصلاح وتقديم مواد إغاثية للقطاع بشكل مباشر خلال العدوان الأخر الذي وقع في النصف الأول من عام 2021، متأملة أن يتطور إلى تدخل عميق وربما مشاركة في حكم القطاع أو التأثير على مجريات الأمور فيه على أقل تقدير.
ومن أجل ذلك، تطالب الجهات الإسرائيلية الحاكمة، وبواسطة مقالات وأبحاث يقدمها من عمل سابقا في الأجهزة الامنية والمدنية الحاكمة في إسرائيل، وبعض الجهات الأميركية المؤيدة بقوة لإسرائيل، استغلال الظروف الاقتصادية والبطالة المنتشرة في مصر، من أجل ايجاد مفهود جديد للسيادة المصرية على شمال سيناء يتضمن وجودا للفلسطينيين فيه، في إطار تطوير منطقة شمال سيناء لصالح الطرفين .

كيان مستقل
مثلت الإجراءات الإسرائيلية بعد الانفصال الإسرائيلي عن قطاع غزة، نهجا بدأ مع تطبيق اتفاقيات أوسلو الداعية لبحث مستقبل قطاع غزة بشكل مستقل عن الضفة الغربية، حتى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إسحاق رابين صرح للوفد الصحفي المرافق له في الطائرة المتجهة إلى البيت الأبيض للتوقيع على اتفاقية إعلان المبادئ (1993) مع الفلسطينيين أنه على استعداد لمنح الفلسطينيين دولة في قطاع غزة، مقابل تأجيل البحث في مستقبل الضفة الغربية لـ 15 عاما.
وتكررت المحاولة بعد الانفصال (2005) عن قطاع غزة، حين عرض، عبر عدة قنوات إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة، مع وضع ترتيبات أمنية لمنع تهريب السلاح وبناء ميناء وإعادة فتح المطار.
لكن المحاولتين فشلتا لرفض الفلسطينيين مثل هذا الاقتراح، مدعومين بموقف إقليمي ودولي، كان يرى بالانفصال أحادي الجانب خطوة، تشكل بداية حل، يمتد إلى الضفة الغربية، لتشكلا معا الدولة الفلسطينية المستقلة.
إثر ذلك، ومستغلة مصطلح الهدنة طويلة الامد ،المقدم من قبل حركة حماس، طرحت إسرائيل العديد من المبادرات الاقتصادية، الهادفة بالأساس تعزيز انفصال قطاع غزة عن الضفة الغربية سياسيا، التي كان من أهمها مبادرة الوزير الإسرائيلي السابق يسرائيل كاتس القاضية بإنشاء جزيرة مساحتها 8 كيلو ميترات في وسط البحر مع إنشاء مطار وغيرها من التحسينات الاقتصادية، مقابل هدنة طويلة المدى، قدرتها المصادر الإسرائيلية من 6-8 سنوات، ذلك أن الخطة التي وضعت تلبي احتياجات القطاع من عام 2014- 2022.
لكن هذه الخطة لم توضع موضع التنفيذ، لعدم وجود جهات تمويلية، ولرفض الفلسطينيين الخطة، ما دفع إسرائيل إلى طلب تدخل الولايات المتحدة، والطلب من قطر تمويل بعض المشاريع الأساسية في القطاع، خاصة ما يتعلق منها بالبنية التحتية، وتقديم الأموال فيما أصبح يعرف بسياسة "المال مقابل الهدوء" الذي ضخت فيه المشيخة القطرية ما يقارب من 1.1 مليارد دولار من عام 2018- 2021.
وكان أخر هذه الخطط، الخطة الاقتصادية التي قدمها وزير الخارجية الإسرائيلي الحالي يائير لبيد لحل مشاكل قطاع غزة، التي لا تختلف في جوهرها عن الخطط السابقة، سوى مأسسة الإطار الحالي المعروف بـ "المال مقابل الهدوء"، وتعزيز استقلال قطاع غزة عن الضفة الغربية. وتتكون الخطة من بندين هما: الأول، معالجة المشاكل الانسانية الملحة بالقطاع في مجالات البنى التحتية (شوارع ومجاري وكهرباء وتنقية المياه) وإعادة ما دمر من القطاع خلال الاعتداءات الإسرئيلية المتكررة. والثانية، المسماة "الاقتصاد مقابل الأمن" تعترف فيه حماس بشروط الرباعية الدولية ويربط قطاع غزة بالضفة الغربية بواسطة شارع، وتضخ اموال دولية لإقامة مشاريع اقتصادية إسرائيلية-مصرية- فلسطينية، وتمنح السلطة الفلسطينية في رام الله سلطة إدارة قطاع غزة من ناحية اقتصادية .
إضافة لذلك، وفي حال التوصل لحل ما في الضفة الغربية، يتضمن تبادل الأراضي مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، يأتي التبادل لصالح قطاع غزة، إما في إطار تبادل أراضي إقليمي مع مصر تمنح بموجبه أراضي مصرية مقابل تعويضها بأراضي من دولة الاحتلال في النقب، أو تمنح أراضي للقطاع من دولة الاحتلال في النقب، وهو السيناريو الأقرب إلى التحقق .
إضافة لذلك، يحمل شعار "كسر الحصار عن قطاع غزة" الذي ترفعه حركة حماس، بعض عناصر الاستقلال والبحث عن كيان مستقل مستقبلا لتلك المنطقة، لتضمنه وتشابهه مع المشروع الإسرائيلي، الذي يتحدث عن توسيع مفهوم السيادة الفلسطينية في القطاع ليشمل منح مطار وميناء وايجاد آلية جديدة لتنقل البشر والبضائع بين القطاع والعالم الخارجي، من دون البحث عن العناصر المشتركة مع الضفة الغربية.
في جميع الأحوال، حتى لو تحقق خيار إنشاء كيان فلسطيني مستقل في قطاع غزة، تضمن توسيعا لأراضيه مع إنشاء ميناء ومطار وغيره من المشاريع الاقتصادية المحلية والاقليمية، لا يمكن لهذا الخيار ،وفق الرؤية الإسرائيلية الحالية، أن يوفر الهدوء ويعيد الطمأنينة لسكان قطاع غزة، سوى على المدي القصير والمتوسط، ذلك أن كل المخططات والمشاريع الاقتصادية المطروحة، تعتبر بالنسبة لإسرائيل مقدمة لانفصال القطاع سياسيا عن القضية الفلسطينية وعن الضفة الغربية، وجميعها وضعت في بدايات العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، ومدة سريانها تتراوح من 6-8 أعوام -أي حتى عام 2022، ما يعني أن الفلسطينيين في قطاع غزة يحتاجون إلى أكثر بكثير من هذه المخططات.

استمرار الوضع القائم
في الوقت الذي تتطلع فيه دولة الاحتلال الإسرائيلي، إلى الخلاص من قطاع غزة، مع ضمانات أمنية محلية (الجهة المسيطرة على القطاع) وإقليمية (مصرية) ودولية، بعدم تشكيل القطاع لأي تهديد أمني مستقبلي لها، وخلوه من الأسلحة الثقيلة خاصة القذائف الصاروخية والصواريخ المتنوعة ، يسود الاعتقاد عند الطرف الفلسطيني (منظمة التحرير وبدرجة أقل حركة حماس) أن الوضع القائم الحالي هو أفضل لهما في ظل انعدام أي حل نهائي للقضية الفلسطينية، يبقي المسالة الفلسطينية حية رغم الثمن الباهظ جدا الذي يدفعه سكان القطاع، وأي تغيير في الاستراتيجية الفلسطينية يعني إعفاء إسرائيل من حل المشاكل التي أوجدتها للشعب الفلسطيني في النكبة (1948) والنكسة (1967).
استمرار الوضع الحالي، يعني مواصلة إسرائيل استبدال الاحتلال الرسمي بالحصار الخانق والدائم، والاعتداءات المكتررة التي تأتي إما على شكل عمليات عسكرية كبيرة أو عمليات قصف ممنهجة كتلك التي حدثت في النصف الأول من عام 2021 التي تاتي في إطار هجمات عسكرية وتهدئة (هجمات من إسرائيل وتهدئة من حماس). ما يعني استمرار الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في قطاع غزة من دون العمل على ايجاد مخرج يقلل من خسائر الفلسطينيين في كل المجالات تقريبا. وفي نفس الوقت، يجهض المشروع الإسرائيلي العامل على إخراج قطاع غزة من الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
إضافة لذلك، يعمق استمرار الوضع القائم الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في قطاع غزة، الذي يشهد نسبة بطالة عالية جدا وصلت نسبتها حتى اواسط عام 2020 إلى ما يقارب من 49% وزيادة في نسبة الفقر وصلت إلى 85% يتلقى 70% منهم خدمات إغاثية. واستمررا هذا الواقع يوفر بيئة حاضنة للفوضى وعدم الوضوح في كل ما يتعلق بمستقبل قطاع غزة.
علاوة على ذلك، يعزز استمرار الوضع القائم على الانقسام الفلسطيني، وسيطرة حركة حماس المطلقة على قطاع غزة، وعدم تشكيل إطار وطني تشارك فيه القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية، من الاستراتيجية الإسرائيلية القائمة والمرسومة على فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية بشكل نهائي، لصالح إنشاء كيان مستقل في قطاع.
ومن اجل أن يكون الوضع القائم في قطاع غزة أقل خسارة للفلسطينيين، ولإفشال الاستراتيجيات الإسرائيلية القائمة على فصل القطاع عن القضية الفلسطينية والضفة الغربية، ومنح القيادات الفلسطينية هامشا أكبر من المناورة السياسية، يجب إعادة السلطة الوطنية الفلسطينية كاملة إلى قطاع غزة، والاتفاق على برنامج وطني موحد يشمل المناطق التي تم احتلالها في الرابع من حزيران عام 1967.
يمكن القول أن استمرار الوضع القائم الحالي هو السيناريو الأكثر تحققا، نتيجة العجز الفلسطيني القائم على عدم وضع تصور وحدوي لحكم قطاع غزة، ما يعني زيادة قوة ونفوذ وزمام المبادرة من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي.


أفضل الخيارات

لا تعتبر الخيارات المذكورة (فلسطينية أو إسرائيلية) أعلاه خيارات مفيدة للفلسطينيين، فجميعها خيارات سيئة، لم تأخذ بعين الاعتبار أن القطاع ، ولاسباب طرحت في الدراسة، لا يمكن أن يعيش وحده من دون ربطه بفلسطين التاريخية، أو تسليمه للسيطرة المصرية الكاملة لتتحمل وحدها مسألة إغاثة أكثر من 2 مليون فلسطيني، وايجاد حلول لمشاكله المختلفة، التي أوجدها الاحتلال الإسرائيلي في النكبة (1948) والنكسة (1967).
وعند دراسة مختلف السيناريوهات المستقبلية، لا يبدو أن سيناريو إعادة قطاع غزة لجمهورية مصر العربية وارد في الوقت الحالي، نظرا للموقف المصري الرافض بالمطلق لمثل هذا الخيار. في المقابل، لا تستطيع إسرائيل فرض هذا السيناريو على مصر لأنها لا تريد التضحية بالمنجزات التي تحققت لها بموجب اتفاقيات السلام مع مصر، التي كان من أهمها إخراج النظام العربي الرسمي من حالة الحرب مع إسرائيل، ما مكنها من شن اعتداءات مسلحة على الكثير من الدول العربية وعلى الفلسطينيين خلال العقود الأربعة الماضية من دون أن تتعرض لحرب شاملة، كتلك التي وقعت عام 1973.
علاوة على ذلك، يتطلب تسليم قطاع غزة إلى جمهورية مصر العربية، معادلة دولية جديدة، يبدو أنها لن تأتي، خاصة أن المعادلات الدولية الجديدة تشهد تراجعا وانسحاب في دور الولايات المتحدة والغرب ،وهي القوى التي تعتمد عليها إسرائيل في بناء استراتيجيتها وتفوقها، ليس فقط في الشرق الأوسط بل في مختلف مناطق العالم، لصالح قوى دولية جديدة مثل الصين وروسيا، اللتان تتبنيان وجهتا نظر مختلفة لقضايا الشرق الأوسط عن مواقف الولايات المتحدة والغرب على وجه الخصوص.
كذلك لا بد من الإشارة، أن إمكانية إنشاء كيان مستقل أو دولة مستقلة في قطاع غزة ستفشل، كما فشلت في ذلك حكومة عموم فلسطين في بدايات العقد الخامس من القرن العشرين، نظرا لافتقار القطاع لمقومات الدولة، حيث يشهد تاريخ وجغرافية وديمغرافيا تلك المنطقة، أنها لم تكن أبدا كيانا مستقلا عبر تاريخها، بل كانت جزءا من فلسطين التاريخية، وفيها مارست حضارتها ونشاطاتها التاريخية والسياسية والاقتصادية والانسانية. إضافة إلى ذلك، لا يقبل الفلسطينيين بخيار الكيان المستقل أو إقامة دولة مستقلة في قطاع غزة، كخيار نهائي لقضيتهم. علاوة على كونه خيار غير عملي وغير قابل للتحقق نظرا لصغر مساحة القطاع والاكتظاظ السكاني الهائل فيه، اللذا لا يسمحان سوى بتشكيل أكبر مخيم إغاثة في العالم.
لكن ورغم سوء الخيارات بالنسبة للفلسطينيين، يبدو أن خيار الوضع القائم هو أفضل الخيارات بالنسبة لهم، لأنه يبقي القطاع جزءا من مقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال الإسرائيلي ويمنع تقسيم الفلسطينيين والانفراد بهم من خلال سياسات إسرائيلية مختلفة بحقهم في كل أماكن تواجدهم، إضافة إلى أن القطاع كجزء من الأراضي التي تم احتلالها في الرابع من حزيران عام 1967، يظل يشكل تهديدا أمنيا وديمغرافيا لدولة الاحتلال الإسرائيلي التي رسمت استراتيجيتها على الانفصال والانقسام.
لكن الوضع القائم بشكله الحالي في قطاع غزة ،هو واقع مدمر ومحبط لسكانه ولكل الشعب الفلسطيني، وتغييره يتطلب اتخاذ قرارات قاسية خاصة من قبل حركة حماس، تؤدي بالضرورة إلى عودة السلطة الوطنية الفلسطينية لممارسة مهامها في القطاع، ما يؤدي إلى تقليل الخسائر الفلسطينية بشكل كبير، ويساهم في عودة كل القضية الفلسطينية إلى جدول الاعمال الدولي.
إعادة السلطة الوطنية الفلسطينية إلى ممارسة مهامها في قطاع غزة، وتوحيد الصف الفلسطيني، وتبني برنامج وطني شامل، يفشل بالضروة كل المشاريع والاستراتيجيات الإسرائيلية في المستقبل المنظور، القائمة على ايجاد مستقبل مستقل لقطاع غزة عن بقية الأراضي الفلسطيني التي تم احتلالها في الرابع من حزيران عام 1967.



#عليان_الهندي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الامير بندر بن سلطان وبوابة التطبيع مع إسرائيل
- هل التطبيع مع إسرائيل يحل أزمات السودان ؟
- العلاقات الإسرائيلية السودانية
- تطبيع العلاقات مع إسرائيل ومهاجمة الشعب الفلسطيني
- مستقبل السلطة الوطنية الفلسطينية من وجهة نظر إسرائيلية
- وعد بلفور - الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بعد 100 عام
- الحكومة الاسرائيلية ال 34
- عداء لم تبدده الاتفاقيات - رؤية إسرائيل لحركة فتح
- قراءة في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة - أسباب ومعطيات ونت ...
- سوريا في التقرير الاستراتيجي الإسرائيلي 2014 - ترجمة عليان ا ...
- مصر في التقرير الاستراتيجي الإسرائيلي 2014- ترجمة عليان الهن ...
- التقرير الاستراتيجي الإسرائيلي 2014- الإنفصال عن الفلسطينيين ...
- التقرير الاستراتيجي الإسرائيلي 2014- القضية الفلسطينية - ترج ...
- التقرير الاستراتيجي الإسرائيلي 2014- التحديات الاستراتيجية - ...
- تقرير إسرائيل الاستراتيجي 2014- الحلقة الاولى - وقت الحسم - ...
- الحكومة الإسرائيلية-معطيات وخطوط أساسية
- الشرق الأوسط في التقرير الاستراتيجي الإسرائيلي 2013- ترجمة ع ...
- الشرق الأوسط في التقرير الاستراتيجي الإسرائيلي 2013- ترجمة ع ...
- الشرق الأوسط في التقرير الاستراتيجي الإسرائيلي 2013- ترجمة ع ...
- العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع - عامود الغيم -حلقة 3


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عليان الهندي - أي مستقبل لقطاع غزة ؟