أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سعيد بلغربي - المرأة الأمازيغية بالريف بين السلطة الأبيسية والرغبة…قراءة في نصوص شعرية أمازيغية















المزيد.....

المرأة الأمازيغية بالريف بين السلطة الأبيسية والرغبة…قراءة في نصوص شعرية أمازيغية


سعيد بلغربي

الحوار المتمدن-العدد: 1652 - 2006 / 8 / 24 - 07:02
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


يذكر التاريخ أن إيمازيغن كانوا مجتمعا أميسيا يمنح المرأة مكانة عالية بلغت درجة التقديس والطاعة (المرأة الإله نموذج تانيت والمرأة الملكة نموذجي ديهيا وبويا). ومع توافد الثقافات المتنوعة على أرض تيموزغا (شمال إفريقيا) تأثر الأمازيغ ببعضها لما تحمله من إديولوجيات تسعى إلى فرض هيمنتها على الثقافة الأمازيغية. وهذا ما أفقد المرأة شيئا من مكانتها.
ويبدو أن الأمازيغ الذين كانو مجتمعا أموميا Matriarchale في القديم يقدرون المرأة (…) قد أحسوا بالقصور والإنجراح في رجولتهم (تيروكزا،Virilite) أمام ثقافات بطريكية ذكورية وافدة كالثقافة العربية الإسلامية، التي لاتبوئ المرأة نفس المكانة المتميزة حيث مارست عنفها الرمزي على لاوعيه الأمازيغي بقوة وجعلته ينتقم لفحولته المنجرحة ويخفق من الآمه بتبخيس المرأة والالقاء باللائمة عليها فيما حصل له من إندحار حضاري (1).
من خلال هذا إستنتجت المرأة الأمازيغية بأنها هي المستهدفة من وراء هيمنة سلطة أبيسية ورقابة يمارس طقوسها الذكر داخل النطاق الثقافي والديني والعشائري، ولقد كان الشعر الأمازيغي حاضرا ووفيا في نقل هذا الشعور الغائر في اللوعي لدى الأنثى الأمازيغية نحو الذكر، بإعتباره المالك المطلق الذي فرض نفسه وصيا لسلطات تخول له التحكم في كل التحركات والسلوكات التي تقوم بها المرأة الأمازيغية.
وتكتسي هذه القصيدة الناذرة التي سوف نحاول الغوص في أغوارها دلالات رمزية تجعل من المرأة/الجسد موضوعا للرغبة والوصال يصعب الوصول إليها في حدود وجود رقابة رادعة يبسط فيها المجتمع الذكوري الأب/الأخ… القوانين التي لاترحم أي سلوك شاذ خارج عن المنظومة الدينية والأخلاقية.
فنسمع إلى الشاعر الأمازيغي المجهول يقول في مقطع من هذه القصيدة المطولة:

كيغ إيخف إينو أم ؤنسيس
إيسنوقوبن ربني
إيسنوقب غار واسقيف
يوفا حد وار يدجي
إيسنوقب غار وخام
يوفا ذين “مولاتي”
ثحارذ سنفقث
تعاواذ سرحني
كيغاس فوس خوزدجيف
ثنايي أهدا أمني
كيغاس فوس خوعديس
ثنايي ريد أمني
أقا غاري بابا
ما يوما تيماسي
أشيواث سرقضع
أذاش ياندار إيري
أشيافسار ذرقديذ
خ إيسغوان ن واري
رباز أذيحوط
ثاسيوانت أتيسي

تتناول القصيدة حكاية أحدهم حاول التسلل خفية وفي حذر شديد إلى مكان تواجد حبيبته، واصفا ذلك في تعبير مجازي دقيق بتشبيه عملية تسلله بماء المطر المتسرب من شروخ سقف المنزل، فبعد جهد متعب وجد محبوبته تمشط شعرها بأنواع مختلفة من وسائل الزينة (النفقث والحناء) فإلتمس منها الوصال بعد أن حاول إيثارتها بلمسها من مناطق حساسة من جسدها، إلاّ أنها أبت الرضوخ لطلبه، فسيطرت على الفتاة هواجس وقيود جعلتها تطلب منه الكف عن مغازلته لها مهددة إياه بالعواقب الوخيمة، وذلك بإخبار والدها وأخاها اللذان سوف لا يتوانان ـ في حالة ضبطهما معا ـ في قتله والتمثيل بجثته التي سيصبح لحمها من نصيب الطيور الكاسرة كما جاء في القصيدة.
إن صرامة التقاليد البدوية وحدة الرقابة المفرطة على المرأة يقومان بشكل او بآخر ـ في محاصرة أو مصادرة ـ إستمرار العلاقة في ظروف آمنة، فالمرأة في ظل هذه القيود ملزمة بالحذر في ربط العلاقة مع الرجل، إنها سجينة الأسرة والتقاليد المحافظة والضغط الأبسي.(2)
نلاحظ أن المرأة موضوع القصيدة أشير إليها ب: مولاتي Mulati وهي كلمة عربية تعني مولاتي، وهذا يدل على أنها تنتمي إلى أسرة ذات مكانة قبلية أو أنها ميسورة الحال وتقضي مجمل وقتها في الإعتناء بجمالها كي تظهر بالمنظر اللائق أمام عشيقها، لأن عملية التسلل هاته ليست بريئة وتبدو أنها لم تكن من باب الصدفة والمغامرة وإنما ناتجة عن إتفاق سابق بين الطرفين. وقد ينتج ذلك عن ميل عاطفي للذكر إلى الأنثى أو العكس وهذا له أساس عضوي لايمكن إنكاره هو الدافع الجنسي مهما كانت تلك العواطف “سامية وصافية”(3).
لكن “السلطة الأبيسية” الراكدة في محور “الآنا الآخر” لدى الفتاة الأمازيغية كانت أقوى من الرغبة كنداء غرائزي لدى الإنسان، فإستحضار العقاب في حضرة الحبيب هو تذكير للطرف الآخر بالعواقب الوخيمة التي ستنتج عن لقائهما اللاشرعي هذا، عقاب بشع أقصى ما يصل إليه الغضب الإنساني وهو القتل والتمثيل بالجثة وجعلها “قديدا” تقتات منه حرارة الشمس قبل أن يقدم طعاما للطيور اللاحمة /الباز والحدأة.
والرغبة، هنا، ذات بعد إستثنائي باعتبارها مرتبطة بضمير محكوم عليه ـ عادة ـ في إطار الأعراف، والتعاقدات الإجتماعية بعدم التصريح بالرغبة، خاصة حين تكون مرتبطة بموضوع شبه مسكوت عنه ألا وهو موضوع الجنس.(4)
ويظل الشعر الأمازيغي دائما غنيا وحاضرا بأبيات شعرية تحمل بين طياتها تعبيرات ثرية من حيث دلالاتها الرمزية، وفي نفس الصدد نسمع إلى الشاعر الأمازيغي يقول في هذا الإيزري:

أعليك وايكويذن / فيغار أذايي إيقس
أديسيغ مامينو/ زك أخام ماني تطاس(5)

إن الشاعر هنا لم يستطع قمع المكبوت بداخله معبرا في أسف عن عدم تمكنه من الوصال بحبيبته، وذلك بوجود “ثعبان” داخل حجرة نومها، وليس هذا الأخير إلا صورة مجازية للرقابة الذكورية/الأبيسية وهي بمثابة الثعبان الذي لايتوانى في لدغ كل من حاول التقرب من حجره، وهي صورة لذلك الوصي الأب/الأخ… الذي يحمي “شرف” الأنثى (الزوجة، الإبنة، الأم، الأخت …) داخل الحجرة/الفضاء المحروس والمحرم، من تلاعبات الغرباء، وهذا مايقودنا إلى إعتبار المرأة في نظر هذا الحارس/الذكر كائن قاصر لايمكن أن يؤدي وظيفة الحماية الذاتية لجسد تمتلكه هي لكنه جسد يتحكم فيه الآخر/الذكر.
في هذه الحالة نجد أن الظروف الاجتماعية تنشط ـ بقوة ـ لتقف حاجزا أمام تحقيق المرأة لرغبتها في الحب. وهذا ما جعل المرأة ومعها الرجل (المحبوب)، تعيش الحب في شرط غير ملائم، شرط يولد الرقابة أكثر مما يفتح ذراعيه لانتعاش هذا الإحساس الإنساني، إذ يعيق الشرط الإجتماعي إمكانية الاستمتاع بالحب. (6)
وتظل ممارسة “الإرتباط العاطفي” خارج مؤسسة الزواج في المجتمع الأمازيغي بالريف من الأمور المحظورة والمحاطة برقابة صارمة. على العكس تماما لدى المجتمع الأمازيغي بالطوارق “إيموهاغ” حيث تشير بعض الدراسات الأنتربولوجية إلى تسامح هذا المجتمع مع المرأة الأمازيغية في ممارسة الحب العلني، وليست هناك أية قيود دينية أوقبائلية… تمنع العلاقات الغرامية الجريئة بين الفتى والفتاة الطوارقية، ويمكن أن يمارس ذلك خارج أو داخل “إطار الزواج” وبشكل طبيعي وعادي لايبذل فيه الطرفين أية محاولة لإخفائه.
________________

هوامش:
1) محمد أوسوس، الوعي بالذات الأمازيغية من الميثي إلى العقلاني، تاسافوت Tasafut العدد18 / مارس 1997 ص 6.
2) محمد .ن /المرأة والحس المأساوي في الأغنية الأمازيغية، الإتحاد الإشتراكي عدد3121 الأحد 23 فبراير 1992.
3).الفكر الإسلامي والفلسفة طبعة 1983 ص 468، كتاب مقرر لمستوى البكالوريا، منشورات مكتبة المعارف الرباط.
4) زهور كرم، في ضيافة الرقابة، منشورات الزمن، مارس 2001 ص58 .
5) ترجمة البيت الشعري:
لو لم أفزع من لدغات الثعبان
لأختطفت حبيبتي من سرير نومها.
6) زهور كرم، في ضيافة الرقابة، منشورات الزمن، مارس 2001 ص
78



#سعيد_بلغربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة الأمازيغية بالريف, علاقتها بالذات و الآخر / صورة المر ...
- رسالة برائحة البرقال... و قصص قصيرة جدا
- المرأة والوشم في الشعر الأمازيغي بالريف أو حينما يصبح الجسد ...
- أشعة ما فوق العشق
- ...وجع في تابوت
- المرأة الأمازيغية بالريف علاقتها بالذات و الآخر ,المرأة و ال ...
- إذا زلزلت القرية زلزالها و نصوص قصيرة جدا
- ربما نلتقي في آقاصي الحكاية
- قضية التراب و اللعاب فيك تؤرقني
- إغاربيوان” الأنثى المقدسة ووجع المكان
- رسالة تطويني فراقا.............نص قصصي
- همسات مدثرة في كفن الغربة.......قصة قصيرة
- قصة قصيرة.....-الناظور- عندما تفتح فخذيها.
- ألم ...ألم...ألم
- مراسيم حفلة الزفاف الأمازيغي بالريف.....عادات ...وطقوس
- موقع الأمازيغية في - ديوان ولث من النداء الحافي- للشاعر توفي ...
- منديل مبلل و شيء من الصـمت
- الرصيف و امرأة تشتهـي نبيذ شفتي
- تيمـوزغـا حبيبتي
- غربة و عزلـة


المزيد.....




- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سعيد بلغربي - المرأة الأمازيغية بالريف بين السلطة الأبيسية والرغبة…قراءة في نصوص شعرية أمازيغية