صادق الازرقي
الحوار المتمدن-العدد: 7021 - 2021 / 9 / 16 - 11:58
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
في جميع الانظمة الديمقراطية الحقيقية التي من مبادئها الرئيسة حرية الرأي والتداول السلمي للسلطة، يبقى المرشح، وعادة ما يكون سياسي حقيقي نظرية وتطبيقا في منأى عن موقف السكان من الانتخابات، وهو لا يطالبهم بموقف عام من الانتخابات ككل، بل يكتفي بدعوتهم الى التصويت لبرنامجه الانتخابي الذي يصر على الكشف عنه بوقت مبكر، وتحقيق شعاراته المعلنة.
نحن نرى هذه الايام ان المناظرات التلفزيونية بين مرشحي مجلس النواب العراقي المقبل يرتفع فيها الصوت بمطالبة الجماهير بعدم مقاطعة الانتخابات والمشاركة فيها على نطاق واسع بحسب ما يروجون، بل يذهب الحماس ببعض المرشحين ومعظمهم مبتدئين بالسياسة الى الحديث عن مؤامرة او "اجندات" تدفع للمقاطعة، وفي الحقيقة فان الامر مضحك ومثير للسخرية ويعكس عقم محاولاتهم اللاحقة (على افتراض فوزهم) لبناء البلد ورفع مستوى معيشة سكانه والقضاء على البطالة ودحر الفساد والارتقاء بالخدمات وتحقيق سيادة الدولة بعيدا عن السلاح المنفلت وغيرها الكثير من الامور التي يتوجب على المرشح ان يطرحها في برنامجه الانتخابي او ان يراقب تنفيذها فيما لو فاز.
وهنا يحق لنا التساؤل ما علاقة المرشح او حتى المسؤول التنفيذي في الحكومة والدولة بموقف السكان من الانتخابات سواء قاطعوها ام اشتركوا فيها؟ ان الموقف من الانتخابات ورفضها او مقاطعتها يعني الناخب المفترض وحده، وليست للمرشح أي علاقة بذلك الموقف؛ وما نراه اليوم في العراق ونحن نقترب من يوم الاقتراع هو من سخرية القدر كما يقال؛ اذ ان على المرشح سواء كان فردا او حزبا الاكتفاء بطرح برنامجه الانتخابي ودعوة الناس الى التصويت له ولمرشحيه، لتحسين حياتهم واوضاع بلدهم، اما الحديث عن المقاطعة والدعوة الى الاشتراك المكثف في الانتخابات فتلك مسخرة ومفارقة كبرى شملت معظم النواب الحالين والمرشحين وحتى مسؤولي الدولة والحكومة، وينبغي لهؤلاء ان يتركوا الناس تقرر كيفما تشاء سواء الذهاب الى الصناديق والاقتراع او البقاء في البيوت وعدم الاشترك.
عادة ما نجد ان الفائزين في الممارسات الانتخابية في الدول المتحضرة يسعون بمجرد ظهور النتائج الى تقديم الشكر للسكان الذين اختاروهم وحتى الذي صوتوا ضدهم، بالقول انهم سيمثلون في دورتهم جميع السكان، ولا يلوموا المقاطعين على عدم مشاركتهم مطلقا، لأن ذلك يمثل لديهم كسياسيين مخضرمين تقسيما للمجتمع بحسب الولاءات وزرعا لبذور التفرقة، والتصنيف بمصطلحات لا تعكس الممارسة السياسية الصحيحة من قبيل تقسيم الناس الى جبهتي الموالاة وعدم الموالاة، وهو امر تعودنا عليه في العراق بمسميات شتى طيلة الممارسات الانتخابية السابقة، وانتج هذا الكم الهائل من المشكلات واعاق بناء البلد ورخاء سكانه وفرط بأمواله وثرواته، وهو منطق آن لنا ان نغادره لنشرع في البناء.
#صادق_الازرقي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟