أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلمى الخوري - ماما هذولة الكفار ؟















المزيد.....

ماما هذولة الكفار ؟


سلمى الخوري

الحوار المتمدن-العدد: 6920 - 2021 / 6 / 6 - 01:31
المحور: الادب والفن
    


كانت الساعة السادسة والنصف مساءً رن جرس التلفون ، أسرعت لأرد على الهاتف وكان صوتاً
ناعماً يرد علي :-
- مساء الخير
- أجبتها مساء النور
- لربما الوقت متأخر بندائي هذا ولكن لي طلب عندك .
- أجبت ما هو ؟
- ردت ، أطلب منك طلباً ، فغداً هو عيد رمضان المبارك ، وزوجي سافر خارج البلد ، وبناتي الثلاثة
يودنّ قص شعرهن للعيد غداً ، وأنا طلبت من جارنا أن يتفضل علينا بنقلنا بسيارته الى بيتك حتى
تقصين شعرهن ، فأنا لا أسوق .
- أجبتها يا عزيزتي كما ذكرتي فالوقت متأخر بالنسبة لي حيث أنا الآن منشغلة بإعداد العشاء لعائلتي .
- أرجوك ففرحة البنات في العيد لن تكتمل إذا لم أُلبي طلبهن كي يستمتعوا بالعيد .
وشعرت بشعور الأم وهي تستميت لإدخال الفرح الى قلوب أطفالها بمناسبة العيد ، ووجدت نفسي
أطمئنها وأنا في انتظار مجيئها لتجلب أطفالها لأقوم بقص وترتيب شعرهن .
كانت الساعة الثامنة والنصف مساءً لما رن جرس الباب وأسرعت لفتحه لهن وكن ثلاث بنات مع
والدتهن ، كبراهن على ما يبدوا لي هي في السابعة من العمر، وكانت الأم ترتدي النقاب مع قفازان
سوداوان يغطيان كفيها ، سرت بهما الى المكان المخصص للقيام بقص شعرهن ، وجهت سؤالي الى
البنات الثلاث من منكن تريد أن ابدأ معها ؟
- أجابت الطفلة الوسطى بسرعة " أنا "
- قلت لها تبدين ذكية ، ما هو عمرك ؟
- أجابت خمس سنوات .
أجلستها الى الكرسي المخصص مقابل المرآة لأبدأ بترتيب شعرها الذي كان طوله الى كتفيها ،
وفرحتْ بالعمل والشكل الذي أرادته ، وبعدما انتهت ، سالت من هي التالية التي تريد قص شعرها ؟
أجابت الكبيرة " أنا " .
وأبتدات بقص شعرها حسب طلبها ، وأثناء أنشغالي بشعر الطفلة الأكبر ، أخذت الطفلة الوسطى مكاناً
للجلوس مقابل الحائط الذي كان معلقاً عليه صليب صغير ، توسعت عينا الطفلة الوسطى وهي تنظر
الى هذا الصليب ، ثم توجهت الى أمها بسؤال ،
- ماما هم هذولة الكفار ...؟؟
ألتفت الى جهة الأم لأرى بماذا ستجيب ، ورأيت عمق الحرج الذي بدا على محياها لهذا السؤال الذي
وضعها في موقف لا تستطيع الرد .
أدرت وجهي الى الطفلة السائلة ووجهي عليه أبتسامة عريضة ، وسألتها
- من أعلمك أننا كفار ؟؟
ظلت ساكتة ولم تجب على سؤالي لأنها لمحت على وجه أمها الدهشة والحرج لسؤال ليس في وقته ولا
في مكانه . واكملتُ أستفساري منها بطريقة فيها شيئاً من الدعابة لكي أخفف عن الحرج الذي سيطر
على الأم من هذا السؤال ، هل هي ماما التي قالت لك أن الصليب هو رمز الكفار ؟
لا البنت أجابت على السؤال ولا أمها .
أستمريت بعملي في قص شعر الأبنة الكبرى ومن ثم الصغرى والتي عمرها الثلاث سنوات ، وبعد الأنتهاء
من هذا العمل الذي أنجزته لهن بكل الوّد وحب واحترام ، تركوا المكان بعد الساعة التاسعة والنصف
مساءً ، وهذا لم أكن أعمله لولا رغبتي الصادقة في إدخال الفرح الى قلوب الصغيرات بمناسبة عيدهن .
وبعد تركهن المكان راجعت مع نفسي اللحظة والموقف الصعب الذي واجهته الأم ، فلقد تعرفت عليها
سابقاً قبل بضعة شهور لما كانت جاءتني سابقاً مع جارتها لتقص شعرها وهذا العمل كنت أمارسه في
البيت فقط للنساء والأطفال وفي حينها عرفت منها أنها من أصل سوري ، ووالدها طبيب يعمل في السعودية
ولما كان عمرها 17 سنة تزوجت الى صديق العائلة ، وهو أيضاً طبيب وانجبت منه ثلاث فتيات والعائلة
الآن في لندن حيث جاء والدهم ليكمل تخصصه في أحد التخصصات الطبية .
* السؤال المحير هنا ، ينظرون الى الأناس الذين يطلقون عليهم صفة الكفار ، وحسب عقيدتهم ورجال دينهم
الذين يعظونهم بأن لا يتعاملوا مع من يطلقون عليهم الكفار ، وها هم يجدون أنفسهم انهم أحوج ما
يكونوا الى أن يسيروا حياتهم من خلال خبرات وابتكارات وعلوم وتكنولوجيا وكل مظاهر التقدم الحضاري
في مجالات الحياة المعاصرة ، هي من أجتهادات الذين يطلقون عليهم صفة الكفار . فكل الغرب والشرق
الأقصى وغيرهم أدهشوا العالم بما لم يستطيعه هولاء الذين يدّعون أنهم يعرفون الطريق الى الله عن طريق
ذم الغير والأنتقاص من معتقداتهم وطرق حياتهم ، يصفون انفسهم أنهم الأعلون ويدافعون عن معتقدهم
الذي هو الأفضل حسب أيمانهم ، ويعرفون طريقهم الى ربهم عن طريق ممارسة التقية والنفاق والشعور
بالفوقية وقتل وذبح الكثير من الناس التي لا توافق معتقدهم . معتقداتهم مبنية على الحلال والحرام
والتي ليس بالضرورة تخدم الأنسانية ، حياتهم وطرقهم لا تتوافق أبداً مع التقدم الحضاري والعلمي والأنسانيات .
التمسك بالدين وكراهية الآخر ، ولو قارنا بين من يطلقون عليهم الكفار ، وبين هذه المجموعات التي
تؤمن بدينها الذي يامرها بقتل الكفار .
- "فإذا أنسلخ الأشهر الحرم فأقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم وأحصروهم وأقعدوا لهم كل مرصد"
سورة التوبة - آية 4
" فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون " سورة التوبة آية 12

ونرى من يُطلق عليهم صفة الكفار يمارسون كل المقومات الأنسانية لمساعدة وقبول المهاجرين من مناطق
الحروب والنار والفقر والجوع والجهل والتمييز العنصري والديني والقومي ، يقبلهم الكفار في بلادهم
على الرحب والسعة ، ويمنحونهم كل الحقوق الإنسانية التي يملكها أبناء البلد أي المواطنين الأصليين
ويحتضنوهم في بلادهم متساوين في كامل الحقوق والواجبات من دون تمييز او تفريق بين هذا أو ذاك ،
وله كامل كرامته وحقوقه بغض النظر عن جنسيته أو لونه أو لغته أو معتقده ، وله حقوق مصانة تمنحه
حرية التعبير عن رأيه والدفاع عن كامل حقوقه الدستورية حسب نظام البلد .
أين أنتم أيها البشر الذين تتهمون الغير بالكفر ، وممارسة الكفر هو واضح وشائع في أفعالكم وقوانين
بلادكم التي تنكرون فيها التاريخ للقوميات التي عاشت قبلكم في نفس البلد وليس لهم الحق في أخذ مواقع
حساسة في الدولة لأن معتقدهم ليس نفس معتقد الدولة الرسمي ، أو تأريخه القومي ولغته القومية الخاصة
به .
* ليتكم أيها المجموعة المتخلفة عن ركب الأنسانية أن تفهموا أن حق الإنسان في عقيدته حق إنساني
ما دام لا يضر أو يؤذي ، فالضمير الإنساني هو الأعلى والأقوم من الكثير من المعتقدات التي يداخلنا
الشك في صدقيتها أوعموم إنسانيتها ، ونخاف السيف وقطع الرقاب في حالة التصريح بما نراه أو نلمسه ،
لا مُعتنِِق هذه العقيدة له الحق في انتقاد عقيدتِه ، ولا أصحاب العقائد الأخرى والتي لا تضر ولا تأمر بالقتل
والعقاب ، يُسمح لها بالنقاش وقول الحق عن ما لا يتوافقون مع معناه وصلاحيته لنشر العدالة والمساوات
بين البشر وأعتبار أصحاب العقائد الأخرى هم مواطنين من الدرجة الثانية وهم أقليات ، لماذا ؟؟؟؟ لماذا ؟؟؟؟



#سلمى_الخوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القفص الزوجي
- القتل الأهوج
- أنكتة هي ؟
- أنا والله
- خيبة أمل
- واعجبي
- صانع الأقدار
- التجربة
- القمر شاهد
- لا أحد يطالك
- هولاء نجومي
- القدر
- حاكمي الصغير قد كبر
- لماذا نتصرف كدكتاتوريون
- العلاقة البنوية - الخوف من الأعتراف
- تربية الأبناء
- البيانو الصغير
- عالم الأطفال
- مسيرة حياة
- أحشمة هي ! ؟


المزيد.....




- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...
- الغاوون,قصيدة عارفة للشاعر:علاء شعبان الخطيب تغنيها الفنانة( ...
- شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و ...
- في وداعها الأخير
- ماريو فارغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
- عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني ...
- شعراء أرادوا أن يغيروا العالم


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلمى الخوري - ماما هذولة الكفار ؟