أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن خليل غريب - الحركات الطائفية السياسية لغم دائم لتفجير السلم الأهلي















المزيد.....

الحركات الطائفية السياسية لغم دائم لتفجير السلم الأهلي


حسن خليل غريب

الحوار المتمدن-العدد: 7064 - 2021 / 11 / 1 - 07:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عملاً بقاعدة الشفافية التي تُسمي الأشياء بأسمائها، يؤكد الواقع، أن الدول الدينية، والحركات الدينية السياسية، تكاد تنحصر في الدول ذات الأكثرية الإسلامية. وفيها تأخذ الأنظمة الحاكمة بمنهجية الفقه الديني للمذهب الأكثري عددياً فيها.
ولأن المنطقة العربية، وجوارها من الشرق والغرب، تعمَّقت فيها النزعة الدينية منذ قيام الدولة الإسلامية بعد وفاة الرسول العربي، لأكثر من أربعة عشر قرناً من الزمن، نجد أن أكثر الصراعات الدينية تكاد تنحصر فيها. وللتحديد أكثر نجد أن النزعة الدينية تنتشر في كل من الوطن العربي من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، وجواره تنتشر تلك النزعة في تركيا وإيران، بعد أن انتقلا من أنظمة علمانية إلى أنظمة دينية بتأثير من الحركات الدينية الإسلامية، الإخوان المسلمون والولي الفقيه. ويأتي ما بعد إيران شرقاً كل من باكستان وأفغانستان.
لقد عفا التاريخ الحديث على عصور الدول الدينية، لأنها أصبحت خارج مواصفات الدول المعاصرة في الغرب الأوروبي والأميركي، وكذلك الشرق الصيني والهندي والياباني، والشمال الأوروبي الروسي. وأثبتت وقائع التاريخ أن تلك المنظومة التي تنتهج بناء أنظمة مدنية علمانية خلت من الصراعات الدينية القائمة على التكفير والتكفير المضاد. إنها وباختصار أنهت الحروب الدينية وتفرَّغت للعناية بسعادة شعوبها ورفاهيتهم.
وإننا في منظومة الدول الإسلامية، نحسب أن كل من يعمل على إعادة الحياة إلى جثة هامدة، فهو يغرِّد خارج سرب العصر. وإذا أصرَّت بعض الحركات الدينية السياسية على العمل من أجل حلم مستحيل، فإنها بالغة الحائط المسدود إن عاجلاً أو آجلاً.
قليلة هي الدول الدينية التي لا تزال حية حتى الآن. وإن إصرارها ليس أكثر من تمويه على أهدافها. الأهداف التي غالباً ما تحاكي المنهج القبلي أو العشائري أو العائلي، بحيث تسمح باستغلال الخيمة الدينية أو الطائفية لإخفاء مطامعها بالاستئثار بالثروات الوطنية لمصلحة نخبة عائلية أو عشائرية أو قبلية.
إن من يحسب عكس ذلك، فليفسر لنا كيف تستطيع الدولة الدينية أو الطائفية أو المذهبية بأن توقع اتفاقيات ثقافية أو اقتصادية أو عسكرية مع دول أخرى حكامها من مذهب أو دين أو طائفة تختلف معها بالأيديولوجيا، والمقدسات، والقضايا الغيبية؟ كيف تفعل ذلك في الوقت الذي تعتبر غيرها من الدول التي لا تدين بطائفتها أو بمذهبها، من الكفرة والملحدين؟
استناداً إلى الحقائق أعلاه، فقد وصلت الدول المدنية والعلمانية إلى مستويات غير مسبوقة لجهة توفير كل وسائل الحضارة المادية لمجتمعاتها. وباستثناء الوقائع الشاذة التي تشكو منها المجتمعات التي تعيش في ظل تلك الأنظمة، فإننا نستطيع تمييز المستويات الراقية بالتالي:
-مستوى من التقدم العلمي والإنتاجي، أي كل ما له علاقة بالحضارة المادية.
-مستوى الرقي التربوي والاجتماعي عند شعوب تلك الدول، وتوفير شتى الضمانات التي توفر للمواطنين فيها السعادة الدنيوية.
لقد أوجز الشيخ محمد عبده، أحد العلماء المصريين، في العام 1881، تلك المستويات، قائلاً: »ذهبت للغرب فوجدت إسلامًا ولم أجد مسلمين.. ولما عدت للشرق وجدت مسلمين ولكننى لم أجد إسلامًا!! «.
وعود على بدء، لقد مضت على مقولة محمد عبده مائة وأربعون سنة. يعني أن الغرب قد بنى حضارة مادية ووعياً اجتماعياً أذهلته، وهذا يعني أن الغرب أحرز هذا التقدم منذ أكثر من قرن سبقت ذهابه للغرب. فكيف ستكون مقولته إذا شاهد المستوى الحضاري المذهل في عصرنا هذا؟
لا يزال الغرب، بعد أن أسَّس الدولة المدنية الحديثة، وألغى الدولة الدينية، يتقدم ويقدم للبشرية كلها ما يسعدها بسرعة فائقة يكاد المتابع لها لا يصدق ما يحدث. إن من أهم ما وفَّرته الدولة المدنية، أنها ضمنت سلماً أهلياً دائماً للمجتمعات الغربية. وهذا ناهيك عن راحة بال يكاد الغربيون يشعرون بأنهم بحاجة إلى ما يجعل أعصابهم تتحرك من جمودها لنمطية الحياة وهدوئها. يتم ذلك في الوقت الذي لا تزال مجتمعاتنا الشرقية تفتقد السلم الأهلي من كثرة الصراعات المذهبية والدينية. وتفتقد الأمن الاجتماعي والمعيشي من قلة الإنتاج وكثرة الاستهلاك.
كل ذلك، ويطالعنا مئات الآلاف من رجال الدين في منظومة الدول الإسلامية، بإنتاج كل ما هو مخدر للأعصاب، وغارس للاتكالية، والاقتصار على الصلوات والأدعية في الأماكن التي يتجمع فيها العاطلون عن العمل، والذين يفتقدون حبة الدواء ولقمة الخبز. ويشبع رجال الدين بطون الجائعين بدعوتهم إلى الصبر، ويعدونهم بقصور في الجنة وحور العين وأنهار من الخمر والعسل. وبكل ما يغرس النرجسية في نفوسهم بأنهم المؤمنون وبأن غيرهم، من المجتمعات التي لا تدين بمذهبهم، من الكفرة والملحدين.
مقدمة طويلة لفقرة قصيرة نود أن تصل إلى كل من يعنيهم الأمر، ولذلك نعيد نقل عنوان المقال: (الحركات الطائفية السياسية لغم دائم لتفجير السلم الأهلي)، لأنها تحقن أتباعها بالتعصب للمذهب على حساب وحدة الوطن، وهذا ما يدفعنا إلى رفضها لعدم صلاحيتها لبناء دولة المساواة والعدالة الشاملة، والعمل على بناء دولة تحقق هذه الأهداف. ولأنها كذلك، لا بُدَّ من إعادة تركيب المعادلة بحيث تصبح: (كن وطنياً لتنال حق الاختلاف في طريقة تجميل الوطن).
بعد دراسة تجارب الشعوب المتقدمة مما نوهنا إليها في مقدمة المقال، نرى أن تلك المجتمعات ألغت وبشكل قاطع الترخيص للأحزاب الدينية. وحصَّنت دساتيرها وشعبها بنزع فتيل الطائفية، وحددت مكاناً مناسباً لرجال الدين، وهي مؤسسات العبادة، ومنعتهم من التدخل في شؤون الدولة، أي أنها فصلت بين وظيفة السياسي ووظيفة رجل الدين. فلكل منهم حقله. فحقل السياسي هو العناية بالأمور الدنيوية المعيوشة، وحقل رجل الدين هو العناية بالتربية الروحية وخاصة الغيبية منها. بحيث يعمل كل منهما على قاعدة (الدين لله والوطن للجميع). ومن الممنوع على أحدهما أن يتدخل بوظيفة الآخر، وذلك بإلزامهما بالاعتراف أن هناك وطناً يأوي الجميع كثابت من الثوابت التي لا يجوز المساس بها. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل قيَّد رجال الدين، على مختلف أديانهم ومذاهبهم، بثوابت الدعوة إلى محاسن مذاهبهم، والامتناع عن التحريض ضد الأديان والمذاهب الأخرى. وكذلك تجريم كل من يسيء إلى السلم الأهلي لأبناء الوطن الواحد. هذا، ولا ننسى أن بعض المؤسسات الكنسية، اعتبرت أن خلاص الأنفس في الآخرة يمكن أن يحصل عن أكثر من طريق. فقد يكون عن طريق المسيحية أو الإسلام، أو البوذية... أو عن أي طريق ديني آخر. وإن هذا كله، يندرج تحت ثابت واحد، هو أن يكون المواطن في الغرب وطنياً، وليؤمن بما شاء من الأديان والمذاهب الدينية.
كل هذا يرغمنا على رفع التساؤل التالي: أين نحن من ذلك في منظومة الدول الإسلامية؟
موجات من التكفير والتكفير المضاد. صراعات دموية بين المذاهب. اختلاف الجار مع جاره، وتحريض من الجار ضد جاره، ليس لسبب أكثر من أنه ينتمي لمذهب غير مذهبه. كثرة في مؤتمرات تدعو للتقريب بين الأديان، ومؤتمرات تدعو للتقريب بين المذاهب. تنتهي كلها من دون أثر يُذكر، بحيث إنه ما إن تنتهي تلك المؤتمرات لتجد المؤتمرين في اليوم التالي يتابعون التحريض والتعبئة ضد كل من يخالفهم بالانتماء الديني والمذهبي.....
إن ما يعتبرونه أنظمة علمانية يصفونها بالكافرة، لم نسمع أنها تعرَّضت لعقوبات إلهية، لأن المواطنين فيها ينعمون بالسلم الأهلي والحياة الكريمة. وإن ما يزعمون أنها أنظمة دينية مؤمنة، لم ينلها من رضى الله قيد أنملة بل يعيش مواطنوها في قلق دائم من الحروب الأهلية بين الطوائف، وفقراؤها يزدادون فقراً على فقر، ومرضاً على مرض، ولا يبسلم جراحهم، أو يمس أمعاءهم، أكثر من دعوة من رجل دين لهم بالصبر على الجوع والمرض تحت حجة أن الله يمتحنهم.
وإذا كان من مصلحة رجال الدين أن يُوهموا أتباعهم بمصداقية عظاتهم الغيبية فلكي يضمنوا بقاءهم في وظائفهم التي يُتخمون بعائداتها الضخمة، فأين تقع مصلحة الفقراء والمساكين وأبناء السبيل واليتامى؟
لا ننسى ما قد يتهمنا به البعض ممن لهم مصلحة بالدعوة إلى الدولة الدينية، بأن دعوتنا ليست أكثر من الترويج لأفكار غربية. ولأنه اتهام مردود بشتى المقاييس، نختم مقالنا بالتالي:
إن الدعوة لبناء الدولة الدينية والمذهبية، هي دعوة للتفتيت والتحريض والتعصب، خاصة أنها تحمل في ذاتها أسباب رفضها بالمطلق، وذلك لأنها تشكل حاملة دائمة لجمر حروب طائفية مخبأة تحت الرماد.
وإن توفير السلم الأهلي لن يكون بغير الإقلاع عن فكرة الدولة الدينية، والدعوة إلى بناء دولة العصر الحديث، دولة المواطنة.
وإن حماية الدعوات الدينية كلها، وضمان حرية الاعتقاد الديني، لن يتم توفيرها سوى بدولة مدنية قائمة على قواعد وحدة المعايير في الحقوق والواجبات.
وإذا كان الخلاص في الآخرة يتم عن أكثر من طريق، فإن الخلاص في الحياة الدنيا يتم عن طريق واحد وهو بناء وطن واحد موحد يلتزم جميع مكوناته بحمايته من غدر الخارج، وطعنات الداخل ممن يحسبون أنهم رموز الإيمان.



#حسن_خليل_غريب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على ضوء انتخابات العاشر من تشرين الأول في العراق:
- ورقة المئة ألف ليرة تكشف المستور من جرائم أحزاب السلطة
- ثلاثية استعمارية وصهيونية وفارسية تتبارى في كراهية العروبة ا ...
- ثلاثية استعمارية وصهيونية وفارسية تتبارى في كراهية العروبة ( ...
- ثلاثية استعمارية وصهيونية وفارسية تجمعها وحدة الكراهية للعرو ...
- ثلاثية استعمارية وصهيونية وفارسية تتبارى في كراهية العروبة ( ...
- النظام الإيراني ومشاريعه العدائية المغطاة بشعارات شعبوية
- حكومة ميقاتي تولد على أنغام رقصة المساومات بين ماكرون ورئيسي
- من الثورة الموؤدة إلى الثورة المولودة
- هل يحاسب الله البشر على أفعال خلقها فيهم خلقاً؟ الحلقة الثان ...
- هل يحاسب الله البشر على أفعال خلقها فيهم خلقاً؟ (الحلقة الأو ...
- لقد وجدت الله
- في سبيل صياغة الموقف السليم من الملف النووي الإيراني
- حطِّموا أصنام أحزاب السلطة فقد نخرها الفساد والسرقات
- المقاربة المستحيلة بين الدولة الدينية والدولة المدنية
- النظام الطائفي السياسي في لبنان منهج تاريخي متخلَّف تأصيل تا ...
- النظام الطائفي السياسي في لبنان منهج تاريخي متخلَّف تأصيل تا ...
- النظام الطائفي السياسي في لبنان منهج تاريخي متخلَّف تأصيل تا ...
- في مواجهة التطبيع الرسمي مع العدو الصهيوني تبقى المقاومة الش ...
- في مواجهة التطبيع الرسمي مع العدو الصهيوني تبقى المقاومة الش ...


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن خليل غريب - الحركات الطائفية السياسية لغم دائم لتفجير السلم الأهلي