أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمود محمد ياسين - ممارسة التضليل حول علاقة فيتنام بالبنك الدولي (1-2)















المزيد.....

ممارسة التضليل حول علاقة فيتنام بالبنك الدولي (1-2)


محمود محمد ياسين
(Mahmoud Yassin)


الحوار المتمدن-العدد: 6759 - 2020 / 12 / 12 - 21:31
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


كشف اللقاء التلفزيوني الذي تم مع رئيس مجلس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك في نهاية شهر نوفمبر المنصرم (29/11) عن العيب المزمن الذي تعاني منه مثل هذه اللقاءات المتمثل في مجافاة الأسئلة لحقائق الواقع. فاللقاء وإجاباته التي يبدو انها كانت معدة سلفا، لم يتناول وضع السودان المازوم الذي يجسده:

-ضعف وعمالة النظام الانتقالي الحاكم الذي جاء للسلطة عقب الإطاحة بنظام الإسلاميين في 2019. وهذا الضعف تستغله الدول الغربية وبعض البلدان الخليجية عبر مخابراتها وسفاراتها لإحداث الاضطرابات بغرض تحقيق أطماعها في البلاد.
- تأسيس قاعدة عسكرية (روسية ذات قدرات نووية) على شواطئ البحر الأحمر بالسودان واقامة قاعدة برنيس العسكرية المصرية على بعد مائتي متر من منطقة حلايب وشلاتين السودانية. وتعتبر برنيس أكبر قاعدة عسكرية بحرية في أفريقيا.
-استفحال أزمة الحكم (الازمة الدستورية).
-انهيار الاقتصاد الوطني والتدهور المروع للوضع المعيشي للمواطنين.
-ملكية المؤسسة العسكرية، بشكل غير مبرر على جزء كبير من النشاط الاقتصادي والاحتفاظ بالعائدات المجنية في حالة الصادر في حسابات سويسرية (عائدات لحوم مصدرة والطيران المدني). هذه العائدات لا تدخل خزينة الدولة.
-التنكيل بالمعارضين للحكم القائم.
-انتشار الأوبئة والامراض وضآلة البنية التحتية الصحية.
-الوضع المأساوي للنازحين خارجيا والمشردين داخليا.
- تآكل النظام التعليمي.

لا نهدف من هذه الكلمة التعرض المفصل لما دار في اللقاء المار ذكره، بل التعليق على جزئية تتعلق بإجابة رئيس الوزراء على سؤال التنمية الاقتصادية. فحول هذا الموضوع تحدث رئيس الوزراء عن مجرد "أحلامه" في تحقيق التنمية وان المشكلة التي ظل يواجهها هي الدمار الذي سببه النظام السابق. كما دافع رئيس الوزراء عن الدور الحاسم للمساعدات التي تقدمها مؤسسات التمويل العالمية في اسماه "بعبور" السودان. والجزئية التي نريد التعليق عليها هنا هي رهان رئيس الوزراء على المساعدات المالية للبنك الدولي ودعوته لاستلهام تجربة دولة فيتنام مع المؤسسة العالمية في مضمار النهضة الاقتصادية. وقبل التعليق على ما نود التحدث فيه نشير الى أن تعلل رئيس الوزراء بالأحلام وترديد شعار "العبور" الفارغ وتحدى التركة الثقيلة الموروثة من النظام السابق لو ذُكرت لمحاور مقتدر لجعلته يثير ربما أكثر من سؤال متابعة (follow-questions)، منها على سبيل المثال: ماذا عن التدهور الرهيب الاقتصادي الذي تسبب فيه الحكم الحالي نفسه؟ ماذا عن الأموال الكبيرة، من مصادر محلية وخارجية، التي فقدت خلال الحكم الحالي ولا يعرف أحد مصيرها أو أي حسابات وضعت فيها؟ الخ، الخ.

دعي رئيس الوزراء الى الاحتذاء بفيتنام التي ضخَّمَ دور المساعدات المالية للبنك في تنمية مقدراتها الاقتصادية؛ لكن الخفة التي يُطلق بها مثل هذا الزعم لا تصدر الا عن فكر عاجز لا يأبه بحقائق الواقع ويحذو، في خمول ذهني (intellectual lethargy)، حذو التفكير السطحي الدارج في مثل هذه المسائل. فالتفكير الدارج البسيط يعتقد أن البنك الدولي يهدف حقيقة لتحقيق التنمية في البلدان الفقيرة؛ الا أن السياسات والبرامج، التي يضعها البنك الدولي للدول الفقيرة بغرض تأهيلها المسبق لإقراضها، تهدف لإذلال واضعاف هذه الدول ومن ثم اخضاعها لصالح راس المال العالمي (الأمريكي والأوربي الغربي على وجه الخصوص). ان البنك الدولي يسلب الدول الفقيرة سيادتها ويتحكم في أبسط خياراتها المتعلقة بنفقاتها العامة بفرض سياسات خاصة برفع الدعم عن المحروقات والسلع الأساسية كالخبز وتعويم العملة.

ان البنك الدولي صار مؤسسة ائتمانية عالمية عظمى تلعب دورا في المسار الاقتصادي للدول الفقيرة يكاد يكون قريبا من الوصاية (Trusteeship) ويتم هذا بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي الذي يهتم بقضايا الاقتصاد الكلى؛ فتقييم العمليات البنكية التي يقوم بها البنك تعتمد على التقييمات الاقتصادية التي يجريها الصندوق في البلدان الأعضاء.

وكشف دور البنك الدولي في تحويل البلدان الفقيرة لبلدان تابعة خاضعة لإرادة ومنفعة الدول الرأسمالية الكبرى يتم من داخل هذه المؤسسة نفسها في شكل دراسات يقوم بها بعض موظفي البنك؛ ومن هذه المواقف هو ما قامت به الاقتصادية الامريكية بيني جولدبيرج (penny Goldberg) من خلال عملها في وظيفة كبيرة اقتصادي البنك الدولي (Chief economist). وجولدبيرج قدمت استقالتها بعد خمس عشر شهر من عملها في البنك في اعقاب اعدادها لدراسة تبين فيها بشكل مثبت أن كبار مسؤولي الدول المتلقية لمساعدات البنك يحولون جزءا من المبالغ المستلمة لحساباتهم المصرفية خارج بلدانهم. وهكذا يحّول البنك هؤلاء المسؤولين لأدوات تضع قرار دولها السياسي والاقتصادي رهن المؤسسات التمويل العالمية.
والدراسة تحمل عنوان” استيلاء النخب على المساعدات الدولية: أدلة من حسابات بنوك الملاذات الضريبية“ – Elite Capture of Foreign Aid: Evidence from Offshore Bank Accounts.

اُعدت الدراسة المذكورة في فبراير 2020 بواسطة فريق من الاقتصاديين العالميين كلفتهم جولدبيرج للقيام بهذا الغرض تحت اشرافها. وتكتم البنك على الدراسة لفترة قبل ان يذعن وينشرها كورقة عمل (working paper) بعد ان تسربت ونشرت في بعض الصحف والوسائط الإلكترونية العالمية. ووفق الدراسة فان جزءا من الأموال التي يمنحها البنك الدولي يتم تحويلها لحسابات خاصة بكبار مسؤولي الدول المستفيدة من مساعدات البنك وقيمة كل دفعة من الأموال المسروقة تحسب كنسبة محددة من قيمة المعونات المالية ونسبتها للدخل القومي؛ فكلما زادت نسبة المعونات للدخل القومي زاد استنزاف الأموال وتحويلها الى حسابات في الملاذات الضريبية (Tax havens)؛ والملاذات هي الأكثر سرية التي توجد في سويسرا ولوكسمبورج وسنغافورة وجزر كايمان. وبينما يبلغ متوسط الاستنزاف 7.5%، فان النسبة قد تصل الى 15% عندما تمثل نسبة المعونات 3% أو أكثر من الدخل القومي.

ورغما عن حقيقة البنك الدولي كذراع لخدمة مصالح راس المال العالمي يقول د. حمدوك " أنه لا مخاوف من روشتة البنك الدولي وان السودان سيعمل على وصفة تُناسب أوضاعه لتتماشى مؤسسات التمويل الدولية مع رؤيتنا!!" وعدم "مخاوفه" من روشتة البنك الدولي، جعلت حمدوك ينصاع لوصفة البنك الدولي وينفذ معظم مكوناتها بصورة لم تحدث في البلاد من قبل ويبدو انه لم يتفكر في انتفاضة 2013 الرافضة لرفع الدعم من قبل حكومة الاسلاميين المبادة التي أراقت حينها دماء المئات من المواطنين المنتفضين.

ٳن مساعدات البنك الدولي ليست بقرة حلوبا للسياسيين المتنفذين في الدول الفقيرة فحسب بل هي أداة لتكريس الواقع المتخلف لهذه الدول حيث تتضور الشعوب من الجوع ويموت افرادها من الامراض والقهر؛ وقطعا فان هؤلاء السياسيين لا يستبصرون في السلبية التي تركتها تدخلات البنك الدولي في معظم الدول الفقيرة.

(يتبع)



#محمود_محمد_ياسين (هاشتاغ)       Mahmoud_Yassin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتخابات الامريكية: دستور 1789 على المحك
- السياسة والجيش في المملكة العربية السعودية
- السودان-الدولة الكتشنرية: مسارها ومشروع وصاية بعثة يونبيمس(N ...
- الفهم المبتذل لقضية تطبيع السودان مع إسرائيل
- صفقة القرن وتجديد الحلم الإسرائيلي القديم
- السودان: فتح نيران جائرة على لجان المقاومة
- السودان: حمدوك عالق على الجانب الخطأ من التاريخ
- السودان : مهزلة حميدتى
- الثورات والأناشيد
- إلى البرهان: إذا كنت وطنيا، أسحب الجنود السودانيين من اليمن
- السودان: لا لعبد الفتاح البرهان عبد الرحمن (برهانى)
- السودان- إنتفاضة ديسمبر وأشباح الماضى
- السودان: انتفاضة 19 ديسمبر وحدود الإنجاز
- السودان: الطريق إلى انتفاضة 19 ديسمبر وصانعة الملوك
- لماركسية والموقف من البرلمانية: الذنب ليس ذنب لينين!!
- مقتل خاشقجى: إفلاس الإسلام السياسى وسطوة الأوليجاركية الأمري ...
- كندا: حدود الرأسمالية في التطور التكنولوجي
- روضة الحاج والتجريد في - المجرم الحقيقى هو النيل!-
- كلمة في رحيل المفكر المصرى سمير امين
- توجهات مجموعة السبع وماذا تعد لافريقيا


المزيد.....




- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمود محمد ياسين - ممارسة التضليل حول علاقة فيتنام بالبنك الدولي (1-2)