أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود الباتع - إسرائيل بعد الحرب















المزيد.....

إسرائيل بعد الحرب


محمود الباتع

الحوار المتمدن-العدد: 1645 - 2006 / 8 / 17 - 10:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بان المرج، حتى قبل أن يذوب الثلج.

أجد في الحديث عن هزيمة إسرائيل ما هو أهم وأجدى، وأكثر إمتاعاً من الحديث عن انتصار لبنان أو حزب الله الذي يحق له اًن يفخر بانتصاره، على الرغم من أن هناك كثيرين لا يعجبهم هذا الانتصار (ولست منهم على أية حال) وليس هذا موضوعي الآن.

أنظر إلى إسرائيل وهي تعيش لحظة ضعفها، بل هي لحظة الحقيقة بالنسبة لها. لن أتحدث عن عدم عودة الأسيرين ولا عن نزع سلاح المقاومة ولا عن مفاجأت حزب الله ولا عن الجيش الذي لا يقهر، فهذه أصبحت معروفة، لكني أرى بوادر ثقافة إسرائيلية عامة جديدة آخذة بالتبلور شيئاً فشيئاً، قد تجري رياحها بعد حين بما لا تشتهي سفن إسرائيل. فمنذ اللحظات الأولى للحرب ظهرت بوادر هزيمتها من داخلها. كان من الواضح أنها تخوض معركة فرضت عليها ولم يكن لها خيار فيها، رغم ما قيل ويقال من أنها أعدت منذ وقتٍ طويل. صحيح أن الشارع الإسرائيلي بدا موحداً وداعماً لقرار قيادته، لكن هذا طبيعي وقت الحروب، والكلام الجد يبدأ بعد سكوت المدافع، خصوصاً بالنسبة إلى شارع لم يتذوق مرارة الهزيمة كما تذوقها هذه المرة.

في الأيام الأولى للقتال، طلعت علينا إحدى عضوات الكنيست باحتجاج نادر من نوعه في إسرائيل، خصوصاً في زمن الحرب. قالت النائبة باستنكار أنه "ليس من حق الولايات المتحدة أن تسخر الدم الإسرائيلي لتحقيق مخططاتها". كما ذهب في نفس الإتجاه المفكر الأميركي ناعوم تشومسكي حين كتب "ليست هذه حرباً إسرائيلية بسلاح أميركي، إنما هي حرب أميركية بجنود إسرائيليين". هذا بالإضافة تناول الصحفي الإسرائيلي يوري أفنيري هذه الحرب باستنكار في سلسلة نشرها في موقعه على الإنترنت بعنوان "طعنة من الخلف"، أنكر فيها على الولايات المتحدة دفعها بإسرائيل إلى مثل هذه الورطة.

كنا رأينا كيف كانت الخارجية الأميركية تدفع بثقلها في اتجاه استمرار القتال حتى يحقق الهجوم أهدافه التي غايتها ولادة الشرق الأوسط الجديد. واستماتت أميركا في إعاقة مشاريع وقف إطلاق النار في مجلس الأمن على أمل انتهاء المخاض ومجيء المولود المنتظر، لكن هذا الجنين البائس، ولفرط إعاقته وتشويهه، لم يكن ليولد بدون عملية قيصرية وباستعمال قنابل الليزر الذكية(!)
بات معلوماً أن الشرق الأوسط الجديد ليس هو الحلم الإسرائيلي، وليس هو الشرق الأوسط الكبير الذي ابتدعه وروج له شيمون بيريز في التسعينات، وإنما تقوم إسرائيل على تنفيذه انصياعاً للإرادة الأميركية، ورغماً عنها هذه المرة، وتمارس المكابرة و التبرير والكذب على الذات محاولة إقناع نفسها بأنه خيارها الحر.

منذ اندلاع نيران الحرب، بدأت إسرائيل في التعتيم على أخبارها، والتضييق على الصحفيين الساعين إلى تدوين يومياتها بأقلامهم وكاميراتهم، حتى وصل الأمر بها إلى اعتقال طاقم قناة الجزيرة لعدة ساعات. وتمادت إسرائيل في فرض التعتيم على مجريات الحرب عن طريق فرض رقابة صارمة على النشر، وكان لا بد من الحصول على موافقة الرقيب العسكري قبل نشر أي خبر أو إجراء أية مقابلة. حتى الصحف الإسرائيلية لم تكن تتطرق إلى مسارات العملية العسكرية ألا من خلال النشرات الرسمية لجيش الدفاع.
وفوق ذلك، قامت إسرائيل وهي (واحة الديمقراطية) بقمع كل المظاهرات واعتقال المتظاهرين الذين خرجوا في تل أبيب، بدون تفرقة بين محتجٍ على سير الحرب، وبين من يطلب مجرد توفير ملجأ لائق للنزوح إليه. يعني أخذت تطبق إجراءات بوليسية داخلية على مواطنيها لا تتفق مع ما تباهي به الدنيا من شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.

مع مرور الأيام الدامية، ورغم التأييد الظاهر للعدوان، أخذ الشارع الإسرائيلي يتساءل عن سبب تأخر نهايتها، وهو المعتاد على الحروب الخاطفة. أنظر عزيزي القارئ إلى ما كتبه يوري أفنيري، وهو بالمناسبة داعية سلام، كتب مقالاً في موقعه الألكتروني متسائلاً "ماذا حدث لجيشنا؟" ومضى في استنكاره "لقد استمرت هذه الحرب أطول ما استمرت حرب أكتوبر 1973 ومع ذلك لم تحقق أي هدف من أهدافها بعد". وأضاف مستغربا "يقول لنا قادة الجيش أنهم قتلوا أربعمئة أو خمسمئة من مقاتي حزب الله، ثم يعودون إلى الاستخفاف به والتقليل من شأنه باعتباره حفنة من الإرهابيين المتطرفين لا يتجاوز إجمالي عددهم الألف مقاتل !".

يقودنا هذا كله إلى اكتشاف واقع جديد، هو أن الإسرائيليين لم يعودوا يصدقون حكومتهم !

بعد انتهاء الحرب، أعلن الجنرال شاؤول موفاز، أحد رموز الدم في منظومة الحكم الإسرائيلية، وبالفم المليان "لقد هزمنا هزيمة نكراء". صحيح أن نبرة الشماتة ظاهرة في كلامه كونه لم يعين وزيراً للدفاع في الحكومة الحالية، إلا أن التساؤلات توالت عن كيف لم يتمكن جيش الدفاع من لجم حفنة من الإرهابيين المتطرفين، فضلاً عن سحقهم؟ كيف حدث ذلك؟
انظر إلى أولمرت عندما وقف في الكنيست محاولاً إقناع مواطنيه بأن جيشهم انتصر، وأنه في المرات القادمة لن يفلت (المجرمون) من العقاب. وليته سمع أحدهم عندما علق على كلامه بتساؤل لاذع مفاده "ما دمنا قد انتصرنا على المجرمين، فما الداعي لأن تكون هناك مرات قادمة؟"
يعني باختصار أن رئيس حكومة إسرائيل بدأ في الكذب المفضوح على شعبه !

صحيح على ما يبدو، هو شرق أوسط جديد، ولكن ليس ذلك الذي أرادته كونداليزا رايس، بل هو شيء مختلف تماماً. الجديد في هذا الشرق الأوسط هو إسرائيل. لقد تسببت هذه الحرب بعاهات مستديمة لإسرائيل أهمها الصدمة النفسية التي لا يبدو أنها سوف تشفى منها قبل زمن.

دعونا نعيد تأمل المشهد الإسرائيلي مجدداً بإيجاز وانس عزيزي القارئ أن الحديث عن إسرائيل.

هذه دولة تنصاع صاغرة لإملاءات القوة الأعظم، للقيام بتنفيذ مشروع ليس مشروعها، تخوض حرباً ليست لها، تمارس الكذب السياسي والتضليل الإعلامي على شعبها أولاً وبعده على العالم، تكمم أفواه الإعلام المستقل وتكسر أقلام الصحفيين، تتستر على الحقيقة وتروج للأكاذيب، تمنع المظاهرات وتقمع المحتجين، تسوق الأكاذيب ولا يصدقها الشعب، ترفع شعارات لا تتفق مع واقع حالها.

ماذا عساها أن تكون دولة لها هذه المواصفات؟ أليست هذه صفات دولة عربية ثورية بامتياز؟ أليست هذه بداية العد العكسي للمشروع الصهيوني التاريخي؟
إن تحول إسرائيل من مشروع أريدَ له أن يكون واحة للديمقراطية إلى دولة شمولية بوليسية، وذلك بعد أن انتهى زمن هكذا دول، لكفيل بإثارة التصدعات والشروخ في الجسد الإسرائيلي، خصوصاً وأن مكوناته لم تتمكن من الإنصهار حتى الآن في بوتقة ما يراد له أن يكون وطناً، وأعني تحديداً ما أثاره اليهود السفارديم(الشرقيين) من تهم ضد الأشكناز(الغربيين) من أنهم يدفعون بأبناء السفارديم دون أبنائهم للموت على أرض لبنان.

لقد توقع خبير الشئون الإسرائيلية الدكتور عبدالوهاب المسيري قبل سنوات، أن إسرائيل لن تتمكن من الاستمرار كدولة، إذا ما أصرت على الاحتفاظ بصفتها ككيان استيطاني، وأن مصيرها إلى زوال كما كان مصير كيان جنوب أفريقيا.
بالتأكيد أن هذه النظرية صحيحة، ولكن الضربة القاضية عليها تكمن في تحولها إلى دولة بوليسية قمعية، فهذا فيروس قوي لا يتحمله الجسد الإجتماعي لإسرائيل، كما تحمله جيرانهاالعرب الذين سيبدأون تدريجياً في الشفاء منه.



#محمود_الباتع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذيان
- بدولار إيمان لو سمحت
- خداع النفس
- عملية الدكتور حسن نصرالله
- تحجيب الحضارة


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود الباتع - إسرائيل بعد الحرب