أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سالم الخياط - قصة قصيرة اضطربات مشوهة














المزيد.....

قصة قصيرة اضطربات مشوهة


سالم الخياط

الحوار المتمدن-العدد: 7086 - 2021 / 11 / 24 - 04:26
المحور: الادب والفن
    


اضطرابات مشوهة

الشمس خارج الغرفة تنسحب، تميل نحو المغيب. وتجر بخيوطها المخفية النجوم وتدخل بسواد، حالك، ومع سكون الليل، وصمت عميق مطبق، هو سيد المكان ولا شيء أخر غيره، كان يغرق وحيداً بصحبة أثاث قديم متهالك مل النظر إليه، مرآة طويلة صدئة معلقة على الجدار، تلك المرآة تغرق في الظلام أيضا، ولا تعكس إلا ظلا طويلاً باهتا، ضجيج صامت راح يتصادى في رأسه، نهض من فوق السرير الذي راح يترنح ويئن أنينا موجعا، تحركت خطواته الثقيلة باتجاه المرآة، وأوقد بقايا شمعة ليضعها قرب المرآة، ليتشظى الضوء، ويرسم وجها طويلاً تتخلله تجاعيد غائرة وتشوهات ..
نظر في المرآة، فأصابه دوار، ودوّامات تمحورت في رأسه، واضمحلت ابتسامته وغارت الدموع بعينيه.. وأخذ يتخبط تخبطاً، أثار شكوكه النفسية، حرك كفه اليمين ليزيل تلك البقع السوداء التي تلطخ وجه المرآة، ولكن على حين غرة، اكتشف أن تلك البقع والتشوهات لم تكن إلا انعكاس وجهه في المرآة ..
صدمته الحقيقة ( هل أنا فعلا مشوه ) همس في سره وراحت أصابعه تتحسس البثور والتجاعيد الغائرة. حينها تيقن من أن المرآة لا تكذب. ظل يفكر كثيراً، في ابتكار طريقة للتخلص من حياته، وشكله المشوه ولكنه تراجع أخيرا، حين رأى شخصا يقف خلفه يتطلع في المرآة ذاتها، كان الشخص يبتسم ساخرا ويسأله، لم أنت منزعج. كما أنك لم تكن مسؤولا عن هذه التشوهات، التي تعتري وجهك الذي كان جميلا في يوم ما. حين سمع هذه الكلمات التفت إلى الوراء. لم يكن ثمة شخص هناك، لا أحد سوى ظله. ولكن تلك الكلمات التي سمعها أو ظن أنه سمعها زرعت الأمل في روحه. ودعته يتساءل، في ذاته، وأخذ يدعك عينيه، ثم أردف قرينه.. العبرة لا تكمن في جمال الشكل بقدر ما تحمله الروح من نقاء وجمال. فكم من وجوه جميلة تحمل الغل والحقد والجشع، أما أنت فلا تحمل إلا قلباً طيباً وروح طاهرة نقية، ولأنك لم تنس تلك الليلة المظلمة التي غيرت مجرى حياتك. تلك الذئاب السوداء التي فخخت المقهى بالمتفجرات، وقتلت وشوهت ناس أبرياء، وهربت إلى جحورها. نظر للمرة الألف إلى المرآة وصرخ مع ضحكات هستيرية مجلجلة .. هذا الوجه القبيح ليس لي.. ولأ يمت لي بصلة. ثم من ذلك الشخص الذي كان يقف خلفي ويهمس في أذني. هل هو شريكي في وحدتي . أو هو أحد الأشخاص الذي تعرض لتشوه وجهه في ذلك الانفجار اللعين، أم أحد الذين فارقوا الحياة. مَرة ثانية انبثق الظل من المرآة، وراح يهمس بأسى كن قويا يا صاحبي، فكلانا مشوه بطريقة ما. نحن المشوهون من أثر الحروب وطمع وجشع الساسة، كنا نحلم بموطئ قدم أمن على هذه الأرض التي تسمى وطنا !
لم نحصد منه سوى التشوهات الغائرة في الجسد والروح أي مرارة تلك يا صاحبي، ولكن علينا أن لأ نيأس، .. وتمعن بهدوء وهمس بصمت واكتفى بالإشارة بيديه معبراً بالموافقة، وابتسم إليه وأخذ يفكر دعني أتحاور معه وأكلمه هل هذه الشكوك التي أراها حقيقية أم هي هلوسة في راسي، ثم لا مانع ان اخرج من هذه الغرفة الكئيبة الخانقة كما لو كانت قبرا.. وأردف قرينه كن شجاعاً لمواجهة الحياة، هيا لنخرج ودع المرآة تحكي قصتنا أو حطمها إذا قدرت هيا.. حين سمع هذه الكلمات رفع كلتا قبضتيه وانهال على المرآة لتتشظى إلى قطع صغيرة لامعة.. وسط الظلام.. لم يجد نفسه إلا في الطريق، بصحبة قرينه وهما يتجهان نحو حانة قريبة ليرتشف.. بعض الكؤوس ليطفئ تلك الأفكار والصور المتداخلة بمخيلته ..
رفع رأسه من فوق المائدة المستديرة. ليسأل قرينه.. ولكن لا.. لا أحد غيره كان يهذي تحت ضوء المصابيح الباهتة. وفي لحظة بارقة.. لملم شتات روحه.. وخرج من سجن الذاكرة وترك البقع السوداء في الروح المنكسرة ثم صرخ بأعلى صوته ( مرحى للحياة، لأرمم حلمي بالأمل وأمسك أجنحتي وأطير في السماء الصافية ) ثم خرج راكضا في شوارع مدينته يستنشق الهواء النقي ويغتسل بسيول المطر، في عتمة الليل، ونسيم المساء البارد ...



#سالم_الخياط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملكة الليل
- قصة قصيرة - مالم تدركه الخفافيش
- حلم - طائر
- قصة قصيرة - موت المسافات
- قصة قصيرة
- رجوع متأخر
- دخان
- رحلة بعمق المتاهة


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سالم الخياط - قصة قصيرة اضطربات مشوهة