أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نادية خلوف - - كنّا عايشين-














المزيد.....

- كنّا عايشين-


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 7027 - 2021 / 9 / 22 - 09:38
المحور: المجتمع المدني
    


كنت سوف أكمل الكتابة عن نساء أمل ، و كالعادة رأيتني أكتب عن شيء آخر ، فقد حاولت على مدى عمر أن أضبط ذهني على ما أرغب بفعله دون جدوى، فبينما أكون ذاهبة إلى المكتبة أتوجه إلى السّوبر ماركت فأشتري قطعة شوكولاتة أسعد بتذوقها رغم أنّها ترفع نسبة السّكر في دمي. لا بأس بقرص دواء يخفّض السكّر. أتناوله و أنا أبتسم لي . . . تمرّدت على نفسي!
أحاول الآن أن أكتب في السّياسة، في النّسوية ، في حقوق الإنسان ، في تاريخ الظّلم ، يتوزّع ذهني، يتشتت، و أرحل إلى الكهوف لأحتمي من كلّ الأشياء التي أحاول أن أكتب عنها ، لأنّني ببساطة أجهلها !
في السياسة : حاولت أن أضع عنواناً لمقال: هل إيران صديق أمريكا أم عدوّتها؟ ثمّ غيّرته إلى عنوان آخر: هل السعودية مع الشعب السّوري؟ ثمّ غيرته : هل عليّ أن أقف ولو بعقلي الباطن مع المعارضة السورية؟
لم أنجح في الكتابة بأي من المواضيع السياسية السّابقة لسبب بسيط أن أسئلتي كانت تافهة مثل الحقيقة ، في مجال النّسوية التي حاولت أن أكتب فيها رأيت الشّابات في سورية يبحثن عن شاب للزواج ، ومعهن وثيقة تثبت أنهن يملكن عملاً بقدر خمسين ألف ليرة سورية في الشهر، وهو مبلغ يكفي للعيش عدّة أيام ، بينما الشباب مختبئ خلف أصبعه يختار بحرية ، ويطلب من الشّابّة أن تتقي الله فيه ، فتضع الحجاب إكراماً لله ، وتطيعه لأنّه قوّام عليها ، لكنه يقتل على حاجز مجهول ، تبكيه ، وتعيد المحاولة في إيجاد شريك جديد، فالشريك اليوم يشبه القطع النّادر!
أما حقوق الإنسان فقد كتبت عنواناً : ماذا يعني أن تكون إنساناً ؟
سخرت من نفسي ، لأنّ العنوان بحدّ ذاته سخيف، و أنا التي مارست إنسانيتي على مدى طويل في الاختباء ، في الخوف، في الجوع، ثم ظهرت إلى العلن ، و أنا أحمل يافطة كتب عليها : عاش سيد الوطن! صفعت نفسي ، أقسمت أمامها أنني لم أخرج من مخبئي، ولم أكتب تلك اليافطة، لم تصدقني . لماذا تصدقني و قد كانت اليافطات تملآ الأجواء ، هل أتجرّأ؟ في الحقيقة أنني لا أتجرأ سوى على الاختباء، على الندب ، على لوم الآخر ، على الصبّر ، فالخلاص قادم، أتى فعلاً على شكل سرطان!
الآن يمكنني التّحدث عن تاريخ الظّلم ، ليس في كلّ مكان ، بل في ذلك " الوطن الجميل" الذي تحدّثت عنه سابقاً عندما قلت لكم بأنّ حقيبة سفري كانت تهتزّ و أنا أودّع حديقتي ، كما تحدثت لكم عن داليتي المجنونة ، فإذ بي أرى الوطن لأوّل مرة هو سجن اسمه حديقة منزلي ، أمارس فيه فنّ تعذيب نفسي!
عن ماذا سوف أكتب إذاّ؟
سوف أكتب عن كلب أمّي المدلل" بيّوض" ، فأنا لا أملّ في الكتابة عن أخلاقه الحميدة ، لكن لم أكن أعرف أنّ أمي استعاضت به عن أولادها ، عندما فقدت الأمل بأنّ أحدهم سوف يقدّم لها " العرفان بالجميل " لأنه أنجبته إلى العالم. كانت الدنيا تضيق عليها في تلك القرية الموحشة ، فربّت كلباً، وقطّة ودجاجات ، تتحدّث لهم بلغتها، ويتحدثون معها بلغتهم . كانت لغة جديدة ابتكرتها أمي من أجل الاستمرار بعد أن يئست أننا سوف نفهم لغتها يوماً ، لكنها علّمت حياناتها الحبّ، فكلبها كان يبتسم لي ، ويمد يده ليصافحني، بينما أخاف منه ، و أخذله لأنّه" حيوان" ، رغم أن أمي نبهتني أكثر من مرّة أنّ مشاعره الحيوانية رائعة .
بينما ترقص الآلام في خاصرتي ، و أحاول تهدئتها ، تحضرني كل تلك الأشياء ، و أحنّ إلى " ياسمين الشّام" ، يصفعني الوجع، يسألني: أين رأيته ؟ أجيبه أنني في الحقيقة لم أره ، لكن الشعراءتغنوا به، حتى " عظيمهم نزار " !تهب رائحة البول على بعض الجدران في البرامكة حيث لا يستطيع الرجال الاتظار طويلاً ، ولم يجدوا مراحيض عامة ، فكانت الجدران قرب الجامعة هي البديل . . " كنّا عايشين على كل حال" .



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أكثر من شيوعية ، و أقل من ليبرالية
- ترويض الألم
- نساء أمل -2-
- نساء أمل -1-
- اشتعال -الجزء الأخير -
- اشتعال-10-
- اشتعال -9-
- اشتعال -8-
- اشتعال -7-
- اشتعال -6-
- اشتعال-5-
- اشتعال -4-
- اشتعال -3-
- اشتعال -2-
- اشتعال
- من مذكرات أمل -حياة شخصية
- لا تدبك إن كان قربك ميّت
- تشبه الكوابيس
- حول الرفاه و المال
- من مذكرات أمل


المزيد.....




- مصدر لـCNN: إسرائيل تطلع منظمات الإغاثة على خطط لإجلاء المدن ...
- إجلاء قسري لمئات المهاجرين الأفارقة من مخيمات في العاصمة الت ...
- إجلاء مئات المهاجرين المتحدّرين من جنوب الصحراء من مخيمات في ...
- إجلاء قسري لمئات المهاجرين المتحدّرين من جنوب الصحراء من مخي ...
- وقفة أمام مقر الأمم المتحدة في بيروت
- نائب مصري يحذر من خطورة الضغوط الشديدة على بلاده لإدخال النا ...
- الأمم المتحدة: فرار ألف لاجئ من مخيم إثيوبي لفقدان الأمن
- إجلاء مئات المهاجرين الصحراويين قسرا من مخيمات في العاصمة ال ...
- منظمة حقوقية: 4 صحفيات فلسطينيات معتقلات بينهن أم مرضعة
- السفير الروسي ومبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا المستقيل يبحثان ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نادية خلوف - - كنّا عايشين-