أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فاتن نور - للعاطلين عن العمل..منبر مفخخ















المزيد.....

للعاطلين عن العمل..منبر مفخخ


فاتن نور

الحوار المتمدن-العدد: 1634 - 2006 / 8 / 6 - 09:57
المحور: كتابات ساخرة
    


في باكورة صباح ثقيل...
تفقد مجنون الحي مظهره امام مرآة..فوجد نفسه مؤهلا لإنجاز المهمة!..
..تفقد عاقل في الحي حقيبته فوجد انه قد فلح في ترتيبها وحشوها بكل مفيد.. طلّ على مرآته فخجل،لم يكن بتلك الوجاهة يوم زفافه،زفر زفرتين ثم تعطر من عنق زجاجة نادرة ،ومضى لإنجاز المهمة!...

عشية الصباح التالي....

لم يندهش العاقل وقد رأى المجنون كعادته وهو يقوم ببعض البهلوانيات في الحي.. صاح به ملاطفا ومداعبا عله يمرر بعضا من الإحباط الذي اصابه بعد المهمة :
ايها المجنون مالذي تفعله هناك، لقد كسيت جدران الحي بملصقات بيضاء فارغة..
هرش المجنون ظهره واستدار ناحية العاقل قائلا:
هل مررت بقطة بيضاء! أنظر، لصقت كل قطط الحي على الجدران وغدا سنلقي لهن بالقمامة..
تمتم العاقل بضحكة فاترة: سمراء!. هكذا سنراها غدا بغبرة البصرة وقيظها.. ثم رفع صوته متسائلا...هل تختبر الجو ايها الأشعث الوسيم..أم تراك مهووسا بالثغرات الناصعة..
تقدم منه المجنون بعد ان اكمل لصق ما بجعبته من ورق سميك وسأل بشغف: هل اختبرت ذلك المبنى صباح البارحة..ماذا اختلست من هناك..رأيتك مهرولا بحقيبة..هل اختلست مايكفي من قمامة لتدلقها على قططي تلك الملتصقة بالجدران..
نفث العاقل حسرة طويلة فقد باءت مهمة الأمس بالفشل،بل بركلة ساحقة.. فبعد مقابلة لم تطل رغم كل المحاولات سوى بضع دقائق معدودات، لوظيفة شاغرة كان قد تقدم بمؤهلاته لإشغالها، طرد من المبنى وكأنه دخيل متطفل..أنسته معاناته في الحصول على عمل بأنه امام مجنون ليس إلا، فراح يستشيره تاره ويثرثر تاره بما يحمله من هموم:
هل تعرف يا هذا ما تطلبه تلك النخبة المتسلطة...انا من يمتلك كل المؤهلات المطلوبة،فتحت لهم حقيبتي وبسطت على المنضدة امامهم شهادتي الإكاديمية في حقل الإختصاص المعلن عنه..شهادة حسن سير وسلوك..شهادات فخرية..أوراقي الثبوتية..مؤهلاتي اللغوية بوثائق مختومة،فصاحة موثوقة لا مثيل لها بلغة الضاد مثلما أرادوا،طلاقة شكسبيرية تلوي السنة الجبابرة وكما افصحوا،مالذي تبغيه تلك النخبة المشعوذة كي اخرج بوظيفة..
اصدر المجنون بضع همهمات ذات رذاذ متطاير.. بصق خلفه ثم استدار ليجلس على حافة الرصيف محدقا بعاقل الحي ......
..بعد فترة صمت وتحديق....
بدى وجه المجنون مكفهرا وقد اعتلته نوبة جنونية/جنوبية حادة جعلته يقفز باسطا يديه نحو الأفق وكأنه ينتظر شيئا ما سيهبط بين كفيه،هرول الى الأمام ثم عاد مذعورا..هرول يمينا ثم يسارا ثم قفزعلى هيكل متفحم لسيارة كانت قد فجرت قبل يومين وراح يخطب كعادته.....

ومن غيري...انا الملك القادم...هلموا يا مرازيب الأرض.. اجيبوني
...كم من الدبابير في عين الشمس ...
كم هزلت أرض الشقاق في ليلة سعد..
.. خنقوا كل القطط..... هجروا الحقل وشيعوا الأوز والبط
شردوا الألوان، ذبحوا قوس قزح، واغرقوا زرقة الماء في الشط..
نبشوا الطرقات بصقيع رؤوسهم ..
.. حشدوا كلابهم السائبة ...أنبتوا اظفارهم بين المد والجزر والشفط...
هزل كل شيء وجنوننا لم يهزل قط..
هلموا ايها العاطلون عن العمل......إن اردتم العمل فأمسخوا مؤهلاتكم بما تقتضية مسيرتنا التناسخية وكما أنزلت في نواميس الحمقى الجدد..اليكم بقواعد النسخ فأحفظوها كما حفظتم ذيلوكم وابليتموها رثاءا على مر ازمنة الحشرجة والهتاف بشعارات حمقاء وأناشيد مستهلكة تنعق بأسمكم كأفضل شعب عمته المساواة فلا فرق بين ميت وحي فذاك له نعيم الآخرة وهذا له نعيم الأرصفة المفخخة....

لتخسأ كل المنابر والمعابر ...هذا هو منبر اليوم حيث اقف.. آولا تفقهون أين انتم واقفون..ليخرج علينا دعاة الخضراء وغزاة السماء والفيحاء ليفتلوا لنا ضفائرالأرض من فوق منبر كهذا فللأرض ضفائر لا تفتل من وراء أورام السحب..
اليكم ايها العاطلون....يا من كرمكم القدر بعد حين وأنين، ففتح لكم أخيلة العظماء لرصف عظماكم نحو فردوس الممسكين بنوافذ عقولكم ومحاجر اعينكم..اليكم بمؤهلات لا يطعن بها طاعن،ولا يسّود بها وجه حارسٍٍ او خائن..ولن ينكرها قزم شجاع امسك بطرف عباءة او وليّ عملاق جدل المسافة بين محراب وسطوة.....

- المظهر.. هذا أولا ايها المتزاحمون....
أرتدوا كل أسودٍ داكن، وليكن متسخا مجعدا..اياكم والكي فهو بدعة.. اطلقوا ذقونكم وشعوركم وبخروها في اقرب حسينية.. حافظوا عليها شائكة كثة مفتولة الخصل عصيّة التمشيط.. زينوا اصابعكم بخواتم من فضة مرصعة بحجر اسود او اخضر.. لا تخرجوا من بيوتكم إلا وأثر السجود فوق جباهكم كهالة من نور..لا تبتأسوا فقشرة الباذنجان قد تفيدكم بأثرٍ مستحب يرفدكم بوظيفة، للوظائف ضرورات مستجدات فجددوا وجوهكم وألوانكم بقشرة بخسة......

- العطر..
تعطروا بعرق ثلاث ليال طوال ولا تفسدوا تعرقكم بقطرات مستحلبة من أريج زهرة فالزهرة نقمة في روضة ضلت الدرب.. قاطعوا الإغتسال قبل اسبوع من بدء المباراة..توجهوا بالرجاء الى رافع السموات ليرفع عنكم كرب الكهرباء ونورها الزائف فما هي إلا زائر ثقيل لا نطمع بأستضافته كل يوم فتلك حماقة قد تستهوي الضعفاء منكم فيسترخون كسالى بلا عرق..اجهروا بالرجاء علها تقطع قطعا أبديا فذلك سبيلكم للتعطر الرباني كي ترفعوا رؤوسكم برائحة الثوار المجاهدين من أجل لقمة بلا ترف ....

- الشهادات..
اقذفوا بشهاداتكم وكفاءاتكم في صهريج تيزاب، واحملوا في جيوبكم الرثة قسيمة اشتراك في كهفٍ من صلصال، او جحرٍ شق بواعظٍ او تيار، استعرضوا كفاءاتكم بتسبيحٍ محفوظ،،وولاءٍ ملحوظ ، ترفعوا بإتباعكم فنون اهل الديار من متمتع او مسيار،تغطرسوا كيفما شئتم بشهادة مختومة من سائس عشيرة او زريبة او مختار...تفننوا بالتودد لمولاكم واتباع مولاكم وعشيرة مولاكم وسابع جار لمولاكم،وأحملوا صورهم في جراب اخضر كتعويذة طاردة للشرور ونافخة للخير في البطون،ولا تنسوا الثناء على عصاه الكريمة ودورها الميمون في إصلاح الحال والأحوال وتشييع الغنائم والأدوار...

- الرشاوى..
ليس منا من لا يلعن رشوة،ولا يتسقبح راش ٍ أو مرتشٍ، استعدوا بالملاعين من الدولارت او ما يعادلها بظرف مفتوح فنحن في عصر الإنفتاح،ضعوه على منضدة الأخيار برشاقة تضاهي رشاقة سفراء النوايا الحسنة،وستحل عليكم بركة اللعنة والإستقباح لتثلج صدروكم وتيسر لكم اموركم وحسب قيمة اللعنة في سوق الصرف الفقهي...

- الإختبار..
.مرحلتنا الراهنة ايها العاطلون، تتطلب اختبارا لكفاءاتكم فليس كل من هبّ دبّ في ميدان وظيفة معلنة...إن سئلتم عن اكلاتكم المفضلة فهذا اختبار ذا قيمة عليا ، وإن شاءت الإقدار ان تكون مباراتكم في وقت الغداء او العشاء فاغتنموا الفرصة وتصدوا لإسئلة من هذا النوع بطبق الفسنجون ولا تنسوا ان تكثروا من حب الرمان، أما الرز فعطروه بالقرفة والنعناع والزعفران، اشيدوا بالكباب السلطاني ولو ان اصوله بابلية،وإن طابت لكم التحلية امام مولاكم فعليكم بساهون الحاج حسونة المحلى بالعسل والمحشو بالكازو المحمص،أرفعوا الماعون ثريا بالمكسرات وتباهوا به امام أعين التائبين المناضلين بالقزقزة وراء القطط والمزمزة بين ضبع وضبع...

- أدعية...
تبضعوا من الأدعية الرائجة والمروّجة لمسيرة النضال الفسنجوني والإثراء الساهوني،اثروا حديثكم بها ورددوها بين نفس وآخر..لا تنسوا ايها الساهون دعاء التعجيل بظهور صاحب العصر والزمان فبه ستحل فوق رؤوسكم بركة الأولياء.. امركم الأداري لمباشرة المعروف سينقر على آلة طابعة فيما لو اسعفكم الحظ وأثرى مسيرتكم برنة هاتفكم المحمول رنة تكبير او بسملة او فاتحة على روح مرحوم او متخوم....

لم يفرغ المجنون كل ما بجعبته من نصائح حين قرر العاقل الهرولة نحو سوق الحي ....
في صباح اليوم التالي....
وجدت الملصقات وقد خط عليها.." سيفتح قريبا.. دار النصحية والهدى للتوظيف السريع..."
وشوهد المجنون وهو يتقافز بين ملصقة وأخرى ليخط عليها كأضافة هامشية صغيرة.. " لصاحبها عاقل الحي سابقا.. ومجنونه حاليا"



#فاتن_نور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قفزات عالقة..
- شحنة عاطفية براية الألم.... لبنان يحترق
- الإسلام في العراق.. ثقافة إستحواذ وإستلاب..
- رؤية في المصالحة الوطنية العراقية....
- سجعٌ ثمل في.. القبو العربي..
- قضية هند حناوي : ملاحة ساخنة تقلب الصورة....
- الغريزة الجنسية بين الكبح والتهذيب..2
- الغريزة الجنسية بين الكبح والتهذيب...
- هيا بنا الى ميادين الفساد!!!
- من طرائف مشاريع الإعمار في العراق..
- براءة الأطفال في قارب السياسة والفلسفة والنقد!!!
- زرقاوي الأمس ضاري.....
- ابداعات اسلامية: الطبيعة المحافظة تدعونا للتحجب!
- للمتعبين فقط..سؤال محيّر من العراق!
- المرأة العراقية ابتسمت مؤخرا لتصرح...
- عقلية المسلم بين أسر النص الديني وقضبان النقل الفكري..2-2..
- عقلية المسلم بين أسر النص الديني وقضبان النقل الفكري .. 2-1. ...
- أسلمة المعرفة : ذبح العلوم الغربية على الطريقة الأسلامية..
- الرجعيون... الترويض والترويض الآخر...
- يا بوية.... الطائفية ما تنجب ابطال


المزيد.....




- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فاتن نور - للعاطلين عن العمل..منبر مفخخ