أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - محمود الباتع - عملية الدكتور حسن نصرالله















المزيد.....

عملية الدكتور حسن نصرالله


محمود الباتع

الحوار المتمدن-العدد: 1638 - 2006 / 8 / 10 - 03:50
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


لقيني متهلل الأسارير تعلو وجهه ملامح سرور غامر، أخذني بالأحضان، واستطرد هاتفاً بحماس ظاهر "النصر للإسلام و الأمة العربية". ما كان مني إلا أن أجبته "إن شاء الله" ، ويبدو أن نبرة ردي لم تعجبه إذ أتبعها بسؤالٍ استنكاري "ومالك لا تقولها من قلبك؟ معارك المجد والبطولة دائرة في لبنان، ألا يعجبك؟"

أطرقت صامتاً.

أظن الرجل لم يجانب الصواب في ما قال ، غير أني ربما دهشتُ لسروره العارم الذي لم أشأ أن أفسده عليه رغم اعتقادي أنه ليس في موضعه تماماً. لقد جرفته العواطف بعيداً حتى أحس بما يحس، على الرغم من أن ذات العواطف ما فتئت تسحبني إلى مكان مختلف.

الحق أني لا أختلف معه كثيراً حول صلابة المقاومة اللبنانية التي ضربت مثلاً رائعاً في الصمود والصبر وقت الشدة، وبرهنت أن معركتها معركة مجدٍ وبطولةٍ قلما تجد لها نظيراً. ليس لأحدٍ أن ينكر بسالة المقاومين، ولا على الانتقاص من إقدامهم وبطولتهم، كما أربأ بهم أن يكونوا أداة في أيدي كائنا من كان، أو وسيلة سياسية برسم هذا أو ذاك.

وأضيف، ها هي إسرائيل تئن تحت ضرباتهم، ها هي دامعة العين، نازفة لأنف، عرجاء القدم، طائشة الصواب. تتلقى مدنها الضربة تلو الضربة وتعيش كابوساً لا يبدو لها إلى وقفه سبيل. لا أظنني كنت أحسب أن أراها يوماً ترشف بعضاً من ذلك الكأس الذي طالما جرعتنا إياه على مدى عقود طويلة.

ولكن، وألف آه من لكن، أنظر إلى الوجه الآخر للمشهد ذاته، ماذا أرى؟

أرى دماراً لا حدود له، أسرٌ مشردة و دور مهدمة، أرض محروقة وأرزاق مقطوعة، أطفال يجهلون مصيرهم، و عجائز ينعون ثمار حياتهم. شباب ضاعت أمالهم و تبددت أحلامهم، وأصبح مستقبلهم ريشة في خضم إعصار، لا يبقي ولا يذر، ليس هناك سوى ندوب النكبة و الفجيعة تطبع وجه كل بشرٍ وحجر.

وأرى الكثير الكثير الكثير من الموت! موتٌ عشوائي بالمجان، بل مهرجان موت عبثي. جثث في كل مكان، رجال ونساء وأطفال، ماشية و دواب وأشجار. لم يوفر الموتُ أحداً ولا شيئاً. تنقل بنظرك في ما حولك فلن تقع عيناك إلا على أرامل هنا و أيتام هناك و ثكالى بينهم، يجمعهم على اختلاف مشاربهم شيئان لا غير ... الكارثة و لبنان !

صحيح أني أرى إسرائيل تترنح بينما لبنان صامد،
إسرائيل تتعثر بينما لبنان واثق،
إسرائيل تسقط بينما لبنان شامخ كأرز الجبال،
إسرائيل تنزف بينما لبنان واحسرة ........ يصارع الموت!

بعيد الشر! نعم ألف ألف بعيد الشر. ولكنني أخاف. طبعاً أخاف! ومن منا لا يخاف؟

من انفطر حزناً على فلسطين، لا بد أن يخاف،
من بكى دماً يوم النكسة، لا بد أن يخاف،
من احترق قلبه على العراق، لا بد أن يخاف،
ومن يرى لبنان الآن تحت رحمة الهمج، فحق له و واجبٌ عليهِ أن يخاف. فهذا لبنان، وما أدراك ما لبنان !

لقد خبرنا الأيام وتعلمنا منها. تعلمنا أن لا حذر ينجي من قدر، و أن الشجاعة لا تغلب الكثرة. رأينا ما يريده الأوغاد لنا قدر مكتوب على جبيننا، وأن تآمرهم علينا مكتوب في اللوح المحفوظ، وليس من المكتوب هروب.

علمتنا الأيام أننا لن نجد إلى سنتهم فينا تبديلا. رأيناهم يداولون أيامهم فينا، تداول اللاعبين للكرة... من قدم إلى قدم إلى قدم، يفوز منهم من يفوز، ويخسر من يخسر، وليس لها من أيهم إلا الركل.
أ
هي فلسفة الهزيمة؟ .......... ربما! فقد عشنا الهزيمة حتى أدمنّاها
هل عقدة الانكسار؟ .......... يجوز! فليس من أمة عشقها الإنكسار مثلنا
أم هو افتقاد الكرامة؟ ........ محتمل فنحن لم نعرف الكرامة حتى نتعرف عليها
أم لعلها لعنة الكفر ؟ لست أدري ....... لكن من عاش ما عشنا وأحس ما نحس ولم يكفر، فليتفضل مشكوراً و.... يبصق في وجهي!

السيد حسن نصر الله، نصره الله، أنت قائد المقاومة الشجاع و زعيم الأمة وبطل التحرير، لا أشك في ذلك لحظة. تماماً كما كان جمال عبدالناصر و صدام حسين و الشيخ أحمد ياسين كذلك (!) . كل على طريقته، قاد نفسه و بلاده وجموع الأمة إلى عملية (استشهادية) من نوع مختلف. فهل سيتركنا السيد حسن كما تركنا أسلافه نلعق جراح انتصارنا، ونجتر ثمار صمودنا بعزّ و إباء وشرف؟ ................ الله لا يقدِّر!

لقد قال لنا سماحته بعظمة لسانه أنه لم يكن يتوقع ردة الفعل العنيفة هذه من إسرائيل، و ليته لم يقل، فهل أخطأ الحساب أم أساء التقدير هو الآخر؟

يحق لنا أن نسأل: ما اذي كان يتوقعه منها و هي الغاصبة المغتصبة، الظالمة المعتدية، العنصرية الهمجية، الإرهابية الرعناء، ألم يرَ كيف فعلت في غزة و غير غزة؟ هل كان زعيم الأمة يراهن على أخلاقيات الصهاينة أم على أريحيهم؟ هل كان يتعشم في أصالة معدن المجرمين أم تراه حسب أنه سيواجه روبن هود أو اللص الظريف؟

هل فاته أن إسرائيل لن تفوت فرصة تشفي غليلها منه ومن لبنان بأكمله؟ وهل كان يجهل حقدها على كل جميل في الكون؟

هل صدّق حقاً ما قال عنها من أنها نمرٌ من ورق (!) وهل رأى كيف يقدر الورق أن يشيع كل هذا الفناء؟

بالله عليك يا سماحة الإمام دلني على مصنع الورق هذا الذي ينتج هكذا نمور، لا لشيء إلا لأهديك نمراً من عنده ......

وبعد، هل يستحق لبنان هذا الذي يجري له؟

لبنان، هذه الحورية الحسناء، الجميلة، أرادوا اغتيالها ليلة عرسها، فاستعصت عليهم و أصرت أن تزف إلى شعبها في عرس أسطوري للحرية، و أن تحمل منه جنيناً أجمل منها هو الأمل، و لكن هاهو السرطان الصهيوني يتربص ليفتك بها.

تصدى الدكتور حسن نصرالله لذلك اللعين، متطوعاً بإجراء العملية الجراحية اللازمة لاستئصاله من جسد العروس، و هو الجراح المشهود له بالمهارة و الجرأة.

قال له العقلاء: يا دكتور حسن إن العملية صعبة ويلزمها إمكانيات ربما لا تتوفر لديك(!) فلم يكن منه إلا أن رد بثقة يحسد عليها، مصحوبة بالابتسامة المطمئنة إياها "من يتق الله يجعل له مخرجا". ستنجح العملية إن شاء الله، حتى لو اضطررت إلى التضحية بالجنين في سبيل إنقاذ الأم.

أقدم الدكتور حسن على إجراء العملية، ولا يزال قائماً عليها. وفي ظل ما لم يكن في الحسبان أراه مصمماً على إتمامها، و أراه مضطراً إلى التضحية بالجنين و بالأم في سبيل نجاح العملية.

أفقت من إطراقتي الطويلى على صوت صاحبي يسألني بشغف و حماس "هل ستعتقد أن شوكة إسرائيل ستنكسر بعد هذه المعركة؟"

فما كان مني إلا تنهيدة لا تخلو من الأمل "إن شاء الله"



#محمود_الباتع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحجيب الحضارة


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب في نيويورك
- الاتحاد الأوروبي يعاقب برشلونة بسبب تصرفات -عنصرية- من جماهي ...
- الهند وانتخابات المليار: مودي يعزز مكانه بدعمه المطلق للقومي ...
- حداد وطني في كينيا إثر مقتل قائد جيش البلاد في حادث تحطم مرو ...
- جهود لا تنضب من أجل مساعدة أوكرانيا داخل حلف الأطلسي
- تأهل ليفركوزن وأتالانتا وروما ومارسيليا لنصف نهائي يوروبا لي ...
- الولايات المتحدة تفرض قيودا على تنقل وزير الخارجية الإيراني ...
- محتال يشتري بيتزا للجنود الإسرائيليين ويجمع تبرعات مالية بنص ...
- نيبينزيا: باستخدامها للفيتو واشنطن أظهرت موقفها الحقيقي تجاه ...
- نتنياهو لكبار مسؤولي الموساد والشاباك: الخلاف الداخلي يجب يخ ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - محمود الباتع - عملية الدكتور حسن نصرالله