أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد عبعوب - ذكريات مراسل... عندما عجزت المخابرات الأمريكية عن فهم رسائلي.














المزيد.....

ذكريات مراسل... عندما عجزت المخابرات الأمريكية عن فهم رسائلي.


محمد عبعوب

الحوار المتمدن-العدد: 7050 - 2021 / 10 / 17 - 17:11
المحور: كتابات ساخرة
    


كان ضابطا ملما ومتابعا متخصصا لشؤون ونشاطات دول تصنفها دولته بأنها راعية للإرهاب، أو في ابسط الحالات مؤيدة لحركات تحرر تناصبها دولته العداء ولا تعترف بشرعيتها.. من ضمن مهام هذا الضابط كانت مراقبة مراسلات مندوب مقيم لوكالة أنباء دولة ينطبق عليها هذا التصنيف كان قد باشر عمله حديثا في المدينة، والتأكد من عدم ارتباطه بأجهزة مخابرات دولته، أو استخدامه كغطاء لأعمال تصنفها الدولة المضيفة مخالفة للقوانين..
مرت شهور وكل رسائل هذا الصحفي تخضع لرقابة غير مباشرة من هذا الضابط وهي عادة أخبار صحفية تتناول مواضيع وحوادث تهم بلد هذا المراسل و لا تشكل أي مخاطر أو باعث للشك في مهمته، ومع ذلك فالموقف السياسي والتوتر الذي كان يسود العلاقات بين البلدين يتطلب إبقاء هذه المراسلات تحت المراقبة..
فجأة تغيرت لغة رسائل هذا الصحفي التي تظهر على شاشة المراقبة أمام ضابط المخابرات.. لم تعد تظهر أمامه سوى حروف وإشارات متقاطعة لا تعطي أي معنى!! جرب هذا الضابط ورفاقه كل مفاتيح شفرات أجهزة مخابرات العالم التي يمتلكونها ، بحثوا في كل القواميس وحتى في كتب تاريخ اللغات القديمة علهم يتوصلون الى حل لهذه الطلاسم التي يرسلها هذا المراسل ، ولم يجدوا أي إجابة او ثغرة يمكن أن ترشدهم لمخارج توضح فحوى هذه الفوضى من الحروف والإشارات العصية على الفهم.. وزاد من خوفهم وشعورهم بالعار إزاء هذا الموقف، أنهم ينتمون الى جهاز مراقبة في دولة تعتقد أنها تقود العالم وتمتلك القدرة حتى على قراءة تفكير أي إنسان تفصله عنهم آلاف الأميال، فما بالك وهم عاجزون عن فهم مراسلات مراسل بسيط يتموضع بين ظهرانيهم وينتمي الى دولة تصنف ضمن الدول المتخلفة لكنها تمارس سياسة مناكفة لتدخلات دولتهم في العديد من القضايا عبر العالم..
بعد تفكير وبحث مطول لفك شيفرة هذا العميل المفترض لجهاز مخابرات والمتخفي تحت هوية صحفي، لم يتوصل هذا الضابط ورفاقه من أساطين جهاز المخابرات الى أي حل.. ولم يتبق أمامهم سوى اختراق قوانين بلادهم التي تمنع التدخل في عمل الصحافة وتضمن حرية العمل الصحفي، وقرروا اقتحام مكتب هذا المراسل بإرسال أحد رجالهم تحت غطاء فني صيانة لفحص جهاز الإبراق (التلكس) الذي يتم عن طريقه إرسال هذه الرسائل المشفرة ، علهم يتوصلون إلى مفتاح شيفرته..
ذات صباح دق جرس مكتب المراسل الصحفي.. فتح المراسل الباب ليجد أمامه شخص يرتدي بدله أنيقة.. قدم نفسه على أنه فني صيانة أجهزة إبراق، وأنه موفد من قبل شركة الاتصالات لصيانة جهازه لوجود بعض الأعطال فيه.. رد الصحفي بأن جهازه لا يعاني من أية أعطال وأنه يرسل أخباره بكل سلاسة ودون أية تشويش، أصر فني الصيانة المموه هذا على الاطلاع على الجهاز ليتأكد بنفسه من الأمر.. عندها أدرك المراسل أنه يتعامل مع رجل مخابرات و أن الآمر ليس له علاقة بخلل في جهازه، ولكن الخلل في عقول رجال جهاز مخابرات هذه الدولة الذين عجزوا عن فك الشيفرة البسيطة وغير المتوقعة لأخباره التي لم يتوصلوا لحل لها.. دعا ضيفه للدخول وأبلغه وابتسامة سخرية تفيض على محياه بأنه اكتشف هويته كرجل مخابرات جاء لمعرفة فحوى رسائله وأخباره الصحفية التي يرسلها يوميا الى مؤسسته الصحفية.. لم يلق هذا الضابط بالا لكلام مضيفه رغم تفاجئه بهذه الصراحة، إذ أن عجزه ورفاقه في جهاز مراقبة الاتصالات الصحفية وفك أحجية هذا المراسل غطى على كل المفاجآت .. تبع هذا الضابط مضيفه وكله توق لمعرفة شكل ومكونات الجهاز وطريقة إرسال الرسائل المشفرة، وطلب بشكل مباشر وفج منه ان يشرح له طريقة إرسال تلك الرسائل.. قاده وابتسامات ساخرة تفيض على محياه الى جهاز إبراق عربي يعد من خلاله رسائله الصحفية باللغة العربية على شريط ، ثم يأخذ ذلك الشريط ويرسله على جهاز الإبراق الذي يعمل بأحرف لاتينية ومربوط بشبكة الاتصالات الدولية، لتخرج الرسائل كقطع من حروف وإشارات لاتينية لا تعطي أي معنى، ويتم في محطة الاستقبال إظهارها على جهاز يعمل باللغة العربية كأخبار عادية!!(*)..
بهت هذا الضابط لبساطة حل تلك الطلاسم التي دوختهم طويلا، و الذي لم يخطر بباله لا هو و لا أساطين مؤسسته المخابراتية المعدة لمواجهة دول عظمى، فلم تزد تلك الطلاسم التي دوختهم ودفعتهم لاختراق حرمة قوانين بلادهم والتعدي على حرية العمل الصحفي ، لم تزد عن فكرة بسيطة تتعلق بإرسال أخبار معدة بلغة عربية على جهاز يعمل بلغة انجليزية!! انسحب هذا الضابط تجلله الخيبة صامتا دون أن يرد بأي كلمة على هذا الصحفي البسيط، تفاديا للسخرية منه ومن جهازه العتيد، و خوفا من أن يصعد هذا الصحفي الموقف ويرفع دعوى قضائية او حتى إثارة فضيحة عبر وسائل الإعلام تكشف الدور الخفي لأجهزة مخابرات هذا البد في اختراق قوانين بلادهم بكل صلافة وفجاجة عندما تستغلق عليهم أبواب التفكير الصحيحة والسليمة لمعرفة بعض ما كان عصيا على الفهم المباشر..
هذه القصة جرت وقائعها للمرحوم عبد العظيم ميلاد مراسل وكالة الجماهيرية للأنباء (وكالة الأنباء الليبية حاليا) ثمانينات القرن الماضي في نيويورك الذي أوفد لتغطية نشاطات البعثة الليبية في الأمم المتحدة وما يهم الدولة الليبية في تلك الفترة التي كانت تتصف فيها العلاقات الليبية الأمريكية بالبرود وحتى العداء في بعض المواقف..
-------------------------
(*) هذا الطريقة في إعداد الأخبار وإرسالها كانت متبعة في وكالات الأنباء والمؤسسات الصحفية قبل اكتشاف أجهزة الاتصال الرقمية (الكمبيوتر) حيث كان يتم إعداد الأخبار على شريط بإشارات محددة ، يتم بعدها إرسالها على جهاز الإبراق (التلكس)..



#محمد_عبعوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مغامرات صحراوية.. قراءة في كتب حول الصحراء الكبرى
- البحر منبع للخير ومنتجا للتوحش.. قراءة في رواية -الياطر- للر ...
- في يومكم العالمي نحني لكم الجباه يا مشاعل النور..
- الجنس في التوراة.. قراءة موجزة
- ما وراء الحجاب؟
- هل يفتح -سجين المريخ- الطريق لاستيطان الكوكب الاحمر؟!! قراءة ...
- الاصولية بين الهدم والبناء.. ليبيا كحالة.
- الطباعة ثلاثية الابعاد، نقلة حضارية استثنائية .
- من التائه؟.. عرض لتجربة ناجٍ من وباء الصهيونية..
- هل الجاهلية وصف صحيح لعرب ما قبل الاسلام!!
- قراءة جديدة في حادثة الهولوكوست..
- تجريم وجه الانثى.. كيف ولماذ؟!! وجه الانثى كدليل ادانتها.. ( ...
- الهدف الشرق الاوسط.. قراءة في دراسة لكتاب الحجاب
- تجريم وجه الانثى.. كيف ولماذ؟!! (1) الوجه كمدخل لبناء علاقة ...
- هل يطاح بامبراطور المآسي؟ ومتى ؟
- الفتنة الكبرى.. د. جعيط مستنطقا و مصححا.
- صنع العدو..او كيف تقتل بضمير مرتاح.. قراءة في كتاب ..
- صحيح البخاري بين الأسْطَرَة و الواقع.. قراءة في كتاب صحيح ال ...
- رؤى مستقبلية.. العالم مع بداية القرن 22 ..
- بن جلون مترنحا بين هذيان امه و وميض ذاكرته..


المزيد.....




- قمصان بلمسة مغربية تنزيلا لاتفاق بين شركة المانية ووزارة الث ...
- “ألحقوا اجهزوا” جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 للشعبتين ...
- الأبعاد التاريخية والتحولات الجيوستراتيجية.. كتاب -القضية ال ...
- مهرجان كان السينمائي: آراء متباينة حول فيلم كوبولا الجديد وم ...
- ركلها وأسقطها أرضًا وجرها.. شاهد مغني الراب شون كومز يعتدي ج ...
- مهرجان كان: الكشف عن قائمة الـ101 الأكثر تأثيرا في صناعة الس ...
- مسلسل طائر الرفراف الحلقة 70 مترجمة باللغة العربية بجودة HD ...
- السحر والإغراء..أجمل الأزياء في مهرجان كان السينمائي
- موسكو تشهد العرض الأول للنسخة السينمائية من أوبرا -عايدة- لج ...
- المخرج الأمريكي كوبولا على البساط الأحمر في مهرجان كان


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد عبعوب - ذكريات مراسل... عندما عجزت المخابرات الأمريكية عن فهم رسائلي.