أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل خليل - حدث في المسرح عام 1975















المزيد.....

حدث في المسرح عام 1975


فاضل خليل

الحوار المتمدن-العدد: 6975 - 2021 / 7 / 31 - 15:36
المحور: الادب والفن
    


في مراجعة متأنية لبعض من مواضي اخطائي في المسرح، وعلى قلتها، أردت لها هذه الوقفة التي تضمنت على الكثير من محاسبة النفس، التي لا تخلو من نقد الذات وتعذيبها بالكريات، بعد زمن قارب من ألأربعة عقود، من النضوج المعذب الذي صنعته سنين تجربتي في الحياة والمسرح. والتي اعتز بها ايما اعتزاز لاسباب جمة منها: أولا/ لأنني من القلة التي تتباها بالتزاماتها وصدق مواعيدها في الحياة وفي المسرح. وثانيا/ لأنني ما اردت ان اتناول هذا الموضوع طوال هذه السنين بسبب انني ربما قد أكون مذنبا, فالتجريم جاءني من أهم الناس في حياتي، وعلى طريقة [ باشلار ] الذي يقول من اننا أطفالا نتلقى المواعظ والحكم والعقوبات بقبول تام، لا يحتمل النقاش غير المتوازي بين صغير وكبير, ولكن بعد نضوج الصغير يصبح ممكنا مراجعة ما تلقاه من الكبار لابقاء الجيد ورفض ما هو غيرجيد. وان حديثي بعد هذا الزمن الطويل المتأخر ينطلق من هذه القاعدة، فليس فيه أي خروج على أدب المهنة وما هو غير مألوف، لاسيما وقد ناهز عمري العقد السادس مما يعطيني الحق، ويجيز لي مراجعة النفس في الأقل بشكل فيه الكثير من الاسترخاء. وعليه يا سادة ياكرام، ساروي لكم حكايتي مع العام 1975.
* المكان: بغداد، شارع السعدون، البتاوين ـ مسرح بغداد/ خلف سينما النصر.
* الفرقة: المسرح الفني الحديث. برئاسة: يوسف العاني.
* المسرحية: في انتظار كودو. وهي من أدب اللامعقول، لكاتبها صموئيل بيكيت.
* مصمم الديكور: فاضل سوداني.
* المخرج: سامي عبد الحميد.
* الممثلون: سامي عبد الحميد، فاضل خليل ( بدور: [ بوزو ] مناصفة )، سامي السراج (بدور: [فلادمير])، صادق علي شاهين (بدور: [استراجون]), هاشم السامرائي (بدور: [ لاكي ])، اسماعيل خليل (بدور: [الصبي]).
* حكاية المسرحية (في انتظار كودو) معروفة، أو كما اشيع عنها أن اثنين من ناس هذا العالم، هما عينتان لكل الناس المعذبين والطامحين بمجئ المنقذ الذي يخلصهم من تلك العذابات الكبيرة أطلق عليه (كودو)، والمسرحية من فصلين، وفي نهاية كل فصل يتخلله حديث من الكلام الزائد غير المجدي، هدفه قتل الوقت لتحين الساعة التي يأتيهم فيها المنقذ (كودو)، لكن يأتي بدلا عنه (الصبي) ليخبرهم بأن (كودو) لن يأتي اليوم وسيأتي غدا. وحين سأل نقاد المسرح (صموئيل بيكيت ـ المؤلف): لو كان هناك فصلا ثالثا هل سيأتي (كودو) ؟ فأجابهم: لو أني كتبت الفصل الألف سوف لن يأتي (كودو) وسيبقى الأمل قائما في أنه سيأتي، وهذه هي اللعبة في بناء النص في المسرحيةالمهمة (في انتظار كودو). أما حكايتي فتتلخص بالتالي: ركزت التمارين المسرحية وطيلة اشهرها التي تجاوزت الاربعة أشهر، على أن يكون دور (بوزو) بشكل رئيسي لسامي عبد الحميد، لأسباب غاية في الاهمية، أولها/ أن سامي عبد الحميد، أقوى صوتا، وأكثر حرفة واقناعا مني، فهو استاذ التمثيل والالقاء، في اكاديمية الفنون الجميلة، وأنا الطالب في الصف الثالث ـ أنذاك ـ الأقل تجربة أكون
عبر أكثر من فضائية، وفي معرض حديثه عن أهمية الالتزام في الفن، والمسرح على وجه الخصوص، يذكر السيد رئيس فرقة مسرحية حكاية مفادها، ان الفرقة المسرحية ، ذات يوم وانطلاقا من حرصها الشديد على الالتزام بالمواعيد، وما يتبع ذلك من الجوانب التربوية، اضطرت الى معاقبة أحد أعضاءها ـ أنا ـ بالاستغناء عنه لتأخره عن حضور العرض الذي كان يؤدي فيه واحدا من أهم أدوار المسرحية الرئيسية. وبعد كل السنين الطويلة التي مرت، وأنا لم انبس ببنت شفة في هذا الموضوع. لكن وفي غفلة من الزمن، وجدتني فجأة، أنتفض كالمستفيق من كابوس, لأراجع نفسي ـ حسب هذه الحكاية التي تجاوز عمرها على الـ (ثلاثة عقود) ـ وهو نوع من مراجعة النفس عن بعض اخطاءها بارادة وبحسن نية، باسترخاء وحكمة اليوم الذي ناهزت فيه من العمر ما يؤهلني لأقول أن في ما اشيع اجحاف كبير، لابد من توضيحه ولو بعد طول سنين. صحيح أنني لم أحضر العرض، بل ولم يكن في نيتي الذهاب الى العرض على الاطلاق، لسبب غاية في البساطة هو أنني لست معنيا بالعرض عل الاطلاق!!؟؟ فلم يسبق لي ان قمت بالتمرينات على المسرحية، الا في ايام القراءآت الاولى ولمدة لا تزيد عن اليومين. كان الممثل الاول للدور وبسبب قناعات ادارة الفرقة المسرحية، أكثر ملائمة للدور مني فتمرن بشكل مبالغ فيه اما انا فلم تتح لي فرصة التمرين على المسرح ولا لمرة واحدة. الذي لم يشجعني حتى على حفظ حوار نص المسرحية. وتشاء الصدف أن يأتي الممثل الاول للدور في ثاني أيام العرض، وهو فاقد لصوته الذي استهلكه بسوء الاستخدام في اليوم الاول للعرض، وهذا أمر يحصل عند أهم الممثلين ـ لاسيما والدور يحتاج الى شدة وقوة ودفع في الصوت يصل حد الصراخ ـ، فقدم اعتذاره للقائمين على العرض طالبا منهم تأجيل العرض لذلك اليوم. ففكر أحدهم ـ ولسبب في صدر يعقوب ـ بأن يستدعي الممثل البديل ـ أنا ـ لكن الممثل الأول ـ المعروف بطيب القلب والموضوعية ـ استغرب من امر الاستدعاء واعتذر نيابة عني في أني لم أتمرن مطلقا على المسرحية، ومن المستحيل أداء مثل هذا الدور الكبير والمعقد بهذه البساطة التي قرروا بها. لكن أحدهم صار يحكي بالمثل المسرحية من أن البديل عليه أن يحفظ الدور في الاقل وان يكون على استعداد في مثل هذه الحالات الطارئة، وعليه يتوجب الأمر الاتصال به، أو أنه كان من المفروض أن يكون موجودا تماما كـ ( حارس المرمى الاحتياط في كرة القدم ) ليكون البديل الجاهز للحالات الطارئة. كل هذا وأنا الذي لم يكن في حسباني أنني سأمثل الدور يوما وأنا لم أجر تمرينا واحدا عليه، ولم أحفظ حواره، حتى نسيت أنني البديل، واعتقدت بسبب الاهمال ان ادارة المسرح قد تجاوزت فكرة البديل، لطالما ان الممثل الأول لقادر على أداءه بقدرات أعلى وبدون التفكير بالبديل الاحتياطي.
ورن الهاتف في الفندق الذي كنت أسكنه، يقضي بذهابي وفورا الى مسرح بغداد، للقيام بدوري في المسرحية، فالجمهور ينتظر قدومي، وهذا ليس سلوكا مسرحيا سويا. لم أفكر في حينها بالمواعظ والحكم التي انساقت في اذني كالطوفان، بقدر ما فكرت في ماذا سأحكي وماذا سأقول وأنا لا أعرف من الدور الذي لم أتمرن عليه ولم أحفظه شيئا. وانا الذي لم اكن املك ما أؤمن به عشاءي لتلك الليلة، استلفت مبلغا من صاحب الفندق لألحق الأمر بـ (تاكسي) يوصلني الى المحنة التي أنزلوها علي كذبا وزلفى. استأجرت (التاكسي) الى مسرح بغداد، ولم اتعود على ركوبه على الاطلاق لأنه مكلف لشخص مثلي ميزانيته الشهرية لا تتعدى الـ (5) دنانير آنذاك، أما كيف وصلت الى قاعة المسرح فهي معجزة، وكل الذي أعرفه هو أنني وقبل أن أغادر الفندق تناولت نص المسرحية من غرفتي لأقرأ به طوال الطريق الى المسرح التي كنت أتمنى أن تطول أو أن حادثا كبيرا لن يوصلني الى جهنم، كان هذا العرض بالنسبة لي ـ بسبب عدم التحضير ـ أقسى من الموت. فانبرى الممثل الأول يقول لي الحوار ملقنا لي من خلف الكواليس، لأقوله من بعده كالببغاء، على طريقة التلقين من خلال ( الكمبوشة ) كما في المسرح المصري. وانقضى الوقت على المسرحية كان بالنسبة لي أطول من دهر واقرب الى العقوبة. اضطرني هذا التصرف غير المسؤول من قبل البعض الى ترك العمل في الفرقة لسنوات، برروها الفاعلون بسبب انشغالي بأمور اخرى أكثر أهمية، وليس في حياتي من ( أهم ) سوى المسرح.



#فاضل_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجهود الاخراجية في تأليف العرض المسرحي
- فن التكوين
- في المسرح .. ورحم الله حقي الشبلي
- ازدهار الفن في ازدهار البنى
- أنف اللوحة ...
- (انتيجون – بروت مار) ... مسرحية كلاسيكية معاصرة
- المسرح التجاري، من افرازات الحرب
- الخطة الاخراجية
- الجو العام
- (سردنبال) ... مسرحية الخراب البديل عن الحرب
- إبراهيم جلال[*] .. وسينوغرافيا النحت الفكري في شكل المسرح ال ...
- ما تيسر من سفر الطيبة البصرية .. “ جبار صبري العطية ”
- مقدمة (أعداد الممثل) – ل ( ستانسلافسكي)
- المسرح الشعبي في الوطن العربي
- ما تيسر من سفر الطيبة البصرية .... - جبار صبري العطية -
- اسماعيل خليل* ... ثقافة المسرح ، وحوار المنافي
- من يحيي مسرحاً نقش خليل شوقي ...على خشبته حكايات بغداد
- كيف نحترم الطفل في المسرح
- أعطني رداءا وتاجا... أعطك ملكا
- اخلاقيات المسرح والتنظيم الابداعي


المزيد.....




- “فرحي أولادك وارتاحي من زنهم”.. التقط تردد قناة توم وجيري TO ...
- فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي ...
- ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ ...
- بعد مسرحية -مذكرات- صدام.. من الذي يحرك إبنة الطاغية؟
- -أربعة الآف عام من التربية والتعليم-.. فلسطين إرث تربوي وتعل ...
- طنجة تستضيف الاحتفال العالمي باليوم الدولي لموسيقى الجاز 20 ...
- -لم أقتل زوجي-.. مسرحية مستوحاة من الأساطير الصينية تعرض في ...
- المؤسس عثمان الموسم 5.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 باللغة ...
- تردد قناة تنة ورنة الجديد 2024 على النايل سات وتابع أفلام ال ...
- وفاة الكاتب والمخرج الأميركي بول أوستر صاحب -ثلاثية نيويورك- ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل خليل - حدث في المسرح عام 1975