أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد بلغربي - رسالة تطويني فراقا.............نص قصصي














المزيد.....

رسالة تطويني فراقا.............نص قصصي


سعيد بلغربي

الحوار المتمدن-العدد: 1500 - 2006 / 3 / 25 - 04:39
المحور: الادب والفن
    


لا تهتم يا صديقي ، ألمك الذي نسيته في رزمة أوراقي و الذي كتبته عندما حلت ضيفا عندي مازلت أحتفض به .
لم أكن أدري أين كنت مختبئا عندما كانت تتساقط عليك أوراق الوحي الشعري فمنزلي المبعثر لا يوحي بأن آلهة الشعر تسكن جنباته ، حيث منديل أخضر يخفي لونه بقع الأوساخ المتراكمة معلق فوق كتف باب غرفتي ، سروال من النوع الرخيص تغير لونه بسبب نقص جودة الصابون ، أشياء تافهة تبدو غير منظمة ملقات هنا و هناك ،عبثا أحاول ترتيبها لكنها لاتترتب .
هناك على الكرسي الحديدي تلفاز بالأبيض و الأسود و تحته بطارية نفدت طاقتها مند أكثر من شهرين لأن "البطاري" لم يعد يمر من هنا لكي يزودها بالطاقة عند المختصين في ذلك ، قيل لي أن حماره الذي يحمل أثقال البطريات يحب أكل السكر فقضم حلوة من يد صبي أصابه في يده فأقسم أن يبيعه تاركا هذه المهنة و تاركا وراءة تلفزات غارقات في صمتهن الأبيض و الأسود .
كنت تفضل دائما الصعود إلى سطح المنزل في ذيل أيام الأسبوع فتوجه مستقبل البث صوب البحر لتستقبل أمواج قناتك المفضلة ليلا ، لا تنام إلى أن تنتهي أفلامك الماجنة .
يا صديقي مازلت الساعة التي كان يقلقك رنينها تحمل جروحها و كسورها ، كانت كلما رنت منبهة إياك بالصباح القادم إليك ليفض بكرة يومك الجديد ، يوم يشبه تفاصيل كل أيامك ، إلاّ و تصتدم بعصبيتك فتلقيها في الأرض حتى أصبحت الآن تعيش خارج هذا الزمن ، و أنت مثلها . كنت تمقت النهوض باكرا إلى أن أقلي السمك و أعد شلاظتك المفضلة بالبصل و الطماطم و الخل الأحمر و قليل من الملح لأن أعصابك المتوترة لم تعد تحتمل الملوحة كما أخبرك الطبيب المجاني بذلك ، ثم تنهض لاعنا الشمس التي تسللت إلى جيوب غرفة نومك بدون إستئذان .
نصحتك ذات مرة طالبا منك أن تطفيء القنديل الغازي لأنك تظل الليل كله وكأنك تكتب شيئا ما أو تحاور كائنات عالمك الخاص ، لمحتك تداعب و تلامس حروفا كنت أسمعها تتنهد في جوفك ، حينها أحسست أن غاز الفانوس قد نفد وهذا ما يحرق فتيل جيبي ، وأنت كما تعلم أنني أعمل حمالا وليس لي دخل مالي قار .
شعرت بك وكأنك لم تقبل نصيحتي ، أحسست بداخلك أنك أصبحت ضيفا ثقيلا عندي ، تبين لي ذلك عندما أفرغت غضبك فتكسر زجاج القنديل شضايا فبقينا لا نرى وجوهنا إلا على ضوء الشموع البيضاء. كنت دائما أوقر غضبك فلا أزعجك كثيرا بنصائحي التي لم تكن تستسيغ سماعها .
الآن أصبحت أعرف أن لعنة الظلام هي التي جعلتك تستعجل الرحيل فجمعت جميع أشيائك وأشلائك بدون أن تودعني أو تشكرني على ضيافتي المجانية لك ، ولهذا أكتب إليك يا صديقي هذا الخطاب لأخبرك بأن قصيدتك في مأمن من الشر فلا تقلق أبدا بشأن ضياعها .
كانت نصا رائعا كلما قرأته إلا وأحسست بوديان من التعاسة تنهمر منها ، وبشلالات من الحزن يتدفق منها ، كتبت أنك لن تعود ، قلت وداعا فترملت أشعارك ، و تيتمت حروفها و بكت كلماتها مرثيات فراقك لها ، وهذا ما أقلقني حينما إكتشفت أنك غائب عني ، وجدو جثتك معلقة إلى حزام سروالك ، رحلت تاركا وراءك أتعابك المالحة لي ، و قصيدة فيها وصيتك و حزني .
تعلمت منك أيها الصديق كيف أتقن لذة الإنتحار لكي أحيا كل يوم ميتا ، وعرفت لماذا الموت يؤرخ لأمثالك ميتاتهم المعلقة إلى أعناقهم ، ولماذا النهايات تأتي هكذا بغتة منا بدون أن تمنح لنا شيئا من مساحتها للتشرد فوقها لكي نلتقي فيها مودعين .
وأعلم ياصديقي أنني شيدت من طين فراقك لي هنالك في ركن من زوايا ذاكرتي ألم ينزوي متشردا بيني و بينك ، أروي به ذكرياتي كلما لبست حروفك وطنا لحلمي .



#سعيد_بلغربي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- همسات مدثرة في كفن الغربة.......قصة قصيرة
- قصة قصيرة.....-الناظور- عندما تفتح فخذيها.
- ألم ...ألم...ألم
- مراسيم حفلة الزفاف الأمازيغي بالريف.....عادات ...وطقوس
- موقع الأمازيغية في - ديوان ولث من النداء الحافي- للشاعر توفي ...
- منديل مبلل و شيء من الصـمت
- الرصيف و امرأة تشتهـي نبيذ شفتي
- تيمـوزغـا حبيبتي
- غربة و عزلـة
- هـواجس حول الكتابة
- شذرات حول الكتابة
- هوايته الجنون..........شعر
- ـ يوميات نملة مناضلة
- في تامازغـا ...للعشق كائناته الخاصة
- نساء قريتي .........شعر
- نساء قريتي................شعر
- خيانة .......شعر
- طائر المطر يدغدغ صمتـي - شعر
- و ما ذنب الحب في زمن الحرب يا زوبيدة ؟
- متهم انت أيها التراب


المزيد.....




- صناع أفلام عالميين -أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-
- كلاكيت: جعفر علي.. أربعة أفلام لا غير
- أصيلة: شهادات عن محمد بن عيسى.. المُعلم والمُلهم
- السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي ...
- فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
- -تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط ...
- -لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد بلغربي - رسالة تطويني فراقا.............نص قصصي