أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - غازي الصوراني - وجهة نظر في الثقافة والمثقف وضبابية الرؤية الثقافية لدى اليسار















المزيد.....

وجهة نظر في الثقافة والمثقف وضبابية الرؤية الثقافية لدى اليسار


غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني


الحوار المتمدن-العدد: 6995 - 2021 / 8 / 21 - 20:15
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    




لست معنياً بخلق إشكالية حول علاقة الثقافة بالوعي المشوه او المنقوص - لدى هذا الفرد او ذاك ممن يطلق عليه صفة المثقف - بقدر ما أدعو إلى مراجعة المفاهيم وتأملها بالمعنى التجريدي المعرفي، وتفكيكها وإعادة بنائها أو تكوينها بما يوفر إمكانية التعمق في المفهوم وإعادة صياغته معرفيا وثوريا من اجل تغيير الواقع المأزوم ، وهو أمر لن يتم تحققه ما لم يدرك هذا المثقف كافة تفاصيل واقعه المعاش .
فالثقافة هي جملة ما يبدعه الإنسان والمجتمع على صعيد العلم والفن ومجالات الحياة الأخرى، المادية والروحية، من اجل استخدامها للإجابة على الأسئلة التحررية والمجتمعية الكبرى للإسهام في حل مشكلات التقدم والتطور، وهنا تتجلى خصوصية الواقع –واقعنا العربي- التاريخية والراهنة وتفاعلها مع المفهوم العام المعاصر للثقافة بكل أبعادها ومكوناتها العلمية، الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية في اللحظة الراهنة من تطور البشرية....أنا شخصياً انحاز إلى هذا التعريف للثقافة، لأنه يتناولها كمجموعة من الأنماط السلوكية والفكرية والتربوية بمضامينها المستقبلية التي تؤطر أعمال الإنسان في علاقاته الثلاثية مع الطبيعة والمجتمع وما وراء الطبيعة، من خلال التواصل الدؤوب مع مسار التنوير والحداثة والنهضة والتقدم العلمي، عبر الحوار الموضوعي الجريء، وهذا يدفعني الى الحديث عن :
ضبابية الرؤية الثقافية الديمقراطية ومسئولية اليسار الفلسطيني..
وفي هذا السياق أقول انه على الرغم من اقراري بحالة الضعف التي تعتري مسار تطور الثقافة الفلسطينية , بسبب الإحتلال من ناحية وثقافة التخلف والخضوع من ناحية ثانية ،إلا أن التطور مسألة نسبية تحتاج إلي كثير من المقومات على مستوى الفصائل والأحزاب وعلى مستوى المؤسسات الثقافية الجامعية لاحياء الفكرة التوحيدية الثقافية الفلسطينية في إطار الثقافة التقدمية العربية والإنسانية ، وكذلك في اطار من التنوع والتعدد والاختلاف ، بما يفتح فضاءات فكرية وتأملية محفزة لمجمل الفصائل والقوى السياسية عموماً ، ولقطاع الشباب فيها بصورة خاصة ، بما يضمن اقبالهم على التعاطي مع قضايا مجتمعهم في المخيم أو المدينة أو القرية ، بروح عالية من الاندفاع والرغبة الذاتية في الالتحاق بمسيرة النضال التحرري والديمقراطي ، والالتحاق في صفوف الحركة الوطنية ليمارسوا دورهم المنتظر في حماية ثقافتهم الوطنية الديمقراطية وصنع مستقبل شعبهم ، وكل ذلك يتطلب من فصائل اليسار، صحوة جدية ، لكي تنهض من سباتها وتخرج من أزماتها بما يمكنها من إعادة وصل ما انقطع في علاقة السياسة بالثقافة، بمعنى التفاعل بين الوعي الطليعي والوعي العفوي بما يتيح إنتاج عمل معرفي سياسي ثقافي مرتبط بصورة مباشرة بالواقع المعاش، حيث بات أحد أهم أوجه أزمة ثقافتنا الراهنة يتمثل في غياب الدور الاستراتيجي الفعال لأحزاب التيار الديمقراطي عموما، وقوى اليسار بصورة خاصة في ممارسة الوعي – المتجدد والمعاصر- الثقافي والأيديولوجي، ومن ثم السياسي والاقتصادي والاجتماعي للجماهير، عبر دور ريادي يوجه مسيرة الثقافة الوطنية الفلسطينية الديمقراطية ومسار الحركة الجماهيرية، وهنا أرى من المفيد بل والضروري ان اتحدث عن مخاطر ضعف وتراجع المعرفة والوعي في صفوف احزاب وفصائل اليسار العربي.
فإذا كنا نتفق على أن المعرفة هي ثمرة أولية من ثمار الفكر باعتباره وعياً مرتبطاً بالواقع المعاش وعاكساً له ، فليس معنى ذلك تطابق هذه المعرفة بالواقع مع شمولية الفكر وفضاءه الواسع، إذ أن حجم المعرفة ودورها يتحددان حسب نسبة أو درجة تفاعلهما مع الفكر وحركة تطوره التاريخي ، وهو تفاعل مرهون بدرجة تطور وحركة الواقع وصراعاته وتناقضاته الداخلية والخارجية (السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية) في هذه المرحلة أو تلك من جهة، وبدرجة عمق وقوة الوعي الذاتي لدى المثقف العضوي في إطار العقل الجمعي أو الحزب الماركسي ودوره في مجابهة الواقع وتغييره من جهة ثانية ، فبدون امتلاك الوعي بالنظرية والواقع تتعرض حركة الحزب وصيرورته لمخاطر الارتجال والعفوية والتفكك التنظيمي التي تولد بدورها مظاهر الشللية والانتهازية والهبوط السياسي والفكري، إلى جانب مظاهر التطرف العدمي الانتهازي ، ما سيؤدي بالحزب إلى التفكك والتلاشي، وفي كل الاحوال فإن الممارسة هي احد المعايير الهامة للحكم على وعي قيادة هذا الحزب أو ذاك وأعضائه .. فالممارسة هي التي تدل على الوعي بالنظرية ووضوح الرؤية ، بمثل ما تدل أيضاً على الارباك والتخبط السياسي والفوضى وانتشار الشعور بالاغتراب بين الأعضاء تجاه أفكار الحزب ومبادئه ، ومن ثم يكون من الطبيعي أن تتراجع القناعات والدافعية الذاتية جنباً إلى جنب مع تراجع فكرة الانتماء والالتزام بالحزب ، وفي هذه الحالة لا يكون مستغرباً أن يعيش الحزب حالة عميقة من العزلة عن الجمهور ، يستحيل تجاوزها بدون خروجه من حالته المأزومة صوب النهوض ، وتلك مهمة صعبة ، لكنها قابلة للتحقق عبر كل المخلصين لمبادئ الحزب وأهدافه من الكوادر والأعضاء ، الامر الذي يفرض بداهة مزيدا من الاهتمام بكل من الوعي والممارسة في الحزب الماركسي لمحاولة تحديد الاشكالية والخروج منها صوب نهوض الحزب .
فمن الظواهر الخطيرة لدى معظم احزاب وفصائل اليسار العربي ، أنها تتحدث عن الوعي والممارسه في وثائقها ومنشوراتها دون متابعة أو تفعيل وتفاعل على صعيد الممارسة يجسد انتماء الاعضاء واقتناعهم ودافعيتهم ،مما أدى الى مزيد من عزلتها عن الجماهير ، بينما في المقابل، لا تمتلك الجماهير أطر منظمة فعالة، وبالتالي فإن وعيها العفوي البسيط لا يمكن ان يوصلها الى حراك ثوري جذري او تحقيق اهدافها السياسية والاقتصادية والاجتماعية الكبرى بل بعض المتغيرات في ديكور السلطة او تحقيق بعض المطالب الاقتصادية الصغيرة ، وعلى الرغم من أن فقر الجماهير ومعاناتها وبؤسها وحرمانها يدفعها للتمرد العفوي ، الا أن السلطة الحاكمة ( ليبرالية او دينية) تمتص تمردها - بصورة انتهازية او قمعية - وتدعوها للسكينة أو ترهبها ، فالنشاط العفوي ، يوجد الازمة الشاملة التي تحاصر الفئات الحاكمة ، واذا لم يتوفر الحزب الطليعي الثوري الملتصق بالجماهير والمعبر عنا فان قوى اليمين او قوى الثورة المضادة تتولى السيطرة على حركة الجماهير وافراغها من مضامينها.
ويطرح هذا الوضع قضيتين نقضيتين: الوعي والتنظيم ،فهل تستطيع الجماهير تطوير وعيها و تنظيم صفوفها ؟ وجوابنا إنها عاجزة عن ذلك ، لأن العمل التنظيمي ( الحزب )،وكذلك مواجهة القوى الحاكمة ،بحاجة إلى تقنية عالية مسبوقة بالوعي والرؤية والبرامج الواضحة ، بحاجة إلى الثقافة ،و الدراسة والاضطلاع والمتابعة اليومية لكل شأن من شئون الصراع مع العدو الوطني أو على مستوى التناقضات الداخلية والصراع الطبقي.فالممارسة هي التي تدل على طبيعة الوعي .
وهنا يبرز دور الفئات الواعية ،والمناضلة والمثقفة ،لانها القادرة على تأسيس الإيديولوجيا المناهضة للإيديولوجيا السائدة ، والقادرة على هزيمتها، وفي هذا الجانب نؤكد على أن الوعي دون ممارسة ثورية ، لا يؤدي الى انتصار، وكذلك فإن الممارسة الثورية دون وعي ثوري ،لا تحقق نفس الغرض ،انهما معا" طريق الانتصار ، لان الوعي الثوري يضيف للحركة العفوية ، العقل والتنظيم ، وهما مكمن قوة . ، وتجعل الهجوم لاسقاط انظمة الاستبداد والتخلف ممكنا ، بل وضروريا" ، لانه يعطي التنظيم (بعد أن يستكمل كافة الشروط) القوة الجبارة التي تدعمه وتجعل انتصاره محتما" .
التحديد المفاهيمي المباشر للمثقف الثوري :
بالنسبة لاجتهادي المنحاز لشمولية مفهوم المثقف، فإن الشمولية التي أقصدها هنا لا تتناقض مع التعريفات التي عبّر عنها مجموعة من المفكرين في تعريفهم للمثقف بأنه " هو الإنسان الذي يضع نظرة شاملة لتغيير المجتمع" أو هو المفكر المتميز المسلح بالبصيرة كما يقول ماكس فيبر، أو هو الذي يمتلك القدرة على النقد الاجتماعي والعلمي والسياسي أو هو المفكر المتخصص المنتج للمعرفة، وهي تعريفات عامة لا تحرص على تحديد الزاوية أو الموقع الذي ينطلق منه ذلك المثقف في ممارسة النقد الاجتماعي أو السياسي أو في صياغته للنظرة الشاملة للتغيير... والزاوية التي اقصدها هي الموقع الطبقي بالتحديد (عبر الالتزام التنظيمي بالحزب الماركسي) ، فهو الغاية والقاعدة المنتجة والمحددة لكل رؤية فكرية ثقافية أو لكل ممارسة نقدية.
فالمثقف هو الحامل لرسالة، لموقف، لرؤية نظرية مستقبلية من ناحية وهو أيضاً المثقف العضوي، الذي يعمل على إنجاح المشروع السياسي والمجتمعي الخاص بالكتلة التاريخية المٌشَكّلة من العمال والفلاحين الفقراء ، وهو "الداعية" "الاختصاصي" "المٌحَرِّض" "صاحب الايدولوجيا" أو حاملها، المدافع عن قضايا الحقوق والحريات، الملتزم بالدفاع عن قضية سياسية، او قيم ثقافية ومجتمعية أو كونية، بأفكاره أو بكتاباته ومواقفه تجاه الرأي العام، وتضحياته من اجل المبادىء العظيمة التي نذر نفسه من اجلها ، فهذه صفة ومنهجية المثقف العضوي الثوري، بل هذه مشروعيته ومسئوليته تجاه عملية التغيير التي يدعو إليها.
لذلك أرى ضرورة الجمع بين المثقف حامل الرسالة، وبين المثقف العضوي الملتزم تنظيمياً، بحكم تقاطع أو توحد الرؤيتين في نقطة التقاء هامة، وهي الوظيفة النقدية للمثقف، والوظيفة النقدية هنا تتخطى التبشير أو الرسالة إلى التغيير الثوري والديمقراطي .



#غازي_الصوراني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول مفهوم التحرر الوطني .. وتطبيقاته على الوضع العربي الراهن
- كلمة في زيف وأوهام ثنائية الرأسمالية والديمقراطية
- شعار -يهودية الدولة-بين غطرسة القوة والأسطورة التوراتية
-  مهدي عامل منارة معرفية وسياسية في مجابهة أزمة اليسار العربي
- في شوق الرفيق المغاربي عزيز محب إلى رفيقه المناضل الراحل شوق ...
- تطور مفهوم المجتمع المدني وأزمة المجتمع العربي وغياب الأسس ا ...
- تطور مفهوم المجتمع المدني وأزمة المجتمع العربي وغياب الأسس ا ...
- حول مفهوم المجتمع المدني وتطوره (ج3)
- حول مفهوم المجتمع المدني وتطوره (ج2)
- حول مفهوم المجتمع المدني وتطوره (ج1)
- عن المنظمات الغير حكومية: -NGO,S- دعوة إلى البديل........
- السؤال المحوري الكبير امام كافة الوطنيين التقدميين في الوطن ...
- 54 عاماً على هزيمة حزيران
- مقومات التنظيم الثوري ودورها في استنهاض اليسار الماركسي العر ...
- عن الاقتصاد العالمي وتَوَحُّش الامبرياليةالأمريكية
- حول اللحظة الراهنة للعولمة الامبريالية وبشاعة تركز الثروات ا ...
- ميشال أونفراي (1959 - )
- لمحة : فلسطين عبر التاريخ.....
- جوديث بتلر (1956 - )
- لوك فيري (1952 -  )


المزيد.....




- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...
- في يوم الأرض.. بايدن يعلن استثمار 7 مليارات دولار في الطاقة ...
- تنظيم وتوحيد نضال العمال الطبقي هو المهمة العاجلة
- -الكوكب مقابل البلاستيك-.. العالم يحتفل بـ-يوم الأرض-


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - غازي الصوراني - وجهة نظر في الثقافة والمثقف وضبابية الرؤية الثقافية لدى اليسار