أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زكي بوشوشة - مأزق الحداثة















المزيد.....

مأزق الحداثة


زكي بوشوشة
كاتب

(Zaki Bouchoucha)


الحوار المتمدن-العدد: 7079 - 2021 / 11 / 16 - 15:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عرف التاريخ البشري عدة مراحل حضارية لكل مرحلة مميزات و خصائص معينة ، و لكنها كانت تشترك في نقاط عدة ، إلا أن المرحلة الاخيرة و بالتحديد منذ الثورة الصناعية لم تكن مشابهة لما قبلها ، فقد قال ماركس ان كل الفلاسفة السابقين ارادوا تفسير العالم و لم يريدوا تغييره ابدا ، ربما أخطأ ماركس تقدير الامر و لم يحدد اصل المشكل بالضبط ثم جاءت محاولة نيتشة في قلب كل القيم ، في الحقيقة لم تكن قيما معصومة من النقد و المراجعة و لم تكن ايضا تستحق ان تقلب على راسها ، و علينا ان نقر ان القراءة الصحيحة لماركس اليوم تقول ان تغييرنا للعالم باستمرار لن يسمح لنا بتفسيره ابدا و لن يترك لنا مجالا لفهمه ، و ان فهم التضاد الذي جاء به نيتشه ينطلق من ان قلب القيم المنبودة قلبا كليا يؤدي الى نفس النتائج و بصيغة المبالغة ، نحن اليوم مطالبون بفهم الاسباب التي اوصلت العالم الغربي الى ما هو عليه ، و نخص بالقول العالم الغربي لانه القاطرة التي تجر العالم الى طريق مسدود عبر نفق ما بعد الحداثة المظلم ، و ان كان العالم اليوم يحكم على نفسه بمشاركة الغرب نفس المصير ، فهذا ليس لحتمية طبيعية ، بل لقرار غير واعي ، قرار اشتركت فيه الانظمة و النخب و الشيوخ و الشعوب على حد سواء ،نتيجة الانبهار من كل ما هو غربي او كما يحلو لابن خلدون توصيفه ان المغلوب حضاريا مولع بتقليد الغالب .
الحداثة و نقطة اللارجوع . تميزت الحداثة بالنسقية او البارديغم ، و هذا يعطينا فهما جديدا للكون مع كل نسق ، تعددت المدارس و تعددت الانساق داخلها ، و تميزت بعضها بالمنطقية و التجريد و اخرى بالعمق و التعالي اذا تحدثنا عن المدرسة الفرنسية و الالمانية على التوالي ، اما الانجليز فتميزت فلسفتهم بالمادية و السطحية ، جاء بعدهم الامريكان متاثرين بالسطحية الانجليزية ، فانتجوا لنا سطحية مفرطة تحولت فيما بعد الى ما يسمى ما بعد حداثة ، و المغالطة لا تقف عند الاسم بل مضمونها ككل عبارة عن كتلة من المتناقضات ، التي نراها اليوم دون الحاجة الى مجهر و ندرك تيهها دون ضرورة للتامل ، كيف لا و نحن نرى الفن مختزلا في التفاهة و الاخلاق في المنفعة و السياسة في البراغماتية و الثقافة في الإباحية ، و السؤال كيف وصل العالم الى هذا الوضع المزري ، و اي مستقبل ننتظر من هكذا حاضر ؟
لاشك ان عدم الرضا عن ما يحدث اليوم هو الشعور المشترك بين الكثير من الفلاسفة و المفكرين و المثقفين ككل و لكن الخلاف يتمحور حول ماهية الحلول و مدى امكانية انقاد العالم من الهاوية ، و ان كان ذلك محتملا ام انها اي الهاوية مصير محتوم . و هذا ما يجب ان تتوجه اليه انظارنا ، الى ان المقاومة تنطلق من تفشي قناعة راسخة لدى الشعوب بان التفوق الغربي هو حال ماض و منتهي و الحديث عنه اليوم هو مجرد تكريس للوهم ، كخطوة اولى ، ثم الانطلاق الى تاسيس فلسفة مقاومة .
فلسفة المقاومة : نقول تاسيس فلسفة مقاومة لان المقاومة اساسا موجودة و لكنها محصورة في انظمة معينة و احزاب معينة ، تتجلى من خلال مواقف وقتية ، فنلاحظ ان كثير من انصار المقاومة ، يتبنون خطابها و موقفها في لحظات الصدام ، اما اذا عدنا الى حياتهم اليومية فسوف نلاحظ انهم يعيشون وفق اسلوب حياة رسمه خصوم المقاومة و يتبنون نظريات علمية او معرفية هي نتاج ادلجت العلم من طرف خصوم المقاومة ، و قس على ذلك ، اما التاسيس الفلسفي للفكرة فيذهب بها الى اعمق نقطة ممكنة كما ان الفلسفة تتميز بانسانيتها اي انها متحررة من كل الفوارق و القيود الدينية و العرقية و ...الخ ، لتصبح قادرة على طرح منهجها و موقفها ، بل مع استغلال هذه الفوارق في تزخيم الفكر المقاوم اضافة الى ذلك التاسيس الفلسفي يسمح باخراج الفكرة من كونها طفرة او استثناء خاضع للصدف و الحظ الى دورة حية تملك في ثناياها بذور استمرارها . و لكن لماذا فشلت كل المشاريع مع كثرتها في تحقيق هذه الغاية .
العالم الزنزانة : ادخلت الحداثة العالم الى زنزانة ذات جدران شفافة تتيح له اطلالة مريحة و مثيرة على الجحيم من جميع النواحي ، ثم ابتلعت الجحيم نفسه ، ففي البدء كانت زنزانة الحداثة او الجحيم و وصلت الى انه بالرغم من ان الحداثة جحيم و لكن لا بديل آخر عنها . لقد قال اب الحداثة ان الخطأ يكمن في كونه لا يبدو كذلك ، و منه فالتفاحة التي اخرجتنا من فردوس الحرية الى زنزانة الحداثة هي تبني فكرة الحرية و اعتقادنا بوجود معنى لها ، تماما كما اخرجتنا ثمرة الخلد من جنة الخلد ، و انا لا ارى حرجا في ان اول الاسئلة التي تستحق البحث هو اذا كانت الحرية ليست قيمة اخلاقية ، و ليست ممارسة عملية ، و ليست قيمة اقتصادية ، و لا و لا ...فهل هناك في قاموس المعاني مرادف لهذا المصطلح ام انه يعني التبعية مع الاعتقاد بالعكس فقط و الاستمتاع بالبقاء داخل الزنزانة لانه اختيار ، و هذا ليس غريبا لان الكثير من الكلمات التداولة لا تحمل اي معنى و لا دور لها الا اخفاء عدم وجود اي معنى لها .
مركزية اللامركزية الغربية : يصعب الانفلات من شرك الحداثة و مابعد الحداثة ، بعد ان تحولت الى تحطيم المركزيات القديمة و الانتقال الى اللامركزية كمركز جديد ، فلا مركزية للعقل او الوعي او الدين او العلم او لمنهج ما ، بل اكثر من ذلك لا تعريف لما بعد الحداثة ، فكل محاولات الانطلاق من مبادئ جديدة سوف تدخل تحت مسمى ما بعد حداثة ، فاصبحت بمثابة البالوعة التي تبتلع كل مركز فكري جديد ، لمنع اي محاولة لتقويضها من الخارج .
القوة التدميرية للحداثة : تستمد الحداثة قوتها من كونها تشتغل على التدمير ، وحتى الجانب الانتاجي لها ، هو تدمير بصورة خفية او غير مباشرة ، و معلوم ان فعل البناء و التعمير يحتاج جهدا و ارادة و معرفة و وقتا ، اكثر من التدمير الذي يحرق غابة كاملة بشرارة صغيرة ، لا ادري ماذا يقصد نيتشة بقوله ، نحن الحيوانات الشقراء المندفعة إلى الامام نحن نمسك كل ما نحب فنتركه رمادا . و في الحقيقة احب ان تفهم على ظاهرها ، لانها تصف جيدا حقيقة الحداثة التخريبية ، و بكل بساطة و سداجة و بدون التبحر و التعمق هكذا بعفوية و بداهة ، كيف لحركة تسير من التنوير إلى العدمية و من البناء إلى التفكيك ، ان تكون إلا فعلا تخريبي مبرر نظريا .



#زكي_بوشوشة (هاشتاغ)       Zaki_Bouchoucha#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين بمنطق جذري 2
- الدين بمنطق جذري 1
- عوائق التنوير في العالم العربي


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زكي بوشوشة - مأزق الحداثة