أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - علي البعزاوي - من أجل دور أكبر للقوى اليساريّة والتّقدّميّة















المزيد.....

من أجل دور أكبر للقوى اليساريّة والتّقدّميّة


علي البعزاوي

الحوار المتمدن-العدد: 6963 - 2021 / 7 / 19 - 09:36
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



الكثير من اليسارييّن من عديد المرجعيات يتساءلون عن “غياب القوى اليسارية” و”فشلها” و”تشتّتها” ويرجعون ذلك لأسباب مختلفة ومتناقضة أحيانا منها العقلية الزعامتية والبيروقراطية وضعف التشبيب وعدم إتقان التقنيات الحديثة للتواصل. ويدعون في نفس الوقت إلى تجميع الطاقات والقوى للعب دور أهمّ في ساحة مفتوحة للفعل التغييري بحكم الفشل الذريع لمنظومة العمالة والنهب والفساد والقتل العمد وغرق مكوناتها في صراعات مفتوحة لا علاقة لها بما يعيشه التونسيون من تهديد بالموت جرّاء جائحة كورونا ومن جوع وفقر وتردي للخدمات الأساسية.
بعض اليساريّين وتحت وقع الهزيمة الانتخابية غادروا تنظيماتهم ليشكّلوا مجموعات أخرى صغيرة أو انخرطوا في العمل المدني وآخرون طلّقوا النضال لعدم قدرتهم على الصمود.
تأتي هذه الأصوات المنتقدة في الغالب من العناصر التي تعيش اليوم على هامش التنظيمات اليسارية وشكّلت لفترة طويلة جمهور الجبهة الشعبية الواسع وأنصارها. وتلجأ عادة للشبكة الاجتماعية وجلسات المقاهي للتعبير عن هذه المواقف، وهذا طبيعي إلى حدّ ما لأنّ هذا الجمهور لا يعيش حياة تنظيمية عادية ولا تتاح له بالتالي فرص النقاش والصراع وتبادل وجهات النظر بما في ذلك تقييم تجربة الجبهة الشعبية وأسباب الفشل الانتخابي.

أسباب عديدة وراء تراجع اليسار
أوّلا لابدّ من التأكيد على أنّ المرحلة على مستوى كل العالم ليست مرحلة القوى اليسارية التي تتواجد في الأحزاب والنقابات والمنظمات وحاضرة في مختلف المعارك. فهي ليست وازنة ولا تشكّل ثقلا سياسيا وتنظيميا وليست عنوان استقطاب واسع مثلما كان يحصل في عشرينات وثلاثينات القرن العشرين. هي بصدد العودة التدريجية بعد فشل التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي وأوروبا الشرقية وآسيا وتتطور وتلتحم بالشعب في عديد القارات والبلدان وبصدد تنظيم صفوفها لكنها مازالت متواضعة القدرات والحضور في الساحات السياسية.
العصر اليوم هو عصر القوى الرجعية والشعبوية الخادمة للرأسمالية في أكبر مراحلها تعفنا وعسكرة واستغلالا للشغيلة وللدول الضعيفة والتابعة في العالم.
ثانيا القوى اليسارية المحلية مازالت تعيش على وقع مخلفات الصدمة الانتخابية بهذا القدر أو ذاك. ولئن خرجت بعض تنظيماتها للشارع وتسعى إلى الربط من جديد مع الجمهور الواسع وتحاول الفعل في الواقع والتعريف بمواقفها متجاوزة تداعيات الفشل الانتخابي بعد تقييم عميق للمحطة الانتخابية بكل أبعادها (حزب العمال مثالا)، فإنّ أحزابا أخرى مازالت خارج الخدمة وتتصرف وكأنها غير معنية بالصراع الاجتماعي والسياسي وربما تعيش على وقع صراعات داخلية بين الأجنحة المختلفة التي تتشكل حول هذا الزعيم أو ذاك.
ثالثا من الضروري الإشارة إلى أنّ تجربة الجبهة مازالت تشكّل إلى اليوم بسبب مآلاتها عنصر إحباط وحيرة لدى أوسع الجمهور الجبهاوي الذي آمن بالجبهة وراهن عليها. لكن انحلالها وتفككها خيّب آماله ودفع العديدين إلى الاستقالة اعتقادا منهم أنّ المشكل يتعلق بالصراعات بين الزعامات.
إنّ ما يجب تصحيحه لدى جمهور اليساريين هو أنّ القضية الجوهرية للجبهة الشعبية وأحد أسباب فشلها يتمثل بالأساس في الخلافات السياسية التي كانت تشق مكوناتها. ففي حين ترى بعض التنظيمات أنّ الجبهة أداة الثورة الشعبية وعنوان التغيير العميق الواجب إنجازه بعد الإطاحة بالمنظومة وعليها تحديد برنامجها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي وعلاقاتها الخارجية وغيرها وضبط خطة عملية لتحقيق هذه الأهداف، ترى أطراف أخرى أنّ الجبهة انتخابية بالأساس ودورها تمكين الأحزاب من الحصول على مواقع في المؤسسات البورجوازية من برلمان ومجالس بلدية وغيرها وتبقى المهمات الاستراتيجية التي تتعلق بالوصول إلى السلطة مرتبطة بالأحزاب التي يسعى كل واحد منها إلى المراكمة على طريق تحقيق مشروعه الخاص.
ولئن بدا المعسكر الأول مراهنا على الثورة للاطاحة بالمنظومة مع ما يفترض ذلك من قطيعة مع الحكم بمختلف مكوناته وإعداد ومراكمة على طريق ذلك من خلال الانخراط في النضال الميداني والالتحام بالحراكات الشعبية، ركز المعسكر الثاني أكثر على الانتخابات لحصد ما أمكن من المواقع مع الإصرار على المشاركة في حكومات المنظومة والتحالف مع مكوناتها الليبرالية ضد الأطراف الأكثر رجعية وظلامية. وهو تكتيك إصلاحي انتهازي سرّع في وتيرة تقسيم الجبهة وضرب وحدتها وشلّ إمكانية تطورها إلى جبهة لتحقيق أهداف الثورة مثلما نصّت عليه أرضيتها التي لم تقع بلورتها في شكل برنامج واضح ومفصّل. هذه الخلافات الجوهرية بدت للبعض بمثابة الصراعات الزعامتية بين القيادات والفصائل. لكنها في الواقع غير ذلك تماما. وحتى على افتراض أنّ هناك صراع قيادة داخل الجبهة وهذه مسألة منطقية داخل هذا الشكل من التنظيمات فإنّ طبيعته سياسية بالأساس وتتكثف حول من يقود الجبهة الثوريون أم المتصالحون مع المنظومة والمنفتحون عليها.

ما المطلوب من القوى اليساريّة اليوم
لا نعتقد أنّ العودة إلى تجميع القوى اليسارية والتقدمية بنفس الشكل القديم (جبهة سياسية) هو الحل الأفضل لأنّ إعادة نفس التجربة وبنفس المنطلقات دون حسم الخلافات السياسية يُعتبر حرثا في البحر ومضيعة للوقت إلاّ إذا كان الهدف مشاركة المنظومة في الحكم والتواجد إلى جانبها في مختلف المؤسسات على غرار ما يحصل داخل الاتحاد العام التونسي للشغل حيث يتقاسم بعض اليساريين المواقع القيادية داخل المنظمة مع البيروقراطية النقابية دون أدنى تأثير على توجهات الاتحاد ودون تثوير للقوى العمالية وللشغيلة حتى تتموقع في الصراع السياسي والاجتماعي إلى جانب قوى الثورة والتغيير.
إنّ المطروح هو تنظيم الندوات واللقاءات لتعميق النقاش حول تجارب العمل المشترك والخروج بالاستنتاجات الضرورية للاستفادة من الإيجابي في التجربة والبناء عليه مع الانخراط بالتوازي مع ذلك في العمل الميداني والالتحام بالحراكات الاحتجاجية ومحاولة التأثير فيها وتسليحها بالشعارات وتنظيمها وتأطيرها وتوحيد مطالب الحركة لتشكّل في حال تطوّرها عنوان استقطاب خارج الاصطفافات الرجعية. وعلى جمهور القوى اليسارية الضغط على الأحزاب حتى تنخرط في هذا المسار الذي يعتبر الشرط الضروري للتعافي من الصدمة الانتخابية واستعادة الثقة في المشروع والقدرة على الفعل مع إمكانية تطوير موازين القوى المختلة حاليا لصالح القوى الرجعية داخل الحكم وخارجه.
ويطرح على القوى اليسارية في هذه المرحلة وبصورة مباشرة تنظيم تحركات ونضالات مشتركة مع أطراف ديمقراطية وتقدمية حزبية ومدنية وغيرها حول ملفات وقضايا يقع التوافق حولها (ملف المديونية – برنامج الحكومة التقشفي بما يتضمنه من اعتداء على القدرة الشرائية وعلى الحق في الشغل – ملف السيادة الوطنية – القانون الانتخابي المزمع تغييره – قانون البنك المركزي – الجائحة وتداعياتها على صحة المواطنين وأوضاعهم المعيشية…). هذه النضالات المشتركة من شأنها إعادة بناء الثقة والمساهمة في تعديل موازين القوى وعودة القوى اليسارية إلى المشهد السياسي… ومع تطور هذه التجربة يمكن النظر لاحقا في طرق وأساليب تطوير العمل المشترك بارتباط بمتطلبات الواقع الموضوعي وتطوراته.
إنّ القوى اليسارية والتقدمية مطالبة أيضا بمزيد التنسيق النقابي والشبابي والنسائي داخل الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد العام لطلبة تونس وصلب المنظمات المختلفة وخوض المؤتمرات بقائمات مشتركة على قاعدة التمثيل النسبي. إنّ من شأن هذا التشبيك أن يهيّء لمزيد الأعمال المشتركة ويفرض نواميس وقواعد عمل ملزمة للجميع.
هذه هي الشروط والممهدات الضرورية لعودة القوى اليسارية للفعل والتأثير في الواقع ومن ثمة الاستقطاب والانغراس في صفوف الشعب والمراكمة الحثيثة على طريق تعديل موازين القوى كخطوة نحو تغيير الواقع تغييرات عميقة وجذرية.
عودة القوى اليسارية والتقدمية للفعل في الواقع والتأثير في المشهد هي ضرورة يفرضها الواقع الموضوعي، واقع التبعية والاستغلال والفساد والفقر والتهميش واستفحال الحالة الوبائية أمام بهتة وعجز منظومة الحكم. لكنها عودة ينبغي أن تكون مدروسة وواعية حتى تؤسس لمستقبل أفضل وتفتح آفاقا أرحب أمام الشعب.



#علي_البعزاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكومة الفصل الأخير من الالتفاف على المسار الثّوري
- الصراع السياسي في تونس والمنعرج الجديد
- لماذا الشّارع اليوم؟
- صراعات لا علاقة لها بقضايا الشعب والبلاد
- الزّمن الثّوري غير الزمن العادي
- 10 سنوات من المسار الثوري 10 سنوات من النضال
- هل ينفع الإصلاح في ما أفسدته الخيارات؟
- الرأسمالية أمام امتحان كورونا
- أيّ مستقبل للجبهة الشعبية في الذكرى السادسة للثورة ؟
- ضرورة من أجل تغيير حقيقي
- مبادرة الجبهة هي السبيل الوحيد لإنقاذ البلاد
- مؤتمر النهضة: تغيّر الخطاب وظلّ المشروع
- دكتاتوريّة الأغلبيّة أم -دكتاتوريّة الأقلّيّة-
- أيّ خطر يمثّله المشروع التكفيري؟


المزيد.....




- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - علي البعزاوي - من أجل دور أكبر للقوى اليساريّة والتّقدّميّة