محمد الحاج علي
الحوار المتمدن-العدد: 1649 - 2006 / 8 / 21 - 04:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هذا النصر الذي تحقق وبات الكل يتشدق به مشيدا , وكأنه فلته استراتيجية وتاريخه عظيمة , أنه فلته زمان حزب نصر الله .. وكل ذلك كان ردة فعل ولم يكن فعلا , فكيف كان سيكون الفعل إذن.. ؟!!!.
هذه السمة , هذه الزيادة في النصر , هذا الطـَوَفان ظهر في كمية الخراب الذي جلبه حزب الله على رأسه وعلى رأس لبنان ووزعه على مساحته دون تفريق , والذي يطالب الجميع بتبنيه وقبوله على الساكت.
هذا الطـَوَفان النصر .. لنصر الله , أصبح طـُوفانا حقيقيا أكل الأخضر واليابس /الحجر والبشر/ هذا النصر المبهر أبهر العيون وكاد أن يعميها فلا تدري من أي جهة تأتيها , طـَوَفان نصر الله يكون هكذا , وألا لا معنى له..! ألا نتلقى الضربات فيما يكون دمارا وخرابا وموتا وبالأخير الادعاء : بطوفان النصر - وهو مهداة من كثرته وزيادته حبة زيادة للأمة والعرب والإنسانية جمعاء , ومن كثرته , هاهو سوريا بشار يتبناه ويشرب منه ويفرقه , وهاهو الثاني احمدي نجاد يقطف منه ويشممه , ويهدد بأنه سيمطر أي مكان منه أكثر بكثير .
الآن سكرة وستأتي الصحوة , هنا موت ودمار وخراب , وهي السكرة آتت بها بدايتها , موت ودمار وخراب .. وستأتي بها الصحوة , لان الذي ذهب ذهب . والذي بقي بقي . والحي أبقى من الميت المأسوف عليه , الموتى سيدفنون ولا من شكوى منهم , ولن تند عنهم آه , ولن يستغرق الاعتناء بهم أكثر من سويعات ويدفنوا بين أحضان الملائكة أمه شهيدا في الجنة على يمين الله.
وغدا الحي سيعاني وسيعترض ويقول عن الهول والأهوال , وسيعاني المرء والمجتمع من جراء الاعمار والعلاقات الاجتماعية والتنظيمية والاقتصادية المهدمة ، وسيجر بظله على مدى أعوام وأعوام على هذه الجغرافيا , جغرافيا الدمار والخراب وطوفانه اللذيذ , لان بكميته كان ردة فعل اللامسؤولة , بل كان بعناده ومطاولته التي طالت مدة أكثر من ستة سنوات تحضيرا وتبجحا إلى أن تم إنشاء دولة داخل دولة , وتم إلغاء الآخر أفرادا وكيانات و..و .
طـَوَفان النصر اللهي (حزب الله) الكهفي على الكون . غبارا وسراب ونقطة صفر , عواطف وستدار كلمات ومواقف , أليس هو طـَوَفان على فنجان , خراب ودمار وموت لكل شيء , بيوتا وأشجارا وزروع البشر , وحشائش وأعشاب تتغذى عليها الحيوانات وتأوي إليها الطيور .. بيئة وجغرافيا .. الخ .
لا شوارع ولا حواري لا بيوت , مجر أنقاض ومنظر تشكيلي تجريدي ملون بالعبث والمغامرة آه .. يا وطني .. يا بلادي كم أنت رخيصة حتى يبيعك أبناءك هكذا رخيصا ولا من محاسب , كم أنت يا أمي ذليلة خانقة وليس من اعتناء بك , كم أنت سافرة ولا اعتداد لك , وكم هي عقيمة دساتيرك وقيمك , وكم هي هشة نظمك البدائية , ولا كلمة تند عنك وتقولين كفى .. ألا انظروا حضارة العالمين , إن حليبي صاف حلال ..
وهكذا يكون عادة النصر لديهم بأنهم خرجوا منها أحياء . هذا هي كل الحكاية وكل النصر , لعبة العبث واللاجدوى .
فإلى متى هذا الصمت , إلى متى هذا الدجل , والى متى هذا القلب للحقائق , واللعب بالناس , كأننا لا زلنا في غابة ونحن أغنام فيها ولسنا بشر , ولم نتطور بعد لا حكاما ولا شعب .. إلى متى .. ولماذا وكيف .. أسئلة عطش تمتلأ بها قربتي .. وعلى المنظور لا بقعة ضوء في دهليزك .
ولا احد يتجاسر , أو لا أحد يسال من النخبة السياسية عن النظام والقانون والاقتصاد و لا احد من النخب الثقافية يسال عن الحياة والحضارة , لا احد يسال عن المعنى والمراد , عن حياة الناس ومصالحهم , لا احد يسال عن حرمه أملاكهم وسيادتهم , ورخص هدر دمهم وأملاكهم , هذا التفجع بالولد والزوج والأخ , أمهات ثكالى , وزوجات أرامل , وأولاد يتامى , أين الحرية .. أين الديمقراطية , أين لقاء الحضارات وتواصل مع الآخر إنسانيا علما وتجارة عمارا وبناءًَ , دينا إلى لغة حوار وتفاهم وليس عند ولند وبث روح الخلاف والكراهية والالتجاء إلى الحرب والدمار ..الخ والحديث ذو شجون ..
النفاق ثقافتنا خبزنا وزادنا , والكذب عامود حياتنا , ومادامت هذه حياتنا وهذا حالنا , سيكون الخراب والدمار الذي يسمى نصرا ومهدى لعالمين مالنا ..
حقا ( ذهبت السكرة وأتت الصحوة ) كم أهدى النصر خرابا , وأفضى إلى موت ودمار , وأدى النصر الهلامي الخلبي إلى لا شيء.. , وتحول كل ذلك إلى نصر وكرامة وعزة , تلك الكلمات والشعارات التي لا تفيد المواطن في شيء .. ذلك الانتصار الذي يشبه لعب فريق لبنان مع فريق البرازيل .. تسديدات ومهارات وأهداف ولعب علينا تك-كول , والتشدق بالكلام والقيل والقال الم نصمد على مدار ساعة ونصف إلى آخر الشوط , الم نشوط أم نقطع لهم كرتهم , ارايت ذاك الباص , وتلك الشوطة .. والحظ أنقذ مرماهم ,. و.و , نعم النصر عندنا هكذا بالتمام .
هذا الطـَوَفان اللذيذ تحول إلى طـُوفان حقيقي , وزلزال مدمر جلب الخراب والدمار واللعنة والى ما تحمد عقباه غدا , الكل يدعي الرجولة والفتونة , فكل من استأثر أو اثر في كم عدد من الناس , شكل (عصابة أو مافيا) وليس حزبا يدعي التنظيم والانضباط تحول إلى وحش كاسر وعنتر آسر , فتراه يتحرش بالآخرين , ويمارس العدواة والصلبطة يوزع الخوف ويورث البغضاء ويرجعون بالحضارة إلى الجاهيلة وأيام الغابة وجرداء الصحراء ..
يقتنى عددا من الرجال ويختفي خلف مقولة التقية إلى أن يتقوى يتلون كالحرباء , ويتسمى بأسماء طنانة وشعارات خلابة وحدة وحرية واشتراكية وعدالة ومساواة , والتكلم بلسانين عكس ما يرمي إليه .
فيحض على الكراهية والعنف والعدوان , وعلى إلغاء الآخر قولا وفعلا , وهي من نتاج حضارة تسير في الخنادق والإنفاق مبنية على دهاليز مظلمة عتمة من ثقافة صحراوية جرداء.
كل هذا لأجل ماذا ؟ هو مركب عقدة العظمة , ونرجسية ألانا المفخخة إعلاميا , كل ذلك لإرضاء شهوة الحكم والتسلط على العباد , شهوة شخصية كاريزمية لأحدهم هو بطل على الدماء والدمار , والجماجم والاحجار.
18/8/2006
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟