أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمود محمد ياسين - السودان: الجيش وحرب الفشقة والبيان الفضيحة















المزيد.....

السودان: الجيش وحرب الفشقة والبيان الفضيحة


محمود محمد ياسين
(Mahmoud Yassin)


الحوار المتمدن-العدد: 6956 - 2021 / 7 / 12 - 22:31
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


” الحرب أخطر من يعهد قرارها لجنرالات الجيش“- جورج كليمنصو

تعرض الجيش السوداني مؤخرا للانتقاد بأن تحركه لاسترداد أراضي منطقة الفشقة من إثيوبيا تم بدون أن يكون التحرك قد اتخذ بقرار سياسي من قبل النظام الحاكم. وهذا رأى صحيح، وكاي رأى فان وراء مضمونه تكمن رؤى وقناعات فكرية محددة ومعتقدات معينة. وفى هذه الكلمة اود التعليق على الحرب التي شنها الجيش لتحرير منطقة الفشقة السودانية وفق رؤى قد لا تتوافق بالضرورة مع تلك الرؤى المار ذكرها المنتقدة للحرب، ويشمل المقال تعليقا على رد الجيش (الاعلام العسكري) على من أسماهم المشككين في تحركاته لحماية حدود الوطن. كما ان تعليقنا يجئ إضافة مقتضبة لمقال سابق لي اعيد نشر جزء منه خاص بموضوع حرب الفشقة.

ان تحرير الفشقة من الاحتلال الأثيوبي ظل مطلبا شعبياً يحتل مكانا مركزيا خلال الثلاثين عاما الماضية ليس في أواسط سكان ومزارعي المنطقة فحسب، بل لدى كل الشعب السوداني الذي بعبقريته لم يعتبر الصراع حول الفشقة مجرد نزاع على قطعة من الأرض، بل قضية تحرير كامل للسيادة الوطنية للبلاد يشمل إزاحة كل الاحتلالات التي تتعرض لها الأراضي السودانية في أطراف البلاد المختلفة.

ان الحرب التي اشعلها مؤخرا الجيش السوداني في الفشقة تثير كثيرا من الأسئلة تتعلق، كما ذكرنا في المقال المعاد نشره ادناه، برغبة المستفهمين الوثوق بان عملية تحرير الفشقة تسير وفق التصورات الوطنية لهذه المسالة. ففي ظل كتمان الجيش لقرار الحرب عن الحكومة وعدم مخاطبة الشعب وتنويره بالجوانب المختلفة لهذه الحرب والاستعدادات والتحوطات التي اتخذها الجيش، يكون من الصعب تصديق أن الأمر تم بصورة مفاجئة بعد احتلال للمنطقة من قبل الاثيوبيين دام عشرات السنين. كما ان تحرك دولة الامارات حيال الحرب منذ اشتعالها والحديث اللاحق حول الاتفاق مع الدولة الخليجية للاستثمار طويل المدى في منطقة الفشقة يثير أكثر من علامة استفهام حول الدوافع الحقيقية للحرب؛ مع ملاحظة انه حتى الآن لم يصدر نفى حاسم بخصوص عزم الحكم الانتقالي تأجير أراضي الفشقة للإمارات بعقود طويلة الآجال.

وفيما يتعلق بالبيان الفضيحة، الذي أصدرته لجنة اعلام الجيش مكيلة فيه الشتائم المختلطة بالوعيد لكل من ينتقد الجيش واداءه حيال القضايا التي تهم البلاد، فهذا الأسلوب ليس غريبا على الجيش الذي ظل يدير شؤون الحكم في البلاد لعقود طويلة مهدرا حقوق المواطنين بتعريضهم لشتى صنوف الاضطهاد والقتل والتهجير، وسلبهم حقوقهم السياسية والنقابية الخ. ورغم ان البيان يذكر أن” حراسة الحدود والدفاع عن الوطن والمواطن هي من واجبات القوات المسلحة الرئيسية“، الا ان الجيش حتى الآن يقف في الظروف الراهنة موقفا سالبا تجاه الاستقطاب الجهوي الحاد والصراعات والنزاعات القبلية الدامية التي تغذيها أطراف خارجية.

أراد بيان الجيش الإشارة الى انه صاحب السيادة السياسية، وهذا صحيح يؤكده تربعه في دست الحكم لفترات طويلة بقوة السلاح. وامتلاك الجيش للقرار السياسي ظل يمثل العائق الذي يقف أمام نضال الشعب لتحرير سيادة البلاد الوطنية وتحقيق طموحاته المتعلقة بالتحول الديمقراطي المربوط بالتغبير الاجتماعي الجذري الذي يتعدى التصور المحدود للديمقراطية الانتخابية (الليبرالية).

مسألة الحرب والاقتصاد لدى أرجوزات المجلس السيادي
محمود محمد ياسين
27 يناير 2021

والاراجوز وجه لا يتحدث بصوته، بل بصوت شخص آخر؛ وإذا ضحكت او عبست في وجهه فالأمر سيان، فالاراجور دمية بلا مشاعر وتعبيرات.

محمد الفكي سليمان والحديث عن الحرب والوطنية
عقد عضو مجلس السيادة محمد الفكي سليمان مؤتمرا صحفيا في 15 ديسمبر 2020 ليتحدث للناس حول عمليات الجيش للسيطرة على منطقة "الفشقة بشرق السودان بعد مضى أكثر من اسبوعيين على الحدث. ذكر سليمان ان عمليات الجيش بشرق السودان هي عباره عن انتشاره في أرضي تابعة للسودان وان قرار الانتشار قرار سياسي، وهذا صحيح، ولكن صاحب القرار هو المكون العسكري بمجلس السيادة الذي يهيمن على السلطة وينحكم في القرارات المفصلية للدولة بالصورة التي قلبت الادعاء القديم وبان مجلس السيادة كيان تشريفي ومجلس الوزراء يمثل الجسم التنفيذي.

وحول "انتشار الجيش"، لم يكن عضو مجلس السيادة واضحا لماذا لم يتقدم الجيش بانتشاره لإكمال مهمته بالتقدم لتحرير منطقتين متبقيتين على الحدود هما " قطران وخور حمر " بل اكتفى السودان بمطالبة اثيوبيا من الانسحاب منهما؛ وكان تبريره بأنهم لا يرغبون في الحرب!!

ثم شرح سليمان بإسهاب ملكية السودان للمنطقة، ولكن هذا معروف للعالم فالخرائط المرفقة مع اتفاقية الحدود بين السودان واثيوبيا (1902) تؤكد على أن منطقة الفشقة أرضاً سودانية؛ ولكن ما لم يذكره العضو انه رغم ان اثيوبيا تعترف قانونياً باتفاقية الحدود لعام 1902 وان منطقة الفشقة أرضاً سودانية، الا انها ظلت، عبر السنوات، تراوغ وأحيانا تتمادى في نسج الادعاء بان منطقة الفشقة تابعة لها كما حدث في الستينات عندما أخذت مجموعات كبيرة من المزارعين الاثيوبيين يدخلون المنطقة ويمارسون الزراعة بدون اذن من السلطات السودانية.

واصل عضو مجلس السيادة بالحديث حول استعدادهم لخوض الحرب مع اثيوبيا إذا ما اضطروا لذلك وتبع هذا بحديث مطول حول الوطن والوطنية والكرامة وضرورة الوقوف مع الجيش... لكنه لم يكن موفقا في تبرير موقف الجيش بعدم التقدم لضم المنطقتين واختيار التفاوض مع اثيوبيا مع العلم ان السودان لم يلجا لهذا الأسلوب ابتداء عندما قرر "الانتشار"؛ لكن الأهم هو أن حديثه حول "انتشار" الجيش خلا من أي تحرز للسودان لرد الفعل الأثيوبي وهو اشعال الحرب على السودان. فمن الخطأ التقليل من رد الفعل الأثيوبي واعتبار أن المواجهة تقتصر على تنظيف المنطقة من حفنة من عصابات "الشفته" الاثيوبية كما هو سأئد لدى الكثير من المواطنين السودانيين. ان أراضي الفشقة يوجد بها مستثمرون من قبيلة الأمهرا الاثيوبية يمتلكون مشاريعا زراعية كبيرة. وظل هؤلاء المستثمرون يقيمون بالمنطقة على مدى 27 عاما تحت دعم حكومة إقليم الامهرا الإقليمية من عاصمتها مدينة "بحر دار". وتحت اشراف حكومة إقليم الامهرا أنشأ المزارعون مستوطنات اثيوبية بها بنى تحتية وإنشاءات معمارية بالإضافة لامتلاكهم لآليات زراعية متطورة. والمليشيات التي توجد بالمنطقة هي قوات تابعة لقوات إقليم الامهرا وبالتالي جزء لا يتجزأ من الجيش الأثيوبي. وتستعين هذه القوات أحيانا ب الشفته وهم من مناطق أخرى ولا ينتمون للامهرا.

وكتعليق عام حول تأييد الجيش وحديث الوطنية، أولا، ليس لدى أي سوداني مشكلة مع الرأي القائل بعمالة وخزى وخيانة أي سوداني لا يعترف بسودانية الفشقة وتركها لقمة سائغة لأثيوبيا، ولكن طرح اسئلة مشروعة حول العمليات العسكرية مؤخرا في الفشقة ومدى التحضير الجاد لها ليس فقط مسالة مشروعة، بل ضرورية، وإذا كانت هناك ممارسة ديمقراطية فان هذه الأسئلة كان من شانها ان تكون سابقة لمثل هذه العملية الكبيرة التي تقترب من درجة الحرب الشاملة مع اثيوبيا وبالتالي تداعياتها على البلاد.. فالموضوع، كما ذكرنا أعلاه، أكثر تعقيد من أن الفشقة تقع تحت قبضة جماعات من الشفته وكل ما هناك اجلاؤهم والسلام. ان الامهرا ظلوا يعملون بكل الطرق لحيازة منطقة الفشقة بشكل مستدام ومن غير المستبعد أن يلجأوا لحمل الحكومة الاثيوبية على عدم التخلي عن الفشقة واستعادتها كاملة مستفيدين من سيطرة (كيانهم القبلي) على السلطة السياسية في اديس ابابا بعد ابعاد " الجبهة الشعبية لتحرير التقراي" من حكم اثيوبيا في 2018.

ثانيا، ان شعار "الجيش خط احمر"، الذي يردده البعض الآن، تشدق المقصود منه تحسين صورة هذه القوات (theatre). فقرار الانتشار سياسي وفقط الذين اتخذوه تصادف أن يكونوا من يلبسون الكاكي. ولا ننسى ان لا نخلط بين سيطرة الجيش على السلطة السياسية (كون القرار السياسي بيد حكم عسكري) وبين دوره كقوة قتالية تحمى الوطن؛ الجيش السوداني ظل يحكم السودان لعقود طويلة هتكت فيها سيادة البلاد واهدرت حقوق المواطنين بشكل سافر. وقيادة الجيش الحالية تقع عليها مسؤولية الإبادة الجماعية في دارفور بالاشتراك مع مليشيات الجنجويد ومواقفها المخزية من فض اعتصام المتظاهرين امام القيادة العامة للجيش.

ثالثا، ان التردي الاقتصادي والنزاعات المحلية المسلحة الدامية التي تنتاب السودان، تثير التساؤل حول صواب توقيت العمليات العسكرية في منطقة الفشقة؛ فمثلا، هل تمت مراعاة مصير البلاد المنهكة في حال تطور النزاع مع اثيوبيا لحرب شاملة أو نزاع مسلح ممتد. وهذا يذكر بمقولة رجل الدولة السياسي الفرنسي الشهير، جورج كليمنصو (1841-1929): " الحرب أخطر من يعهد قرارها لجنرالات الجيش". وهي مقولة صحيحة طالما اعتبرنا أن الحرب امتداد للسياسة لكن بوسائل أخرى. وهكذا فان الحرب ليست خطط قتالية وتسليح ومدافع فقط، بل قرار سيأسى في المقام الأول وهو قرار يتناول موضوع الحرب بدراسة كل الجوانب التي يجب تناولها كأي قرار سيأسى.

ورابعا، وعطفا على النقطة السابقة فان توقيت العمليات العسكرية لم يتبعه أي تنوير جاد للشعب حول الدوافع لانتشار الجيش المفاجئ بالفشقة، وهنالك كثير من الأسئلة بلا إجابة عليها مثل الموقف المصري من الحدث وتحركات مسؤولين إماراتيين شملت اتصالات مكثفة مع أطراف النزاع..

وخامسا وأخيرا، فان محمد الفكي سليمان ومجلس السيادة آخر من يتحدث عن الوطنية، فهم قد أقدموا على فعل يضعهم امام المساءلة القانونية. ان مجلس السيادة امتهن موقعه السيادي بانتهاك سيادة السودان عندما تجاهل قانون مقاطعة إسرائيل لسنة 1958 الساري المفعول واستقبل وفدا إسرائيليا في الخرطوم وهيأ له في29 نوفمبر 2020 الطواف على منظومة الصناعات الدفاعية التابعة للقوات المسلحة.



#محمود_محمد_ياسين (هاشتاغ)       Mahmoud_Yassin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر الرسمية ليست صديقة للسودان
- إنها الرأسمالية يا عزيزي
- مقاطعة إسرائيل : السودان أولاً
- السودان: أجمل وأبشع ما قيل في مجرى انتفاضة ديسمبر
- السودان: مسألة الحرب والاقتصاد لدى أرجوزات المجلس السيادي
- هل يكون السودان مقرا للقيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا ( ...
- الحكم الانتقالي يواصل تسهيل إحكام سيطرة مصر على السودان
- الازمة الاقتصادية الرأسمالية جراء الكوفيد 19
- ممارسة التضليل حول علاقة فيتنام بالبنك الدولي (1-2)
- الانتخابات الامريكية: دستور 1789 على المحك
- السياسة والجيش في المملكة العربية السعودية
- السودان-الدولة الكتشنرية: مسارها ومشروع وصاية بعثة يونبيمس(N ...
- الفهم المبتذل لقضية تطبيع السودان مع إسرائيل
- صفقة القرن وتجديد الحلم الإسرائيلي القديم
- السودان: فتح نيران جائرة على لجان المقاومة
- السودان: حمدوك عالق على الجانب الخطأ من التاريخ
- السودان : مهزلة حميدتى
- الثورات والأناشيد
- إلى البرهان: إذا كنت وطنيا، أسحب الجنود السودانيين من اليمن
- السودان: لا لعبد الفتاح البرهان عبد الرحمن (برهانى)


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمود محمد ياسين - السودان: الجيش وحرب الفشقة والبيان الفضيحة