أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصعب قاسم عزاوي - نسق الاتحاد الأوربي وترياق الفوات العربي















المزيد.....

نسق الاتحاد الأوربي وترياق الفوات العربي


مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)


الحوار المتمدن-العدد: 7041 - 2021 / 10 / 8 - 14:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حوار أجراه فريق دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع في لندن مع مصعب قاسم عزاوي.

فريق دار الأكاديمية: هل تعتقد بصلاحية نظام على نسق الاتحاد الأوربي تنتظم فيه الدول العربية لحل جزء من مشاكل العالم العربي على الصعد الجيوسياسية والاقتصادية وغيرها؟

مصعب قاسم عزاوي: من الناحية المبدئية لا بد من النظر إلى مشروع الاتحاد الأوربي على أنه استطالة لمشروع هيمنة مركز ثقل القارة الأوربية ممثلاً بالقوى السياسية والاقتصادية والعسكرية للمقاطعات والإمارات الألمانية التي قام بتوحيدها بسمارك في العام 1871 فيما يعرف حالياً بالدولة الألمانية، والذي تمت محاولة ترسيخ تمدده وتغوله على القارة الأوربية بالقوة في الحربين العالمية الأولى والثانية، و لم يتم التوقف عن محاولة إنجازه عسكرياً سوى بعد تيقن النخب الاقتصادية المهيمنة في القارة الأوربية، والتي لا زالت تدور في فلك المركز الاقتصادي والهيمنة الألمانية بشكل أو بآخر حتى اللحظة الراهنة، بأن أي محاولة لتطبيق مشروع الهيمنة الألمانية على القارة الأوربية بالقوة في حرب عالمية ثالثة قد يعني فناء البشرية بأجمعها، نظراً لتعقد القدرات الحربية المعاصرة ودخولها في مرحلة التطفر النووي الذي قد لا يبقي أو يذر شيئاً على وجه الأرض في أي حرب من ذلك القبيل. ولذلك كان لا بد من استنباط نموذج جديد لتحقيق نفس مشروع هيمنة مركز الثقل الألماني دون استخدام القوة العسكرية لجعله أمراً واقعاً، وهو ما تمخض عن مشروع الاتحاد الأوربي فعلياً، الذي تمكنت من خلاله ألمانيا من السيطرة على موارد ومقدرات القارة الأوربية بشكل أو بآخر بشكل لا يختلف في جوهره عن الأهداف الاستراتيجية التي كانت مستبطنة في أس الحربين العالميتين الأولى والثانية، ودون الحاجة إلى صخب وقعقعة أسلحتها وأزيز طائراتها الحربية.
وكما كان مشروع الحربين العالميتين، مشوباً بذلك الوعي الإمبريالي الاستعماري العنصري في منظار النخب الألمانية المهيمنة، و الذي كان هدفه الأسمى تحقيق و توطيد هيمنة «السادة البيض» في ألمانيا على كل الشعوب الأقل «تحضراً وتمدناً» سواء في القارة الأوربية أو غيرها، لإدماجهم في عجلة الرأسمالية الصناعية المتوحشة العابرة للقارات، ابتداءً من المستعمرات الألمانية في أفريقيا، والتي يتناسى الكثير مفاعيلها البائسة على المظلومين في تلك القارة الأم لكل أبناء البشر، وصولاً إلى المجتمعات الأوربية الأخرى، والتي كان يجب أن يتم تحويل جميعها إلى مورد رخيص للموارد الأولية، ومصدر قوة عمل رخيصة لمنظومة الإنتاج الإمبريالي الألماني، وسوقاً مفتوحة على أعنتها دون رقيب أو حسيب لتصريف ذلك الإنتاج.
وإن نظرة مدققة لواقع الاتحاد الأوربي راهناً تظهر بجلاء صورة لا تختلف كثيراً في كل ملامحها العامة وتفاصيلها الدقيقة عن الواقع الذي كان يراد تحقيقه بالقوة عبر الحربين العالميتين الأولى والثانية من المنظار الألماني. إذ أن هناك سيطرة اقتصادية شبه مطلقة على كل مفاصل اقتصادات الاتحاد الأوربي من خلال السيطرة الألمانية على السياسات المالية والضريبية والإنفاقية وأدوات ضبط التضخم التي يحددها البنك المركزي الأوربي، والذي يمثل بشكل أو بآخر استطالة للهيمنة الألمانية، لا يغير من جوهره شيئاً الصخب الإعلامي الرنان للإيماء باستماعه إلى «صخب» البرلمان الأوربي الذي لا قيمة فعلية لأي من قراراته ونتائج مباحثاته على القرارات التي يتخذها المصرف المركزي الأوربي الذي يعمل باستقلال شبه مطلق عن أي تأثير واه عليه من أي من البنى الديمقراطية الشكلية في المجتمعات الأوربية، وليس من محددات لآليات عمله سوى تعشقها بمصالح المؤسسات المالية والمصرفية المهيمنة على الاقتصادات الأوربية، والتي جل رأسمالها الفعلي يعود للشركات الألمانية التي تحولت إلى عابرة للقارات في مرحلة ما بعد انهيار جدار برلين.
وعلى المستوى الإنتاجي فإن مشروع الاتحاد الأوربي فعلياً قام باستدماج جميع اقتصادات دول شرق أوربا بعد انعتاقها من هيمنة الاتحاد السوفيتي بعد انهياره في العام 1991 لتصبح بشكل وصفي موطن الصناعات الملوثة للبيئة التي يريد الألمان حماية أرضهم من عقابيلها، ومورداً للمواد الأولية وقوة العمل الرخيصة التي لم يعد لها من خيار سوى بيع قوة عملها للشركات الألمانية التي تغولت على مجتمعاتها، وأصبحت المشغل الأكثر ثقلاً في تلك المجتمعات.
وعلى المقلب العربي قد يكون شق حرية التنقل بين دول الاتحاد الأوربي العنصر الوحيد الذي تحتاجه الدول العربية وبإلحاح فيما بينها، بالتوازي مع شبكة للسكك الحديدية قادرة على تسهيل عملية الانتقال الحر بين المجتمعات العربية الذي قد تمثل استعارته من مشروع الاتحاد الأوربي ضرورة ملحة ومفيدة ولا بد منها في العالم العربي، إذ أن نموذج الدول الاعتباطية التي تم اجتراحها على شكل المصالح الآنية والضيقة للسادة المستعمرين إبان مرحلة الانتداب في مطلع القرن العشرين، و دون الأخذ بعين الاعتبار البنية الحقيقية للعلاقات الاجتماعية والاقتصادية بين المجتمعات العربية، وشبكة العلاقات التي تكونت تاريخياً فيما بينها خلال آلاف السنين، وأنتجت شبكة معقدة من التواشج والتناغم بين تلك المجتمعات؛ أفضى لشكل مسخي بائس من الحدود السياسية المصطنعة بين تلك المجتمعات، و وأد شبه كلياني لاحتمالات تطورها الطبيعي إلى أي مجتمعات صحية، وأدى إلى تأسيس ذلك الصراع المزمن في الوجدان العربي ممثلاً بفقدان هويته الحقيقية المضيعة بين القبلية القروسطية، والدينية التمترسية بأشكالها المذهبية والطائفية الانغلاقية، وغير شكل من الصراعات الماقبل وطنية التي كان اشرئبابها و تعملقها الناتج المتهافت الذي ليس من بديل سواه في أي مجتمع تم حصار إمكانيات تطوره العفوي، وفرص تخليق وتطوير شبكة علاقات طبيعية ومصالح بين أفراده تؤدي في المآل الأخير إلى نموذج من وعي عام متحقق بشكل عضوي عفوي وليس قسرياً بالانتماء إلى ذلك المجتمع.
ولذلك أعتقد بأن الاستسهال وتبني منظومات مؤوفة كمنظومة الاتحاد الأوربي كنموذج أمثل لحل مشاكل المجتمعات العربية خيار مقصر من الناحية المنهجية والأخلاقية لكل عارف وقادر على الاجتهاد فكرياً ومجتمعياً، لتكشف الخيار الأفضل الذي لا بد أن يتفق من سوف يتأثرون بطبيعته ومفاعيله فيه على صلاحيته لإدارة شؤونهم. ولا أعتقد بأن أي وصفة جاهزة تصلح لذلك المشروع الكبير، لتعقد احتمالات ومآلاته المستقبلية وإمكانيات تداخلها فيما بينها. والطريق الوحيد إلى ذلك والذي لا أعتقد بصوابية غيره هو تأصيل التنوير والمعرفة والرشاد في المجتمعات أولاً كخطوة قبلية ضرورية للحشد والتنظيم والحراك الاجتماعي المدني الذي يجب أن يتيح لكل أفراد المجتمع المساهمة برأيهم عن النموذج التنظيمي الأجدى لحيواتهم وحيوات أبنائهم الذين هم الأدرى والأعرف دائماً «بشعابها»، والأكثر قدرة على تلمس أقل السبل وعورة لإدراك تلك الضالة السامية.



#مصعب_قاسم_عزاوي (هاشتاغ)       Mousab_Kassem_Azzawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقاربة نقدية لطوفان الإدمان على المخدرات
- الفُصام والاكتئاب وخلل الكيمياء العصبية الدماغية
- بصدد ملامح العقد الاجتماعي والمجتمع المنشودين
- هل يمكننا مقاومة الشيخوخة؟
- بصدد التفارق بين المثقف والكاتب
- ما هو العقل البشري؟
- مفاعيل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في المجتمعات النامية
- بصدد المجتمعية وتداعي الاتحاد السوفييتي
- خلبية مشعر إجمالي الدخل القومي
- تلاوين ومفاعيل المساعدات للدول النامية
- ثقافة الفندق الكوني والاقتراض من المستقبل
- وعي حقوق الإنسان المشروخ غربياً
- الاستبداد العربي وحملات مكافحة الفساد
- مقدمة كتاب: مهد الحضارات - التاريخ القديم لمنطقة الهلال الخص ...
- جائحة العزوف عن القراءة
- حبكة رهاب العرب والمسلمين
- مقدمة كتاب: رتق الذاكرة التاريخية - منعطفات التاريخين العربي ...
- وأد الديمقراطية
- خطل الإرادوية الفكرية
- السموم البيئية والاضطرابات العصبية والنمائية عند الأطفال


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصعب قاسم عزاوي - نسق الاتحاد الأوربي وترياق الفوات العربي