أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد إنفي - المغالطات والمسكوت عنه في الخرجات الإعلامية لمسؤولي وزارة التربية الوطنية المغربية















المزيد.....

المغالطات والمسكوت عنه في الخرجات الإعلامية لمسؤولي وزارة التربية الوطنية المغربية


محمد إنفي

الحوار المتمدن-العدد: 7092 - 2021 / 11 / 30 - 02:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بهدف تبرير قرار الحكومة القاضي بتحديد السن المسموح به (30 سنة) للمشاركة في مباراة الولوج لمراكز التكوين السريع (بعض الأشهر) لأطر التربية والتعليم التابعين للأكاديميات، خرج مسؤولو وزارة التربية الوطنية (الوزير المسؤول عن القطاع والكاتب العام للوزارة، أساسا)، في برامج خاصة أو كضيوف على نشرات الأخبار الوطنية، للدفاع عن القرار المذكور. وفي هذا الدفاع، حاولوا التمويه على الرأي العام الوطني، باعتماد أسلوب المغالطات. وسوف أنتقي من هذه المغالطات، على كثرتها، مثالين أو ثلاثة فقط.
لنبدأ بمسألة الكفاءة؛ فهذا، في الواقع، حق يراد به باطل. لن يجادل أحد في كون الكفاءة ضرورية؛ وهي مطلوبة في كل المجالات؛ وفي التعليم، بالخصوص، يجب أن تكون لها الأولية. لكن اعتبار من تعدى سنهم ثلاثين سنة أنهم غير أكفاء (مقارنة بمن هم دون سن الثلاثين)، وتبرير غياب هذه الكفاءة بكون المعنيين بالأمر قد فقدوا الكثير من مؤهلاتهم الأكاديمية والمعرفية، فهذا حكم معيب وتعميم مجحف في حق العديد من الشباب المغاربة المتوفرين على كل الشروط الموضوعية التي تسمح لهم بالتباري على الوظائف التي تفتحها الدولة طبقا للضوابط القانونية والحقوق الدستورية.
وتجدر الإشارة إلى أن من بين الشباب الذين يحرمهم القرار الحكومي المجحف من حق المشاركة في المباراة التي تنظمها وزارة التربية الوطنية على مستوى الأكاديميات، من لهم خبرة ميدانية (قد تحتاج فقط إلى شيء من التجويد) اكتسبوها من ممارسة التدريس في مؤسسات التعليم الخصوصي. ومن بين هؤلاء من لهم شهادات عليا، دفعتهم الحاجة إلى القبول بالعمل في بعض هذه المؤسسات بشروط مجحفة سواء من حيث الأجر المحصل عليه أو من حيث غياب التمتع بالحقوق التي يضمنها قانون الشغل كالتسجيل في صندوق الضمان الاجتماعي، مثلا. وقد أجهض قرار الحكومة الذي نحن بصدده، حلم العديد من هؤلاء.
وإذا استثنينا شرط أو معيار السن الذي احتمت به الحكومة، في خرق واضح للقانون (وأنصح المتضررين بالتشاور مع الجمعيات الحقوقية، وخاصة المحامين المنتمين إليها، قصد اللجوء إلى المحكمة الإدارية للطعن في هذا القرار؛ فالقرار الإداري لا يمكن أن يسمو على القانون، بما في ذلك القانون الأسمى للبلاد؛ أي الدستور)، فإن باقي المعايير تفضح التناقض الصارخ للمسؤولين. فالكفاءة تتحدد، مبدئيا، بالمراحل التي يمر منها المرشح: فهناك الانتقاء الأولي (دراسة ملفات الترشيح؛ يقصى من المباراة كل ملف لا تتوفر فيه الشروط المطلوبة)؛ ثم هناك المباراة بشقيها الكتابي والشفوي القمينة بتحديد المؤهلات التي يتوفر (أو لا يتوفر) عليها كل مرشح بغض النظر عن سنه؛ وأخيرا، هناك، بالنسبة للناجحين في المباراة، امتحان التخرج بعد فترة التكوين (وإن كانت قصيرة)، فيؤكد هذا الامتحان وجود الكفاءة من عدمها. أليس في ربط الكفاءة بالسن مغالطة مكشوفة وفاضحة؟
وهذه المغالطة تخفي، في الحقيقة، حسب قراءتي المتواضعة للقرار المذكور، ما أسميته في العنوان أعلاه "المسكوت عنه". لا شك أن الرأي العام التعليمي والموظفين بصفة عامة يتذكرون المذكرة 504 السيئة الذكر، التي منعت رجال ونساء التعليم وباقي الموظفين من متابعة دراستهم الجامعية. والهدف كان واضحا: إقفال الأبواب في وجه الطامحين إلى تحسين مستواهم التعليمي؛ وبالتالي، قطع الطريق أمام كل من يطمع في تحسين وضعه الوظيفي والمادي بواسطة الحصول على شهادات عليا.
في الوضع الحالي لتعليمنا الجامعي ولسوق الشغل ببلادنا، لا شك أن الوزارة تعلم جيدا أن العديد من الطلبة، بعد حصولهم على الإجازة، يتسابقون على مباريات تحضير شاهدة الماستر، البوابة الضرورية لدخول غمار تحضير الدكتوراه. ويوجد ببلادنا، الآن، كثير من الطلبة الحاصلين على شاهدة الماستر؛ ومنهم العديد ممن حصلوا على شهادة الدكتورة.
ونظرا لقلة فرص الشغل وندرة الوظائف (خاصة وأن الأمر يتعلق، أساسا، بخريجي الكليات ذات الاستقطاب المفتوح)، فإن الحكومة لا شك أنها تدرك أن الكثير من أصحاب الشهادات العليا، قد تجاوزوا سن الثلاثين، وإذا لم يوضع أمامهم حاجز، فسيتقدم العديد منهم للمباراة المفتوحة على مستوى الأكاديميات الجهوية، فيثبتون من خلالها كفاءتهم العلمية والمعرفية؛ وهذا ما لا ترغب فيه الحكومة لأن هؤلاء سيطالبونها، فيما بعد، بإدماجهم حسب شهاداتهم العليا.
وهناك حاليا، في وزارة التربية الوطنية، العديد من الدكاترة، من تخصصات مختلفة، يطالبون بإدماجهم حسب شهاداتهم، ويناضلون من أجل ذلك. ويظهر أن هذا هو السبب الحقيقي وراء قرار الحكومة، والمسكوت عنه في الخرجات الإعلامية لمسؤولي الوزارة.
وهذا يقودني إلى الحديث عن المغالطة الثانية، ويتعلق الأمر بالجودة؛ فربط مسألة الجودة بتحديد سن المتبارين، يوقع المسؤولين في نفس التناقض الذي أشرنا إليه أعلاه؛ وهو، إلى جانب هذا، افتراء على الجودة نفسها وتغليط للرأي العام ولكل المواطنين. فالجودة هي قضية المنظومة التربوية برمتها، التي تبقى، في بلادنا، بعيدة جدا عن المعايير الدولية المطلوبة في المدرسة العمومية. وترتيبنا المتدني على المستوى الدولي، يدل على الخلل الذي يميز نظامنا التعليمي.
هناك مغالطات أخرى (لن أسردها كلها ولن أُفصِّل في التي سأسردها)، من قبيل القول بأن هذا معمول به في بعض الدول أو معمول به في بلادنا في قطاعات حكومية أخرى. وقد ذهب الكاتب العام للوزارة بعيدا عندما اعتبر أن قانون الوظيفة العمومية، فيما يخص تحديد السن الأقصى لولوج الوظيفة، لا يسري على الأطر التعليمية بالأكاديميات، وكذا عندما جعل من المصلحة العامة مبررا لحرمان العديد من شباب هذا الوطن من حق تكافؤ الفرص، الذي يضمنه دستور 2011.
والمحرومون من هذا الحق، هم بالخصوص خريجو المؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح، التي تبقى الملاذ الأخير لأبناء الطبقات الشعبية، الذين لا يتمكنون من الولوج إلى المعاهد العليا ذات الاستقطاب المحدود، ولا تستطيع أسرهم تمويل دراستهم في المعاهد العليا الخاصة سواء في الداخل أو في الخارج.
ولن تفوتني الإشارة إلى أن المعضلة التي تعاني منها المدرسة العمومية، لن تحلها القرارات الارتجالية. فابسم الإصلاح، عرفت السياسة التعليمية ببلادنا كثيرا من الارتجال خلال العقود الماضية؛ وهذا ما جعل الوضع أعقد وأعوص مما نتصور. فالأزمة أصبحت هيكلية (وقد أعود إلى هذا الموضوع في مقال آخر).
لكن، لا بد أن أشير، في ختام هذا المقال المتواضع، إلى أن الخرجات الإعلامية للمسؤولين واحتمائهم بالمغالطات لتبرير خرق القانون، قد زاد من تأجيج الأوضاع وليس تهدئتها؛ وبهذا فُتح باب واسع على المجهول. فالشارع يغلي بسبب القرار الذي نجح في توحيد حاملي الشهادات المعطلين والأستاذة الذين فرض عليهم التعاقد والطلبة الجامعيين. وقد ينضاف إلى كل هؤلاء تلاميذ الثانويات وغيرهم من الفئات التي أغضبها قرار الحكومة.
ولن تفوتني الفرصة دون أن أنبه المسؤولين إلى ضرورة قراءة واستحضار تاريخ الصراعات الاجتماعية بالمغرب (رغم اختلاف الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين كل حقبة) حتى لا تتكرر أخطاء الماضي. فعلى سبيل المثال، والمناسبة شرط كما يقال، الشرارة الأولى للأحداث الدموية المؤلمة التي عرفتها مدينة الدار البيضاء في مارس 1965، كان وراءها مذكرة لوزير التربية الوطنية، السيد يوسف بلعباس، تتعلق أيضا بالسن (ما أشبه اليوم بالأمس !!!)، لكنها كانت تخص التلاميذ، وتمنع من بلغ منهم 16 سنة أو أكثر من ولوج السلك الثاني من الثانوي المؤدي إلى الباكالوريا. والباقي معروف !!!
مكناس (المغرب) في 2 نونبر 2021



#محمد_إنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزائر: إلى أين يسير بها قادتها بغبائهم وسباحتهم ضد التيار؟
- المشهد السياسي المغربي على ضوء انتخابات 8 شتنبر 2021: تناوب ...
- رسالة إلى العقلاء من النخبة الجزائرية
- أخواتي الجزائريات، إخواني الجزائريين، مصدر مشاكلكم في غباء ن ...
- السيد عبد المجيد تبون، لا عزاء للأغبياء !!!
- الحاجة إلى حماية نظافة الانتخابات المقبلة ماسة لتحقيق شفافيت ...
- في محاربة الغش وقاية وحماية للدولة والمجتمع وخدمة للمصالح ال ...
- من المواطن المغربي محمد إنفي إلى عبد المجيد كذبون، الرئيس ال ...
- الاهتمام الأكاديمي في غياب الموضوعية وانعدام النزاهة الفكرية ...
- المديرية الإقليمية للتعليم بسطات تعود بنا إلى عصر محاكم التف ...
- ماذا يعني الطعن في قرار المحكمة الدستورية؟
- قراءة سريعة ومقتضبة لمداخلة حسن نجمي في ندوة عن بعد
- رسالة تضامن مع الحراك الشعبي الجزائري مشفوعة بالتقدير والإعج ...
- السيد عبد المجيد تبون، أليس من الأولى والأجدر أن تهتم بمطالب ...
- -فيروس كورونا عقاب للظالمين وعبرة للناجين وابتلاء للذين يموت ...
- أليس الوضع الحالي ل-لاسامير- امتحانا للحكومة في وطنيتها وفي ...
- الديبلوماسية الملكية والتوفيق بين المصالح الوطنية والقضايا ا ...
- في محاربة الرشوة الانتخابية، القوانين وحدها لا تكفي
- سؤال آخر إلى حكام الجزائر: ما ذا يحجُب عنكم الرؤية إلى هذا ا ...
- ما ذا بقي لكم من عزة نفس وأنفة أهل الصحراء بعد هذه الإهانة ا ...


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد إنفي - المغالطات والمسكوت عنه في الخرجات الإعلامية لمسؤولي وزارة التربية الوطنية المغربية