أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد حمدان - تقاطعات بين الأديان 21 إشكاليات الرسل والأنبياء 6 يعقوب















المزيد.....



تقاطعات بين الأديان 21 إشكاليات الرسل والأنبياء 6 يعقوب


عبد المجيد حمدان

الحوار المتمدن-العدد: 6948 - 2021 / 7 / 4 - 11:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تقاطعات بين الأديان
21
إشكاليات الرسل والأنبياء
6
يعقوب


….. ويعقوب ، مثل جده إبراهيم ، وأبيه إسحق ، حظي بحفاوة كبيرة ، بِتبجيل وتقديس كبيرين في الكتب المقدسة ؛ التوراة والقرآن . حفاوة جاءت على شكل ذكر متكرر ، تبجيل متصل ، واحترام عميق ، في سلسلة من السور ، الإصحاحات والآيات ، وَليعاود القارئ السؤال : هل تمتع هذا النبي بصفات ، بأخلاقيات ، بِقيم وفضائل عليا ، ألزمت الرب بإفراد هذه المساحات له في الكتابين المقدسين ؟
لمحاولة الإجابة تعالوا نطالع الكتابين . لكن ، ولأن الإبن سر أبيه ، تعالوا نبدأ مع يعقوب كما فعلنا مع أبيه إسحق ، أي من القرآن .
1
ورد ذكر يعقوب ، أي باسمه الصريح ، يعقوب ، في عشر سور هي : البقرة ، آل عمران ، النساء ، الأنعام ، هود ، يوسف ، مريم ، الأنبياء ، العنكبوت ، وسورة ص ، وفي ستة عشر موضعا ، أو آية . وورد ذكره باسمه الآخر ، إسرائيل في سورتين وآيتين ، وذكر بني إسرائيل في 43 موضعاً ، ولأن الأخير ، أي بني إسرائيل ، خارج نطاق الحلقة ، فَسندعه إلى حين .
إذاً ، وَلوضع القارئ في صورة حفاوة القرآن بيعقوب سألجأ لعرض الآيات التي احتفت به وباسمه الصريح ، يعقوب ، لِأعقبها بآيات اسمه الآخر ، إسرائيل .
ونبدأ مع سورة البقرة :
{ ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون } 132.
{ أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحق إلها واحدا ونحن له مسلمون } 133.
{ قولوا آمنا بالله وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وَإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون } .
{ أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون } 140
ومع آل عمران :
{ قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون } 84
و سورة النساء :
{ إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا } 163
2
هنا وقبل إكمال سرد مواضع ذكر يعقوب صريحا ، تفرض ملاحظة نفسها علينا . ملاحظة تدعونا لأن نتوقف قليلا عند ثلاث آيات من الآيات السالفة هي : 136 البقرة ، 84 آل عمران ، 163 النساء . فيها نلاحظ هذا التطابق الحرفي في النص . تطابق لا يضيره استبدال قولوا بقل في الآيتين 136 و84 ، ولا حذف ما أوتي السابقة للنبيين في الآية 84 . استبدال وحذف لا يلحق أدنى مس بالمعنى . كما نلاحظ أن الآية 163 من سورة النساء ، بالرغم من تبديل ما أنزل بِأوحينا احتفظت بذات معنى الآيتين السابقتين ، دون إضافة أو نقصان .
السؤال هنا لا يتعلق بالحكمة من تفريق ثلاث آيات بذات النص على ثلاث سور ، دون أية إضافة لما تحمله هذه الآيات من معنى . السؤال هو : لأننا نعرف أن القرآن هو الكتاب الذي أنزل على النبي محمد . والقرآن هو ما أوحي به إلى محمد ، فهل نفهم من الآيات أن كتبا سماوية ، مماثلة للقرآن ، نزلت على إبراهيم ، على إسماعيل ، على إِسحق ، على يعقوب ، على الأسباط ، على النبيين ، ومماثلة لما أوتي موسى وعيسى ؟
وإذا كان ذلك كذلك فما هي أسماء هذه الكتب ، خصوصا والآية 163 تذكر أن اسم كتاب داود هو الزَّابور والذي قال عنه الشراح والمفسرون أنه سفر المزامير في العهد القديم ؟ ولأننا نعرف أن التنزيل اختص الرسل ، فهل كان كل هؤلاء الأنبياء ، والأسباط من بينهم ، رسلا ولمن ؟ والأهم هل ضاعت كتبهم ؟ ولماذا لم يحفظها الله كما حفظ القرآن ؟
3
وبعد الملاحظة تعالوا نكمل سرد المواضع - الآيات - التي ورد فيها اسم يعقوب صريحا .
الأنعام :
{ ووهبنا له إسحق ويعقوب كلاً هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين } . 84
هود :
{ وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحق ومن وراء إسحق يعقوب } . 71
يوسف :
{ واتبعتُ ملة آبائي إبراهيم وإسحق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون } 38
{ وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وَإسحق إن ربك عليم حكيم } 60
{ ولما دخل من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من الله من شيء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها وإنه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس لا يعلمون } . 68
مريم :
{ يرثني ويرث آل يعقوب واجعله ربي رضيا } . 6
{ فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحق ويعقوب وكلاً جعلنا نبيا } . 49
الأنبياء :
{ ووهبنا له إسحق ويعقوب نافلة وكلاً جعلنا صالحين } . 72
العنكبوت :
ووهبنا له إسحق ويعقوب وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين } . 27
ص :
{ واذكر عبادنا إبراهيم وَإسحق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار } . 45

4

وننتقل إلى السور والآيات التي ورد فيها ذكر يعقوب باسمه الآخر ؛ إسرائيل . ورد ذكر إسرائيل في سورتي مريم وآل عمران ، وفي الآيتين :
{ أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا } . مريم 58
{ كل الطعام كان حلا على بني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فَآتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين } آل عمران 93
وأعيد القول ورد ذكر بني إسرائيل في واحد وأربعين موضعا ، وذكر يعقوب ضمنا ، أو مستترا ، في عشرات المواضع الأخرى . ولكن ، ولأن موضوعات بني إسرائيل ، وموضوعات المواضع الضمنية ، تقع خارج نطاق البحث الخاص بهذه الحلقة ، فقد ارتأينا عدم التعرض لها الآن .
والآن ، تعيدنا حفاوة القرآن بيعقوب من جديد إلى السؤال : هل تمتع هذا النبي بصفات ، بأخلاقيات ، بِقيم ، أوجبت على القرآن منحه كل هذه الحفاوة ؟
الآيات ، كما نرى شديدة الإيجاز ، وهي لذلك لا تقدم جوابا شافيا على سؤالنا . وبدورهم ، لا يقدم الشراح والمفسرون في الأدبيات الإسلامية مثل هذا الجواب . أولا لالتزامهم بوصف النبي له بالكريم ، في الحديث الذي رواه البخاري عن وصف النبي ليوسف بأنه الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ، وثانيا لأن إيجاز الآيات لا يترك لهم مجالا غير إطلاق العنان لخيالهم في تقرير سمو الأخلاق ، ورفعة الصفات .. إلخ ، وثالثا لأن مرجعيتهم الأساسية في البحث عن هذه الصفات هي التوراة التي لجأوا إلى تفنيد رواياتها بدل الغوص في قراءة وتحليل سَردياتها ، وهو ما نستطيعه نحن .
5
مع التوراة
وبالانتقال إلى التوراة يمكننا القول بداية دون لجوء إلى شطط ، أو تعمد الوقوع في خطأ ، أن تصنيف حكايات سيرة يعقوب في التوراة تندرج تحت مصنفات اللامعقول . كل ما فيها مناف للمنطق البسيط قبل العقل . من هنا يمكن النظر إليها ، كَحدوثة ، كخرافة ، وحتى كَحكاية من حكايات أدب اللامعقول . كيف ؟
تطالعنا بداية حكاية يعقوب في الإصحاح الخامس والعشرون من سفر التكوين ، ومن الآية 21 .، وكما يلي : " وصلى إسحق إلى الرب لأجل امرأته لأنها كانت عاقرا . فاستجاب له الرب فحبلت رفقة امرأته 21 وتزاحم الولدان في بطنها . فقالت إن كان هكذا فلماذا أنا . فمضت لتسأل الرب 22 فقال لها الرب في بطنك أمتان . ومن أحشائك يفترق شعبان . شعب يقوى على شعب وكبير يُستعبد لِصغير 23 " .
ولا يتوقف اللامعقول هنا عند أن رفقة كَلمت الله ، وأن الله أخبرها بمشيئته وإرادته ، وجعل الجنينين دَائمي العراك في بطنها . من البدء ميز بينهما . ميز الصغير على الكبير ، وقرر أن يكون الكبير ونسله عبيدا للصغير ونسله . لماذا قرار الرب بعبودية شقيق لشقيقه ونسل الأول لنسل الثاني ، سؤال لا يسأل . فقط هي إرادة الرب . لكل هذا حكم اللامعقول بناء الحكاية كلها ، تحقيقا لهذه المشيئة .
أول لبنة في بناء اللامعقول هذا جاءت في الآية 24 . نصت :" فلما كملت أيامها لتلد إذا في بطنها توأمان 24 فخرج الأول أحمر . كله كفروة شعر فدعوا اسمه عيسو 25 وبعد ذلك خرج أخوه ويده قابضة بعقب عيسو فدعي اسمه يعقوب . وكان إِسحق ابن ستين سنة لما ولدتهما 26 " .
قبل المضي في سرد حكاية يعقوب ، أنبه إلى ضرورة عدم الانتباه للتضاد والضعف الشديد في بناء الحكاية ، كما تظهره الفقرتان هاتان .
تمضي الحكاية ليس فقط في عرض لامعقولية صفات التوائم ، ولكن ببدء مسيرة الأم في تحقيق مشيئة الرب . المسيرة التي لا تجانب العقل والمعقول فقط ، وإنما ترتكز ، وتستمد كل قوتها من الاعتماد على القيم الفاسدة ، والتي يبدو أنها السبيل الوحيد لتحقيق مشيئة الرب هذه .
كيف ؟
الجواب في الآيات اللاحقة والتي نصها :" فكبر الغلامان وكان عيسو إنسانا يعرف الصيد إنسان البرية ويعقوب إنسانا كاملا يسكن الخيام 27 فأحب إسحق عيسو لأن في فمه صيدا وأما رفقة فكانت تحب يعقوب 28 " .
أسرة نبي ، لها ولدان توأم . الطبيعة السوية تفرض أن يُعاملهما ، يحبهما الأبوان بالتساوي . لا تمييز ، ولا احتضان لواحد على حساب الآخر . لكن أسرة النبوة هذه كان لها شأن آخر ، كشأن أسرة أبيها إبراهيم . ميز طرفاها بين ولديهما . انحاز الأب لواحد وَانحازت الأم للآخر . والتنزيل ساير هذا الانحياز بوصف أحدهما بإنسان البرية ووصف الآخر بالإنسان الكامل .
أهمية هذا التمييز تعلن عن نفسها في الفقرات التالية .
الإنسان الكامل استغل إعياء أخيه وإشرافه على الموت ، وبدل أن يسارع ، كأي أخ ، لمساعدته ساومه على حياته . وبماذا ؟ بقطعة خبز وصحن عدس . ولأي غرض ؟ لِيختطف منه البكورة . كيف ؟
" وطبخ يعقوب طبيخا فأتى عيسو من الحقل وقد أعيا 29 فقال عيسو ليعقوب أطعمني من الأحمر لأني قد أعييت لذلك دعي اسمه أدوم 30 فقال يعقوب بعني اليوم بكوريتك 31 فقال عيسو ها أنا ماضٍ إلى الموت فلماذا لي بكورية 32 فقال يعقوب احلف لي اليوم . فحلف له . فباع بكوريته ليعقوب .33 فأعطى يعقوب عيسو خبزا وطبيخ عدس . فأكل وشرب وقام ومضى . فَاحتقر عيسو البكورية 34 " .
ولم يكتف هذا النبي باستغلال ضعف شقيقه ومساومته على البكورية . لجأ إلى الابتزاز . دفع شقيقه إلى دعم التنازل بحلف اليمين . وبهذه الخسة نجح يعقوب في سرقة بكورية أخيه التوأم . والسؤال غير المسموح للمؤمن بطرحه : هل هناك انتهازية ، خسة ونذالة أكبر من هذه ؟ خسة ونذالة يطالعنا بها نبي ليس كأي نبي . بل نبي يقيم الرب عهدا معه ، ويصفه آخر الأنبياء والرسل بالكريم ابن الكريم ؟
ويا ريت أن أخلاقيات هذا النبي وقفت عند هذا الحد . كيف ؟
6
لم يكتف يعقوب بسرقة بكورية أخيه . وضع مع أمه مخطط احتيال على أبيه ، الذي كان قد أصابه العمى ، كأحد أمراض الشيخوخة ، لسرقة البركة التي كان الأب قد أعلن أنه سَيمنحها لذلك الشقيق .
الإصحاح السابع والعشرون ، وعلى طول آياته أل 46 ، يعرض لنا هذا المخطط ، والذي تتناوب حبكته بين الاحتيال على ، وخداع الأب الضرير ، وبين استخدام كل وسائل وأدوات الغش والتزوير المتوفرة في ذلك الوقت . صحيح أن الحِيَل ، الخديعة ، ومعهما أدوات الغش لم تنطل على الأب ، لكن الأب ، وحفاظا على نقاوة الدم لنسله ، ينفذ المخطط ، يقر بِ ، ويثبت سرقة يعقوب الثانية لحقوق أخيه . يمنح يعقوب الغشاش المتحايل البركة ، ويعلن غضبه على ابنه الضحية . لماذا وكيف ؟
لأن طول الإصحاح يجعل من غير الممكن نقل آياته كلها ، سأحاول ، تعويضا ، عرض ملخص واف لها .
يبدأ الإصحاح بحديث لِلأب مع ابنه البكر عيسو . يعلمه بأنه يستشعر قرب وفاته ، وأنه يريد استباق الأجل بمباركته . يطلب منه أن يخرج للصيد ، وأن يصنع له من صيده الطعام الذي يحبه ، كي تطيب نفسه ويباركه قبل أن يموت .
سمعت الأم حديث الأب . استغلت خروج ابنها البكر لحياكة مؤامرة مع ابنها المدلل ، يعقوب . تخوف يعقوب من احتمالية كشف أبيه لِملعوب أمه ، وبالتالي أن ينال لعنة بديلا للبركة . طمأنته الأم . طلبت أن يترك التدبير لها وأن ينفذ كامل طلباتها .
طلبت أن يأتيها بجديين سمينين من غنمه ، لتصنع منهما طعاما للأب بالصورة التي يحب . ذكرها يعقوب بأن الأب قد يعرفه من صوته ورائحته ، ومن ملمسه ، وهو الأملس مقابل أخيه الأشعر . طمأنته قائله : دع ذلك عليَّ .
بعد تجهيز الطعام أَلبسته ثياب أخيه . وغطت يديه وعنقه بِجلد الجديين . حمل الطعام ودخل على أبيه . سأل الأب : من هذا ؟ رد يعقوب : " أنا عيسو بكرك قد فعلت كما كلمتني . قم اجلس وكل من صيدي لكي تباركني نفسك " . لم تنطل الكذبة على الأب . عرف أنه يعقوب من صوته . سأل متشككا : " ما هذا الذي أَسرعتَ لتجد يا ابني " . رد يعقوب مواصلا الكذب :" إن الرب إلهك يسر لي " الآية 19 . طلب الأب اقترابه كي يتحسسه ويشمه . " فتقدم يعقوب إِلى إسحق أبيه . فجسه وقال الصوت صوت يعقوب ولكن اليدين يدا عيسو" الآية 21 .
من غير المعقول أن نبيا مثل إسحق ، عاش العمر مع الغنم ، لم يميز بين ملمس شعر الغنم وملمس شعر ابنه ، ولم يميز رائحة جلدي الجديين اللذين ما زالا طريين .
قدم يعقوب الأكل لأبيه فأكل ، وَأحضر له خمرا فشرب . الآية 25 . وقال الأب :" تقدم وقبلني يا ابني 26 فتقدم يعقوب وقبل أباه . شمَّ الأب رائحة ثياب عيسو ، ولم يشم رائحة جلدي الجديين ، وباركه .
7
هنا ليسمح لي القارئ بوقفة قصيرة عند المباركة ونصها التالي : " فتقدم - يعقوب - وقبله . فشم رائحة ثيابه وباركه . وقال انظر . رائحة ابني كرائحة حقل قد باركه الرب 27 فليعطك الله من ندى السماء ومن دسم الأرض وكثرة حنطة وخمر 28 لِيُستعبَدَ لك شعوب وتسجد لك قبائل . كن سيدا لإخوتك وليسجد لك بنو أبيك . ليكن لاعنوك ملعونين ومباركوك مباركين " 29
منطقي ، مفهوم ومقبول أن يطلب النبي من الرب إكثار الخير لابنه . لكن ظل يستوقفني ، منذ نوح فصاعدا ، تكرار طلب الرسل والأنبياء استعباد الشعوب لأبنائهم المختارين . طلب إيقاع هذا الظلم الأبشع في تاريخ البشرية كله . والأغرب والأنكى أن نبيا واحدا أو رسولا واحدا لم يشذ عن هذه القاعدة ، ولم تخطر بباله المطالبة بوقف هذا الظلم الأَفدح ، ومرة أخرى في التاريخ كله . وأكثر من ذلك ظل الرب يواصل الاستجابة لهذا الطلب العجيب . ويتواصل قفز الأسئلة : هل لم يعرف الرب فداحة وبشاعة ظلم العبودية حتى ظل يستجيب لأنبيائه ورسله بإيقاعها على الشعوب الأخرى ؟ والسؤال الأهم : إذاً ، وبناءً عليه : من الذي يشرع للبشرية ؟ هل هم الأنبياء ، وبالأحرى الناس ، البشر ، المجتمعات ، أم الرب ؟
8
ونعود لإكمال حكاية سرقة البركة هذه .
بعد فوز يعقوب وأمه باقتناص البركة ، عاد عيسو من الصيد . عمل الأكل لأبيه كما يحب ، حمله ودخل عليه ، يطلب منه القيام كي يأكل ، لتطيب نفسه ، ويباركه ، كما سبق ووعد .
فوجئ الأب . سأل ابنه من أنت . قال : أنا عيسو ابنك البكر . ارتعد الأب وسأل : من الذي اصطاد صيدا وأتى به إلي فأكلت وَباركته ؟ وأقر الأب أن الأخ الأصغر ، يعقوب قد جاء بمكر ، وأخذ بركة أخيه . لكن ، وبدل أن يسحب هذه البركة من المحتال ، الماكر والمخادع ، أكدها قائلا : " نعم ويكون مباركا " الآية 33
. أسقط في يد عيسو . صرخ ملتاعا . توسل لأبيه أن يباركه هو الآخر . رفض الأب . سأل الملتاع :" ألك بركة واحدة فقط يا أبي . باركني أنا أيضا يا أبي ورفع عيسو صوته وبكى " 38 . تصاعد غضب الأب . رد قائلا : " هوذا بلا دسم الأرض يكون مسكنك وبلا ندى السماء من فوق 39 وبسيفك تعيش وَلأخيك تُستعبد ولكن يكون حين تجمح أنك تكسر نيره عن عنقك 40 " .
ويا لها من عدالة يطبقها هذا الأب النبي الكريم بين ابنيه التوأمين .
لم تنته حكاية اللامعقول عند هذا الحد . فالابن المكلوم ، عيسو ، في لحظة الإحباط هذه ، توعد شقيقه بالقتل بعد رحيل الأب . سمعت الأم وعيد ابنها . وبدل أن تحادثه ، تحاول تطييب خاطره ، تهدئة غضبه ، بعث حنيته على أخيه ، بدل ذلك ، نقلت التهديد لابنها المدلل ، وأشارت عليه الغياب من وجه أخيه بالذهاب إلى أرض خاله في حاران . ولم تكتف بهذا . أقنعت الأب بأن يأمر يعقوب بالاستجابة لنصيحة الأم ، ولكي يبتعد عن احتمالية مخالطة أهل البلاد ، ويتزوج بنتاً من ذوات الدم النقي ، وليس كما فعل عيسو الذي تزوج بنتين منهما . الزَّوجتان اللتان جلبتا المرارة لها وللأب أيضا .
هنا تنفك عقدة حكاية اللامعقول هذه . الأصل أن الأب شارك في كل عمليات الاحتيال ، الخداع ، المكر ، الغش ، والتي استهدفت تنحية صاحب الحق ، وتنصيب المخاتل ، الغشاش ، المحتال ، الماكر ، بديلا له ، لا لشيء إلا لحفظ نقاوة دم السلالة المباركة من أن يلوثها دم أهل البلاد .
ونختم حكاية اللامعقول بهذه الطرفة :
" وقالت رفقة لِإسحق مللت حياتي من أجل بنات حث . إن كان يعقوب يأخذ زوجة من بنات حث فلماذا لي حياة " 46
أوصى إسحق ابنه يعقوب بأن لا يأخذ له زوجة من بنات كنعان ، وأن يأخذ هذه الزوجة من بنات فدان آرام ، أي من بني جلدته ، ضمانا لِنقاوة الدم . سمع عيسو بوصية أبيه . عرف أن بنات كنعان شريرات في نظر أمه وأبيه . فماذا فعل ؟ لم يطلق زوجتيه . ولكنه ذهب لعند عمه إسماعيل وأخذ ابنته محلة زوجة على نسائه الآية 8 الإصحاح الثامن والعشرون . ولأنه أضاف تلويثا جديدا للدم النقي ، لم يسترد لا عطف أمه ولا رضى أبيه ، أي طلع نَقبه على شونة كما يقول إخوتنا المصريون . ولكن ….
9
ولكن ، ولأن من شب على شيء شاب عليه ، كما يقول مثلنا الشعبي ، واصل يعقوب طرق الاحتيال ، الخداع ، الغش ، مطورا إياها لابتكارات جديدة . كيف ؟
نزولا على نصيحة أمه ، ورغبة أبيه ، يحكي الإصحاح الثامن والعشرون أن يعقوب خرج من بئر سبع متجها إلى حاران . ولما أدركه الليل اضطر للمبيت في مكان . احتار حجرا وضعه تحت رأسه . وفي نومه رأى حلما . ولأن العهدة على الراوي ، روى يعقوب حلمه . قال أنه رأى سُلماً منصوبا على الأرض وَرأسه يمس السماء وَملائكة الله صاعدة ونازلة عليها الآية 12 " وهوذا الرب واقف عليها فقال أنا الرب إله إبراهيم أبيك وإله إسحق . الأرض التي أنت مضطجع عليها أعطيها لك ولنسلك 13 ويكون نسلك كتراب الأرض . وتمتد غربا وشرقا وشمالا وجنوبا ويتبارك فيك وفي نسلك جميع قبائل الأرض 14 وها أنا معك وأحفظك حيثما تذهب وأردك إلى هذه الأرض لأني لا أتركك حتى أفعل ما كلمتك به 15 " .
يمكن للمرء أن يتقبل فكرة أن شخصا يستشعر الوِحدة ، يستوحش الليل ومخاطره ، يأتيه مثل هكذا حلم . لكن أن يتم تصوير هذا الحلم على أنه الحقيقة المطلقة ، وأنه حكم من الله ، مشيئة الله وإرادته ، فهو حكاية من حكايات اللامعقول . خصوصا وأن التالي يشرح ويفصل .
تقول الآيات التالية أن يعقوب ، بعد صحوه ، استشعر رهبة المكان ، لكونه بيت الله وفوقه باب السماء . فماذا فعل ؟
أقام الحجر الذي وضعه تحت رأسه عمودا وصب زيتا على رَأسه . عرف أنه في جوار مدينة لَوَز الكنعانية ، فحول إسمها إلى بيت إيل . أي بيت الرب .
يجدر بنا التذكير هنا أن إيل ، الرب ، أو الله ، هو كبير مجمع آلهة الكنعانيين . تذكير يتبعه سؤال ، كنا أشرنا إليه في حلقتي إبراهيم ولوط . سؤال يقول : من كان بالضبط إله إبراهيم ولوط وَإسحق ؟
الجواب يقدمه يعقوب في التالي :
" ونذر يعقوب نذرا قائلا إن كان الله معي وحفظني في هذا الطريق الذي أنا سائر فيه وأعطاني خبزا لآكل وثيابا لألبس 20 ورجعت بسلام إلى بيت أبي يكون الرب لي إلها 21 وهذا الحجر الذي أقمته يكون بيت الله وكل ما تعطيني فإني أعشره لك 22" .
في ظني أن هذه الآية ، وتلك التي سبقتها ، لا تحتاج إلى شرح . هي واضحة وناطقة بشرحها . ويعقوب فيها يعترف صراحة بأن الرب ، الله ، الإله إيل ، كبير مجمع آلهة الكنعانيين ، هو إله آبائه إبراهيم وَإسحق
. ليس السؤال هنا من كان إله يعقوب قبل رؤيته هذا الحلم ؟ وليس السؤال عن اشتراط يعقوب اتخاذ هذا الرب إلها له بعد ثبوت وفاء هذا الرب بالعهود التي قطعها له حسب نص الآيات . السؤال هو : هل هناك تدليس ، كذب أحقر وأكبر من أن رب الكنعانيين تجلى ليعقوب ، لا لشيء إلا لِيعلن تخليه عن شعبه ، وليقطع ليعقوب وعداً ويبرم معه عهدا بأن يعطيه ونسله أرض شعبه الأَصلاني الكنعاني ، جائزة ربما ، لِنذالته في سرقة بركة شقيقه ، السرقة التي ألجأته لبدء طريق الغربة هذه ؟
ولكن طريق الخداع كان ما زال في بدايته . كيف ؟
10
يخبرنا الإصحاح التاسع والعشرون أن يعقوب ، بعد ذلك الحلم - الرؤية - تابع طريقه نحو الشرق . وتصادف وصوله إلى حقل فيه بئر ماء وحوله ثلاثة قطعان من الماشية . سأل الرعاة لماذا لا يباشرون سقاية غنمهم ، فردوا بأنهم ينتظرون بقية الرعاة كي يتمكنوا ، بجمع قواهم ، من إزاحة الحجر الكبير الذي يسد فم البئر . سألهم عن اسم المنطقة ، فقالوا أنها حاران . هنا سألهم إن كانوا يعرفون خاله لابان بن ناحور . ردوا بالإيجاب ، وأشاروا إلى بنت قادمة بغنمها بأنها ابنته ، وأن اسمها راحيل .
قدم يعقوب نفسه لراحيل ، معرفا إياها بأنه ابن عمتها رفقة ، وأنها ابنة خاله . بعدها تقدم لِلحجر الذي يسد فم البئر ، أَزاحه وسقى غَنمها .
ملاحظة : هذه الحادثة ستتكرر مع نبي الله موسى ، مع تغيير بسيط ، في سيناء ، كما سنرى في حلقة قادمة .
رحب لابان بابن أخته يعقوب . ولأن يعقوب أحب راحيل من النظرة الأولى ، وافق أن يشتغل عند خاله ، راعيا لِغنمه ، سبع سنين مقابل تزويجه راحيل .
انقضت السنين ، وَصبيحة العرس اكتشف أن خاله خدعه . زوجه ابنته الكبرى ليئة ، ضعيفة النظر ، وغير الجميلة ، بدل راحيل . وردا على عتابه ، قال الخال أن تقاليدهم تمنع تزويج الصغرى قبل الكبرى . وأنه إن أراد راحيل فَسيزوجه إياها بعد أسبوع مقابل عمل سبع سنين أخريات ، وهكذا كان .
بقية الإصحاح تحكي فتح الرب رحم ليئة غير المحبوبة ، وخلفتها لأربعة أولاد ، في وقت أغلق فيه رحم راحيل الحبيبة التي كانت عاقرا .
وينقلنا الإصحاح الثلاثون إلى حروب الغيرة والمكايدة التي اشتعلت بين الأختين الضرتين . الحروب التي بدأتها راحيل .
والملفت للنظر اندماج هذا النبي في حروب الغيرة والمكايدة هذه .
أشارت راحيل على يعقوب أن يتزوج خادمتها بلهة ، كي ترزق هي منها أبناء . ولدت بلهة ابنا ، ولتعلن راحيل أن الرب سمع صوتها وأعطاها ابنا . ثم ولدت بلهة ابنا ثانيا ، لترد ليئة التي كانت قد توقفت عن الخلفة بتزويجه خادمتها زلفة ، والتي هي الأخرى ولدت له ابنين . ثم ينفتح رحما ليئة وراحيل بولادة الأولى لابنين وابنة واحدة ، وولادة الثانية لاِبن هو يوسف ، وَلتعقبه بعد سنوات عدة بابن آخر، تموت ساعة ولادته ، وهو بنيامين ، وَليصبح المجموع من زوجاته الأربعة اثنا عشر ابنا وبنتا واحدة اسمها دِينة .
توقف الإصحاح وبدءا من الآية 25عن متابعة حروب الغيرة والمكايدة بين زوجاته الأربعة ومشاركة الأبناء فيها ، ليعود بنا إلى ممارسات الاحتيال والخداع التي كانت غنم خاله موضوعها هذه المرة. كيف ؟
11
تقول الآية 25 أن يعقوب أعلم خاله بنيته العودة إلى دياره ، لكنه اختلف مع خاله على تقييم أجرته . الخلاف هذا دفعه إلى اللجوء لِلحيلة .
كانت الغنم ، الماعز وَالضان هي ثروة لابان التي رعاها ونماها يعقوب . اقترح يعقوب على خاله فرز الشياه المخططة والبلقاء والخرفان السوداء وقسمتها بينهما مناصفة ، فيما تبقى الأخرى ملكا للخال وحده ، وما يوجد منها بين غنم يعقوب يعتبر مسروقا .
قبل الخال الاقتراح ، وبعد إتمام عملية الفرز والقسمة دفع الخال بحصته من الغنم البلقاء والمخططة إلى بنيه .
استمر يعقوب ، إلى جانب رعاية غنمه ، في رعاية باقي غنم خاله وتنميتها ست سنوات أخرى . هنا لجأ يعقوب إلى حيلته المضحكة ، مع بدء موسم العشار - وقت أن تتوحم الشياه حسب وصف الإصحاح - . حيلة تتحكم في نوع الغنم المولودة ، وتجعل كل غنم خاله القوية تلد جِداء رقطاء ، بَلقاء ومخططة ، وَحملاناً سوداء ، تكون له حسب الاتفاق . وبعد انقضاء مدة الاتفاق :" اتسع الرجل كثيرا جدا وكان له غنم كثير وجوارٍ وعبيد وجمال وحمير " 42
يبدأ الإصحاح الواحد والثلاثون القول بأن أبناء لابان اكتشفوا خدعة يعقوب التي مكنته من سرقة ثروة أبيهم . صارحوا أباهم بالأمر . لاحظ يعقوب تغير وجه خاله معه . هنا يتفاجأ القارئ بظهور الرب لحماية يعقوب ، وَللاحتفاظ بغنيمة الخداع والتحايل على خاله وحميه :" وقال الرب ليعقوب إرجع إلى أرض آبائك وإلى عشيرتك وأكون معك " الآية 3 .
كما ويفاجئنا الإصحاح أن تدخل الرب ، وليس حيلة يعقوب التي وصفناها بِالمضحكة ، هو من أثمر فعل الخديعة . ذلك أن حيلة يعقوب ، كما تقول الآية 37 من الإصحاح 30 ، تمثلت في أنه كان يأتي بقضبان من أغصان شجر اللبنى ، اللوز والدلب ، يقشر لِحاءها على شكل سيور ، ثم يغرسها في الأجران ، وفي مجاري المياه ، لتكون هذه القضبان المخططة وَالمرقطة أمام عيون الغنم وقت وحامها . وبهذه الحيلة تلد الغنم جِداء مخططة وَمرقطة يضمها إلى قطعانه ، تنفيذا للاتفاق .
لكن يعقوب ، وهو يشرح لِزوجتيه ؛ ليئه وراحيل ، مبررات قراره بالعودة إلى أرض آبائه وعشيرته ، وظلم أبيهما له في موضوع أجرته ، اعترف لهما بالتالي : " أنتما تعلمان أنني بكل قوة خدمت أباكما 6 وأما أبوكما فغدر بي وغَيَّر أجرتي عشر مرات . لكن الله لم يسمح له أن يصنع بي شرا 7 إن قال هكذا الرقط تكون أُجرتك ولدت كل الغنم رقطا 8 وإن قال هكذا المخططة تكون أُجرتك ولدت كل الغنم مخططة . فقد سلب الله مواشي أبيكما وأعطاني 9 وحدث في وقت توحم الغنم أني رفعت عيني ونظرت في حلم وإذا الفحول الصاعدة على الغنم مخططة ورقطاء ومنمرة 10 وقال لي ملاك الله في الحلم يا يعقوب فقلت هأنذا 11 فقال ارفع عينيك وانظر ، جميع الفحول الصاعدة على الغنم مخططة رَقطاء وَمنمرة لأني قد رأيت كل ما يصنع بك لابان 12 أنا إله بيت إِيل حيث مسحت عمودا ، حيث نذرت لي نذرا . الآن قم أُخرج من هذه الأرض وارجع إلى أرض ميلادك 13 " .
وهنا لا يحق للمتدين المؤمن أن يسأل : كيف نقرأ ونصنف مثل هذا الكلام ؟ أليس هذا تدليسا وقحا ، وَكذبا مفضوحا ؟
وكان جواب الزوجتين الأختين هو الآخر مدعاة للدهشة . قالتا : " فأجابت راحيل وليئة وقالتا له أَلنا نصيب وميراث في بيت أبينا 14 أَلم نُحسب منه أجنبيتين لأنه باعنا وقد أكل أيضا ثَمننا 15 إن كل الغنى الذي سلبه الله من أبينا هو لنا ولأولادنا والآن كل ما قال لك الله إفعل 16 " .
واحترت بمَ أعلق على هذا الجواب ، ولم أجد خيرا من القول الشعبي الدارج : " فعلا عيلة متعوب عليها "
12
ثم يمضي الإصحاح ، بدءا من الآية 17، في سرد هرب يعقوب من أرض حاله وحميه لابان ، متوجها إلى أرض كنعان - بلغة الإصحاح - .
وكان أن عرف لابان بالهرب بعد مضي ثلاثة أيام . وعرف أنه ، بالإضافة لسرقة مواشيه ، قد تمت سرقة آلهته . لَحق لابان ، مصحوبا بِإخوته وأبنائه ، بظعن يعقوب وأدركه بعد سبعة أيام . لكن :" وأتى الله إِلى لابان في حلم الليل وقال له احترز من أن تكلم يعقوب بخير أو شر 24 " .
وأخيرا ، بعد نصب خِيامهما ، تقابلا . وأخذ لابان يعاتب يعقوب :" وقال لابان ليعقوب ماذا فعلتَ وقد خدعتَ قلبي وسقت بناتي كسبايا السيف 26 لماذا هربت خفية وخدعتني ولم تخبرني حتى أُشيعك بالفرح والأغاني بالدف والعود 27 ولم تدعني أقبل بني وبناتي . الآن بغباوة فعلت 28 في قدرة يدي أن أصنع بكم شرا . ولكن إله أبيكم كلمني البارحة قائلا احترز من أن تكلم يعقوب بخير أو شر 29 " .
أكثر ما يلفت الانتباه في هذا العتاب خاتمته . قال لابان :" والآن أنت اشتقت إلى بيت أبيك ، ولكن لماذا سرقت آلهتي 30 " .
يقول الإصحاح أن راحيل ، قبل بدء رحلة الهرب ، استغلت غياب أبيها وسرقت آلهته ، ودون معرفة يعقوب .
إذاً ، وردا على عتاب لابان ، برر يعقوب هربه بخوفه من أن يمنع لابان بناته من المسير معه . ورفض تهمة سرقة الآلهة أو أي شيء من ممتلكات بيت لابان ، ثم منحه إِذنا بتفتيش الأمتعة كلها .
بدأ لابان بخباء يعقوب ، فَخباء ليئة ، ثم خباء الخادمتين ، وأخيرا جاء دور خباء راحيل .
يقول الإصحاح أن راحيل كانت قد وضعت أصنام أبيها في حداجة جمل وجلست عليها ، واعتذرت لأبيها عن القيام أمامه لأن عليها عادة النساء .
ولأن لابان لم يجد أصنامه ، فقد بدا أنه اتهم يعقوب تعسفا ، الأمر الذي أتاح ليعقوب ، ليس فقط تبرير سرقاته ، بل وأن يرد عليه باتهامات قاسية ، ختمها بالقول : " لولا أن إله أَبي ، إله إبراهيم وهيبة إسحق كان معي لكنت الآن قد صرفتني فارغا . مَشقتي وتعب يدي قد نظر الله فَوبخك البارحة 42 " .
كثيرة هي النقاط المثيرة للتساؤل في موضوعي الهرب والمجابهة هذين ، وإن كان أقلها إثارة موضوع جهوزية الرب للتدخل وإنقاذ هذا النبي من وَرطاته . ومثله موضوع التعريف بإله يعقوب وبدينه . الأكثر إثارة للتساؤل هو موضوع ضمان العرق ، أو نقاوة الدم ، أو : من يتقدم على الآخر في موضوع ضمانة نقاء العرق ، العنصر ، الدم ، عند هذا النبي ، وعند آبائه قبله : رابطة الدم أم رابطة الدين ؟
الآيات تحكي بوضوح لا يحتمل أي تأويل ، أن لابان وعشيرته ، وبالتالي بناته وأخته رفقة ، أم يعقوب قبلهم ، كانوا على دين وثني يعبدون الأصنام ، وأن كبير آلهتهم لم يكن إله إبراهيم وإسحق ، وأن يعقوب لم يكن يدين بدين آبائه ، والدليل شديد الوضوح في حكاية الحلم بالسلم المنصوب بين الأرض والسماء ، ونص الآيات ؛ 20 ، 21 ، 22 من الإصحاح الثامن والعشرون ، ونذر يعقوب باتباع هذا الإله في حال الوفاء بعهوده له . وَلنصل إلى السؤال الأهم : لو كان أمر دينه غير ذلك فكيف لهذا النبي أن يتزوج ممن لا يُدِنَّ بدينه ؟ وهل جذبهن إلى دينه فيما بعد أم بقين على دينهنَّ الوثني ؟ الأمر الذي يطرح سؤالا جديدا : على أي دين ينشأ ، يتَرعرع ، ويكبر الأولاد ؟
قد يقول واحد ، كما نشأ وترعرع وكبر يعقوب ،حيث كانت الأم وثنية ، ينشأ ويكبر أولاده أيضا .
لكن ، وبحثا عن جواب غير متسرع دعونا نتابع .
13
يحكي الإصحاح الثاني والثلاثون أن يعقوب التقى ملائكة الرب أول ما حطت قدمه في أرض كنعان . لكن ، وعلى النقيض مما يفترض أن يبعثه لقاء جيش الرب هذا من طمأنينة في نفسه ، تبدت ذكرى غَدره بِأخيه عيسو ، وسرقته بكوريته وَبركته .
حكت ثلاث وعشرون آية عن خوفه من مواجهة شقيقه ، وانشغاله في أمري إنقاذ بنيه وثروته من جهة ، والتزلف لأخيه ، رشوته وامتصاص نقمته من جهة أخرى . ولكن ..
ولكن بعد أن هداه تفكيره بتوزيع ثروته وركبه إلى قطعات ، لضمان نجاة واحدة منها ، إن قضى غضب أخيه على الأخريات ، وبعد أن هداه تفكيره إلى الانفصال عن زوجاته وبنيه ، وعن المجموعات ، والبيات وحيدا يصارع خوفه وقلقه ، حدث ما لم يكن في الحسبان .
يفاجئنا الإصحاح ، بدءا بالآية 24 ، وبدون أية مقدمات ، بالآتي : " فبقي يعقوب وحده . وصارعه إنسان حتى طلوع الفجر 24 ولما رأى أنه لا يقدر عليه ضرب حق فخذه . فانخلع حق فخذ يعقوب في مصارعته معه 25 وقال أطلقني فقد طلع الفجر . فقال لا أطلقك إن لم تباركني 26 فقال له ما اسمك .فقال يعقوب 27 لا يدعى اسمك فيما بعد يعقوب بل إسرائيل . لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت 28 " .
بقية الإصحاح تحكي أن يعقوب سأل الرب عن اسمه فلم يجبه ولكنه باركه . وأن يعقوب دعا اسم المكان فنيئيل ، أو فنوئيل . لماذا ؟ " لأني نظرت الله وجها لوجه ونجيت نفسي "الآية 30
ولا يحق للمؤمن أن يسأل : تحت أي تصنيف يمكن وضع هذه الحكاية ؟
يعقوب الخائف جدا ، بلغة الإصحاح ، من أخيه ، اللائذ إلى الوحدة في ظلمة الليل هربا من مواجهة أخيه ، هذا الهارب الخائف المرعوب ، يصارع الله طوال الليل ، والله لا يقدر عليه . والله ، وكأنه فرانكشتاين ، يخاف ضوء الشمس ، يرجو يعقوب لإطلاقه مع طلوع الفجر ، ويعقوب الذي أدرك خوف الرب من الضوء لا يقبل . يبتز الرب لمباركته . والرب ، بعد فشل محاولته لِلإفلات بِضرب حُقْ فخذ يعقوب ، ينزل على ابتزاز يعقوب ، يباركه ويعطيه اسما جديدا هو إسرائيل ، لِيُذَكِّر الكل أنه هو هذا الذي صارع الله طوال الليل وغلبه . ولا نسأل عن ماهية هذا الرب ، الله ، عن قدراته اللامحدودة ،وهو يفشل في مصارعة هو المبادر لها ، ومع إنسان هو خالقه ؟
ونعود للسؤال ، بعد التذكير بأن الحكاية هي رواية شخص عزله الخوف من مواجهة أخيه ، حكاية لا دليل عليها ولا شهود ، للسؤال :تحت أي مصنف يمكن لعاقل وضع هذه الحكاية التي حرم بنو إسرائيل أكل لحم الفخذ بسببها ؟ هل تحت مصنف الفشر ؟ أم نكتفي بالمثل الحكمة : " ما أكذب من شاب تغرب إلا شايب ضاعت أجياله " .
14
إذاً ، سنكتفي بهذا المثل الحكمة ، لأن التكملة فيها من الطرافة ما يزكي هذه الكفاية وأكثر . كيف ؟
يشرح لنا الإصحاح الثالث والثلاثون جوهر هذه الكفاية . ولأنه قصير ، سألجأ إلى إكثار الاقتباس ، في محاولة لمنح القارئ فرص الاستمتاع بما تشتمل عليه من طرافة .
يبدأ الإصحاح بذكر خروج يعقوب من وحدته بعد مصارعة الرب ، واللقاء مع أخيه وجها لوجه . يقول : " ورفع يعقوب عينيه ونظر وإذا عيسو مقبل ومعه أربعمائة رجل . فَقسم الأولاد على ليئة وعلى راحيل وعلى الجاريتين 1 ووضع الجاريتين وأولادهما أولا وليئة وأولادها وراءهم .وراحيل ويوسف وراءهم 2."
هنا يرى القارئ أن التمييز يسري في هذا النبي مسرى الدم .
" وأما هو فاجتاز قدامهم وسجد إلى الأرض سبع مرات حتى اقترب إلى أخيه 3 فركض عيسو للقائه وعانقه ووقع على عنقه وقبله وبكى 4 ثم رفع عينيه وأبصر النساء والأولاد وقال ما هؤلاء منك .فقال الأولاد الذين أنعم الله بهم على عبدك 5 فاقتربت الجَاريتان هما وأولادهما وسجدتا 6 ثم اقتربت ليئة وأولادها وسجدوا . وبعد ذلك اقترب يوسف وراحيل وَسجدوا 7 " .
وبعد هذه الشهامة من عيسو ، ومنها رفضه الهدايا التي كان يعقوب قد أعدها بغية استعطافه ، الشهامة التي فوجئ بها يعقوب ، واصل يعقوب عروض النفاق ، التذلل والاستعطاف ، والإلحاح بقبول الهدايا . رد عيسو :" فقال عيسو لي كثير . يا أخي ليكن لك الذي لك 9 فقال يعقوب لا . إن وجدتُ نعمة في عينيك تأخذ هديتي من يدي . لأني رأيت وجهك كما يُرى وجه الله فرضيتَ علي 10 " .
واصل يعقوب إلحاحه وقبل عيسو الهدية . وردا على عروض عيسو مرافقته أصر يعقوب على مواصلة المسير وحده . افترقا . عاد عيسو إلى سعير ، وتوجه يعقوب نحو الشمال ، ليستقر في النهاية في حقل أمام شَكيم - نابلس .
هنا يفاجئنا الإصحاح بالجواب على السؤال عن إله يعقوب . جواب واضح ، حاسم وقاطع . تقول الآيتان 19 و20 الآتي :" وابتاع قطعة الحقل التي نصب فيها خيمته من يد حمور أبي شكيم بمئة قسيطة 19 وأقام هناك مذبحا ودعاه إيل إله إسرائيل " 20 .
وبالرغم من قطع جهيرة هنا لِقول كل خطيب ، بالتعريف بإله يعقوب ، إلا أن الفصل القادم من إقامته أمام شكيم ، يأبى إلا أن يعرفنا على صفة جديدة من صفات هذا النبي . صفة تفوق كثيرا ما عايشنا من صفاته الأخرى . صفة الغدر .
15
إذاً ، وبعد استقرار يعقوب في حقله أمام شكيم ، رأت ابنته الوحيدة دينة ، من زوجته ليئة ، أن تخرج للتعرف على بنات المنطقة ، حسبما يطالعنا الإصحاح الرابع والثلاثون . لكن تصادف أن رأها شكيم ابن حمور الحوي ملك المدينة ، أو رئيس الأرض بلغة الإصحاح . أخذها شكيم واغتصبها . لكنه وقع في حبها . حكى شكيم لأبيه عما حدث وعن حبه للفتاة ، وطلب أن يَأخذها زوجة له .
ذهب الأب حمور أبو شكيم ، ملك المدينة ، إلى يعقوب الذي كان قد عرف ، وأعلم أَبناءه ، بعد عودتهم بما حدث . طلب حمور يد ابنة يعقوب قائلا : " وتكلم حمور معهم قائلا . شكيم ابني قد تعلقت نفسه بابنتكم أعطونا إياها زوجة 9 وَصاهرونا . تُعطوننا بناتكم وَتأخذون لكم بناتنا وتسكنون معنا وتكون الأرض قدامكم . اسكنوا واتجروا فيها وتملكوا بها 10 ثم قال شكيم لِأبيها وَلإخوتها دعوني أجد نعمة في أعينكم فالذي تقولون لي أعطي 11 كثروا علي جدا مهرا وعطية . فأعطي كما تقولون لي وأعطوني الفتاة زوجة 1 2 " .
رد يعقوب وأبناؤه على طلب حمور وابنه بمكر ، أي اتفقوا على عمل خدعة يعقبها عملية غدر تغسل عار ما سموه تنجيس ابنتهم . وجاءت الخديعة كما يلي :
" فقالوا لهما لا نستطيع أن نفعل هذا الأمر . أن نعطي أختنا لرجل أغلف لأنه عار لنا 14 غير أننا بهذا نُواتيكم . إن صرتم مثلنا بختنكم كل ذكر 15 نعطيكم بناتنا ونأخذ لنا بناتكم ونسكن معكم ونصير شعبا واحدا 16 وإن لم تسمعوا لنا أن تَختتنوا نأخذ ابنتنا ونمشي 17 " .
وافق حمور وابنه بطيبة وبراءة بَلغتا أقصى حدود السذاجة على طلب يعقوب وأبنائه ، وسارع شكيم الذي فرح بالموافقة إلى الاخْتتان . أما الأب ، حمور ، فجمع أهل المدينة ، عرض عليهم الأمر وأخذ منهم الموافقة . وهكذا تم خَتن كل ذكور المدينة .
في اليوم الثالث حان موعد تنفيذ عملية الغدر . كيف ؟
" فحدث في اليوم الثالث إذ كانوا متوجعين أن ابني يعقوب شمعون ولاوي أخوي دينة أَخذا كل واحد سيفه وَأتيا على المدينة بأمن وقتلا كل ذكر 25 وقتلا حمور وشكيم ابنه بحد السيف وَأخذا دينة من بيت شكيم وَخرجا 26 ثم أتى بنو يعقوب على القتلى ونهبوا المدينة لأنهم نجسوا أختهم 27 غنمهم وَبقرهم وحميرهم وكل ما في المدينة وكل ما في الحقل أخذوه 28 وسبوا ونهبوا كل ثروتهم وكل أطفالهم ونسائهم وكل ما في البيوت 29 " .
بعد إتمام المذبحة ذكر يعقوب أبناءه أنهم بما فعلوا استعدوا كل أهل المنطقة ، الكنعانيين والفرزيين ، وأنهم ، لقلة عددهم ، سَيتعرضون للإبادة في حال اجتماع كل هؤلاء على حربهم .
هنا ، ويا للعجب ، تدخل الرب لحماية يعقوب وعائلته وَللإفلات من عواقب جريمتهم . أمرهم بالرحيل إلى بيت إيل ، المكان الأول الذي تجلى فيه ليعقوب . قبل الرحيل أمر يعقوب بنيه بعزل آلهتهم الغريبة ، أي أصنامهم . سلموه الأصنام والأقراط التي في آذانهم ، قام بدفنها تحت بطمة أمام شكيم ، وأتموا الرحيل . ومن جديد تدخل الرب بأن بسط خوفه على أهل المنطقة ، وحيث أقعدهم هذا الخوف عن ملاحقة قتلة أهل شكيم .
إذاً ، الآن ، ومن جديد نعاود القول أن ليس من حق المؤمن أن يتساءل : هل معقول أن يبلغ الخبث بنبي درجة أن يحبك خديعة على هذه الدرجة الكريهة من القذارة ؟ صحيح أن من حق هذا النبي أن يفكر في الانتقام لانتهاك شرف ابنته . لكن أن يكون الانتقام من المعتدي ، بالرغم من أنه ، وأبوه جاءا عارضين التكفير عن خطيئتهم . كما ليس من حق هذا المؤمن أن يتساءل : هل يعقل أن يبلغ الحقد ، أن تدفع شهية الانتقام بنبي لارتكاب جريمة إبادة بالغة الوحشية لأناس كانوا على درجات من الطيبة ، البراءة والطهارة ، وصلت أقصى حدود السذاجة ، دون وازع من ضمير أو رادع من خلق ؟ وفوق كل هذا يتدخل الرب لضمان إفلات المجرمين بجرائمهم .
16
خاتمة
ولا تكتمل سيرة يعقوب والتعريف بصفاته دون التطرق لمؤامرة بنيه على ابنه الأثير يوسف . لكنني رأيت تأجيل عرض المؤامرة ودوره فيها ، ومن ثم استكمال عرض صفاته إلى الحلقتين التاليتين ، وَالخاصتين بالأسباط ويوسف . وَلنختم بالإشارة إلى حقيقة أن المؤمن لا يملك حق التساؤل : ما دام يعقوب كان على كل هذه الصفات المناقضة لما اتفقت البشرية على توصيفه بالفضيلة والأخلاق الحسنة ، فلماذا إذن عمدت الكتب المقدسة ؛ القرآن والتوراة إلى كل هذا التبجيل والتقديس لشخصه وَلأفعاله ؟ ولماذا يعمد الشراح ، المفسرون ، والمفكرون المسلمون إلى بذل كل هذه الجهود في تجميل سيرته ورفض ونقض ما ثبتته التوراة من صفاته ؟ يجتهدون ويفعلون ذلك بالرغم من اعتمادهم حكاياتها العارضة لهذا الصفات مرجعية لِداراساتهم وأبحاثهم ؟
محاولات الإجابة أتركها لكم .



#عبد_المجيد_حمدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقاطعات بين الأديان 20 غشكاليات الرسل والأنبياء 5 إسحق
- تقاطعات بين الأديان 19 إشكاليات الرسل والأنبياء 4 لوط
- تقاطعات بين الأديان 18 ، إشكاليات الرسل والأنبياء 3 إبراهيم
- تقاطعات بين الأديان 17 إشكاليات الرسل والأنبياء 2
- تقاطعات بين الأديان 16 إشكاليات الرسل والأنبياء 1
- يا مثقفي التنوير اتحدوا
- تقاطعات بين الأديان 15 الحكمة والحكماء
- تقاطعات بين الأديان 14العادل المعذب ....صبر أيوب
- تقاطعات بين الأديان 13 الصعود إلى السماء
- تقاطعات بين الأديان 12 الروح والموت
- تقاطعات بين الأديان 11 المرأة في روايات الخلق
- تقاطعات بين الأديان 10 غايات الآلهة من خلق الإنسان
- تقاطعات بين الأديان 9 خلق الإنسان
- تقاطعات بين الأديان 8 قراءة في رواية حلق الكون القرآنية
- حدود الدولة
- تقاطعات بين الأديان 7 قراءة في روايات خلق الكون
- تقاطعات بين الأديان 6 نظرية الخلق 1 خلق الكون
- تقاطعات بين الأديان 5 قراءة مقارنة في روايات الطوفان
- تقاطعات بين الأديان 4 الطوفان
- في البحث عن الأمل والسقوط في الأحضان االقاتلة


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد حمدان - تقاطعات بين الأديان 21 إشكاليات الرسل والأنبياء 6 يعقوب