أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل حاجي نائف - اللعبة - تعريف اللعبة وخصائصها 3















المزيد.....

اللعبة - تعريف اللعبة وخصائصها 3


نبيل حاجي نائف

الحوار المتمدن-العدد: 1651 - 2006 / 8 / 23 - 07:06
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن مفهوم اللعبة لم يكن كما هو الآن كان يقصد به التسلية واللهو والعبث والمرح, مثل لعب الأطفال ولعب صغار الحيوانات اللبونة وكل الأعمال غير الهادفة أو الجادة, واللعب هو نقيض الجد والعمل المنظم الهادف. واعتبر اللعب استجمام وترويح من عناء العمل الجاد وهو يجدد القوى التي تكون على وشك النفاذ, واللعب يبعث السرور والارتياح بلا هدف سوى لذة اللعب. واعتبره البعض أنه أصل الفنون وأنه تعبير غير هادف عن الطاقة الزائدة. واعتبر اللعب عند الصغار أنه تدريب على المهارات اللازمة في المستقبل وأن التقليد والمحاكاة هما نوع من اللعب يهدف إلى تعلم المهارات من الآخرين, وأنه دافع غريزي. وقد أعطى أفلاطون وأرسطو وغيرهما أهمية كبيرة للعب في التعلم. واعتبر أن حرية الاختيار وعدم كون المرء مكرهاً على العمل هو ما يميز اللعب.
ثم توسع مفهوم اللعب فشمل السباق والتنافس والصراع ولعب الرياضة والحركة ولعب الاكتشاف والتعرف ولعب الحب ولعب التفكير والتذكر ولعب المران .......الخ .

والآن توسع مفهوم اللعب كثيرا ًفصار يشمل الكثير من الأوضاع والمجالات, فأصبح الممثل يلعب دوره, والعازف يلعب مقطوعته وكل فنان يلعب عند ممارسته فنه - فالفنان يلعب بالرموز وكأنه يعرف هذه الخديعة, متذوقاً لعبته, وساعياً إلى أن يجعل الآخرين يتذوقوها ويفهمون إغراءها. ومن هنا قول بارت : " أنني ألقب علم الدلالات بأنه مجمل العمليات التي تتيح اللعب بالمعاني, وكأنها تلعب بحجاب ملون , بل بوهم" - , وكذلك السياسي يلعب والمحامي يلعب والتاجر يلعب والقائد يلعب واللص يلعب والمحتال يلعب , عندما يمارسون أعمالهم, بالإضافة إلى الألعاب الرياضية الكثيرة وألعاب الفكر وألعاب السحر والسيرك, وألعاب المسابقات والمنافسات في كافة المجالات.

لقد اختلط اللعب - أو آلية اللعب- بهدف وغاية اللعب فصار اللعب يقصد به التنافس والصراع, مع أن هذا هدف اللعب. ولكي يسهل التعامل مع مفهوم اللعب يجب فصل عناصر وآليات اللعب عن أهداف ودوافع اللعب, فإذا اعتبرنا أن اللعب هو البحث في الخيارات والاحتمالات المتاحة والتعامل معها بطرق وآليات متنوعة بهدف تحقيق دافع أو غاية معينة- يمكن أن يكون الهدف هو التسلية والمرح- أو بهدف الاستكشاف والتعرف فقط , اقترب مفهوم اللعب من التفكير أي المعالجة الفكرية للخيارات, وكذلك اقترب من مفهوم التجربة والاستكشاف لأن اللعب هو التعامل مع الخيارات , ولكي تلعب يجب أن تكون لديك خيارات بالإضافة إلى طرق وآليات التعامل مع هذه الخيارات . وتحت هذا التعريف تقع كافة معالجات الخيارات العملية والفكرية. و هناك عدة طرق للتعامل مع الخيارات المتاحة وهي:
1- التعامل بالاعتماد فقط على الخبرات الذاتية الموروثة, أو المكتسبة عن طريق التجربة الذاتية.
2-- تقليد ومحاكاة الغير في التعامل مع الخيارات.
3- استخدام الطريقتين معاً وهذا ما يحدث غالباً.
وهذا يعني أن تعاملنا مع الخيارات يكون إما تقليدا ومحاكاة أو إبداعاً وتجديداً, ويمكن تصنيف التعامل مع الخيارات من حيث أنواع آليات التعامل مع هذه الخيارات, وكذلك يمكن تصنيف التعامل مع الخيارات من حيث كونها فردية أو جماعية, أو التعامل مع بنيات حية أو غير حية.

وأساس اللعب لدى الإنسان هو التفكير - المعالجة الفكرية- يتبعه التنفيذ والعمل, واللعب هو أساس وأهم ما يقوم به العقل. وممارسة اللعب تهدف للوصول إلى الطرق والمناهج والثوابت الفعالة في تحقيق الدوافع والأهداف وبالتالي تكوين الأنظمة والآليات الثابتة لكي تعتمد في الاستعمال وعندها ينتهي اللعب, فاللعب هو مقدمة للالتزام والثبات.
فاللعب إذاً هو معالجة فكرية وعملية للخيارات والاحتمالات وتجريبها وتصحيحها وطالما هناك تجارب وتعديلات على الخيارات فاللعب لم ينتهي, ونظراً لأن كافة بنيات الوجود في تفاعل وصيرورة دائمة فإن اللعب بالنسبة لنا لا يتوقف إلا في الفترات أو المراحل التي يكون فيها ثباتاً أو استقرارا أو مؤقتاً.

ومن هذا المنظور نجد أن بنية الحياة- والكثير من البنيات الأخرى- تلعب في مسيرتها من خلال حياة الكائنات الحية التي تمثلها, فآلية اللعبة استخدمتها بنية الحياة منذ بدايتها, تجريب الخيارات والاحتمالات والتوقف عند المناسب منها ثم المتابعة بالتكرار, والخيارات دوماً واسعة وهناك الكثير من المجالات وفي كل مجال احتمالات كثيرة, وهذا ما أدى إلى نشوء شجرة الحياة, ففي كل فرع عدة فصائل وفي كل فصيلة عدة أنواع.....وكل نوع هو خيار أو احتمال توقفت عنده آلية تطور الحياة فترة ثم تابعت تكوين الأنواع الأخرى عند تغير الظروف وبالتالي الخيارات, وبذلك أنتجت هذه الأنواع الكثيرة وسوف تنتج باستمرار أنواعاً جديدةً طالما أن هناك تغيراً للظروف والأوضاع.

إذا اعتبرنا أن اللعب هو التعامل مع الخيارات المتاحة لتحقيق هدف معين - أو لهدف البحث والاستكشاف أو للعبث والتسلية- نجد أن بعض الآلات البسيطة أو المعقدة تلعب, " فالسيارة اللعبة" التي تسير كهر بائيا أو بواسطة نابض – زنبرك- وعندما تصطدم بعائق تقف وتحول اتجاهها ثم تتابع المسير وهي تفعل ذلك كلما أعاقها عائق عن التقدم, فهي تحول اتجاهها يميناً أو يساراً وتحاول متابعته أي أنها تتعامل مع خيار بديل هو اتجاه جديد للحركة يمكن أن يسمح لها بالمتابعة, فهي تتعامل مع خيارات متاحة وإن كانت قليلة وبسيطة –فهي تلعب- , وكذلك نجد أن كافة أجهزة التحكم الآلية تتعامل مع الخيارات المتاحة وتختار المناسب لهدفها الموضوع مسبقاً, وذلك حسب الآليات أو البرامج والقدرات المجهزة بها, وطبعاً الكومبيوتر هو أمهر اللاعبين الآليين.
إذاً بعض الآلات تلعب ودرجة لعبها متناسبة مع كمية الخيارات التي تستطيع التعامل معها, وعندما ينخفض عدد الخيارات المتاحة تنخفض درجة ومقدار اللعب, وعندما تصبح الخيارات محددة ومعينة مسبقاً عندها يتوقف اللعب ونعود إلى الآليات المحددة والثابتة.

الألعاب, نشوؤها و تطورها
إن لكل شيء - لكل بنية- بداية وفترة استمرار ونهاية وكذلك اللعبة, إن كل لعبة تنحو نحو التنظيم والتحديد عن طريق القوانين والأنظمة التي تفرض عليها أو يتم تبنيها, فهذه بمثابة قيود تحدد الخيارات في اللعب, فاللعبة تبدأ بخيارات متاحة كثيرة وتنتهي بعدد محدود ومقنن من الخيارات- الناظمة لها - وعندما يصبح التعامل مع الخيارات منظماً ومحدداً تماماً تنتهي اللعبة, وتصبح عملاً جاداً منتظماً فالخيارات المتاحة تصبح محددة ومعينة وثابتة وهي في حدها الأدنى , ويمكن أن تتجدد أو تتطور اللعبة عند حصول خيارات جديدة أو أوضاع وأهداف جديدة, ففي الصناعة مثلاً عند البدء بإنتاج جهاز جديد تجرب الكثير من الخيارات - الكثير من العناصر والآليات- وهذا يمثل اللعب أي التعامل مع الخيارات ويستمر التعامل مع هذه الخيارات المتاحة فتستبدل وتعدل بعض الخيارات ويستمر ذلك حتى التوصل إلى الطريقة ألتي تعتمد فتحدد وتثبت وتعتمد في صنع الجهاز, وعندها تنتهي لعبة صنع الجهاز. وهذا يصعب حدوثه في الفن وفي الكثير من المجالات الأخرى لأن الخيارات والاحتمالات المتاحة كثيرة ومتغيرة ومتطورة ولا يمكن تقنينها أو حصرها وتثبيتها أي أن هناك دوماً مجال للعب والإبداع , والتجديد والتطور موجود في كافة المجالات ففي الصناعة كل جهاز أو سلعة تصنع لها دور أو وظيفة أو هدف معين ويمكن أن يتعدل ويتطور هذا الهدف وبذلك تنشأ خيارات واحتمالات جديدة للصنع بتغير الهدف, ويكون ذلك بتصنيع جهاز أو سلعة جديدة تسعى لتحقيق هذا الهدف باستعمال خيارات (عناصر وآليات) جديدة أي يبدأ اللعب من جديد.

فاللعبة إذا: ًتولد, وتنمو, وتتطور, وتتوقف, وتنتهي. وبالنسبة لنا نحن البشر لكل منا ألعابه الأساسية الخاصة به تتشكل لديه أثناء حياته, وهي تتبدل وتتطور وينشأ الجديد منها نتيجة تغير الأوضاع والخيارات وذلك نتيجة تغير دوافعه وأهدافه أثناء حياته.
إننا نجد أن اللعب أو التعامل مع الخيارات الجديدة يتضمن المجازفة غالباً وهذا ما جعل الكثيرين يتحاشون اللعب ويسعون إلى النظام أو الطرق والآليات المعتمدة الثابتة والمضمونة, فهم يتحاشون التعامل مع الخيارات الجديدة غير المضمونة ويعتمدون فقط الخيارات الموجودة, أي هم محافظون. وبالمقابل نجد أيضاً المغامرين والمجددين والمقامرين والمكتشفين وهم قليلون, يسعون إلى الخيارات الجديدة والبحث عنها أو تطويرها, وكذلك هم يعدلون أو يجددون أهدافهم وغاياتهم أيضاً. ولكن يظل أغلبنا محافظين والقليلون هم المجددون. وإذا نظرنا إلى المواليد والأطفال فإننا نجد أن كل مولود مجبر على التعامل مع خيارات متنوعة جديدة, فالأشياء كثيرة وطرق تأثيرها متنوعة وليس له إلا التجريب والاختبار (اللعب) للوصول إلى الخيار الذي يعتبره الأفضل والأكثر فاعلية في تحقيق دوافعه وهو مجبر على ذلك (فكل المواليد لاعبون ), حتى مع وجود القيود والخيارات المفروضة عليهم من قبل والديهم وبقية الظروف والأوضاع, فهم يقبلون أو يرفضون هذه الخيارات حسب تعاملهم معها وتصنيفهم وتقييمهم لها, صحيح أن أغلب ألعابهم تكون محددة ومفروضة نتيجة الظروف وقدراتهم المتاحة ولكنهم يتعاملون أو يعالجون هذه الخيارات لكي يعتمدوا في النهاية طرقهم الخاصة بهم وعندها تنتهي ألعابهم بالوصول إلى الخيارات المنظمة المحددة الثابتة.

حل أي مشكلةً أو قضية تمارس فيه اللعبة
لحل مشكلة معينة تحدد وتعين العناصر المتاحة وكذلك الآليات المتاحة ثم تشكل الخيارات المتاحة من هذه العناصر و الآليات باستعمال منهج - آلية- معين ثم تجري محاولة حل المشكلة بتجريب الخيارات والتبديل والتعديل و التصحيح للوصول إلى الحل, ويمكن الوصول إلى الحل إذا كانت الخيارات المتاحة كافية ويمكن عدم الوصول وذلك بسبب ضعف الآليات المستعملة أو حدوث أخطاء, إي يمكن لبعض المفكرين الوصول للحل و البعض الآخر لا يتوصل مع أن الخيارات المتاحة المستعملة واحدة وذلك بسبب اختلاف منهج المعالجة, ويمكن أيضا استحالة الوصول إلى حل مهما استعملت من آليات معالجة فكرية مطروقة وعندها يجب البحث عن خيارات جديدة مناسبة لان الخيارات المتاحة غير كافية للوصول للحل.
إن التجريب هو تلاعب بالوقائع والخيارات وهو يستخدم آلية اللعب فاللعب والتجريب شيء واحد و ينتهي التجريب أو اللعب بعد الوصول إلى تحديد و تثبيت الخيارات في كافة المجالات, تجرى التجارب أولاً ثم تعتمد الطريقة الأفضل – حسب التقييم المعتمد

الصيد والقنص أيضاً تمارس فيه اللعبة
فهو تعامل مع الخيارات لتحقيق هدف معين و قد كان ممارسة الصيد من العوامل الأساسية التي ساعدت على نمو العقل و التفكير لدى الثدييات, و نحن نلاحظ أن الحيوانات الصيادة أو المفترسة تكون غالباً أذكى من الحيوانات غير المفترسة, و كذلك يتطور ذكاء الحيوان المُفترس فالذي يكون صيده سهل يقل أو ينقرض, فالصراع بين الصياد والفريسة فرض على عقل وجسم الصياد وكذلك عقل وجسم الفريسة التعامل مع الخيارات الأفضل للبقاء, وكلما تطورت الفريسة وصارت أفضل في حماية نفسها تطور الصياد وسعى لخيارات جديدة تساعده في تحقيق صيد فريسته. وكذلك أفراد البشر الذين يعيشون على الصيد يفرض عليهم تنمية مهاراتهم وآليات خياراتهم والبحث دوماً عن خيارات جديدة أفضل فاعلية.
فالصيد أو الافتراس يعتمد على تفاعل متبادل بين الصياد والفريسة, فتستعمل المناورة والخطط والدفاع والهجوم والاختباء والتسلل ..... والخيارات التي تستعمل هي خيارات جدلية متحركة ومعقدة وتستلزم تنمية مهارات فكرية وجسمية عالية.
نحن أحياناً نقول أن البائع يصطاد الزبون, وأن المرأة تصطاد العريس, وأن النشال أو السارق يصطاد الضحية ...

الاختراع و الابداع تمارس فيه اللعبة
يعتبر البعض إن الاختراع والإبداع هو إيجاد أو تكوين لبنيات جديدة ( مادية أو فكرية) ولكن هذه الظاهرة تحدث دوما وباستمرار في كافة مناحي ومستويات الوجود, ونحن في الواقع نعتبر الاختراع والإبداع هو خلق أو تكوين البنيات الجديدة والمناسبة لتحقيق هدف أو دافع أو وضع معين مطلوب, أي نريد إيجاد بنية أو آلية تلبي حاجة معينة وليس إيجاد أية بنية فهذا يحدث دوماً. فالاختراع هو إيجاد المفتاح المناسب لفعل معين أو إيجاد عناصر وآليات تحقيق الهدف. فالموسيقي الذي يؤلف مقطوعة موسيقية تبعث السعادة والفرح والنشوة لدى المستمعين هو يحقق بإبداعه هذا هدفه, وهو بعث السعادة لدى المستمعين. وكذلك الأديب والرسام والطاهي والمهندس والمفكر.....,الاختراع والإبداع هو التعامل مع الخيارات المتاحة لتحقيق هدف معين وهو لعبة فالذي يخترع يلعب وذلك بتعامله مع الخيارات وخاصة الجديدة منها. وطرق ومجالات الخيارات كثيرة ومتنوعة وغير محدودة, ولكن أغلب العقول تتعامل مع نفس الخيارات أو مع عدد محدود من الخيارات, فأغلب الناس لا ينظرون إلا إلى نفس خيارات الآخرين فيقومون بتقليدها والتي تكون عادة قليلة ومحدودة , فإذا وجدوا أن أحدهم ربح في تجارة معينة سارعوا إلى تلك التجارة وإذا وجدوا أن بعضهم تفوقوا في صناعة معينة سارعوا إلى تلك الصناعة...الخ بينما هناك الكثير من الأهداف و المجالات الأخرى وفي كافة النواحي يمكن أن تحقق النجاح والتفوق.
إن أهم شيء في الإبداع و الاختراع هو البحث عن الأهداف والخيارات الجديدة وعن الطرق والآليات والمناهج الجديدة وعدم التقيد والالتزام بتبني الأهداف و المناهج والخيارات السابقة والمحدودة, واعتماد التجديد في كل شيء في النظر وفي البحث و التفكير في كافة المجالات والطرق.
إن قدرات الإنسان العقلية والمادية هائلة جداً, تمكنه من الإبداع في ميادين ومجالات كثيرة كما أن الميادين والمجالات و الخيارات واسعة جداً ولكن معظم الناس يفكرون ويعملون مثل بعضهم ( وهذا نتاج آليات متوارثة لها مبرراتها أو عواملها و فوائدها فالتقليد والمحاكاة لهما دور فعال في التكيف و النمو أيضاً ) فهم يبحثون في نفس الأماكن وبنفس الطرق كأنهم واحد وعندما يأتي شخص مبدع- في نظرهم- بشيء جديد أو هام أو نافع تصيبهم الدهشة والتعجب, كيف توصل لذلك ؟ كيف فعل ذلك ؟ فهم لا يفكرون ولا يعملون مثله ولا يشاهدون ما يشاهد ولا يتنبأون بما يتنبأ, فقليل من العقول هي التي تنوع وتطور آليات تعاملها مع الخيارات فهي تجرب آليات جديدة أو تطور القديمة إنها غير محافظة, فهناك دوما خيارات وطرق جديدة يجب البحث عنها وإيجادها صحيح أن الكثير من الآليات الجديدة أو طرق الجديد بحاجة إلى خيارات وبنيات تحتية جديدة مناسبة لها تكون غير متوفرة بعد ويجب إيجادها أولاً, فالأنظمة السياسية المتطورة والمركبة الفضائية والغواصة النووية و حاملة الطائرات....., تحتاج إلى بنيات تحتية - خيارات متاحة مناسبة- بالاضافة إلى الآليات المتطورة الجديدة المناسبة لاختراعها, فالإغريق والفراعنة كان من المستحيل عليهم أن يخترعوا السيارة أو الراديو أو الطائرة...... فالخيارات التي كانت متاحة لديهم غير كافية, وهذا ما يستدعي إعجابنا الشديد بالمخترع الذي يخلق البنيات المطلوبة مع أن الخيارات المتاحة غير كافية فهو يوجد تلك الخيارات أيضاً , لأنه يوجد البنيات التحتية اللازمة لتشكيل بنية جديدة, والمخترع الخارق هو الذي يقوم ببناء و اختراع عدة مستويات من البنيات التحتية لكي يحقق اختراعاً معيناً واحتمال وجود هذا المخترع الآن أصبح ضعيفاً جداً نظرا لقدرات الفرد المحدودة ويمكن أن نجد الآن دولاً أو مؤسسات أو شركات.. الخ تحقق صفة المخترع الخارق .
إن التعامل مع الخيارات هو الطريق للإبداع في كافة المجالات, فالتجربة والخطأ أو التجريب, والاكتشاف والاستكشاف للخيارات الجديدة هو أساس الإبداع, ويجب توفر قدرات مناسبة وكافية للتعامل مع هذه الخيارات وخاصةً في هذا الوقت فقد أصبحت الخيارات كثيرة بشكل هائل ولا يمكن الإحاطة إلا بجزء منها ولا يمكن التعامل معها بكفاءة إلا بعد تصنيفها وتنظيمها وتخزينها بشكل مناسب ويلزم لذلك وقتاً ومجهوداً كبيرين , وكذلك توفر ظروف مادية واجتماعية وفكرية ونفسية مناسبة, فالخيارات اللا متناهية موجودة في الكتب والمراجع ولكن الوصول إليها وإلى المناسب منها, وتنفيذها هو الصعب. وعندما تكون الخيارات هائلة يصعب التعامل معها فردياً, والابداع يلزم ويفضل أن يقوم به فرد واحد (فهو أكثرجدوى) لهذا صار الإبداع الفردي قليلاً ومحصوراً في مجالات محدودة, وأصبح الإبداع والاختراع الآن تقوم به جماعات أو مؤسسات كبيرة وذات قدرات واسعة- مادية وبشرية -. ويلزم للإبداع والاختراع توفر العناصر التالية:
1- قدرات عقلية كبيرة ومنظمة وقادرة على التعامل مع الخيارات المطلوبة, بتصنيفها وتنظيمها وتخزينها ومعالجتها بآليات متطورة ومتنوعة , وبالتحريك الفكري المتطور, واكتشاف النظام والمعاني الهامة, والسعي إلى الاختزال والتبسيط , والقدرة على اكتشاف المشكلات والمتناقضات, والتعامل مع الفوضى والقدر العالي من التعقيد
2- توفر كمية الخيارات المطلوبة والمناسبة في المجال الذي يراد الإبداع فيه (كمية خيارات يستطاع تناولها وهضمها وتمثلها), واستعمال سلاسل أسباب مترابطة طويلة .
3- قدرات جيدة على تصحيح الخيارات المناسبة للوصول إلى الهدف المطلوب سواء في البحث عن خيارات جديدة أو تعديل طرق معالجة هذه الخيارات بالتوافق مع الاختيار الفكري الأفضل, والتأكد من التصحيح
4- تذوق اللذات الفكرية والمغامرات الفكرية والاهتمام بها , وتوفر دوافع وقدرات كافية للاستمرار والمثابرة والإنجاز
5- استخدام أقل قدر ممكن من المحاكاة والتقليد والاعتماد على الطرق والآليات الجديدة , وإذا تعذر فالمعدلة والمتطورة.
6- معرفة أن هناك دوماً الأفضل والأصح والأدق , و يجب أن تكون الغاية والهدف واضحان ومحددان بشكل جيد ودقيق ما أمكن ذلك.



#نبيل_حاجي_نائف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللعبة أقوال في اللعبة - 2
- اللعبة - أقوال في اللعبة 1
- آلية التغذية العكسية أهم آلية في الوجود
- هل التنويم المغناطيسي ظاهرة حقيقية
- المنهج الهندسي في التعامل مع الواقع
- كيف يقوم الدماغ ببناء المعني
- كيف شكل العقل الأفكار التكميم الفكري 2
- كيف شكل العقل الأفكار أو البنيات الفكرية - التكميم الفكري
- الوجبة الفكرية 3
- خصائص وقدرات التذوق الحسي البشري.. 2
- الوجبة 1 تعريف الوجبة
- زينون الإيلي أعظم المفكرين
- الانتماء
- أفكار وملاحظات على الوعي البشري
- بحث في الأحاسيس البشرية
- النمو خصائصه وقوانينه
- الممتع والمفيد والمفروض
- المحافظون والمجددون
- المكانة
- وعي الذات وخصائص الأنا


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل حاجي نائف - اللعبة - تعريف اللعبة وخصائصها 3