أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين علوان علي - إنكسمندر- مؤلف أول كتاب في الفلسفة، أول من رسم خارطة للعالم















المزيد.....

إنكسمندر- مؤلف أول كتاب في الفلسفة، أول من رسم خارطة للعالم


حسين علوان علي
(Hussain Alwan)


الحوار المتمدن-العدد: 6896 - 2021 / 5 / 12 - 16:38
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تشير المصادر الى أن الفيلسوف انكسمندر ولد في مدينة (ميليتوس) او (ملطية) على البر الآسيوي من بحر ايجة حوالي عام 610 ق.م، وتوفي عام 546، أي أنه عمّر قرابة 64 عاما. كان انكسمندر تلميذا لأب الفلسفة طاليس وبذلك يمكن اعتباره أول تلميذ في تاريخ الفلسفة. لا يعني ذلك أنه كان التلميذ الوحيد لطاليس، لكنه بالتأكيد كان الأكثر اهمية بينهم. ورغم ان طاليس لم يكن صاحب مدرسة بالمعنى المعروف او معلم فلسفة بالمعنى اليوناني حيث يجتمع التلاميذ حول معلمهم في مكان معين مثل الرواق في حالة الفلاسفة الرواقيين حين كانوا يتجمعون حول زينون مؤسس المدرسة الرواقية، لكن المؤكد أن إنكسيمندر كان مرافقا لطاليس متأثرا به مستلهما طريقته الثورية في التفكير وتحليل الأشياء والظواهر تحليلا يعتمد على المشاهدة والتجريب حينا، الحدس العقلي في احيان اخرى.
إزدهر انكسمندر بعد معلمه طاليس بعشرين عاما كممثل رئيسي للفلسفة اليونانية الأيونية التي نشأت على الشواطئ الآسيوية ، وشكلت القاعدة الاساسية لنشوء الفلسفة اليونانية، وبالتالي ولادة الفلسفة الغربية بشكلها المعروف اليوم.
كان إنكسمندر الفيلسوف الايوني اليوناني أول من دوّن الفلسفة وكتب فيها كتابا. معلمة طاليس لم يكتب شيئا من مبدأه الفلسفي التي انتشر حينذاك ولم يضع فيها كتابا، ويبدو أن تلميذه إنكسيمندر سرعان ما تدارك الأمر وقرر أن الأفكار والنشاطات بأعمال العقل لابد أن تدوّن وتكتب في كتاب منفصل، من أجل ذلك وضع الكاتب الأول قاطبة في الفلسفة، وأسماه المؤرخون بعنوان شائع في عالم الفلسفة، وهو (في الطبيعة)، سنجد لاحقا وفي مختلف أزمان الفلسفة كتبا ذات عنوان مشابه، في الطبيعة أو رسالة في الطبيعة أو مقال في الطبيعة وهكذا.
دونّ إنكسمندر كتابه الرائد هذا نثرا وليس شعرا، مثلما كان شائعا أن تدون الحكمة والأفكار والملاحم شعرا لا نثرا. بعض الفلاسفة لاحقا دونوا فلسفتهم شعرا وهم پارمنيدس، والفيلسوف أمبادوقليس، حيث شذّ هذان الفيلسوفان عن القاعدة وكتبا فلسفتها شعرا، لكنّ انكسمندر قبلهما كان قد حسم الأمر وفرض هذا الخيار فرضا، وتبعته البقية برمتها، وأصبح النثر بعده هو وسيلة تدوين الفلسفة.
كتب إنكسمندر في كتابه المعنون (في الطبيعة) بأن أصل العالم هو ليس عنصر الماء مثلما ذهب إليه معلمه طاليس، لم يكن عنصر الماء إذا هو أصل ومنشأ الكائنات عند طاليس، بل هو مبدأ أسماه بـ (اللانهائي).. أصل الكلمة اليوناني هو (أپايرون) وتعني اللامحدود، وتعني أيضا غير النهائي، ثم غير المحدد، ثم المجهول. يبدو الأمر معقد حقا، فما الذي عناه إنكسمندر بكلمة أبايرون بالتحديد. اللامحدود معنى يختلف بالتأكيد عن اللانهائي، قد تميل كلمة اللامحدود لوصف عنصر مكاني كمّي لا محدود أي لا حدّ له، وتنزع كلمة لانهائي لوصف عنصر زماني كيفي لا نهائي، لا نهاية له.
ذكر فيلسوف اليونان الأشهر أرسطو في تفسيره لرأي إنكسمندر، أن معنى اللانهائي هو إشارة الى أن الأصل هو شيء لا مادي، ليس ماء أو نارا أو هواء أو تراب،
لا عنصر مادي مثل الماء أو التراب يمكن أن يكون لا نهائيا أو لا محدودا، لذلك يكون اللانهائي عنده مبدأ يمثل قوة محضة مجردة لا شكل لها او ملامح أو حالات متغيرة كتلك التي لدى العناصر.
إنه بمعنى ما مبدأ الأشياء، أصل للأشياء لا بداية له ولا نهاية، ولنلاحظ المفارقة في معنى وايحاء كلمة (مبدأ) فهي في النهاية توحي إلى شيء له بداية، وأنها تعني بداية الشيء ولكنها تمتد أكثر لتشمل قواعد الشيء الأساسية ومادته، وهناك تصريف أسهل لها في معناها الأصلي ألا وهو (النواة). هذا المبدأ أو (النواة) لايحتاج إلى مبدأ آخر يعرّفه، مبدأ وحيد لا يوجد غيره. وهو يؤدي الى سلسلة من الأشياء تأخذ بالتكون منه، وتتحول الى عناصر المواد المختلفة والكائنات المتنوعة في الطبيعة.
وجد المؤرخون صعوبة في تحديد معنى الكلمة (أبايرون أو اللانهائي)، خصوصا حين يتعلق الأمر بترجمتها إلى لغات أخرى، رأى بعضهم أن إنكسمندر يقصد بأصل الأشياء اللانهائي (الإله)، حيث يرى الدين الاسطوري اليوناني في مفهوم الإله معنى الخلود والامتداد دون بداية أو نهاية، وهكذا اعتبروا أن في أفكار إنكسمندر نوع من التطور عن الدين الأسطوري، ولا يبدو هذا قريبا من المبدأ الذي قامت عليه الفلسفة أصلا وأسس لها استاذه طاليس، وذلك بالبقاء بعيدا عن الأساطير والتفسيرات الدينية، فكرة اللانهائي بطرحها هذا تبدو غامضة حقا ما دمنا الأن نتحدث عن الزمن الذي فكّرالفلاسفة فيه بردّ الأشياء الى عنصر واحد بالتحديد، أو مرحلة الفلاسفة الطبيعيين الذين شكّلوا البدايات الأولى للفلسفة.
يقول إنكسمندر بالنص ما يلي: العلّة المادية أو العنصر الأول للأشياء الكائنة هو اللانهائي، هو ليس ماء ولا أي من العناصر المعروفة، بل هو مادة مختلفة،
لا نهاية له، ومنه تنشأ جميع السماوات والعوالم.
ثم ويضيف قائلا: اللانهائي هو المادة الأولى، الأصل الذي تستمد منه الموجودات وجودها، وتعود اليه عند فنائها طبقا للضرورة، هذا اللانهائي دائم وأزلي خالد لايفنى.
لكنّ إنكسمندر في النهاية لم يبين لنا ما هو ذلك اللانهائي، هل هو من العناصر أم هو خارج عنها، ثمّ أن فكرة أن تعود الأشياء الى الأصل بالضرورة قد توحي الى الرأي القائل بتناسخ الأرواح واصلها الصوفي، وهذا يبتعد عن الطبيعة المجردة للفكرة بمجملها.
لا ينبغي أن ندع هذا الغموض يحجب عنّا مغزى فكرة إنكسمندر العقلية، أراد هذا الفيلسوف اليوناني الرائد في مرحلة مبكرة جدا من عمر الفلسفة ان يتلمس الحقيقة في شيء لابد أن يكون ثابتا يكون وراء ظواهر العالم المحسوسة المتغيرة، شيء ثابت لا يتغير وغير محسوس مثل بقية مكونات العالم، يشكل المبدأ الذي تنشأ الأشياء عنه بـ الانفصام والانفصال والتطور، هل نتمثل في هذه الأفكار الغارقة في القدم شيئا من دارون الذي جاء بعد ذلك بزمن طويل جدا؟
رأى إنكسمندر فيما يخص وجود الكائنات الحية أنها نشأت أولا في البحر، وطين البحر في مزيج من الماء والتراب والهواء، وهنا يجب الانتباه الى لا يقصد نفس فكرة استاذه طاليس التي ذهبت الى أن الماء هو أصل الكون، الماء والطين هنا يقصد الفيلسوف بهما أصل حياة الكائنات تحديدا.
كانت الكائنات في الأصل أسماكا مغطاة بقشور سميكة شائكة، تحولت شيئا فشيئا لتدّب وتزحف نحو اليابسة، وتنفض عنها القشرة، وتتطور إلى ماهي عليه.
الدرس المختصر في هذا أن الأحياء إنما تكونت في الأصل في الماء.. ثم اتجهت الى اليابسة، وأن نظرية التطور التي تحدث عنها في القرن السادس قبل الميلاد تشبهها كثيرا نظرية التطور عند دارون التي طبعت عصرنا الحديث بطابعها ولم تدحضها أية نظرية معارضة حتى الساعة، فهل كان هناك أصل لإنكسمندر في نظرية دارون حول التطور والنشوء والإرتقاء؟ بالتأكيد هناك اختلافات كبيرة بين النظريتين ولا يمكننا الجزم بأن دارون لم يكن على اطلاع بنظرية إنكسمندر، علما إن القول بنشوء الانسان من الماء لم يكن جديدا حيث اورد البابليون والمصريون قديما هذه النظرية وكانت شائعة عندهم.
يرى إنكسمندر هنا أن الإنسان بتصميمه وشكله الحالي لا يمكن أن يكون قد وجد هكذا مرة واحدة بشكله المعروف كما هو على الأرض، ومضى يستمر بالعيش والحياة، (كما ذهبت إليه أساطير الأديان، وما ستذهب إليه الأديان اللاحقة)، السبب في ذلك أن طبيعة الحياة البشرية في الولادة والنشوء تتطلب وقتا طويلا للإكتمال، فالإنسان جنينا يحتاج الى تسعة شهور ليكتمل في بطن أمه، ويحتاج بعد ذلك الى عدة سنين من الرعاية والتغذية حتى يستطيع الأكل بنفسه، ويحتاج إلى عدد أكبر من السنين ليستطيع أن يحصل على طعامه بنفسه، وهذا ما كان يمكن أن يحدث أبدا مع وجود الوحوش والحيوانات الشرسة التي كانت ستقضي عليه وعلى تواجد الجنس البشري، إن بكاء الرضيع في العراء أو المخابيء والكهوف لابد أنه سيجلب أعتى الحيوانات لصيده وافتراسه، لذلك فان الجنس البشري لا بد أنه تطور من كائنات حيوانية باشكال اخرى تحولت شيئا فشيئا إلى ما هي عليه الآن، تطور الانسان بيولوجيا من كائن لآخر حتى أصبح قادرا على حماية نفسه وجنسه في صراع البقاء.
إنكسمندر الفيلسوف المنشغل بقضايا النشوء والارتقاء وأصل العالم كان مخترعا
عالما ذا قدرات علمية وضعت اسمه في زمنه على كلّ لسان وأثار إعجاب ابناء جلدته اليونان، بل وحتى على مستوى التأريخ العلمي البشري، فهو في الواقع أول من رسم خريطة جغرافية للعالم. وضع خريطة للعالم الذي كان معلوما حينها وجعل اليونان مركزا له، فرسم أراض تحيط بها بحار وبحار تحيط بها أراض من أوروبا وآسيا، وكان البحارة اليونانيون يستخدمون تلك الخريطة في تجوالِهم إبحارهم حول البحر الأبيض المتوسط والبحار القريبة مثل ايجة مرمرة والبحر الأسود. وفي القرن الخامس قبل الميلاد قام العالم (هكتايوس) أول جغرافي في التأريخ باعتماد هذه الخريطة وعمل على تصحيحها وتعديلها.
يحسب لإنكسمندر كذلك انه عرّف الاغريق على آلة المزولة الشمسية، وهي الآلة التي كانت تتكون من عصا أو عمود تغرس عموديا على الأرض أو على قاعدة، فيتم احتساب الوقت من خلال تحرك ظل العصا على الأرض، واحتساب الفصول واختلافاتها من خلال التكرار في مواضع هذه الظلال.



#حسين_علوان_علي (هاشتاغ)       Hussain_Alwan#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيتهوفن، عبقرية متفردة وحياة جسّدت المأساة
- طاليس- أول فيلسوف يوناني،أب الفلسفة الغربية وأول معلّم في تأ ...
- يوم تركتها عند دجلة.. ورحلت
- نازفون في الضباب
- جنود بلا دماء
- إنهم يسرقون الأماكن
- الدين والخوف
- فيسبوك ونظرية المؤامرة
- راجع يا هوى
- مسرحية سوناتا الركام
- التنّين
- عالم أوحد
- حيث هناك ..
- انها دقات قلبي..
- فن النار ( ثنائية النهوض والفناء)
- بوابة الحزن آهلة بالغناء
- الحب لا يورث
- مرثية الثواني
- قلبي المغلق
- السينما والصحافة -3 - فيلم (2014, Gone Girl)


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين علوان علي - إنكسمندر- مؤلف أول كتاب في الفلسفة، أول من رسم خارطة للعالم