أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سينثيا فرحات - الحرية ليست منتج غربي















المزيد.....

الحرية ليست منتج غربي


سينثيا فرحات

الحوار المتمدن-العدد: 1656 - 2006 / 8 / 28 - 07:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ان المبادء الاخلاقية ليست حكر من يتبعون الاديان مثل ما يعتقد اغلب الناس في شرقنا الاوسط العتيق ، كذلك الافكار التقدمية لم تعد رفاهيه حكر الغرب بعد الان، بل حاجة قسوي لنواكب تطور باقي مستوطنين كوكب الارض او نذهب بارجلنا الي مخلفات التاريخ.

متي نتوقف عن تصنيف القيم الاخلاقية الراقية و تعبئتها ودمغها بماركه اسلامية او مسيحية او امريكية او شيوعية او غيره؟
الاخلاق ليست حكر دين او قومية او ايدولوجية، بل مسار قديم و طبيعي لتنظيم العلاقات الاجتماعية للبشر لتكون احدي وسائل المعايشة مثلما اوجد البشر العملة او التجارة او اللغة... او اي شئ اخر منذ الازل،
الاخلاق هي الحضانة الاولي للقانون الوضعي المنظم المتغير و المتطور مع تطور البشرية و احتياجها، و لفرط اهميتها تبنتها الاديان بتبعية و ليس العكس و هذا ما يذكره التاريخ الانساني القديم.

طوال ما تظل نظرتنا للامور منبثقة من منظور احادي محصور و مشخصن بذاتية طائفية و قومية عنصرية فجة تدعي امتلاك المطلق في جعبتها واحتكار مفهوما خاصا به، سنظل نسقط احاديتنا علي كل ما هو قبيح او جميل و حتي ان لم يكن اي من الاثنين، و تتحول كل الصفات البشرية المجردة الي صفات مجمدة و معلبة ذات هوية، ضد حقيقة طبيعتها الكونية الوجودية النسبية، فتقمع الاخلاق بدلاً من ان تنتشر لاقترانها بشروط اخري كثيرة و احياناً تكون تعجيزية.
فنصبح كما نحن الان مجتمع غيبي متمسك بمظاهر وممارسات توصف بالدينيه... دون اخلاق!

الحصار القمعي علي عقول مستوطنين الشرق الاوسط معظمه غير ارادي بل رد فعل نيورولوجي لسنوات من الاعلام و التعليم الموجهه ذات اجندة قمعية استعبادية.
العبودية ليست مختزلة فقط في سخرية الجهد البدني لخدمة مُجبرة علي شخص لصالح لشخص اخر كما تصور لنا نظمنا، العبودية يمكن ان تكون ايضاً فكرية و ضمائرية و نفسية، و هذا اخطر انواعها... عندما يجد الانسان امان وهمي في عبوديته و يرضي بارادة حرة ان يكون عبد... ما افزع تلك الحالة العقلية القاتلة، فتلك هي حياة الموت.

"الطاغية المثالي هو الذي يدار عن جهل من قبل ضحاياه. و العبيد الحقيقيين هم من يستعبدون انفسهم في سعادة عن غير دراية."
درسدن جيمس.

في غياب الحرية تغيب الفضيلة المختاره.
الحرية هي الاختبار الوحيد للفضيلة، من يجزم انه فاضل لانه لا يملك حق الخطء،
لا فضل له في تبني تلك القيم الاخلاقية لانه لم يختار تبنيها بارادة حرة بل يفعل ذلك فقط لانها فرضت عليه فتكون خاوية زائفة غير مؤصلة، غير حقيقية.
ماذا لو لم تكن الفضيلة الظاهرية مفروضة علينا من قبل المجتمع و الدين و الميراث الثقافي، هل سنتبناها ايضاً؟
لا نستطيع الاجابة لاننا لم نكن احرار قط لنختبر انفسنا بحق تحت مجهر الاختبار و هو الحرية المطلقة، التي تضعنا وجهاً لوجه مع حرج و مسؤلية الاختيار.

الرذيله الواعية اكثر خلقاً من الفضيلة المصطنعة
كثيراً من المرات تَحدثت عن الحرية و تم توجيه لي تساؤل متكرر و غريب...
"أنتِ تنادين بالحرية، فهل هذا يعني انكِ تريدين الرجال يتجولون في الشوارع بملابس النساء؟"
في كل مرة يذهلني هذا النوع من التساؤلات، لان له دلالات عديدة مؤرقة.
أولاً: لماذا يتصور بعض الناس ان الحرية لها دلالة جنسية؟!
لماذا عندما اذكر الحرية تذهب عقولهم تلقائياً الي الجنس بانواعة و انحرفاته ؟
لماذا لا يفكرون في حرية الفكر العلمي و النقدي، في الاقتصاد الحر، في حرية الاختراع و رفاهيته؟
اذا اردنا ان نحلل هذا التساؤل من الناحية السيكولوجية سنجد اجابتين،
اولهم ان ففي احدي اهم مراحل التفكير الاولي في العقل ما يسمي بال Perception اي التعَرف و الربط الذهني النيورولوجي عن طريق الاستحضار من الذاكرة الشعور الاول او الفكرة الاولي المصاحب بالفعل او المعلومه او الكلمة عند تلقيها و في وقت استحضارها كل مرة، و كما قلت سابقاً انه بسبب تعليمنا و اعلامنا ذات الاجندة الشمولية الاستعبادية جعلوا كلمة حرية مرادفها الاباحية و الجنس و الجريمة، ليحدث داخل العقل المحاصر المستلقي للكلمة رد فعل دفاعي اوتوماتيكي عليها.
ثانياً: يمكن ان يكون لسبب سيكولوجي اخر و هو العقل الباطن لدي الشخص نفسه الذي يستحضر رغبته الدفينة الاولي التي يريد ان يمارسها اذا كان حر الارادة.

و اجد ايضاً سؤال اخر غريب: "هل انتِ تريد ان نفقد هويتنا و نصبح امريكيين؟"
بما يرجعنا الي الاجراء العقلي المسمي بال Perception، لقد اختزلوا اهم اهداف التجربة الانسانية و هي الحرية في جواز سفر دولة!!
تلك هي المؤامرة الحقيقية لتشريع الديكتاروية و وصم قيمة اخلاقية و نضالية عالية تسعي اليها كل البشرية منذ الازل و الي الان بجواز سفر دولة ليُتهم متبني تلك الصفة الانسانية الراقية بالعمالة و التخوين و تحقير التراث و احياناً ازدراء الدين!!!
الحرية ليست ضد الحضارة و التحضر و الاخلاق ولكلنها احدي مقوماتهم الاساسية و هي ضد القهر و القمع و الاستعباد الجسدي و العقلي...
فمن يريد ان يبقي علي القهر و القمع و الاستعباد كجزء من تراثه يتبني اجندة ملوثة ضد الانسان.
اعتقد ان تلك وصمة عار يحب التخلص منها و ليست قيمة تستحق لحظة واحدة من الدفاع.

"تعليم الرجال الحق هو ان تجعلهم غير صالحيين للاستعباد."
فريدريك دوجلاس.

من يحاربون الحرية يتملصون من المسؤلية
الحرية هي رفع القيود عن التعليم، مزاولة حرية البحث و الرأي و الفكر، المحاربة الحقة للفساد، مشاركة العمل السياسي و الجماعي، رفع الرقابة عن الفن ... هذة هي الحرية ببساطة شديدة و هي مقرونة جداً بالمسؤلية، فعندما تتخذ قرار بارادة حرة انت وحدك تحاسب عليه، لهذا يُفضل اكثر ضحايا النظم الشمولية نظم العبودية اكثر من الحرية التي ترمي علي عاتقهم اتخاذ قرار الاختيار و تحديد المصير و تحمل النتيجة، و لأن تلك النظم القمعية تحرص ان يكون هذا هو الشعور العام لدي شعوبها، يتبنون ايضاً منهج تحطيم التقييم الموضوعي للفرد و توظيف ملكاته ليجعلوه هو اول من يفقد الايمان بنفسه و امكانياته المتعددة و التي تبدأ بفساد التعليم و تنتهي بالسعي الشاق وراء ابسط أولويات الحياة، فيصبح الشخص مكسور، مسحوق الامل.
تجدوه يتجول في القاهرة منكس الرأس في وسط الطرقات السريعة و علي قضبان القطار غير مبالي للخطر، لان امنه اخطر!

الحرية ليست صناعة امريكية، او غربية، الحرية فطره انسانية جميلة تبدأ بالفكر الحر و الضمير الحر و تصل الي ابعد من المشي علي القمر...
قاطعوا الحرية قدرما شئتم... فهي ليست منتج ينتهي صلاحيته.



#سينثيا_فرحات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا حقوق مواطنة في مصر دون إصلاح دستوري
- غني من جديد
- دعني اقتلك لامنطق معك!
- احذر من رجل له كتابً واحد
- الي نادية كاظم: سيدتي حاشا ان نبصق نحوالسماء.. حتي الجازبية ...
- بعد كل تلك الاستغاثة.... هل الاسلام في غرفة انعاش ذهنية؟!
- ان كان هذا حقاً شكل العالم... سأتوقف عن الرسم
- رب الزمان...
- شبح الوعد
- اجماع الايمان و فردية الشك
- من شرع الانتهاكات لن يسمح ان يؤخذ منه حق التعدي
- في البدأ... كنت انت
- في البدأ... كنت انت
- المسرح الهزليّ
- عندما تقدس الجريمة...
- مستبدون جائهم مستبد
- اخرجي يا نفسي
- الجماعة المحظورة


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سينثيا فرحات - الحرية ليست منتج غربي