أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسن خليل غريب - القراصنة الذين نهبوا سفينة لبنان















المزيد.....

القراصنة الذين نهبوا سفينة لبنان


حسن خليل غريب

الحوار المتمدن-العدد: 7086 - 2021 / 11 / 24 - 15:30
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


حولوها إلى مأوى للعجزة والأيتام والعاطلين عن العمل
من الشائع حول دور القراصنة في التاريخ أنهم يستولون على السفن في عرض البحار، ويسرقون محتوياتها، ولا تأخذهم شفقة أو رحمة بربانها أو عمالها من البحارة. أما في سفينة لبنان فقد سرقت أحزاب السلطة حمولتها، وأسروا ركابها، ووضعوا أبناء البحارة ونساءهم في ملاجئ للأيتام والمعوزين. وفي وسيلة هي الأولى من نوعها في تاريخ القرصنة، التي لم يستخدمها أحد آخر غير أحزاب السلطة الطائفية السياسية في لبنان، وهي أنهم أظهروا الشفقة والرحمة بمن نهبوا، ومن أسروا. ولأنها الأولى في ابتكارات القراصنة في التاريخ العالمي، سنفرد لها هذا المقال.
من الثابت، وباعترافاتهم، والاعتراف هو شيخ الأدلة، أنهم تشاركوا في نهب الدولة ولم يتركوا على متن السفينة اللبنانية ما يقتات به اللبنانيون. بعد أن سرقوا حمولتها، اختطفوا سكان لبنان وتوزعوهم فيما بينهم، بحيث أسر كل حزب طائفي من يؤيده من طائفته، واحتجزوهم في مآوي للعجزة والأيتام والعاطلين عن العمل، وراحت جوقة كل طائفة تستجدي المساعدات والتبرعات تحت يافطات إنسانية تستدر بهم عطف دول العالم وشفقتها.
في هذا المشهد المأساوي، تكاثرت مساعدات الذين وقعت في قلبهم رأفة بهؤلاء. ووبهذا أخذت جوقة كل أمير طائفة، تجمع عائدات الحسنات والصدقات في صناديقها الخاصة تقدم منها للمحتاجين من الطائفة دون غيرهم، ما يدفع عنهم الموت جوعاً وعرياً ومرضاً. كانوا يقدمون جزءاً يسيراً من المساعدات لهم بما لا يجعلهم يموتون، لأنهم إذا ماتوا فلن يبقى لدي أمراء الطوائف والسلطة ما يستدرُّون به عواطف الجمعيات الخيرية، ويستجدون المحسنين ومقدِّمي الصدقات.

إدارة الدولة أم إدارة ملجأ للأيتام؟
يا سبحان الله، كم هي واسعة مخيَّلة الاحتيال عند أمراء السلطة الطائفية في لبنان. إنهم قراصنة من طراز فريد. قرصان ولص وفاسد يتحوَّل، في لحظة ذكاء، إلى فاعل للخير يأوي العجزة، ويُطعم الأيتام، ويقدِّم المساعدات للعاطلين عن العمل؟!
يا سبحان الله، أن يتحوَّل العجزة والأيتام إلى مسبِّحين بحمد قراصنتهم وسارقيهم؟!
قد لا يكون من الغريب العجيب أن يُسبِّح المسروق بحمد السارق، فلأن السارق فنَّان استخدم عقله الذي حباه الله به لتوظيفه في فنون السرقة والنهب والكذب. وأما المسروق فلأنه دفن نفسه في مدافن الجهل والسذاجة، لأنه لا يعرف أن يعيش بدون زعيم.
تناسى أولياء السلطة أن إدارة الدولة في مكان، وتحويل الدولة إلى مآوٍ للعجزة والأيتام ومساعدة من عوَّدوهم على امتهان البطالة مكان آخر.
كما تناسوا أن الدولة وأولياءها، هم الذين عليهم أن يلغوا دور الأيتام والعجزة لأنها تتنافى مع الشرائع الإنسانية التي تنص على أن كل راع مسؤول عن رعيته، وعلى الماسكين برقاب السلطة أن يفوا كل مواطن حقه من العيش الكريم، وأن يكافحوا البطالة بضمان حق العمل لكل مواطن. وأن لكل واحد من الرعية حق في عائدات الدولة من دون مِنَّة من أحد من الماسكين في رقاب السلطة. ومن واجب الدولة، الممثلة بمؤسساتها على شتى مستوياتها، تقديمها لكل الرعية من دون تمييز أو تفضيل. ولكن أحزاب السلطة، في هذه المرحلة، حكموا بمبادئ القراصنة، بعد أن كسروا للدولة كل أجنحتها، وألقوا بمجاديف السفينة في قاع البحر حتى لا تُبحر من دونهم.
تناسوا أن إدارة اقتصاد الدولة لا تُبنى على عقيدة (أزرعوا على شرفات المنازل)، وحل مشكلة الفقر في (أن يتصدَّق الجار على جاره)، ولا أن يتم تكديس الشباب العاطلين عن العمل في الشوارع والمقاهي لقاء مساعدة لا تبني مستقبلاً لهم ولعائلاتهم.
إن إدارة الدولة تتم بتنمية الزراعة والصناعة الوطنية من أجل توفير فرص العمل للعاطلين عنه، وهم بدورهم يعيلون أسرهم، ويضمنون مستقبلهم ومستقبلها. وإن الوفر في إنتاجهم تستثمره الدولة في ضمان حقوق العجزة والأيتام وذوي السبيل ممن لا معين لهم. وتناسى رعاة البشر ممن يكدِّسون الشباب العاطلين عن العمل أن مزاريب المساعدات سوف تجفُّ، ولم يتساءلوا كيف سيكون مستقبلهم إذا ما انقطعت مزاريب المساعدات الطائفية عنهم. ولكن للأسف البالغ أن مصالح أحزاب السلطة الطائفية في واد، ومصالح الشعب في واد آخر.
حقوق المواطن مضمونة في الدولة الحديثة:
لقد تخلَّصت الدولة الحديثة من مفهوم إيواء اليتيم والعاجز على حساب الصدقات. وأبطلت مقولة (الصدقة تدفع البلاء)، كما أبطلت مفاهيم النذور دفعاً للمرض والإملاق. وأصبحت فريضة واجب الدولة تجاه رعاياها، في منهج الحكم الطائفي السياسي، هي الفريضة الغائبة.
لقد تمَّ التخلص التدريجي من استخدام دور الأيتام التي تديرها الحكومة في الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خلال النصف الأخير من القرن العشرين. واستبدلته بأنظمة أخرى، لا تنظر كم يمكن أن توفر من أموال لإملاء معدة الأيتام والعجزة، أو ما يستر عريهم، بل نظرت إليها عبر مبادئ إنسانية تتلخَّص بكم تستطيع أن تضمن كرامة اليتيم والعاجز، وتحتضنه ضمن بيئة اجتماعية يبني عليها آماله وطموحاته. وكيف يمكن لمؤسسات الدولة الاجتماعية أن تبني لليتيم والعاجز شخصية سوية مهما كانت طائفته، لا أن يشعر بعقدة النقص مع محيطه الاجتماعي، يشعر بالذل والمهانة ينتظر ما يتصدَّق به الأغنياء عليهم. بل عليه أن يشعر، في دولة حديثة، بأنه يمتلك الحقوق ذاتها التي ينعم بها الآخرون، لا أن يكون مواطناً ينتظر صدقات المحسنين.
استناداً إلى الوقائع والحقائق تلك، نؤكد على ما يلي:
فلتخرج أحزاب الطائفية السياسية عن منهج إدارة ملاجئ العجزة والأيتام والعاطلين عن العمل، وتسلك مناهج إدارة دولة لكل مواطن حقوق من عائاداتها. وإذا لم تفعلها، وهي لن تفعلها لأنها المستفيد الأول من نهب السفينة ومن عائدات التسول على أبواب المحسنين، على الشعب أن يُسقط سلطة اللصوص والقراصنة، وسلطة متعهدي دور الأيتام والعجزة.
وإذا كان البعض يائساً من التغيير بحجة أن من يعمل من أجله قليلو العدد، يكفي أن هذه القلة قد حفرت في ضمائر الجماهير الشعبية الواسعة، حتى تلك المستسلمة لمناهج القصنة على الطريقة اللبنانية، ألف سؤال وسؤال.



#حسن_خليل_غريب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلام عليك استقلال لبنان يوم تُبعث حيَّا
- متى يستعيد النظام العربي الرسمي قراره القومي السيادي؟
- لكم الوَيلُ لا تَزنوا وَلا تَتَصَدَّقوا
- الحركات الطائفية السياسية لغم دائم لتفجير السلم الأهلي
- على ضوء انتخابات العاشر من تشرين الأول في العراق:
- ورقة المئة ألف ليرة تكشف المستور من جرائم أحزاب السلطة
- ثلاثية استعمارية وصهيونية وفارسية تتبارى في كراهية العروبة ا ...
- ثلاثية استعمارية وصهيونية وفارسية تتبارى في كراهية العروبة ( ...
- ثلاثية استعمارية وصهيونية وفارسية تجمعها وحدة الكراهية للعرو ...
- ثلاثية استعمارية وصهيونية وفارسية تتبارى في كراهية العروبة ( ...
- النظام الإيراني ومشاريعه العدائية المغطاة بشعارات شعبوية
- حكومة ميقاتي تولد على أنغام رقصة المساومات بين ماكرون ورئيسي
- من الثورة الموؤدة إلى الثورة المولودة
- هل يحاسب الله البشر على أفعال خلقها فيهم خلقاً؟ الحلقة الثان ...
- هل يحاسب الله البشر على أفعال خلقها فيهم خلقاً؟ (الحلقة الأو ...
- لقد وجدت الله
- في سبيل صياغة الموقف السليم من الملف النووي الإيراني
- حطِّموا أصنام أحزاب السلطة فقد نخرها الفساد والسرقات
- المقاربة المستحيلة بين الدولة الدينية والدولة المدنية
- النظام الطائفي السياسي في لبنان منهج تاريخي متخلَّف تأصيل تا ...


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسن خليل غريب - القراصنة الذين نهبوا سفينة لبنان