أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - خالد عيسى طه - حاكمت الشعوب هتلر في الماضي ...شعب العراق يحاكم صدام حسين اليوم















المزيد.....

حاكمت الشعوب هتلر في الماضي ...شعب العراق يحاكم صدام حسين اليوم


خالد عيسى طه

الحوار المتمدن-العدد: 1640 - 2006 / 8 / 12 - 04:00
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


■ كان لي موقفاً فردياً في اليوم العاشر من الشهر العاشر 1959 وقفت كأحد المحامين الوكلاء عن ذوي المدعي الشخصي المجنى عليه سعدون التكريتي وهو المناضل المتميز نشاطاً بالديمقراطية وتربطه صلة الدم ابن عم المتهم صدام حسين.
صدام حسين كان الرئيس السابق للنظام العراقي ، وكنت أحد الثلاثة من هيئة الدفاع ، والتي يرأسها المرحوم الاستاذ "توفيق منير" وأنا والاستاذ "قصي القاضي" عضوي الهيئة ، جميعنا نمثل التيار الديمقراطي اليساري وكنا نحاول ان نصد مداً بعثياً فاشياً آمن بالعنف والقتل سلوكاً يفرض واقعه بقوة السلاح والدم وكانت هذه صفاته التي يتميز بها ولهذا أقدم على قتل ابن عمه سعدون التكريتي لكونه يحمل فكراً ديمقراطياً يسارياً اضافة الى رفضه لتصرفات وأعمال العنف والقسوة التي يقوم بها البعثين في تكريت .. !
ان موضوع الجريمة وطريقة تنفيذها برائي كان متقناً فقد رسم وخطط لها خال صدام المدعو خير الله طلفاح ، وقام بتنفيذها صدام حسين وكان حين ذاك شاباً يافعاً لا يتجاوز السادسة عشرة من عمره ولكن الحقد والقسوة والجريمة كانت تملئ قلبه وتسري في دمه ، فقد نفذ ما أمر به خاله بكل برود أعصاب ودم وأستمر في هذه الحالة حتى الان وهو في قفص الاتهام ، حيث تميزت اجاباته لرئيس المحكمة بكل ثقة وعدم تردد أو ضعف ، حيث يؤكد على ايمانه بان قضية القتل الوحشي والاختطاف القسري وحملات الاعتقالات الواسعة والمقابر الجماعية هي واجبة وضرورية لاستمرار مسيرة البعث وفرض مبادئه والعمل به ولو كان ذلك بالاكراه واستخدام قوة السلاح ولا يستثنى أي أحد كان معوقاً لمسيرته حتى لو كانت الضحية من أهل بيته واقاربه وابن عمه سعدون التكريتي ، جرت عملية القتل في دار كان يأوي صدام حسين في صغره ويمنعه من التشرد وكما يقال: وان أكرمت الكريم ملكته وان أكرمت اللئيم تمردا.
لازلت أذكر وقد مرّ 46 سنة وعشرة أشهر وعشرة ايام ولازالت كلماتي ترن في أذني وهي تجلجل في قاعة المحكمة يوم قلت ان صدام هذا المتهم الواقف في قفص الاتهام يحمل طاقات إجرامية مدمرة يستطيع بها تغير خارطة العراق السياسية بل أقول أكثر من ذلك باستطاعته ان يعبر الحدود ليغير الخارطة الاقليمية ، وقد حدث ما توقعت به، غيرّ صدام خارطة العراق ودمرّ البنية التحية له وجلب اليه الدمار والكوارث ، كما غيرّ خارطة الاقاليم عند غزوه الشقيقة الكويت والجاره ايران.
كل ما تقدّم خلق عندي الشعور بضرورة اعدامه وتخليص العراق من مخططاته الدموية ، هذا الشعور دفعني ان اطالب باعدامه باصرار وتحدي رغم ان عمره يقل عن السادسة عشرة.
مسيرة صدام السياسية تمثلت بحالة كارثية دفع العراق اليها ، فقد أرتكب جرائم ضد الإنسانية وانتهاكات لحقوق الانسان منها التهجير واسقاط الجنسية والاختفاء القسري والقرارات التعسفية والإبادة الجماعية واستعمال الاسلحة الكيمياوية في الشمال والجنوب وعمليات الانفال وابادة الاهوار وقصف المدن بالصواريخ واستخدام الدروع البشرية والاعدامات ، اضافة الى الاضطهاد الديني وقتل العلماء وطلاب العلم. وبالتالي أصبح صدام يهدد الامن والسلم الدولي وخاصة بعد غزوه للكويت والاعتداء على ايران .
هكذا دخل العراق بزمن صدام في حالة مأساوية كما دخلت انا السجن لمدة خمسة سنوات بتهمة ملفقة ، وكل هذه الحالات التي ذكرتها كانت بارادة صدام وشذوذ مسيرته. أني أكثر حظاً من غيري لانني لازلت على قيد الحياة ولم تضمني المقابر الجماعية أو أكون أحد سكان حلبجة أو أحد أصحاب الدور في القرى الكردية المدمرة والتي كان عددها 5000 قرية.
كان ترافعي ضد صدام نابع عن قناعة سياسية وعن تمسكي بالعدالة والحق ، وأمس ادخلتني الصدفة الى قاعة المحكمة التأريخية التي جرت محاكمة هتلر بها وسمعت بكل اصغاء الى ممثل السياحة الالماني حيث وصف وقوف هتلر كمتهم من زعماء النازية مثل هملر وكوبللز وهيس الذين ارتكبوا جرائم ضد الانسانية وارهابهم للشعوبهم لتفرض عليهم النازية مبدأ التسلط العنصري.
هنا لنقف لحظة ونقارن بين هتلر وصدام ، هتلر في الاربعينيات حرك جيوشه لضرب بولندة بحجة أرض متنازع عليها ثم ذهب وأحتل جيسوكلوفاكيا ومنها أخذت المانيا النازية ، وأصبحت تبتلع الدول الواحدة تلو الاخرى ، صدام حاول ذلك فاراد ان يبتلع السعودية والخليج عندما غزى وأحتل الكويت.
هتلر قمع الشعب الالماني بقسوة وأختص بقتل اليهود جماعياً في مذابح هولوكوس ، وصدام أيضاً قمع الجيش العراقي وصبّ أرهابي على الشيعة بعضاً وعلى الاكراد بعضاً آخر ، وما المقابر الجماعية ومجزرة حلبجة إلا نوعاً من الارهاب والقمع الذي استخدمه صدام لتثبيت اركان نظامه.
أعتمد هتلر على الجكوستارو ، وأعتمد صدام على المخابرات ، وهاتين الدائرتين هما أقسى ما مرّ في تأريخ البشرية من تنكيل بالناس والامعان بالقسوة والظلم.
نقول ان الشخصيتين دكتاتوريتين تميزتا بالظلم والقسوة ، هتلر قبل ان ينتحر طلب الهدنة من الحلفاء كي لايدمر برلين ، صدام لم يرحم الشعب العراقي ولم يطلب هدنة ليقي العراق والعراقين الدمار بل واصل القتال رغم هروبه شخصياً وحدث ما حدث من تدمير للبنية التحتية ومساكن المدنين والالاف من الضحايا العراقين.
ونتسأل مرة أخرى : هل يحق للشعب العراقي ان يطالب بالقصاص من صدام حسين وبشكل سريع ؟
المنطق يقول لا قدرة للعقل ان يسيطر بالعواطف ، المطالبين لاعدام صدام هم الثكالى والارامل واليتامى وذوي الشهداء من المقابر الجماعية وذوي الشهداء في حلبجة وعملية الانفال.
كم منا يستطيع ان يرى صدام لازال دون محاكمة رغم مرور سنتين واربعة أشهر ولا زالت الدموع تجري من المآقي ولا زالت تذرف بسخاء على شهدائنا واحبابنا ، لا يستطيع أحد ان يقف امام هذه العواطف ، حتى الشريعة الاسلامية السمحاء تأمر بالقصاص ، ولكم في الحياة قصاص.
ان تأخر في تقديم صدام الى المحاكمة فيه ضرر على كل الاطراف بما في ذلك الاحتلال ، إذ ان الاحتقان الذي يحمله الشعب العراقي في قلوب ذوي الشهداء يرتفع كل يوم ويزداد في كل يوم آخر ، ويجب ان تجري محاكمة صدام حسين بأسرع ما يمكن وامام الشعب العراقي والعربي والعالم أجمع لانه ألحق بالجميع الضرر ، ويجب ان نثبت للعالم بان الشعب يريد القصاص لا يريد الانتقام لانه شعب مؤمن وشعب واعي وشعب يحترم القوانين والاعراف الدولية.
انا كعراقي وكمحامي ورئيس منظمة محامون بلا حدود ، أقدم نصيحتي لدولة رئيس الوزراء الدكتور ابراهيم الجعفري ان يؤمن كافة شروط المحاكمة العادلة ومحاكته علنية وأعتقد شخصياً ان هذه المحاكمة هي الاخيرة ،إذ ان جرائم النظام السابق في الدجيل واضحة وثابتة وموثقة وهناك اوامر بالاعدام العشوائي مذيل بتوقيع الرئيس السابقة صدام حسين ، وحسب ما جاء في القانون الدولي :
يكفل القانون الدولي لكل شخص، خلال فترة الاحتجاز والمحاكمة، الحق في الاستعانة بمحامين من اختياره، وكذلك ما يكفي من الوقت والتسهيلات للاتصال بهم.
ويقضي القانون الدولي بأنه لا يجوز استبعاد الصحافة والجمهور من حضور بعض جلسات المحاكمة أو كلها إلا إذا كان ذلك لاعتبارات الأخلاق العامة أو النظام العام أو الأمن القومي.
أعتقد شخصياً بانني أحسن من يكون شاهد عيان على مجريات التحقيق في المخابرات العامة مع المتهمين بقضية الدجيل ،إذ كانوا معي في الطابق الرابع ، وكانت الغرفة 60 وهي غرفة مخصصة للاعدام وكان كلما ذهب اليها أحد من المتهمين بقضية الدجيل نبدأ بقراءة سورة الفاتحة عليه لعلمنا بانه لن يعود ثانية وهكذا انتهوا كل الذين كانوا معي واحدة تلو الآخر رغم كثرة عددهم مع استمرار سماعي لصراخ النساء والاطفال، حيث كان رئيس المخابرات برزان التكريتي يشرف شخصياً على عمليات الاعدام حسب علمي وكما قيل في ذلك الوقت والذي يؤكد ذلك انه كان فعلاً رئيس المخابرات العامة في ذلك الوقت.
قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن أي محكمة تتولى هذه المحاكمة يجب أن تكون مستقلة وغير خاضعة لأي نفوذ سياسي، ومنزهة عن أي هوى أو تحيز. ويجب أن تكفل المحاكمة كافة الضمانات التي ينص عليها القانون الدولي لحماية حقوق المتهم؛ ولا بد من السماح لصدام بإعداد دفاع قوي يشمل الحق في الاستعانة بمحامين في مرحلة مبكرة.وإن أي محكمة تتولى محاكمة صدام يجب أن تطبق المعايير الدولية للعدالة، وإلا فسوف يتبدد الفارق بين عهد حزب البعث وعراق المستقبل. وان محاكمة صدام مع سبعة من كبار قادته ستبدأ في 19 أكتوبر/ تشرين الأول بتهمة المسؤولية عن قتل 143 شخصا في قرية الدجيل شمال بغداد عام 1982.
وأكدت منظمة العفو الدولية إن بدء الإجراءات القانونية لتحديد المسؤولية عن سلسلة من الجرائم التي تُعتبر من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية، والتي ارتُكبت على مدى العقود الثلاثة الماضية، هو أمر يستحق الترحيب. إلا إن تحقيق العدالة لآلاف الضحايا يستلزم أن تكون الإجراءات عادلة ونزيهة وتتسم بالشفافية.
على العدالة أن تأخذ مسيرتها وعلى ذوي الشهداء الصبر والسلوان وعلى القائمين في المحاكمة التمسك بشكليات القانون ومبادئ المحاكمة العادلة وبروح المشّرع وبملائكة العدالة وان تثبت للرأي العام عدالتها، حتى نكون أمة تطبق وتحترم القوانين والاعراف الدولية لكي نحترم من بقية الدول.
ليحيا العراق ولتبقى العدالة ترفرف



#خالد_عيسى_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظرة الموضوعية في قانون العقوبات الجديد
- المشهد العراقي: فرض التخطيط السياسي والاقتصادي الامريكي على ...
- لمن تدق أجراس التطبيع مع أسرائيل !! ولماذا؟
- امل لبنان في انتصار سياسي يحقق طموحها الشرعي
- تيار الوسط الديمقراطي ومستقبله في ريادة المعارضة العراقية
- الرئيس المالكي يعلن في الكونغرس حل المليشيات دون استثناء امن ...
- بعد قسوة دك الطائرات الاسرائيلية.. بعد دمار لبنان أرضاً وبشر ...
- مامصير حياة نقابية كانت سائدة في العراق المعاصر...!
- العراقيون الغيارى في خضم صرلعهم السياسي.. أمس .. اليوم .. وغ ...
- الشعوب لا تؤخذ بالتضليل الشعب العراقي والفرنسي نموذجاً
- درس المقاومة من العراق الى لبنان
- اذا حكمتم فاعدلوا يادولة الرئيس....!
- ضوء على الاحداث: ماذا في ذهن السائل العربي اليوم!!!
- الى متى تصبر شعوب العرب ... على تخاذل حكوماتها؟!!
- هل انتهت
- الحوار الوطني ومدى نجاحه على يد المالكي
- الفضائيات العربية ودورها الرائد في طموحات الشعوب
- الانتحار في سجن غوانتانامو ارهاب في نظر بوش
- هل يسمح المالكي بفسحة كافية من الديمقراطية .. مستقبلاً ..!
- حوار مفتوح حول الأحداث الساخنة اليومية


المزيد.....




- مفوض أوروبي يطالب بدعم أونروا بسبب الأوضاع في غزة
- ضابط المخابرات الأوكراني السابق بروزوروف يتوقع اعتقالات جديد ...
- الأرجنتين تطلب من الإنتربول اعتقال وزير داخلية إيران
- -الأونروا- تدعو إلى تحقيق في الهجمات ضد موظفيها ومبانيها في ...
- الولايات المتحدة: اعتقال أكثر من 130 شخصا خلال احتجاجات مؤيد ...
- مسؤول أميركي: خطر المجاعة -شديد جدا- في غزة خصوصا في الشمال ...
- واشنطن تريد -رؤية تقدم ملموس- في -الأونروا- قبل استئناف تموي ...
- مبعوث أمريكي: خطر المجاعة شديد جدا في غزة خصوصا في الشمال
- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - خالد عيسى طه - حاكمت الشعوب هتلر في الماضي ...شعب العراق يحاكم صدام حسين اليوم