أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عليان الهندي - تقرير إسرائيل الاستراتيجي 2014- الحلقة الاولى - وقت الحسم - استعداد لاتفاقات وخطط بديلة - ترجمة عليان الهندي















المزيد.....



تقرير إسرائيل الاستراتيجي 2014- الحلقة الاولى - وقت الحسم - استعداد لاتفاقات وخطط بديلة - ترجمة عليان الهندي


عليان الهندي

الحوار المتمدن-العدد: 4423 - 2014 / 4 / 13 - 14:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خلاصة
وقت الحسم - استعداد لاتفاقات وخطط بديلة

عاموس يادلين•
تميز الأمن القومي الإسرائيلي بميزان ايجابي عام 2013. لكن، يتوقع في النصف الثاني من عام 2014 وقوع أحداث مثيرة للمشاكل -مواجهة المشروع النووي الإيراني ومحاولة حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني والتقلبات في العالم العربي- تضع أمام إسرائيل تحديات مهمة. وعقد اتفاقيات يساعد إسرائيل في بلورة رد على التحديات. وعلى العكس، في حال عدم التوصل لاتفاقيات، المطلوب هو صياغة خطط بديلة مناسبة. وفي جميع الأحوال، يدور الحديث عن فترة حسم وطرح مبادرات سياسية وأمنية، على إسرائيل أن تتخذها من أجل التصدي للتوجهات السلبية ومنعها من التحول لتهديدات واضحة وفورية.

إلى الجانب الايحابي لميزان الأمن القومي – عناصر مركزية
1. تتمتع دولة إسرائيل بهدوء مطلق على حدودها. والردع الإسرائيلي قوي جدا، ويلمس ذلك في الدول المجاورة، وللمنظمات الإرهابية المتواجدة في لبنان وغزة.
2. رغم التقلبات في العالم العربي، تمت المحافظة على اتفاقيات السلام مع مصر والأردن.
3. زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى إسرائيل في شهر مارس 2013 والدعم الأمريكي غير المتحفظ لها بالمجال الأمني ومن ضمنه المحافظة على التفوق العسكري وتطوير وتعزيز منظومة التصدي للصواريخ. وظل الدعم المذكور لبنة أساسية مهمة في الردع الإسرائيلي.
4. ضعف وتدمير الجيش السوري ،المنشغل بالحرب الأهلية، بدرجة هائلة وفقدانه معدات كثيرة وتجري عملية نزع السلاح الكيماوي منه.
5. حزب الله يشارك بالحرب في سوريا، وما زال يفقد من شرعيته في العالم العربي ولبنان.
6. تعزيز مكانة فتح والسلطة الفلسطينية الكائنة في رام الله، مقابل تراجع قوة حماس ،المسيطرة على قطاع غزة. وميزان القوى الفلسطيني مكن من تجدد المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية على الاتفاق النهائي -تطور قلل بدرجة ما من الضغوط الدولية على إسرائيل وبطأ من حملة عدم الشرعية التي تمارس ضدها في السنوات الأخيرة.
7. تضرر الاقتصاد الإيراني كثيراً نتيجة العقوبات الدولية التي فرضت على إيران، ونتيجة للسياسات الاقتصادية الفاشلة التي اتبعها أحمدي نجاد. ولأول مرة منذ عقد، ذهبت إيران إلى طاولة المفاوضات من موقع ضعف، مقارنة مع القوى العظمى التي تبذل جهود لإحباط مساعيها بامتلاك قدرات نووية، وفي مقدمة هذه الدول الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا وبريطانيا. ونتج عن هذه المفاوضات اتفاق مرحلي، هدفه إبطاء مستوى تقدم المشروع النووي الإيراني وحتى إعادته إلى الخلف ولو بالقليل.
8. سقوط نظام الإخوان المسلمين في انقلاب عسكري، وعودة الجيش المصري (أكثر الجهات ايجابية اتجاه إسرائيل في مصر) إلى مركز القرار في مصر. ويحارب الجيش المصري بقوة الجهات الإرهابية الناشطة في شبه جزيرة سيناء، ويبدي عداءاً نشطاً لحماس.
9. التقاء مصالح واسعة بين إسرائيل والعالم السني المعتدل ،خاصة مع دول الخليج، في كل ما يتعلق بإيران وسوريا ومصر، وهناك مصالح متشابهة في كل ما يتعلق بالتغييرات الحاصلة في العالم العربي.
10. لم تنفذ التهديدات التي وجهها الجهاد العالمي ضد إسرائيل العام الماضي، انطلاقا من المناطق التي لا توجد فيها سيطرة مركزية مثل سيناء والجولان.
11. تم التوصل إلى اتفاق أولي بين إسرائيل وتركيا من أجل إنهاء الأزمة بينهما. ومن وجهة نظر إسرائيلية، فإن زعزعة مكانة رجب طيب أردوغان في تركيا أمر ايجابي لها.
12. عاد الغاز من البحر الأبيض المتوسط إلى الضخ لإسرائيل من الحقول الغنية جدا الواقعة في الجزء الشمالي من المياه الاقتصادية لإسرائيل، وهذا التطور يخفف على إسرائيل من ناحية تكاليف الطاقة ويحسن مكانتها الجيوسياسية.
ومع ذلك، وبرؤية مستقبلية هناك مكان للقلق لوجود تطورات إستراتيجية سلبية بعيدة المدى، كامنة فيها تحديات ومخاطر مهمة على الأمن القومي الإسرائيلي.

العناصر ذات مشاكل
توجد أربعة عناصر أساسية تثير المشاكل لإسرائيل. وتشكل هذه القضايا تحديا للتفكير الاستراتيجي الإسرائيلي وتدعوا لوضع سياسة فعالة هدفها الخروج من الوضع القائم وإبعاد المخاطر الإستراتجية عن إسرائيل، والعناصر الأربعة المنفردة يعتقد أن بينها علاقة هي:
1. قضية المشروع النووي الإيراني -المخاطر المرتبطة بهذه القضية هي تموضع إيران في مصاف الدول النووية بعد التوقيع على اتفاق يسمح لها بتطوير مشروعها النووي. ويرافق ذلك، تراجع وانهيار أسلوبي الضغط الأمريكيين: العقوبات الاقتصادية والخيار العسكري.
2. المسيرة السلمية الإسرائيلية-الفلسطينية -الانعكاسات السياسية والأمنية لعدم نجاح المفاوضات سيكون لها أبعاد دبلوماسية وقانونية ضد إسرائيل في الساحة الدولية وزيادة مقطاعتها، وبدرجة أقل، احتمال اندلاع صراع عنيف في يهودا والسامرة، وأمام حماس في قطاع غزة.
3. سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط -تحدي استراتيجي ينشأ في مواجهة إسرائيل وهو تغيير الولايات المتحدة لسياستها في المنطقة وتوجهها نحو أسيا، وإضعاف تأثيرها في الشرق الأوسط عبر عنه بعدم الرغبة بالتدخل عسكريا في مناطق التوتر والأزمات التي تشهدها المنطقة وتركيزها على الحلول الدبلوماسية التي يعاني بعضها من عيوب.
4. مصدر تهديداً أخر تواجهه إسرائيل –هو استمرار التقلبات في العالم العربي وتأثير ذلك على الدول المجاورة مثل سوريا ومصر والأردن ولبنان. ولعدم الاستقرار في هذه الدول، خاصة ضعف السلطة المركزية فيها، سيكون له انعكاسات مهددة لأمن إسرائيل القومي.

وفي النصف الثاني من عام 2013، وبعد أن جرت انتخابات في الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران واستقرار أنظمة الحكم فيها، طرحت مبادرات دبلوماسية سيكون تأثيرها على عام 2014 كبير جداً، ففي شهر نوفمبر عام 2013 تم التوصل بين إيران والدول العظمى إلى اتفاق دولي، كمرحلة في المفاوضات استعداداً لصياغة اتفاق شامل بالمسألة النووية الإيرانية. وفي نيسان عام 2014 تنتهي فترة التسعة أشهر التي خصصت للمفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، ويتوقع في عام 2014 إنهاء وجود الأسلحة الكيماوية في سوريا وربما ترتيب وتنظيم العلاقة بين القوى المختلفة في سوريا.
ويتوقع أن تنتهي هذه الإحداث في نهاية ربيع أو بداية صيف عام 2014. وللتقدم ونتائج هذه القضايا انعكاسات مباشرة على القضايا الجوهرية الأمنية الإسرائيلية التي تتطلب من الحكومة اتخاذ قرارات غير بسيطة. وتأجيل الحسم هو دائماً خيار، لكن قيادة إسرائيلية مسئولة تدرك متى يرافق التأجيل دفع ثمن باهظ، مثل الثمن الدبلوماسي الذي سيرافق إسرائيل بعد اتهامها بإفشال المفاوضات مع الفلسطينيين، ومتى يكون الوقت المناسب للقيادة الانتظار وتأجيل اتخاذ قرارات إلى حين استنفاذ كافة الإجراءات السياسية في الساحة الدولية مثل اتضاح أن الدول الغربية تتقدم باتجاه حل للأزمة مع إيران، تستجيب للمصالح الإسرائيلية. كما تعرف القيادة المسئولة الوقت الذي يتطلب الحسم في مسائل لا تلزم اتخاذ قرارات. لكن الوضع، يتطلب مراقبة شديدة واستعداد لتطور سلبي مثل اندلاع مواجهة مسلحة في الشمال (على الحدود مع سوريا ولبنان) أو تغيير نظام الحكم في مصر والأردن. وعلاوة على ذلك، تعرف القيادة المسئولة كيف تستغل الفرص للتعاون مع الدول السنية البراغماتية من أجل تحقيق المصالح المشتركة.

المشروع النووي الإيراني
تقدم المشروع النووي الإيراني في تخصيب اليورانيوم، وبناء مفاعل للمياه الثقيلة في أراك يعتبر عنصر مركزي في الحصول على سلاح نووي. واقتربت إيران عام 2013 كثيرا من الحصول على أسلحة نووية خلال وقت قصير -أشهر معدودة لحين إنهاء المفاعل، وبعد عام يمكن الحصول على أسلحة نووية. ومع تحويل المفاعل النووي في أراك إلى مفاعل فاعل، لن تكون هناك إمكانية لشن هجوم عسكري لوقف القدرات النووية العسكرية الإيرانية، خاصة بسبب الإضرار البيئية الواسعة التي يسببها قصف المفاعل. وهذا التطور إلى جانب المخاوف من هجوم إسرائيلي على إيران، دفع الولايات المتحدة وشركائها الدوليين لمرحلة الحسم وهي: هل استمرار السياسة القائمة وزيادة العقوبات الاقتصادية وترجمة الضغط الاقتصادي المتزايد على إيران سيدفعها إلى الموافقة على وقف التقدم للوصول إلى السلاح النووي وحتى إزالته بعد عدة سنوات، أو تنفيذ خيار عسكري في ظل عدم التقدم نحو اتفاق، أو التسليم بأن إيران نووية وبأنها ستصل إلى القدرات النووية العسكرية.
فعالية العقوبات المتزايدة دفعت الاقتصاد الإيراني إلى أسوء فتراته، وشكلت خلفية للضغط المتزايد وإلى التغيير الداخلي في إيران. وفي عام 2013 انتخب حسن روحاني رئيساً لإيران، وهو أكثر المرشحين اعتدالاً الذي قدم خلال حملته الانتخابية موقفاً واضحاً بضرورة تليين إيران لمواقفها في مسألة المشروع النووي وتحسين العلاقات مع الغرب. ونتيجة لهذا البرنامج انتخب روحاني بأغلبية كاسحة في جولة الانتخابات الأولى. ويبدو أن نتائج الانتخابات أشارت إلى أن المقرر الحقيقي في إيران (علي خامئني ومقربيه) توصل لقناعة بأن المشروع النووي أصبح عبئاً على النظام بدلا من أن يكون داعماً له. الأمر الذي وضع القيادة الإيرانية أمام حسم أمرها إما استمرار المشروع النووي في شكله الحالي، أو الاكتفاء بالجانب المدني من المشروع، أو في حالة عدم إزالة الضغط الاقتصادي، إكمال المشروع وإنتاج القنبلة.
على هذه الخلفية جددت المفاوضات بين إيران والدول العظمى. وهي خطوة عبر عنها برغبة الطرفين الامتناع عن الاختيار بين العمل الذي يتطلب ثمنا باهظا وربما غير محتمل بالنسبة لهما. فإيران تسعى إلى رفع الضغوط الاقتصادية والتهديدات بشن هجمات عسكرية عليها. أما الولايات المتحدة وحلفائها فلا توجد لديهم الرغبة بدفع تكاليف عمل عسكري ضد المشروع النووي الإيراني إن كان أمريكيا أو إسرائيليا، أو تحمل ثمن وصول إيران إلى القدرات النووية العسكرية. وعليه، اجتمع الطرفان في مفاوضات مع إحساس بأن فشل المفاوضات ليس خيار وأبدى الطرفان ليونة واستعداداً للتنازل في المواقف المبدئية.
وبعد تبني وجهة النظر الإيرانية بالتوصل سريعا إلى اتفاق مرحلي يعطي الطرفين القدرة على إجراء مفاوضات على اتفاق نهائي خلال فترة ممتدة من نصف إلى عام، أجرت الأطراف محادثات مكثفة في جنيف نتج عنها إطار لاتفاق مرحلي. وكما ذكر، كان البند الأساسي في هذا الاتفاق هو وقف تقدم المشروع النووي ووقف تخصيب اليورانيوم مقابل رفع جزئي للعقوبات. ووجهت للاتفاق انتقادات من الطرفين. لكن إسرائيل كانت أكثر الأطراف انتقادا للاتفاق لان ما تم التوصل إليه يشير بوضوح إلى رغبة غربية بالتوصل إلى اتفاق نهائي، يبقي لإيران مستوى معقول من السيطرة على الوقود النووي والقدرة على تصنيع قنبلة نووية. وبالإضافة إلى ذلك، وإذا تمترس المفاوضين بمواقفهم في المفاوضات النهائية ولم يتم التوصل لاتفاق كامل، سيعتبر الاتفاق المرحلي غير محدد. بمعنى أن ما يفصل إيران عن القنبلة النووية هي فترة بسيطة. كذلك أسمعت انتقادات للاتفاق من جانب الجهات المحافظة بإيران. وفي جميع الأحوال، يبدو أن الاتفاق المرحلي حقق هدفه الأصلي حيث منح المفاوضين فرصة لإجراء مفاوضات على اتفاق نهائي. وعلى افتراض (معقول) بأن الطرفين سيتوصلان إلى اتفاق على الأبعاد التقنية للاتفاق المرحلي، تبدأ بعدها مفاوضات الاتفاق النهائي، ستضطر الأطراف المشاركة بالمفاوضات إلى حسم موقفها حول كيفية استغلال الفترة الانتقالية للحصول على الحد الأقصى من النتائج التي تخدم أهدافه الإستراتيجية. لكن، ما العمل في حال فشلت المفاوضات.
وعلى إيران حسم أمرها بين خيارين، إما الاعتقاد بأنها ستنجح في المحافظة على معظم عناصر مشروعها النووي بما في ذلك العناصر التي تمكنها من امتلاك القنبلة النووية خلال فترة بسيطة، ونجاحها في إزالة العقوبات الاقتصادية، بواسطة خلق أجواء ايجابية في المفاوضات والتعاون المشترك وإزالة التهديدات العسكرية (بواسطة تنازلات محدودة وليست جوهرية). أو اتخاذ قرار جوهري بالاكتفاء بالمشروع المدني من خلال تقديم تنازلات تحول التوجه إلى إنتاج سلاح نووي أمر غير عملي، لكن تتم فيه المحافظة على الكرامة الإيرانية الوطنية وعلى المواقف الصلبة الإيرانية. ومن الواضح أن المفاوضين الإيرانيين سيحاولون تطبيق الشق الأول وهو المحافظة على القدرة على إنتاج قنبلة نووية خلال فترة قصيرة. والسؤال الكبير هو، ماذا سيفعلون إذا تبين لهم أن المفاوضات ستفشل لأنهم لم يقدموا تنازلات جوهرية أكثر. حينها ستدرس القيادة الإيرانية انعكاسات الفشل اقتصاديا ومسألة استقرار نظام الحكم وبلورة طرق عمل من أجل الاستمرار.
كذلك على دول 5+1 حسم أمرها في عدة أمور رغم أنها اتخذت عدة قرارات في بعض القضايا. وأول هذه القضايا هو ايجاد حل لمسألة المشروع النووي، وعدم التفاوض في مسائل أخرى متعلقة بالسياسات الإيرانية (مثل دعم الإرهاب). ويبدو أن المفاوضات ستركز فقط على المشروع النووي، وربما الأفضل هو ذلك لأن دمج مواضيع أخرى في المفاوضات سيعقدها ويقلص من احتمال نجاحها. ورغم الامتناع عن التفاوض في مواضيع أخرى -يتعلق بالعقوبات الاقتصادية على إيران- يجب طرح سؤال هو، كيف يمكن الفصل بين العقوبات الناتجة عن المشروع النووي الإيراني وبين العقوبات المفروضة على النظام نتيجة عناصر أخرى ناتجة عن سياسة إيران في الساحة الدولية.
قضية أخرى اتخذ قرار بخصوصها وهي :هل سيسمح في إطار اتفاق كامل ونهائي لإيران بتخصيب اليورانيوم ؟. تقول التقييمات المعقولة أنه لا يعقل أن يتضمن الاتفاق النهائي أي تخصيب لليورانيوم. وعليه، فإن المسألة المركزية والجوهرية هي أية معايير للاتفاق -عدد الطرود المركزية ونوعها ومستوى التخصيب وكمية المواد المخصبة التي ستبقى في إيران على شكل مواد خام وتحييد مفاعل البلوتونيوم وإغلاق المفاعل في بوردو ووضع ترتيبات إشراف فعالة على إيران في المجال النووي- تؤدي إلى تراجع قدرة إيران عن إنتاج قنبلة نووية ويفتح المجال أمام اكتشافها في الوقت المحدد. لكن إذا لم يتم التوصل لمثل هذا الاتفاق، هل ستمدد الفترة المحددة للمفاوضات، ويمنح الاتفاق المرحلي مزيدا من الوقت ؟. وإذا أعلن عن الفشل، حينها ما العمل ؟. من دون شك فإن للأطراف الستة التي تفاوض إيران مصالح مختلفة وسيجدون صعوبة بالتوصل إلى اتفاق فيما بينهم في تلك المسائل، وبالتالي التوصل إلى اتفاق مع إيران. وقد بدا أن الولايات المتحدة تعمل على منع انهيار نظام العقوبات -باستثناء العقوبات التي اتفق على رفعها في الاتفاق المرحلي. ومع مرور الوقت على الإدارة الأمريكية أن تقرر، هل وكيف يمكن المحافظة على مصداقية الخيار العسكري الذي تعرض لضرر. كما على الإدارة الأمريكية خوض صراع مع الكونغرس الذي يحاول إفشال الاتفاق.
وعلى إسرائيل التي ترى بالمشروع النووي الإيراني تهديد خاص لها اتخاذ عدة قرارات هي :من الواضح أن إسرائيل لا تملك أي خيار باستخدام القوة العسكرية خلال المفاوضات. وعلى حكومة إسرائيل أن تقرر هل استمرار المفاوضات بعد الفترة المحددة لها يتطلب منها دراسة شن هجوم على المنشات النووية الإيرانية ؟. وإذا فشلت المفاوضات هل ستضطر إلى تنفيذ الخيار العسكري ؟. أو دراسة إمكانية إعطاء فترة أخرى من أجل تعزيز العقوبات ؟. لكن المسألة المركزية هي كيف تدفع إسرائيل الدول العظمى وفي مقدمتها الولايات المتحدة إلى عدم التنازل عن العناصر الأساسية في أي اتفاق نهائي مع إيران بهدف منعها من امتلاك قدرات نووية ؟. من الواضح أنه لا يمكن تحقيق هذا الهدف إلا بالتفاوض مع الولايات المتحدة والدول العظمى الأخرى.
مسألة أخرى على إسرائيل أن تواجهها وهي مسألة بناء القوة العسكرية. والعنصر الأساسي في هذه المسألة هو، هل يجب المحافظة على القدرات التي تم بناؤها لمواجهة المشروع النووي الإيراني ؟. وهي قدرات عامة ومهمة في جبهات أخرى (خيارات ثمنها معقول) أم يجب الاستمرار في تطوير قدرات إضافية لتأكد بأن الخيار العسكري الإسرائيلي تمت المحافظة عليه ؟. وعلى خلفية الواقع الاجتماعي والاقتصادي لإسرائيل، تعتبر الإمكانية الثانية مشكلة بالنسبة لها.
خلاصة، على إسرائيل التوصل إلى اتفاق مع الإدارة الأمريكية بخصوص معايير ومقاييس الصفقة القادمة، وعليها وضع عناصر معقولة لخطط بديلة في حال عدم التوصل إلى اتفاق بين الدول العظمى وإيران، من ضمنها الاحتفاظ لنفسها بالخيار العسكري الموثوق به، في حال فشل الخيارات الأخرى. وهامش الاتفاق بين إسرائيل والولايات المتحدة، إضافة إلى قدرة الدول العظمى المحافظة على نظام العقوبات، والتهديد باستخدام الخيار العسكري من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل، وكذلك قدرة الرئيس الإيراني حسن روحاني على مواجهة التحديات الداخلية، هي التي ستحسم مصير الأزمة الإيرانية.

المسيرة السياسيه الإسرائيلية – الفلسطينية
على عكس التقييمات التي قالت أن إدارة أوباما –فشلت في تحريك المفاوضات الإسرائيلية–الفلسطينية خلال الفترة الأولى من حكمه– سوف تمنح مسيرة السلام الإسرائيلية الفلسطينية أهمية أقل خلال فترة حكمه الثانية، منح وزير الخارجية الامريكي جون كيري أفضلية كبيرة لتجدد المفاوضات بين الطرفين. ونجح الاصرار والتواصل الأمريكي في دفع الإسرائيليين والفلسطينيين إلى التنازل عن الشروط التي وضعاها لتجدد المفاوضات. وخصص لجولة المفاوضات الحالية تسعة أشهر تنتهي في شهر نيسان عام 2014، واحتمال نجاح الجولة الحالية من المفاوضات تبدو منخفضة لأن الفوارق في المواقف بين الجانبين كبيرة وعدم الثقة المتبادلة يضع صعوبات صعبة أمام الحل. فكل طرف يؤمن بأن الطرف الثاني غير مستعد لمنح الحد الادنى الضروري للتوصل إلى اتفاق. وعليه، لا يؤمن الطرف الإسرائيلي بأن الفلسطينيين سيوافقون على اتفاق يضمن كفاية أمن إسرائيل والموافقة وإنهاء النزاع والمطالب والتنازل عن حق العودة. من جانبهم لا يؤمن الفلسطينيين بأن إسرائيل مستعدة حقاً للعودة إلى حدود عام 1967 وتمكينهم من إقامة عاصمتهم بالقدس الشرقية. ومن وجهة نظر فلسطينية، تريد إسرائيل استمرار السيطرة على الضفة الغربيه بطريقة أخرى، ومن هنا يعتبرون المطالب الأمنية الإسرائيلية مبالغ فيها.
وحاولت الولايات المتحدة جسر الهوة في مواقف الطرفين بواسطة بلورة اقتراح حل وسط في مجال الأمن يكون مقبولاً على الطرفين، مفترضة أن الاتفاق حول القضايا الأمنية يحدث اختراق وتقدم في القضايا الأخرى محل الخلاف. ويبدو أن الوسطاء الأمريكان يؤمنون بأن تلبية المطالب الأمنية الكافية لإسرائيل سيدفعها إلى تليين مواقفها في مجالات أخرى. ولهذا السبب وضع الجنرال جون آلان وطاقمه اقتراح أمريكي في مجال الأمن وأجروا مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي. واعتبر الفلسطينيين الاقتراح الأمريكي ميال لصالح إسرائيل ما دعاهم إلى رفضه. وكشفت الجهود الامريكية لجسر الهوة في مجال الأمن عن مستوى التباعد في مواقف الطرفين، إن كان في مجال الترتيبات الأمنية التي تعتبر أقل أهمية من قضايا الخلاف الأخرى -لم يبد الفلسطينيين أية ليونة، ومن الصعب القول أنهم سيبدون ليونة- أو في مسألة نهاية النزاع والمطالب أو اللاجئين وحق العودة.
ومع ذلك، ورغم الصعوبات الهائلة، يعتقد أن إسرائيل والفلسطينيين سيواصلون التزامهم باستمرار إجراء المفاوضات حتى نيسان عام 2014. لكن، على الطرفين إعادة النظر والتفكير واتخاذ قرار يتعلق بنهجهم، إذا اتضح أن المفاوضات على اتفاق نهائي لن تؤدي إلى نتيجة.
وعلى إسرائيل أن تأخذ بالحسبان أن المفاوضات الحالية ربما تكون الفرصة الأخيرة للتوصل إلى اتفاق يسمح بتنفيذ حل دولتين لشعبين، فعلى الأرض تحدث تطورات ربما تجعل العودة إلى الخلف أمر غير قابل للتنفيذ، نظرا لزحف واقع الدولة الواحدة على الأرض، مع المخاطر الذي يحملها هذا السيناريو للهوية اليهودية الديمقراطية ولإسرائيل وللحلم الصهوني. تطور آخر يمكن حدوثه نتيجة فشل المفاوضات وهو ضعف السلطة الفلسطينية ووصولها لدرجة الانهيار وقرار أطراف دولية خاصة الاتحاد الأوروبي – بعدم وجود رغبه في الاستثمار وضخ الأموال في مشروع فاشل اسمه السلطة الفلسطينية. ووقف المساعدة الدولية للفلسطينيين أو المس الحقيقي بالسلطة تؤدي إلى مشاكل كثيرة في المجالات السياسية والاقتصادية من بينها حل السلطة، التي ستحل مكانها إسرائيل لأنها من منظور المجتمع الدولي مسؤولة -طالما لا يوجد اتفاق بين الطرفين– عن رفاهية السكان في المناطق الخاضعة لسيطرتها. كذلك هناك إشارات قادمة من الأجواء السائدة في الشارع الفلسطيني تفيد بأنه أخذ يتجه نحو تأييد العنف ضد إسرائيل. وإذا كانت تقييمات السنوات الماضية تتحدث عن رفض الفلسطينيين العيش والعودة للفوضى والمعاناة في الانتفاضة الثانية، فإن الأجواء تغيرت اليوم، فأولاد فترة الانتفاضة الثانية هم شبان المستقبل ومن جهة نظرهم، لا تؤثر ذكريات الماضي عليهم ولا تشكل ضابط لهم. وبضاف إلى ذلك الاحباط المتزايد نتيجة عدم إحراز تقدم سياسي والتراجع الاقتصادي بأوساط الفلسطينيين. ويبدو، أن زيادة العمليات العسكرية الشعبية التي لا تنفذ بإدارة تنظيمات تدل على تغير الأجواء. ويمكن القول أن مسألة اندلاع انتفاضة ثالثة هي مسالة وقت فقط. وسيكون اندلاعها مختلف عما حدث عام 2000. وتشير التطورات المذكورة إذا حدثت إلى زيادة إجراءات حملات عدم شرعية إسرائيل في العالم الغربي ولذلك إشارات. وعليه، لا يخدم استمرار الوضع القائم مجموعة المصالح الإسرائيلية، وعلى إسرائيل طرح خطة بديلة.
والخطة البديلة الوحيدة اليوم هي "الخطة الفلسطينية" التي تركز على شن حرب دبلوماسية متواصلة في "المدى القصير" ضد دولة إسرائيل في الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية بهدف الحصول على اعتراف من المجتمع الدولي بالدولة الفلسطينية في حدود عام 1967 وتعميق عدم شرعية إسرائيل. وعلى المدى البعيد يسعى الفلسطينيين إلى البحث عن حل الدولة الواحدة. وعلى إسرائيل الاستعداد لمواجهة هذا الخيار أو طرح خطة بديلة خاصة بها. وهي لا تستطيع حصر خيارتها بين الوضع القائم وبين خطة فلسطينية بديلة.
وعلى السياسيات الإسرائيلية البديلة أن تؤكد بأن الاتهام بإفشال المفاوضات لن يفرض عليها. وهو شرط ضروري لنجاح مواجهة الاستراتيجية الفلسطينية البديلة. ومن هنا على إسرائيل إبداء قدر من المرونة واستعداد كافيين لجسر الهوة في المواقف تخلق عند الجانب الفلسطيني الرغبة باستمرار المفاوضات بعد نيسان 2014. وإذا قدم الامريكيان اقتراح لاتفاق إطار أو مبادئ لحل نهائي، على إسرائيل أن تبذل جهودا كبيرة للرد بإيجابية على معظم المبادئ تأكد من خلالها أن مسؤولية الفشل لن تقع عليها. بالإضافة إلى ذلك، من المهم تقديم اقتراحات كريمة وبعيدة المدى ليتأكد الأمريكان على الأقل أن فشل المفاوضات لم يكن بسبب إسرائيل. ولهذا الموضوع انعكاسات على الساحة الإسرائيلية الداخلية بحيث يعزز الاحساس بموقف "لا يوجد خيار" خاصة إذا اندلعت أعمال عنف.
والنهج الموصى باتباعه كبديل استراتيجي هو بالتقدم نحو واقع دولتين لشعبين، حتى لو لم يتم التوصل إلى اتفاق كامل بين الجانبين. ويمكن لهذه الخطوات أن تتم بشكل فردي أو بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية. ومن الواضح أن خطوات منسقة هي المفضلة. لأنها تتضمن التزامات من الجانبين. لكن القياده الفلسطينية تعارض بشدة التوصل لاتفاقيات جزئية وترى بها وسيلة إسرائيلية لاستمرار السيطرة على الضفة الغربية وإملاء حل أحادي الجانب من قبل إسرائيل. وربما يغير الفلسطينيين وجهة نظرهم، عندما يدركون المخاطر الملموسة لفشل المفاوضات. وهناك عدة طرق يمكن اتبعاها لتشجيع الفلسطينيين الموافقة على اتفاقيات مرحلية كهذه مثل :التنازل عن مبدأ أن كل شيء لا يتفق عليه لحين الاتفاق على كل شيء. وبهذه الطريقه يمكن دمج المفاوضات على التسوية النهائيه وبين المفاوضات المرحلية.
والخطوات أحادية الجانب المنسقة "مرغوبة جداً" أو غير منسقة "أقل رغبة" مع الجانب الفلسطيني هو الخيار الأخير، وهو مقترح متعلق برغبة إسرائيلية فقط إذا رفض الفلسطينيون الحلول الجزئية. لكن سيواجه الجانب الإسرائيلي صعوبات كبيرة جدا بتبني مواقف أحادية الجانب، نظرا لفشل هذا الحل في جنوب لبنان وقطاع غزة. لكن، رغم وجهة الرأي العام بهذا الخصوص، كان القرار من الناحية الإستراتيجية سليم، حيث أعرب معظم الجمهور الإسرائيلي عن رفضه استمرار السيطرة على قطاع أمني في جنوب لبنان أو العودة للسيطرة على قطاع غزة. لكن المشكلة في الخطوات أحادية الجانب هي في طريقة التنفيذ. وفي هذا السياق، يجب أخذ العبر من تنفيذ قرارات عام 2000 "الانسحاب من لبنان" وعام 2005 "الانسحاب من قطاع غزة" من أجل إصلاح العيوب في حال أُتخذ قرار إسرائيلي برسم حدود الدولة بصورة أحادية الجانب. وفي هذا الإطار، تنفذ الخطة بعد تقديم عرض يعتبر كريم من قبل حلفاء إسرائيل الغربيين، والعمل بالتنسيق معهم وتلقي شرعية لسياستها الداعية لإبقاء قوات الجيش في غور الأردن ومنع تهريب السلاح والمخربين للضفة الغربية، وإبقاء الأراضي المتبقية ورقة مساومة في المفاوضات المستقبلية للتوصل إلى اتفاق نهائي مع الفلسطينيين، والاهتمام بطريقة مناسبة بالمدنيين (المستوطنين) الذين سيتم إخلاؤهم من المناطق التي ستنسحب منها إسرائيل.
كما على الفلسطينيين دراسة إمكانية استمرار خطواتهم في أعقاب فشل المفاوضات. وعلى المستوى الاستراتيجي هل عليهم التخلي عن حل الدولتين، وتبني استراتيجية الدولة الواحدة. وهناك الكثير من الفلسطينيين الذين يعتبرون هذا الخيار ذو ميزات كبيرة بسبب ثقتهم في الانتصار بالسباق الديمغرافي. وحتى هذه المرحلة، توجه قيادة رام الله هو التمسك بإستراتيجية حل دولتين لشعبين، أو التقدم من دون مفاوضات من أجل اعتراف الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية، وفي نفس الوقت، استمرار المقاومة الشعبية.
وللنهجين نقاط ضعف كثيرة. ومن خلال التوجه للمجتمع الدولي والمؤسسات الدولية مثل محكمة الجنايات الدولية، يستطيع الفلسطينيين التضييق على إسرائيل والتسريع من عملية عدم شرعيتها. لكن سيرهم في المسارين سيكون محدود وبطيء، ويشك أن يؤدي ذلك إلى تغيير جوهري في موقف إسرائيل. كما أن المقاومة الشعبية التي لا تستخدم العنف أو العنف ضمن مستويات محدودة مثل إلقاء حجارة، تخلق تناقضات داخلية. فمن جهة، إذا جرت بشكل مراقب وتحت سيطرة القيادة الفلسطينية بهدف منع تصاعد المقاومة لعنف جارف وفقدان السيطرة، فإنها لن تؤثر بصورة جوهرية على السياسات الإسرائيلية. ومن جهة أخرى، إذ كان مستوى العنف كبير والسيطرة ضعيفة فإنها ستزيد من احتمالات تدهور العنف المكثف من الجانبين. وأشك أن قيادة فلسطينية تعاني من عدم الشرعية الداخلية تستطيع قيادة مقاومة شعبية بمستويات واسعة. وبشكل عام، ليس واضحاً إذا ما كانت ستوجه الانتفاضة الشعبية ضد قادة السلطة نفسها. والاعتراف بضعف هذه الخيارات سيدفع القيادة الفلسطينية إلى دراسة إمكانية استمرار المفاوضات بعد نيسان 2014.
كما على الولايات المتحدة اتخاذ قرارات مهمة في عدة مجالات هي :على الطاقم الامريكي دراسة الطرق السليمة لعرض إطار اتفاق على الطرفين، وأي مستوى وفي أي شهر من اشهر المفاوضات التسعة يجب أن تمارس الضغوط عليهما من أجل أن يوافقا على اتفاق إطار، وأية معايير ستحددها للإشارة إلى فشلها ؟. وإذا كان هذا هو الوضع، ما هي طرق العمل التي يجب تبنيها. أحد الخيارات الأمريكية هي تقليل كبير في التدخل الأمريكي بالمسار الإسرائيلي–الفلسطيني، أي العودة إلى السياسات التي اتبعتها إدارة أوباما خلال فترة حكمه الأولى. لكن هناك شكوك بأن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري سيوصى بذلك نظرا لالتزامه العميق بالموضوع. وعليه، سيدرس الأمريكان إمكانية التقدم تدريجيا وجزئيا لواقع دولتين لشعبين بوسائل مختلفة ومحاولة تمديد الفترة الزمنية التي خصصت للمفاوضات.
وفي هذا المجال، يجب التطرق إلى العوائق المرتبطة بقطاع غزة الخاضع لحكم حماس. وفي هذه المرحلة، يبدو أن إسرائيل والسلطة الفلسطينية والولايات المتحدة تبنوا وجهة نظر تقول أن تنفيذ الاتفاقات يبدأ من الضفة الغربية بشكل تدريجي. لكن ذلك لا يعفى المشاركين في المفاوضات من اتخاذ قرارات حول كيفية إدارة السياسات تجاه قطاع غزة.
وبالموضوع المذكور أعلاه هناك ثلاثة خيارات ممكنة في السياسات المقترحة للتعامل مع جركة حماس وهي :
الخيار الأول، استمرار السياسة الحالية الداعية إلى استيعاب حماس. لكن هذه السياسة تحولت إلى سياسة معقده جداً بسبب الضغط الذي يمارسه النظام المصري على حماس الذي يعتبره حليف الإخوان المسلمين. وُعبر عن هذا الضغط بإغلاق معابر مصر من وإلى القطاع، ومحاربة الجيش المصري للبنى التحتية للارهاب في سيناء والتصدي لتهريب السلاح إلى قطاع غزة. وتمس الإجراءات المذكورة -مع ابتعادها عن إيران الداعمة لنظام بشار الاسد- قدرات حماس ووضعها الاقتصادي. وإلى جانب ذلك، يتزايد تعلق قطاع غزة بإسرائيل ما يؤدي إلى إحداث عيب وخلل مركزي في سياسة الابتعاد والانفصال عن قطاع غزة. كما أن الضغط الممارس على حماس ربما يؤدي بالمنظمة إلى الدخول في حالة أزمة ما يدفعها إلى خوض مواجهة مع إسرائيل. واحتمال تحقق هذه الامكانية وارد نظرا لجهود حماس في إعادة بناء بناها الإرهابية التحتية في الضفة وبدء عمليات من هناك، رغم خطورة هذه الامكانية التي لن تكون لصالحها. وعمل ضد إسرائيل مصدره قطاع غزة وإطلاق صواريخ وتنفيذ عمليات بواسطة أنفاق ضد إسرائيل، سيدفعها لرد صعب. وستجد حماس صعوبة في مثل هذه المواجهة نظرا لتراجع الدعم المصري لها وقطعها عن مصادر التسلح. وعليه، خيار استيعاب حماس هو أفضل خيار لمواجهتها. وفي المقابل، يجب العمل على تقليص التعلق الاستراتيجي لقطاع غزة بإسرائيل قدر الإمكان.
الخيار الثاني، هو الانضمام للجهود المصرية الهادفة إلى إسقاط حماس في غزة بواسطه دمج وسائل سياسية مثل الضغط لإجراء انتخابات واستمرار الضغوط الاقتصادية وحتى العسكرية. وهذا الخيار يطرح من هو البديل الذي سيحكم قطاع غزة، لأنه من غير الواضح اليوم وجود بديل حقيقي لحماس وإذا كان هناك بديل فما هو طابعه. ومن الصعب تصور كيف سيعيد محمود عباس سلطته في القطاع من دون انتخابات عامة، مع أن احتمالات موافقة حماس وهي في أدنى لحظات ضعفها غير واردة. وطالما لم تتضح صورة وشكل قوة واقعية متبلورة وقوية بما فيه الكفاية من أجل استبدال سلطة حماس من دون تدخل خارجي عسكري، لا نوصي بالاعتماد على تغير سلطة حماس كسياسة إسرائيلية.
الخيار الثالث بخصوص قطاع غزة هو استغلال الضائقة التي تمر بها حماس من أجل إحداث تغييرات درامية في مواقفها تجبرها على العمل كشريك حتى لو لم يكن نشطا في المسيرة السياسية الإسرائيلية-الفلسطينية. ومن أجل تحقيق هذا الخيار يجب محاورة حماس لمعرفة موقفها في هذا الموضوع. وحتى هذه اللحظة، لا يبدو أن الأوضاع جاهزة لمثل هذا الحوار حيث تتمسك حماس بمواقفها الأيديولوجية التي لا تعترف بإسرائيل وتطالب بالمقاومة العنيفة واستخدام الارهاب ضدها.

التقلبات في العالم العربي
التغيير الكبير جداً الذي حدث في العالم العربي خلال عام 2013 هو انقلاب التوجهات التي عززت قوة الإخوان المسلمين والحركات القريبة منها ومن دور الدين في المجتمع والدولة. وأبرز تطور في هذا المجال هو إسقاط الرئيس محمد مرسي في مصر من قبل تحالف ضم الجيش وحركات الاحتجاج الشعبية الهائلة. ولإسقاط مرسي انعكاسات واسعة في كل العالم العربي حيث شجع ذلك الجهات المعارضة للإخوان المسلمين في الدول الأخرى، ومست بدعمهم الشعبي وأضعفت مكانة الحركة في أماكن كثيرة. وساهم هذا التطور في استيعاب المخاطر المتوقعة من الحركة على أنظمة الحكم الأخرى في المنطقة، ومن ضمنها الأردن. وفي تونس اضطرت حكومة الإخوان المسلمين إلى الاستقالة واستبدلت بحكومة تكنوقراط.
السؤال المطروح اليوم هو :من سيحل في العالم العربي مكان القوة الصاعدة للإخوان المسلمين ؟. أحد الخيارات هي عودة الدكتاتوريات العسكرية وهذا ما حدث في مصر. لكن، من غير الواضح بقاء سلطة العسكر بشكل دائم، بعد أن أصبحت للشارع وللجماهير قوة كبيرة. وخيار آخر، هو ضعف الدول وفقدان قدرتها على الحكم، ما يؤدي لانهيارها وتحولها لدول فاشلة. خيار آخر يتمثل بصعود قوة التيارات الإسلامية المتطرفة جداً مثل القاعدة والسلفيين والجهاديين. وآخر خياران يحدثان في سوريا، حيث يوجد لهذه التيارات تأثيرات قوية. وفي جميع الأحوال، لهذه التطورات تأثير كبير على ميزان القوى الاقليمي عبر عنه باشتداد الصراع السني بقيادة العربية السعودية وبين المحور الشيعي بقيادة إيران .
وهذه التطورات تجر على إسرائيل مخاطر وفرص. فعدم الاستقرار في الدول المجاورة يضعف الحكم فيها ويزيد احتمال دخول التيارت التي لا تمثل دول للمناطق المحاذية لإسرائيل، وهي جهات مسلحة. الأمر الذي يزيد من المخاطر الأمنية على إسرائيل. والتوجه المذكور حاضر في شبه جزيرة سيناء وبدأ يتطور في الجولان. ومع ذلك، التهديد بتوسيع العمل الارهابي على حدود دولة إسرائيل من قبل الجهات المتطرفة مثل القاعدة، ليس بالأمر الجديد ولا يشكل حتى الان أي تهديد استراتيجي لها، وهي تواجهه بشكل جيد. ومن الأنسب لإسرائيل استمرار الاستعداد لمواجهة هذا الخطر وبلورة نظرية عسكرية ملائمة لمواجهته ومن غير السليم وصفه كتسونامي وتهديد مركزي لها.
حتى هذه المرحلة، يبدو من جهة نظر إسرائيلية أن الفوائد الاستراتيجية الكامنة في التقلبات بالعالم العربي أكثر من المخاطر عليها وتتمثل في :ازدياد الأزمة في العلاقات بين المحور السني والمحور الشيعي في المنطقة وبداية إضعاف للمحور الشيعي خاصة في اعقاب الحرب الاهلية في سوريا ما يؤدي إلى توسيع هامش المناورة الإسرائيلية في الشرق الاوسط، وخلق فرص لصالحها تدفع باتجاه التعاون مع دول المحور السني. لكن احتمال بقاء نظام بشار الاسد ،نتيجة توازن القوى بين نظام بشار ومعارضيه، ستظل سوريا في عهد بشار الأسد دولة ضعيفة، كما تضرر حلفاء النظام (حزب الله) سياسياً بسبب تدخله في الحرب الأهلية السورية.
وإضعاف توجهات صعود الإخوان المسلمين وسع من احتمالات التعاون بين إسرائيل والدول السنية المعتدلة التي سميت في الماضي المعسكر المؤيد للغرب في المنطقة. وابتعدت كثيرا إمكانية تدهور علاقات إسرائيل مع مصر وتحسن مستوى التعاون بين الدولتين في مجال محاربة الإرهاب في سيناء وأمام حكومة حماس في غزة. ومع ذلك، هناك مخاطر على المدى البعيد جدا لأنه من الصعب توقع رد الإخوان المسلمين الذين يحافظون على شعبية قوية في قطاعات واسعة من الشارع العربي نتيجة القمع العسكري أو الضغوط الممارسة عليها من القوى الليبرالية. وما زالت مصر معرضة لاندلاع حرب أهلية سيكون لها انعكاسات على إسرائيل بسبب التقارب الجغرافي بين الدولتين، ومركزية مصر في العالم العربي. لكن احتمال اندلاع حرب أهلية في مصر ليست كبيرة.
وعلاوة على ذلك، ما يحدث في الدول المحيطة بإسرائيل أضعف بدرجة كبيرة التهديد العسكري التقليدي من جيوشها. لكن ذلك الوضع أدى لصعود نسبي لتهديدات عسكرية غير منتظمة ولجماعات لا تمثل دول. وبشكل غير متوقع مسبقا أضعف (طالما لم يتشكل التهديد بحصول إيران على أسلحة نووية) التهديد الموجه ضد إسرائيل باستخدام أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط بعد أن تنازلت سوريا -التي امتلكت أكبر كميات من أسلحة الدمار الشامل- عن سلاحها الكيماوي، ويبدو أن خطة السلاح البيولوجي (في طور التطور) توقفت في أعقاب التهديد بعمل عسكري أمريكي ضد النظام.
وهناك من يدعي أن التطورات في الشرق الاوسط أثبتت أنه لا يوجد علاقة بين المواضيع الاستراتيجية المركزية المختلفة التي تؤثر على إسرائيل. فعلى سبيل المثال، لا توجد علاقة بين المشروع النووي الإيراني وقضية الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني. ودول الخليج العربية منشغلة بالتهديد الإيراني أكثر من انشغالها بالقضية الفلسطينية. وعليه، لا توجد علاقة بين استعداد هذه الدول لعمل عسكري ضد إيران وبين ما يحدث في المسار الإسرائيلي–الفلسطيني. ويمكن طرح ادعاء بسيط وهو أن المشروع النووي الإيراني ليس له علاقة بإسرائيل وبالنزاع الإسرائيلي-العربي. لكن، حتى لو كانت وجهة النظر المذكورة صحيحة فإن التعاون الإسرائيلي مع دول الشرق الاوسط متعلق كثيرا بما يحدث في المسار الإسرائيلي–الفلسطيني، ذلك أن جمهور هذه الدول يهتم بما يجري في المسار المذكور. وبالإضافة إلى ذلك، هناك إدعاء بأن عداء العالم العربي لإسرائيل مستغل جيدا من قبل إيران بهدف تعزيز تأثيرها في العالم العربي. وعليه فإن تخفيف عداء العالم العربي لإسرائيل سيكون وسيلة مهمة في محاربة المحور الإيراني.
وعليه، وعندما تقرر إسرائيل كيفية إدارتها لمسألة المشروع النووي الإيراني وأسلحة الدمار الشامل، وفي المسار الفلسطيني، وأمام التطورات في الدول المجاورة المتأثرة بالتقلبات في العالم العربي، عليها أن تأخذ بعين الاعتبار التأثيرات المتبادلة بين جميع المسارات. فمثلا إذا رغبت بإقامة نظام أمن إقليمي في الشرق الأوسط، المعتمد على التعاون المشترك مع بعض دول المنطقة، عليها أن تأخذ بالحسبان بأن الأزمة أو النجاح في المسار الإسرائيلي-الفلسطيني، أو حدوث تطور في الأزمة مع إيران، ستؤثر تأثير كبير على القدرة في التقدم نحو النظام الأمني المذكور.

مكانة الولايات المتحدة في الشرق الاوسط
الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة هي العمود الفقري للمكانة الاستراتيجية الإسرائيلية ولقوة الردع الخاصة بها. وعليه، فإن أي إضعاف لمكانتها في الشرق الاوسط له تأثيرات سلبية على المكانة الاستراتيجية لإسرائيل. وفي السنوات الاخيرة بدأ يحدث تراجع كبير في شكل وقوة وتأثير الولايات المتحدة في المنطقة وفي مناطق أخرى من العالم. وهناك من يدعي أن الضعف الحالي هو ضعف حقيقي ينبع من فشل السياسات وانسحاب القوات الأمريكية في أفغانستان والعراق من دون تحقيق الاهداف التي احتلت البلدين من أجلهما. وساهم موقف الإدارة الأمريكية من تطورات الربيع العربي في تراجع مكانة الولايات المتحدة في الشرق الاوسط، التي نتج عنها إحساس عند حلفائها بأن الإدارة الأمريكية تخلت عنهم وقت الأزمة. وفي المقابل، يقال أن الحديث يدور عن تصور فقط، وليس نتائج حقيقية، والواقع هو الذي حدد قيود استخدام القوة الأمريكية. وفي جميع الأحوال للشكل والصورة انعكاسات، فعلى سبيل المثال تسببت الصورة والشكل بتراجع تأثير الولايات المتحدة على حلفائها في الشرق الأوسط، وبدون شك هناك حقيقة في الادعاء القائل بأن الولايات المتحدة تظهر ترددا متزايدا في استخدام القوة.
وبالإضافة إلى ذلك، أعلنت إدارة أوباما عن تصاعد أهمية شرق أسيا ومنطقة الباسفيك مقارنة بالشرق الاوسط، ما يعني تغيير وتحول في الاهتمامات الإستراتيجية الأمريكية. وفي المقابل، تقترب الولايات المتحدة من الاكتفاء الذاتي من مصادر الطاقة المحلية، ما يدعم تزايد المخاوف من أن الولايات المتحدة لم تضعف فقط، بل تنوي ترك الشرق الاوسط. لكن الآراء الذي تدعم هذا الموقف المتطرف لا تعتمد على مبررات مقنعة. فما زالت الولايات المتحدة ترى بالشرق الأوسط منطقة مهمة جدا لمصالحها –طاقة وتصدير إرهاب إسلامي وقناة السويس وأمن إسرائيل ومنع انتشار الأسلحة الإيرانية. وعلى ضوء تصاعد القوة الصينية وتعلقها بمصادر الطاقة الشرق الأوسطية، فإن ذلك يتطلب من الولايات المتحدة المحافظة على أدوات تأثير مهمة جداً في المنطقة. وكل تحليل لوجود بديل لها كقوة عظمى لم يتحقق بعد في الشرق الأوسط نظرا لعدم وجود جهة مستعدة للاستثمار وتخصيص الموارد لحل مشاكل المنطقة. والادعاء الذي سمع من قبل جهات معينة في إسرائيل أن هناك حاجة للبحث عن حليف آخر بديل للولايات المتحدة هو ادعاء غير واقعي. وأي دولة عظمى دعمت إسرائيل في الساحة الدبلوماسية خلال السبعة وخمسون عاماً الماضية وحرصت على فرض حق النقض (الفيتو) على قرارات معادية لإسرائيل في الأمم المتحدة أكثر من الولايات المتحدة ؟. وأي دولة عظمى ستلتزم بمنح إسرائيل مساعدات عسكرية تزيد عن ثلاثة ملياردات دولار سنويا ؟. وأي دولة عظمى يتواجد فيها مؤيدين لإسرائيل ويتمتعون بمكانة مهمة فيها مثل الأيباك ؟.
يبدو أن الولايات المتحدة تدرك جيداً أن عدم علاج مشاكل الشرق الاوسط سيؤثر عليها، إن كان ذلك في زعزعة سوق الطاقة العالمي ما يعرض حلفائها للضرر، أو استخدام العنف الُمصدر من الشرق الاوسط (ذكريات 11 سبتمبر ما زالت حاضرة) أو في اعقاب تطورات تؤدي لانتشار أسلحة الدمار الشامل. ومن أجل كل ذلك، فإن الافتراضات بالتخلي المبكر للولايات المتحدة عن الشرق الاوسط سابقة لأوانها.
ويجب التذكير أن لنشاطات إسرائيل تأثير كبير على مكانة الولايات المتحدة في المنطقة، فتخريب الجهود الأساسية لدبلوماسيتها في المنطقة، أو قيامها بأعمال تشير لعدم امتلاكها تأثير على أقرب حلفائها في مجالات كثيرة لا تعزز مكانتها في الشرق الأوسط. وعليه، على إسرائيل البحث عن طرق كفيلة لتعزيز مكانة الولايات المتحدة في الشرق الاوسط مع دفع الثمن المرتبط بذلك.

توصيات لسياسات فعالة
تقف إسرائيل أمام قرارات حاسمة بخصوص المشروع النووي الإيراني والعلاقات مع الفلسطينيين ومع الدول العربية، والولايات المتحدة. وفي حالات كثيرة، هناك علاقة وثيقة ومتبادلة بين القرارات في المجالات المختلفة. أحيانا، هناك مجال لتأجيل اتخاذ قرارات يكون ثمنها ومستوى عدم الوضوح فيها مرتبط بسياسات يكون ثمنها باهظ. لكن، يبدو أن عام 2013 شهد اقتراب إسرائيل للوضع الذي اتضح فيه أن تأجيل اتخاذ القرار بدأ يفقد فوائده المرجوة. وثمن الامتناع عن اتخاذ قرار أعلى بكثير من ثمن اتخاذ قرار. كما أن الظروف الاقليمية وموازين القوى تحسنت لصالح إسرائيل، ما يمكنها من تحمل مخاطر لم تستطع تحملها في الماضي.
ولم يعد صالح الشعار الذي ساد بإسرائيل في الفترة الأولى من اندلاع الربيع العربي والقائل بأن أوقات عدم الوضوح غير جيدة لاتخاذ قرارات ويفضل الامتناع عن اتخاذها والانتظار لوقت أفضل -حتى يأتي الاستقرار. ويعبر هذا الشعار عن رؤية متشائمة تقول أن إسرائيل لا تمتلك القدرة على التأثير على التطورات في الشرق الأوسط. ورغم أن ذلك صحيح فيما يتعلق بالجانب الداخلي لدولة المنطقة، لكن لذلك تأثير على الانعكاسات التي ستحدث نتيجة التطورات عليها وعلى شبكة العلاقات بينها وبين الأطراف الإقليمية الأخرى. وتعتبر إسرائيل طرف مهم، لكنها ليست الوحيدة، ولأعمالها أو امتناعها عن العمل أهمية كبيرة. ومن أجل ذلك، على إسرائيل تطوير سياسات فعالة/مبادرة وإستراتيجية لاستغلال الفرص ومواجهة المخاطر التي تأخذ بعين الاعتبار العلاقات المتبادلة بين المسارات والتحديات المختلفة. وعلى حكومة إسرائيل الاعتراف بأن المسيرة السلام الإسرائيلية الفلسطينية سيكون لها انعكاسات ليس فقط في الساحة-الإسرائيلية الفلسطينية، بل خارج النطاق المذكور، ونفس الوضع ينطبق على القرارات المتعلقة بإيران والدول العربية الأخرى والعلاقات مع الولايات المتحدة.
وعلى السياسة الإسرائيلية، اتباع سياسية فعالة ومبادرة بالضرورة تتضمن وضع مخططات بديلة للفشل في حال فشل الجهود الدبلوماسية في مسألتين أساسيتين متعلقتان بالأمن القومي الإسرائيلي وهما :المفاوضات بين الدول العظمى وبين إيران، والمفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين.
وعلى إسرائيل بلورة خطة بديلة في حالة فشل المفاوضات مع إيران في جنيف. ومثل هذا السيناريو يطرح في حال عدم الاتفاق على خارطة اتفاق نهائي أو خرق إيراني واضح للاتفاق المرحلي الموقع من شهر نوفمبر أو بلورة صفقة تعتبر سيئة من وجهة نظر إسرائيلية، أي صفقة تبقي إيران على مسافة قريبة (عدة أشهر) من القنبلة النووية وليس لعدة سنوات. وعلى إسرائيل المحافظة على قدرتها للعمل بشكل مستقل من أجل منع إيران من الحصول على قدرات تطوير سلاح نووي. ويشار أن الهجوم هو خيار سيء، لكنه يظل أفضل من وضع تتحول فيه إيران الى دولة نووية. والمحافظة على القدرات العسكرية الإسرائيلية يتطلب إعطاء مصداقية للتهديدات العسكرية الموجهة ضد إيران. وكان هذا التهديد عنصرا مركزيا في فرض عقوبات فعالة على إيران وأقنع النظام الحاكم في طهران بالموافقة على التوصل إلى اتفاق مع الدول العظمى. والتهديد العسكري هو أمر حيوي من أجل إقناع نظام الحكم في إيران بالموافقة على تقديم تنازلات مهمة في المسألة النووية.
ووضع خطة بديلة بالتنسيق مع إسرائيل ،في حالة فشل المفاوضات مع إيران، يساعد الولايات المتحدة في تحقيق هدفها المشترك وهو :منع إيران من التحول لدولة نووية ومنع هجوم عسكري عليها. وعلى الإدارة الأمريكية ايجاد رد في حالة نشوء وضع تريد من خلاله إيران تمديد فترة المفاوضات أو تخرق بشكل بارز الاتفاقات بينها وبين الدول العظمى. وللولايات المتحدة أداتا ضغط مركزيتان يساعدان في اقناع طهران بالتفاوض حول المشروع النووي الخاص بها، وهما :الضغط الاقتصادي بما في ذلك عقوبات ضد صناعات الطاقة، وفي المجال المالي. ومطلوب من الولايات المتحدة استخدام الضغط الاقتصادي القوي جداً على إيران ،إذا لم تبد الاخيرة استعداداً لتليين موقفها، بما في ذلك فرض عقوبات اقتصادية إضافية من الكونغرس والمس بتصدير النفط الإيراني إلى روسيا والصين والهند -التي لم يمس التعاون التجاري الإيراني مع هذه الدول كثيرا. وآداة الضغط الثانية هي، زيادة مصداقية التهديد العسكري وذلك من خلال تقديم التزامات واضحة جداً من الرئيس الامريكي باستخدامها في حال أفشلت إيران الجهود الدبلوماسية لايجاد حل للازمة، حينها تكون مستعدة لشن هجوم عسكري لمنع إيران من إكمال مشروعها النووي. وإبراز الاصرار وزيادة الالتزام الامريكي بمنع إيران من امتلاك السلاح النووي يحسن الثقة والتنسيق بين الإدارة الأمريكية وإسرائيل، ويسمح للقدس بتليين مواقفها المتشددة، وتمنح واشنطن هامش مناورة أوسع في مفاوضاتها مع إيران.
وبالإضافة إلى ذلك، مطلوب من إسرائيل وضع خطة بديلة في المسالة الفلسطينية. والخيار الذي اختاره رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو اليوم هو بين المحافظة على الوضع القائم وبين الإنجرار لوضع يكتسب فيه الخيار الذي يبلوره الفلسطينيين في المفاوضات اعتراف ودعم في الساحة الدولية. ونتيجة ذلك، ستجد إسرائيل نفسها في وضع وحالة من عدم الشرعية وعزلة سياسية. ومن أجل وقف الزحف نحو الخياران اللذان يعتبران مشكلة لها، على إسرائيل -مقابل القنوات الدبلوماسية- القيام بأعمال هدفها المحافظة عليها كدولة يهودية ديموقراطية، ووضع تسويات أمنية جيدة لها، تنال شرعية دولية خاصة من الدول الغربية. وذلك يمكن القيام به بواسطة خطوات إسرائيلية مستقلة استعداداً للانفصال عن الفلسطينيين، مع بذل جهود للتنسيق مع الغرب خاصة مع الإدارة الأمريكية، مع المحافظة على ربط الانفصال مع تسوية مستقبلية متفق عليها. والأساس توفير خيار إسرائيلي ،في حال فشل المفاوضات، يشكل رداً ملائماً على الخيار الفلسطيني، يدفع إلى تغيير حسابات الربح والخسارة عند الجانب الفلسطيني، ويخلق آلية لإستراتيجية جديدة يتم في إطارها طرح مبادرة حل، حينها لا تحمل إسرائيل مسئولية فشل التوصل لحل من خلال المفاوضات.
وفي المجالين الفلسطيني والإيراني، على إسرائيل إدارة سياستها بالتنسيق والحوار الدائم مع الولايات المتحدة بهدف زيادة احتمالات تنفيذ ناجح للخيار الذي ستطرحه. ويجب التذكير أن سياسة فعالة ومنسقة مع الإدارة الأمريكية مفيدة لتعزيز مكانة إسرائيل في الشرق الاوسط، وتشق الطريق التفاوض بين الدول العربية الواقعية وبين إسرائيل. وكل ذلك إضافة إلى الميزات الأخرى التي ستمنح لإسرائيل نتيجة تحسين متوقع للعلاقات مع الولايات المتحدة.
 -;-



#عليان_الهندي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكومة الإسرائيلية-معطيات وخطوط أساسية
- الشرق الأوسط في التقرير الاستراتيجي الإسرائيلي 2013- ترجمة ع ...
- الشرق الأوسط في التقرير الاستراتيجي الإسرائيلي 2013- ترجمة ع ...
- الشرق الأوسط في التقرير الاستراتيجي الإسرائيلي 2013- ترجمة ع ...
- العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع - عامود الغيم -حلقة 3
- التقرير الاستراتيجي لمؤتمر هيرتسليا الإسرائيلي 2013- ترجمة ع ...
- العملية العسكرية الإسرائيلية عامود الغيم - ترجمة عليان الهند ...
- العملية العسكرية الإسرائيلية عامود الغيم - ترجمة عليان الهند ...
- الحروب الجديدة لإسرائيل
- الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة-مواقف إسرائيلية
- عامود الغيم -العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة : عملي ...
- أعطوا غزو لمصر
- خطة الجنرال أييلاند لضم غزة لمصر - ترجمة عليان الهندي
- إسرائيل والإسلام السياسي بين المواجهة والتعايش
- عام على الثورات العربية - الموقف الاسرائيلي ترجمة عليان الهن ...
- عام على الثورات العربية - الموقف الاسرائيلي ترجمة عليان الهن ...
- عام على الثورات العربية - الموقف الاسرائيلي ترجمة عليان الهن ...
- ملاحظات فلسطينية حول موقف الحركة الصهيونية من مذابح اليهود ! ...
- هل ستندلع الحرب بين إسرائيل وإيران
- التقرير الاستراتيجي 2011 الحلقة الأخيرة


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عليان الهندي - تقرير إسرائيل الاستراتيجي 2014- الحلقة الاولى - وقت الحسم - استعداد لاتفاقات وخطط بديلة - ترجمة عليان الهندي